عشق لاذع الفصل الخامس والعشرون 25 ج2 بقلم سيلا وليد

          

عشق لاذع

الفصل الخامس والعشرون 25 ج2

بقلم سيلا وليد

بعد فترة صعدت إلى الغرفة..استمعت لصوت المياة بالمرحاض..تنهدت بألم كفيها تنفخ بها، ثم جلست على الفراش وقامت بفتح الكريمات تضعها موضع الحرق 


ذهبت ببصرها لسلاحه الموضوع على الكومودو..ابتسمت تغلق أنبوبة الكريم ثم اتجهت إليه تمسكه قائلة:


-الله دا مسدس حق وحقيقي،  بدأت تكتشفه وتوجه على الحائط كأنها تتدرب عليه ..


أمسكته وبدأت تتلاعب به 


خرج يجفف خصلاته وجدها تتلاعب بسلاحه، ألقى المنشفة 


-ارمي اللي في ايدك ياماما دي مش مصاصة 


وجهته عليه وابتسمت بخبث


-عارفة بيعمل كدا ..قالتها وضغطت على زناده فخرجت طلقته متجه الى الحائط لتخترقه، بجوار وقوفه، هبت تضع كفيها على أذنها تصرخ 


-أنا قتلته قتلته..هرول أوس المتجه لغرفته..أما ذاك الذي تسمر بوقوفه يطالعها بصدمة مع  طرقات على بابه ..هرولت إلى الباب تصرخ 


وهي تردد قتلته، قتلت اخوك 


ضيق أوس عيناه ينظر لياسين مستفهما عن ماحدث


-ارتفعت ضحكات ياسين وهو يلطم كفيه ببعضهما، يشير إليها 


-اعمل ايه متجوز واحدة مجنونة..سحب أوس كم من الهواء يزفره بقوة يسبه بداخله 


-إنت بتضحك يالا..انا قولت ايه اللي حصل يامتخلف ..رمق عاليا بنظرة ساخطة


-ياريتك قتلتيه ..قالها وتحرك للخارج 


توسعت عيناها تنظر إليه بصدمة 


-إنت لسة عايش..خطى إليها بخطى سلحفية ، تراجعت للخلف 


تهز رأسها 


-هتعمل ايه ، استنى بس هفهمك 


حاوط جسدها بينه وبين الحائط، وانحنى يهمس لها بهسيس:


-عارفة لو عملتيها تاني هعملك فيكي ايه يابلقيس، اهتز جسدها من قربه 


تضع كفيها على صدره تبعده 


-ياسين وسع لو سمحت، متفقناش على كدا ..غرز عيناه ببحر عيناها 


-وأنا اتفقت معاكي على ايه ياست بلقيس 


رفعت سبباتها تشير إليه ساخطة 


-احترم نفسك مين بلقيس دي، انحنى يلافحها بأنفاسه متمتم بهمس خشن 


- دي ملكة مملكة سبأ، عرفاها


دفعته بقوة غاضبة بعدما فهمت مايقصده..تراجع بجسده يقهقه عليها ثم استدار يغمز لها 


-هروح اخد شاور يابلقيس، واتوضا تاني شكل وضوئي ضاع 


ضربت أقدامها بالأرض 


-بارد ودمك تقيل 


بإحدى القصور العصرية ..نهضت من مكانها تبحث عن قطتها 


-شيري ..ظلت تتحرك إلى أن خرجت من غرفتها واتجهت تبحث بارجاء القصر ..قابلتها الخادمة،اوقفتها متسائلة:


-شوفتي القطة بتاعي، كان هنا


قاطع سؤالها يعقوب 


- اعدي الطعام لسيدتك 


اومأت الخادمة 


-تحت امرك ياباشا..قالتها الخادمة وتحركت ..اقتربت منه وعيناه تفترس ملامحها الجميلة، لأول مرة يراها بثيابها المنزلية التي تتكون من بنطال فوق الركبة، وكنزة بحمالا رفيعة باللون الاحمر لتظهر بياض بشرتها باستفاضة، ناهيك عن خصلاتها الشقراء المموجة وعيناها التي تشبه موج البحر ..


-فين قطي يايعقوب ..خرج من رسمها بزرقته واقترب 


❈-❈-❈


وبروده المعتاد أشار عليها هو يرمقها بهدوء مستفز 


-ذهب..لم يعد لديه مكانا بيننا 


جحظت عيناها تطالعه بصدمةثم ألقت مابجوفها دفعة واحدة


- انت اللي مالكش مكان جنبي، واتفضل رجعني 


توقف يضع كفوفه بجيب بنطاله وخطى إليها بخطوات متمهله ونظراته تحاصرها


-تريثي عزيزتي، فلدينا متسع من الوقت لأكون بجانبك، وليس بجانبكي فقط، إنما بأحضانكي اتمتع بترياق عشقك وروعة جسدك


تسمر جسدها وكأن اعضائها توقفت عن العمل ..ولم تشعر به حينما حاوطها بذراعه يجذبها بقوة لصدره


-اهدئي ولا تخفي فعيناكي تلقي تعويذة عشقكي حتى لو تصنعتي التدلل، ارجعي لصبيتك عزيزتي واعلمي أنكي بين احضان يعقوبك


ابتلعت لعابها بصعوبة عندما اخترقت رائحته رئتيها، ولفحت أنفاسه عنقها، وزلزت كلماتها كيانه، نزعت نفسها من بين ذراعيه 


-يعقوب انت قولت هتديني وقت، ابعد، وزي ما قولتلك ، مفيش جواز غير لما عمو جواد يكون موجود..قالتها واستدارت سريعا حتى لافح شعرها وجهه، فتوقف مغمض العينين وابتسامة عاشقة تزين ملامحه، مرددًا


-سأنتظر جميلتي، سأنتظر حتى ينفذ الصبر من ضلوعي 


بعد اسبوع عاد جواد بصحبة صهيب والبقية، تحرك متجها لمنزل ابنه 


ولج للداخل ..هرولت إليه ، توقفت على بُعد خطوات منه تطالعه بإشتياق يضرب بعنف قلبها، كأنه حبيبها وليس ابيها، نعم تراه ابيها الروحي الذي تعتبره أكبر مكسب بدنياها بعد والدها واخيها..توقف يطالعها بصمت يرى نظراتها الضائعة النادمة ..طأطأت رأسها للأسفل مبتلعة غصتها 


-أهلا ياعمو، نورت البيت..فتح ذراعيه إليها قائلا: 


-وحشتي عمو ياجنجون..رفعت نظرها وتلاشى جسدها حتى شعرت بأنها ستفقد وعيها حينما فتح ذراعيه 


فهرولت تلقي نفسها بأحضانه وتبكي بشهقات مرتفعة تردد من بين بكائها


-وحشتني اوي ياعمو، أوي 


احتوى وجهها يطبع قبلة أعلى رأسها


-عاملة إيه حبيبة عمو 


ابتسمت من بين بكائها 


-كويسة الحمدلله ، ودلوقتي أحسن بكتير


سحب كفيها متجهًا بها إلى الأريكة، دقائق وخرجت الخادمة بعصيره 


وضع الكوب وعيناه تحاصره ثم تسائل


-عاملة إيه مع جاسر؟!


ابتسمت وأجابته:


-الحمد لله كويسين،  صمتت متسائلة 


-بابا وحشني أوي مش ناوي يرجع 


احتضن كفيها يربت عليهما 


-بابا رجع النهاردة، يومين ولا حاجة يبقى روحي زوريه 


نظرت إليه بسعادة 


-بجد!! يعني هو هيرضى 


هيرضى حبيبتي ، ابدأي إنتِ بس ..


جنى كنت عايز اتكلم معاكي في حاجة 


تطلعت إليه تنتظر حديثه 


قص لها ماصار بتلك الليلة...فركت كفيها تبتعد بنظرها 


-أنا وجاسر كويسين متقلقش،


استمع الى هاتفه فأجاب 


-سيادة العقيد باسم انضرب بالنار يافندم..هب فزعًا من مكانه، متجهًا للخارج، هرولت للخارج خلفه 


-عمو فيه ايه، جاسر كويس..استدار إليها:


-جاسر كويس حبيبتي...أشار على دخوله بسيارته، فاتجه جواد إليه، صعدت إلى غرفتها مع مشروبها، ولجت للداخل وتنهيدات بأنفاسًا ناعمة 


نهضت متحركة تجلس بشرفتها مع موسيقاها المفضلة تتذكر حديث جواد عن مافعلته فيروز..ابتسامة تجلت على محياها هامسة لنفسها


"أعلمك الأدب شوية ياجسور، وبعد كدا أشوف هعمل ايه 


توقفت بالشرفة تتدندن مع أم كلثوم ، وترتشف قهوتها بهدوء


استمعت لخطواته خلفها، استدارت برأسها ثم رجعت مرة أخرى تنظر أمامها وتستمع لأغنيتها، أغلق الاسطوانة واقترب منها 


-ليه مقولتيش لبابا لما سألك 


احتضنت كوبها ومازالت تنظر أمامها، وضع كفيه على كتفها 


-جنى..بكلمك 


ارتشفت قهوتها ثم وضعت الكوب على الطاولة 


-هو أنا قبل كدا كنت اشتكيتك علشان دلوقتي اشتيكك


لفت الفنجان بأناملها تنظر له ثم رفعت نظرها إليه:


-جاسر إنت قبل ماتكون جوزي وقبل ماتكون حبيبي فأنت ابن عمي، مهما نعمل في بعض، بس فيه اللي يربطنا اقوى من أي حاجة..ابتسمت على ذكريات..دُفنت مع مرور الزمن ثم أردفت :


-مينفعش اشتكي من قلبي الا إذا كان قلبي تعبان، فلو تعبان بيروح للدكتور علشان يتعالج ، وللأسف يابن عمي انت قلبي ومينفعش اتعالج منك ..هيكون عيب في حق الحب اللي كان بينا، بلاش نظلم اللي بيحبوا ياجاسر، خلي الحب برئ ، انا ممكن يكون غلطت قبل كدا، بس اتعاقبت ، والعقاب كان قاسي اوي، سواء منك أو من ربنا ، ودلوقتي انت غلطت واكيد هتتعاقب...حررت انفاسًا على دفعات 


الوقت اللي هروح اشكيك فيه ياجاسر، اعرف وقتها إن مبقاش ليك قيمة عندي.


اقترب منها يحتضن كفيها 


-حتى بعد اللي عملته فيكي ..ابتسامة حزينة شقت ثغرها


-حتى بعد اللي عملناه في بعض..قالتها وتوقفت 


-أنا تعبانة وعندي شغل الصبح، اتفقت مع عمو جواد اعمل شغل خاص بيا، وهنزل يوم مع عز ..بعرفك علشان مترجعش تقول ماقولتش ليه، تصبح على خير..تحركت متجهة للخارج فأوقفها 


-جنى ..استدارت منتظرة حديثه، ابتلع ريقه 


-هنفضل بعيد عن بعض لحد إمتى، احنا كدا في حكم المطلقين، هنفضل كدا 


أدمعت عيناها مردفة:


-لحد ماأخد حقي كويس يابن عمي، لازم اكون مرتاحة...متنساش أنا اتخنت مهما كانت حالتك بس اتخنت 


جذب ذراعها بعنف: 


-ليه مُصرة على الجنان دا، ليه مش عايزة تديني فرصة أخيرة وتنسي اللي حصل..قالها وهو يجذبها لأحضانه:


جنى أنا مسامحك في اللي عملتيه، مش قادر على بعدك ..رفع ذقنها يتعمق بالنظر بعيناها 


"بحبك ومش قادر أعيش من غيرك، أغمضت عيناها تنعم بهمساته، ولكنها فاقت من خضم أحاسيسها المختلطة بالحب والوجع ثم دفعته بقوة اذهلته تمسح شفتيها من اقترابه 


-ابعد عني ياجاسر، بدل ماأموت نفسي واريحك وعلى فكرة انت مابقتش تعنيلي، قالتها وتحركت من الغرفة سريعا


الصفحة التالية


الفصل الخامس والعشرون


7


باليوم التالي 


خرجت من غرفتها متجهة للأسفل 


توقف أمامها 


-عندي شغل وهسافر اسكندرية لمدة يومين، طبعا عارفة قصدي ايه 


تحركت للأسفل دون أن تعري إهتمام لحديثه..استمعت لرنين هاتفها 


-روبي حبيبي عاملة ايه وحشتيني


اعتدلت روبي على فراش المشفى 


-جنى أنا هولد بالليل..توقفت على الدرج وارتجف جسدها، حتى شعرت بأن سيقانها لم تعد تحملانها، فجلست بجسدًا خاوي ورغم ماشعرت به إلا أنها ابتسمت :


-ربنا معاكي ياروحي، ويقومك بالسلامة، هبقى عمتو..توقفت عن الحديث ثم هتفت


-عز يعرف ياروبي ..انخرطت بالبكاء تضع كفيها على أحشائها


-أنا خايفة، بابا وماما معايا برة، قولت لازم اكلمك


ابتسمت من بين آلامها وتحدثت 


-هكلملك عز ، بس إياكي تعمليلي رضوى الشربيني يادكتورة، هزعل منك وحياة ربنا، هو عنده اجتماع دلوقتي كان مكلمني من نص ساعة، وصدقيني لو عرف هتلاقيه عندك دلوقتي


أزالت رُبى عبراتها وأردفت :


-خليه يجي ياجنى، مش هدخل العمليات لحد مايجي، لازم يكون معايا..أطلقت جنى ضحكة حزينة 


-والله ياروبي عايزة اضربك على بتعمليه دا، واسكتي انا هعيط يامتخلفة ..ابتسمت ربى بوجع، فتسائلت من بين أوجاعها: 


-فين حبيبي ياجنى عايزة أكلمه ..أرجعت جنى خصلاتها للخلف تتنهد بحزن 


-عرفيه علشان يكون معاكي هو كمان، متزعليش مني مش هقدر أكون موجودة، بلاش الكل هيكون موجود، بس أكيد هجي ازورك علشان ازور حبيب عمتو..


كان يقف خلفها يستمع لحديثها بقلبًا منفطر، اقترب ثم حمحم ، نهضت سريعا متجهة للأسفل تصيح على الخادمة 


-منيرة..وصلت العاملة إليها 


-نعم يامدام..


-اعمليلي جهزي الفطار للبيه، واعمليلي كابتشينو وهاتيه الجنينة


❈-❈-❈


https://rewaiyawhekaya.blogspot.com/2024/05/Laze3.p25-_01111949203.html


تحركت للخارج امسك رسغها 


-رايحة فين..؟!


نظرت أمامها :


-رايحة الجنينة ولا دي ممنوعة،


-اه ممنوعة ..استدارت ترفع عيناها المتألمة إليه 


-طيب ياريت تعرفني حدودي علشان ماتخطهاش ياحضرة الظابط


ضغط على ذراعيها بقوة آلامتها قائلا 


-مالكيش حدود عندي غير أوضة نومك وقلبي وبس  


تنهيدة عميقة تأكل ضلوعها ، ثم رفعت عيناها مقتربة منه، تطالعه لبرهة 


-حاضر ياحضرة الظابط، فيه أوامر تانية، هطلع اوضتي واقفل على نفسي، ومش هخرج غير لما ربنا ياخد روحي، بدل دا هيريحك 


بقلب مهشم وأعين ماتت بها الحياة، اقترب يجذبها من خصرها بقوة وارتدى قناع البرود 


-مفكرة لما تدعي على نفسك هتصعبي عليا،  وأسامحك واخدك في حضني 


فاق الألم حدود الوصف، فاقتربت مثله حتى اختلطت أنفاسهما


-لأ ياحضرة الظابط مش محتاجة اصعب عليك، يمكن تصحى مرة تلاقيني مت مثلا، فبتالي مش مستنية اصعب على حد ..قالتها وتحركت سريعا وعبراتها تدفق عبر وجنتيها لأول تشعر بقهرها منه ..كور قبضته ، وابتلع جمراته الحارقة من كلماتها ثم صعد إليها..دفع الباب وتحرك للداخل 


وجدها تجلس تنظر بشرود


احتضن كفيها ثم رفعهما يلثمهما قائلا 


-آسف، نفسي تسامحيني أوي حبيبي 


-جاسر عايزة ارجع حي الألفي، مبقتش 


عايزة افضل معاك 


اعتدل بعدما وجد عنادها فأردف دون جدال


-لا..اللي عايزك يجيلك..نهضت من مكانها 


-أنا هروح اقعد هناك  لو حسيت نفسي مش مرتاحة هرجع 


بلاش تفكرني غبي ياجنى،  مكانك معايا 


توقفت واقتربت منه 


-بس مش عايزة افضل هنا، هتمشيني ولا اعمل حاجة تزعلك 


وريني أخرك ياست المهندسة قالها وتحرك للخارج أوقفته الخادمة ، فاستدار


-الفطار جاهز ياباشا


ارتدى نظارته 


-طلعيه للمدام وخلي بالك منها كويس، فيه واحدة هتوصل النهاردة اسمها حنان، دي هتكون للمدام بس..أشار بسبباته 


-عينك على المدام لحد ماتيجي مرافقتها إياكي تغيب عنك 


هزت رأسها بالموافقة..فتحرك مغادرا


بعد عدة ساعات، هبطت للأسفل بعدما أخبرتها العاملة


-فيه واحدة اسمها حنان تحت البية جايبها مرافقة لحضرتك 


ضيقت عيناها مرددة 


-مرافقة ليه إن شاءالله..أشارت لها بالخروج ، ثم أمسكت هاتفها :


-يعني ايه مرافقة دي، شايفني طفلة ولا عجوزة ومحتاجة مرافقة 


مسح على خصلاته ، يرجعها للخلف قائلًا


-او يمكن مجنونة وممكن تأذي نفسها 


-تكرم يابن عمي..قالتها وأغلقت الهاتف ثم ألقته بقوة حتى تهشم


تراجعت بجسدها على الفراش تحتضن نفسها داعية الله بسريرتها


-يارب انزع حبه من قلبي..قالتها مطبقة الجفنين وعبراتها تهبط بصمت ..أزالت عبراتها بقوة ونهضت من مكانها ، ثم اتجهت إلى مرحاضها، خرجت بعد دقائق معدودة ثم اتجهت إلى مرحاضها 


ارتدت فستانا باللون البنفسجي، وحجابا باللون الأبيض، ووضعت بعض من اللمسات التجميلية الخفيفة..دلفت مرافقتها مع منيرة 


-مدام جنى دي حنان، حضرتك اتأخرتي فحضرة الظابط قالي اطلعهالك 


ابتسمت لها وحيتها 


-اهلا بيكي حبيبتي ، شكلك صغيرة 


اجابتها حنان: 


-اه لسة آخر سنة في كلية فنون جميلة 


واو فنون جميلة، دي عشقي، قسم ايه 


-ابتسمت حنان واقتربت منها بعد خروج منيرة


-قسم نحت..نظرت لأنعكاس صورتها بالمرآة 


-بس أنا شغالة جنب الجامعة يعني وكدا..توقفت جنى أمامها 


-ربنا يوفقك، لو احتجتي حاجة عرفيني، ووقت ماتكوني فاضية تعلميني فن النحت 


-ياخبر أبيض ..اكيد دا انا ليا الشرف اكيد 


تحركت للأسفل وخلفها حنان متسائلة


-حضرتك خارجة، أصل منيرة فهمتني أن حضرتك مبتخرجيش غير يومين بس 


توقفت على الدرج واستدارت إليها 


-انا نازلة اشتري شوية حاجات، بتحبي الشوبينج 


صمتت حنان ثم تحدثت: 


-معنديش وقت اساسا للشوبينح..ربتت على كتفها 


-من النهاردة هنعمل كل يوم شوبينج ايه رأيك 


صممت تطالعها بإبتسامة لطيفة حتى تركتها جنى متجهة للأسفل 


-منيرة..خرجت منيرة تنظر إليها بأستغراب 


-مدام جنى حضرتك خارجة ولا إيه ..أشارت لها


-هاتي تليفونك، تليفوني اتكسر


أخرجت هاتفها قائلة 


-فيه تليفون في المكتب يامدام ..جذبت الهاتف ثم أشارت لها 


-خدي حنان خليها تفطر، واعمليلي قهوة 


-طيب اعملك حاجة تاكليها، حضرتك مفطرتيش..تحركت للخارج قائلة:


-اعملي اللي بقولك عليه وبطلي رغي يامنيرة..دلفت غرفة مكتبه 


-عاليا اجهزي هعدي عليكي، عايزة اعمل شوبينج ، وحضرة الطاووس عاملي خايف عليا وجايب مرافقة


قهقهت عاليا عليها وهي تضع الأطباق على طاولة الطعام 


-عسلية ياجنجون وانتي بتقولي حضرة الطاووس، والله له حق يموت فيكي يااميرة 


جلست على المقعد ..وبشق الأنفس استطاعت أن تتحكم في دموعها ثم أجابتها 


-وأنا بعشقه ياعاليا، وبدعي له في كل صلاة ربنا ينزع حبه من قلبي 


-ليه بس حبيبتي ، مش قولنا هنرجعه راكع ايه اللي حصل تاني 


سحبت نفسًا عندما شعرت بإنسحاب أنفاسها 


-بعدين ياعاليا ..اجهزي علشان شوية ونتقابل ..هو ياسين عندك 


قهقهت عاليا: 


-طفشته ياجنجون، فرحانة فيه اوي والله..ابتسمت جنى قائلة 


-مجنونة والله يابنتي ابن عمي له الجنة ..هقفل بقى سلام 


عند جاسر بمكتبه يضع بعض الصور المتعلقة بالقضية أمامه 


-جاسر الواد دا خطر اوي، وأيده طايلة 


رجع بجسده للخلف:


-بس طبعا مش طايلة زي الشرطة ..يعني إيه تسائل بها معاذ


توقف متجها لمبرد المياه وجلب كوب يرتشفه ثم اتجه لصديقه:


-لازم نوقع الشلة دي في بعض، ولو واحد وقع هنوصل للي عايزينه


نهض معاذ، وتسائل 


-برضو مش فاهم ..جلس يشعل سيجاره وهتف:


-يعني احنا عارفين ميعاد تسليم الشحنة، وطبعا هنقبس عليهم ونقول لواحد منهم بعد مانطفشه هو اللي بلغ، بالتالي مش هيسكتوا في حين حد يكون مراقب 


هز رأسه قائلا 


-برافو ياحضرة الظابط..بتر حديثه متسائلا 


-العقيد باسم عامل ايه النهاردة..جمع جاسر أوراقه يضع على مكتبه بتريبها المنسق ثم أجابها 


-هيروح النهاردة إن شاءالله..الحمد لله الطلقة ماأصابتش الأعضاء الحيوية 


-الحمد لله تمتم بها معاذ، ثم تحدث:


-يادوب هبعت للراحل بتاعنا ونشوف هنتحرك إمتى


الصفحة التالية


الفصل الخامس والعشرون


8


بعد عدة أيام 


دفع الباب وولج إليها وغضبه الضاري يريد إحراق مايقابله 


-انتِ كلمتي بابا علشان تروحي حي الألفي ..نظرت للأسفل تومئ له 


-عايزة اشوف بابا وكمان ابن اخويا مش من حقي..اصابه الجنون فاقترب يضغط على فكيها بقوة آلامتها 


-لو ناوية على حاجة صدقيني مش هرحمك سمعتيني، جذبها بقوة حتى ارتطدمت بصدره 


-طلاق دا موتي ياجنى، حطيها حلقة في ودنك، اعرفي يوم طلاقك هتاخدي شهادة وفاتي معاكي ..ضغط على خصرها بغضب والغيرة تعمي بصره وبصيرته ، فكأنها تحولت لنيران تحرق أحشائه، فدنى يقبلها ويرتوي من شهد رحيقها الذي اُمتنع عنه أكثر من شهًرا 


ظل يسبح بعسل ريحقها الذي مهما اقتنص منه لم يصل لنهايته، فيالها من روح تعذب بعذاب الحبيب ، فصل قبلته يمرر أنامله على شفتيها بعنف 


-قدرك قدري يابنت عمي، خليكي متأكدة من كدة، اجهزي علشان عز وجواد تحت، إياكي تقربي منه 


كانت تستمع إلى كلماته التي كانت كالجمرات تلهم صدرها، من هذا بحق السماء..تحرك للأسفل وكأنه يتحرك فوق نيران غضبه، فكلما تذكر اتصال والده يصابه الجنون 


قامت بتغير ثيابها لفستان من اللون الأبيض يزركش بالورود الوردية، وحجابًا بنفس اللون، نظرت لنفسها بالمرآة وابتسامة خبيثة تجلت على ملامحها 


-غيران ياجسور، طيب والله لأخلي الغيرة تولع فيك، اصبر ياجاسر ، أمسكت أحمر الشفاه اللامع ووضعته فأصبحت ملفتة بطريقة تزهل العقول


هبطت الدرج بخطواتها الأنثوية الهادئة  كان يجلس يواليها ظهره ولكن لخطواتها إيقاع موسيقي على قلبه 


توقفت أمامهم 


-مساء الخير..توقف عز يضم إخته 


-جنجون حبيبة قلبي وحشتيني..اختفت في أحضان أخيها 


زيزو وحشتني 


نهض جواد مهللا :


-اخيرا جنجون هتنور حي الألفي ..استدارت إليه بإبتسامتها الجميلة 


-ميرسي ياجواد..قالتها وهي تطالع ذاك الجالس الذي يبتعد بنظراته متصنع البرود ..امسك عز كفيها 


-يالة حبيبتي واعملي حسابك هتباتي النهاردة معانا 


-ياريت..قالتها سريعا، هنا رفع نظره اليها، وزع نظراته بعشوائية مجنونة على جسدها من فستانها لحاجبها لذاك الروج الذي أطاح كل صبره، فهب من مكانه ..يسحبها من كفيه 


-عز روح مفيش خروج بكرة هجبها انا 


توقف عز يطالعه بصدمة


-إنت بتقول إيه يابني، تحرك بها للأعلى يدفعها بقوة للداخل..اقترب منها ونيران غضبه تعميه 


-ايه اللي إنتِ لابساه دا، وايه الروج دا 


دنى بخطوات مميتة 


-تمام يامدام أنتِ اللي جبتيه لنفسك قالها وهو يقوم بنزع قميصه يلقيه بعنف ونظراته تخترق وجهها الذي شحب وجسدها المرتجف


تحدثت بشفتين مرتجفتين 


-جاسر ..اوعى اللي بتفكر فيه، لم يدعها تكمل حديثها فاقترب منها 


-ليه المدام مش مراتي، المدام اللي مانعة نفسها عن جوزها أكتر من شهر


هزت رأسها تطالعه بذهول 


-جاسر ابعد لو سمحت..متعملش كدا ، جذبها يحاوطها بذراعه 


-ليه ياجنجون أنتِ مش عايزاني، لمس ثغرها بخاصته مغمض العينين وهمس بصوت سحب قواها بالكامل 


-جاسر مش وحشك ياجنى، مش حرام تموتيني كدا ..تعمق النظر بعينها التي اغروقت بالدموع لصعفها بقربه، ومازال على حالته 


-خلاص كرهتي جاسر ومبقتيش عايزاه ..انسابت عبراتها وارتجفت شفتيها ولم تعلم بماذا تجيبه ..عانقها متناسيًا كل شيئا صار بينهما..تلاشت قواها بحضرته كعادتها ولكنها هبت فزعة تدفعه وتحركت للمرحاض 


كور قبضته محاولا السيطرة على أعصابه حتى لا يثور عليها 


باليوم التالي 


ولج إليه سريعا متسائلًا :


-ايه ياراكان عرفت مكانها 


أشار له بالجلوس 


-كانت في بور سعيد ، وان شاءالله خلال ساعات هتكون في القاهرة 


جلس يرجع خصلاته للخلف بعنف 


-البت دي لازم أوصلها قبل مابابا يوصلها


طالعه راكان مستفهما:


-ليه ياجاسر عملت ايه، هو مش انت بعدت عنها وبعدين ايه اللي رجعها


توقف يجمع اشيائه 


-هعرف اوصلها وهجبها بنت المجرمين دي، توقف راكان يناديه 


-استنى يابني، قولت كلمتين ومشيت


-ابعد عنها احسنلك بدل بعدت مادورش وراها..استنى بس هنشوف دي لوح بيديه :


-بكرة هجيلك لازم نخلص من الموضوع التاني ..


بحي الألفي وخاصة بجناح ياسين 


على أغنية ياحلو صبح ياحلو طُل


كانت تدندن مع الأغنيةوهي تجمع خصلاتها بوشاح قصيرًا، وتعقده كالفيونكة، حقًا جميلة كطائر بلبل يغرد فوق الأشجار


استيقظ على صوتها الكرواني الذي اخترق مسامعه..اعتدل يرجع خصلاته للخلف ويهندم ثيابه من أثر النوم متجهًا للخارج ..توقف على باب المطبخ يراقب حيويتها وهي تدندن ..ابتسامة تجلت بمعالم وجهه فظل واقفًا لبعض الوقت..وضعت كفيها تشهق بصدمة بعدما احترق البيض تردد 


-دلوقتي هيصحى ملك الهكسوس ويقولي ..ياريتك قليلة ادب بس لا وفاشلة كمان..يخربيت تقل دمه، نفسي احطله سم فران وارتاح منه 


خطى بهدوء ومعالم الغضب تجلت بملامحه بعدما استمع لحديثها..انحنى يهمس بجوار أذنها


-أنا ملك الهكسوس يابقليس 


هبت فزعة تسمي الله تضع كفيها على صدرها


-"سلامًا قولا ..لم يدعها تكمل فوضع اصبعه على شفتيها واقترب ينظر لبحر عيناها


-بصي يابلقيس، لسانك هيطول هقصهولك، خليكي عاقلة علشان نعرف نعيش الكام شهر دول بسلام 


دفعت كفيه وأشارت مزمجرة مع تساقط عبراتها ولا تعلم لماذا


-بص يااسمك ايه، انا اقول واعمل اللي عايزاه، ومحدش له حاجة عندي، ولو مفكر انك هتذلني كل شوية بجوازك مني فأنا اصلا مش معترفة بيك زوج ياحبيبي 


ألقت مابشدقيها بانفاسها المتسارعة، تطالعه بصمت تنظر ما سيفعله، ولكنها ذهلت مما فعله عندما استدار يمسك البيض المحروق يأكل منه قائلا


-حلو طعمه مش بطال كفاية انك تعبتي وكسرتي البيض اهو على ادك.، متنسيش الكمون علشان بيفتح النفس ..قالها واستدار متجهًا للمرحاض وهو يدندن 


-ياحلو صبح ياحلو طل..توقف لدى الباب يغمزلها بعينيه 


-هو الحلو صبح ولا أنا مااخدتش بالي 


توسعت عيناها متجمدة ..فابتسم وتحرك مما جعلها تتمتم 


-مين دا..معقول دا اللي اسمه ايه اللي متجوازه..عضت على أصابعها 


-الراجل دا مش مظبوط شكله بيرتب لحاجة..ولا يكون عجبه البت بتاعة امبارح، انا ازاي نسيت صح  ..تحركت اليه غاضبة ودفعت باب المرحاض تصرخ به 


-إنت ازاي تحضن البت امبارح قدام الكل، لا وعاملي محترم وعقد الدنيا كلها طلعتها عاليا وانت بتعمل نمر قدام الكل، ليه ياحلو


توقف ينظر لدخولها بصدمة بعدما نزع ثيابه، لحظات لم تستوعب ما فعلته حتى تحمحم قائلا 


-اطلعي برة ياعاليا..عيب عليكي تشوفي الحاجات دي


❈-❈-❈


توسعت عيناها كاتساع مابين السموات والأرض تصرخ تضع كفيها على عيناها 


-قليل الادب، انا كنت عارفة انك مش محترم 


تأفف بضجر على تلك المجنونة، دفعها للخارج: 


-ربنا يعوض عليا عوض الصابرين..خرجت منتفضة الجسد حتى وصلت للفراش بساقين مرتعشة هوت ساقطة على الفراش ورعشة بسائر جسدها..تضع كفيها على وجنتيها 


-ايه اللي حصل دا، معقول ، دخلت عليه من غير هدوم ياهبلك ياعاليا..استمعت لرنين هاتفها برقم غير مسجل ..فتحت الخط وأجابت 


-أيوة


لولو حبيبتي وحشاني ياعمري ايه ياروحي اتأخرتي عليا ليه، مفكرة لما تغيري رقمك مش هوصلك يالولو 


هبت من مكانها فزعا تتمتم اسمه 


-خالد!!..بخروج ياسين من المرحاض


توقف متجمدا عندما استمع لأسمه يردد من فمها 


بمنزل صهيب 


فتح عيناه وجدها تجلس بجواره تحتضن كفيه وعبراتها تنساب بصمت 


-حبيبي يابابا، كدا برضو تتعب ومتقوليش 


-جنى..أردف بها بتقطع..نهضت تحتضنه وتبكي بشهقات مرتفعة 


-الف سلامة عليك ياحبيبي ياريتني انا، رفع كفيه بتثاقل يضعه على خصلاتها 


-وحشتي بابا ياروح بابا ..دفنت رأسها بصدره بعيدا عن جرحه 


-وانت ياحبيبي وحشتني اوي 


اعتدلت بعدما استمعت لحديث جاسر بالخارج 


-تمام جهز القوة وانا عشر دقايق واكون عندك..أشار إليها 


-نادي عليه عايزه قبل مايمشي ..هزت رأسها وخرجت إليه 


-كلم بابا عايزك، نظر بساعة يديه قائلاً 


-اجهزي علشان نتحرك، لازم اوصلك قبل ما اروح شغلي 


أمسكت ذراعيه تترجاه


-سبني هنا الليلة ..هز رأسه بالرفض 


-قولت اجهزي...تحرك متجها للداخل 


صهيوب قالولي عايزني 


أشار بعينيه له بالجلوس 


- جنى حزينة ليه يابن جواد 


قطب جبينه متسائلًا :


-مالها جنى ماهي كويسة، تلاقيها زعلانة بس علشانك، احنا كويسين ياصهيوب، نهض ينظر بساعة يديه 


-لازم اتحرك يادوب اوصلها علشان عندي شغل مهم 


-جاسر..توقف مواليه ظهره..اعتدل صهيب مستندًا على فراشه قائلاً :


-بص لعمك ياحضرة الظابط، وقولي ايه اللي حصل بينك وبين بنتي 


استدار بجسده واجابه بهدوء:


-عمو أنا عندي شغل، احنا كويسين جنى زعلانة علشان حضرتك، وبابا كان معاها يعني لو فيه حاجة كانت قالتله 


بعد إذن حضرتك قالها وتحرك هاربًا من أمامه 


وصل بعد قليل لمنزله 


-انزلي ، ياسين هيجيب عاليا قبل مايسافر، اتمنى ياجنى تفضلي حكيمة 


زي اليومين اللي فاتوا..بتر حديثه 


-أيوة ياجاسر لقينا مكان فيروز ..أشار لها بيديه بالنزول ..ثم تحرك بالسيارة سريعا 


ظهيرة إحدى الأيام 


الصفحة التالية


الفصل الخامس والعشرون


9


ظهيرة احد الأيام 


ولجت إليه بعدما غاب عنها منذ يومين..رسمت قناع بارد على وجهها يعكس نيران الأشتياق، ورغم ما فعله إلا أنه سيظل ساكن القلب والجروح..دفعت الباب ودلفت للداخل تبحث بأرجاء الغرفة عنه ، ولكن تسمرت بوقفتها عندما وجدته مازال نائمًا، خطت ببطء إلى أن وصلت إليه، توقفت تطالعه بإشتياق لفترة من الزمن، ثم امالت بجسدها بهدوء تضع كفيها على خصلاته..تهمس له 


-جاسر ..ولكنها دنت منه فزعة عندما وجدت إصابته 


-جاسر ..فتح جفونه وكأنها تراود أحلامه فهمس بإرهاق 


-جنى..ملست بأناملها على وجهه وانسابت عبراتها


-ايه دا إنت مضروب بالنار، من امتى..حاول أن يعتدل ولكن إصابته لم تساعده، ضمت كتفه تساعده على الأعتدال ..انسابت خصلاتها على وجهه، رفع رأسه إليها حتى أصبح بأحضانها بالكامل أغمض عيناه يتنعم بقربها، ود لو أحتضتنها حتى تذوب عظامها ..وضعت الوسادة خلفه ، ثم مسدت على خصلاته


-كدا مرتاح، ازاي تتصاب ومتقوليش، شوفت وشك عامل ازاي، فتشت بعيناها بلهفة على جسده تبحث عن إصابة أخرى ، انبثقت دموعها تبكي وفجأة ضمته تضع رأسها بصدره 


حاوط جسدها النحيل بذراعه السليم هامسًا بإرهاق:


-اشش، اهدي ياقلبي أنا كويس قدامك دي إصابة عادية مفهاش حاجة، خرجت من أحضانه تحتضن وجهه


-بتوجعك مش كدا، مش عارف تتحرك اهو، حتى منزلتش تصلي الفجر..حاوطت عنقه تضع رأسها بحناياه


-أنا غبية كان المفروض اعرف إن فيك حاجة، آسفة ، يارب خدني 


ضمها بقوة وكأن دعوتها ستتحقق طبع قبلة رقيق بعنقها حتى شعرت بها فرفعت رأسها مرة أخرى تطالعه بعتاب وألمًا، هنا فاقت ورجعت لأرض الواقع فابتعدت عنه قليلا 


-هروح أعملك حاجة تاكلها، بما أن حضرتك طردت منيرة علشان تعاقبني 


جذب كفيها يشير بعينيه 


-تعالي هنا، مش عايز اكل ، عايزك جنبي ..ارتجف قلبها من همسه وتعبه، أمسكت كفيه بيديها الأخرى تبعده ولكنها امسك يديها الأثنين بقبضته


-جنى أنا تعبان والله تعبان ياحبيبة جاسر..انسابت عبراتها بعدما تذكرت ماصار بينهم فاقتربت منه تربت على كتفه


-ارتاح لحد ماارجعلك ..شبك أنامله بأناملها 


-بعيد عنك مفيش راحة


-رفعت ذقنه 


بجد ياجاسر ..مرر أنامله على وجنتيها 


-بجد ياروح جاسر


ابتسامة جميلة ظهرت بعيناها،ثم تذكرت إصابته:


-إنت اتصبت في شغل ولا إيه ..أغمض عيناه متراجعا بجسده، يجذبها لأحضانه 


-لأ ..فيروز ضربتني بالنار


اعتدلت مذهولة


-ايه ..ليه ايه اللي حصل 


اعتدل جالسًا يشير لثيابه 


-هاتي الهدوم دي لازم أخرج دلوقتي، عندي قضية مهمة 


احتضنت كفيه تهز رأسها 


-لا مستحيل اسيبك تمشي كدا ..انت تعبان، وبعدين ليه فيروز ضربتك بالنار 


داعب أنفها بأنفه


-باخد حق حبيبتي، ملست على وجنتيه


-تعرف عايزة اموتها دلوقتي، دي كانت ممكن لا قدر الله الرصاصة 


وضع إبهامه على شفتيها ودنى منها 


-ياريتها موتتني علشان متوجعش من بعدك ..فاقت من حربها ونهضت بعدما فقدت السيطرة على نفسها 


-هروح اعملك حاجة تاكلها ..وتقولي ازاي وصلتلها وعملت ايه علشان تضربك كدا


❈-❈-❈


-جنى لازم امشي ماينفعش، لو ليا عمر ورجعت هحكيلك أما بقى لو ربنا بيحبك يبقى يرجعوني في تابوت 


أصيبت بشلل بخلايا جسدها من حديثه، وأحست بوجع يغزو اضلعها حتى لم تقو على التنفس ..ورغم ذلك نهضت تلقي ملابسه وتحدثت بنبرة متحشرجة :


-خد هدومك ايه ، ترجع ولا مترجعش، يبقى روح للست فيروز تعالج جروحك، قالتها وتحركت سريعا خرجت شهقة متجهة سريعا لغرفتها.. جلست بالشرفة ورغم برودة الجو القارصة إلا أن نيران خوفها عليه تلتهم صدرها، وضعت رأسها تستند على الطاولة 


نسمات عليلة تلفح وجهها لتفتح عيناها على خطاه للأسفل متجهًا لسيارته وهو يتحدث بهاتفه


-ساعتين بالكتير وهنتحرك..فرد قائلا 


"محمد رسول الله"..هبت فزعة على كلماته ونادت باسمه، رفع رأسه لشرفتها، وجدها تستدير إليه هابطة إليه بقدمها العارية ومنامتها القصيرة...هرولت تبكي بشهقات مرتفعة حتى وصلت إليه تلقي نفسها بأحضانه 


"كدابة انا كدابة متصدقنيش، رفعها من خصرها يدفث رأسه بخصلاتها ..لكمته بكفيها 


اياك تجيب سيرة الموت تاني سمعتني..محدش هياخدك مني


آهة حارة كانت أبلغ من أي تعبير عما يشعر به، ليعصرها بأحضانه ويدور بها وضحكاته تملأ السماء وكأن هناك احتفالا ربانيا لتسقط رحمة رب العالمين وتغزو الأرض بأمطارها..حاوطت عنقه تضحك من بين بكائها تضع جبينها فوق جبينه مع لمسات كفيها


"فليحيا العشق اللاذع ملهمي"


تسابقت أنفاسه مع أنفاسها، وتوقفت الكلمات فوق الشفاة ولم يتبقى سوى نبض القلوب .. انزلها يحاصرها بذراعه مرددا 


"فليحيا العشق اللاذع ملهكتي"


احتوت وجهه وتاهت بعيناه


-جاسر أنا مسمحاك، هنبدأ صفحة جديدة، بحبك يابن عمي 


امال ملتقطًا ثغرها 


"روح جاسر"..وضع جبينه فوق خاصتها وتنهيدة حارة بكم الاشتياق 


-جنى وحشتيني اوي اوي حبيبي..وحشني ضحكتك


حاوطت خصره تضع رأسها بصدره:


-وانت كمان ياجاسورة..ارتفعت ضحكاته يشير لنفسه 


-يعني مطر وكلام حلو طب والله لازم ادفى النهاردة..قالها غامزا


رفع ذقنها 


-ادخلي من المطر وان شاءالله ساعتين وراجعلك ياحبيبة جاسر 


رفعت نفسها وطبعت قبلة على وجنتيه 


-هستناك ..ابتسامة هائمة بعيونًا لامعة 


-هغير رأيي كدا 


بغرفة ربى كانت تجلس تقوم بإرضاع رضيعها وتلمس على وجنتيه مبتسمة 


-شوفتي يامامي شبه عز اوي 


مسدت غزل على خصلاتها 


-يبقى الصبح خديه عند جده هيفرح بيه اوي..رفعت عيناها تهز رأسها 


-من غير ما تقولي ياماما..


شوفتي عمو صهيب رغم تعبه بس جالي المستشفى


غمزت غزل قائلة:


-لا شوفت عز وهو كان هيموت عليكي، وماارتحش لما دخل العمليات 


استمعت لطرقات على باب الغرفة 


ولج عز بهيئته الخاطفة يوزع نظراته عليهم


-أيهم وحشني فلو ينفع اشوفه..توقفت غزل تلكزه بكتفه


-ادخل ياحضرة المهندس، قال الواد مؤدب، من إمتى اتربيت اصلا


أشار بيديه وهتف بضحكاته


-والله بنتك ربتني احسن تربية، خطى متقدمًا إليها يحمل مجموعة من الزهور، وبيديه علبة من الشيكولاتة..


دنى يطالع ابنه وعيناها تلتمع بالسعادة


وضع الذي بيديه أمامها :


-جبتلك شوية حاجات عرفت أنها بتزيد اللبن ، مش عايز الاستاذ ايهم يتعب مامي، لازم تهتمي بصحتك ياروبي لو سمحتي..اتجهت بنظرها لوالدتها بابتسامتها السعيدة ..فرفعت ابنها تشير بعينيها 


-طيب خد ابنك تعبتي، شقي أوي مش مبطل عياط


تحركت غزل للخارج تترك لهما مساحة خاصة بيهم 


جلس وهو يطالع ابنه بنظراته الحنونة يمسد على شعره الناعم رفع نظره لربى التي تحتضنهم بنظراتها 


-روبي الواد دا شبه مين..بسطت كفيها إليه قائلة :


-ممكن تيجي تقعد جنبي وحشتني، طالعها بصمت ونظراته العاشقة تحتويها فنهض من مكانه، جلس بجوارها ورفع ذراع يحاوطها به، وذراع آخر يحمل طفله ..طبع قبلة مطولة على جبينها 


-عاملة إيه حبيبتي..وضعت رأسها على كتفه 


-مش حلوة من غيرك ياعز، عايزة ارجع بيتي .لملم خصلاتها ورفع ذقنها ينظر لرماديتها 


-بيتك جوا قلبي ياروح قلبي، خفي وبعد كدا هننقل بيت لوحدنا، أنا بجهزه دلوقتي ..دنى يهمس لها بعض الكلمات التي جعلت وجهها لوحة من السعادة 


بالصباح بمنزل جاسر 


فتح عيناه يطالع تلك القابعة بأحضانه، أخيرًا رضيت عنه بعد أكثر من شهرين جفاء، انحنى يعدل خصلاتها على جنبًا فظهر ذراعها العاري..مرر أنامله عليه وعلى عنقها، ابتسم وسعادة الدنيا تملك روحه، وهو يرى اثار ليلتهما ..


فتحت عيناها بإرهاق 


-صباح الخير..جذب رأسها على صدره 


-صباح العشق، رفعت كفيها على وجهه 


-ايه الابتسامة الحلوة دي ..تعرف ضحكتك حلوة اوي 


اعدل رأسها على ذراعه واضعًا رأسه بالقرب منها:


-علشانك عيونك حلوة، فشيفاني حلو 


هزت رأسها بإبسامتها الجميلة


-لا بجد، ضحكتك حلوة اوي، والغمزات دي بعشقها 


اعتدل سريعا يحاصرها بذراعه


-اثبتي ..قهقهت بصوتها المرتفع الذي اخترق قلبه وجعله كالفراشة فأمال يدفث نفسه بصدره بأنفاسه المرتفع 


❈-❈-❈


بعد عدة ساعات وخاصة وقت الظهيرة 


 ولجت الخادمة إليها 


مدام جنى فيروز برة عايزة تقابل حضرتك، لا تعلم لماذا شعرت بتوقف نبضها وانتابها رعشة مخيفة ، فأشارت الخادمة 


-خليها تدخل..طالعتها عاليا 


-جنى دي فيروز اللي كانت متجوزة جاسر، كأن لا يوجد احد سواها، قلبها ينبض بعنف،  وارتعاشة بسائر جسدها 


حتى ولجت فيروز وابتسامة متسعة على وجهها قائلة 


-اتقابلنا تاني ياجنجون..


ابتسامة باردة بملامح جامدة تطالعها بصمت حتى تحدثت فيروز 


-فين جاسر، جاي افرحه واقوله مبروك هيكون أب بعد سبع شهور


برودة اجتاحت جسدها بالكامل، وتحجرت عبراتها بمقلتيها، شهقة خرجت من فم عاليا، 


ابتلعت جنى ريقها ف


قهقهت بصوت مرتفع ورسمت البرود على ملامحها، وجلست تضع قدم فوق الأخرى، ثم امالت تجذب حبة من الكريز


-بتقولي انك حامل من جوزي صح قالتها وهي تطالعها بنظرة نارية على برودها 


-ايه مش مصدقة، ولا ايه ..قالتها فيروز


جذبت محرمة ورقية ومسحت فمها ثم نصبت عودها 


-مش موضوع مصدقة ولا لأ، موضوع اني واثقة في جاسر، بصي هو بعيد عني أهو، بس ميعملهاش


ولو على قصدك الليلة إياها، وحياتك ياحبيبتي لو بعتيلي الفيديو نفسه هقولك مستحيل..مش مصدقاكي


❈-❈-❈


رغم انهيارها الداخلي إلا أنها هتفت تشير على الكريز 


-تاكلي كريز علشان البيبي إنما انتي وصلتي الشهر الكام ..قاطعتهم الخادمة 


-مدام جنى حضرة الظابط جه برة وبيقول لحضرتك اطلعيله


رمقت فيروز بنظرة خبيثة مبتسمة ثم اتجهت لعاليا 


-نادي على حضرة الظابط يالولو 


قولوا ام ابنك جوا


      الفصل السادس والعشرون ج1 من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا


تعليقات