رواية عشق لاذع الفصل الثالث والاربعون 43 ج1بقلم سيلا وليد

       

رواية عشق لاذع

الفصل الثالث والاربعون 43 ج1

بقلم سيلا وليد


اختلطت دموع الفرح باللقاء


كم اختلطت دقات الساعة بدقات قلوبهم


فحدثوني عن وهج اللقاء و رهبته 


عن تلك الرجفه التي اعترتكم


حدثوني عن النبض المرتعش


حدثوني


عن لذة الانتظار و قرب موعده 


فبقدر ما تتوق للقاءالحبيب...تشعر ان قدماك لا تحملاك ...وخطوات بقدر ثقلها تأخذك...تتعالى النبضات ...وتختنق الكلمات ..كل ما اكتنزتموه من حديث يبتلعه اللقاء ...ويقتل الجرأة ...واللهفة تسرقكم والعفوية تسبقكم ....والصمت يكون سيدالموقف...


إليك أيها العائد الذي لا يمكن أن أحب بعده ...


هل أحكي لك عن قلب أعمى لا يرى غيرك..


او عن عقل ساهٍ لا يفكر إلا بعينيك...


ثم اني والله لأحبُّ خامات صوتِكَ، وتفاصيلُ وجهكَ، ومباسمُ ثغركَ، وغزالةُ عيناكَ، وحديثُكَ المُبهرُ المُلفت دوماً ، وشعرُكَ المُبعثرُ المشتت ، ومقتنياتُكَ الجّذابةُ ..


فما ظنك بقلب ينام على ذكرك ويستيقظ على ذكرك


وبين كل شعور وشعور يناديك


ففي عينك ونس لو وزع على اهل الارض لكفاهم واكتفو


يااااساااادة : 


كل السرقات حرام ...إلا السعادة فأينما وجدتها اسرقها ..‏فسرقتها حلال، ولا قانون يعاقب على ذلك .. ما عليك إلا أن تكون سارقاً ماهراً فهي تجيد الاختباء "


❈-❈-❈


توقفت عاليا أمام ياسين 


-حبيبي فيه حاجة لازم تعرفها ..كان يقوم بتمشيط خصلاته، فاستدار إليها منتظر حديثها :


-فيه حاجة ، راسيل كويسة


-جنى حامل!!


ألقى فرشاة الشعر من يديه، مضيقًا عيناه


-جنى مين اللي حامل 


لكزته ضاحكة :


-احنا عندنا كام جنى بس ياياسين متركز شوية جنى بنت عمك 


-الله يخربيتها المجنونة دي ازاي حامل يعني !!


ياسين ..صاحت بها عاليا ثم اردفت بهدوء :


-لازم تعرّف جاسر، شوف هتوصله ازاي الموضوع كبير مش زي ماانت متخيل دي واحدة حامل والكل مفكر أن جوزها ميت 


- المطلوب مني يعني اعمل ايه، بدل دي واحدة غبية ومقدرتش الموقف وعملت حسابها ..تحرك إلى باب الغرفة وفتحه متجها للخارج ولكنه توقف يبحث عن هاتفه فتراجع للداخل 


-شوفتي أنتِ والمجنونة نستيني كنت عايز ايه 


-ياسين ممكن تقولي هتعمل ايه 


هاج وتلفظ باستهجان:


-اعمل ايه في ايه ياعاليا ؟!


قطبت جبينها مستنكرة رده وهتفت:


-ياسين مش ملاحظ انا بقولك الموضوع كبير بقولك جنى حامل ..قالتها عاليا بدخول غزل عندما استمعت إلى صرخاتهم 


توقفت توزع نظراتها بينهما 


-جنى مين اللي حامل 


ارتفعت دقات قلبه تتنازع بقوة من وجود والدته، فتجلجل لسانه ينظر إلى عاليا بعينه :


-جنى مين ياماما ؟!


اقتربت غزل من عاليا تنظر إلى ابنها قائلة:


-سمعت عاليا بتقول جنى حامل 


ابتلع ريقه وحاول أن يشتت والدته فهتف


-دي جنى كانت تعبانة فعاليا بتقول تعبها زي الحامل مش كدا ياعاليا 


ارتجفت عاليا وتمتمت بصوت خافت 


-أيوة!!


قطبت غزل جبينها متسائلة:


-إنت بتقول إيه يابني..بتر حديثهم دلوف ربى 


-ماما الحقي طنط نهى اغمى عليها بعد مااخدت الجلسة..تحركت غزل خلف ابنتها سريعا ...بينما اتجه ياسين بانظاره إلى عاليا


-عجبك كدا، مسح على وجهه بغضب قائلا


-انا عارف ماما مش هتسكت، متأكد انها هتفتح الموضوع تاني 


-انا آسفة ياياسين مكنش قصدي 


تحرك ذهابا وإيابا بالغرفة 


-اعمل ايه، مينفعش اتصل بجاسر ابدا، هو اللي بيتصل بيا، صمت ثم حمل أشيائه الخاصة :


-هروح لراكان ولا بابا يتصرفوا 


ماإن همت للحديث إلا أنه أشار بكفيه


-مش عايز ولا كلمة، وروحي عند الأستاذة اللي معملتش حسابها دي لما اعرف اخرتها ايه 


بغرفة نهى ..أفاقت من اغمائها، ملست غزل على شعرها 


-عاملة ايه حبيبتي دلوقتي ؟!


أغمضت عيناها بإرهاق 


-صهيب فين ياغزل؟!


رفعت رأسها إلى ربى متسائلة :


-عمك فين !!


هزت ربى أكتافها بعدم معرفتها وهتفت :


-انا عملت زي ما حضرتك طلبتي قولت له هروح للدكتورة علشان حملي بس ، ولما رجعنا مكنش موجود، يمكن خرج مع بابا 


نهضت غزل متذكرة حديث عاليا عن جنى ..


-نهى انتِ اخدتي مضاد قوي هينومك حبيبتي علشان الألم ، حاولي ترتاحي ومتخافيش صهيب ماهيعرف حاجة مع إني مش معاكي انك تخبي عليه، هو اصلا دايمًا يسألني عنك بس انا بقوله دا طبيعي في السن دا، بس هو بيدور ومش هيسكت انا عرفاه 


أغمضت عيناها تهمس بتقطع:


-بلاش صهيب يعرف ياغزل كفاية عليه غياب جاسر، المرة دي مش هيتحمل ..قالتها وذهبت بنومها ..أطبقت غزل على عيناها بألمًا ثم أخرجت تنهيدة حارقة متجهة الى ابنتها:


-حبيبتي تواصلي مع الدكتور اللي في ألمانيا لازم نهى تسافر وتعمل العملية انا مش هسكت عليها ولازم عز يعرف بمرض أمه مش هنفضل مخبين كدا 


انسابت دموعها تجلس بجوار نهى 


-مش هقدر اقول لعز ياماما، عايزة أقوله مامتك بتموت بقالها اكتر من سنة وأنا مخبية عليك، غير أنه اتكسر اوي ياماما بعد موت جاسر، حضرتك متعرفيش حالته ايه انا ساعات بقوم من النوم الاقيه قاعد في اوضة المكتب وبيكلم صورته بدموعه 


تسرب الحزن ليحرق روح غزل بعد ذكراها بفقيدها الغالي فاتجهت للخارج قائلة:


-روبي خلي بالك من انطي نهى هشوف جنى وراجعة لك 


بغرفة جنى قبل قليل 


دلف عز وجد صهيب يحمل بيديه اختبار حمل جنى يطالعه بذهول فاقترب مناديًا إياه:


-بابا !!..رفع صهيب رأسه ينظر لابنه 


-ايه دا ياعز، هي روبي حامل ولا ايه 


اقترب عز ينظر للذي بيد والده 


-اه يابابا انا كنت لسة جاي اقولك أنها لسة جاية من الدكتور والحمد لله هنجيب جاسر صغير قريب ..قالها عز بعيون مليئة بسُحب الحزن بدخول غزل التي توقفت تنظر للذي بيد صهيب وهي تنادي 


-جنى!!..استدار عز بإبتسامة :


-اهلا طنط غزل، جنى مش هنا هي مش عندكم ولا ايه ، اقتربت إلى صهيب تنظر للذي بيديه 


-اختبار مين دا ؟!


ابتسم صهيب يشير إلى عز 


-باركي لأبو ايهم إن شاءالله ربنا يرزقه بابن تاني ...هنا تذكرت حمل ابنتها فاستدارت مبتسمة 


-حبيبي آسفة نسيت اباركلك، ألف مبروووك ربنا يباركلك في ذريتك يارب 


امسك كفيها يحتويها ثم نظر إلى عينيها:


-وعد لو جه ولد لأسميه جاسر


وضعت كفيها على فمها وانسابت عبراتها كزخات المطر تحرق وجنتيها


-اوعى ..بلاش يابني الاسم دا مالوش نصيب يكون موجود على وش الدنيا 


رغم شعوره بالألم الذي ينخر عظامه إلا أنه هز رأسه بالنفي:


-ليه بتقولي كدا ياطنط غزل، إن شاءالله نخلد اسم جاسر ويكون موجود..هزت رأسها بالنفي 


-لا ياحبيبي، جه مرتين ومالوش نصيب ياحبيبي 


ألقى نفسه بأحضانها وارتفع صوت بكائه:


-انا مخنوق وتعبان قوي ياطنط، قلبي مولع نار ونفسي احرق الدنيا كلها، بس مش بايدي حاجة، بعيب على جنى بس ياريتني زيها، ياريتني اعيش في دنيا تانية وانسى الوجع 


ربتت على ظهره تحاول منع عبراتها ولكن كيف للام أن تمنع حزن قلبها على فقد عزيزها ..ابتعدت تحجب حزن قلبها أمامهم ..


-ربنا يباركلك في ولادك ياحبيبي ، هو ساكن قلوبنا ، بلاش لو بتحبني كفاية اتنين جاسر يابني الله يرضى عنك 


أنا هشوف جنى فين ..قالتها متحركة 


ولكنها توقفت بعدما صاح صهيب 


-غزل !! استني ..قالها وتوقف متجهًا بخطوات بطيئة ..طالعت سيره برسم ابتسامة 


-الحمد لله يا صهيب بقيت تمشي كويس ..اومأ يردد الحمد والثناء ثم أردف:


-تعالي نروح مشوار..اومأت له دون حديث..وصلوا بعد قليل إلى مقبرته


توقفت غزل بساقين مرتعشة تنظر حولها بضياع إلى أن سقطت انظارها على قبر ابنها تقرأ تلك اللافتة التي جعلتها تهوى أمامها وأجهشت روحها بالبكاء حتى شعرت بإنتازع قلبها من محله ..رددت ببرك عيناها :


آه ياحبيبي غابت شمسي وذبلت ورودي ياجاسر ، حاولت اتلاشى وجع فراقك بس مقدرتش يابني 


اتجهت بنظرها إلى صهيب الذي تحرك بالجانب الآخر 


-شوفت ياصهيب ابني فين، شوفت زهرة حياتي، جاسر اللي روحه كانت بتهرب الحزن من العيون، ابو عيون تسحر القلوب، شوفت آخرته فين قولي ياصهيب أطفي نار قلبي الحزين عليه ازاي، ازاي ياصهيب اقدر اوقف حزني عليه وهو يستاهل الحزن كله ،واخرة وجع قلبي التراب يمنعني احضنه واشم ريحته 


ملس صهيب على قبره يردد دعاء فقدانه ..


ثم اقترب من غزل وجلس بجوارها 


-انا مجبتكيش علشان تعيطي، أنا جبتك علشان لازم كلنا نفوق من الحزن اللي ملى قلوبنا، استودعيه عند ربنا ياغزل، مش بقولك كدا علشان ميستهلش الحزن بالعكس دا يتحزن عليه العمر كله، بس ولادنا بيموتوا جنبنا، خايف على أوس وعز ياغزل الولدين دول حالهم مش عجبني، لازم تفوقي كمان علشان جواد ياغزل ..همس وهو ينظر إلى القبر 


-وأنا أولكم لازم أفوق ، عارف خسارته كبيرة ومتتعوضش، ومهما قولت فيه مش هيكفيه، دا كان روحي قطعة من قلبي هو مش ابنوكوا بس، كان ابن روحي :


استدار برأسه إليها وتابع حديثه بقلب فتته الوجع وارهقه الحزن:


-هتصدقي لو قولتلك من اول ماجنى كبرت ودعيت ربي أنها متتجوزش غيره، كنت بدعيها كل صلاة، ولما اتجوز فيروز انا حزنت عليه ، علشان استخسرته في أي واحدة تانية، كنت اناني قوي وبدعي يكون لبنتي وبس ولما واجهته كان يقولي أنها زي اختي، كلمته دي وجعتني من جوا، وفقدت الأمل ..حتى لما طلبت منه يتجوزها ويبعد بيها قولتها له علشان مرخصهاش قدامه كنت عايزه يتعلق بيها زي ماهي اتعلقت بيه بجنون، كل مرة أقوله طلقها، علشان بكون فرحان من جوايا وانا شايف جنونه بيها ، 


سحب نفسا حتى يمنع خيانة عيناه، عندما تحجرت عبراته وأكمل 


-لما ضغط عليه بطلاقه علشان قولت دي اكتر واحدة هتضغط عليه ويبعد عن اللي في دماغه ...


هنا فقد السيطرة وانسابت عبراته 


-بس مسمعش كلامي وطلق جنى ياغزل ومشي في طريقه ، وطلع اذكى مني وصبرني بكلمة طلاق وفي نفس الوقت رجعها لحضنه، ورغم دا كله كان رايح للموت برجله 


-صهيب!! اردفت بها غزل بصوت متقطع ..


صهيب!! اردفت بها غزل بصوت متقطع ..


أطبق على جفونه يعتصرها 


-انا حاسس اني شاركت في موته ياغزل، كان لازم اضربه على وشه واقوله اسمع كلامي غصب عنك، بس سبته ياغزل ، سبته يروح للموت بعد ماضحك عليا وقالي انا هفضل قاعد على قلبك ياصهيوب متخفش ..ضحك عليا ياغزل، ضحك عليا ونومني لحد مافوقت على كسر ضهري ، على خسارته للأبد، 


دموع فقط مع اختناق صوته، حتى ارتجف جسده، يشير لنفسه


-انا ضعيف قوي ياغزل، مش يغرك اني بتكلم معاكي وبصبرك بس لازم نقوي بعض، مينفعش الحزن ياكلنا ، ومينفعش إيمانا يكون ضعيف قوي كدا، خلاص أمانة وربنا استردها، لازم نقول الحمد لله ، لازم نرجع نسند على بعض، جواد ممكن يوقع مننا في أي وقت ياغزل، شال على قلبه كتير، وانا مش قادر استوعب ازاي قادر يطبطب على دا ودا وهو جواه حزن زي الجبال 


نهضت متحاملة على نفسها تنظر لذاك القبر مردفة


-عندك حق ياصهيب، أنا لازم اكون اقوى بإيماني أكتر من كدا، تفتكر ربنا هيقبله شهيد 


-توقف واتجه إليها 


-ادعي له بالرحمة، وان شاءالله نفكر في حاجة نعملها له صدقة 


اومأت ومازالت نظراتها الحزينة على تلك المقبرة ..


-ياله ياغزل نرجع جواد ميعرفش إننا خرجنا ..رفعت عيناها مترددة ثم هتفت:


-فيه موضوع مهم لازم تعرفه .. قالتها مازالت نظراتها على مقبرة جاسر..دقق النظر بعيناها المترددة فأردف :


-نهى عندها كانسر..مش كدا ياغزل 


ارتفعت شهقاتها تهز رأسها واقتربت تربت على كتفه:


-مكنتش عايزة أوجع قلبك صدقني، وهي طلبت مني إنك متعرفش حاجة


-انقذها ياصهيب، انا حاولت معاها، خايفة اعملها العملية ومقدرش اكملها انت عارف ظروفي


-الكانسر فين ياغزل، وازاي قدرتي تخبي عليا حاجة زي دي 


لم تدري بما تجيبه ، ظلت تنظر إليه لبعض الوقت صامتة، ثم تحركت من مكانها قائلة:


- Breast Cancer


هزة عنيفة أخترقت جدار قلبه وأحرقت روحه وكأنه شعر بخناجر مسمومة بصدره :


-سرطان ثدي!!..ااااه حارقة خرجت من جوف آلامه حتى فقد إتزان جسده، فجلس مكانه يشعر بدوران الأرض تحت قدمه :


-المرض دا انتشر ياغزل بنسبة كام 


ابتلعت غصة حزنها وجلست بمقابلته 


-صهيب انا بعملها معالجة إشعاعية من وقت مااكتشفنا المرض ، والحمد لله المرض ماانتشرش ولا حاجة بس لابد من العملية، مينفعش تفضل على الجلسات الإشعاعية بس 


نهض بجسد مرتجف وشريط حياتهما أمام عيناه، تحرك بتثاقل إلى أن وصل إلى سيارته يشير للسائق بفتح بابها عندما شعر بثقل ذراعيه ..هرولت غزل خلفه تصيح باسمه 


-صهيب ..استقل السيارة دون حديث إلى أن وصلت إليه تطالعه بحزن


-آسفة ياصهيب !!


-اركبي ياغزل ..


بحي الألفي دارت عاليا بكل مكانًا تبحث عن جنى ، ثم أمسكت هاتفها تهاتف ياسين 


-دورت عليها مش لقياها..توقف من مكانه معتذرًا لصديقه:


-بتقولي ايه ..توقفت تبحث بعيناها بالحديقة 


-بقالي اكتر من ساعتين بدور عليها مش لقياها، وفونها مقفول 


-طيب ياعاليا ساعة اخلص شغلي واشوف مدام جنى راحت فين 


قبل ست ساعات :


دلفت عاليا إليها بابتسامتها الخلابة وهي تسحب بكفيها ابنتها 


-انطي جنى وحشة يامامي وعدتني بالخروج ومن امبارح قافلة على نفسها 


رفعت جنى نظرها من فوق هاتفها 


-عاليا فين ياسين ...قطبت جبينها متسائلة :


-ليه فيه حاجة..احتضنت رأسها بين راحتيها 


-انا حامل ومش عارفة اوصل لجاسر


شهقة خرجت من فمها تهز رأسها مذهولة من حديثها ..زفرت تفرك جبينها 


-طيب هتعملي أي ؟!


-خلي جوزك المحترم يحاول يوصله، أو يكلم راكان 


اومأت عاليا تبحث عن ابنتها 


-فين راسيل..اشارت جنى على باب الغرفة 


-خرجت، شوفيها تلاقيها راحت عند أيهم وكنان ..


❈-❈-❈


خرجت عاليا قائلة:


هشوف راسيل واكلم ياسين 


تمددت جنى تضع كفيها على أحشائها وابتسامة ناعمة على وجهها 


-نفسي اشوفك وأنا بقولك أنا حامل ..أغمضت عيناها مبتسمة مع ذكرياتهما، لا مش هقوله بالتليفون، لازم احتفال كفاية المرة اللي فاتت..ظلت تلمس على بطنها 


-وحشتني أوي حبيبي تلات أسابيع كتير قوي عليا، بس لازم أتحمل علشان ترجع لنا بالسلامة ..أغمضت عيناها وابتسامة تنير ملامحها البريئة


متذكرة تلك الليلة التي أخرجت جنانه 


فلاش باك 


عايزة تغيري ريحة البرفيوم مش كدا ..ابتلعت ريقها تنظر لهيئته التي تغيرت وهتفت: 


-جاسر مش قصدي اللي فهمته، انا قصدي لم يجعلها تكمل حديثها حيث اقتنص كل ما يمتلكه ، فنار الغيرة حولته لمفترس ، وتخيلات تهز رجولته التي داست عليها ، حاولت الابعاد عنه بعدما وجدت تحوله ولكن كيف لها أن تستطع على عاشق سيطرت عليه نيران الغيرة لتحرق داخله ولم يشعر بنفسه بما يفعله كل مايريده أن يثبت لها انها تخصه وحده وليس سواه بعد فترة بعدما أخرج غضبه الذي أحيته بداخله ابتعد متجهًا للمرحاض دون حديث، اعتدلت تمنع دموع عيناها تململم شتات نفسها الذي بعثره ..جذبت الغطاء عليها تطبق على جفنيها محاولة ألا تبكي فهي من أخرجت شياطين نار غيرته ..ظلت لدقائق لم تتحرك انش واحد، تنظر لجسدها بحزن عيناها ، خرج يجفف خصلاته بمنشفته ثم توقف ينظر إليها بصمت لبعض اللحظات ، وشعور قاس يفترس قلبه كحيوان مفترس وهو يراها بتلك الحالة، ورغم ماشعر به إلا أنهاقترب منها قائلًا بجنود:


-قومي خدي شاور علشان ننام ، بابا اخد كنان علشان ماما متشكش في حاجة ..أزالت عبراتها التي انسابت رغمًا عنها كانت تظن أنه سيخرج ويعتذر مما فعله بها ولكنه خرج وكأنه لم يفعل شيئا..نزلت بقدمها على الأرض بجسد منهك واتجهت بخطوات ضعيفة متجهة للحمام مردفة بخفوت:


-نام أنا مش نايمة ..


متتأخريش في الحمام، مستنيكي علشان ننام ومش عايز كلام كتير 


تحركت ولم تكترث لحديثه ، ظلت فترة بالمرحاض تنتعش بحمامها الدافئ، ولم تشعر بدخوله وهو يرفعها بين ذراعيه يلف جسدها بالمنشفة


-ساعة بتاخدي شاور، ولا بتعاندي وخلاص ..جذب البورنص


البسي دا واخرجي ياجنى، مش عايز ازعلك، انا مش جايلك من اخر الدنيا علشان تحرقي دمي، انا قولت لك كل حاجة ، محبتش اخبي عليكي حاجة، احتضن وجهها يرفعه: 


-جنى فتحت كتابي كله قدامك، متعمليش كدا علشان مضطرش اخبي عليكي حاجة 


أشارت على نفسها وأجابته بصوت متحشرج بالبكاء:


-شوفت عملت فيا، نظر لعلاماته التي تركها بجسدها ثم مرر أنامله عليها بحنان 


-جنى إنت ملكي وهتفضلي ملكي لحد ماتموتي فبلاش تخرجي غضبي عليكي الكلام اللي قولتيه دا مرفوض في قاموس جاسر الألفي ..زي ماانت مرفوض لك أي حاجة تخصني، اعملي واغضبي لو فكرت بس مجرد تفكير ابعد عن حضنك 


حاوطها بذراعيه يضمها لأحضانه


-غيرتي مجنونة ياجنجونة، اللي يقرب منك احرقه، فاهمة احرقه واحرقك معاه بس بطريقتي، واوعي تفكري هعدي موضوع جواد دا بالساهل الوقت بس مش مناسب لحضرة اللوا وابن أخته ، مجرد أنه فكر بس دي لوحدها جريمة..ضغط على خصرها 


يهمس بجوار أذنها إنتِ جنى الجاسر ، جنايا أنا سمعتيني 


تحركت للخارج متجهة إلى مرآة الزينة 


-روح نام ياجاسر، انا مش نايمة معاك ، وهكلم عمو جواد يجي ياخدنى وانت ارجع لشغلك ولامورتك الحلوة وقولها حبيبتي براحتك 


تحرك إلى الفراش وقام بنزع كنزته متمددًا على الفراش 


-متتأخريش على حضن جوزك ياجنجون ..قالها بنبرة استفزازية ، مما جعل وجعها أضعاف مضاعفة ..فارتجفت شفتيها قائلة:


-قولت لك نام ..انا مش نايمة


أطلق زفرة قوية من جوف المحترق بنيران الغيرة فمازال حديثها يحرق روحه، ثم استدار ينظر إليها 


-فيه قميص اسود عندك إلبسيه وتعالي متتأخريش


استدارت إلى المرآة وبدأت تجفف خصلاتها ولم تعيره اهتمام ظلت فترة حتى انتهت تنظر إلى نفسها بالمرآة والى جسدها ومافعله بها 


نظرت إليه من خلال المرآة وجدته مستغرق بنومه ..نهضت متوقفة ولم تستطع البعد عن أحضانه الدافئة ، تآذر الوجع بداخلها، ليس وجعًا جسديًا ولكن وجع عشقها الذي لم تقو عن ابتعاده، ارتدت ذاك القميص تنظر لنفسها وابتسمت بسخرية على جمالها بذاك القميص الذي أظهر مفاتنها الأنثوية بسخاء..تخيلت نفسها بتمايل جسدها بالرقص به، ولكن كيف بعد مافعله بها، تسطحت بجواره تسبح ببنياتها على ملامح وجهه التي عشقتها منذ الصغر، تذكرت ماكانوا يفعلانه سويا، كيف لها أن تجهل العشق ودقات القلب بحجرته ذاك الوقت، رفعت أناملها ترسم ملامحه بقلبها قبل عيناها، ورغم ما تشعر من آلام إلا أنها تبسمت تضع أناملها على خاصتها المتورمة مرة وعلى آلامها مرة ، ثم اقتربت من أنفاسه ومازالت أنامله ترسمه ، فتح عيناه عندما شعر بها يجذبها لأحضانه 


-كنت هزعل منك لو مجتيش، أغمضت عيناها تدلف لأحضانه تضع رأسها بحنايا عنقه تستنشق رائحته بوله تهمس له :


-زعلانة منك قوي ياجاسر، شوفت شوهتني إزاي 


ضمها بقوة حتى شعرت بذوبان جسدها بين ذراعيه يهمس لها 


-آسف ياجنى ، عارف وجعتك بس دا ميجيش ربع وجعي ..مرغت رأسها بصدره كقطة أليفة، تلف ذراعيها حول جسده:


-إنت ترياق سم حبي ياجاسر، مقدرش ازعل منك ولا أقدر ابعد عنك، بعشقك بجنون ، تقول ايه بقى


رفعت رأسها تسبح برماديته:


-عشقي اللاذع حبيبي مهما تعمل هتفضل عشقي اللاذع 


وضع جبينه فوق جبينها ملمسًا خاصتها بخاصته هامسًا بكل نبضة بقلبه 


"إنت الروح لجسد جاسر ياجنى"


لو خايفة من غضبي متلعبيش على غيرتي يابنت عمي، علشان متتحرقيش بيها، ومتحاوليش تبعدي عن دايرة عشق جاسر وتأكدي مهما ابعد ومهما أقول بس أنتِ متوشمة بقلبه مالكيش مفر بالبعد، حتى لو غصب عنك، قولي اللي تقوليه ، مجنون، عاشق، محب، مريض نفسي 


اه بدل مرتبط بيكي مش مهم المهم دايما تكوني زي دلوقتي كدا جوا حضني واتنفس انفاسك واسمع نبض قلبك واستمتع بهمسك واتذوق رحيق شفايفك" انا كدا وهفضل كدا 


أغمضت عيناها مبتسمة تشعر وكأنها امتلكت العالم وما به..جذب رأسها ليرجعها مرة أخرى لصدره ليغمض عيناه منتعش الروح والنبض


❈-❈-❈


ملست على صدره تهمس له 


-عايزة أرقص بس جسمي وجعني ينفع كدا ..تراجع برأسه ينظر إليها بذهول وارتفعت ضحكاته


-بتتكلمي بجد..أشارت على قميصها 


-القميص عجبني جدا وعايزة أرقص بيه ايه عندك اعترض ..نهض عندما لم يستطع السيطرة على ضحكاته


-والله مجنونة ..استندت على مرفقيها تنظر لضحكاته 


-نامي ياجنجون بدل مااخليكي ترقصي بجد 


رفعت حاجبها وشعور الغيرة يسيطر على قلبها 


-وياترى حضرة الظابط بيشوف رقص برة 


اقترب منها وبصوته الأجش وعيناه تعانق عيناها 


-ليه مراتي مش مكفياني، ولا إنتِ شايفة إن جوزك خاين وممكن يغضب ربنا كمان 


اقتربت تدفن نفسها داخل أحضانه 


-مش قادرة اتحمل فكرة إن فيه واحدة تانية بتحاول تقرب منك ياجاسر، لف ذراعيه حول جسدها يرفعها لتصبح فوقه واحتضن وجهها 


-عارفة الحب اللي في الدنيا دا كله ليكي لوحدك في قلبي ياجنى، اجمعي حب العشاق كلهم وحطيه جوا قلبي ليكون ملك لوحدة بس 


رفع أنامله يجمع خصلاتها التي أخفت ملامحها يضعها خلف أذنها بعشق ثم أكمل مسترسلًا حديثه بصوته الأجش 


وعيناه العاشقة تحتضن عيناها 


-حبك ليا مكفيني ياجنة حياتي..وضعت رأسها فوق صدره تحتضن جسده 


-عايزة انام ساعات كتيرة قوي ياجاسر، كتيرة اوي حبيبي مش عايزة حد يصحيني ولا يبعدني عن حضنك، كفاية الايام اللي بتبعد عني فيها مبكنش عايشة 


ضغط يضمها بقوة لأحضانه وكأنها ستختفي ثم أغمض 


هو الآخر ذاهبًا بثبات عميق كأنه لم ينم منذ فترات طويلة 


فاقت من شرودها على رنين هاتفها بنغمته المفضلة، اعتدلت سريعًا تلتقط الهاتف:


-حبيبي!!


خرج من منزل التميمي متجهًا إلى يحيى الذي ينتظره بالسيارة فتحدث:


-روح حبيبك.. آسف ياروحي اتأخرت عليكي بالاتصال كنت مشغول 


-تلات أسابيع ياجاسر، هونت عليك..توقف يشعر بقبضة تعتصر فؤاده :


-ايه ياروح جاسر اسف ياجنى مينفعش كل شوية أتصل بيكي، الدنيا عندي مكنتش تمام، وعزيز بيراقب بابا خوفت يكون شك فيا فكان لازم اعمل احتياطي 


انسابت عبراتها رغمًا عنها خوفًا عليه من فقدانه فهمست بتقطع:


-وحشتني!!


سحب نفسًا طويلًا وكأنه آخر أنفاسه ليردف قائلًا:


- انا هتجنن عليكي ياجنجون، اسمعيني كويس واعملي زي ماهقولك، انا حجزتلك تذكرة بعد ساعة بالكتير تكوني في العنوان اللي هقولك عليه فيه سوبر جيت هيطلع بعد ساعة ، وبلاش تعرفي حد انا هكلم ياسين واقوله بعد ماتيجي، علشان محدش يمنعك، معايا تلات ايام حبيبي بس مينفعش أخرج من مرسى مطروح، هبعتلك عنوان شاليه هتنزلي من الاتوبيس هتلاقي سمر مستنياكي هي عارفكِ أنتِ متتكلميش مع حد 


-سمر دي اللي ساعدتك !!


-أيوة حبيبي ياله بسرعة علشان تلحقي توصلي 


-طيب كنان اجيبه معايا !!


أجابها وهو يستقل السيارة بجوار يحيى :


-لا مينفعش تجيبي كنان، متخافيش عليه بابا وماما هياخدوا بالهم منه، ياله بسرعة 


-حاضر ..فيه حاجة لازم تعرفها 


-جنجون حبيبي لما تيجي ياله علشان الوقت ..قالها وأغلق الهاتف: 


-نهضت سريعًا تجمع أشيائها الخاصة بحقيبة صغيرة، تحركت بعض الخطوات متذكرة شيئًا، فذهبت لجذبه ووضعه بالحقيبة ..


عند جاسر أشار إلى يحيى بالتحرك


-انت متأكد من الناس دي


اومأ يحيى برأسه قائلًا:


-الراجل كان صديق لوالدي ، في الأول حاول معايا علشان ابعد عن عمي، بس انا كنت رافض، فهو دلوقتي ماصدق اني رجعت له تاني


هز رأسه يفكر بشيئًا ما 


-ليه هادي ونعمان عايزين الراجل دا يموت 


تهكم يحيى وأجابه:


-علشان نضيف ومسيطر على السوق 


-إزاي نضيف ومسيطر على السوق قصدك ايه ؟!


اجابه يحيى قائلاً:


-الراجل دا تاجر سيارات اللي هي تجارتهم الوهمية ، وله في حاجات كتيرة تانية بس مالوش في الشغل البطال، فالناس بتحبه وكمان اخد مجلس الشعب من هادي الجيار بسمعته الحلوة ..فهمت الموضوع 


أومأ جاسر يطرق على باب السيارة 


-طيب نفذ اللي هقولك عليه انا هتصل بالشيخ منصور الدفراوي دا، وهروحله 


عايزك تروح مكتب عزيز الحيوان دا وتحاول تعمل اي فيلم وتحط الجهاز دا في مكتبه من غير مايشك، وخلي بالك من الكاميرات، لازم نعرف الراجل بتاعهم دا مصري ولا لبناني ولا جنسية تانية، ماهم بدل بيبعدوك يبقى خايفين منك او انك عارف الراجل دا ومش عايزينك تعرفه، أو هو اللي طالب كدا، فأنت لازم تتصرف، الجهاز دا صوت وصورة، هتقدم التذاكر زي كل مرة وراكان هيتصرف..ابعت الفيديو الاخير بتاعنا لراكان علشان يتصرف فيه ويتأكدوا من سفرنا، وهقابلك في مكانا زي كل مرة 


استدار يحيى إليه 


-عرفت أن عزيز بيراقبك، وشايف العربية اللي ورانا 


-ابتسم بسخرية ينظر من مرآة السيارة 


-خليه يراقبني، انت هتنزل زي ماهم بعتينك وانا رايح المينا كالعادة ..ركز انت في شغلك، انا عايز اخلص بقى زهقت داخلين على أربع شهور وماوصلناش لحاجة ، الموضوع بيخ اوي يا يحيى 


-تمام انا هتصرف متشغلش بالك، انا عارف أنهم منعينك تروح هناك لأنهم خايفين


حك ذقنه وهو يراقب تلك السيارة يهمس لنفسه :


-لازم يخافوا، لاني مش ناوي ارحمهم 


توقفت السيارة.. ترجل من السيارة متجها للخلف يخرج حقيبته ويتحرك إلى الأتوبيس الذي سيقوم بنقله إلى مكان سفره إلى إحدى الدول لجلب تلك المواد المخدرة كما اعتادوا عليه 


أما بتلك السيارة التي تراقبه ، توقفت بعد ركوب جاسر الاتوبيس وتحركه 


-ايوا ياباشا، يحيى وصله زي ماطلبت ودلوقتي الاتوبيس اتحرك واحنا اتأكدنا أنه ركبه 


-تمام ارجعوا انتوا 


بحي الألفي بغرفة جواد حازم ، أنهى ارتداء ملابسه واتجه للأسفل مستعدا لعودته إلى عمله 


-صباح الورد ياست الكل 


ابتسمت له مليكة التي تعد الافطار على المائدة:


-صباح الورد ياعيون ست الكل، ايه نازل الشغل 


اومأ لها وهو يرفع فنجان قهوته يرتشف منه بعض الرشفات:


-إن شاءالله ياماما ، بقولك عايزك في موضوع مهم بس لما ارجع ..أمسكت بعض شطائر الجبن تضعها بالخبز


-حبيبي كُل اي حاجة هتشرب قهوة على الريق 


استمع الى رنين هاتفه التقطه ، تبسم مبتعدا عن والدته بعدما وجده جاسر


-اهلا بالمشاغب!! 


-جواد عامل ايه ..


-كويس حبيبي الحمد لله انت عامل ايه!!


اسمعني ياجواد وتصرف من غير ماتحسس بابا بحاجة 


تحرك جواد للخارج بعدما شعر بالريبة بحديثه 


-عزيز الحيوان بيراقب بابا وعز وأوس وراهم ناس، 


يعني ايه !!


-اسكت واسمعني للاخر، الصفقة اللي هما بيرسموا عليها شكلها قربت وهما شاكين او خايفين فبيعملوا احتياطتهم وأنهم يمسكوني بايدي اللي بتوجعني، طبعا مفيش غير دول بما أن بابا تقاعد ومبقاش زي الاول أو عز وأوس اكتر ناس بيخرجو..مش عارف هما عايزين يوصلوا لأيه ..الجهاز يحيى هيحاول يزرعه في مكتب عزيز، انا مش هعرف اتعامل معاه، انت وصله باللاب أو كلم راكان يتصرف ، لازم اعرف هما ليه بيراقبوا عز واوس، ممكن يكونوا خايفين من بابا بس عز وأوس ليه، دي حاجة الحاجة التانية فيه صفقة داخلة جروب الألفي للأدوية عايزك تدخل الشركة الايام الجاية بحجة انك ليك أسهم فيها وهبعتلك توقيع مني تنازل عن اسهمي كلها بتاريخ سنتين فاتوا علشان تدخل الإدارة وتمنع الصفقة بدون شك، ازاي معرفش المهم الصفقة دي شركتنا متدخلهاش لأنهم ناوين على حاجة وانا بحاول اوصلها 


-تمام ياجاسر، بس المراقبة دي مخوفاني 


اجابه جاسر باختصار


-مش اكتر مني، ربطوني ولاد الكلب، كدا هما سابقيني بخطوة، لازم اعرف نيتهم ايه من المراقبة وخاصة عز وأوس


فيه حاجة كمان عايزك تقول لبابا أنه يدخل بصوته معاك علشان يرفض الصفقة، صفقة الأدوية مغرية ومش عليها غبار، وطبعا ذكاء أوس هيوافق عليها بعد دراسته، بس أوس ميعرفش أنهم مساهمين مع صاحب الشركة دي من تحت لتحت، انا عايز الصفقة دي تترفض حتى لو هدخلنا ملايين سمعتني 


-اعتبره حصل..قاطعه جاسر سريعا


-لا الموضوع مش سهل، لاني متاكد من عز وأوس أن الصفقة هتعجبهم وخاصة أن الشركة لها فروع في كل الدول بس اللي داخل مصر من تحت التربيزة والنية ايه معرفش فبلاش نسيب حاجة للظروف، مش هتعرف توقف قدام عز واوس، دا شغلهم أقل كلمة هيقولوها انت مالكش في شغلنا، انت اتصرف وحاول تقنع باباك وبابا وياريت تدخل عمو صهيب كمان بس بطريقة تخرجنا من غير شك 


-تمام هحاول اشوف ايه وهعمله 


هقفل دلوقتي سلام


عند راكان 


-يعني ايه ياجمال، لا اتصرف وحاول مرة كمان، لازم يبان أنه سافر زي المرة اللي فاتت


-حاضر ياسيادة المستشار هحاول 


-جمال..صاح بها راكان قائلًا:


-مفيش حاجة اسمها هحاول.. تقولي الموضوع منتهي، مش عايز غلطة، انت عارف غلطة دلوقتي ممكن نفقد حضرة الظابط..اعمل زي اللي قبلها 


-هو سؤال واحد بس ..تسائل بها جمال 


-ليه مُصرين أنه هو اللي يسافر كل مرة وكمان عن طريق مستلم مابيقبلش حد 


-دا طُعم ممكن أو ممكن لو وقع مالهمش دخل، لسة بنحاول نعرف، المهم الموضوع سري جدا ..تمام ربنا ييسر هكلمك واقولك عملت ايه 


بعد عدة ساعات ترجلت جنى من الحافلة تتحرك وهي تتلفت حولها إلى أن توقفت سمر أمامها: 


-مدام جنى الألفي


-إنتِ سمر !!..أشارت سمر وهي تنظر بكافة الأرجاء تتحدث إلى يحيى


-ايه اتحرك ..أجابها :


-أيوة حبيبتي اتحركي مفيش حد وراكي ..أشارت إلى جنى بالتحرك، فتسائلت جنى:


-جاسر فين!!


استقلت السيارة وقامت بتحريك المحرك قائلة:


-حضرة الظابط في مشوار، أنا هوصلك الشالية وهو هيعرف يجيلك، معنديش اكتر من كدا أقوله 


-يعني هو مش في الشاليه دلوقتي 


هزت سمر رأسها بالنفي :


-لا ..هو خارج مرسى مطروح ساعتين ويكون عندك إن شاء الله 


-ساعتين!!..قالتها بذهول، ثم استدارت تطالعها 


-طيب ممكن توديني أي مول، مجبتش هدوم معايا ..


اومأت لها دون حديث


بحي الألفي 


بحثت بكافة الأرجاء تفرك جبينها 


-وبعدين راحت فين دي ..وصل ياسين إليها 


-ايه لسة مش باينة ؟!


هزت رأسها بالنفي قائلة:


-دورت في كل مكان تليفونها مقفول..تحرك قائلًا:


-كدا بابا لازم يعرف مينفعش كدا ، دلف إلى والده الذي كان يتحدث بالهاتف 


.انتظر إلى أن انتهى ثم اقترب قائلًا:


-بابا ..طالعه منتظر حديثه، فهتف ياسين 


-جنى مش باينة من الصبح 


ضيق عيناه منتظر بقية حديثه


أطلق ياسين تنهيدة قائلًا:


-جنى مش موجودة في حي الألفي،


نهض جواد من مكانه يحاول استيعاب حديث ياسين


-يعني ايه جنى مش موجودة، اسأل الأمن عليها، عربيتها هنا 


-اه عربيتها هنا، والأمن قال خرجت وقالت لهم هتتمشى تعمل رياضة وكانت خارجة بترنج عادي، ودا شوفته في الكاميرات 


بدأ جواد يشعر بالتذبذب والخوف، ولكنه حاول ألا يقلق ابنه فتحدث:


-يمكن بتعمل رياضة


-بابا بقولك من الصبح، دلوقتي احنا المغرب، جنى خرجت الساعة تسعة من الحي 


ارتعب داخله وبدأ الخوف يتسرب إليه ..نهض متحركًا لشاشة المراقبة يتفحص خروجها، أشار إلى حقيبة بيديها 


-ايه اللي بايدها دي!! 


-شنطتها يابابا..ظل يدقق بهيئتها 


-هي جنى متعودة تخرج بشنطة وهي بتعمل رياضة 


هز ياسين أكتافه بعدم معرفة، ظل يعيد المشاهد السابقة، إلى أن اعتدل 


-جاسر!!


-يعني ايه يابابا..قصدك راحت لجاسر


مازالت عيناه على كاميرا المراقبة فهتف:


-او ممكن يكون هنا، بس ازاي وانا جالي إشارة من ساعة أنه موجود هناك ..تحرك جواد ذهابا وإيابا 


-طيب البنت راحت فين..نظر إلى هاتفه فأشار إلى ياسين 


-هات تليفوني اكلم راكان علشان لو فيه تواصل مع جاسر 


بمكتب راكان استمع الى رنين هاتفه


-اهلا سيادة اللوا 


-اهلا ياراكان ..عامل ايه ؟!.


-الحمد لله..صمت جواد للحظات متسائلًا :


-راكان جاسر اتصل بيك قريب، أصله بقاله اسبوع مكلمنيش


-أيوة اتصل بيا الصبح، هو كويس ممكن ظروفه، كلامه كله كان عن القضية 


-تمام لو عرفت توصله خليه يتواصل معايا ضروري بأي طريقة 


توقف راكان مستفهمًا:.


-فيه حاجة ولا إيه ؟!


-آه ..مراته مش موجودة


-ايه..تمتم بها راكان بفزع 


❈-❈-❈


سحب جواد نفسا محاولا السيطرة على انفاعله فهو عنده شكٍ بوجود جنى معه


-اتأكدلي أنه في مرسى مطروح ولا خرج، اكيد عندك عيون هناك 


-تمام خمس دقايق وهرد على حضرتك 


عند جنى وصلت إلى الشالية، تحمل تلك الحقيبة التي بها ملابس قد ابتاعتها، تحركت سمر بجوارها ودلفوا إلى الداخل..تجولت بعيناها على ذاك الشالية وتخيلت مقابلته بابتسامة ..ظلت عيناها تلمع بالسعادة تتحرك بكل مكان وكأنه بكل ركنا من رائحته التي اخترقت رئتيها..توقفت سمر تستند على الجدار تطالعها بصمت لفترة ثم حملت بعض المأكولات متجهة إلى المطبخ 


-جبت لكم شوية أكل، ممكن جاسر ينسى يجيب معاه، واه كمان فيه فواكه من اللي بتحبوها وحلويات كمان، انا عارفة هيكون صعب أنه يخرج خلال الأيام دي، فعملت حسابي في كل حاجة 


فاقت جنى من تأملها على. حديث سمر فاستدارت ترمقها متمتمة باستهجان:


-شكل العلاقة بينك وبين جاسر كويسة لدرجة تشيلي التكليف وتقولي جاسر


اقتربت سمر مبتسمة حتى وصلت إلى وقوفها تطالعها بعيونًا سعيدة


-وشكل مدام جنى غيورة جدا لدرجة متكلمتش معايا طول الطريق ، نظرات بس عايزة تولع فيا 


اجابتها باقتضاب وفم مزمزم


-وبينا ايه علشان نتكلم ، وبعدين انت مش شايفة أنه راجل ويستاهل اغير عليه 


هزت سمر رأسها بالنفي 


-لا مالكيش حق تغيري عليه، لانه مش محتاج 


-نعم !! قالتها غاضبة وتابعت مزمجرة


-انا معرفش طبيعة العلاقة بينك وبينه ايه، بس اللي متأكدة منه مفيش ست محترمة تصاحب راجل 


اقتربت سمر إلى أن وصلت إليها ولم يفصل بينهما شيئا فتحدثت بخفوت 


-انا قصدي ميتغرش عليه لأنه مش شايف غيرك، يعني لو نزلت نجمة من السما عنده جنى دي اجمل نجمته ، فبلاش تخافي من حد، وثقي في حبه لو اتعرضت عليه الستات اد حبات الرمل مش هيشوف غير اللي قلبه بيحبها 


-رغم أن كلماتها راقت إلى جنى ولكنها استدارت ترمقها


-إنتِ عايزة ايه بالظبط، عمال تلفي وتدوري على ايه 


ربتت سمر على كتفها 


-مش عايزة حاجة ، عايزة اكدلك متخافيش مني ، انا بعتبر جاسر اخ مش اكتر وانا بحب ابن عمي ياستي علشان قلبك يطمن 


نكست رأسها أسفا وهتفت معتذرة


-آسفة ممكن مضايقة علشان توقعت أنه يكون موجود متزعليش 


أشارت إليها بالجلوس 


-طيب اقعدي هجبلك حاجة تاكليها لحد ماجوزك يجي 


هزت جنى رأسها رافضة الطعام


-لا أنا هستناه، تحركت سمر وجلبت إليها بعض العصائر


-طيب اشربي العصير دا علشان تروقي 


رفعت عيناها تنظر ملامحها فابتسمت لها 


-إنتِ جميلة قوي. ياسر


جلست سمر تشير إلى نفسها متصنعة الذهول 


-أنا جميلة ..ربنا يجبر بخاطرك ، لما انا جميلة يبقى انت ايه ، دا إنت احلى من الصور بكتير 


-الصور!!..قالتها جنى ..اومأت سمر وهي ترتشف العصير 


-اه كان دايما حضرة الظابط يقعد يجيب صورك ويتفرج عليهم وفي مرة ورهملي 


لمعت عيناها بعشق وارتفعت نبضات قلبها باسمه، وارتجفت شفتيها تهمس اسمه


-"جاسر"!! 


-أيوة ياختي جاسر هو دا 


نهضت قائلة أنا لازم ارجع وانت حاولي ترتاحي لحد مايرجع ماتخفيش الساحل دا خاص. وعليه رقابة مشددة ممنوع حد يدخل ولا يخرج منه بسهولة، ودا شوفتيه واحنا داخلين لولا كارنيه راكان باشا وحياتك ماكنا دخلنا 


تسائلت جنى بعدما ذكرتها


-ليه راكان مش جاسر..جمعت اشيائها ثم نظرت إليها تجيبها:


-علشان مينفعش جاسر يظهر بصورته الحقيقة، على فكرة الشاطئ دا تبع القوات الجوية يعني مش اي حد يدخله 


-سمر !! استدارت منتظرة حديثها نهضت جنى من مكانها متسائلة:


-هي سمارة حلوة زيك كدا 


-الصراحة يااستاذة جنى هي احسن، بس الاحسن منها بكتير أنتِ والاجمل من الجمال العشق اللي بينكم، سمارة دي ولا تحطيها في بالك أبدًا، دا غريب مجننها كفاية بس تقريره الطبي اللي مخليها تلف على أطباء مصر كلهم 


-تقرير ايه..فتحت باب الشالية وغمزت إليها 


-دا حضرة الظابط يحكيهولك ..سلام 


نهضت من مكانها وتحركت تتجول بالشاليه الذي كان يكون من مطبخ وحمام وغرفة وحيدة بالأسفل، وبالاعلى غرفة بحمامها بدرج بمنتصف الشالية، صعدت تحمل حقيبة ثيابها التي ابتاعتها وتركت تلك التي تحتوي على اشياءً أخرى..توقفت تنظر لذاك الفراش الدائري الموجود بمنتصف، الغرفة اقتربت منه تجذب كنزة زوجها وتستنشق رائحته بوله ، وضعت حقيبتها وأخرجت هاتفها لتهاتف عمها 


-ألو ..هب جواد من مقعده 


-إنتِ فين ياجنى


ابتلعت ريقها بصعوبة وارتجفت شفتيها عندما ثقل لسانها بالحديث..لحظات صمت حتى شعر جواد بتوقف تنفسه، فحاول الهدوء متحدثًا


-حبيبتي أنتِ مع جاسر 


-عمو جواد انا آسفة، هو قالي تعاليلي ولسة متقبلناش لحد دلوقتي ، انا في شالية ملك لراكان البنداري متخافش عليا 


-جنى لازم ترجعي فورا، حبيبتي غلط وجودك هناك كدا بتعرضي حياة جاسر للخطر 


انسابت عبراتها وهمست بتقطع 


-عمو جواد انا حامل وجاسر لازم يعرف 


-ايه..حامل ..هزت رأسها وكثرت عبراتها، هوى جواد على مقعده، فهو لم يفكر بشيئا كهذا ..ارجع خصلاته للخلف بعنف بحركة تنم عن مدى وصوله للعجز عن التفكير ..حاول لمام نفسه ليخرجها من ذاك المأزق ..


تحدث بهدوء


-من زمان ياعمو، بقالك قد ايه 


-تلات شهور 


أطبق على جفنيه وهنا فقد عقله الذي توقف عن الرد، فهتف :


-طيب ياجنى هكلمك بعدين متقفليش تليفونك مهما حصل ، وانا هتصرف وأشوف هعمل ايه !!                   جلس يحتوي رأسه بين راحتيه محاولا الوصول لشيئا، توقف بعدما وصل إلى سفر جنى بتلك المدة إلى الفيوم بعيدًا عن الأعين إلى أن ينتهي جاسر بما يفعله



      الفصل الثالث والاربعون ج2 من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات