عشق لاذع
الفصل الثاني والثلاثون 32 ج2
بقلم سيلا وليد
أطبق صهيب على جفنيه
-للاسف ياجواد، دي الحقيقة، وبعتولي الصور دي تهديد أن جاسر يبعد عن القضية اللي بيحفر فيها ياإما
توقف عن الحديث يطالع أخيه بريبة
-هيموتوا جنى بنفس الطريقة اللي موتوا بيها جنى مراتي ومش بس كدا هيموتوه،
شعر بغصة بجوفه فتابع حديثه
-والله ضغطت عليه كتير، انا فقدت واحدة ياجواد، لكن هو أصر خلاني اخيره بين طلاق جنى وبين القضية دي، وطبعا ابنك زيك بالظبط ، قالي هيطلق جنى
ضغط جواد على الكوب حتى غرز زجاجه بكفيه ..فأكمل صهيب
-هددته اني هقولك ، بعدها جه وقالي انا اتنازلت عن القضية ياعمو، بس انا مش هقدر اعرض جنى للخطر، مش كل قضية امسكها افضل قلقان، ودا اخر قرار عندي مش عايز اخسرها وانا سألتها قبل كدا تختاري موتي ولا الفراق هي اختارت الفراق ، الكلام كان ليا ياعمو أنا هختار أننا نبعد بس مستحيل اعرضها للخطر
ووعدني أنه هيبعد عن القضية بس من اسبوع كنت عند باسم والموضوع اتفتح قدامي بالصدفة من اتصال حد بباسم وعرفت أن ابنك كان بيلعب عليا وفعلًا بدأ ينخور ورا الناس دي
ابنك بيرمي نفسه ياجواد للتهلكة، متزعلش مني علشان خبيت عليك بس هو قالي أنه خلاص هيبعد، وكمان قولت مستحيل متكنش عارف بس باسم اكدلي أن الناس مجرمة مابيرحموش حد واكيد مش انا اللي هقولك كدا
طالعه لبرهة دون حديث، حتى تحدث صهيب :
-جواد ليه مبتردش !!
-البنت اللي بتقول عليها دي شعرها اشقر وعيونها ملونة
اومأ صهيب برأسه
هز جواد رأسه دون حديث ثم توقف قائلاً:
-أنا تعبان ولازم ارتاح البيت بيتك دا لو انت لسة شايف أننا نستاهل نكون اخوات
توقف صهيب أمامه
-جواد لازم توقف جاسر، صدقني مش هتتحمل يحصله حاجة، عارف طبيعة شغله كدا، بس الضنا غالي
ربت جواد على كتفه قائلاً بلسانًا ثقيل
-متشغلش بالك ياصهيب، بس غلطت ، غلطت قوي ..قالها وتحرك بجسدٍ مرتجف ..صعد إلى جناح ابنه
لحظات وفتح الباب..قابله جاسر بحالة مزرية ..دلف للداخل نظر للغرفة بذهول من الفوضى التي طالتها من تحطيم الاشياء
تحرك إلى الشرفة قائلاً:
-تعالى عايزك ..تحرك خلفه بعدما جذب قميصه
وقف في الشرفة محاولا السيطرة على آلامه التى سارت بكافة جسده من أفعال ابنه، وضع كلتا يديه بجيوب بنطاله ينظر بشرود للخارج حتى وصل إليه جاسر متسائلاً:
-فيه حاجة يابابا!!
تنهد بغضب مكورًا قبضته داخل جيبه حتى لايصفعه على وجهه ثم تحدث بهدوء رغم اشتعال صدره
- مش ناوي ترجع جنى لعصمتك تاني، بدل ماانت عايش في الجحيم دا وكمان البت مش متحملة فراقكم، ليه تتعبوا بعض كدا
ابتلع ريقه بصعوبة، عندما ارتاب من نبرة والده الباردة ..فحمحم محاولا تجميع الحروف:
-ايه اللي حضرتك بتقوله دا يابابا، حضرتك عارف أننا أطلقنا وخلاص ايه اللي فكرك بعد شهرين من طلاقنا خلاص كل واحد راح لحاله
هز جواد رأسه يردد حديثه:
-أيوة فعلًا كل واحد راح لحاله ، انا برضو حبيت اسمع منك كدا برضو علشان لما أوافق على جوازها يبقى مظلمتكش
ابتلع حديث والده كجمرات مشتعلة تكوي جوفه بلا رحمة وشعر وكأن انطباق المنزل على صدره فاقترب من والده مهزوز الجسد غائر القوى، مفطور القلب يردد بصوت متقطع:
-ايه اللي حضرتك بتقوله دا، مين إن شاءالله اللي يقدر يقرب منها
سحب جواد نفسًا طويلًا بعدما شعر بآلام كلماته على ابنه ورغم ذلك ضغط على جرحه الغائر قائلًا:
-مش حقك توقف قدام سعادتها، انت طلقت وبعدت خلاص مالكش دعوة بيها جالي عريس، فكان من الأولى انك تعرف، غرز عيناه بعين ابنه
-تعرف بس يابن جواد أما حق الرفض والقبول دا لأبوها اولًا ثم ليا حتى هي مالهاش حق الرفض برضو
-بابا ايه اللي بتقوله دا، أكيد بتلعب بأعصابي، علشان حضرتك متأكد مش هخلي حد يقرب منها، مستحيل سمعتني
ارتسم ضحكة على وجهه
-تيجي نشوف كلام مين اللي هيمشي
-بابا ..صاح بها بصوت مرتفع خرج رغمًا عنه فاقترب من وقوفه:
-محدش هيقرب من مراتي، ولا حد ليه حق يقف يخيرني ومتزعلش مني بس مش من حقك تضغط عليا، جنى هتفضل ملكي لحد ماأموت
رغم حديثه الذي نخر عظامه إلا أنه أردف:
-متكنش ظالم ياجاسر، دا ظلم
-لا مش ظلم، وبكرة حضرتك تعرف مستحيل اكون ظالم لجنى أنا عاشق وبس
جذبه من عنقه يهزه
-دا جبروت يابن جواد، دا تملك مش عشق ولا حب، حرام عليك اللي بتعمله في البت، لازم تفوق قبل ماترجع تندم
تراجع بجسده ينظر بأرجاء الغرفة يهرب من نظرات والده:
-ابعد عننا حضرتك بس وأنا هعرف اتعامل معها، دا اخر كلام عندي
-إنت رجعتها صح ياجاسر، أكيد رجعتها، مستحيل تتكلم بصدر واسع كدا الا إذا رجعتها، ماهو مفيش واحد يحب كدا ويترك حبيبته بعيد عنه
رجعتها يالا..
-حضرتك عايز توصل لأيه بالظبط
استدار برأسه يرمقه بهدوء:
-مين البت روزين اللي حبستها ياجاسر، البت دي حبستها ليه
ذهل من حديثه ففهم لعبة والده فدلف للداخل قائلاً:
-بابا عندي شغل مهم لازم أخرج دلوقتي
-اقف عندك يالا ايه مش محترم ابوك، ازاي تسيب ابوك بيتكلم وتمشي
استدار بكامل جسده ورمقه بنظرات نارية مقتربًا منه
-هقول ايه على واحد واقف قدام الكل في الحفلة وجاي يشرب سجاير من غير مايحترم أبوه
فتح فاهه للحديث ولكن أشار له بالصمت
-ولا كلمة يابن جواد ، ولا كلمة كل مرة تثبت لي اني فشلت في تربيتك، لما تعامل ابوك أنه عيل يبقى انا معرفتش اربي ..كبرت وبقيت تخبي على ابوك يالا ..لا وكمان مرجع مراتك وبتلعب على الكل ..انا ياجاسر انا بتلعب عليا
-بابا ..أشار له بالصمت
-قولت اخرص، مش عايز اسمع منك ولا كلمة، بكرة تكون اب ولما تحس ان ابنك بيعاملك انك عيل هتحس قد ايه كسرتني يابني
اقترب منه يهز رأسه :
-بابا حبيببي ليه بتقول كدا ..هزه جواد بعنف
-طلقت مراتك ليه يالا ورجعتها بالسر، وتقولي مش هترجعها، ضحكت عليا وعملت لعبة مع عمك تطلعوني عيل،لدرجة دي شايف ابوك عيل تضحك عليه
تراجع بجسد مهزوز مردفًا:
-ياخسارة يابن عمري ياخسارة، للمرة الكام هتخلي ابوك اخر واحد يعرف حياتك
ضمه جاسر مردفا بصوت متحشرج:
-والله غصب عني يابابا، كنت عايزني اعمل ايه، مراتي وعمي في كفة وشغلي وحياتي في كفة ..انا مش خايف على نفسي، بس عمو صهيب ذنبه ايه يعيش فقدان بنته، مكنتش هقدر اعيش يابابا وهما بيحاولوا يقربوا منها، هما عايزني انا ، خلاص خليني لوحدي، علشان كدا بعدت عن الكل محبتش اقرب من حد ، أما رجعتها في السر ليه علشان مايوصلوهاش ومحبتش يحصلي حاجة وهي مش على أسمي، أنا بحبها قوي يابابا، بس عاجز مش عارف احمي مراتي وهي في حضني
احتضن وجهه يهزه وهدر به غاضبًا
-غلط يابن جواد، تفكير عقيم انك تفكر بالطريقة دي تبقى غبي، انت ابن جواد الألفي محدش يقدر يهددك أو يكسرك ياغبي، ازاي تعيش الوجع دا ياحبيبي وابوك عايش
-بابا..قالها بنبرة متألمة
- مش هقدر اأزي حد ومش هقدر اتخلى عن شغلي يابابا، دا واجبي اوعى تقول زي عمو
ضمه جواد لأحضانه يربت على ظهره
-ربنا يحميك ياحبيبي، انا استودعت ربنا فيك ، وان شاءالله ربنا يوفقك طول ماانت بتجري ورا الحق ربنا هيوقف معاك،
ضمه من أكتافه ينظر إليه :
-عيني حرساك ياجاسر بعد ربنا، وعارف ومتأكد لو ربنا رايد لك بحاجة هتحصل حتى لو كنت في حضني، اهم حاجة اياك تتخلى عن قيمك ودينك، كتاب الله دايما طريقك، وسنته منهجك حبيبي
-ادعيلي يابابا، القضية دي بحياتي
لثم جواد جبينه يزيل عبراته:
-البكى دا للضعيف حبيبي، وأنا ابني مش ضعيف، بكره هروح لصهيب لازم ترجع مراتك قدام الكل بلاش توجع قلبها يابني عيش ايامك متعرفش بكرة مخبينا ايه، اخطف السعادة هي مش هتجيلك لوحدك
غادر جواد غرفة ابنه متجهًا لغرفته
دلف للداخل وجد غزل تنهي صلاتها ، جلس على الفراش يستمع لدعائها بنجاة ابنائها، ودعاء الرحمة للمتوفين ..نهضت متجهة إليه بعد دقائق:
-جواد!!..مالك حبيبي قاعد كدا ليه
أشار لها بالجلوس، فجلست ليتمدد على الفراش يتوسد ساقيها ، مسدت على خصلاته
-مالك ياابو جاسر ؟!
أطبق على جفنيه يدعو بسريرته
-ربنا يحفظه ويدوم اسمه في الدنيا يارب، دعى بها بقلبًا ملتاع
-جواد!! اردفت بها غزل بعد صمته متسائلة:
-مالك ياحبيبي ؟!
تلقف كفيها يقبلها
-مفيش شوية إرهاق..انحنت بجسدها تلثم جبينه:
-هتخبي على غزالتك ..استمعت لرنين هاتفها
-ماما ..صرخت بها غنى
-مالك ياقلبي..بكت بشهقات مرتفعة
-الحقيني ياماما..نظرت لجواد بريبة قائلة:
-مالك ياغنى بتعيطي ليه..اعتدل جواد مفزوعًا يجذب منها الهاتف
-مالك حبيبة بابا ..صمتت وبكائها يصم أذنه
-اهدي حبيبتي..
-بابا أنا حامل ..توقف عن الحديث ينظر لغزل ضاحكًا
-هههه، مد كفيه بالهاتف
-خدي بنتك الهبلة قال بتقول حامل، الله يخربيتك يابيجاد
تناولت الهاتف غير مستوعبة مايقوله
-غنى حبيبتي مالك
استمعت لضحكات بيجاد وهو يجذب الهاتف :
-حماتي عاملة ايه، هدي بنتك ياحماتي وعرفيها إن الولد مش ابن حرام
❈-❈-❈
صرخت تجذب منه الهاتف
-شوفتي ياماما، طلعت حامل وانا معرفش، حامل في أربع شهور
جحظت عيناها تحسب عمر ابنها قائلة
-يخربيتك ياغنى انتي وجوزك المجنون
قهقهت غزل على بكائها
-اسكتي يااخرة صبري ..اربع شهور ومتعرفيش انك حامل
خرج جواد وهو يضرب كفيه ببعضهما ثم تحدث:
-خلي البغل يجبها هنا لحد ماتولد ، يخربيت عمايله
الصفحة التالية
الفصل الثاني والثلاثون
6
بمنزل عز
أنهت اعداد المائدة وتوجهت إلى غرفتها لتستعد لحفل زواجهم ، انهت زينتها بعد قليل، ثم اتجهت إلى غرفة ابنها، دلفت للداخل
-ايهم حبيب مامي..رفع ذراعيه يصفق مرة ويضحك مرة
-حملته تقبله على وجنتيه، ثم استدعت المربية
-عائشة ..أكلتي ايهم
-نعم سيدتي ..وضعته بفراشه قائلة:
-جهزيه ونزليه شوية لباباه ..عشر دقايق وتيجي تاخديه تاني اوكيه
بعد فترة هبطت للأسفل وجدته يجلس. يداعب ابنه ..تحركت إلى أن وصلت إليه
-مساء الخير ياحبيبي..استدار ينظر إليها ثم رجع إلى ابنه ولكنه توقف متراجعًا عندما لاحظ هيئتها ..نصب عوده متوقفًا يطلق صفيرًا
-ايه الجمال دا ياروحي..توقفت متزمرة
-ليه هو أنا وحشة ولا إيه!!
امسك كفيها يديرها ومازال يطلق صفيرًا
-لا ياحبي دا إنتِ الجمال كله..
أشارت له تسحبه
-ياله نتعشى حبيبي عاملة كل الأكل اللي بتحبه
رفع كفيها يلثمهما ثم أردف:
تسلم الايادي والعيون ياحبي..دقيقة اطمن على جنى واجيلك
اومأت متحركة للغرفة الطعام
امسك هاتفه
عند جنى وصلت بعد قليل لمنزلها ، هرولت للحمام تزيل ملابسها بغضب
-لازم أتخلص كل مايربطني بيك ياجاسر، ألقت ملابسها التي بها رائحته بالأرض تدعس عليها وتبكي بشهقات مرتفعة
-ليه ..ليه قالتها صارخة تدفع كل ماتطوله يداه على الأرض حتى خارت قواها فهوت جالسة
ظلت لفترة بتلك الحالة حتى تمددت على الأرض تحتضن ثيابها تبكي وتهمس من بين بكائها
-ياريتك عرفت تداويني يابابا، ياريتك عرفت تداوي وجع قلبي من الشخص الوحيد اللي حبيته..وضعت كفيها على صدرها هامسة لنفسها
-قلبي وجعني قوي يابابا، تعالى ريح بنتك زي ماكنت بتقول
استمعت لرنين هاتفها، ابتلعت مرارة جوفها واعتدلت تزيل عبراتها
-أيوة ياعز..قالتها بنبرة متحشرجة بالبكاء
-جنى ايه اللي حصل أنتِ بتعيطي ليه مشيتي كدا ليه ، حتى ماقولتيش
عز انا داخلة اخد شاور ممكن نتكلم بعدين..سلام حبيبي
اتجه لزوجته التي توقفت تنتظره على طاولة دائرية تعد بها كل ما يحلو
اقترب مبتسمًا وأمسك كفيها يجذبها لأحضانه
-كل عام وأنتِ حبيبتي ياروح عز ..
وانت دايمًا معايا حبيبي
قبل جبينها ثم اخرج هديتها قائلا
-ممكن حبيبة عز تقفل الرمادي اللي بيجنني دا وبيخليني مش على بعضي
ابتسامة لمعت بعيناها ترفع كفيها لوجنته:
-أنا مش عايزة حاجة أبدًا عايزاك جنبنا بس
انحنى يقطف كريزتها هامسًا من بين أنفاسه الملتهبة بعشقها
-الغالي والحلو كله لعيون وحبيبة جوزها، لازم اليوم دا يكون مميز حبيبي ، وزي ماانتِ عملتيه يكون خاص بينا أنا كمان جبت لك الهدية دي لتليق على شمس حياتي
أغمضت عيناها تبسط كفيها إليه
-ياله بسرعة هتفتح عيوني ..أخرج تلك القلادة من علبتها وأدارها ليصبح ظهرها بأحضانه ثم رفع خصلاتها يلبسها تلك القلادة التي بها قمرًا به حجرًا من الزمرد ينقش حوله اسمها بماء الذهب فتحت عيناها عندما لامست أنامله عنقها، ثم انحنى ليقبله هامسًا
-اتمنى تعجبك ..نظرت إليها ثم رفعت نظرها إليها هامسة بنبرة عاشقة
-أنا بحبك قوي
جذبها ليتمايل معها على تلك النغمات قائلا
-مفيش كلمة موجودة تعبر عن مدى عشقي ياروبي
بعد مرور أسبوعين كانت تتسطح على فراشها تنظر لسقف الغرفة ..اخترقت رائحته رئتيها فاعتدلت تنظر لوقوفه مذهولة
-إنت جاي ليه ؟!..اطلع برة امشي من بيتي
اقترب منها ملقيًا هاتفه ومفاتيحه على الأريكة ثم نزع جاكيت بذلته، وألقى بجسده على الفراش بجوارها
-عايز انام ومعرفتش انام غير لما اجي لك ..نهضت من مكانها تشير لباب الغرفة بغضب
-اطلع برة متخلنيش اتصل بعمو جواد دلوقتي حالا
أشار للفراش
-هتنامي ولا اقوم لك مش عايز صداع ، اتصلي ووريني نفسك ..
أمسكت هاتفها وقامت بالرنين على جواد
-عمو جواد تعالى خد ابنك من بيتي، بدل مااتصل باابويا ..قالتها صارخة بالهاتف :
اعتدل جواد يمسح على وجهه بغضب
-خليه يكلمني ياجنى ..رمقته بنظرة متشفية
-كلم عمو، نهض من الفراش متجهًا إليها جذبها من خصرها ثم أجاب والده
-بابا نص ساعة وأكون عند حضرتك ..قالها وأغلق الهاتف ثم استدار إليها يضغط بقوة على خصرها
-اسمعيني ياغبية
دفعته صارخة ..ابعد عني ياجاسر، وياريت تطلقني بجد، بدل مااعرف ابويا
اقترب ولكن قاطع رنين هاتفه:
-عرفنا مكان الولد يافندم، ونزل بشنطة ودخل البيت ..هبعتلك اللوكيشن
-تمام ..انا في الطريق، قالها وتحرك حتى وصل لدى الباب، ثم تراجع إليها يحتضن ثغرها لفترة رغم محاولتها ثم تراجع
-دا علشان تعملي بطلة وتكلمي بابا، حظك حلو النهاردة لازم اخرج حالا
هتوحشيني، دي تصبيرة ومتتنفخيش قوي علشان محدش هيقدر ياخدك من حضني غير الموت..قالها وتحرك
توقفت متنهدة تطالع خروجه بقلب منفطر
-حرام عليك اللي بتعمله فيا، جلست على الفراش تحتضن جسدها وتنظر لنقطة وهمية
مرت عدة أيام والوضع هادئ عند الجميع
داخل جناح ياسين
خرج من الحمام يجفف خصلاته متجهًا لغرفة ثيابه، توقف لدى الباب ينظر بصدمة لتلك التي تتناول الحلويات بشهية، كأنها لم تأكل منذ ساعات طويلة، توقف يطالعها بإستغراب، فهتف بصوتًا غليظ
-إنتِ يامفجوعة، ايه هتاكلي الحيطة اللي جنبك، براحة
رفعت حاجبها ولم تعريه اهتمام تركت إحدى قطع الحلويات واتجهت "المثلجات "الأيس كريم وجذبته وبدأت تتناوله متلذذة بطعمه، ألقى الذي بيديه واتجه إليها ينظر إليها مشمئزًا من طريقة اكلها
-بتغظيني صح، عايزة تحرقي دمي
نهضت من مكانها ودنت منه تضع كفيها على كتفه وتحدثت بغنج:
-اه ياحبيبي اصلك تهمني، ثم تراجعت للخلف متجهة للشرفة وهي تتحدث:
-هو انت عبيط اغيظك ليه وانت مش على بالي اصلا، توقفت مستديرة ترمقه بسخرية
-اغيظك لما تكون حاجة مهمة، مش حاجة موجودة في الدنيا غير لحاجتين فرد العضلات وطولة اللسان، ودول أساس حياتك ..اقترب منها يجذب ذاك الصحن وهتف
-قومي اجهزي علشان ننزل نعرف الجميع بالحمل ..توقفت عما تفعله تطالعه بصمت ..انحنى يستند بكفيه على الطاولة
-الولد دا هيجي ياعاليا، انا كلمت كريم وعرفته، وهيجوا النهاردة علشان يباركو لك إياكي تعملي حاجة في ابني هزعلك ...نظر لبطنها يشير إليها:
بطنك كبرت ومش عايز حد يزعل لما يعرفوا خبينا عليهم .قالها وتحرك
بعد قليل على مائدة الطعام كان جواد يراقب جاسر الذي يتلاعب بطعامه فهتف متسائلا:
-باسم عامل ايه ياجاسر، وابنه من فترة مشفتوش
رفع رأسه واجابه :
-كويس يابابا، وابنه كويس الحمد لله، حياة رجعت الحمد لله والحياة بينهم بقت كويسة
❈-❈-❈
حمحم ياسين رافعًا نظره لوالده:
-بابا فيه حاجة عايز الكل يعرفها..اتجه الجميع بنظره إليه ..رسم ابتسامة على وجهه وسحب كف عاليا قائلا:
-مبروك ياسيادة اللوا جايلك حفيد جديد ..ضحكت غزل تضع كفيها على فمها
-مبروك ياحبيبي يتربى في عزك، ثم رمقت عاليا
-كدا ياعاليا انا زعلانة منك علشان سألتك وقولتي لا
ابتلعت ريقها تنظر لياسين
-آسفة ياطنط كان لازم ياسين يعرف الأول
ابتسم جاسر بمحبة
-مبروك ياابو عتريس يتربى في عزك..قالها وهو يضمه هامسًا له
-قربت من البت امتى يابغل
ثم توقف أوس وقام بمباركته
-طبعا لو جبت ولد هحجزه لبنتي
وصلت ياسمينا بطبق من الحلويات
-أنا بقى عملت دا علشان لولو قالتلي من يومين، فقولت بما اننا كلنا موجودين فنحتفل بيه
ابتسمت عاليا بعيونًا لامعة تضمها
-شكرًا يايايسو، بجد فرحتيني، ثم استدارت لغزل قائلة:
-متزعليش مني، هي كانت عندي وكنت تعبانة فسالتني وقتها عرفت من حالتي
ربتت غزل على كتفها:
-مش زعلانة يابنتي، انا كنت شاكة أصلًا من وشك، وهدومك الواسعة، ربنا يسعدكم يارب ..قالتها وهي تطالع ياسين.
فركت كفيها تنظر لجواد
-عمو جواد بعد إذن حضرتك ممكن اروح أقعد مع جنى الفترة دي، استدارت لياسين وترجمته
-دلوقتي شغلنا بقى مع بعض، وهي بتكون محتاجني معظم الوقت، غير أنها مشغولة الايام دي وعندها ضغط شغل ومحتاجة حد معاها
ابتسم جواد بمحبة لها ثم اتجه بنظره لياسين
-معنديش مانع يابنتي لو جوزك وافق
حاوط أكتافها بغيظ، راسمًا ابتسامة :
اكيد وبعدين جنى اختي يعني أمرها يهمني، انحنى يهمس لها
إياكي تلعبي بديلك يا بلقيس
.قطع حديثهم دلوف بيجاد وهو يحمل أطفاله معًا
هرولت غزل تحمل منه" قصي"
-حبيب نانا جه، قالتها وهي تقبل سفيان على وجهه
وصل لتجمع العائلة:
-عاملين ايه أهل الدار..رمقه جواد بسخط قائلاً:
-شرفت ياجندوان عصرك ، ماشين تجيبوا عيال زي الفران..قهقت غزل وهي متجهة إليه ، فطالع بيجاد معرفش هتحمل لك ازاي اليومين دول
قهقه بيجاد ووضع سفيان بأحضانه قائلاً:
-روح لجدو ياحبيبي ، وعيش حياتك كلها هنا، اتنازلت عنك يالا
قبله سفيان على وجنتيه :
-جدو وحشت سفيان قد البحر ..قالها وهو يفرد ذراعيه
حمله جواد متجهًا لمكتبه
-وانت ياحبيب جدو وحشتني قد الدنيا كلها، قابلته غنى
-بابي وحشتني ..ضم رأسها بذراع
-عاملة ايه حبيبة بابي، رفع ذقنها
-متزعليش على هدية ربنا ياغنون، دول هدايا من ربنا يابنتي
اومأت مبتسمة تضع كفيها على أحشائها:
-الحمد لله يابابي، نزل سفيان تقيل على حضرتك..ضمه لأحضانه ودلف للداخل :
-على قلبي زي العسل ، توقف مستديرًا يرمق جاسر الذي ابتعد عن الجميع واتجه للشرفة يدخن سيجاره ثم استدار يشير بعينيه لابنته عليه..هزت رأسها وولجت إليه
الصفحة التالية
الفصل الثاني والثلاثون
7
باليوم التالي
خرج من قسم الشرطة واستقل سيارته
وهو يتحدث بهاتفه
-ايوة يابابا
-جاسر ، عدي على جنى وهاتها وتعالي لي
تمام يابابا بس ليه
-عايزكم انتوا الاتنين ...قالها وهو ينظر بشاشة هاتفه
-جاسر مين بيراقبك
نظر بمرآة السيارة وابتسم بخبث:
-دا واحد غبي يابابا ...قالها وهو يطلق صفيرًا يستمع للموسيقى متجهًا لمنزله كعادته
بعد فترة خرج من باب منزله الخلفي متجهًا لمنزلها، دلف كعادته لغرفتها يبحث عنها وجد دفترها..فتحه
وجد تدوينها
قُل لمن شغل البال والفكر بأنه بالقلب أيضاً قدفعل
فطيفه أمام العين وعطر سلامه بالكف لم يزل
كيف لشاغلي أن يترك لي ظنون وألف سبب مفتعل
يتركني لسواد فكر وظلام ليل في ضوء النهار قد إنسدل
أخبره بأن هُناك روحاً تهيم به وفؤاداً بحبه قد أشـ.تعل
أيا معـ.ذبي وسبباً في عذا.بي
يا من ذهبت وتركت في الروح جر.حاً لا يشفي ولا يند.مل
ابتسم بخفوت متجها للشرفة يبحث عنها بالحديقة ..ذهب ببصره للمسبح
فتوجه إلى دفترها
امسك قلمها وسطر بدفترها
وبدات سطرا جديد لكِ بورقه بيضاء
لا شريك لاحد بها
اعتزلت العالم اجمع
بعد أن استكانت رائحة كلماتك في اوردتي
سمعت عنك انكي تنثري العشق
هنا وهناك وانك أصبحتي بطلة متمردة..
قاسية على قلبي ولا تعلمي أن
كلانا دفع ثمن لذاك العشق
أتنسين تلك الليله ذات الشموع السوداء
وازهارا وكؤوس فارغه
نعم لم نآتي وكانت المقاعد خاويه
كلانا اخلف موعد اللقاء
وركب قطار البعاد
وكانت تلك الليله
اخر محطات اللقاء والانتظار
كان وهما ما بيننا
وحدي من تنفس الصعداء بقربك..
وحدي من تسلقت أعالي النبض لتسكنكِ.
وحدي من جاهدت حفاظا عليكِ
ووحدك من وضعتي ذاك العشق
بركان اسود حممه
وضعت به النبض
كانه لحم يتفتت من العظم
رغما عني...
وددت ان اسالكي
لماذا تقرعي باب الذاكره؟
لماذا تلك الرسائل الفارغه
الممتلئه بالزهره الذابله
التي جمعت عطركي بها؟
كنتي دوما تبحثي عن كل من حولك
تجمع كل القلوب لتنالي دهشة القرب
ونسيتي انني داخلك
لن استطيع مقاومه تلك الهفوات
واني عما قريب سأكون وحدي الراحل
فرحت عندما امتلكت تلك القوه
التي استطعت ان تفطم قلبك عن قربي..
علمت انك كنت قاسية القلب
ووحدي الهالك
لا تندمي ولا همك الفراق
فلماذا الان تبحث عني؟
هنيئا لكي....
تعلمي انكي اجدتي فن الإهمال وهجري كنت اتمنى لكي بقولي
جائزتك الوحيده
انني شيعت جنازه روحي، بالبعد عنكِ
ولكن يامهلكة الروح فإني والله اتعذب بالقرب والبعد معا، فقربي هلاك وبعدك جحيمًا
فهيا مهلكة الجاسر ارحمي ذاك الضعيف وعانقيني لأشعر بتلك الرجفة التي شعرت بها حينما بدأ بينا اللقاء بإقتناص شفتيكي
هيا معذبتي ومهلكة روحي ضميني لألملم شتات نفسي واهاجم تلك الهواجس لأبتر ذاك البعد الذي يسمى عذاب العاشقين في قاموس الأموات
حبيبكِ وملهمك جاسرك
ترك القلم ووضع الدفتر متجهًا إلى الأسفل
عند جنى
خرجت من المسبح..قامت بتحرير خصلاتها من فوق غطاء الرأس، وجذبت مأزرها ترتديه، وصلت عاليا إليها تجلس على المقعد تحدجها بنظرات مستاءة
-من وقت حمام السباحة دا ماتعمل وأنتِ تقريبا معظم وقتك مقسماه عليه وعلى المرسم ..لا وانحرفتي يابت بالمايوهات دي
قامت بتجفيف خصلاتها ..وابتسمت بخفوت ثم سحبت نفسًا
بعيش حياتي زي حضرة الطوفان ما أمر، ضحكت عاليا تلطم كفيها
-نفسي يطب عليكي مرة وانتي كدا
ارتفعت ضحكاتها الأنثوية
-لأ متخافيش اخر مرة متخانقين يعني مش هيجي لما انا اتصل بيه، حتى لو جه مستحيل يجي هنا، عارف انك هنا ..وضعت منشفتها وامسكت مأزرها ..نظرت عاليا للمسبح ثم وضعت كفيها على أحشائها:
-نفسي اجرب اعوم كدا، بس زفت الطين بحس عيونه عليا في كل مكان..، عامل زي العفريت، يخربيت تناكته وريشه المنفوخ
قامت بتقليده
-إنت يابت لما انادي تكوني هنا..، واياكي الولد يحصله حاجة، تقوليش اشتراني ابن ..بلاش الغلط أهله محترمين ..قهقهت جنى تربت على كتفها قائلة بغمزة من عينيها:
-والله هو غلبان وانتِ اللي شريرة
تهكمت عاليا تعقد ذراعيها
أيوة انا الشريرة في رواية احدهما، يارب تبطلي عند إنت كمان وتبطلي سباحة ، وتفكري ليه جوزك بيعمل كدا وهو هيموت عليكي ..اقتربت منها
-جنى جاسر بيموت عليكي، والكلام اللي قولتيه واللي هو بيعمله بيأكد أنه فيه حاجة أكبر منه
❈-❈-❈
تنهدت بحزن وأجابتها
-عارفة ياعاليا، عارفة أنه مضغوط عليه بيا، بس بعده مموتني، رميه ليا واجع قلبي قوي ياعاليا، خلاص أنا وجاسر حكايتنا انتهت ، حتى مالحقتش افرح بيها..اتجهت بنظراتها للمسبح
-تعرفي بقيت اهرب بالسباحة رغم مكنتش بحبها ابدا، علشان مفكرش فيه، وكمان عارفة أنه بيراقبني حبيت اعانده لانه مبيحبنيش أسبح خالص من غيره.، فقولت لما يعرف هيجي واشوفه واشبح روحي اللي هربت مني، المهم المسه واشوفه كويس قدامي، انا تعبانة لا مش تعبانة انا بموت بالبطئ، حكايتنا مش زي أي اتنين بيحبوا بعض وخلاص ، دا عشق مؤلم ولاذع قوي ربنا مايكتبه عليكي بجد...اقتربت عاليا تمسد على خصلاتها
-حبيبتي ماينفعش اللي بتعمليه في نفسك لازم ترجعي لحياتك، وإن شاء الله كله هيرجع أحسن من الأول بس بلاش تدفني نفسك كدا...رفعت خصلاتها للأعلى وجلست تضع ساقيها على المقعد أمامها تجففه
-مبقاش عندي حياة، حياتي انتهت خلاص ياعاليا..استمعت لصوته خلفهما، فاستدارت عاليا، توزع نظراتها بينهما
-اهلا حضرة الظابط..قالتها ثم تحركت تاركة لهما المساحة
لملمت مأزرها على جسدها عندما اقترب وجلس بمقابلتها ، ثم جذب ساقيها من فوق المقعد المجاور ووضعه على ساقيه..نظرت إليه بذهول وحاولت جذب ساقيها إلا أنه الأكثر تمكنًا دنى بجسده يحاورها بمقلتيه ثم نفث سجائره بوجهها
-بتعملي ايه ، مش ملاحظة بقيتي سمكة طول اليوم في المية
رمقته بذهول تنظر لساقيها
-سيب رجلي ياجاسر، وبعدين بتعمل ايه هنا، دا حمام سباحة خاص بيا اتجننت افرض عاليا كانت بتعوم دلوقتتي
افترسته بملامحها الغاضبة ثم تابعت :
-عادي تشوفها كدا ايه مبقاش فيه ادب واحترام، انحرافك وصل بيك لكدا ..فاض قلبها بالغضب ونيران الغيرة تصفعها بقوة
اتسعت عيناه من هول ماتلفظت به ..ورغم ما شعر به جذب مقعدها إليه:
-هعتبر دي غيرة مش أكتر ، مرر إبهامه على ذراعيها
دفعت ذراعيه بغضب
-ابعد عني، امشي مش مسموح لك تقعد معايا
جذب رأسها يهمس بجوار شفتيها
-ناسية انك مراتي ياروحي، وليا اعمل حاجات اكتر من القعدة جنبك ولا ايه
-لا ياحضرة الظابط، ايه هتغصبني
-طيب ماتيجي نشوف ياحضرة السمكة هيكون غصب ولا بالمزاج..قالها وهو يدفعها بقوة حتى سقطت بالمسبح...هنزلك ياسمكة علشان نجيب قرموط...قالها وهو ينزع قميصه وقفز بالمسبح ..ابتعدت بجسدها بعيدًا عنه ، فكيف ايتها الضعيفة أن تقاوم الفريسة أمام قوة المفترس
وصل إليها يجذبها مقهقهًا عليها كانت كالطفلة التي تهرب من معاقبة والدها
جذب رأسها وتوقف بالمياه يضمها
-وبعدين ياجنى هنفضل كدا..هتفضل حياتنا كدا ، قط وفار، انا عملت كدا علشان خايف عليكي، مش عايزك تتأذي بسبب شغلي
-جاسر طلقني بجد !!
زفر بغضب ثم حملها واتجه بها لخارج المسبح :
-لا كدا لازم تتعاقبي علشان تعبت من عمايلك دي ..حاولت التملص من بين ذراعيه إلا أنه سيطر عليها الى أن وصل لغرفتها وهي تدفعه بقوة ولكنه كان كالسد المنيع ..انزلها يلهث قائلا
-بت إنتِ تخنتي ولا إيه، وزنك زاد، ألقته بالوسادة تصرخ بوجهه وكأن كلماته كانت شظايا ليخرج جنونها ..قهقه عليها وهو يتفادى ما تلقيه وابتعد عن مرمى كفيها حتى وصل إليها دفعته بقوة على الفراش يسحبها حتى هوت فوقه يضمها لأحضانه بقوة
صمتت بعدما استمعت لضحكاته التي دغدغت مشاعرها، لحظات متناسية مافعله فرفعت كفيها تخلل أناملها بخصلاته المبللة ..ضمها بقوة بعدما شعر بحركة أناملها هامسًا لها
-جنى وحشتيني بلاش العذاب دا، وحياتك عندي بحاول ابعد عنك الأذى
تبًا لك أيها القلب الضعيف ..انقلب الحال بينهما ليحاصرها بين ذراعيه يفترس ملامحها بإشتياق
-هنفضل كدا..عجبك بعدنا دا، يعني أنا ما وحشتكيش
ارتجف جسدها بين أحضانه فهمست بتقطع:
-جاسر ابعد لو سمحت مينفعش اللي بتعمله دا، دفث رأسه بحنايا عنقها يهمس بأنفاسه الحارقة
-ولو قولتلك مش قادر أبعد، حبيبك تعبان يرضيكي كدا ..لو يرضيكي وفرحان وعد همشي ومش هرجع تاني، هزة عنيفة أصابت جسدها، رفع رماديته يعانق عيناها المهتزة بقربه وأردف:
-جنى هتسمعي كلامي، ونرجع لبعض من غير ما حد من أهلنا يعرف
طافت عيناها على ملامحه الرجولية الجذابة، تعشقه حد الجنون، تموت من فكرة بعده ولكن ماذا تفعل وهو يدعس على كرامتها طال صمتها ومازالت عيناها تفترس ملامحه التي تعشقها
فحتضن ثغرها لفترة وهي ضائعة بتفكيرها وعقلها المشتت إلى أن وصل لنقطة اللا عودة فدفعته صارخة ثم نهضت مهرولت للحمام تغلق الباب خلفها مع ارتفاع شهقاتها من قلبها الخائن بحضرته
اعتدل على الفراش ودقات عنيفة، ولهيب يحرق صدره حرقًا
دقائق لم يشعر بكم الوقت الذي مر على كلاهما وهو بتلك الحالة حتى نهض من مكانه وأتجه لخزانتها ليخرج ثيابه المحتفظة بها ثم ارتدها وغادر سريعًا من ذاك المكان الذي اعتبره اشواكًا حادة تغرز بكامل جسده
عند فيروز جلست تتفحص هاتفها وجدت الكثير من الأخبار المتعلقة بتلك الفتاة الشابة التي نالت إعجاب الكثير من روعة رسمها ، ولوحتها التى دوت شهرتها بالكثير من الأماكن والبلاد ..نظرت لصورها وأناقتها التي ظهرت بها،
-ياااه ياجنى، رغم بحاول اشغل نفسي عنك بس جيتي قدامي، جه الوقت اللي لازم نتحاسب فيه، بس ياترى ليه جاسر طلقت بعد الحب دا كله
رفعت نتيجة تحاليلها وابتسامة حزينة تجلت بملامحها
-لازم اخاد طاري منك، لازم احصره، مهما قال للجميع انك مش تعنيله بس أنا اكتر واحدة عارفة قد ايه بيحبك وبيموت فيكي، وزي ماحصرني على نفسي لازم ادوقه من نفس الكاس
اتجهت لمرحاضها وانعشت نفسها، ثم أمسكت هاتفها
-هنزل دلوقتي ورانا مشوار وفيه حاجة خبرها الباشا بتاعك
-جاسر قوله يوم ماجاسر يطلق مراته يبقى اعرف أنه ميت دا مجرد ملعوب بيلعب بيه علشان يبعدها عن عيونكم
قالتها واتجهت تضع سلاحها بحقيبتها، ونظرت لنفسها بالمرآة وتحركت قامت بمهاتفة أحدهم
-هو فين دلوقتي بعد مانزل مصر
-في النيابة العامة يافندم
اومأت ضاحكة، تضرب كفيها بالسلاح .
-عند راكان باشا، خليهم شوية مع بعض
وصلت لمنزلها ولكن يوجد الكثير من الأمن يحاصره، بالداخل والخارج
جزت على شفتيها عندما وجدت دخول جواد بسيارته بجوار غزل وكذلك غنى
-اوووف ودول ايه اللي جابهم
استمعت لرنين هاتفها
-أيوة ياماما ...أجابتها سحر تئن من الوجع
-فيروز هاتيلي جرعتي يابنتي من أي مكان هموت من الوجع
أغمضت عيناها محاولة السيطرة على نفسها عندما تذكرت تناول والدتها لتلك السموم ..صرخت تضرب على المقود بكفيها
-هموتك ياجاسر وربي لاموتك انت وعيلتك كلها..حيوان قالتها صارخة ثم قادت سيارتها بسرعة جنونية وهي تتذكر تلك السيدة التي ألقاها إليها لتدفع والدته على الإدمان
الصفحة التالية
الفصل الثاني والثلاثون
8
مر أسبوعين كاملين ولم يراها بهما، وانقطعت أخباره لديها بعدما ترك القاهرة تاركًا والده بمراقبتها بعدما قص له كل شيئا ، اتجه للحدود ينتظر موعد تسليم تلك السموم مع رسمه اللامبالاة وكأنه نقل بسبب عقابًا بعدما انتشر الخبر بكامل الوزارة فشله بهروب تلك المساجين الذي بحوزته، خطة متقنة قام برسمها مع جواد حازم وباسم ...مرت ايام عديدة والوضع هادئ على الحدود بمدينة السلوم ، وهناك الكثير من الأخبار التي تشتت انتباه الشرطة الا من ذاك الأسد المتربص لهم بخطوايه الثابتة وعقله الذي بدأ يزن الأمور بشكل أكثر استيعاب
ذات يوم نزل القاهرة واتجه لمكتب رئيسه ، جالسًا امام باسم
-دي كل المعلومات، بس فيه حاجة مش مريحاني ..صمت باسم يستمع إليه:
-ليه بيروح لفيروز، مع انها شغالة مع التهامي ..اومأ له
-دا اللي بنحاول نعرفه، فيه كاميرات لفيروز وهنشوف اخرتها ايه
استمع الى رنين هاتفه
-فيروز راكبة عربية وشكلها رايحة الجاليري لمدام جنى يافندم
هب فزعًا يسحب سلاحه
-لازم امشي حالا، فيروز رايحة جنى ، قالها وتحرك سريعًا لسيارته يقودها بسرعة جنونية
❈-❈-❈
دلفت للداخل دون ملاحظة أحد..كانت جنى تتحرك بين لوحاتها تشير للعمال
-دي تتعلق هنا، ودي تيجي هنا
وصلت عاليا وهي تتناول بعض المكسرات
ابتسمت لها جنى
-بقيتي مفجوعة يابت على رأي ياسين
قهقهت تشير إلى قطع البيتزا
-شوفتي البيتزا دي هاكلها كلها، عايزة أكرهه في حياته ..لمعت أعين جنى وتذكرت صباح اليوم وهي تقوم بعمل اختبار الحمل وايجايبته ..سحبت نفسًا تزفره بهدوء فمنذ اخر لقاء بينهما وتعقدت علاقاتهما، بعدما رفضت قربه اكتر من شهر لم تراه سوى لحظات بوجود العائلة تمنت أن يكون كابوس وتفيق منه لتجد نفسها داخل أحضانه تنعم به
أشارت للجميع بالخروج
-ياله ياجماعة علشان هنقفل وبكرة إن شاءالله نكون موجودين بدري علشان الافتتاح
-ماشاء الله حبيبتي دا المعرض الكام
أشارت لها بالخروج
-طيب يامفجوعة اطلعي علشان أتمم واقفل ..ربتت على كتفها تجذب علبة البيتزا متجهة للخارج قائلة
-لو اتاخرتي هفرش على الطريق وأكلها بقولك اهو ..سمعت أن جسورة هنا
توقفت عما تفعله فاستدارت إليها
-عرفتي منين
وضعت قطعة بيتزا تلتهمها بهدوء
-ملك الهكسوس قالي، وهيجي ياخدني بالليل تفتكري ليه ياجنجون ، يمكن ابو عيون رمادية عايز يعمل كابسة فحب يزحلقني عن طريق ملك الهكسوس ابو دم تقيل
تجمعت عبراتها تهز رأسها
-لا مش هيجي هو خلاص نفذ الحكم ،المهم امشي دلوقتي
خرجت عاليا قائلة:
-والله غبية وبكرة تقولي ..اتجهت للوحاتها تطالعهم بحزن تمنت لو تراه لدقائق معدودة، يشاركها نجاحتها ..استمعت لإغلاق باب المعرض
استدارت بعدما استمعت لصوت تعرفه جيدا ولكنها لم تستوعب الصدمة والسلاح برأسها
-اهلا مدام جنى..قالتها فيروز وهي تشير سلاحها بإتجاه جنى ..لحظات من الصمت المميت مع اقترب الأمن من الباب يحاولون فتحه
صفعة قوية من فيروز على وجه جنى التي وقفت تستوعب صدمتها ..فاقت بعد صفعها، فاقتربت منها تحاول ضربها ولكن صرخت بوجهها تدفعها بقوة حتى سقطت على الأرض تحتضن أحشائها، لم تفكر بشيئا سوى جنينها، نهضت سريعا لتنجو من براثنها ولكن لم يتثنى لها النجاة إذ أمسكت الأخرى سلاحها الناري وتوجهت إليها
-لازم أموتك طول ماانتِ في حياتي
عمري ماهرتاح...خطفتي جوزي وحياتي، وياريت توقف على كدا ، خليته يدمرني، نزل جنيني وخطف امومتي مني وخلى امي تدمن دا كله ليه اه..علشان برنسسيته والله لأحرق قلبه عليكي، بيضحك على الكل وقال مطلقك، مفكر كدا هيبعدك عن الموت لازم اخلص منك
.لحظات واقتحم الغرفة بعدما أسقط زجاج الغرفة يصرخ بفيروز
-اياكي، صدقيني هموتك..أطلقت ضحكة مرتفعة..حضرة الظالم وصل، حلو علشان تشوفها وهي بتودع
-كدا خلصت ياحضرة الظابط مبقاش فيه حاجة بينا، هي اللي كانت بينا هموتها واريحك واريح قلبي اللي حرقته، وزي ماقولت بالظبط هقولهم مجنونة..هز رأسه مقتربا يشير بيديه
-فيروز تمام هعملك اللي عايزاه، سيبي المسدس..استدارت إليه
-إنت عارف عايزة ايه ..اقترب منها بحذر..اه عايزة اتجوزك حاضر هتجوزك تاني المهم سيبي المسدس ووعد هنفذلك اللي عايزاه
ضحكات وضحكات مرتفعة وهي تشير بالسلاح إليها ثم تحدثت بهسيس اعمى:
-مبقاش ينفع قالتها وهي تضغط على زناد السلاح لم يفكر كثيرا إذ توقف أمام جنى التي صرخت تحتضنه بعدما اخترقت رصاصة الغدر كتفه ..
صرخت فيروز كالمجنون باسمه واتجهت لجنى مرة أخرى ولكنه رفع سلاحه ليطلق طلقاته النارية عدة مرات لتستقر بقلبها لتهوى صريعة بالحال أمام ناظريهما مع واقتحام جواد حازم الباب ينظر بصدمة شُلت اعضائه يتمتم ويصرخ كالمجنون
-جاسر مالك ..قالها بعدما وجد احتضان جنى لجسده تبكي ..اقترب جواد منهما مع دخول عاليا وباسم
لكنه سحب نفسًا يحمد ربه بعدما توقف جواد يشير إليه:
-اصابة بكتفه الحمدلله..اقترب باسم منه محاولا جذب جنى التي مازالت تحتضن جسده وتبكي
-جنى هو كويس ..الإصابة مش خطيرة..لمست وجهه
-جاسر إنت كويس ..كان في حالة اللاوعي، فلقد حاوطه الظلام من جميع الاتجاهات وصوتها البعيد كأنه حلمًا، همس اسمها يرفع كفيه ولكنه شعر بتخدره، ضمت رأسه بعدما أغمض عيناه فصرخت تنظر لباسم
-عمو باسم ألحقه لو سمحت ..أوقفها بدخول المسعفين
وجذبها من كفيها مع وصول عز وصهيب إليها، ألقت نفسها بأحضان والدها تبكي
-جاسر يابابا، ارتجف جسده من وجوده بين المسعفين ..ربت باسم كتفه
-مصاب في كتفه متخفش الإصابة مش خطيرة، وقعت أعين صهيب على جثة فيروز ..فأجابه باسم
-البقاء لله ..منقولش غير ربنا يرحمها بس ...تحركت جنى خلف سيارة الإسعاف
بعد عدة ساعات فتح عيناه ..كانت تجلس بجواره تحتضن كفيه تمسد على خصلاته ..همس اسمها ..ابتسمت مقتربة منه تقبل وجنتيه
-حبيبي المغرور ..فتح عيناه بالكامل
-إنتِ كويسة !!
دنت تنظر لعيناه القريبة منه وهمست
-تؤ ..مش كويسة خالص، فيه واحد مغرور مطلق مراته وسايبها لوحدها بقالها اكتر من شهر لحد ما وحشته قوي
أغمض عيناه مرة أخرى وابتسم هامسًا لها
-جنجونة قلبي ..لثمت وجنتيه تمرر أناملها على وجهه
-إنت كويس حبيبي..فتح عيناه مرة أخرى وهمس بإرهاق
-لا..عايز كريزة علشان ابقى كويس
ضربته على صدره تضحك ..تأوه
فاقتربت تضع رأسها على صدره بعيدًا عن جرحه
-جاسر كدا تخوفني عليك..دلف جواد بجوار صهيب فاعتدلت جالسة ..توقف صهيب
-عامل ايه ياحبيبي
اومأ بعينيه قائلاً:
-كويس ياعمو، اقترب جواد يحتضن وجهه ثم لثم جبينه:
-ربنا مايحرمني منك حبيبي، لو حاسس انك كويس ياله نرجع البيت محدش يعرف غير عز ومامتك مش مبطلة تليفونات
اومأ له ..فتحدث صهيب
-سيبه كمان ساعتين نطمن ياجواد
هز جواد رأسه بالرفض :
-لا ياصهيب ..ابني يكون وسط اخواته وامه، بدل مايحصلها حاجة لو عرفت انه هنا ، وبعدين ربى وغزل هيهتموا بيه ..قالها وعيناه على جنى
اقترب من جنى يربت على كتفها
-هاخد جنى معايا ياصهيب الليلة وهتبات عند عز
-لا ...قالها صهيب دون نقاش، رفع نظره الى جنى ثم اتجه بنظره لجواد
-حمدالله على سلامة ابنك ياجواد، متزعلش مني ..بسط كفيه لجنى قائلاً:
-ياله نمشي ياجنى..ذهبت ببصرها لجاسر ليوقفها ولكنه ابتعد بنظره عنها، أغمضت عيناها وتحركت مع والدها حزينة
بعد عدة أيام أخرى وقلبها يتفتت من الوجع من الاشتياق..قامت بمهاتفته
كان خارجًا من منزله استمع لرنين هاتفه
-أيوة ياجنى فيه حاجة..استمع لتنهيداتها
-جاسر وحشتني قوي، فيه حاجة مهمة لازم تعرفها..اتجه لسيارته وهو ينظر بساعتها
-حبيبي عندي شغل مهم، بعدين اكلمك لازم اتحرك حالا..
-جاسر اسمعني لازم نتكلم ..استقل سيارته
-جنجون حبيبي لازم اتحرك عندي شغل، بعدين هجيلك أو اكلمك ..صرخت بوجهه
-بقولك وحشتني دا يكون ردك، روح ياجاسر ، ربنا ياخدك أو ياخدني علشان ارتاح من وجع القلب دا، دايما كاسر قلبي ورغم كدا برجعلك ..وحياة ربنا لادوس عليك المرة دي بجد يابن عمي، وهرفع عليك قضية طلاق ..وهعرف الكل بندالتك ..قالتها وأغلقت الهاتف، تلقيه و تبكي تحتضن احشائها
-حيوانة ياجنى رايحة تتصلي بيه بعد اللي عمله، حيوانة وغبية..صرخت تلقي الهاتف بالمرأة تجذب خصلاتها بعنف ..دلفت عاليا تنظر إليها بصدمة
-جنى ايه اللي حصل..بكت وبكت إلى أن انهارت وهوت فاقدة للوعي
بعد عدة أيام
❈-❈-❈
########################
تجلس تضع ساقًا فوق الأخرى تشير للعاملة
-خليكي مع الاستاذ يانجوى، والحاجة اللي تعجبه ظبطهاله
اومأت تشير بيديها لذاك الذي يقف يضع يديه بجيب بنطاله ينظر إليها بإعجاب
ولجت عاليا
-ايه ياجميل مش ناوية نروح نتغدى عصافير بطني بتزقزق
ابتسمت لها فنهضت بعدما وضعت أشيائها تنادي على أحدهم
-احمد خلي بالك من الجاليري هرجع بعد ساعة ..استدارت تحمل حقيبتها وخرجت متجهة لسيارتها
استمعت لهاتفها ..مطت شفتيها
-معرفش عز من الصبح مش مبطل اتصالات ليه، دماغي وجعتني
-طيب ماتردي
رفعت رأسها تهزها بالنفي
-لأ ، مش عايزة اكلم حد، ياله علشان منتأخرش..توقفت بعدما استمعت لصوت ذاك الرجل
-آنسة جنى لو سمحتي...صمت يدقق النظر بعينها ثم بسط يديه بكارته الخاص
-يزن العابدين ...دا رقم فوني خليه معاكي علشان لو لوحات تانية نزلت اتمنى اكون اول من يشوفها
توقفت أمامه منتصبه الجسد ثم أجابته :
-أولا انا مش آنسة..ثانيا يااستاذ ..قولت اسمك ايه ..مش مهم ميهمنيش ، عندك رقم المعرض وفيه تيم مسؤل عن الحاجات دي..مش انا ابدا ..وآسفة جدا بعد اذنك اتأخرت عن ميعادي
استدارت تفتح باب سيارتها وجلست بجوار عاليا، وتنهيدات معتصرة بداخل قلبها
قهقهت عاليا عليها تلكزها
-عارفة كان نفسي في ايه علشان مشهد شجيع السيما دا ياخد الاوسكار، إن حضرة الظابط يقفشه
صفقت عاليا ورفعت كفيها للأعلى
-ياسلام ياناس كنت هشوف احلى شو بس ياخسارة، بكرة نلاقيه ونراجع المشهد كلاكيت لتاني مرة
تراجعت جنى بجسدها تنظر أمامها بجمود مردفة
-لو خلصتي كلامك نمشي ..وقولت مليون مرة مش عايزة اسمع اسمه تاني
رفعت حاجبها ساخرة فاقتربت منها
-طب بذمتك حضرة عبظابط موحشكيش يابت
دفعتها بقوة تصيح بوجهها
-عاليا لو سمحتي مش علشان بهزر معاكي يبقى خلاص تدخلي في حياتي الشخصية، انا كدا كويسة وياريت متفتحيش الموضوع دا تاني ..جاسر خلاص انتهى من حياتي للأبد انتهى ولو جبتي سيرته تاني صدقيني معرفش ردي هيكون ايه...وعلشان ترتاحي انا رايحة لبابا دلوقتي وهقوله كل حاجة ، لازم يعرف كل حاجة
وقتها بس عايزة اشوف وشه قدامي
بتر حديثها رنين هاتفها للمرة الثانية فرفعته تصرخ بوجهه:
-نعم ياعز.. انا قولت مش عايزة..ولكن توقفت عن الحديث وشعرت بإنسحاب روحها، فهمست بصوت متقطع
-بتقول ايه