رواية عشق لاذع الفصل الثامن والعشرون 28 ج1بقلم سيلا وليد

       

رواية عشق لاذع

الفصل الثامن والعشرون 28 ج1

بقلم سيلا وليد

 

نحن لا نتألم على رحيلهم ..


ولا على ذهابهم .. وخذلانهم لنا ..


نحن نتألم على ما خسرناه من أنفسنا ..


وماذهب من أعمارنا .. نحن نتألم على ..


تلاشي أحلامنا .. وفقدان شغفنا .. وإندثار رغباتنا .. 


نحن لا نحزن عليهم .. ومن أجلهم ..


بل لإننا لا نستطيع أن نعود كما كنا قبل أن نلتقي بههم


يا ساااااادة ..


ليتهم يعلمون ..


أن جروحهم حفرت في قلوبنا .. وأننا نتألم بهآ كُلْ ليله ..


❈-❈-❈


قبل ذهاب صهيب وخاصة قبل عدة أسابيع 


أنهت صلاتها ، ثم نظرت حولها تبحث عنه، ظنت أنه خرج خارج الجناح المقرر المكوث به تلك الأيام ..اتجهت لمرحاضها وانعشت نفسها بحمامً دافئً


نظرت حولها تبحث عن ملابسها تذكرت أنها وضعتهم على الفراش، 


أخرجت رأسها تنظر للخارج..حمدت ربها بعدم وجوده، هرولت سريعا بتلك المنشفة التي تحيط جسدها، متجهة لغرفة ثيابها، ولج من الشرفة بعدما أنهى اتصاله، فإذ به ينصدم بتلك النارية التي سقطت بين ذراعيه ..صرخت تغمض عيناها..حدجها لفترة وهي مغمضة العينين، ثم انحنى يهمس لها 


-دراعي وجعني، لو عجبك مستعد اجرهولك..هبت فزعة متراجعة للخارج ..تتشبث بالمنشفة، هنا فاق على طلتها بتلك الهيئة، اقترب منها وعيناه تخترقها بوقاحة فغمز قائلاً:


-طبعا أنا في حالي السما اللي بتحدف نسوان حلوة بالفوط


أشارت محذرة إياه:


-ياسين لو قربت هصوت وألم عليك البيت ..اقترب بخطوات سلحفية مرددًا بتسلي:


-ياريت يابلقيس، اهو أحس معايا انثى في شهر العسل 


جحظت عيناها مما تفوه، فدفعته بحدة 


-قليل ادب ، لا وعامل مؤدب ومحترم..حجزها خلف الباب وهي تتشبث بمنشفتها بجسد مرتجف، فهتفت بتقطع:


-ياسين عيب كدا، انت محترم، اكيد مش هتعمل حاجة وحشة


انحنى رافعًا حاجبه بسخرية:


-دلوقتي محترم..من ساعتين كنت ملك الهكسوس..هزت رأسها ولم تقو على الحديث، وضع أنامله على المنشفة فارتجفت تهز رأسها بعنف 


فأطلق ضحكة قائلاً :


-كنت بلم الفوطة يابلقيس، أصلها توقع وتفكري نفسك انثى بحق وحقيقي وترجعي تقولي كلام محصلش


اغروقت عيناها بالعبرات قائلة:


-مستفز وبارد..جذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره 


-يابت إنتِ تحت ايدي وبرضو لسانك متبري منك، لولا كريم كنت عرفت اقص لسانك اللي زي فردة ..صمت ثم دفعها متراجعًا للخلف 


-جتك نيلة في عيون القطط دي..تحرك للخارج ولكنه توقف مذهولا عندما اردفت


-أكيد مش هعجب اشكالك ، علشان اشكالك عايزين زي ليليان مش كدا 


استدار إليها وكأنها حولته لشيطان وداخله حمم بركانية تريد الانفجار للتو


تحرك إليها كعاصفة تتعثر برياحها الهوجاء، تراجعت بجسدها والخوف سيطر عليها حتى كاد أن يلتهم دواخلها كالتهام النار لسنابل القمح 


حاوط جسدها ونيران تخرج من مقلتيه، قائلاً بنبرة مميتة لحالته


-بتقولي إيه؟!


ابتلعت ريقها بصعوبة، ثم ابتعدت بنظرها عنه 


-مقولتش حاجة..ضغط على اكتافها، حتى شعرت بغرز أنامله بلحمها يهزها بعنف:


-لو جبتي الأسم دا على لسانك تاني..قسمًا بربي لأقطعلك لسانك، وحسابي مش معاكي، حسابي مع اللي خانت الأمانة وفكرتك بنأدمة وحكتلك 


رفع كفيه يجذب رأسها يقربها منه حتى اختلطت انفاسهما، وشعرت بملامسة شفتيه لوجهها مما جعل سيقانها هاوية، فاستندت على صدره متألمة:


-ياسين شعري ..اقترب اكثر ولم يهتم بحالتها يهمس لها بأنفاسه التي حرقت جانب وجهها 


-ابعدي عن حياتي الخاصة علشان ماأقلبش عليكي، زبالة ..قالها ثم ألقاها بعنف حتى سقطت على الأريكة ودموعها تنساب بقوة وعيناها الباكية تخترق عيناه 


ارتعشت ملامحها واحست بدموعها تكوي وجنتيها فأردفت:


-أنا مش زبالة، وكفاية بقى، مش معنى أنا ساكتة يبقى كل شوية إهانة، انت اللي ليك عندي الاحترام، حاول تكون ابن ناس محترم، وكمل جميلك زي ماصاحبك طلب منك ..أما عن حياتك متهمنيش لانك على بعضك مايهمنيش ياحضرة الظابط، انا وانت قابلنا بعض في ظروف مش محسوبة، انا عليا بعد كدا احترمك، وانت عليك بعد كدا تحترمني ..قالتها ونهضت متجهة لغرفة الملابس تبكي بشهقات مرتفعة 


كور قبضته عندما آلامه دموعها، نعم كان قاسيا لحد اوجعه قلبه عليها،


جلس على الفراش محاولا السيطرة على غضبه والتفكير بشيئا يؤل إلى مصالحة الموقف بينهما.. دقائق حتى خرجت وهي ترتدي بيجامة من الحرير الاسود، تاركة خصلاتها للعنان، اتجهت للأريكة وفردت جسدها تواليه ظهرها بعدما جذبت غطاءً تندثر تحته، تختفي من نظراته التي تحاوطها 


مرت قرابة الثلاثون دقيقة ومازال على وضعه، اتجه للشرفة وأغلق بابها خلفه حتى لا تتسرب البرودة إليها ..


ظل جالسًا بها حتى إذن الفجر، فاتجه لقضاء فرض ربه 


بمكانًا آخر وخاصة بغرفة جاسر


كانت تتوسد صدره، فتح عيناه على صوت هاتفه لصلاة الفجر..مسح على وجهه يستغفر ربه، ثم ارجع خصلاته للخلف متذكر ربه، حتى ينفك عنه الشيطان..ابتسم عندما وجد ملاكه وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل، لملم خصلاتها بأنامله مما ظهر وجهها البهي إليه وابتسامة عاشقة تنير وجهه


جذبها حتى أصبحت بأحضانه، وذكريات ليلة الأمس لم تفارق مخيلته


الصفحة التالية


الفصل الثامن والعشرون


2


مرر أنامله على وجهها مقتربًا يتنفس أنفاسها وهو يهمس: 


-جنجونة جاسر، قومي حبي الفجر أذن


رفرفت بأهدابها تهمس من بين نومها 


-سبني شوية ياجاسر، لسة مشبعتش نوم..داعب أنفها حتى فتحت عيناها 


مبتسمة 


-حرام عليك عايزة انام، ميتة نوم


مرر أنامله يقرص وجنتيها 


-قومي ياكسولة الفجر اذن، قومي خدي شاور حبيبي علشان تلحقي تصلي الفجر 


دفثت نفسها بأحضانه:


-خليني شوية كمان وهقوم..تأفف من طفوليتها، فنهض ورفعها بين ذراعيه


-اهو دا بقى شغل العيال، هزت ساقيها 


-خلاص ياجاسر هنزل والله..لم يستمع لحديثها واتجه إلى الحمام يضعها بداخل البانيو نازعا قميصها بعدما فتح المياة حاوطت خصره تختبأ بأحضانه 


-خلاص هكمل انا، روح إنت ..لثم جبينها واستدار متحركًا 


-هدخل الحمام التاني خلصي علشان نصلي جماعة..هزت رأسها ثم جلست بالمياه لتنتعش بدفئها فالطقس شديد البرودة بتلك الليلة 


بعد فترة 


كان يؤم بها الصلاة حتى قضى فرض ربهما، وكعادتهما على خطى والديهما، جلس بجوارها يسحبها لأحضانها مع التسبيح والأذكار..غفت من إرهاقها على كتفه، نهض بعدما أتم ذكر ربه الصباحي، متجها إلى فراشهما، ليدثرها بعدما أزال إسدالها، اتجه لهاتفه وقام بمهاتفة أحدهما 


-آسف يامنيرة، صحيتك بدري 


اعتدلت قائلة:


-ولا يهمك ياباشا، فيه حاجة..وضع كفيه بجيب بنطاله ونظر شاردًا ثم هتف:


-ممنوع حد يدخل البيت وأنا مش موجود، فيروز اكلها يروحله بمواعيد، مع الدوا اللي قولتلك عليه ..وخاصة في العصاير والحليب 


هزت راسها متفهمة:


-عملت كدا ياباشا والله حتى هي طلبت مني لبن وعصائر مغلفة، بس أنا رفضت وقولت لها أوامر حضرتك مينفعش نخالفها 


هز رأسه قائلاً :


-فيه حد زارها..وضعت كفيها على رأسها تتذكر ثم تحدثت:


-أيوة ياباشا دا واحد اسمه ايه "أسامة"


اومأ برأسه عدة مرات ثم أغلق هاتفه 


-ناوية على ايه يافيروز الكلب..استدار عندما استمع لصوت زوجته 


-جاسر الجو برد بتعمل إيه عندك !!


تحرك مبتسمًا، ثم غمز لها 


-شوفت واحدة أجنبية إنما ايه ياجنجون تفتح النفس


اعتدلت على الفراش تستند بذراعيها على الوسادة 


-شوفت ايه يااخويا..


نزل بذراعيه يحاوطها وهو يوزع نظراته عليها هامسًا بالقرب من وجهها


-شوفت واحدة أجنبية حلوة ..دفعت ذراعيه حتى سقط على وجهه فوقها وارتفعت ضحكاته


-يامجنونة..لكمته بظهره 


-قوم يابتاع الاجنبيات روح كمل بصبصبة، يابصباص ياقليل الادب


استلقى بظهره ومازالت ضحكاته الرجولية تصخب المكان..ابتسمت على ضحكاته، فاتكأت بذراعيها بجانب رأسه، ثم رفعت كفيها تخلل خصلاته قائلة:


-حلوة وعجباك الأجنبية ياجسورة ..بتر ضحكاته ولمعت عيناه بالعشق، يجذب رأسها حتى تلاحم وجهها بوجهه يهمس بجوار أذنها: 


-مفيش اجمل من جنجونة جاسر، ثقي أن عيوني دي مش شايفة غيرك..قالها يطبع قبلة مطولة على وجنتيها، استدارت لعيناه القريبة من وجهها 


-وانا كمان مش شايفة غيرك، أغمض عيناه مستمتعـا بكلماتها التي عزفت على لحن نبض قلبه..وضعت رأسها بجانب رأسه وابحرت فوق وجهه تتلمسه بحب:


-كنت زمان اسمع عن العشق والعاشق والمعشوق، قرأت قصص كتيرة، فكنت اقول مفيش حاجة كدا، ايه الفرق بين العشق والحب..رفعت كفيها ومررتها على وجهه كأنها تنحته واسترسلت


-حتى لما كنت بشوف عز وربى، اقول لدرجة دي فيه حد بيتعلق بحد كدا غير تعلق الاب والأخ..ابتسمت بوجع ونظرت لعيناه واكملت :


-مكنتش فاهمة مقولة "ومن العشق ماقتل" لحد مافهمت مشاعري ناحيتك، كنت لما تقعد جنبي احس قلبي هيخرج من صدري، ولما بشوفك بتضحك يبقى نفسي اخبيك ومخليش حد يشوفك غيري، اقولك سر 


شعر بتجمع دموعه تحت اهدابه من كلماتها البسيطة، ورغم بساطتها إلا أنها اشعرته بنبض قلبه العنيف باسمها 


استندت بذقنها على كتفه ومازالت تتلاعب بخصلاته:


-في مرة كنت عندكم وطنط غزل طلبت مني اصحيك علشان العشا، كنت انت اليوم دا راجع من الشغل وزعلان معرفش ليه ..طلعتلك الاوضة ودخلت حتى مخبطش ولا عملت مهرجان دخولي اوضتك، علشان اشوفك وانت نايم واشبع من قربك شوية من غير ما حد يحس بيا، انسابت عبراتها بقوة فاعتدلت تمسح دموعها، هب معتدلا يجذبها لأحضانه، يمسد على خصلاتها هامسًا لها :


-اشش..ليه الدموع دي ..رفعت نظرها إليه: 


-الليلة دي مستحيل انساها، لأنها اول ليلة قلبي اتكسر فيها، دخلتلك وكنت غرقان بالنوم، قعدت جنبك شوية، انا عارفة نومك خفيف محاولتش اعمل اي صوت علشان متصحاش واشبع من قربك شوية، لاني حسيت اخر فترة انك بتبعد قوي، مكنتش اعرف دا بسبب موضوع جواد..احتضنت كفيه واغمضت عيناها..قعدت على ركبتي وفضلت ابصلك ومعرفش ليه، عمري ما توقعت مشاعري دي تبقى مشاعر حب علشان من صغرنا واحنا متعلقين ببعض..قربت وبوستك على خدك..هنا تذكر تلك الليلة ..ظلت تطالعه بصمت حتى أردف :


-لما سألتك وقولتلك حلمت أنك بوستني، وقتها قولتي يبقى استغطى حلو ياخفيف، هو انت مجنون علشان ابوسك ..عانقته ببكاء واردفت: 


-معرفش وقتها اني كنت بحبك قوي، مفهمتش مشاعري خالص، كل اللي فهمته في الوقت دا انك غالي قوي، ولما صحيت وفضلت اخترعلك حجج واقولك انت بتحلم، ورغم أنه حقيقة بس اقنعتك ويومها نزلت وعرفت الكل بحبك لفيروز، ورغم انك كنت قايلي في فرح بيجاد وغنى، إلا انك تقول لعمو وتقنعه وتخيره بينك وبينها وقتها بس حسيت أن روحي ضاعت مني 


❈-❈-❈


وضعت رأسها بصدره وبكت 


-صعب ياجاسر، صعب قوي انك تشوف حبيبك مع حد تاني، دا الموت ارحم 


ضمها بقوة وتراجع على فراشهما يجذبها لأحضانه، وبدأ بتأسفه بطريقته الخاصة حتى غفت بأحضانه وهي تتشبث بصدره


الصفحة التالية


الفصل الثامن والعشرون


3


❈-❈-❈


باليوم التالي 


جلس بجوارها يتناول طعام الإفطار..كان يتفحص هاتفه على الأخبار، وهي تطعمه بيديها ..سئمت قائلة:


-ممكن تسيب الفون وتاكل بقى..امسك يديها التي بها الطعام واكله بتلذذ 


-كدا شبعت حبيبي، هاخد قهوة 


نهضت تجذب منه سجائره، عندما وجدته يشعل إحداها


-مفيش سجاير غير لما تاكل كويس، وكمان لازم تخففها البتاعة، متخلنيش ادعي على اللي كان السبب، وليه مدعيش عليه، ربنا ياخده اللي كان السبب في الزفت دا 


وضع إبهامه على ثغرها :


-اشش متدعيش عليها، بعد الشر عليها من الموت..قطبت مابين حاجبيها متسائلة:


-ليه إن شاءالله هي مهمة قوي كدا ..امسك كفيها حتى نهضت وجذبها تجلس فوق ساقيه، وبدأ يطعمها قائلاً :


-اه مهمة قوي، وبحبها قوي قوي، ومقدرش اعيش من غيرها، رمقته وهتفت بخفوت: 


-أنا السبب ياجاسر، صح! 


انا اللي خليتك تشرب السم دا ..اقترب يطبع قبلة بجانب شفتيها :


-إنتِ روحي ياجنى، وليا نصيب اشرب منها سواءانتي السبب ولا لا 


يعني انا صح ..امسك المحرمة واقترب ليزيل بقايا الطعام، لمعت عيناه وهو يرى اثار المربى على شفتيها


فجذب رأسها سهوًا منها، ليعانق كرزيتها بخاصتها يعزف لحنه الأثير بها ينسيها مااحزن قلبها منذ الأمس وذكرياتها التي اوجعت قلبه..لم يتركها سوى احتياجهما للتنفس..لكمته بقوة وانفاسها تتسارع، نهضت من مكانها مبتعدة عنه، تضع كفيها على صدرها تطالعه بغضب متصنع 


-ايه عايز تموتني..رفع حاجبه الأيسر ساخرًا 


ليه الجميلة مش عجبها البوسة، ولا بتقول كدا علشان تضيقني وابوسها تاتي، 


وبعدين بدوق المربى، حد قالك كلي مربى تين..توقف يغمز لها 


-أنما مجبتيش فروالة ليه ، علشان عارفة مبتحسس منها ومينفعش ادقها من الشفايف الحلوة دي فبتغريني ياجنجون 


وصلت إليه تلكمه بصدره 


-اسكت ياجاسر بقيت مستفز وبارد قوي ..نهض ينظر لقميصه الأبيض، الذي ظهر به اثر للكمتها، وأشار عليه 


-ينفع كدا، كرمشتي القميص، واحنا في مكان كله اجانب، عايزة


يقولوا عليا ايه مش شيك ومستهتر


ضربت أقدامها بالأرض متجهة لحجابها، وقفت أمام المرآة 


-هسكت ياجاسر، بدل مازعلك..قهقه عليها وهو يحتضنها من الخلف 


-حبيبي الغيور الشرس، لثم وجنتيها


-زعلانة علشان البوسة ولا زعلانة من كلامي 


لكزته بصدره حتى تراجع للخلف يضحك 


-اتلم ياجاسر


حملها يدور بها بالغرفة واضعًا جبينه فوق جبينها قائلا


-عايز تشكوليت ياروحي، الحاجة من هنا طعمها غير ..قهقهت بصوت مرتفع عليه ثم لكمته 


-منحرف، فين عمو جواد يجي يسمعك 


انزلها بهدوء يضمها بقوة من خصرها 


تعالي ننزل على الشط، بتخوفيني ببابا، عندك ياقلبي مبسمعش غير دقاته


وصل للشاطئ، وجدوا عاليا تتحرك على الشاطئ بنظرات تائهة معذبة 


عاليا..صاحت بها جنى فاستدارت إليهما..


وضع كفيه بخصره قائلا


-ايه رأيكم نطير طيارة، عارف جنجون بتحب اللعبة دي 


صفقت بيديها كالأطفال 


قول والله، تأفف بضجر ينظر لعاليا، شوفي وخليكي شاهدة علشان بتزعل لما بقولها مجنونة


رفعت نفسها تحاوط عنقه 


-خلاص ياباشا مصر، عرفت انك مابتضحكش عليا..حاوطها  متحركًا جهة الشاطئ فتوقفت تنظر لعاليا الصامتة


-واقفة ليه ماتيجي..هزت رأسها وابتسمت :


-لا هستنى ياسين، روحوا انتوا واحنا هنحصلكم


جذبها من كفيها وأسرع قائلاً 


-البت دي بتفهم، لكزته بذراعه


-اتلم احسنلك، وياله عايزة اطير الطايرة ..توقف يطالعها بنظرات مبهمة فدنى يجذبها لأحضانه، يضع جبينه فوق جبهتها 


-طيب ماتيجي تطيرني مش احسن 


قطبت جبينها متسائلة :


-وانت هطير ازاي، عندك جناحين ولا هتعمل عباس بن فرناس 


دنى بأنفاسه غامزا بعينه


-لأ طيراني من غير أجنحة ياجنجون، طيران بقلبي ياروحي


 


بالأعلى بغرفة ياسين ..توقف بالشرفة بعد نزول عاليا لجاسر وجنى وأمسك هاتفه يهاتف احدهما


-أيوة وصلت لإيه؟!


اجابه على الجانب الآخر 


-الواد نزل مصر ياباشا من يومين، وكمان، صمت للحظات قائلاً:


-كان موجود بفرح حضرتك، وخرج من الفرح على شقة لواحد صاحبه، عرفت أن الشقة دي بيتردد إليها من وقت للتاني 


هز رأسه وتسائل:


-بيروح الشقة مع حد ولا مع نفسه


اجابه الرجل 


-لا ياباشا لوحده، بس فيه حاجة كمان 


صمت ثم أردف :


-قبل الفرح بيوم كان واقف قدام البيت ومدام عاليا نزلتله وقفت معاه دقائق 


اغلق الهاتف ونظر للخارج ووجهه عبارة عن الغضب ممزوج بالألم ..أطبق على جفنيه يضغط بقوة على شفتيه حتى لا يصل إليها ويحطم عظامها..لحظات ولم يستطع السيطرة على غضبه كل ماتوصل إليه خيالاته صورها مع ذاك الحقير..هبط للأسفل سريعًا يبحث عنها وجدها تجلس على الشاطئ بإنتظاره..نهضت متجهة إليه 


-جاسر وجنى هينزلوا البحر، وانا مبحبش انزل قدام حد غريب، بقولك كدا علشان متفرضش رأيك عليا


اقترب منها وعينين كجمرتين من جحيم جهنم ، وداخله يحترق كالمرجل 


جذب رسغها يرفع هاتفه أمام نظراتها:


-ايه دا يامحترمة، كنتي وافقة معاه ليه..ايه بتتفقوا تتقابلوا ازاي


اشتد من ضغطه حتى شعرت بتقطع لحم رسغها من قسوة ضغطها ..ارتجف جسدها تهتف بتقطع 


-ياسين بتوجعني..زمجر بغضب وارتفع صوته وهو يجذبها من خصرها بقوة ضاغطًا تخترق أنامله وتستبيح خصرها بآلامـًا حتى انسابت عبراتها متألمة


-ياسين..ظل يضغط ونظراته كنيران تلتهم سنابل القمح، ودّ لو أحرقتها


انحنى بطوله يهمس بفحيح 


-ايه يامحترمة، مكنتيش متوقعة اعرف انك زبالة..حاولت دفعه ولكنه كان كالصخرة لم يتزحزح انش واحداً


همس قائلاً:


-الليلة هنكمل جوازنا ماهو لازم ادوق، مش من حقي 


رفعت كفيها حتى تسقط على وجنتيه، إلا أنه امسكها بعنف يصيح بغضب 


-اتجننتي يابت، اوعي تفكري انك بنت حق وحقيقي، انا مستنضفش اقرب من واحدة ذيك ، اقرف 


استمع جاسر وجنى لصرخات ياسين..توقف جاحظًا عيناه مما رآه من أخيه وكلماته ..وصل إليه جاسر يبعده عما يفعله بعاليا..دفعه بقوة 


-ياسين اتجننت!!..استدار لعاليا التي تبكي بشهقات تملس على ذراعيها من آلامها..


-آسف ياعاليا، ياسين لما بيكون عصبي مبيعرفش بيعمل ايه ..استدارت متحركة بخطوات متعثرة ودموعها تفترش الأرض.أمامها.أشار لجنى بعينيه أن تلحقها، ثم جذب ياسين الذي أنفاسه كنيران تحرق من يقترب منه، جلس على الشاطئ يشير إليه بالجلوس 


-اقعد ياياسين، ينفع اللي عملته دا 


كور قبضته كاد أن ينزع أوردته 


أشار له بغضب: 


-بقولك اقعد، نسيت نفسك ولا ايه ؟!


جذب من أمامه سجائره وقام بإشعال أحدهما، حاول جاسر توقف إلا أنه أشار محذرًا إياه:


-اخويا الكبير على راسي، لكن حياتي الشخصية مش مسموح لحد يدخل فيها، سمعتني ، قالها وتحرك يسير على الشاطئ..ظل بمكانه فترة من الوقت حتى شعر بأحدهما يضع كفيه على كتفه، ثم جذب أحد المقاعد 


-بتعمل ايه لوحدك فين الباقي


تراجع على المقعد يطالعه بإبتسامة ساخرة:


-صح النوم ياعريس الهنا، ايه دا ياراجل، دا نسيت انك معانا 


رفع عز أقدامه فوق الطاولة ورفع كفيه على خصلاته يرجعها للخلف وهو يطلق صفيرا، وعيناه على أمواج البحر


دفع جاسر ساقيه بغضب:


-ماتتلم ياحيوان، رافع رجلك في وشي


غمز عز إليه متلاعبًا بحاجبيه:


-مالك ياعريس، مضايق ليه..نهض جاسر متأففًا ثم امال بجسده:


-أنا عريس على طول ياحمار، الدور والباقي على الاهبل اللي كان واخد اشغال مؤبدة..قالها غامزا بإحدى عينيه وتحرك يضع كفوفه بجيبه وهو يطلق صفيرًا


الصفحة التالية


الفصل الثامن والعشرون


4


❈-❈-❈


مساء اليوم خرجت جنى وهي ترتدي رداءً من اللون الأبيض به فراشات بنفس اللون، وحجابًا باللون الفيروزي، ثم قامت بوضع القليل من اللمسات التجميلية بأحمر شفاة نبيذي اللون، نظرت لنفسها برضا انثوي، ثم رفعت هاتفها وهاتفته:


-إنت فين اتأخرت ليه ؟!


أجابها وهو يتحرك بجوار ياسين عائدًا للفندق الذي يقيمون به ..توقف أمام جناحه


-ياسين زي ما قولتلك لازم تهدى ومتتكلمش معاها لحد مانرجع ونعرف ايه الحكاية بالظبط


اومأ متفهمًا، يربت على كتفه وأردف بنبرة متأسفة:


-آسف ياجاسر اتعصبت عليك الصبح


لكزه بكتفه وأشار بعينيه:


-المهم متزعلش عاليا البنت مظلومة زي ماقولتلك، بس وراها ايه هنعرفه، اديني اسبوع بس اتشخلع شوية يابن جواد وبعد كدا نعرف


أطلق ياسين ضحكة خافتة وتحرك متجهًا لغرفته توقف عندما صاح جاسر


-هننزل الحفلة وانت إلحقنا، كلمتين حلوين يامتخلف..قالها وهو يفتح باب غرفته يطلق صفيرًا عندما قابلته رائحتها الأنثوية برائحة الياسمين، كانت تقف بالشرفة تنظر لأمواج البحر المرتفعة، حاوط جسدها من الخلف حتى أصبحت بأحضانه بالكامل، يضع رأسه بحجابها يستنشق عبيرها العبق هامسًا بأنفاسًا ملتهبة:


-وحشتيني ياجنتي ..أغمضت عيناها تستمتع بهمسه، تضع كفيها فوق كفوفه المتشبثة بها، متراجعة بجسدها وابتسامة عاشقة تنير وجهها المستدير، دقات عنيفة أصابت قلبها وأصبحت كالهلام عندما قام بنزع حجابها، يديرهأ إليه..طاف برماديته على ملامحها حتى توقف على ثغرها ، مرر إبهامه عليه وحاول الصمود إمام فتنتها الطاغية، ثم جذب رأسها ليعاقبها على تلك الحمرة التي جعلتها أيقونة لجذب اي رجلٌ آخر، أصابت عقله بالجنون، وجعلت صدره كحمم بركانية، ظل للحظات يعاقبها بأسلحته الفتاكة، لا يعلم أن ماعلى العاشق عقاب سوى البعد، دنت منه تستقبل عقابها بقلبها العاشق رغم ماشعرت من آلام شفتيها التي سحقها، تراجع بجسده يجذب منشفته متجهًا لمرحاضه وهو يتحدث غاضبًا :


-وعد المرة الجاية هخرجها بالدم ياجنى..جلست بعدما فقدت دفئ أحضانه وأصبح جسدها خاوي كالصحراء الجرداء، وضعت كفيها على صدرها علها تهدأ من دقات قلبها العنيفة التي كادت أن تخترق ضلوعها، فردت جسدها على الفراش وابتسامة عاشقة على وجهها تضع كفيها على شفتيها متذكرة قبلته العنيفة، همست لنفسها: 


-بتغير ياجسور، ظلت ابتسامتها على وجهها حتى شعرت بخطوات أمام المرآة، اعتدلت بجلستها تطالعه بصمت، ثم رسمت الحزن على وجهها واردفت 


-ينفع كدا، هنزل إزاي دلوقتي


رمقها من خلال المرآة واجابها بفظاظة:


-متنزليش خليكي علشان بعد كدا تبقي محترمة ومتعرضيش نفسك للعيون


توسعت عيناها مذهولة من كلماته حتى نهضت متجهة تقف خلفه تطالعه بغضب خرج من مقلتيها:


-ايه اللي بتقوله دا، دا ملمع مش روج وبعدين احنا رايحين حفلة والكل هيبقى حاطط مكياج، انا يدوب بس حاجة بسيط ..استدار إليه بقوة جسدية غاضبة:


-متعصبنيش ياجنى، وتخليني ارجع القاهرة حالا ويبقى بنكدك ..عقدت ذراعيها على صدرها:


-يبقى احسن ، يالا نرجع مصر مش احسن من تحكماتك الغير مقبولة 


تحرك بخطوات بطيئة وعيناه تخترق جسدها بالكامل، بثت الرعب بداخلها، فتراجعت للخلف تهز رأسها 


-إنت هتعمل إيه، أنا بهزر ياجسور..لحظات فقط وحرب الأعين بينهما حتى اقتربت منه تعانق رقبته، تتلاعب بزر قميصه المفتوح وتحدثت بدلال علها تخفف حدة غضبه:


-خلاص مش هتحصل تاني، انا عملت كدا علشان اعجبك، ثم رفعت سبباتها أمام عيناها وتحدثت بتحذير


-علشان كمان العيون دي لو شوفتها بتبص على أي واحدة هعميهالك، وبعدين لابس قميص خفيف ومفتوح كمان في الجو البرد دا ليه 


انزل كفيها بهدوء عندما أعجبه لعبها وهتف بنبرة جيليدية:


-حران عندك مانع


مطت شفتيها تضغط بأسنانها بعنف حتى كادت أن تدميها، فك شفتيها عندما لاحظ ماتفعله بها 


-مش ملكك على فكرة علشان تعملي كدا..


جذبت زر قميصه بقوة حتى أصبح بكفيها، لم يكفيها ذاك حتى أمسكت مبرد أصابعها لتشقه ، ثم رفعت حاجبها 


-حلو كدا ياحبيبي ، عايزة اشوف عضلاتك الحلوة دي 


ضغط على خصرها، يجذبها بقوة 


-عايزة ايه ياجنى؟! ارتحتي كدا بدل مرتاحة خلاص


أبعدت كفيها من فوق صدره تطالعه بحزن:


-زعلانة منك على فكرة ..


جلس بمقابلتها ثم رفع ذقنها بأنامله يمرر إصبعه على شفتيها المتورمة 


-آسف !! إنتِ السبب، حذرتك قبل كدا ياجنى ومفيش فايدة فيكي، ليه دا، بتقولي علشاني ازاي ..أشار على نفسه واسترسل بإبانة:


-حبيبتي علشاني يبقى في اوضتنا، انا كدا مش راجل لما اشوف الرجالة بتاكل مراتي بعيونها، وبعدين دينك ياجنى من امتى وأنتِ بتخرجي متبرجة كدا 


رفرفت بأهدابها هي تعلم أنه على صواب..اقترب يحتضن وجهها:


-اسمعيني كويس انا مستحيل أقبل على مراتي حد يشوف جمالها غيري، ومش معنى اني بسكت في بعض الأوقات بس دا علشان بنكون عيلة في بعض، رغم أنه غلط برضو بس مبحبش اكسر فرحتك بلمة اخواتي جنبك، لو ليا خاطر عندك وحياة جاسر بلاش توجعيني من الناحية دي


همست بشفتين مرتجفتين:


-إحنا طول عمرنا بنحط ميكب في المناسبات ياجاسر، وكمان فيروز كانت بتحط على طول وانت ساكت، مش دي كانت مراتك واسمك برضو 


نهض من مكانه وجلس بجوارها يجذبها لأحضانه ممسكًا كفيها حتى خلل أنامله بكفيها وتحدث بنبرة لا تجيد الجدال 


-اولا الأول مكنش ليا حكم عليكي، دلوقتي إنتِ مراتي، حتى قبلها تفتكري يوم فرح عز عملت فيكي ايه من فستانك الضيق، أما فيروز اول جوازنا كانت ماشية كويس، سبتها لما تعبت منها وبقت متهمنيش كان مجرد وقت وهطلقها، يعني أنتِ غيرها اوعي في يوم تقارني نفسك بيها 


لفت ذراعيها حول خصره:


-آسفة متزعلش مني، أخرجها من أحضانه ينظر لشفتيها بأسفًا ثم نصب عوده يشير لقميصه الذي نزعت إحدى زرايره وشقته


-ينفع كدا قميص غالي تعملي فيه كدا


نهضت بعدما ذكرها ثم جذبت ياقته قائلة:


-القميص دا مش هيتلبس وبعد كدا هتلبس على ذوقي يابو زراير مفتوحة، كان لازمته ايه الكام زرار اللي تحت دول ، لا ياحبيبي افتحه كله 


قهقه عليها يجذبها لأحضانه :


-حبيبتي الغيورة، جنجون جوزها اللي بتغير عليه ..رفعت رأسها تعانقه بعيناها 


-متكنش مغرور يابن عمي، دا منظري قدام الكل ..تراجع متجها للخزانة 


-تمام يابنت عمي ممكن اعرف مسموح لي ألبس ايه ..تحركت خلفه تجذب تلك الكنزة الشتوية الثقيلة بوشاح رجالي جذاب، ثم قامت بنزع قميصه بالكامل، تلكزه بغضب


-لا والراجل لابسه من غير حاجة تحته، ازاي مش بردان معرفش..كانت عيناه ترسم غضبها بإبتسامة خلابة، ناعمة جميلة حتى يغضبها،ودٌ لو افترسها كما يفترس الأسد غزالته، فاق من تأملاته بها على وضع وشاحه حول عنقه 


-كدا خلصنا، لم نفسك يابن جواد علشان انا مجنونة ومن زمان مااخدتش الدوا 


لف ذراعه وارتفعت ضحكاته يداعب أنفها بأنفه


-طب الدوا لما كنت بعيد ياقلبي، دلوقتي ليه الدوا وأنتِ في حضني


لكمته بصدره بغضب محموم يندلع من مقلتيها:


-شمتان فيا وبتتريق ياجاسر..وضع جبينه فوق جبينها يهز رأسه هامسًا لها:


-ابدًا وحياتك ياروحي، عايز أكدلك اني دواكي زي ماانتِ دوايا وسبب سعادتي...



     الفصل الثامن والعشرون ج2 من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات