الفصل الخامس والاربعون 45 ج1 الخاتمه(2)
بقلم سيلا وليد
سأحاكي نسمات الهواء وأوصيها ان تمر بجانبك...
و لتطبع قبله على وجنتيكِ ..
ولأطلب منها البقاء بالقرب من رمشك ..
سأوصيها ان تمر مسرعه بجانب شعرك لتتطاير جدائله وتحتضن خدك ..
سأرتجيها ان تلتف حول عنقك وتبعث لي نسائم من شذئ عطرك ..
سأحلفها ان تحتضنك وترمي بشوقي لقلبك ..
وتحاكيكِ بعشق أضناه الفراق ويطالب المكوث بقربك
فإني لا أستطيع التوقف عن التفكير بكِ ....مازلتُ عند تلك القشعريرة التي ارتدتني معك مازلتُ أحاول أن أرتب تلك القبلة المبعثرة في عنقك وأعيد تهجئة فمك مزيداً من الجنون معك من الشغب في وجهك يا سفر الأغنيات ونعيم الموسيقى ....
فاليوم سوف أدفع لك كل أقساط الشوق...واختتم بدموع الفرح كل رسوم العشق....
ولأسدد ديون رحيلك المعلقة في عنقك..
فاليوم معشوقتي لا أسالك ثواب عشقي ..
ولكني أطالب أجر اشتياقي...
❈-❈-❈
دلف ودفع الباب بقدمه، اعتدلت تطالعه بصدمه تهمس اسمه بشفتين مرتجفتين...خطى إلى أن وصل أمامها
ظلت نظرات الاشتياق الممزوجة بالعتاب سيد الموقف ..
رفع كفيه يمسد على خصلاتها وعيناه تبحر فوق وجهها يفترسها بإشتياق قلبه ..ارتعاشة سرت بجسدها، حاولت التراجع ولكن خانها جسدها ، ولم تجد سوى دموعها
امال بجسده يرتشف عبراتها بخاصته إلى أن شهقت بصوت مرتفع ، ولكنه منع شهقاتها بطريقته الخاصة ..دقائق كانت للقلوب حظها الأكبر من احتضان بعضهما البعض بلهفة الاشتياق والعشق بآن واحد
فصل قبلته التي كادت أن تسحب روحها لخالقها، يضع جبينه فوق جبينها يتنفس أنفاسها الناعمة ..لحظات صمت من الألسنة ولكن هناك انفاسًا من اللهيب مشتعلة ، رفع كفيه يحتضن وجهها واحتضن عيناها بسواديته
-كدا ياعاليا، ياسين هان عليكي الوقت دا كله
دفنت رأسها بعنقه وبكت بصوت مرتفع عاجزة عن الرد، ضمها لأحضانه بقوة ، ثم رفعها بين ذراعيه ليتجه بها إلى فراشها، فيكفي ما صار من فراق بينهما
وضعها على الفراش بحنو، يداعب وجنتيها بأنامله وعيناه ترسمها باشتياقه الكامن بقلبه، انحنى ليبعثر لها عشقه المتمادي بينهما، لم يشعر بالوقت الذي مر بينهما.. دقائق من النعيم وعزف القلوب انتهى بنومها بأحضانه تنعم بقربه ورائحته الرجوليه ودفئ انفاسه، ظل بجوارها بعض الوقت يرسمها كفنان مبتدع، ينعم بقبلاته تارة وبهمسها باسمه تارة إلى أن استمع الى آذان الفجر، ليتوقف بعدما دثرها جيدا ، واتجه إلى المرحاض ليغتسل ويخرج بعد دقائق معدودة..قبلة مطولة حانية ونظرات مودعة ليستدير مغادرا، ورغم ماشعر من نشوته واشتياقه إلا أنه لام نفسه لضعفه بتلك الطريقة
تقابل مع أخيه على بوابة المنزل ، رسم جاسر المفاجأة بوجوده
-إنت هنا من بدري ..تحرك إلى سيارته قائلًا:
-خلي بالك من راسيل لحد ما ارجع إن شاءالله
ضيق جاسر عيناه متسائلًا:
-هترجع منين
استقل السيارة قائلًا:
-مسافر العريش، شوية تنقلات سريعة ولازم نكون على الحدود كمان، يعني ممكن ابعد عن العريش
قبض على كتفه واردف بهدوء
-ياسين عاليا تعرف انك مسافر، قام بتشغيل المحرك وقاد سيارته وغادر المكان
بعد فترة عاد جاسر من الصلاة ، وجد زوجته انتهت من صلاتها ونهضت تنزع رداء صلاتها بتألم ، اتجه إليها يساعدها
جنى عاملة ايه حبيبتي..اومأت برأسها قائلة:
-أنا كويسة حبيبي الحاجات دي كلها عادية..جلب إليها منامة مريحة، وساعدها بارتدائها ثم ساعدها بالتسطح يمسد على خصلاتها ،
هجبلك حاجة تشربيها ..أمسكت كفيه ونظرت إليه
-جاسر مش عايزة غير أنام في حضنك، مش عايزة اكل او اشرب
احتضن وجهها واردف بأسى على حالتها المتألمة
-حبيبتي انتِ مش شايفة نفسك ، لازم تتغذي علشان تقدري توقفي، وضع كفيه على أحشائها
-وبنتنا تيجي بالسلامة
هزت راسها رافضة حديثه
-عايزة انام بس حبيبي لو سمحت ، لو بتحبني صح بلاش اكل وشرب دلوقتي مش عايزة غير حضنك بس
استدار إلى الجانب الآخر من الفراش وقام بنزع كنزته ليتمدد بجوارها، ويقترب منها يضمها إلى صدره بحنان
دفنت نفسها بداخل أحضانه محاولة السيطرة على الا تبكي فاليوم شعورها بالألم زائد عن الأيام الأخيرة
ء-ياسين قابلني وانا رايح اصلي،
رفعت رأسها تنتظر باقي حديثه ، فتابع
-شكله مسافر، بس اللي اتأكدت منه أنه لسة زعلانين من بعض
-إزاي ، اومال الوقت دا كله بيعملوا ايه بدل لسة زعلانين
تنهيدة متألمة وهو يفرد جسده يضع رأسها فوق صدره
-معرفش ياجنى، معرفش ايه اللي حصل ، انا خايف من حاجة تانية
ضيقت عيناها وهي تداعب صدره وكأنها ترسم دوائر فرفعت رأسها متسائلة :
-خايف من ايه ؟!
مسح على شعره قائلاً:
-إن جالها احتياج ياجنى، وقتها عاليا مستحيل تسامحه، معرفش عيونه كانت تايهة حسيته أنه مش عارف عايز ايه
-قصدك جه علشان ..توقفت عن الحديث تهز رأسها رافضة حديثه
-لا ..مظنش ياسين يكون كدا
-الحب يعمل اكتر من كدا حبيبي ، هو بيحبها بس كرامته وجعها
اعتدلت تطالعه باستفهام
-يعني يوجع قلبها علشان كرامته ياجاسر
مرر أنامله على وجهها
-مش كله ياروح جاسر فيه اللي ميقدرش وبيسامح علشان حبيبه وفيه اللي كرامته اهم حاجة
صمتت للحظات ثم زحفت بثقل جسدها مقتربة من وجهه
-وياترى حبيبي انهي نوع ..اللي بيخاف على كرامته ولا اللي بيعدي
لمس خاصتها مغمض العينين ثم همس بصوته الأجش
-حبيبك روح في جنته بس، مش عايز حاجة غيرها..فتح عيناه ليقابل بنيتها القريبة هامسًا:
-عايز جنته تطمن ، بيقولها مستعد اتنازل عن نفسي علشان اشوف ضحكتها
تحجرت عيناها بنجومها المتلألئة وهمست بتقطع:
-حياتي كلها فداك ياروح جنتك
ضم رأسها لصدره يهمس بحنان
-يباركلي في جنتي وحياتها يارب ..مررت أناملها على عنقه مرة تغازله بعيناها، ورغم شعورها بالامها إلا أنها أرادت اسعاده لتهمس بجوار أذنه باغراء
-وحشة جنتك قوي حبيبي
قبل رأسها يضمها إليه بصمت فيكفي مايشعر به، يريدها بقوة ولكن تعبها وآلامها قاده إلى أمانها اولا
تابع حركاتها بعيناه فانحنى لأذنها
-جنجون صدقيني أنا سعيد وانت في حضني، دا بالنسبالي أهم من أي حاجة ، فمتحاوليش تتعبي نفسك علشان ترضيني، وتأكدي انا اسعد راجل في الدنيا
اغروقت عيناها بالدموع مما جعلها تدفن رأسها بأحضانه لترتفع شهقاتها
-إنت مضايق وزعلان مني وبتحاول ترضيني صح
وضع إبهامه على شفتيها
-اشش اهدي ياهبلة مين قالك كدا..لدرجة دي شيفاني شهواني حقير كدا ..رفعت رأسها سريعا تهز رأسها بالنفي
-مش قصدي والله ، بس انا بقالي اكتر من شهر تعبانة وانت يعني ..
امال يحتضن كريزتها ثم تراجع ينظر لعيناها
-انا يعني ايه ، أنا اسعد راجل ، مرر إبهامه على كريزيتها يداعب أنفها
-هعوز أكتر من كدا ايه ومن غير حاجة
عارف ومتأكد لو بايدك حاجة كنتي زمانك دلوقتي بتتنططي
لمس أذنها بخاصتها وهمس
-أنا بعشق جنى بكل حالاتها، ومش عايز غير أنها تقولي بحبك ياجسورة
دي بتدخل قلبي بطفي ناره حبيبي
رفعت نظرها إليه تهمس بشفتيها وعيناها تخترق رماديته:
-بعشقك يابن عمي، عشق الكون كله ربنا حطهولك في قلبي
كان هذا كفيل لمهاجمة كريزتها ليتذوق منها مااطيب من شهد عسلها
بعد فترة غفت بأحضانه وعيناه على بطنها المنتفخة وهي تتأوه بنومها
ظل يهمس لها ببعض آيات الذكر الحكيم لتهدأ بنومها ..ولكن آلامها كانت تظهر على ملامح وجهها
وضع رأسها بهدوء على الوسادة وتسحب بهدوء يلتقط هاتفه ليهاتف والدته
نهضت غزل من نومها فزعة تلتقط. هاتفها حتى لا يوقظ زوجها
-جاسر فيه ايه ياحبيبي ..توقف بالشرفة يرجع خصلاته بكفيه للخلف قائلاً:
-ماما جنى بتتوجع قوي وهي نايمة، دي مابتنمش خالص وصعبانة عليا
تنهدت براحة وأجابته
-حبيبي هي كويسة، الحمل اللي بيكون كدا
خلل أنامله بخصلاته وهو يدور حول نفسه حينما عجز عن مساعدتها ..استمع الى كلمات غزل
-ياسين عندك ياجاسر
أطلق تنهيدة عميقة وجلس على المقعد متذكر أخيه فأجابها :
-مشي بعد الفجر قالي عنده شغل ..اعتدلت على فراشها ونزلت بهدوء من فوق الفراش حتى لا تيوقظ زوجها ثم سحبت روبها وتحركت للخارج ومازالت تتحدث بالهاتف:
-يعني ايه مشي هو مصلحش مراته
-معرفش..كانت إجابة بسيطة محبطة له ولوالدته التي سأمت من ابنها فهتفت :
-تمام خلي بالك من مراتك، والتعب اللي هي فيه دا عادي ..تذكر شيئا فتسائل بحيرة
-ماما مش المفروض طنط نهى وعمو صهيب يكونوا رجعوا معاكم ليه مرجعوش لحد دلوقتي
هبطت درجات السلم ومازالت تحادثه ولكنها توقفت عندما وجدت ياسين متمددًا على الأريكة بغرفة الاستقبال فأجابت جاسر
-عمك صهيب راح يعمل عمرة حبيبي ، مردناش نتكلم قدام جنى، وزي ماانت عارف عز مش عايز جنى تعرف إن والدتها عملت العملية من غير ماتعرف ، هتزعل قوي ، واحنا كنا خايفين عليها علشان حملها، والصراحة كويس اللي عز وفارس عملوه أنهم اخفوا الموضوع ، واهو ماكذبوش عليها وعمك راح فعلا يعمل عمرة
تراجع بجسده متذكر حديثها فأردف:
-عمرة تلات شهور ياماما، كل شوية تقولي ليه بابا طول كدا المرة دي في السعودية انا بحاول أقنعها أنه عجبه القعدة هناك وخاصة مبقاش فيه مسؤوليات بعد استلام فارس
همست غزل إلى جاسر
-طيب حبيبي هقفل دلوقتي علشان اخوك نايم قدامي اهو، انت خلي بالك من مراتك لما اشوف ياسين هيعمل ايه
جلست بجواره تمسد على خصلاته ، حرك اهدابه بعدما تململ بنومه، اعتدل سريعا يمسح على وجهه بعدما وجدها والدته
-ماما ..!! حضرتك بتعملي ايه هنا
-أنا اللي المفروض اسأل ياحضرة الظابط انت نايم هنا ليه ..انحنى يجذب ساعته ثم نهض من مكانه
-اتأخرت قوي عندي شغل، والمفروض اسافر العريش ...قالها وتحرك ولكنه توقف عندما اردفت غزل :
-ياسين كنت فين وليه نايم هنا،
استدار إليها وأجابها
-كنت عند جاسر واكيد هو اتصل بحضرتك وقالك..اقتربت بخطاها وناظرته بأسى ثم ربتت على كتفه
-يعني عجبك اللي انت بتعمله دا، طيب قولي ينفع دا، والله لولا سفري انا وباباك كنت مستحيل اسكت على اللي عملته دا، وحضرتك شوفت يادوب وصلنا من هنا وباباك اتجنن من عمايلك وراح جاب مراتك علشان حفيدته تتربى في بيت ابوها
-والله يعني حضرتك شايفة أن لما بابا ياخدها بيت اخويا ويلغيني يبقى كدا هتتربى في بيت ابوها، هو بابا ليه مااخدش باله أن راسيل كانت في بيت ابوها الفترة دي كلها
التوت زواية فمها بسخط من حديث ابنها وتحدثت متذمرة
-اسمعني كويس ياياسين ، احنا مكناش في عمرة زي ماجاسر قالك، اقتربت منه وقبضت على كتفه تنظر لمقلتيه
-نهى كانت بتعمل عميلة استئصال، علشان مريضة كانسر
شهقة من فمه مع ذهول بعيناه متسائلا
-وليه خبيتوا علينا، هو احنا اطفال
-لا مش اطفال ، بس مرات اخوك حامل وشايف تحذيرات الدكاترة بحالتها ، البنت ضغطها من اول الحمل عالي غير السكر اللي رفع من يومين ودا بكلام ربى اختك نفسها انا بحاول اطمن جاسر وباباك شايل هم عمك ومراته، وفرح جواد اللي اتأجل تلات شهور ، وعز اللي بقى مقسوم بين هنا علشان جنى متشكش وبين والدته ، وحضرتك جاي تقول كلام فاضي ..انا كنت واقفة معاك من الأول ، اه منكرش غلط عاليا لكن إنت غلطك اكبر، مفيش حاجة بنت تقرب من راجل وتبوسه وهو يسكت ، ايه ياحضرة الظابط
صعد للأعلى عندما عجز عن الرد لااحد يشعر ببركان غضبه من زوجته التي كانت على حافة التهلكة، الكل يضعونه في محل الاتهام ويدعونها بما فعلته، دلف إلى حمامه وانعش نفسه بحماما باردا ، توقف أمام المرآة ينهي ارتداء ملابسه...
بمنزل صهيب
بغرفة الرياضة كان يقوم بعمل تدريباته الرياضية وباذنه يضع سماعته ، دلف عز إليه ، توقف للحظات وهو مكتف الذراعين ، إلى أن ينتهي من رياضته
توقف ليرتشف المياه ، لاحت ابتسامة على وجهه عندما وجد اخيه يطالعه بصمت، اغلق جهاز الحركة ونزل يجذب زجاجة المياة متجهًا إليه
-صباح الورد ياابو أيهم
-صباح الخير حبيبي ، ايه يارياضة ياشغل، طيب اقعد شوية مع ابن اخوك ياأخي ..ارتفعت ضحكاته وهو يتحرك بجواره للخارج بعدما جذب منشفته يجفف عرقه ..هبط للاسفل حتى وصل لحديقة المنزل
توقف يغمز إلى عز قائلاً:
-دقيقتين كمان...قالها وهو يقفز بالمسبح ..جلس عز أمامه يردف:
-الاجتماع بتاع النهاردة تحضره مع أوس، انا مسافر كام يوم مع روبي ، عايزة تغير جو، انت عارف بقالنا فترة مخرجناش من القاهرة ،غير الحمل اللي تاعب نفسيتها
توقف عن السباحة يرجع خصلاته المبللة بالمياة ثم أجابه
-مينفعش تبعد الايام دي
قطب جبينه متسائلًا:
-ليه مينفعش أخرج..أشار إليه بالانتظار، دقائق وهو يسبح ثم خرج وجلس بجوار أخيه
-جنى!!..اعتدل عز ينتظر بقية حديثه فتابع :
-جنى وانتوا مسافرين تعبت اوي واتحجزت يومين بالمستشفى ، وربى عارفة الكلام دا
ظل مسلط بصره ينتظر بقية حديثه فتابع فارس قائلا:
-الدكتورة قالت ضغطها بيعلى وسكرها ودا خطر عليها وعلى الحمل ولازم مراقبة على طول، علشان كدا بقولك مينفعش تبعد واختك تعبانة وكمان ماما مش موجودة
توقف عز متجها إلى منزل عمه، أما فارس اتجه إلى جناحه ليتجهز للنزول لعمله
❈-❈-❈
بمنزل جواد
فتح عيناه بإرهاق، وضع كفيه على صدره عندما شعر بالالام صدره ..اعتدل يفتح درج الكومودو يجذب علاجه قبل دخول زوجته ، ازداد الألم حتى فقد التحكم في أعضائه ..انزل بساقيه ببطئ محاولا الوصول لكوب المياه، رغم قربه إلا أنه شعر أنه يبعده بالأمتار، جذبه أخيرًا بعد محاولات عدة ، ارتشف القليل من المياة بفم مرتجف ، ثم بسط كفيه ليضع الكوب ولكنه سقط على الأرضية بدخول غزل ..ارتضدم الكوب مصدرا صوتا لتفزع غزل، مهرولة إليه
-جواد فيه ايه !!
تراجع بجسده يطبق على جفنيه محاولا السيطرة على ارتعاشة قلبه الذي بدأ يضعف نبضه ..ظل لدقائق مطبق الجفنين ، مما جعلها تطالعه بتخبط وتألم طالعته بذهول لما أصابه ..جلست بجواره تجذب رأسه لأحضانها ظنا أن ماأصابه حزنه على صهيب ..ملست على رأسه وتنهيدة عميقة خرجت من اعماق أحزانها
-جواد نهى بقت كويسة، وكلها اسبوع وترجع هي وصهيب، ونعمل فرح هنا وجواد، متشلش هم حبيبي كل حاجة هترجع زي الاول ..وعايزة اطمنك على ياسين ، راح بات مع مراته ولسة راجع من شوية، بس هو سافر العريش علشان فيه حركة تنقلات هناك
كان يستمع إليها ولكنه لم يقو على الحديث، أغمض عيناه بأحضانها وتمنى أن كل شيئا سيبصح بأفضل حال، لكن هناك قبضة اعتصرت فؤاده حينما تذكر أمر مرضه
ظلت لفترة تمسد على خصلاتها وتحاكيه بحنان عن ولادها ، نظرت إلى وجهه عندما وجدت صمته ، انحنت تقبل جبينه ثم اعدلت وضعيته لتقوم بدثره واتجهت إلى الحمام
بمنزل جواد حازم
تجهز متجهًا إلى عمله ، قابلته والدته
-حبيبي انت خارج دلوقتي
اومأ إليها ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها
-ماما عندي شغل مهم فيه حاجة ..استندت على الجدار وهتفت بملامح عتابية
-مش ناوي تفرحنا وتحدد على فرحك يابني
استدار لوالدته يطالعها بصمت ثم هز رأسه قائلًا:
-إن شاءالله ياماما، إن شاءالله ، هرجع من الشغل ونتكلم في الموضوع دا
أطبقت على كتفه
-جواد انا هروح لخالك واتكلم معاه اعمل حسابك الفرح هيكون على اخر الشهر احنا مجهزين كل حاجة
-اعملي اللي تعمليه ياماما..أردف بها جواد وتحرك للخارج
اتجه لسيارته قابله فارس
-جواد !!
توقف أمامه جواد متسائلًا بعينيه
-فيه حاجة ...اقترب منه يضع كفوفه بجيب بنطاله
-عايز رقم ابن عم جوان!!
زوى مابين حاحبيه واردف بتسائل
-عايزه ليه ؟!
-عجباني ياسيدي فيها حاجة
اقترفت شفتيه ابتسامة ساخرة فاقترب يضع كفيه على كتفه
-يعني السنارة غمزت ولا ايه ياسيد الناس
زم شفتيه ولاحت ابتسامة لاعوب قائلا
-ليه انت ولي أمرها وانا معرفش ولا ايه ياحضرة الظابط
ربت على كتفه وتحرك إلى سيارته
-هبعتلك رقمه يانمس ، جود باي ناو
خرجت هنا مهرولة إليه
-جواد !!..توقف مستديرًا إليها ، كانت تتحرك بخطوات واسعة، فاتجه إليها سريعا قائلاً
-على مهلك هتوقعي ، وصلت إليه بأنفاس مرتفعة..حاوط جسدها
-اهدي حبيبي فيه ايه ..بسطت كفيها إليه بجهازها المحمول
-حبيبي آسفة ممكن تاخد الجهاز على العنوان دا في طريقك، مش فاضية أخرج عندي شغل كتير
ضم رأسها يطبع قبلة أعلى رأسها
-عيوني ، المهم مشفراه كويس اومأت له مبتسمة
-مفهوش حاجة، المهم نقلته داتا والباقي مسحته كله ، بابي مكلمه ، جواد اللاب توب دا عزيز قوي عليا لو سمحت بلاش تعمل زي بابي وتقولي اغيره، لازم تشوف برمجته بس
داعب وجنتيها واومأ ينظر بعيناها
-عيوني لحبيب قلبي، خلصي اللي وراكي، علشان عندنا خروجة بالليل
عانقت ذراعه وتحركت بجواره إلى السيارة تهمس له
-جواد عايزة اسألك عن حاجة ..توقف ونظراته تحاصرها منتظر حديثها
-عمو جواد مريض بايه ؟!
ابتعد ببصره عنها وسحب نفسًا ثم طرده بهدوء متجها إليها
-عرفتي منين الكلام دا ؟!
رغم اني مش منتظرة الإجابة دي بس هجاوبك..سمعتك بتتكلم مع بابي
نظر بساعة يديه ثم دنى يقبل جبينها
-عندي شغل وهتأخر حبيبي ، نتكلم بعدين
توسلته بعينها ثم اقتربت تحتصن كفيه
-علشان خاطري جواد ..فتح باب سيارته
اجهزي ياهنون، باي حبيبي..قالها جواد بذهول هنا وتحرك بسيارته
ضربت أقدامها بالأرض
-ماشي ياجواد؟!
ببيت جاسر :
تململت عاليا بنومها تتقلب بفراشها تبحث عن زوجها، فتحت عيناها تنظر يأرجاء الغرفة اعتدلت تجذب روبها، وارتدته متحركة تبحث عنه بباقي الغرفة ، توقفت تطرق رأسها أرضا تهمس لنفسها
-معقول يكون نزل تحت لجاسر، أو يكون راح عند راسيل
فتحت الباب وخرجت متجهة إلى غرفة ابنتها وجدتها مازالت غافية ، عادت إلى غرفتها متجهة إلى حمامها واغتسلت وخرجت تؤدي فرض ربها ، ثم تحركت إلى الأسفل قابلتها منيرة تقوم بإعداد طعام الإفطار
-صباح الخير يامدام عاليا
اومأت برأسها ثم هتفت
-صباح الخير يا منيرة ، هو ياسين في البيسين ولا ايه
وزعت الاطباق على الطاولة وتوقفت تجيبها :
-حضرة الظابط مشي بعد الفجر على طول، كنت بعمل كوباية حليب لمدام جنى لقيته واقف مع حضرة الظابط جاسر ووقفوا شوية وبعدها سمعت صوت عربيته حتى كنت عاملاهم قهوة ، لكن جاسر بيه قالي رجع حي الألفي
-ايه!!..تمتمت بها عاليا بقلب منفطر ..استدارت إلى غرفتها سريعًا غير مستوعبة مافعله لماذا أتى ولماذا رحل، هل فعل بي هذا ..دلفت إلى الغرفة فهوت على الفراش تضع رأسها بالوسادة تكتم شهقاتها ..لماذا فعل بها هذا، هل أتى لأغراضه ..أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها بقوة تحتضن نفسها مع ذكريات ليلة الأمس التي ظنت أنها ليلة عمرها
بالأعلى بغرفة جاسر ..لم يغلق له جفن بسبب ألالام زوجته ظل جالسًا بجوارها يقرأ بعض من آيات الذكر الحكيم ، إلى أن ارهقه قلة النوم ، فتمدد بجوارها ، رفع كفه يضعه على احشائه يمرره بلطف حينما استمع إلى تأوهها ..دنى من نومها يرفع رأسها على ذراعيه ..دفنت رأسها تمتم بين النوم والايقاظ
-عايزة انام حبيبي ..طبع قبلة على شفتيها
-نامي ياروح حبيبك ..تنفس أنفاسها وغفى بالقرب منها يذهب باحلامه
..مرت عدة ساعات إلى أن فتحت عيناها على طرق الباب من قبل ابنها
-مامي ..بابي افتحوا انا جيت ..نهضت بجسدها الثقيل المرهق ، تستند على الفراش إلى أن هبطت من فوق الفراش متجهة إلى الباب بجسد مترنح
فتحت الباب بهدوء، دلف من جوارها
-ايه مامي خبطت كتير ..داعبت خصلاته تشير إليه بالدخول
-ادخل حبيبي وبطل تعمل دوشة بابي نايم ..
-اووف انا عايز انزل الجاردن وألعب مع بابي ، خلاص هروح لناني وراسيل
اومأت له عندما فقدت الوقوف تشير إليه بالخروج
-روح لناني وخلي بالك اوعى تلعب عند البيسين لوحدك
-حاضر..قالها وتحرك يهرول للأسفل ، أغلقت الباب واستدارت للداخل ، جلست بجواره على الفراش ، ظلت تراقب نومه لبعض الوقت متذكرة جنونه بأيامهم القليلة التي اجتمعوا به
استندت على مرفقيها تخلل أناملها بخصلاته وترسمه بعيناها
-ابنك نسخة منك قوي، عقبال بنتك اللي متأكدة هتكون شقية زي باباها
ابتسم بنومه وتمتم
-وليه متطلعش لحبيبة ابوها ، وضعت جبينها فوق جبينه
-علشان امها بتعشق ابوها قوي ، وبتموت فيه ...هنا فتح رماديته ورفع كفيه
-وابوها بيموت بأمها ومش عايز غير حضنها ، مرر أنامله على وجنتيها ثم تذكر آلامها فاعتدل يحاوطها بنظراته
-عاملة ايه ؟!
ابتسمت تضع كفيها على احشائها
كويسة حبيبي ، بنتك شقية غير كنان خالص
-آسف!! رددها وهو يضم رأسها لأحضانه..اعتدلت محاولة التظاهر بالقوة أمامه وقالت بنبرة جعلتها متزنة:
-آسف على ايه ياجاسر، اسف علشان هيبقى عندنا اولاد، تعرف دا أحسن حاجة حصلت لنا
نكس رأسه أسفا وأجابها بألم يعتصر روحه
-آسف علشان سبتك قبل كدا وكنتي بتتعبي وأنا مش جنبك، سواء في حملك الأول أو في حمل كنان، وبرضو في حملك دا سبتك اسبوع كامل أنتِ تعبانة
مررت أناملها على وجنتيه وهمهمت بنبرتها الرقيقة
-فيه حد بيتأسف علشان هيبقى عنده ولاد من حبيبه، على فكرة أنا مش تعبانة ، ممكن بس علشان بطني كبيرة المرة دي غير المرة اللي فاتت،
كانت عيناه تتشرب ملامحها التي بهتت بحب وحنان ليقترب منها يحتضن ثغرها ينثر عشقه ليثبت لها انها القلب ونبضه لجسده لكي يبقى على قيد الحياة
بشركة الألفي
جلست أمام جهازها تنهي بعض أعمالها ، اقترب منها وعيناه تلمعان بعشقها الذي حفر بقلبه
انحنى يجذب كوب قهوتها ويرتشف بعضه، رفعت عيناها بعدما شعرت بوجوده .. استدارت بالمقعد تطالعه
-عايز قهوة، اطلب لك قهوة
هز رأسه وهو يرتشف بعض من الكوب قائلًا
-لا هشرب شوية من قهوتك ولا إنتِ رافضة
دارت بعيناها بالمكان ثم نهضت من مكانها
-بلاش لو سمحت مش عايزة حد يتكلم عليا كلام مش كويس
وضع الكوب بعصبية وأشار بسبباته
-محدش يقدر يتكلم ويقول كلمة واحدة عنك، علشان عارف ممكن ادفنه مكانه
-فارس لو سمحت احترم رغبتي علشان خاطري ..قالتها بعيون قلقة عندما توقف ولم يبدي رده ..استدار إلى مكتبه دون حديث
جلست ونظراتها الحزينة تتابع تحركه إلى مكتبه ..
ارتسم الالم داخل مقلتيها حينما تركها وتجلت على ملامحه الغضب ..شعرت بألم قلبها على عدم إدراكه لوضعها، تخشى الحديث المسئ إليها كما تخشى ابعاده، فيبدو أن عشقه تغلغل بالاوردة ...ذهبت لذاك اليوم الذي جعلته يوم ميلادها
فلاش باك قبل ثلاث أشهر
❈-❈-❈
فتح باب سيارته
-اركبي عندنا اجتماع خارج الشركة
توقفت متأسفة
-آسفة ياباشهمندس، مينفعش اركب مع حضرتك..اقترب عز منهما
-واقفين كدا ليه
تحرك فارس إلى جهة القيادة ولم يتحدث بينما هي اردفت
-آسفة ياباشمهندس ..قاطعها عز
-روحي معاه ياجوان على ضمانتي متخافيش.. وبعدين انتو رايحين ميتينج ودا شغل
ارتجفت عيناها ولم تعلم بما عليه فعله، فتح عز باب السيارة يشير إليها بالركوب قائلاً
-احنا عندنا اخوات ياجوان ، ولو مش واثقة في حد فينا يبقى مالوش لازمة شغلك معانا ..
تحركت سيارة فارس إلى أن وصلت ذاك الفندق الذي يتم به مقابلة العمل، ظل الاجتماع قرابة الساعتين ، انتهى الاجتماع مع تنهيدة عميقة بأسى على صمتها طيلة الاجتماع
ظل جالسًا بمكانه بعدما تحرك الوفد بصحبة أوس إلى خارج الفندق ، جلست بمقابلته قائلة:
-على فكرة هيوافقو على العرض،، هما بس بيحسسونا أنهم مطلوبين، بس عجبني إصرار الباشمهندس أوس قوي ، لا والبنت الملزقة دي قال ايه من غير تفكير احنا مش موافقين
كان يتابعها بعيناه يحفظ كل انش من حركاتها الطفولية، نهضت تحمل حقيبتها تنظر بساعة يديها
-الساعة دلوقتي تسعة زمان ماما قلقانة لولا قولت لها هتأخر ساعتين كان زمانها مبلغة الشرطة علي
افترت شفتيها ابتسامة وهو يتكأ على المنضدة
-اقعدي نتغدى وهوصلك ..هبت فزعة وهتفت مرتبكة
-لا غدا ايه، لا لا طبعا انا اتأخرت قوي
جوااااان ..هتف بها من بين أسنانه يشير إليها بالجلوس
-قولت نص ساعة ونمشي واقع من الجوع بقالي يومين مااكلتش يرضيكِ أكون جعان وأمشي والأكل قدامي
وصل النادل يضع المنيو أمامهم
-تاكلي ايه ؟!
هزت رأسها بالرفض!!.
-لا شكرًا مش عايزة
أعطى الرجل المنيو وأشار إليه بالتحرك
-خلاص يابني مش هناكل ، هروح انام اصلا
فركت يديها بارتباك قائلة:
-ليه مفيش حد يعملك اكل، حرام تفضل من غير اكل ، شايفة انك رجل اعمال يعني تقدر تجيب طباخة تعملك
نهض قائلًا:
-لا معندناش ياله علشان اروح انام ..ذهبت ببصرها للنادل ثم إليه
-لا خلاص غيرت رأيي شكل اكلهم حلو، هنتغدى بس على حساب حضرتك
حاصرها بنظرة حانية ثم جلس ومازالت نظراته تحاصرها قائلا
-عندك كام سنة
زوت مابين حاجبيها :
-ايه السؤال دا ..
-ابدا بس حركاتك حركات طفلة
أجابته باقتضاب
-ليه عملت ايه علشان حضرتك تقول طفلة
-تاكلي ايه :
هزت كتفها تنظر للمنيو ثم دفعته أمامه
-هاكل على ذوقك
اومأ لها وقام بطلب الطعام ، نظرت للطعام مستفسرة عن أنواع
قهقه عليها حينما اردفت
-والله كلها اكل عادي معرفش ليه الاسماء دي
أشارت إلى الاطباق متسائلة
- ايه دا ؟
"سباغيتي بولونيزي"
مكرونة بصلصلة الراجو
صلصة الراجو ...رددتها مستنكرة اسمها
معلش انا متربية في الهرم يعني ايه البتاع اللي قولته دا
-دي تريقة ..افلتت ضحكة ناعمة جعلته يطالعها بقلب كالفراشة، وخاصة عندما توردت وجنتيها من كثرة ضحكاتها بترت ضحكاتها متجهة إليه وهتفت :
-ابدا مش تريقة مش يمكن لحم خنزير
امسك الشوكة والسكين وأومأ برأسه
-في ايطاليا اقولك اه بيعملوها بلحم خنزير، أما هنا لا دا
:لحم بقر ممزوجاً بالكرفس، والجزر، والبصل، وصلصة البندورة، والنبيذ الأحمر.
وعليها جبن بارميجيانو مبروش فوقها كدا علشان يكون لونها ابيض وكانك مغطياه بالثلوج.
كتفت ذراعيها تنظر للطعام
-لا ياعم بالهنا لحضرتك، أنا أخري في الاكل الايطالي بيتزا وتكون بالفراخ كمان مضمنهمش
أطلق ضحكاته يشير للطعام
-كلي ياجوان ربنا يهديك، اكيد مش موقفك على الناصية واضربلك اكل فاسد
دارت عيناها بالمكان ثم اتجهت إليه
-فعلا عندك حق، احنا مش على الناصية، بس ميغركش المناظر دي
-بدأ يقطع اللحم ويضعه أمامها
-طيب بلاش المكرونه والصوص، كلي من دا
هزت رأسها بالنفي :
-قولت لحضرتك مش جعانة
-علشان خاطري كلي معايا افتحي نفسي..ارتبكت من عيناه التي تخترقها ناهيك عن صوته الحنون، نظرت للشوكة ثم تناولتها وبدأت تلتقط بعض حبات السلطة حتى ينتهي من طعامه
-كلمني عن نفسك؟!
قالها فارس وهو يلوك طعامه بهدوء
ابتعدت بعيناها بعدما تركت الشوكة قائلة:
-مفيش حاجة مهمة تفيد حضرتك، صمت للحظات ، ثم تناول المحرمة وجفف فمه ، يشير للنادل بدفع الحساب للمغادرة
استغربت طريقته ورغم ذلك توقفت وتحركت للخارج
وصلت بعد فترة مكانا شعبيا ثم ترجلت من السيارة
-كان نفسي أقول لحضرتك اتفضل لكن ...قطع حديثهما جارتها وهي تردف
-جوان كنتي فين يابنتي دا كله بنتصل بيكي تليفونك مقفول
ابتلعت ريقها بصعوبة وتسائلت
-فيه حاجة ؟!
ربتت على كتفها تنظر الى فارس الذي ترجل من سيارته
-مفيش والدتك تعبت وحسام ابن عمك اخدها المستشفى ولسة راجعين
تحركت سريعا والخوف يلتهم احشائها دفعت باب منزلها ودلفت تصيح باسم والدتها ..توقفت وهي تطالعها بدموعها حينما وجدت ابن عمها يحقنها من داء السكري ..هرولت تجلس أمامها
-ماما ايه اللي حصل ؟!
توقف حسام يرمقها بالصمت لبعض اللحظات ثم أردف :
-بعد اذنك ياطنط عايز اتكلم مع جوان شوية
بالأسفل توقف حائرا ماذا عليه أن يفعل، ايصعد خلفها، ام يغادر، فتح باب السيارة وتوقف ينظر للمنزل بعض الوقت ، ثم اغلقها واتجه للأعلى
بالأعلى توقف حسام ينظر لجوان بسخط
-ينفع كدا ، يعني لولا كنت جاي بالصدفة كان ايه اللي حصل
تراجعت تفرك وجهها بالحزن وتسائلت
-الدكتور قالك ايه وايه سبب غيبوبة السكر
تحرك للخارج وهو يحذرها
-أنا مش عايزك تشتغلي تاني وخلي بالك من والدتك، وزي ماقولت لك قبل كدا انتوا مسؤولين مني
قالها واستدار متحركًا إلى أن توقف عندما وصل إليهم فارس، وزع نظراته محمحمًا
-آسف..جوان نسيتي تليفونك وشنطتك
استدارت إليه متذكرة لهفتها فهمست باعتذار
-آسفة ياباشمهندس ، حدجه حسام بنظرة مستفهمة ..اقترب منه
-أنا فارس الألفي مدير جوان، اسف اني اخرتها كان فيه اجتماع وكان لازم من حضورها
اجابه متفهما
-اهلا بحضرتك يافندم، اتفضل ..ابتسم بمجاملة قائلا
-لا متشكر بس ان شاء والدتك كويسة، دلفت للداخل بعدما أشار ابن عمها إليه قائلًا:
-مينفعش حضرتك توصل لعندنا ومتخدش واجبك، احنا على قدنا بس نفهم في الأصول
دلف للداخل ينظر بأرجاء المنزل، منزل بسيط مكون من ثلاث غرف، ورغم بساطته إلا أنه يتميز برونقه الخاص بالدفئ ..جلس فارس بغرفة الصالون بمقابلة ابن عمها لتخرج والدتها
-اهلا بحضرتك يابني..توقف ليحيها قائلا
-ألف سلامة على حضرتك ياست الكل
ابتسمت من كلماته القديرة، رغم نفوذه إلا أنه تحدث معها ببساطة، رمقه حسام متحيزا أسلوبه فتسائل:
-جوان شغالة مع حضرتك ايه ؟!.
رفع بصره إليها وشعر بارتجافة لا يعلم ماهيتها عندما اردفت بهدوء
-مستر فارس اخو الباشمهندس عز اللي حضرة الظابط كلم أبيه محمود
اومأ متفهما ثم أردف
-محمود بيكون اخويا الصغير، بس هو شغال محامي
أشارت لأبنتها
-هاتي ضيافة للبشمهندس يابنتي
نهض من مكانه معتذرًا:
-لا شكرا لحضرتك، انا اطمنت على حضرتك لازم امشي علشان ترتاحي
توقف حسام لمقابلته
-ودي تيجي ياباشمهندس تدخل بيتنا من غير ضيافة
رفع نظره إلى جوان
-اعملي قهوة للباشمهندس ياجوان
-عندنا ايس كريم حلو ، هيعجب حضرتك في الجو الحر دا ..قالتها والدة جوان ..نظر إليها مشدوها ثم أشار بيديه
-لا أيس كريم ايه، كفاية القهوة .
تحركت جوان للحظات بسيطة وخرجت إليهم بأكواب من الآيس كريم
-مقدرش ازعلك ياست الكل والباشمهندس هياكله
حمل حسام من يديها أكواب الايس كريم يشير إلى والدتها
-ماما ممنوع من أي حلو خالص ..اومأت له ثم جلست بجوار والدتها تقبل يديها بمحبة
-كدا تخضيني ..ملست والدتها على وجهها
-أنا كويسة حبيبتي ، حسام بس هو اللي مكبر الموضوع
-شكرا ياابيه، طالعها بنظرة صامتة دون حديث
ظلوا لبعض الوقت إلى أن استأذن فارس بالمغادرة، بعد خروجه جلس حسام بمقابلتها
-مردتش اتكلم وازعلك ياجوان، انتِ اختي الصغيرة، بس توصيل الباشهمندس هنا مش حلو، الناس كلامها كتير يابنت عمي، وميت مرة اقولك أنا مستعد اتكفل بيكم والشغل مالوش لازمة
ربتت هدى والدتها على ساقيه
-ربنا يحميك ياحبيبي ، عارفة انك قدها، بس جوان لازمها شغل حبيبي متنساش أنها على وش جواز ومعاش عمك مش هيكفي، والمبلغ بتاعها كمان قليل على جهازها ..
-بس يامرات عمي ..قاطعته بالحديث
-اسمعني حبيبي ، انت لسة متجوز ومراتك على وش ولادة، وكمان اخوك عريس ونفسه يتجوز، ليه احملكم يابني فوق طاقتكم ..وانت شوفت بنفس رئيسها في الشغل سواء دا ولا اللي بيقول عليه اخوك ، شكلهم ولاد حلال
اتجهت إلى جوان وطالعتها بعتاب
-بس مهما كانت أخلاقهم مينفعش نركب معاهم ويوصلونا البيت مش كدا
نهضت من مكانها
-حاضر ياماما زي ماقولت لحضرتك، كنا في اجتماع وحب يوصلني
بعد يومين اتجهت إلى مكتبه كعادتها
-اتفضل حضرتك دي تايمز اليوم ، وعندك عشا عمل الساعة تمانية
اومأ لها ثم رفع نظره
-والدتك عاملة ايه ؟!
-الحمد لله يافندم كويسة
نصب عوده متوقفا وخطى إليها
-مالك !! تعبانة وليه مجتيش!!
تراجعت للخلف قائلة:
-ارهاق ..بعد إذن حضرتك لو مش محتاج مني حاجة
اومأ لها وتحركت للخارج ..ظل يطالعها إلى أن أغلقت الباب خلفها
أطلق تنهيدة عميقة مطبق الجفنين يحادث نفسه
-ايه اللي حصلك يافارس ..استمع لطرقات على غرفة مكتبه
-الاستاذة نادين عايزة تقابل حضرتك يافندم
أشار بيديه متجها إلى مكتبه
-خليها تدخل واطلبي لي قهوتي
دلفت نادين بخطواتها الأنثوية مقتربة من جلوسه
-ازيك باشمهندس
اومأ يشير بيديه إليها بالجلوس
-تشربي ايه ..قالها عندما توقفت جوان منتظرة حديثه ، رمقت جوان بنظرة جانبية ثم هتفت
-نسكافية !!
رفع نظره إليها
-قهوتي مع نسكافية، وخلي محمود اللي يجبهم وأنتِ خلصي مراجعة الحسابات
-تمام يافندم ..قالتها واستدارت للخارج
بعد فترة شعرت بارهاقهاا ولم تقو على التركيز، اتجه أوس إلى مكتب فارس متسائلًا
-فيه حد عند فارس ياجوان
رفعت رأسها بدوار من جسدها تهتف بتقطع
-الاستاذة نادين ..طيب هاتي ملف الصفقة الأخيرة علشان اراجعه
توقفت بارهاق تجمع الورق ونهضت مترنحة
-اتفضل حضرتك !!
اقترب عندما شاهد وجد ترنحها
جوان إنتِ تعبانة ..هزت رأسها بالنفي
ولم تكمل حديثها لتشعر بالدوار الشديد لتهوى على الأرضية ويصطدم رأسها بالارضية مما جعل أوس يصرخ بأسمها
بالداخل قبل قليل أشار على طاولة الاجتماعات وهتف
-ليه مراجعتيش مع أوس ، هو المسؤل الاول عن المشروع
جلست تضع ساقًا فوق الأخرى وأشارت بابهامها لورق المشروع :
-الصراحة المشروع عايز النقاش الهادي، والباشمهندس اوس خلقه ضيق، فقولت اكيد مفيش غيرك اعرف اتناقش معاه في بعض النقاط
-->
رواية وحكاية
الرئيسية
عشق لاذع
رواية جديدة تمر د عا شق الجزء الثالث (عشق لاذع) لسيلا وليد - الخاتمة ج2 - 4 - الثلاثاء 13/8/2024
قراءة رواية تمرد عا شق
الجزء الثالث (عشق لاذع) كاملة
تنشر حصريًا على مدونة رواية وحكاية قبل أي منصة أخرى
رواية تمر د عا شق
الجزء الثالث
(عشق لاذع)
رواية جديدة قيد النشر
من قصص و روايات
الكاتبة سيلا وليد
الخاتمة الجزء الثاني
4
تم النشر الثلاثاء
13/8/2024
❈-❈-❈
رسم ابتسامة مجاملة مع دخول مشروباتهم ..تناول قهوته يرتشف منها بهدوء
-ميغركيش الهدوء مش اي حاجة تعجبني..مطت شفتيها واقتربت بجسدها منه
-اقول دا غرور ياباشمهندس
نظر بكوبه ولاحت على وجهه ابتسامة ساخرة قائلًا:
-ليه متقوليش ثقة
-واو وانا بحب الواثق من نفسه
أجابها بفم مزموم
-وأنا مبحبش تفاهة الحديث اللي مالوش لازمة، نبدا الشغل لو حضرتك خلصتي النسكافيه
-اه اكيد ..وضع الورق أمامها
-ممكن اعرف ايه نقط الاختلاف..لم يكمل حديثه إذ هب من مكانه على صياح أوس باسم جوان ..خطى سريعا للخارج ..تسمر بمكانه عندما وجد جسدها مسجي على الأرض ، اقترب بدقات قلبه العنيفة التي اعتصرت روحه حتى شعر بضيق المكان وهو يراها بين يدي أوس متجها بها إلى غرفة الاجتماعات التي تقابله
وضعها أوس على الأريكة الجلدية يشير إلى السكرتيرة
-سما اتصلي بالدكتور خليه يجي بسرعة ..اقترب من تسطحها يتسائل
-اوس مالها جوان
كان أوس منشغلا بإفاقتها، فاتجه إليه بنظراته
-معرفش ..توقف بعدما رفرفت بأهدابها ..ظلت للحظات إلى أن فتحت عيناها متاوهة
دلف الطبيب فاعتدلت بجسد مرهق هامسة
-أنا كويسة، تم الكشف عليها بعدما أصر أوس بالكشف عليها
-ضغطها واطي ..ممكن يكون سبب الاغماء
بعد فترة توقف أمامها
-قومي اوصلك للبيت لازم ترتاحي ..رفعت رأسها بنظرات استفهامية
-أنا كويسة ، خلاص ضغطي نزل شوية ودلوقتي كويسة
انحنى يقبض على رسغها عندما فقد السيطرة على هدوئه
-لما اقولك قومي تسمعي الكلام..سحبت كفيها سريعا تنظر حولها
-لو سمحت حضرتك مينفعش كدا
رفع كفيه معتذرا
-تمام أنا اسف ، ريحيني وتعالي اوصلك للبيت
ثقلت أنفاسها من قربه وخفقة قوية تضرب جنبات صدرها عندما وجدت لهفته بعيناه ..نزلت ببصرها على الأرض تهمس بصوت خافت
-أنا كويسة، مينفعش اسيب الشغل دلوقتي عندي حاجات مهمة الباشمهندس طالبها مني
انحنى متكأ على المكتب وعيناه تحاوط وجهها
-جوان بوصيلي ..رفعت سواديتها تنظر بعمق عيناه لحظات كفيلة ليسبح كلاهما بعالم خاص، وصمت اللسان ولكن قوة لجذب القلوب تفوق قوة الجاذبية مما جعله يعتدل متمردا لأول مرة على عقله
-صحتك أهم من أي مشاريع
ارتجف جسدها وشعرت بفراشة تدغدغ معدتها ، لا تعلم ماهذا الشعور الذي استحوز عليها ، ابتلعت ريقها بصعوبة ونزلت بابصارها خجلة عندما شعرت بحرارة وجنتيها
-أنا كويسة شكرًا لاهتمام حضرتك
-مش بقول كدا علشان تشكريني، اجهزي علشان هتروحي حالا، ومش عايز اسمع كلام
-يافندم مينفعش!!..استدار يرمقها بنظرة جعلها تبتلع باقي كلماتها ، تهز رأسها بالموافقة
بعد قليل بسيارته والصمت سيد الموقف لمدة من الدقائق قطعه متسائلا
-والدك متوفي من زمان
اتجهت ببصرها غير مستوعبة سؤاله ..أومأ برأسه
-محكتيش حاجة عنه، غير أن والدتك بتخاف عليكي وابن عمك متولي حياتكم فبسأل بس
-من خمس سنين، كنت في ثانوي، عمل حادثة وهو راجع من الشغل
-ربنا يرحمه..قالها بهدوء بعدما وجد تلك الطبقة الكرستالية التي أصبحت كالنجوم بعينها البريئة
تراجعت بجسدها تنظر للخارج وبدأت تقص عن حياتها دون أن يسألها لا تعلم لماذا بدأت تحكي عن طفولتها مع والدها ..فجأة انبثقت دموعها متطلعة إليه
-الأب قوتك وسندك في الدنيا مفيش حاجة تعوضك، عمي حنين ، لكن مفيش زي بابا مهما كان
أزالت عبراتها التي اشعرته وكأنها زجاج يشحذ قلبه ..توقف على جانب الطريق مردفًا بصوته الأجش الهادي
-ممكن تبطلي عياط...شهقت بعدما لاحت ذكريات والدها الجميلة
-لما يموت الاب بتحس احساس وحش قوي ، كانك غرقان في بحر ومفيش اللي ينقذك، ضاع حمايتك في العالم، بقيت عامل زي الطائر الجريح اللي جناحه اتقصف ومش قادر يطير
-جوان ..بكت بصوت مرتفع وفقدت السيطرة على توقف دمعاتها
-آسفة، آسفة والله..قالتها وهبطت من السيارة ، ترجل خلفها ممسكا ذراعها
-جوان استني ..نزعت ذراعها بهدوء
-لو سمحت ..
-آسف ..أزالت عبراتها واعتذرت
-أنا هاخد تاكسي وارجع البيت، مكنش ينفع اركب مع حضرتك العربية
فتح باب السيارة يشير إليها
-اركبي مش عايز جنان
-أنا هاخد تاكسي ..وانا قولت اركبي قالها بصوت مرتفع بعض الشى
بعد عدة دقائق توقفت السيارة أمام كافيه على النيل ..نظرت حولها بتشتت متسائلة
-جينا هنا ليه ..استدار إلى باب السيارة وفتحه يشير إليها بالهبوط
-انزلي ياجوان ، مينفعش ترجعي البيت كدا، والدتك تعبانة ، عايز اتكلم معاكي شوية
تحركت معه على استحياء إلى داخل ذاك المقهى المطل على الكورنيش تجلس بمقابلته
-تشربي ايه ؟!
-اي حاجة...أشار للنادل
-واحد ايس كريم نوتيلا الفسدق، وواحد اسبريسو
-بتشرب قهوة كتير
-اقدر اقول دي قوة ملاحظة ولا اهتمام ...ابتعدت ببصرها عنه قائلة
-لا حكم شغلي ، بطلب القهوة كتير
تعمق النظر بملامحها واستطرد
-يمكن علشان عشت كتير لوحدي، فمهتمتش بالاكل قد القهوة
التفت إليه بنظرات مستفهمة
-يعني ايه ...وصل النادل بمطالبهم ثم وضعها
رفع كوب قهوته قائلا
-أنا عايش برة من ثانوي، اتخرجت من هناك مكملتش هنا..استمعت إليه باهتمام فتابع مسترسلا:
كنت بنزل في المناسبات ، والإجازات ، في الاول انبهرت بالحياة هناك والنظام والدقة غير طبعا التقدم المهول، بعد كدا فهمت حاجة مهمة قوي
طالعته بتركيز ليرتشف من قهوته وعيناه تحتضن وجهها الندي قائلا
-القيم والأخلاق اهم من الديكورات اللي بنرسمها حولنا ، التقدم بيضيعنا اكتر مابينفعنا، زي التكنولوجيا دلوقتي ، بيقولوا علينا متخلفين بس ميعرفوش بتخلفنا دا خلينا ليهم قيمة
-ليه متجوزتش هناك واستقريت؟!
سؤال رغم سرعته إلا أنها اعتذرت
-آسفة على تدخلي ، مجرد سؤال على انبهارك في البداية
ابتسامة تجلت على ملامحه قائلا
-مين قال كدا ..ضيقت عيناها متسائلة
-اتجوزت هناك !!
أفلت ضحكة رجولية يشير على نفسه
-يابنتي انا لسة متخرج من سنة وسنة تأهيل يعني لسة يادوب قافل 25 استني كدا ..لا لسة كام شهر
ابتسمت على كلماته، ورفعت كوب الايس كريم تنظر للخارج
-متجوزتش، ولا خطبت، ولا حتى قلبي دق قبل كدا
التفتت إليه سريعا، تنظر إليه بعيون مرتعشة، وارتجافة بقلبها لاتعلم ماهذا الشعور الذي سيطر عليها ..حاولت سحب بصرها من محاصرته لعيناها ولكن لم تقو وكأنه مغناطيس يجذبها دون ارداتها ..تحمحم يستند بوجنتيه على كفيه
- كلميني عن نفسك !!
-مفيش حاجة غير اللي قولتها، ماليش غير ماما وعمي واولاد عمي، حضرتك اتعرفت على واحد في الحفلة والتاني لما وصلتني
-كنت مفكره اخوكي..ابتسمت وبدأت تتذوق الأيس كريم
-هو فعلا اخويا بيحبني قوي
-والله!!..طب كويس ليه مبتتجوزوش
استنكرت دفعه بالرد وتحدثت
-علشان بحبه يبقى اتجوزه
-اومال اللي بيتجوزوا ازاي مش علشان بيحبوا بعض
تفاجات من حديثه المبطن بالاتهام ورغم ذلك ابتسمت
-أنا وحسام ومحمود اخوات ، هم بيعتبروني اختهم وانا كمان
-مينفعش بدل يحللك تقولي اخوكِ
-لا ميحلليش لانه اخويا فعلا ، اخويا في الرضاعة، كان عندي اخ قد أبيه حسام بس مات، ماما اللي رضعت أبيه حسام ..يعني هو اخويا، وبما هو الكبير ومحمود صغير الاتنين محرمين عليا
-آسف !!
-عادي ولا يهمك..شعر بحماقة حديثه معها فحاول تغيير الحديث
-ايه رأيك في المكان
احتضنت كاسة الايس كريم تنظر إلى النيل والسعادة تتجلى بملامحها ثم نظرت إليه وتحدثت:
-كنت باجي هنا أنا وبابا وماما من زمان اوي، بس أكيد مش الكافيه دا..أشارت إلى الجانب الآخر
عارف هناك كدا ، بابا كان ياخدنا ونقعد ناكل درة مشوي وفي الشتا يجبلنا حمص الشام ، وكنت لازم اشتري الفريسكا
وضع وجنتيه فوق راحتيه يرسم فرحتها بعيناه وذبذبات بقلبه تعلن تمردها للعلن ..رفعت الكاس الذي بيديها وبدأت تتذوق الأيس كريم فاتجهت بنظرها إليه
-طعمه مش بطال، بس مش زي اللي اكلتهولك قبل كدا تنكر
تراجع بجسده وابتسامة خلابة تجلت بوجهه:
-مش يمكن علشان إنتِ اللي عملاه علشان كدا كان طعمه حلو
توردت وجنتيها بحمرة الخجل فسحبت بصرها عن مرمى عيناه التي تفترس ملامحها ، استمع الى صوت الموسيقى فبسط كفيه إليها
-تيجي نرقص ..
هزت رأسها رافضة
-آسفة ياباشمهندس مينفعش أرقص مع حضرتك
دقق النظر بملامحها الخجولة متسائلاً:
-ليه ، عادي هنرقص دي رقصة محترمة
-هو فيه رقصة محترمة ورقصة غير محترمة، على العموم مش الرقص موضوعنا، التقارب اللي هيكون بينا وحضرتك محرم مش كدا ولا ايه، مش دا كلام حضرتك من شوية، ولا علشان حضرتك غني مش فارق الحلال من الحرام
عقد ذراعه على صدره ورفرف قلبه مبتسمًا إليها، رمقته مستغربة ردة فعله
اقترب يتكأ على الطاولة وأردف:
-مخيبتيش نظرتي فيكي ياجوان
زوت مابين حاحبيها غير مستوعبة حديثه فتسائلت:
-مش فاهمة حضرتك تقصد ايه
-نهض من مكانه يغلق حلته وأشار إليها بالنهوض
-ياله علشان متتأخريش على والدتك، بعدين تفهمي معنى كلامي
-شكرا لحضرتك ياباشمهندس
توقف أمامها فجأة حتى اصطدمت بجسده ، فرفعت كفيها تتشبث بذراعه حتى لا تسقط
ابتسم من فعلتها العفوية واردف بصوته الأجش:
-مستر دمها خفيف عن باشمهندس، وياريت لو تشيلي الاتنين خالص
طالعته بجبين مقطب ولم تلاحظ لفه لجسدها بذراعه عندما لمح نظرات أحدهما إليها
-بقول بلاش باشمهندس دي ياجوان، انا فارس بس
تخدر جسدها بالكامل من احتضانه لجسدها الضعيف وهمسه الذي قضى على سيقانها فلم يعد لديها القدرة على التوقف همست بتقطع تتجول بعيناها بالمكان بعيدا عن مرمى بصره
-ابعد لو سمحت ، مينفعش كدا ..تراجع معتدلا ثم سحب كفيها وتحرك للخارج بعدما وجد نظرات البعض عليهم
توقفت وصاحت غاضبة
-ليك حق تعمل اكتر من كدا، ماهو أنا اللي وافقت انزل معاك ..تحركت متجهة للطريق تنظر حولها لترى سيارة أجرة تنقلها من ذاك المكان
أطبق على ذراعها بقوة
-لما اكون واقف معاكي متسبنيش وتمشي كدا سمعتي ، ايه ماخدتيش بالك من اللي جوا بيبصوا ازاي
نزعت نفسها بغضب
-لو سمحت مسحملكش تقرب مني كدا
انا اللي استاهل اصلا ..قالتها وتحركت والدموع محتجزة داخل مقلتيها تضغط على شفتيها حتى لاتبكي تسب نفسها على ضعفها وعلى موافقتها
-فين اخلاقك يامحترمة وأنتِ نازلة معاه في مكان زي دا ...ظلت تتمتم بحديث كالذي فقدت عقلها وانسابت عبراتها بعدما تخاذلت بنفسها وتربيتها
-جوان استني...صاح بها فارس الذي يراقبها منتظر وصول سيارته ..تحرك خلفها سريعا بعدما وجدها متجهة لتلك السيارة لتستقلها ..ولكن غادرت السيارة قبل وصوله ..استقل سيارته وتحرك خلفها يسب نفسه
-غبية ...وصل إلى السيارة وتحرك أمامها ليوقفها ثم ترجل معتذرا من الرجل
-آسف ، سوء فهم بيني وبين خطيبتي قالها وهو يفتح الباب يجذبها بوسط صياحها وصوتها المرتفع مما توقف صاحب سيارة الأجرة
-الاستاذ بيضايقك يابنتي، لو بيضايقك
أشار لها فارس بالصمت وهدر بها غاضبا
-دي خطيبتي امشي ياله بدل مااغلط فيك..قالها بصوت حاد ..طالعته بصدمه ولم تهتم لكفيها الذي احتضنه وسحبها بقوة يفتح باب السيارة ويدفعها بقوة مغلقا الباب خلفه، جلست بهدوء وكل مايهمها حديثه بأنها خطيبته ..استقل بجوارها يتحرك بسيارته بعدما توقف الطريق بسببه
ظلت تنظر إليه بصمت وكأن عقلها لم يعد لديها، وقلبها فقط يحركها لتتحدث بصوت أشبه بالهمس
-ايه اللي قولته دا للراجل، يعني علشان وافقت اقعد معاك شوية يبقى تتحكم فيا وتقوله خطيبتك
-استدار بعدما صف السيارة على جانب الطريق
-انا مش هلف وادور عليكي ، حاسس بمشاعر قوية ناحيتك، ومش هخبي واقولك انك شخص عادي ، انا تقريبا منمتش امبارح أو بالأصح من وقت مارجعت من عندكم...
سحب نفسا قويا وزفره
-جوان أنا معجب بيكي، معرفش ممكن ميكونش اعجاب بس ، كل اللي اقدر اقوله علشان حاسس بيه
-إنتِ بقيتي شخص مهم قوي في حياتي ، شوفي بقالنا كام شهر. مع بعض حقيقي كل يوم بتجذبيني اكتر من اليوم اللي قابله، فأنا عايز منك تديني إشارة واحدة علشان اتصرف واعرف عايز ايه بالظبط ..
تعمق بعيناها المشتتة واردف
-فيه مشاعر ليا عندك، لو حاسة بحاجة قوليلي انا بجد مبقتش قادر ابعد عنك
اختتم سؤاله وعيناه تترجاها بلهيب العشق الذي تسلل داخله ليقترب منها هامسا
-حبيت فيكي كل حاجة ، حتى كلمة مستر دي بقيت انتظر اسمعها منك
تجول بنظراته على وجهها وتابع حديثه
-امبارح علشان مجتيش الشغل كنت هتجنن علشان اشوفك، انا اللي اتصلت بيكي امبارح بالليل معرفتش انام ..وماصدقت نخرج علشان اقولك كل اللي بحس بيه ..بسط كفيه إليها
-مش طالب منك اي كلام دلوقتي ، لو موافقة أو فيه مشاعر حطي ايدك في أيدي وبس ..قالها وعيناه تتألقان بالعشق وهو يتشرب ملامحها الجميلة لقلبه
قشعريرة تسربت لداخلها مع ارتجافة لجسدها مما جعلها عاجزة حائرة تناظره بضياع ، هل دقة قلبها إليه حب ام ذاك الموقف بشعوره الجديدة هو الذي مدها بتلك الرجفة
انتظر يهز رأسه ودقاته على صفيح ساخن ، خائفا ، عاجزا عن ردها لو رفضت علاقتهما، رغم أنها دقيقة ولكنه شعر بأنها أعوام من الجفاف ، ولم تزهر بساتينه إلا عندما وضعت كفيها المرتجف بكفيه الذي اشعرها بدفئ لم تشعر به قط
رفع كفيه الآخر يربت على كفها يضمها وكأنه يثبت لها انها بداخل أعماقه وليست براحتيه، ابتسامة لامعة مع نظرات عاشقة قائلا
-النهاردة هكتفي بايدك بس، بكرة عايز رد صريح علشان اعرف ارسم حياتي رايحة فين
سحبت كفيها واتجهت بأنظارها للأمام، وقلبها عبارة عن طبول حرب ، عاجزة عن كل شيئا سوى نبض قلبها ، قام بتشغيل المحرك عندما شعر بحالتها ..ظل الصمت سيد الموقف إلى أن أوقفته قبل عدة شوارع عن منطقتها الشعبية
-كفاية هنا، علشان محدش يتكلم، شكرا لحضرتك ..اغلق السيارة واستدار إليها بجدية يوقف تحركها
-جوان ايه حضرتك دي ، انا لسة بقولك حبيتك وأنتِ بتقولي حضرتك
ارتجفت شفتيها وعيناها تتسائل عن مايعنيه ..دنى برأسه هامسا
-حاليا فارس بس ، كام يوم كدا والوضع يتغير تمام
كانت مشدوهة لما تسمعه ملجمة اللسان كأنها أصيبت بخلل في نطق الحروف وهو يردد أمامها
-فارس بس ياجوان، طول ما احنا مع بعض مش عايز باشمهندس وحضرتك دي ، كام يوم والوضع دا لازم يتغير اظبط اموري مع عيلتي، بس الأهم من دا هستنى منك اعتراف صريح بكرة
فتحت باب السيارة عندما فقدت السيطرة على ارتعاشة جسدها ،
-هستناكي بكرة على نار قلبي
أغمضت عيناها تسحب نفسا علها تستطع التنفس الذي شعرت بفقدان الهواء من حولها لتنزل بأقدامها المرتجفة وتهبط هاربة من محاصرته
ظل لدقائق بالسيارة وعيناه تراقبها حتى اختفت ، تراجع بجسده مغمض العينين هامسا لنفسه
-طلعت بتحبها قوي يافارس، البنت تاخد العقل والقلب ..بحبك يامجنونة
بعد مرور عدة أيام.