عشق لاذع الفصل الخامس والثلاثون 35 ج2 بقلم سيلا وليد

            

عشق لاذع

الفصل الخامس والثلاثون 35 ج2

بقلم سيلا وليد


تنهدت تحاول ألا تثور بوجهه، تقنع نفسها بواجبه الوظيفي، رغم انشقاق صدرها من الخوف عليها..استمعت لهمسه:


-تعبان وعايز انام، ممكن تاخديني في حضنك شوية، ساعتين وارجع المستشفى ...استدارت سريعًا و


فردت ذراعه وتوسدته ترسم ابتسامة على وجهها، ثم رفعت كفيها تمرر أناملها على وجهه دون حديث، أغمض عيناه مستمع بلمساتها الناعمة، محاولا السيطرة على حزن قلبه حتى لايضعفها، هناك مايجب علينا إخفائه ؛ لنرى سعادة اقرب الناس لدينا


دنت تطبع قبلة على جبينه تهمس له:


-تأكد حرمت على قلبي النبض غير لجاسري، حبيبي وعشقي وفرحة عمري ، اللي تحب حبي مستحيل تشوف راجل بعد حبيبها 


أغمض عيناه منتشيا لحديثها ورغم بساطته إلا أنه اسعد روحه وكأنه امتلك العالم كله ..ظلت تمسد على خصلاته:


-نومًا هنيئًا حبيب جنى، ابتسم بنومه يهمس لها "بحبك"


كأن كلمته كانت بلسمًا لتهدئ روحها المتألمة، ظلت تخلل أناملها بخصلاته حتى ذهب بنومه، ثم نهضت من مكانها بعدما طبعت قبلة ناعمة على خاصته، تتمتم 


-احب غيرك ياجاسر، مجنون يابن عمي، دا انت كل دنيتي ..ظلت بجواره لبعض الوقت ثم تحركت للخارج 


❈-❈-❈


دلفت إلى غرفة عاليا وجدتها مازالت غافية، استدارت للخروج ولكنها استمعت إلى صوتها


-"جنى"خطت إليها متراجعة وابتسامة تشق ثغرها:


-عاملة ايه دلوقتي يالولو، واخبار حبيبة خالتو ايه..حاولت الاعتدال ولكنها لم تقو، ساعدتها جنى بالجلوس ثم وضعت وسادة خلف ظهرها 


تشبثت بكفيها


-جنى ياسين عامل ايه!!


جلست بجوارها مبتسمة


-والله ياسين كويس، يعني هيكون تعبان وطنط غزل والعيلة كلها هنا، ارتاحي بس وفكري في البيبي، توقفت متسائلة:


-صح ماقولتيش ناوية تسميها ايه 


أغمضت عيناها تهز رأسها :


-معرفش مفكرتش، ياسين يفوق وبعد كدا نشوف


انحنت برأسها تغمز لها 


-ماأحنا بنحب الواد اهو، اومال ليه تقلانة وعاملة هركليز الشاشة !!


فتحت عيناها مرتبكة تهرب من نظراتها الاختراقية، رفعت جنى ذقنها تشير بعينيها 


-مش عيب ولا حرام لما تحبي جوزك ياعاليا، صدقيني ياسين شخص جميل ويستاهل الحب دا، بلاش تدفني نفسك بماضي أليم، افتحي له قلبك حبيبتي 


رفعت كفيها تمسد على خصلاتها 


-اجمل حاجة في الدنيا الحب، وياااه لما تكوني في حضن اللي يحبك دي لوحدها احساس مابيتوصف، لمعت عيناها بخط من الدموع وابتلعت ريقها بصعوبة بسبب غصتها المتألمة، بعدما تذكرت حديثهما منذ قليل ، رفعت نظرها واردفت:


-تسمعي لدقات قلبه ليكي وحدك كفيل انك تحاربي علشان اللحظة دي 


تنهدت مكتملة:


-وعلى قد ماهو شعور حلو، لكن موجع قوي لما مابتحصلي عليه، أو انك ترضي بنصيبك وأنتِ شايفة حبيب عمرك ملك لغيرك، دا بقى اصعب احساس صدقيني ياعاليا وقتها بتدعي على نفسك إن ربنا ياخدك من الدنيا بدل وجع القلب دا، اصلك مجربتهوش، ويارب ماتجربيه، دمعة غادرة انسابت على وجنتيها وتابعت حديثها 


-تبقي قاعدة مع نفسك ويجي في خيالك صورة له، وتتخيله مع غيرك 


هزت رأسها واغمضت عيناها مع انسياب دموعها بكثرة حتى حاولت تهدئة نبضات قلبها الهادرة التي تشق صدرها من حزنها الكامن 


ربتت عاليا على كفيها 


-ربنا مايحرمك منه يارب حبيبتي 


فركت عاليا كفيها وطأطات رأسها خجلة، وتسائلت بصوتٍ خفيض:


-جنى حسيتي بأيه اول ماجاسر قرب منك، قصدي يعني رغم أنه كان متجوز وأنتِ كنتي بتحبيه، وشايفاه مع مراته، ازاي قدرتي تتأقلمي أنه كان مع غيرك وخلتيه يعني ..بترت حديثها ترفع عيناها إليها:


-آسفة انسي ولا كأني سألت


نظرت إليها بأعين تفيض ألمًا، وحاولت ضبط حزنها ..ابتسمت رغمًا عنها وابتعدت بنظرها:


-كل حاجة وعكسها ياعاليا، حسيت اني عايزة اقرب وابعد في نفس الوقت، عايزة احبه واكرهه، عايزة أضمه واوجعه، شعورك وقتها بيكون مشتت خايفة ومش قادرة تقولي لا، عاجزة عن بعده وفي نفس الوقت عايزاه يبعد


بس بعد ماتحسي أنه روحك بتضطري تنسي كل حاجة وتفتكري حاجة واحدة بس إن الراجل دا حياتك كلها ، 


اقتربت عاليا بجسدها، تزيل عبراتها بحنان، ثم اردفت:


-هو بيحبك قوي ياجنى، انا شوفت لهفته عليكي يوم ماكنتي بتسقطي، صدقيني دا واحد مجنون بيكي، وفرحت جدا برجعوكم لبعض حبيبتي ربنا مايحرمك منه


آآه اخرجتها من جوف آلامها تؤمن على دعوات عاليا هامسة تزيل عبراتها 


-يارب ياعاليا يارب، لاني مش هقدر جاسر كل حياتي ، توقفت بعدما مسحت وجهها بالكامل 


-كدا نكدتي عليا، بدل ما تقولي لي مبروك، كشفت والدكتورة أكدت الحمل الحمدلله وقالت كل حاجة كويسة


ابتسمت عاليا واردفت بمشاكسة :


-كويس نجيب عريس لعروستنا ..ابتسمت بمحبة تهز رأسها 


-ايوة إن شاءالله والبنت تكون أكبر من الولد مش كدا 


-يسلام خلاص اتأكدتي أنه ولد


هزت كتفها للأعلى واجابتها


-اي حاجة أنا راضية، بنت ولد ، المهم يكون عندي بيبي وخلاص


طالعتها بأعين مشوشة اختلط بدموع عيناها واردفت:


-تفتكري المرة دي هيكون كويس ولا هيبقى زي المرة اللي فاتت 


انكمشت ملامح عاليا بتساؤل


-قصدك ايه ؟!


أرتجفت عيناها فأغمضتها تضغط بقوة آلامتها ثم فتحتها تنظر إليها بعينًا هالكة من الخوف والألم:


-خايفة افقد البيبي ياعاليا، خايفة معرفش اجيب بيبي ، الدكتورة بتقولي القرابة بينكم سبب في التشوه والاجهاض..


تفتكري مش هيبقى عندي بيبي 


شهقة خافتة خرجت من جوف عاليا تهز رأسها رافضة حديثها:


-ايه اللي بتقوليها دا ياجنى، لا حبيبتي إن شاءالله ربنا يعوضك الأجمل يارب ويرضيك بحملك دا، وتجيبي واد حلو وعليه الطلة زي حضرة الظابط، قالتها عاليا بغمزة، واستأنفت 


-كلام الدكتورة مش مقياس، والدليل ربى وعز اهم، وبعدين تفائلي يابنتي 


امالت بجسدها تنظر بعمق لعيناها، علها تخرجها من حالتها:


-بس قوليلي يابت ياجنجون، بيقولوا اللي بتحب جوزها البيبي بيكون شبه، على كدا أنتِ ولادك كلهم هيكونوا شبه اسم الله عليه جسورة تبعك 


ناظرتها بعينًا ساحرة كغيمات المطر التي حجبت الضوء من مجرد تخيلها لأولادها ثم تبسمت متمنيةوردت قائلة:


-اتمنى ذلك، صمتت واردفت تشاكسها


-زي الأميرة بنت حضرتك هتكون شبه حضرة الظابط برضو


قالتها وهي تقف متجهة إلى الشرفة


ذهبت عاليا بشرودها تتذكر طلته عند دخوله عليها 


بعد عدة ساعات بغرفة غزل، استيقظت متجهة للخارج، طرقت على باب غرفة أوس 


-حبيبي لو ياسمينا عندك ابعتها علشان نصلي القيام..قالتها وتحركت متجهة إلى غرفة عاليا، وجدت جنى تغفو على المقعد بجوارها، انحنت تطبع قبلة على رأسها ثم مسدت على خصلاتها 


-قومي حبيبتي اجهزي علشان طنط مليكة قالت هتيجي تصلي بينا القيام 


نهضت تتثائب واتجهت ببصرها إلى عاليا التي بدأت تستيقظ ، اقتربت منها 


-عاملة ايه حبيبتي دلوقتي 


اومأت لها :


-كويسة الحمد لله..مسدت على خصلاتها 


-الحمد لله..قالتها وتحركت للخارج 


بعد يومين وخاصة وقت الظهيرة 


فتح عيناه وجد جاسر يغفو على المقعد بجوار فراشه، ذهب ببصره إلى عز الذي تمدد على الأريكة التي توجد بالغرفة ..همس بصوت متألمًا :


-"جاسر" ..فتح عيناه وكأنه يحلم، نهض من مكانه بعدما وجده يضع كفيه على صدره متألمًا:


-بتعمل ايه استنى، جلس بمساعدة جاسر، استيقظ عز على صوتهم ، جذب الكانولا ونزعها من المحلول المعلق


-عايز امشي، بابا فين 


-ياسين اهدى، بابا مشي من شوية، متنساش أنه تعبان، وبقاله يومين منمش كويس، يادوب يسيبك ساعات ويرجع


نهض متوقفًا يستند على الجدار


-عايز امشي مبحبش المستشفيات ، قولت لبابا كدا ، قالي الصبح ..خطى بخطوات واهنة..توقف عز أمامه 


-طيب استنى الدكتور يشوفك، وبعد كدا نمشي، دلف الطبيب لفحصه، وجده متوقفًا، اقترب متسائلا:


-فيه ايه ياحضرة الظابط زهقت مننا


أشار إليه يستند بذراعه على أخيه


-أنا همشي مش عايز اقعد هنا لو سمحت يادكتور


ساعده جاسر بالجلوس قائلاً:


-شوفه يادكتور، لو كويس نمشي، انا عارفه مش هيهدى 


بعد فترة دلفت السيارة إلى حي الألفي، ترجل بهدوء، بمساعدة اخيه، ودلف للداخل، قابلته رُبى على باب منزل والدها..احتضنته 


-حمدالله على سلامتك ياحبيبي..أغمض عيناه متألمًا، ثم سحب نفسًا ثقيلًا:


-الله يسلمك ياروبي، حاوطه جاسر وتحرك يشير إلى عز 


-روح ارتاح ياعز، وبالليل نتقابل، اومأ له واستدار يركن سيارته بمكانها، تحركت ربى خلف أخيها 


-ماما وبابا لسة نايمين، لما عز كلمني قولت اجي اقولهم بس ملقتش غير جنى بس اللي صاحية عند عاليا 


توقف ينظر لربى بنظرات مستفهمة


ثم تسائل:


-مالها عاليا؟! تحمحم جاسر يتحرك بجواره:


-كانت تعبانة شوية، تعالى اطلعك ترتاح في اوضتك، بلاش نقلق حد 


اتجه للمصعد وابتسم مرددًا:


-وجه الوقت ياحضرة الظابط تركب الاساسنير، كنت بتتريق عليه وتقول دا للعواجيز 


ابتسم بخفوت وهو يستند على اخيه، نظر جاسر إلى رُبى 


-حبيبتي روحي ارتاحي، هو هينام دلوقتي ، وانا كمان هلكان ، ارتاحي وبعد كدا تعالي زهقيه 


ضمها ياسين بذراعه الآخر يقبل رأسها


-معرفش انا غالي كدا ياروبي، امبارح لما جاتلي كانت بتعيط، لفت ذراعيها حول جسده


-هزعل منك ياياسو، ايه متعرفش غلاوتك ولا ايه، ومراتك وقعت من طولها، شوفت غلاوتك ياياسو 


توقف المصعد بالطابق المخصص به


أشار جاسر بعينيه إلى ربى


-ادخلي عرفيهم أننا برة،..دلفت ربى إلى الداخل 


كانت جنى تجلس على سجادتها تقرأ وردها القرآني، رفعت عيناها عندما دلفت ربى 


-جنى جاسر وياسين برة، صدقت وقامت بإغلاق مصحفها متوقفة واتجهت إلى الخارج 


-حمدالله على السلامة ياياسين ..اومأ لها دون حديث، اتجهت ببصرها إلى جاسر


-عاليا نايمة، هساعده أنا وربى حبيبي 


هز رأسه وتراجع بخروج ربى تحتضن ذراعه من جهة وجنى من الجهة الأخرى ، توقف إلى أن دلفو للداخل 


تحرك إلى أن وصل للأريكة بعدما وجدها تغفو بنومها وأشار إليهما


-هنام هنا خلاص..ساعدته ربى بالتسطح بالهدوء حتى تمدد على الأريكة تمسد على رأسه:


-محتاج حاجة حبيبي ، اتجه ببصره إلى عاليا متسائلًا:


-مالها عاليا..جلست جنى بمقابلته على المقعد وتحدثت بمغذى


-الصراحة ياياسو، لولو متحملتش خبر ضربك بالنار، أغمى عليها ونزفت ياسيدي


-ايه!! قالها بلهفة يطالعها بخوف متسائلا:


-يعني فقدنا الجنين، هزت رأسها سريعا


-لا البيبي كويس حبيبي، هي بس عايزة راحة والحمد لله ومبروك ياسيدي جايلك أميرة...قالتها ربى مبتسمة


نهضت جنى قائلة ؛


-ألف سلامة عليك ياياسين، هشوف جاسر، قالتها وتحركت للخارج 


بعد فترة لم يشعر بكم الوقت وهو يطالعها بجسده المتوجع، تمنى لو يصل إليها ويضمها لأحضانه


فتحت عاليا عيناها تبحث عنه بعدما تسللت رائحته إلى رئتيها، ذهبت ببصرها إلى الأريكة، فتحت عيناها مرة وتغلقها مرة بعدما ظنت أنها تتوهم وجوده، ابتسم على حركاتها، هبت سريعًا متناسية آلامها وشهقاتها التي اخترقت جدار روحه وهي تهمس باسمه، حاول الاعتدال بصعوبة، إلى أن وصلت إليه وألقت نفسها بأحضانه تبكي


-إنت كويس، انا مبحلمش صح 


لف ذراعيه متألمًا على جسدها قائلاً بصوت أقرب للهمس:


-اشش انا كويس، وزي ماانتِ شايفة اهو


تراجعت متأسفة حينما وجدت تألمه على وجهه، جذب كفيها وأجلسها بأحضانه


-أنا كويس، ارتاحي وقولي لي ايه اللي سمعته دا، نزل ببصره إلى بطنها وتسائل


-البيبي كويس ..هربت من أنظاره بعدما شعرت بتسرعها ولهفتها عليه ..أدار وجهها إليه وهمس بإسمها


-"عاليا"..رفعت عيناها لتحتضن عيناه بنظرات اشتياق متألمة، مرر إبهامه على وجنتيها حينما انسابت عبراتها وشعر بنبضه يحترق المًا، بعدما ظن أنه سيهدأ ويستكين بقربها 


-اقدر أقول الدموع دي خوف عليا، لدرجة دي خوفتي عليا ليوصلك للحالة دي ..أردف بها بنبرة هادئه لتنهار دفاعاتها أمامه وتضع رأسها على كتفه السليم 


-متخوفنيش تاني لو سمحت..ابتسامة عاشقة ظهرت على وجهه يحتضنها بهدوء:


-حاضر..لكن لو حبيت اشوف الخوف دا عليا مرة تانية هتمنى يحصلي حاجة


-بعد الشر..رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة


-تعرفي ظلمتك، فكرتك مش عايزة تشوفيني، وماصدقتي 


هزت رأسها رافضة حديثه:


-عمري مااتمنيت لك حاجة وحشة، رغم العدواة اللي بينا 


-عدواة!!..قالها مذهولا..ارتبكت تتراجع بجسدها 


-مش قصدي، يعني اللي كان بينا 


شبك أنامله بأصابعها الرقيقة:


-ايه اللي كان بينا ياعاليا، انا عن نفسي فرحان بيكي 


-"ياسين "..أغمض عيناه قائلًا:


-ياسين عايز يرتاح يابلقيس..قالها ليغفو ويستكين بعدما اطمئنت روحه بقربها


بعد عدة ساعات 


استيقظ من نومه يبحث عنها بعينيه، اعتدل متألمًا حتى نزل من فوق مخدعه، توقف للحظات يستجمع نفسه، يضع كفيه على صدره، خرجت من الحمام بلبسها الخاص ، توقفت أمام المرآة ونزعت منشفتها تهز رأسها لتتناثر خصلاتها المبللة بعشوائية توقف يطالعها بعيونًا هائمة تحرك بهدوء يقف خلفها مطبق الجفنين يستنشق رائحتها الممزوجة برائحة الياسمين ..رآته من خلال المرآة فاستدارت سريعًا متناسية ماترتديه:


-ياسين قومت ليه، اتجهت تحتضن ذراعه وتجذبه للأريكة


-تعالى ارتاح المفروض ماتتحركش ، رفع رأسه يبحر بسواده على ملامحها الندية، لم يفكر بشيئا، سوى وضع رأسه بحنايا عنقها، انحنت تعدل من وضعية جلوسه، خصلاتها المبللة ضربت وجهه، فأغمض عيناه، يلف ذراعيه حول خصرها يجذبها إليه حتى اختل توازنها تضع كفيها على صدره، ورغم تألمه من إصابته، إلا أنه اقترب يضع رأسه بصدرها، شعرت بهلام ساقيها فهمست بتقطع تبتعد بنظراتها عنه


-ياسين بتعمل ايه !!


-تعباااان..أردف بها بصوت خافت 


جلست بجواره تحتضن كفيه:


-انادي لطنط غزل، هي جت لك من شوية كنت نايم محبتش تقلق لك 


وضع رأسه على كتفها وتحدث:


-آسف ياعاليا، سامحيني !!


-اسامحك ليه؟!


تنهيدة عميقة يطالعها بعيونًا هائمة:


-لما فتحت عيني ومالقتكيش زعلت قوي ياعاليا، رفع رأسه ونظر لعيناها القريبة وأكمل 


-كنت مفكر الموضوع مش فارق معاكي، رفع أنامله يزيح خصلاتها من فوق عيناها وتابع مسترسل حديثه اقرب من الهمس ينظر لبحر عيناها:


-مكنتش اعرف انك تعبتي، آسف ياعاليا 


لم تحيد ببصرها عنه تستمع إليه بهدوء


أنهى حديثه فابتعدت ببصرها عنه


-ممكن تكون علاقتنا مش كويسة، لكن إنت جوزي قدام ربنا وقدام الناس 


-بس عاليا، افهم ايه 


اهتزت عيناها تهرب من محاصرته:


-ياسين عايزة ألبس حاجة، نسيت أننا في رمضان..اومأ لها يبتعد بنظره عنها 


مساء دلفت للغرفة تحمل طعامه، خطت للداخل تبحث عنه وجدته جالسًا بالشرفة مغمض العينين، اتجهت إليه 


-صحيت إمتى؟!


جبتلك شوية فواكه وزبادي، رفعت كوب العصير


-اشرب العصير دا الأول 


تناول منها الكوب، وجذب كفيها 


-عاليا تعالي جنبي، عايز اتكلم معاكي 


جلست بجواره، رمقها بنظرة صامتة وهي تبتعد بجسدها عنه، استدار يقترب منها، ثم جذب كفيها 


-قاعدة بعيد عني ليه 


-علشان متتعبش، وكمان علشان نفضل زي مااحنا 


-إشش، عاليا لو سمحتي انسي أي حاجة وافتكري حاجة واحدة أنا تعبان ومحتاجك اوي 


جلست أمامه تحتضن وجهه


-ياسين إنت موجوع..!!


تعمق بسحر عيناها وجذب رأسها، ليحتضن ثغرها، لم يشعر كم من الوقت مر بهما وهو يرتشف من شهد عسلها، ابتعد عنها بعدما شعر بإختناقها ..


صاعقها بقبلته، والصاعقة الأكبر عدم رفضها، بل انزعاجها ببعده عنها ..ورغم دقاتها العنيفة وشعورها الداخلي، هدرت به


-ينفع اللي عملته دا؟!


ارجع خصلاته للخلف وابتسامة خلابة زينت وجهه، بعدما لمح تورد وجنتيها، فكانت شهية يريد اقتطاف ذاك التفاح الذي ظهر بوجنتيها 


رفع ذقنها ملمسًا إياها


-عاليا عايز لازم ندي لنفسنا فرصة، مينفعش نفضل كدا 


-ولو فشلنا ياياسين 


تراجع بجسده يغمض عيناه ورد قائلاً:


-يبقى جربنا ياعاليا، نهضت من مكانها


بعد عدة أسابيع وخاصة قبل العيد بعدة ايامً


مساء تلك الليلة تجمع الجميع بحديقة منزل جواد، جلست الفتيات بمكانها الخاص، واتجه الشباب بعد انقضاء صلاة القيام إلى مكانهم المفضل..تحرك حازم يجلس بجوارهم 


-من زمان ماقعدناش القعدة دي ياشباب


وصل صهيب متسائلًا:


-فين جواد، رفع جواد حازم رأسه اتجاه وقوفه قائلًا:


-واقف مع جاسر هناك ..تحرك متجهًا إليهما 


❈-❈-❈


عند جواد وجاسر 


-اتكلمت مع عمك حازم ، قالي بعد العيد هيقعد مع أوس ويصمموا تصميم كويس واللي انتوا عايزينه اطلبوه، لكن خروج تاني من البيت لا 


-بس يابابا حضرتك وعدتني أشق طريقي بنفسي، ليه عايز تربطني بحي الألفي 


-علشان دا الصح ياجاسر!!


قالها صهيب الذي وصل للتو، خطى إلى وقوف جواد ينظر لتلك المساحة الشاسعة


-احنا خلاص قررنا وانتوا عليكم تقولوا آمين، شوف عمامك سيف وحازم، واقعدوا معاهم واللي انتوا عايزينه هما هيصمموه ويطلعوه احسن مايمكن ، لكن حد منكم يخرج برة دا مش مقبول ..اتجه بنظره الى جواد 


-خليهم يعملوا حساب فارس كمان، بالمرة هو مبقاش صغير، لحد لما يلاقي بنت الحلال 


وضع جواد كفيه بجيب بنطاله وابتعد بنظره قائلاً :


-عروسة فارس موجودة، واتمنى مايعترض عليها 


طالعه بجبين مقطب وتسائل:


-مين دي ياجواد...ذهب ببصره لجلوس تقى وهنا وسنا وأشار بعينيه 


-ابنك جالي من فترة وسألني لو ينفع بعد كدا يقولك، بس انا استنيت اشوف ايه اللي هيحصل بينها وبين جواد، كنت فاكر جواد ممكن 


قاطعه صهيب يهز رأسه:


-مينفعش، وسيف هيرفض، متنساش اللي حصل قبل كدا


هز جواد رأسه موافقًا رأيه 


-جواد رافض اصلا، بيقول خلاص 


حمحم جاسر قائلاً:


-اتمنى ماحدش يدخل في حياة جواد، سبوه براحته..تعمق جواد النظر بعينها


-إنت عارف حاجة 


هز رأسه بالنفي.؟!


-ابدًا!!، هنسافر الفيوم إمتى 


-بكرة إن شاءالله ، ظبط اجازتك، وكمان أكد على جواد مش مقبول نسافر من غيره 


مساء اليوم التالي


دلف الجميع بسيارتهم إلى ذاك المكان الذي جعلوه وحدة الترابط منذ زمنًا، ترجل جواد من سيارته ثم اتجه إلى زوجته


-هترتاحي ولا هنروح المقابر


رفعت نظرها إليه وهي مازالت جالسة بالسيارة


-مش هتضايق لو طلبت منك كدا..اغلق باب السيارة واتجه للجانب الآخر يستقلها متجهًا للمقابر 


أما صهيب الذي تحرك خلفه قائلا


-نهى غزل رايحة المقابر كالعادة، وحازم راح على هناك، تعالي احنا كمان نروح معاهم 


-اومأت له متفهمة ثم اردفت:


-على قد مابحب نيجي هنا، بس قلبي بيوجعني على حالة غزل قوي 


نظر من خارج النافذة وحاول السيطرة على أحزانه 


أما شباب العائلة الذين دلفوا يصفون سيارتهم بأمكانها، ترجل سيف ينظر لصف سيارات العاىلة وعانق أكتاف ميرنا:


-كان نفسي جواد يشوف المشهد دا..ابتسمت وهي ترى كل فرد متجها بزوجته ثم رفعت نظرها لزوجها


-عرفت ليه جواد كان مضايق من سفرنا احنا وحازم..تحرك للداخل قابلته المسؤولة عن الفيلا


-حمدالله على السلامة يابيه، اومال فين سيادة اللواء


دلف للداخل وهو يحبها:


-رواحو المقابر ياست نعيمة، غزل بتقولك جهزي الفطار ونزليه الجنينه هنفطر كلنا في الجنينة النهاردة


-حاضر من عنيا..اردفت بها الست الحنون واتجهت للداخل 


دلف عز يحمل ابنه يبحث عن الغرفة التي يقيم بها، توقف ينظر الى سيف


-البيت هياخدنا كلنا ياعمو


أشار له بالطابق العلوي 


-فوق اربع اوض ياحبيبي ، وكمان بيت حازم جنبنا، هم بيظبطوه ، لحد مانجدد المكان إن شاءالله ، اطلع فوق نوم ابنك وخلي روبي ترتاح ، والباقي 


تسائل بها عز 


-جاسر اوضة، وانت اوضة وياسين الأوضة اللي جنب جواد 


-وحضرتك ياعمو..أشار للغرفة التي بلأسفل 


-دي لصهيب، وأنا وجواد هنروح بيتهم، اطلعوا انتوا بس ارتاحو، المكان هيعجبكم، ماهو انتوا كنتوا بترفضوا تيجوا هنا، علشان كدا مهتمناش 


تحرك ياسين يجذب كف عاليا وصعد للأعلى، دلف إلى الغرفة التي تجاور عز 


توقفت عاليا تنظر إليها بوجس:


-الاوضة دي هنقعد فيها، دي مفيهاش غير سرير واحد، وكمان صغيرة 


هوى على المقعد 


-انزلي قولي لهم أننا مش متجوزين زي ما انتوا مفكرين وهم هياخدوا لك اوضة تانية


رمقته بصمت وحاولت التظاهر بالقوة


-دا الحقيقي، ومتفكرش غير في كدا 


توقف متجهًا لحقيبته، يسحب ثيابه


-أنا تعبان وقرفان، وماليش مزاج للنكد، ولو كنتي بتقولي كدا علشان منتحاسبش على اللي حصل عند والدك ، فأنا ساكت بكيفي، اقترب وهو يضع المنشفة حول عنقه وغرز عيناه بها:


-انا مش هفضل متحملك اكتر من كدا، عايزة توصلي لايه ردي عليا 


صعقت من حديثه الذي شق صدرها، فنظرت إليه 


-الموضوع مش زي ماانت متوقع، كنت بقول اي كلام وخلاص 


تحرك متجهًا المرحاض:


-حتى لو تقصدي، توقف يواليها ظهره 


-تأكدي مش انا الراجل اللي اسمع مراتي تعيب فيا واسامحها، افتكري انك دوستي على كرامة ياسين الألفي بكلامك مع بنت عمك، استدار برأسه 


-وزي ماقولتي لجنى احنا زي شواطئ البحر مستحيل نتجمع في مكان واحد 


وتكرمي بعد ولادتك هطلقك 


قالها وتحرك للداخل يصفع خلفه باب المرحاض ..توقف أمام المرآة وذهب بشروده لليلة أمس  التي ذهبوا لتناول الإفطار بها عند والدها


فلاش 


كانت تجلس مع ابنة عمها بالخارج، بحث بعينيه عنها بعد صلاة العشاء


-عاليا فين ياكريم؟!.


ايه ماشيين ولا إيه، ماتباتوا يابني معانا اللية، وكمان لسة جرحك، هز رأسه رافضًا حديثه:


-لأ ياكريم لازم نرجع الليلة، جاسر نازل الشغل، وكمان فيه اجتماع بكرة في الشركة مينفعش اكون أنا وجاسر برة، وهنسافر الفيوم اخر النهار 


اومأ كريم متفهمًا، ثم أشار له عليها


-قاعدة مع بنت عمها عند الشجرة، اه نسيت ابارك لك ياابو، صحيح هتسميها ايه 


ذهب ببصره لجلوسها واردف:


-رسيل إن شاءالله..


"رسيل"..رددها كريم متسائلاً:


ليه رسيل


زينت ابتسامة وجهه، وذهب بعيناه إليه:


-علشان رقيقة زي المية، وربنا ارسلها لتنشر الفرحة والسعادة علينا 


ابتسم كريم من نظرات ياسين على عاليا واقترب منه يربت على كتفه 


-ربنا يبارك لك فيها ويقر عيناك بيها 


تحرك متجهًا اليها، ولكنه توقف على سؤال ابنة عمها


-حبتي جوزك ياعاليا، شكله جنتل وراجل 


وضعت رأسها على ركبتيها:


-متعرفيش حاجة، ميغركيش مظاهر الناس، عارفة ياسين دا اكتر واحد اذاني، ومستحيل في يوم من الأيام احبه، تقدري تقولي هو وخالد زي بعض، بس الفرق أن خالد كان لئيم من تحت لتحت، وياسين ظاهر في العلن 


-معقولة، اللي يشوفه يقول محترم 


تشبثت بذراعها تنهض بصعوبة وابتسمت بسخرية:


-واكتر ياقلبي، قالتها واستدارت للحركة ولكنها توقفت مذهولة عندما وجدته متوقفًا خلفها، ارتبكت تنظر لأبنة عمها التي تحركت مستأذنة، صمتًا مريب بنظرات نارية لديه، استدار متحركًا للخارج قائلاً:


-اجهزي علشان هنرجع البيت حالا..خرج من شروده واتجه ليكمل استحمامه


بالحديقة كان يتحدث بهاتفه، اتجهت تقف بجواره حتى أنهى حديثه:


-ممكن نتكلم بعد الفطار


قطب جبينه وطالعها بنظرات مبهمة للحظات، ثم اقترب منها


-موضوع ايه ياهنا 


رفعت رأسها إليه حيث فارق الطول بينهما كثيرًا


-جواد لازم نتكلم ونحط النقط على الحروف..امال بجسده وهتف دون جدال


-هنا عايزك تحطي حاجة في عقلك وتدوسي عليها، احنا مستحيل يكون بينا علاقة، مستحيل اتمنى تتفهمي دا، مش عايز اوجعك يابنت خالي، كل اللي بيقرب مني بيتوجع ياهنا


-بس أنا لا ياجواد 


-إنتِ بالذات ياهنا مستحيل، لسبب بسيط انا شايفك زي تقى، فبلاش تتخطي حدودك وتعشمي بزيادة، اتجه ببصره لفارس الذي جلس بجوار أوس يتصفح هاتفه ثم تحدث:


-إنت عايزة واحد نفس الكيميا بتعتك، مش انا ابدًا، بصي لنفسك في المرايا وانت تعرفي قصدي ايه 


قالها وتحرك، ورغم قسوته بالحديث معها إلا أنه شعر بالراحة، توقفت تقى أمامه وعيناها على هنا


-قولت لها ايه، خلاها تعيط


حاوطها بذراعيه وتحرك للداخل 


-لازم افوقها ياتقى، انا وهي مينفعش مع بعض 


تنهدت بحزن وتحركت معه، توقف يشير إلى المطبخ


-عايز عصير فريش، معرفش نعيمة اخبارها ايه 


اومأت مبتسمة وتحركت للداخل 


بالأعلى بغرفة جاسر


جلس بشرفته يتفحص المكان حوله 


-تعرفي الجو هنا حلو، استند على السياج الحديدي ينظر لغروب الشمس مع مناظر الاشجار، ظلت نظراته تحاوط غروب الشمس، مع صوت المذياع بقرآن المغرب برمضان 


حقا أجواء تشعرك إنك ببنت المعز الفاطمي، أغمض عيناه، وكأن رائحة الجو، مع إذاعة القرآن اكبر إنجاز حصل عليه


توقفت خلفه ، ثم حاوطت خصره من الخلف تضع رأسها على ظهره 


-اول مرة نيجي هنا واحنا متجوزين


احتضن كفيها ومازال مغمض العينين للحظات، جذبها فتحركت متجهة تقف أمامه 


-الجمال هنا مالوش وصف


أشار بعينيه للحدائق والمزارع التي تحاوط المكان


-دا أول مكان جيناه بعد مابقيتي ملكي شرعًا وقانونًا، دنى يهمس لها 


-هنا أول بوسة على اجمل شفايف


توسعت عيناها تنظر إليه بذهول 


-جاسر إنت مش صايم ايه الكلام اللي بتقوله دا


لف ذراعيه وحملها بخفة يضعها فوق السور، وحاوطها بذراعه


-وايه يعني صايم، ليه الصيام قالك ممنوع تغازل مراتك


احتضنت وجهه وتسائلت:


-إزاي بتقول جينا هنا 


اعتدل واقفًا وأشار للغرفة:


جبتك هنا بعد ما كتبت عليكي ، ايه نسيتي !!


تذكرت تلك الايام، فاقت من شرودها على صوت اذان المغرب، كان يعانقها بعيناه، ويتابع شفتاها وهي تردد خلف الاذان بدعواتها وعيناها على المناظر الخلابة، انتهى الاذان فابتسمت بعدما أنهت دعاؤها 


"ربي ارزقني خير الاقدار، ولاتصبني بفاجعة لم اتحمل قدرها"


اللهم اجعلني عبدا ثبورا


اللهم قر عيني بطفلي وبارك لي في زوجي..وارزق ابي الصحة والعافية


اللهم انك عفوا كريم تحب العفو فاعف عني 


"اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آتِ سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة"


وصلى الله عليه وسلم


اتجهت ببصرها له مبتسمة 


-ننزل علشان نصلي معاهم ونشارك اول فطار في أول مكان جمعنا 


رفعها من خصرها لتكون بمواجهة وجهه، ودنى يحتضن خاصتها للحظات 


ثم انزلها قائلاً:


-أنا كدا فطرت احسن فطار..لكمته بصدره 


-قليل الادب بتعمل ايه ؟!


الناس بتدعي وانت بتبوسني..قهقه عليها يغمز لها بطرف عينيه:


-مش عجبتك البوسة يامهلكتي،


طب تعالي نعيدها وأنا اخليها احسن وتحسي بها اكتر


لكمته بغضب واستدارت فلفت نظرها تلك الفتاه التي توقفت تنظر إليه بهيام، جحظت عيناها تنظر الى الفتاه ثم إليه !!


-مين البت دي


اتجه بنظره للتي تنظر إليها، وجدها فتاه مابين الثامن عشر والعشرون من العمر ، ترتدي فستانًا مزركشًا ببعض الورود وتضع حجابًا بطريقة عشوائية على خصلاتها مما جعلها تتدلى على جبينها، دقق النظر بها ثم اتجه إلى جنى


-دي بنت عمو حسين الجنايني يابنتي، وبعدين دي شكلها عيلة


دعست على قدمه بحذائها متوقفة عليه، ثم رفعت ذراعيه تعانق رقبته تجذبه لمستواها تهمس بجوار أذنه


-ودي ايه اللي عرفك بيها ياعنيا، البت كانت بتبص عليك وعايزة تاكلك بعينها 


رفع حاحبها ساخرًا من مزاجها الذي انقلب واردف:


-اه اصلي مصاحبها وجاية تسلم عليا 


ضغطت بكعب حذائها فصرخ بها:


-يامجنونة..جذبته مرة أخرى وعيناها على تلك الفتاة التي جلست على العشب بالحديقة وأمسكت كتابها وتمثلت المذاكرة، ثم هدرت به كالمجنونة 


-عايزاك تبوسني تاني، جالي مزاج للبوسة حالا 


انحنى يحملها وارتفعت ضحكاتهم:


-يابنت المجنونة


جحظت عيناها من سبه، وبدأت ترفع ساقيها رافضة حمله


-نزلني يابصباص..انحنى يكتم أنفاسها بطريقته، ثم أردف بصوت خافت بعدما خرج من الغرفة بخروج عز وربى:


-هتسكتي ولا اروح افضحك وأقولهم عايزة تفطري بإيه، والصراحة نوع الفطار دا انا بعشقه


أشار عز برأسه بعدما انزل جنى يجذبها من خصرها بقوة:


-مالكم يابني!!


غمز لها واردف:


-اقول لاخوكي انتِ عايزة ايه 


ركلته بقدمها، وهرولت للأسفل نسبه


ضحك بصوت مرتفع حتى انتبه إليه الجميع


جلس صهيب يضع المحرمة على ساقيه ونظر إلى جواد:


-شوف المسهوك ابنك ماله، مش ناقصة هبل على المسا


جذب المقعد بقوة وجلس بمقابلته ينظر إلى جنى:


-تعالي جنبي، انا طلبت منك تقعدي جنب ابوكي 


ألقاه صهيب بزتونة من أمامه 


-ماتتلم يالا، هو إنت شاري البت، وبجح قدامنا 


جذب من أمامه صحن السلطة قائلاً 


-السلطة غلط على صحتك، اخرك علبة زبادي وتحمد ربنا عليها، هو انت عندك سنان للأكل دا 


كتم حازم ضحكاته يطالع جواد الصامت، حك صهيب ذقنه وطالعه بغموض:


-تمام يابن جواد، استظرف


وصلت الفتيات وجلست بأماكنهم، بوصول غزل التي وزعت نظراتها عليهم 


-مالكم ساكتين ليه!!


أشار جواد لجلوسها وتحدث


-ريان جاي بعد الفطار، ويوسف الأسيوطي كمان، أجهزوا 


-ليه يوسف جاي ياجواد


تسائل بها حازم ...بدأ يتناول طعامه، ثم ذهب ببصره إلى جاسر


-عايزه في شغل 


قطب ياسين حاجبه وتحدث بنبرة حادة:


-وشغل ايه يابابا اللي محتاجه منه، دا مهندس الكترونيات، ايه الشغل اللي حضرتك عايزه، وبعدين ماهو عز موجود، ايه لازمة الراجل دا 


-ياسين هتف بها بصوت حاد، ثم أشار بسبباته:


-متتجاوزش حدودك معاي، وكل وانت ساكت


صمت الجميع فكان وجه جواد يوحي بالغضب، ربتت غزل على كفيه 


-ممكن تهدى، ليه العصبية دي 


اتجه بنظره إليها 


-اقوم ياغزل علشان ترتاحي 


تنهدت مستغفرة ربها ثم نظرت إلى صهيب الذي أومأ لها بعينيه دون حديث 


بعد فترة من صلاة القيام 


اتجه ياسين إلى جلوس عاليا، وسحب كفيها


-تعالي نتمشى شوية .اومأت له وتحركت معه بدخول سيارة ريان ويوسف من البوابة الرئيسية 


توقف لتحيتهم ، ترجل ريان بجوار بيجاد وغنى 


-حمدالله على سلامتك ياحضرة الظابط..ابتسم بمحبة


-الله يسلمك ياعمو ريان..تحركت غنى إليه تضمه لأحضانه


-حبيبي لسة عارفة امبارح خبوا عليا 


نظر إلى بطنها المنتفخة


-حبيبتي ولا يهمك ياقلبي، المهم حبيبة خالو هتيجي امتى، وصل بيجاد إليهم


-ياسو باشا اللي مسيطر على الأمن الوطني صفو دمه، والله صعب عليا شوية الدم اللي نزلوا، سؤال لئيم بس ياياسو


-عايز اعرف هم لقيوا فيك دم منين يابني دا انت دمك واقف 


ضحكت عاليا فرمقها 


-عجبتك قوي ياختي، بتر حديثهم تلك التي توقفت 


-مساء الخير..استدار سريعًا يطالعها بصمت..دنت منهم 


-ازيك ياياسين، عامل ايه 


كانت نظرات عاليا تخترقها، اومأ ياسين برأسه قائلاً:


-كويس شكرًا، سحب عاليا وتحدث:


-بعد اذنكم هنتمشى شوية، الدكتورة طلبت من عاليا الحركة 


-دي مراتك، توقف متسمرًا ينظر إلى عاليا، ثم اقترب يحاوطها بذراعيه:


-بعد اذنكم..تحرك وهو يحاصرها بذراعه، كانت تتحرك بجواره ودقات قلبها تخترق صدرها ونظراتها الحزينة التي جعلت عيناها تكتم عبراتها ونيران صدرها تشتعل بلهيب الغيرة


حقا تلك الفتاة روعة الجمال والرقة 


توقف ياسين مستديرًا عندما وجد جواد حازم يجلس بجوار هنا يتحدثون ..اتجه بنظره الى عاليا 


-هشوف جواد وراجع لك..اومأت له فخطى إلى جلوسهم 


عند جواد كان يدخن سجائره يتحدث معها:


-إنتِ اختي ياهنا، بلاش تزعلي مني، عارف كلمتك بقسوة، بس دا علشان تفوقي انت بتحاولي تبيني للكل انك كبرتي وتحبي وتتحبي، هنا مش زي تركيا، حياتنا مختلفة، وزي ماقولت لك قبل كدا مستحيل يكون بينا حاجة..استمع الى صوت ياسين 


-بتعملوا ايه هنا..نهض جواد يشير إلى هنا 


-هنا كانت بتسألني على حاجة، هروح أشوف عمو ريان ويوسف 


امسك ذراعه وتسائل


-بابا عايز ايه من يوسف الاسيوطي 


ربت على كتفه 


-معرفش انت تايه عن والدك


استدار وتحرك إلى زوجته بعدما لم يصل لشيئا، وصل إلى زوجته، اقترب منها 


-بتعملي ايه يامجنونة !!


-ايه خايف عليا ولا على البيبي 


انزلي ياعاليا ربنا يهديكي..ظل تحرك ساقيها وتقتطف من التوت 


-انا هنا أحسن، مالكش دعوة بيا، نظر لذاك الفرع الذي كاد أن ينكسر بها..فرفع قدمه فوق جذع الشجرة


-ياربي انا كان نقاصني واحدة مجنونة..القت الذي بيديها 


-أنا مجنونة ياياسين..أفلت ابتسامة رغمًا عنه قائلاً :


-لا ابدا انا اللي ابن مجانين ..انزلي بس لتوقعي ويحصلك حاجة 


-المهم خايف على البيبي انا مش مشكلة كور قبضته ثم رفع ذراعيه يضمها من خصرها لينزل بها 


-والله خايف عليكي اكتر يابلقيس 


احلف كدا..قالتها بعدما انزلها 


رفع حاجبه الأيسر مشيرا لفمها الذي عليه اثار حبات التوت قائلاً:


-وحياة التوت اللي عايز يتاكل دا خايف عليكي 


جحظت عيناها تمسح فمها قائلة 


-قليل أدب ..


اقترب يحاوط جسدها:


-أنا قليل أدب ياياسين، مالك مش على بعضك 


ضغط على خصرها 


-ماتلعبيش معايا يابلقيس، وابعدي الأفكار الهبلة دي 


جذب كفيها يضع حبة التوت بفمه 


-طعمها حلو


دفعته والغيرة تتوهج بعينها 


-قليل ادب ياحضرة الظابط!!


ليه هو اللي عايز ياكل توت من فوق الشجرة يكون قليل ادب ..اخدتيها في انهي سنة دي ولا في فصل ايه..عارف اكيد فصل الهبل 


ضربت قدمها بالأرض متحركة من امامه تسبه ..


جربوع حلوف يابن عمو الكويس..يارب نفسي البارد دا يتعدي من اخواته، اشربه ايه، أيوة هو سم فران


عند جاسر وجنى


وبعدين هنفضل نمشي كتير أنا مبقتش قادرة، رفعها من خصرها حتى أصبحت بمقابلته 


-زهقتي ياجنجون !!


حاوطت عنقه تستند بجبينها على خاصته 


-ابدًا ابدًا، طول ماانت معايا عمري ماازهق، انزلها بهدوء وعانق كفيها 


-طب تعالي عاملك مفاجأة ، حاولت افكر في حاجة في ظل ظروف حملك مالقتش غير كدا 


توقفت مقطبت الجبين 


-تقصد ايه؟!


❈-❈-❈


الحج جواد ركب الحجة غزل عجلة 


انا لازم اركبك حاجة ياروحي 


صفقت بيديها 


-قول والله يعني هتركبني عجلة 


هز رأسه ورفع يديه بشكل مسرحي 


-اومال ياروحي، حاجة أجمد من العجلة، انا عندي كام جنجون بس تعالي بقى علشان اركبك البتاع دا 


استدارت تنظر خلفها مبتسمة، ولكنها توقفت مصدومة تنظر للذي يشير إليها 


-والله لأضربك ياجاسر، انا اركب البتاع دا ..تراجع للخلف يقهقه عليها حتى اصطدم بصهيب


رفع الآخر حاجبه ساخرًا


-مش ناوي تتلم، بقالي ساعتين بدور عليكم ..استدار لزوجته 


-هو أنا كنت اتجوزتك ونسيتك، انا طفشت منك، جاي ورايا ليه 


لكزه يدفعه بغضب وزمجر غاضباً:


-إنت متخلف يالا، البت حامل ، وعارفك مجنون، اتلم ياجاسر، أنا هاخد البت وانت اتفسح مع نفسك 


حاوطها من أكتافها 


-ياله يابابا، سيبك منه والله هيسقطك واللي كنت خايف منه حصل 


-هو انت غيران مني ياصهيب، ماهو لو غيران نكلم نهى تلمك، اما لو حاجة تانية نشوفلك دكتور 


-اه ياحلوف يابن جواد ، طيب والله ماهتقرب منها لحد مانرجع، اقترب منه يرمقه شزرا وتابع بفظاظة:


-لو حاولت تقرب اقسم بعزة الله أبعدها عنك شهرين، وقرب وشوف هعملها ولا لا ..


تركت كف والدها واتجهت إليه فابتسم يغمز لصهيب، حتى وصلت 


وطبعت قبلة على وجنتيه 


-يبقى اركب الدونكي ياروحي، اهو يسليك وتتصاحبوا على بعض الفترة دي ..قالتها واستدارت تحتضن ذراع والدها


-سوري يابابا كان لازم أودع جوزي حضرتك عارف شهر كتير برضو 


خطى إلى أن وصل إليها


-رايحة فين يابت، العيد بكرة والله ادخل ابوكي السجن 


دفعه صهيب بقوة


-ابعد يالا روح عيد مع ابوك 


جذبها من خصرها بقوة 


-والله ماهعيد إلا في حضن بنتك ..تعالي يابت، كنتي عرفيه وقولي له كنتي عايزة تفطري بإيه 


ضربته تضع رأسها بأحضانه:


-اسكت ياجاسر هزعل منك ..قهقه عليها يضمها لأحضانه :


-عايزة تعيدي بعيد عني ياجنجون


أخرجها من أحضانه يضم وجهها بين راحتيه 


-عايزة تعيدي عند بابا..هزت رأسها بالنفي..انحنى يلتقط ثغرها بقبلة جامحة، تحرك صهيب يسبه 


-وقح يخربيت قلة ادبك 


بعد ساعتين تجمع الجميع بالحديقة وصوت ضحكاتهم بالارتفاع على عز وبيجاد 


تسطح عز يمسك بطنه من الضحك، هوى بيجاد فوقه 


-والله لازم اربيك يابن عمو صهيب 


بالداخل بغرفة مكتب جواد 


-يوسف الموضوع دا لازم يتعمل بدقة، انا مش واثق في حد 


اومأ يوسف له 


-متقلقش، هفكر في حاجة وارتب ظروفي، بس ليه مابتتكلمش مع جاسر وتعرفه


هز رأسه بالرفض قائلاً:


-مش عايزه يعرف أي حاجة، المهم يعمل اللي عايزه وفي نفس الوقت يكون تحت عيني 


-بس دا خطر ياجواد..قالها ريان 


-مش عايز اقف قدام مستقبل الولاد ياريان ، لازم يعملوا اللي شايفنه صح، وفي نفس الوقت يكونوا تحت عيني 


-طيب الباقي !!


دول عليا عامل حسابي دلوقتي ركزلي على جواد وجاسر وياسين العيال دول مش عارف اوصل بيرسموا لأيه، وعارف ومتأكد بيخططوا لحاجة، وانا مش مقتنع بكلام ابني ومهما يقول دا تربيتي وعارفه اكتر من أي حد، اكيد بيخطط لحاجة 


قطع حديثهم دخول صهيب 


-خلصتوا شغل ولا لسة ..نهض ريان من مكانه 


-احنا هننزل القاهرة الكل مستنينا هناك، ونتقابل تاني يوم العيد في اسكندريه ، الدعوة للكل ياجواد اتمنى الكل يكون موجود


-إن شاءالله 


بالخارج كان يقف ينظر للسماء التي تزينها النجوم، ولكن اختفاء القمر احزنه، فاليوم اخر ايام الشهر المبارك 


توقفت تقف خلفه 


-"ياسين"..استدار برأسه، رمقها بنظرة، ثم اتجه ينظر للسماء مرة أخرى يضع كفوفه بجيب بنطاله 


-عايزة مني ايه ياليليان ..اقتربت تقف بجواره


-أنا آسفة، بجد آسفة، أمسكت ذراعيه 


-ياسين أنا لسة بحبك، مقدرتش أنساك


قالتها بدموع تنساب على وجنتيها..هزت رأسها واقترب للحد الغير مسموح 


"أنا موافقة أكون زوجة تانية، بس ارجع لي، صدقني مش عارفة اعيش من غيرك حاولت ومقدرتش، فرحت قوي لما بابا قالي أنه جاي هنا، كنت واحشني قوي وهموت واشوفك 


رفع أنامله يزيل دموعها وانحنى يهمس لها بعض الكلمات 


ابتسمت بسعادة، ولكن صدمت من باقي حديثه 


على بعد بعض الخطوات، وقفت تنظر إليهما تتنتحب بأنين صامت، ونيران تغزو ضلوعها من هذا التقارب ..


ارتجف جسدها، وتحجرت دموعها تشعر بآلام تسري بجسدها ..استدارت تحتضن أحشائها متألمة..تكتم أنينها قابلتها ربى وسنا يتجولون بالحديقة..هوت على الأرض تبكي بصوت مرتفع عندما فاض تحمل الألم 


صرخت صرخة شقت قلبها باسمه، وكأنها تحمله آلامها، فتساقطت الدماء من بين ساقيها بقوة، طالعتها ربى بصدمة، تصرخ باسم والدتها واخيها بنفس الوقت


    الفصل السادس والثلاثون ج1 من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا


تعليقات