الفصل الثاني والثلاثون 32
بقلم نورا عبدالعزيز
___ بعنــــوان " هزمه العشق" ___
أبتعد "غفران" عنها وأستلقي على الفراش بعد أن ضغط على زر الريموت الإلكتروني يفتح الأضواء بالغرفة، تنهدت "قُسم" بتعب فى جميع أطراف جسدها وجلست على الفراش ترتدي الروب على جسدها الناعم وحملت كوب العصير الموجود على الكمودو بجوار الفراش، أشعل سيجارته الموجودة بين شفتيه فتأففت "قُسم" بضيق من تصرفه وقالت بخنق:-
_ غفران أنت عارف أن السجاير غلط على البيبي وعليا
نزلت من الفراش غاضبة جدًا، نظر "غفران" على كوب العصير الذي أرتشفت أكثر من نصفه فسأل بقلق:-
_ هو إحنا مش أتكلمنا فى موضوع البيبي دا
ألتفت إليه بتذمر ووجه عابس من نفس الحديث وقالت:-
_ يا غفران قُلتلك مش هقتل أبني بأيدي مستحيل يطاوعني قلبي أو يوافقني عقلي أن أعمل كدة
وضع سيجارته جانبًا وترجل من الفراش يلتف إليها بينما يقول بجدية صارمة مُتجهٍ إليها:-
_ يعنى هو لو كان نزل لوحده كنتِ هتعملى كدة؟
نظرت إليه وهو يقف أمامها بصدره العاري يحملق بها بوجه حاد وصارم فأجابته بثقة كبيرة:-
_ لا، كنت هقول قضاء وقدر، ربنا عايز كدة وهيعوضني لكن ميبقاش جوايا حي وأنا أقتله فرق كبير بين الأثنين، أزاى عايزني أكون أم وأنا مستحملش عشانه شوية تعب وأعافر عشانه، أنا وعدتك أنى مش هقوم من سريري ولا هتحرك كتير ومستعدة أنى أقضي التسع شهور دول فى بيتي مخرجش برا، هأخد علاجي اللى هيقوله الدكتور وهنفذ كلامك أنت والدكتور بالحرف لكن متحكمش عليه بالموت من غير حتى ما نحاول
أخذ وجهها بين راحتي يديه ونظر بعينيها الباكيتين ورجفة جسدها ثم قال بنبرة هادئة:-
_ عشان خاطري يا قُسم، أنا معنديش استعداد أجازف بحياتك، أقسم بالله ما هعرف أعيش من غيرك
بدأت رؤيتها تشوش وتشعر بخمول فى جسدها من تأثير المنوم فقالت بنبرة خافتة:-
_ وأنا عمري ما هسامح نفسي لو خسرته بالطريقة دى يا غفران
رغبتها الشديدة فى النوم تزداد حتى هزت رأسها بقوة تحاول أن تسيطر على ضعفها وهزيمتها أمامه لتسقط بين ذراعيه غائبة عن الوعي فتشبث بها بأحكام بعد أن ذهبت فى رحلة نوم طويلة، أنحني بلطف كى يحملها على ذراعيه ووضعها بالفراش بلطف ثم وضع الغطاء عليها وظل ينظر إلى وجهها الملاكي ويمسح بيديه على رأسها بحنان حائرٍ بين قلبه الذي يعشقها بجنون ويخشي غضبها وحزنها عندما تعلم بجريمته وعقله الحازم فى تفكيره فإذا طلب الطبيب الإجهاض فهو ليس بجريمة، بل إنقاذ لحياتها ...
__________________________
[[ شــــركــــة اللــــؤلــــؤ ]]
دلفت "رزان" إلى المكتب فوجدت "نورهان" تقف جوار مكتبها ترتدي سترتها لكي تغادر المكتب، تبسمت "رزان" بخفة وقالت:-
_ خدت لحضرتك ميعاد مع دكتور روبرت
ألتفت إليها بحماس وقالت:-
_ كويس عايزة أطمن على غفران من ساعة ما عرفت وأنا مش قادرة أتخيل يا رزان ابني وصل للمرحلة دى أزاى وكان بيعاني قد أي وهو مش قادر يشوف ويميز اللى قدمه، فهمت ليه عُمر كان طول الوقت ملازمه زى ظله
تحولت نبرتها من الحماس إلى الألم والحزن الذي يفتك بقلبها على طفلها، خرجت من المكتب مع "رزان" التى قالت بلطف:-
_ اللى حضرتك أمرتي به حصل، طلعنا 3 مليون صدقة للمحتاجين وكمان بعت حولى 10 ملايين شيكات لكل الجميعات الخيرية ووزعنا 10 آلاف وجبة ورجالتنا بحثوا عن اللى محتاجين علاج أو على قايمة أنتظار الجراحات وطلبنا من المستشفي تستقبلهم وتقوم باللازمة
تنهدت "نورهان" بأريحية مما تسمعه وهى تتذكر جملة "عُمر" الذي صرخ بها ( هترشي مين المرة دي)، لم تقوى على تحمل مرض ابنها فصعدت لسيارتها مُستمعة إلى صوت "رزان" التى تخبرها عن المرض وكيف لا يمكن لأبنها تميز الوجوه ولا معرفة هواية الشخص الواقف أمامه لكنه يستطيع التمييز بين الأصوات والألوان والرؤية طبيعيًا بخلاف الوجوه فدمعت عينيها بإشفاق وحزن يجتاح قلبها على حال ابنها وخصيصًا بعد أن علمت بإنها السبب فى كل هذا..
قاطع شرودها صوت "رزان" تقول:-
_ أعمل أى مع والد كندا؟ أكمل أجراءات القرض معاه ولا لا
تذكرت "كندا" ووفأتها لتقول:-
_ لا، أوقفي القرض وهو يصرف أموره بنفسه اللى أنا عايزاه خدته وخلص الموضوع
أومأت إليها بنعم ونظرت إلى الأمام فى هدوء مُلتزمة الصمت من طرفها فشردت "نورهان" بعد أن تسببت بمقتل "كندا" عمدًا، لطالما تخلصت من أى شيء يسبب الإزعاج لها، فقط تحملت "كندا" طيلة السنوات السابقة لأجل "غفران" وحُبه لها لكن بعد أن تخلي عنها كان التخلى بمثابة إصدار أمر أعدامها من طرف أمه، تحملت غلاظتها بقدر المُستطاع وبعد أن وقع ابنها فى عشق الأخرى أمرت بالتخلص منها، أنتقمت لكل لحظة أستفزتها بها "كندا" وكل مرة كانت تنتصر عليها بفضل زوجها الحاد، تنهدت بأريحية وهى لا تشعر بأى ندم فى قتل إنسانة وسلب روحها قهرًا، كانت "نورهان" تحمل بين طياتها جبروت لا مثيل له فى قلب امرأة من قبل، برود وكأن قلبها لا يُشعر بأى مشاعر عاطفية ...
________________________
[[ قصـــر الحــديــدي ]]
فتحت "قُسم" عينيها بتعب شديد وهى تشعر بألم فى نصفها السفلي، خرجت منها صرخة خافتة مؤلمة وهى تحاول الجلوس لتجد نفسها فى فراشها بالغرفة و"همس" بجوارها تشعل المبخرة العطرية فى الغرفة ووجدت بيدها الكانولا المُتصلة بالمحلول الطبي، نظرت حولها وهى لا تفهم شيء فسألت بتعب:-
_ أاااه، هو حصل أى؟
_ حضرتكِ تعبتي ومسيو غفران جابلك الدكتور
قالتها بهدوء بينما تقترب أكثر نحوها تساعدها فى الجلوس لتتذكر ما حدث جيدًا فلم تتذكر أنها شعرت بأى ألم فسألت باستغراب شديد:-
_ أنا مش فاكرة أنى حسيت بأى تعب!!
أعتدلت فى جلستها وهى حائرة فى التفكير حتى وقع نظرها على الأدوية الموجودة بجانبها والمحلول وألم جسدها لتفزع مما ترجمه عقلها وقالت بتلعثم:-
_ معقول أكون خسرته؟
_ الطفل!! أنا سمعت الممرضة بتقول أنها عملية إجهاض
قالتها ببرود بينما تقترب من "قُسم" التى صرخت بهلع شديد وهى تفهم أن كل ما حدث من تخطيط زوجها ولم يترك لها الخيار فقد أجرى لها الجراحة بدون علمها فصرخت بهلع وهى تترجل من الفراش فسقطت أرضًا وقدميها الضعفتين لم يقو على حملها أكثر من ذلك، وضعت يدها بحزن شديد أسفل بطنها وذرفت الدموع من عينيها بأنهيار شديد وبدأت ترتجف بفزع من هول الصدمة وجبروت زوجها الذي أحبته والآن شعرت بأنها لم تتخلص من "حازم" سوى للوقوع فى الأسوء ، وقفت من مكانها بصعوبة ونزعت الكانولا عن يدها بقسوة فلم يؤلمها شيء بقدر ألم فقدها لطفلها بالأكراه وخيانة زوجها لها وكأنها دمية يتحكم بها كما يُريد، خرجت من الغرفة غاضبة مُتألمة ويجتاحها دوامة قاسية من المشاعر المُميتة لها ولعقلها، تبحث عنه وهى تتكئ بيدها على الحائط والدرابزين وبكل خطوة كان عقلها يفتت جزءًا منها بعد فعلته، تألمت بغصة قوية فتوقفت بصرخة مكتومة وتمتمت بعدم تصديق لما تفكر به:-
_ لا ، مستحيل غفران يعمل كدة فيا
ضحكت "نورهان" التى كانت تقف على حافة الدرج ترمقها بذهول فنظرت "قُسم" لها بصمت والقهرة هى التى تستحوذ عليها فى هذه اللحظة، أقتربت "نورهان" منها بهدوء ثم قالت:-
_ لا، غفران يعملها
أحتدت عيني "قُسم" وهى تكز على أسنانها بقوة وجسدها منحني للأمام بهدوء فتابعت الحديث:-
_ لو عملها بجد هيبقي أخر ما بينا، لأني مش جارية عنده
أقتربت "نورهان" من مكانها بهدوء ثم قالت بلطف:-
_ لو عقله فهو أكيد هيقرر يعملها لكن تعرفي غفران ميعملهاش ليه، عشان بيحب
_ بيحب يخدرني ويقتل ابني من غير ما يعرفني، أنا لو حيوانة عنده كان أهتم يسألني
قالتها بعناد شديد والغضب هو ما سيطر عليها، وصلت "نورهان" أمامها فى هدوء تلمس وجنتها ثم قالت:-
_ أنا بحسدك لأنكِ عند ابنى أغلى مني أنا أمه بكثير
نظرت "قُسم" إليها بأندهاش قوي، لم تتمكن من الجواب عليها فأى حسد هذا حين يقتل زوجها ابنهما قبل أن يولد بدون علم والدته، كادت أن تتحدث بصعوبة لكنها سمعت صراخ " غفران" من الخلف يقول:-
_ إنتِ أيه اللى جابك هنا؟
نظروا الأثنتين عليه لتراه "نورهان" يصعد الدرج مُسرعًا الغضب يتملكه كالثور الهائج، نظرت "قُسم" إليه بسخط والحقد يطرق أبواب قلبها، أقترب منهن وأخذ يد "قُسم" فى راحة يده ليُصدم عندما سحبت يدها بقوة منه مُشمئزة من لمسته فظل يرمقها بأندهاش قاتل، ألتف ينظر إلى والدته بضيق شديد ثم قال:-
_ مين اللى سمح لكِ تدخلى هنا؟
_ كفاياك عناد ومكابرة يا غفران، أنت محتاجني
قالتها بحدة صارمة ليصرخ بوجهها غاضبٍ الآن توصلت أنه بحاجة إليها بسبب عجز عينيه:-
_ محتاجلك، إنتِ أخر حد على وجه الأرض ممكن اكون محتاج له
أحتدت عينيه بغضب سافر من طريقته وكرهه لها كأنها عدوة له فصرخت بانفعال شديد قائلة:-
_ ليه؟ عدوتك !!، أنا أمك
_ أمي ، إنتِ أكبر عدوة ليا وأنا مبكرهش قدك، صعبان عليكِ أوى حالي .... ما إنتِ السبب فيه
قالها بصراخ ثم رفع سبابته فى وجهها بتهديد صريح وواضح قائلًا:-
_ أبعدي عني وعن مراتي وابني... لو فكرتي تقربي لقُسم أو اللى فى بطني مرة تانية هنسي أنكِ حتى عدوتي
رمقته "قُسم" بأندهاش من كلمته ونظرت إلى الأسفل ويدها تلمس بطنها فهل ما زال طفلها موجود حقًا؟ وإذا كان موجود فما سبب ألم جسدها التى لم تتحمله ؟، دمعت عيني "نورهان" لأول مرة أمامه وهى لا تصدق أنها سبب عجزه وعمى عينيه فتحدثت بنبرة خافتة قائلة:-
_ أنا السبب؟
_ روحي أرجعي للماضي وإنتِ تعرفي
قالها وألتف إلى زوجته فأنحني قليلًا يحملها على ذراعيه وأتجه بها للغرفة من جديد ، وضعها بالفراش برفق وعينيه على وشك البكاء من قسوته على والدته والكره الذي بينهما يمزقه من الداخل لأشلاء، رمقته "قُسم" بصمت بينما هو يضع الغطاء عليها بلطف فمسكت يده بلطف حتى رفع نظره بها ولأول مرة ترى إنكساره وحسرته يحتلان وجهه، جذبته لكي يجلس أمامها وقالت:-
_ ممكن أتكلم معاكِ
_ أتكلمي يا قُسم لكن متقوميش من سريركِ تاني، لأن عنادك وتنشيف دماغك حكمه عليكِ تكوني سجينة سريرك 9 شهور
قالها بتحذير لتبتسم مُتناسية نوبة الصراع التى عاشت بها من قليل وقالت:-
_ أنت جبتلي دكتور
_ هتصدقي أني كُنت على وشك خسارتك للأبد بعقلي الغبي
قالها بحيرة فنظرت إليه بتوتر خائفة من البوح القادم نحوها ليتابع حديثه بجدية قائلًا:-
_جبتلك دكتور ينزل البيبي
أتسعت عينيها على مصراعيها وترك يده التى أحتضنتها بأريحية وحنية من قليلًا ليبتسم بلطف وقال:-
_ ودا اللى منعني يا قُسم، إنكِ غير الكل وإنك مش هتقبلي بتحكمي فيكِ لدرجة دى حتى لو كان لمصلحتك ولأني خايفة على صحتك ومش عايز أخسرك، هترمي حُبي ليكِ وخوفي عليكِ وقلقي اللى هيموتني عليكِ من الرعب وأنا عارف أن الحمل دا عامل زى القنبلة المُميتة جواكِ ... هترمي كل حاجة حلوة أنا عملتها عشانك وسجني لحازم وعملية أبوكِ وكل حاجة وهتسيبني لو عملت كدة، لأنك غير كل البنات عمرك ما هتقبلي بواحد يتحكم فيكِ ولا يلغي شخصيتك وقرارك ودا اللى خلاني طردت الدكتور قبل ما يعمل العملية لأني مستحملتش فكرة الكره منكِ
كانت تستمع إليه وعينيها تتجول بين عينيه فى صمت، قرب يده من يديها من جديدة ثم أخذهما بلطف فى راحتيه يضمها بحنان خائفٍ أن ترفض لمسته لكنها قبلت بصمتها وعدم مقاومتها له، ليشد يديه على هذا العناق ورفع عينيه بها من جديد لتبتسم فى وجهه وقالت بخفة:-
_ أنا مبسوطة بالحُب دا يا غفران
كانت تصف له مشاعرها التى لن يراها فى وجهها بسبب عجزه وكأنها ترفض أن تُشعره بأى نقص ليبتسم هو الأخر حين رفعت يدها تلمس وجنته مداعبة شعيرات لحيته الكثيفة ثم أقتربت أكثر لتضع قبلة على وجنته دافئة تأسره بسحر دفئها ورقتها، أغمض عينيه بسعادة مُستسلمٍ لهذا الشعور الناعم الذي لا يشعر به سوى بين أحضانها ، رفعت يدها تمررها على عينيه الحزينتين حتى تساقطت هذه الدمعة الأسيرة عن جفنيه فتمتمت "قُسم" بنبرة خافتة تقول:-
_ أنا معاكِ يا غفران مهما يحصل وبحبك زى ما أنت ومش هسيبك أبدًا
_ حتى لو بقيت أعمي
قالها بتردد وخوف يتملكه من هذه الجراحة التى تحدث عنها طبيبه فقالت بلطف وهى تقترب أكثر منه حتى باتت مُلتصق به وتشعر بأنفاسه الدافئة، تحدثت بنبرة خافتة دافئة:-
_ ومستحيل يبعدني عنكَ حتى الموت، لأن حتى بعد موتي هفضل أحبك
ضمها بقوة إليه يسكتها رافضًا حديثها عن الموت وهذا الفراق المُخيف، تشبثت "قُسم"به بكل قوتها ولأول مرة تسمع صوت بكاءه من الخوف الذي بداخله فكونه مُصاب بعمى الوجوه كان مُرعب ومُرهق جدًا له فماذا إذا فقد بصره تمامًا ؟، ظل على هذا الحال حتى غاص فى نومه بين ذراعيها لتتطلع بوجهه وهى لا تُصدق بأن هذا الملاك، الرجل الذي بوجه طفولي برئ الباكي هو نفسه هذا الرجل الذي يخشاه الجميع ويتصارع مع والدته بكل قوته ويمحي من يجرأ علي رفع نظره به، مسحت على رأسه بلطف ورفعت رأسه عن ذراعها لتضعها على الوسادة ثم تسللت من الفراش لتتركه ينام بأريحية أكثر، جلست فى الصالون الموجود بالطابق الثاني خارج الغرف ومُطل على الحديقة، أتصلت بوالدتها تتحدث معها وقالت:-
_ الحمد لله يا ماما، طمنوني أنتوا عنكم؟ عاملين اي؟
_ بخير الحمد لله
قالتها "صفية" بنبرة خافتة مما جعل "قُسم" تشعر بشيء غامض فسألت عن أخاها قائلة:-
_ وقاسم عامل أى؟ وأخبار الإمتحانات معاه اى؟
_ الحمد لله
حكت "قُسم" ذقنها بحيرة من حديثها والدتها وردودها القصيرة المقتصرة على السؤال فقط فتحدثت بحيرةأكثر:-
_ مالكِ يا ماما إنتِ تعبانة ولا حاجة؟
قالتها "قُسم" بقلق شديد على والدتها الهادئة فأجابتها "صفية" بهدوء قائلة:-
_ لا يا حبيبتي مفيش سلامتك
شعرت بأن والدتها تخفي عنها شيء لتقول بجدية:-
_ طيب يا ماما، أنا بس كُنت بطمن عليكم
أنهي الحديث مع والدتها حائرة فى هذا البرود واللامبالاة، ألتفت "صفية" إلي زوجها الجالس بجوارها وقالت:-
_ مقولتلهاش أهو
وقفت من جوار زوجها غاضبة ليستوقفها صوت "جميل" يقول:-
_ لأن دا الصح يا أم قاسم، قُسم دلوقت متجوزة من راجل كبير تفتكر لما تروحي تقولولها أننا مديونة وأن البنك بعت إنذار عشان الأقساط اللى مدفعتش مش هتقول لجوزها أو حتى تطلب منه مساعدة، أنا مش عايزة جوز بنتي يحس أنى بستغله بأى طريقة حتى لو كانت صغيرة كفاية أنه دفع تكاليف عمليتي
أستدارت "صفية" إليه ببرود شديد ثم قالت بغلاظة:-
_ وتفتكر بقي أن قُسم كدة هتسكت مثلًا، دى بنتي وإنتِ متعرفش هى عنيدة قد أي ؟ ولا الفضول لما يأكلها بتعمل أى؟ وأنا بقولك انها حست أنى مخبية عنها حاجة وهتعرفها يا جميل ، دى بنتي وواخد العناد منكَ
_ قُسم شالت كتير من ساعة ما تعبت وكفاية أوى اللى هى شالته مكاني، أوعي تفتحي بوقك معاها وأن شاء الله ربنا هيفرجها وهتتحل
قالها بنبرة تحذيرية لزوجته ثم وجه نظر إلى "قاسم" الذي حملق به بتوتر شديد وقال بخوف:-
_ أنا ماليش دعوة
ضحكت "صفية" بسخرية على رده فهي خير معرفة بعلاقته بأخته فقالت بتهكم شديد:-
_ مالكش دعوة دعوة، دا أنتَ تجيبك بدور ماتش
نظر "جميل" إلى ابنه بقلق من قُربه الشديد من أخته فلن يخفى عنها سرًا فأبتلع "قاسم" لعابه بقلق وقال بأرتباك شديد:-
_ محصلش والله، بتضحك عليك
_ لما نشوف
قالها "جميل" بهدوء ثم وقف كي يدخل إلى غرفته وجلس على حتفة الفراش بقلق من هذا الحمل الذي يثقل على عاتقه، أخذ دواءه بتعب مُنهكًا ......
__________________________
[[ أستراليا ]]
جلست "تيا" فى الأرض جاثية على ركبتيها تلعب مع قطتها البيضاء بعفو حتى سمعت صوته من الخلف يقول:-
_ صباح الخير
توقفت عما تفعله وهى تعرف صوته جدًا ثم وقفت تلتف إليه بهدوء ووقار شديد، رمقته بهدوء ثم ألتفت إلى موظفتها وقالت بلهجتها الأنجليزية:-
_ تعالي شوفي هو عايز أى
تركته ببرود شديد مُتجاهلة وجوده ليبتسم "جلال"على طريقتها وأشترى باقة من الورود وتركت العنوان على البطاقة عنوان محلها ثم رحل من جديد، دلفت العاملة بنفس الباقة مرة أخرى وقدمتها إليها فضحكت "تيا" بغرور على هذا الرجل وقالت:-
_ غريب أمركم يا رجالة
أخذت البطاقة لتراه كُتب لها رسالة من جديد محتواها ( يعجبني كونك صعبة المنال لكني صبور جدًا، أنا راقبتك لمدة 8 شهور من غير ما أنطق بكلمة فأنا صبور جدًا )
ضحكت أكثر على كلماته فهل يراقبها منذ قدومها إلى أستراليا لتبتسم بعفوية ووضعت البطاقة فى أحد الأدراج من جديد وأغلقته ووضعت الباقة فى أحد أركان مكتبها ....
_________________________
[[ شركة اللؤلؤ ]]
جلس "داغر" أمام "نورهان" على مكتبها وهو يمضي على العقود وينقل ملكية الأسهم التى أشتراها "عفيفي" من شركة "غفران" بالخبث، كانت ترمقه بانتصار فكيف توقع هو أبنه ان يقفوا ضدها هى و ابنها كأنهما يجهلان من هى "نورهان" ؟، نظرت إلى "رزان" ببسمة خبيثة ثم أخذ المحامي العقود منه وقال بجدية:-
_ كدة كله تمام
_ أنا وفيت باللى ليا والدور عليكِ توفي
قالها "داغر" بأنكسار وهى تمسكه بأحكام من رقبة ابنه "عفيفي" ثم قالت:-
_ لسه باقي حاجة واحدة بس
رفع "داغر" حاجبه بتساؤل عن الشيء الباقي وهى لم تطلب منه شيء أخر فقالت:-
_ ثمن خيانة بنتك وأستغفلها لابني 10 سنين من عمره
_ مش فاهم، قصدك أى؟
قالها بقلق شديد مما ستطلبه مقابل عشر سنوات خيانة من عمر ابنها فقالت بهدوء:-
_ نالا
أتسعت عينيه على مصراعيها وأنقبض قلبه بغصة قوية، هاتفًا بتلعثم:-
_ مالها؟!
_ تتنازل عنها، البنت دى ابنى رباها عشر سنين من عمره وكان أب، وعمل بالكلمة دى خير المعنى وكان أب مثالي ليها أحسن من الواطي ابنك
قالتها "نورهان" بحدة صارمة ثم تابعت بحزم شديد:-
_ نالا مكتوب على اسم ابني وهتفضل بنته وحذاري تفكر تقرب منها
_ عايزاني أتنازل عن حفيدتي، قوليها بصراحة؟
قالها بتردد مُتلعثمٍ من هول الصدمة بسبب قوتها وجبروتها بينما تطلب منه التنازل عن لحمه، تبسمت "نورهان" بخباثة ثم قالت:-
_ اه ،وبعدين أنا مش عايزاكَ ، أنتَ أصلًا مفيش قصادك خيار، لأني مبخيراكش، أنا بعرفك مع أن أنت قلل بكتير من أن يكون ليك لازمة وتعرف
_ لا، والله كتر خيرك
قالها بسخرية ووقف من محله يقول:-
_ أنا مش هتنازل عن حفيدتي مهما يحصل
_ يبقي بتحكم علي بنتك المرحومة بالفضيحة، وبتعاديني أنا شخصيًا وبتحكم على ابنك بالموت
قالتها بتهديد صريح، أتسعت عينيه على مصراعيها من هول الصدمة وهى تخبره ان ابنه "عفيفي" ما زال حي، سألها بقلق:-
_ هو عايش؟
_ دا على حسب قرارك
هز رأسه بنعم موافقٍ على التخلى عن "نالا" نهائيًا لها ووقع عقد التنازل والحضانة إلى "غفران" لتُشير "نورهان" إلى "رزان" بأن تخبره عن ابنه بعدأن أكد المحامي لها أن الأوراق سالمة ...
أعطته "رزان" عنوان المستشفى الموجود بها "عفيفي" فذهب إلى هناك مُسرعٍ ليجد ابنه على الأجهزة فى غيبوبة دماغية يصارع الموت ليُصدم من الطبيب الذي أخبره أنه سيموت قريبًا ولا أمل له، وبخباثة "نورهان" خسر حفيدته مقابل ابنه الميت على الأجهزة ....
_________________________
[[ قصر الحــديــدي ]]
ترجلت "قُسم" من الأعلى مُرتدية فستان أزرق اللون بأكمام وطويل على حذاء رياضي أبيض اللون، أتسعت أعين "فاتن" حين رأتها على وشك مغادرة القصر لتستوقفها قائلة:-
_ حضرتك رايحة فين؟
_ رايحة لماما، فى حاجة يا فاتن؟
قالتها بهدوء وهى تضع الهاتف وأغراضها فى الحقيبة الصغيرة وأخرجت مفتاح سيارتها لتعطيه إلى الخادمة توصله إلى "سليم" فقالت "فاتن" بجدية :-
_ الدكتور قالى متنزليش حتى السلم ، لكن حضرتك نزلتي وهتخرجي وهتكوني السبب فى موتنا صح؟
تأففت "قُسم" بضيق من تصرف "فاتن" وقالت بجدية:-
_ فاتن أنا رايحة لماما ومحدش هيمنعني
أكملت طريقها إلى الباب لتجد "سليم" يقف على الباب يعترض طريقها وقبل أن تتحدث سمعت صوت "فاتن" تقول بحدة صارمة:-
_ أنا همنعك
أستدارت "قُسم" لها بدهشة من تجرأها على منعها بالاتفاق مع "سليم" حارسها واتصلت "فاتن" بزوجها بينما تقول:-
_ إحنا أتعاقبنا بما فيه الكفاية من وراء دلعك وعنادك يا مدام قُسم وأنا معنديش أوامر بخروجك
أستقبل "غفران" الأتصال لتقول "فاتن" بجدية:-
_ مسيو غفران، أسفة لإزعاجك لكن مدام قُسم لابسة وعايزة تخرج
صمت "غفران" قليلًا وهو حائرًا بين عناد زوجته التى سمع صوتها فى الهاتف الذي سرقته من "فاتن":-
_ غفران أنا عايزة أروح لماما ضرورى، محتاجة أطمن عليهم وحاسة أنهم مخبيين عليا وعايزة أطمن
تأفف بضيق شديد وهو يعلم أنه لن يستطيع منعها من الخروج طيلة فترة حملها ولن تتحمل السجن الذي فُرض عليها فقال بجدية:-
_ حيرتني معاكِ يا قُسم، أنزله معجبكيش، تقعدي فى السرير مش عاجبك أعملك أى عشان مبقاش رجل متسلط وبتحكم فيك ها ... أعملى اللى عايزاه يا قُسم لأن فى الأول والأخر أنا اللى هبقي غلط وقاسي وظالم وبستقوى عليكِ
أغلق الهاتف دون أن يهتم لجوابها وقد فاض به الأمر، عاد ليكمل عمله من جديد منغمسٍ فى ضغوطاته ودلف "عُمر" إليه يقدم له بعض الأوراق عن الشخصيات التى سيقابلها فى الأجتماع بعد ساعة حتى يتمكن من التعرف عليهم وألتف لكي يخرج لكن توقف لوهلة وقال بجدية:-
_ صحيح، فى حاجة مش عارف هى مهمة لحضرتك ولا لا
أجابه "غفران" وعينيه فى الأوراق عالقة بلا مبالاة:-
_ قول يا عُمر وخلاص
_ حازم خرج من السجن أمبارح
قالها بهدوء على عكس "غفران" الذي رفع رأسه بصدمة من هذا الخبر الذي وقع عليه وكأن حياته ينقصها هذا المختل وتذكر أن زوجته خرجت من قصره منذ قليل فأتصل بها ولم يجد جواب مما جعل القلق يطرق أبواب عقله وقلبه فأتصل بـ "سليم" ليُصدم .........
يُتبــــــــــــــــــع .......