رواية عشق لاذع الفصل السادس والعشرون 26 ج1بقلم سيلا وليد

       

رواية عشق لاذع

الفصل السادس والعشرون 26 ج1

بقلم سيلا وليد

لا تراقبني من خلف جدار صمتك .........


اقترب مني ........


      ربما أكون أعددت النص اللائق لـ للقاءك .......


            فأنا أيضاً اشتقت اليك ........


                  فلا تظن أن رووحي تسكن الا بك ........


                        وقلبي بإسمك قد جرى دمه وأحيا نبضه .......


                              أنا ما تذوقت طعم للحب إلا بقربك.....


                                   


وكل الناس بعدك وهمٌ و سراب ..  


ليتـك تسر"قنــي ...كل ليلة كما سر"قت تفكيري 


و كمـا سـر"قت قلبــي ...


تـخـ.طفنـي ...


                    كمـا خــ.طفت كـل لحظة فرح لاتكون إلا بحضورك  ...


ليتـك تسر"قنــي ...


من كـل ماهـو حولـي من قلقــي وخوفــي ...


وتيه ايامي وجنو"ني .....


ليتـك تسر"قنــي ... حتـی من نفسـي ...


ليتك تسر"قني .... ولا تعيدني إليّ ......


جاسر❤️جنى


❈-❈-❈


قبل  ذهاب فيروز لمنزل جاسر بعدة أيام 


جلس بمكتبه يتابع قضيته مع بعض المتهمين، نهض متجها إليهم يوزع نظراته الأختراقية ، وصل لأحدهم يدقق النظر بعينيه ثم تراجع وجلس 


يسحب سيجاره ويشعله ومازالت عيناه على ذاك التي توقف بتوتر، نفث سيجاره ومازالت عيناه تخترق جسده المنكمش ثم تسائل:


-مين فيكم عبده الحمش..تحرك أحدهم للأمام وهتف: 


-أنا يافندم..مط شفتيه وهز برأسه وتسائل وهو ينظر لتلك المحروزات 


-كنت واخد الحاجات دي فين يلا..ابتلع الرجل لعابه رافعا رأسه بزعر 


-والله ياباشا دي كانت مجرد تفاريح كدا لواحد صاحبي في فرحه، حتى اسأل الواد سفينة اهو ..هز الآخر رأسه 


-أيوة ياباشا عبده بيقول الحق، نصب طوله وتوقف يهز رأسه ساخرا فاستطرد بتهكم 


-عريس ..اممم، 20ك بانجو غير ازايز الخمرة، مط شفتيه وتحرك حولهم حتى بث الرعب بقلوبهم، ثم فجأة توقف أمام الثالث يضربه بقوة على كتفه 


-وإنت يافؤش إيه رأيك في الكلام دا 


تمتم بتقطع يهز رأسه 


-أيوة ياباشا بيقولوا الحق، لكمة قوية بوجهه، ثم امسكه من ياقته وبدأ يلكمه، فيما تباعد الآخرين عنه، طبق على عنقه متسائلاً :


-بتوزع مخدرات على شباب الجامعة، وجاي توقف قدامي وتقولي تفاريح عريس ياروح امك، فين باقي المخدرات ياله، هموتك..شحب وجه الرجل بقوة مما جعل يرفع ذراعيه قائلا


-هقولك ..دفعه بقوة في الجدار حتى شعر بتكسر عظامه، فهوى على الأرضية ..جلس جاسر مرة أخرى على مقعده يلتقط أنفاسه مزمجرا من تحت أسنانه 


-مين الديلر بتاعكم، عايز كل معلومة معاكم، أصل اقسم بالله مفيش واحد فيكم هينجى من تحت ايدي..قطع حديثه صوت هاتفه


-أيوة..قالها ، فنهض سريعا قائلاً:


ابعتلي اللوكيشين..قالها وأغلق الهاتف 


ثم صاح على الشرطي 


-خدهم يابني احبسهم لحد ماارجع، ولا ابعتهم لجواد يحقق معاهم، توقف يشير على ذاك 


-دا احبسه لما ارجعله، قالها وتحرك للخارج بعدما جمع اشيائه..وصل بعد قليل لأحدى المباني السكنية، هبط من سيارته متجهًا للمكان المنشود


دقائق وقام بالطرق على باب المنزل، فتحت الباب وإذ بها تتسمر بوقفتها وارتجف جسدها حينما وجدته يقف أمامها بطوله المهيب يخلع نظارته الشمسية 


-اهلا مدام فيروز


حاولت غلق الباب إلا أن قدمه سبقتها ووضعها يمنعها ، ثم  ولج للداخل يدفعها بقوة حتى هوت على الأرضية تتأوه..تراجعت بجسدها بعدما وجدت حالته فأشارت بسبباتها 


-هصوت وألم عليك الناس، وأقولهم انك بتهجم عليا..انحنى يجذبها من خصلاتها 


-كنتي فين ياحيوانة، حاولت الفكاك من قبضته وإزاحة كفيه إلا أن ضغط بقوة عليها يجذبها لتقف بمواجهته


-قولتلك ابعدي عني علشان بعدك رحمة، لكن عملتي ايه، حتة حشرة مفكرة نفسها هتقدر بألعايبها تهدم حياتي، جذبها يقربها يهمس بفحيح 


-هخليكي تتمني الموت يافيروز 


انسابت عبراتها من شدة آلامها قائلة من بين بكائها:


-جاسر لو سمحت شعري..ضغط بقوة حتى صرخت بأعلى صوتها يجز على نواجزه


-جاسر مين ياحيوانة هتصدقي نفسك، اسمي حضرة الظابط


بكت بصوت مرتفع قائلة من بين شهقاتها :


-لو سمحت ياحضرة الظابط ابعد عني أنا آسفة ..دفعها بقوة بعيدا ينفض كفيه كأنها عدوى ، ثم أشار محذرا


-اقسم بالله لو حاولتي تقربي وتلعبي ألعابك القذرة انت والحقيرة أمك هدفنك حية، وقد أعذر من أنذر 


استمع لطرقات الباب، هرولت لفتح الباب ظنا أن هناك من ينقذها، ولكن توقفت عندما وجدت أحد الرجال ببنية ضخمة قائلاً :


-جاسر باشا، كلم حضرة اللوا..


ذهل جاسر ينظر للرجل بصمت، لحظات فقط؛ حتى استوعب ماحدث 


-ازاي تاهت عني دي، تمام ياجواد باشا


أشار للرجل بالخروج، ولكنه ظل متوقفا، فتحرك جاسر إليه 


-قولتلك امشي من قدامي


اجابه الرجل 


-آسف يافندم، وظيفتي حمايتك


قطب جبينه يشير على نفسه، ثم آشار عليها:


-تحميني من دي، لوح بيديه


-قول لجواد باشا اطمن ..ثم استدار برأسه إليها 


-لازم اخلص من الماضي وادفنه وهو حي..لم تنتظر كثيرا إذ سحبت سلاح الرجل توجه بوجه 


-هموتك لو قربت مني، واسمع كلام الباشا، اقترب منها وهي تشير بالسلاح 


توقف الرجل أمامه 


-جاسر باشا لو سمحت، دفعه بعيدا عنه واقترب إليها بخطى سلحفية مميتة وعيناه تلقي سهامًا نارية


-ياله موتيني، لو بنت امك فعلا.. تراجعت تشير بكفها مهتزًا


-جاسر هموتك ابعد، لم يفصل بينهما سوى خطوة واحدة، ليخطر بباله شيئا، رفع قدميه ليركل السلاح ولكن قطعه الرجل عندما وجد جديتها ليرفع سلاح جاسر بمهارة 


إلا أنه ركل بقدمه السلاح بإطلاقها الطلقة اتجاه الرجل بدفع جاسر السلاح لتستقر الرصاصة بكتفه..تراجع ممسكا كتفه، فيما سقط السلاح من يديها تتراجع خوفًا ..اتجه الرجل إليه سريعا..أوقفه بيديه 


-أنا كويس، ثم اتجه بنظره يرمق تلك التي توقفت ترتجف بجسدها من فعلتها فهمست بتقطع


-مكنتش ناوية اموتك، هو كان هيضربني جت فيك بالغلط.


اقترب يجذبها من خصلاتها يضربها بقوة بالجدار


-إنتِ شيطانة ولازم اموتك، هرول الرجل إليه وحاول خلاصها من قبضته 


إلا أنه دفع الرجل متناسيا إصابته ونزيف ذراعه، طبق على عنقها يهمس بنبرة شيطانية:


-اسمعيني ياحيوانة، هتيجي قدامي وتلعبي لعبة عليا هموتك، اقسم بالله أموتك ..والتالتة تابتة ياللي حرمتك من العيال افتكري كلامك كويس


تركها يطالعها مشمئزا 


-ازاي كنت متخلف وحبيت واحدة في يوم زيك..اقتربت منه وصاحت وهي تلكمه بصدره 


-إنت ايه ، اهم حاجة نفسك دوست عليا علشان بتحب بنت عمك ، مش هسيبك ياجاسر، سمعتني مش هسيبك 


لف شعرها حول قبضته يجذبها بعنف 


-طب قربي ومترجعيش تبكي، انا كنت ابن ناس لآخر لحظة ..قالها يدفعها بقوة حتى سقطت تبكي 


.أشار للرجل بالتحرك للخارج، متجها خلفه، توقف لدى الباب يرمقها شرزا 


-اي غلط هدفنك ومالكيش دية، سمعتيني ، اشوفك بالغلط في طريقي هعرفك قيمتك 


تراجعت حتى خرج بجوار الرجل، وهرولت تغلق الباب خلفهم، هوت خلف الباب، تضع كفيها حول أحشائها وابتسامة خبيثة على وجهها


-اصبر عليا ياحضرة الظابط لو مخلتكش تندم، نظرت لتلك الكاميرا التي صورت كل شيئا، وانتصار السعادة على وجهها 


-يبقى اقف قدامي كدا وانكر..تذكرت زيارة والدتها منذ أكثر من شهرين 


جلست أمام والدتها المسجونة


-ماما انا تعبت، ندمت اني رجعت من سويسرا، يارتني فضلت برة احسن 


دنت والدتها تهمس لها


-اسمعيني كويس واعملي اللي بقولك عليه، أنتِ الوحيدة اللي تقدري تطلعيني من هنا، طبعا جاسر مايعرفش انك رجعتي، فتحركي قبل مايعرف وياخد حذره 


ضيقت عيناها تنظر لوالدتها بتيه، فتسائلت وعلامات الاستفهام تتجلى على ملامحها قبل وجهها


-قصدك ايه يعمل حذره..نظرت حولها ثم اردفت:


-لازم تخلي جاسر يقرب منك يافيروز، لازم بأي طريقة، حاولي تفكري بحاجة، الموضوع دا لو تم حياتك هتتغير وأنتِ حاطة رجل على رجل 


نظرات فقط محيرة تحاول استيعاب حديث والدتها، فتسائلت بحاجبين معقودين:


-تقصدي ايه ياماما!


جزت على شفتيه ترمقها شرزا قائلة:


-فيروز شغلي دماغك، وبعدين أنتِ مش عايزة جاسر يرجعلك تاني ويقرب اكتر كمان 


ارتفعت دقاتها وتمنت ماقالته 


-ياريت ياماما، بس ازاي !!


رفعت سحر حاجبها وابتسمت متنهدة 


-شديه وبعد كدا اعملي اللي يخليكي اقرب من جنى حتى، لازم تخليه خاتم في صباعك، بس فكري ومتنسيش أن جواد الألفي وقت مايعرف انك رجعتي مش هيرحمك 


قصدك ايه ياماما مش فاهمة 


لكزتها بقوة وصاحت مستهزئة


-فيروز مش عايزة غباء، ركزي شوية، لازم تسحبي جاسر للسرير، وبعد كدا اضربي ضربتك يابنت سحر، اطلعيله بولد ولا فيديو، اتصلي اسامة  هيساعدك بس لازم تضحكي عليه بأي حاجة ، ولو محصلش اللي خططيله اهو اسامة هيكون وقتها نفذ مهمة حضرة الظابط ، بس المهم توصليه للسرير فهمتي يابنت سحر


خرجت من شرودها تبتسم متمتمة 


-عايزة أشوف وشك ياحضرة الظابط لما تعرف اني حامل ..


الصفحة التالية


الفصل السادس والعشرون


2


عند جاسر 


خرج متجهًا إلى أحد العيادات الخاصة لإخراج الرصاصة، توقف أمام الرجل 


-بابا لو عرف بلاش اقولك هعمل ايه، امشي من قدامي ، وعينك على البت اللي فوق 


-تحت امرك ياباشا...قالها الرجل وتحرك من أمامه..


بعد فترة عاد إلى منزله وجد السكون يعم المنزل، صعد للأعلى متجهًا لغرفته، توقف لدى الباب، يود لو يدلف لغرفتها يشبع روحه من رؤيتها، ويرتوي من عسل شهدها، تحرك داخل غرفته عندما اشتدت آلامه، وحان وقت ادويته، خطى للداخل ولكن ساقه خانته ولم يعد لديه قدرة للوقوف، حاول خلع حذائه ملقيا نفسه على الفراش دون أخذ علاجه، غفى سريعا لعدم نومه منذ يومين 


❈-❈-❈


بعد عدة ساعات 


استيقظت من نومها بعد طرق عاليا عليها ..فتحت عيناها بإرهاق 


-ادخلي ياعاليا، ولجت عاليا بخطوات متمهلة تتابعها 


-جنى ياسين تحت همشي، حبيت اعرفك..اومأت لها قائلة:


-خلاص حبيبتي، هتروحوا حي الألفي يعني، دنت تجلس على الفراش 


-جاسر جه متأخر، هتفضلي قافلة على نفسك كدا، مش ناوية تصلحوا اللي بينكم، مع إنك محكتيش بس شكله صعب 


اعتدلت على ظهر الفراش قائلة 


-إحنا كويسين حبيبتي، روحي مع ياسين، هو رجع من اسماعيلية إمتى، دا لسة كنتي من يومين في حي الألفي 


ابتسمت تقلده 


-انزلي انا تحت.. معرفش ايه اللي رجعه، ملحقتش اشم نفسي قالي هيقعد اسبوع في اسمياعلية، بس شكلهم طردوه 


ضحكت جنى بصوت مرتفع قائلة:


-مالكيش حل والله، على العموم روحي معاه واكيد هيرجع العريش قريب، 


-تعرفي لما كنت في حي الألفي الاسبوع اللي فات كنت حاسة اني غريبة اوي، خلاص اتعودت على بيتي، رغم عمري مااتمنيت أخرج منه بس شوفي 


-لكزتها ترفع حاجبها ساخرة 


-والله، يعني نرجعك حي الألفي ونفركش الشبكة بتاعة حضرة الظابط


انزلي لياسين ومتنسيش وقت مايمشي تعالي


نهضت مبتسمة واجابتها 


-معرفش مبقاش يقعد زي الاول، وممكن يرجع اسماعيلية، يارب ينقلوه السلوم ياشيخة


ابتسمت جنى ابتسامة حزينة واطلقت تنهيدة 


-ربنا يحببكم في بعض ياعاليا، انا حبيتك اوي، وياسين يستاهل واحدة جميلة زيك ..


انا احب ملك الهكسوس دا..ارتفعت ضحكات جنى تهز رأسها 


-مفيش فايدة فيكي، بس على فكرة ياسو شخصية ياماما، يعني تحمدي ربك لو عبرك اصلا..دا كان بيحب بت زي القمر بس النصيب


دا يتحب والنبي بلاش تكرهيني في الحب، بتر حديثهما رنين هاتفها، فتحركت سريعا للأسفل قائلة:


-هنزل ليلقيني بسهم من قوس مسمم 


ظلت تبتسم على حديثها، سحبت نفسًا عميقا تتلمس سلساله، شعرت برجفة بسائر جسدها للأشتياق له، فنهضت متجهة لغرفته بعد ماانتابها أصوات كثيرة داخلية تحسها للذهاب إليه


ولجت للداخل تبحث عنه وجدته مازال غافيا، تحركت إليه، توقفت أمامه تنظر إليه بإشتياق ..مسدت على خصلاته 


ولكنها توقفت فزعة من حرارته المرتفعة


-جاااسر!!


باليوم التالي 


عاد مساءً بعد عمله، ولج للداخل توقف متسمرًا على ملاكه التي تنتظره، بطلتها الجميلة ، خطى بعدما انهارت حصونه بحضرتها..دنى يخطو بخطوات متمهلة وعيناه ك فنان مبدع يرسمها بأدق تفاصيلها ..اقتربت بإبتسامتها بسط كفيه إليها فاقتربت حتى تشابكت القلوب قبل الكفوف..خلل أنامله بأناملها الرقيقة يقربها إليه: 


-أنا مبحلمش مش كدا، وضعت رأسها بأحضانه..تغمض عيناها تستمع إلى دقات قلبه العنيفة 


-جاسر..اتأخرت قولت ساعتين وعدى 4ساعات ينفع كدا 


وضع رأسه فوق رأسها يستمتع بهمسها الناعم باسمه ..حاوطها بذراعه السليم يدفث رأسه بخصلاتها يسحب عبيرها 


ويهمس بدقاته التي تقرع داخل صدره


-جنى سامحتيني، صدقتي اني مخنتكيش صح..خرجت من أحضانه تعانقه بعيناها 


-أنا عارفة إن مفيش حبيب يخون حبيبه، تفتكر بقى فيه عاشق هيخون 


دنى من ثغرها ينثر عشقه المترنم عليها، ويرتوي بشهد حياته، فصل ترانيمه المقدسة لديه لسعادته بالحياة 


يعانقها برماديته 


-عاشق بجنون ياروحي، وغصب عني، وحياة ربي غصب عني، مستعد ادوس على النار ولا أني اتسبب في دمعة أو وجع لروحي..داعب أنفها يهرز رأسه


-جنى إنت روحي وحياتي وكياني 


سحبت كفيه واتجهت للأريكة حتى جلس يحاوطها بذراعه، لفت ذراعيه حولها وتراجعت بجسدها تستند عليه 


-احكيلي بقى، ليه الزفتة دي ضربتك بالنار..امسك كفيها ورفعه يلثمه قائلا:


-هنقضي الليلة نحكي على شخص مالوش لازمة 


استدارت تدفن وجهها  تستنشق رائحته بوله تهمس اسمه كعصفور كناري يشدو بأعذب الالحان 


-جاسر...صمتت لبعض الوقت ثم استأنفت :


-مش عايزاك تخبي عليا حاجة، ليه رحت لها تاني، رفعت نظرها تحاوره بعيناها تترجاه أن يقص لها ماصار 


احتوى كفيها بين راحتيه وانحنى يقبلهما ثم رفع عيناه التى تجلى بها معالم الحزن قائلاً:


-خايف ياجنى، خايف تجيلي بمصيبة، فيروز ورا اللي عملته دا حاجة كبيرة، بتخطط لها 


قطبت مابين جبينها غير مستوعبة حديثه


-حبيبي ممكن توضحلي أكتر..تراجع مغمض العينين ثم تحدث بصوت هامس:


-جنى مش عايز اوجعك لو سمحتي، على عيني ياروحي ازعلك 


ضغطت على كفيه من جهة وعلى شفتيها حتى لا تنساب عبراتها، من حالته فيبدو أن هناك مايؤلم روحها، ابتلعت ريقها بصعوبة، حتى شعرت بأشواك تخربش جوفها، فهمست بتقطع بعد فترة


-جاسر ..رفعت ذقنها تتعمق النظر بعيناه


-اهم حاجة عندي انك مخنتنيش، وأهم حاجة إن جنى روحك، وانا طمعانة في أكتر من كدا، عايزة جنى ماتبعدش عن بالك ثانية، يعني حياتك بتساوي جنى 


صمت لبرهة ونظراته تحاصرها ثم باغتها بسؤالا:


-بتتكلمي  جد ولا بتهزري، يعني مش عارفة انك بالنسبالي ايه


حركت أناملها على قميصه برقة وتحدثت بدلال:


-تؤ..تؤ، اثبتلي ...ارتفعت ضحكاته وهو يرفعها لاحضانه


-مفترية يابنت صهيب، رفعت عيناها للأعلى تطالعه من فوق أكتافها 


-والمفترية بنت صهيب مين اللي عمل فيها كدا


رفع حاجبه ساخرا


-قصدك انا !!


-جاااسر..قهقه بصوت مرتفع يضع رأسه بصدرها قائلا من وسط ضحكاتهم:


-والله مظلوم وانتِ مفترية ياروحي 


مسدت على خصلاته قائلة 


-عيني في عينك كدا ..


اعتدل يسبح ببنيتها، يمرر إبهامه على وجنتيها مستسلما لسطوة عشقوه التي بدأت تقرع بصدرها بقوة من يقترب منه يستمع إليه


فعلت مثله ورسمت ابتسامة مردفة تدفن وجعها داخل صدرها


-سمعاك ..تمدد على الفراش متخذًا ساقيها وسادته ، ثم احتضن كفيها: 


-بقالي شهرين بدور عليها، من وقت اللي حصل، علشان عارف انها اكيد بتخطط لحاجة، بس ايه هي معرفش


مسدت على شعره تستمع له بإهتمام


-إحنا مش هنخلص منها ياجاسر، هنفضل كدا بسببها..أغمض عيناه متنهدًا وأجابها:


-آسف ياجنى، حاولت بس فشلت، عارف اني فشلت اسعدك وخليتها تدمر حياتك، لكن عايزك تتأكدي بتمنى أنها تموت وارتاح من نقطة حياتي السودا 


ازاي كنت عايش مع حية ياجنى ..انحنت تحتضن وجهه وتتعمق بعينيه


-بتحبك ياجاسورة وليس على العاشق حرج، انت شايفها حية أو شيطان وهي شيفاك اكبر مخادع، متنساش انك خدعتها ..كان يطالعها بصمت ينظر لجمالها الطفولي، حقا اسقته من العشق حتى سكر رفع ذراعيه يجذب رأسها وهو مازال على حالته لينثر عشقه الطاغي على ثغرها الذي اعتبره ملجأ للامه هاتفا من بين أنفاسه


-هتموتيني بحبك يابنت عمي ..أغمضت عيناها لتسلل بداخلها رجفة عشقه الضاري، داعب وجنتيها مما جعلها تفتح عيناها بإبتسامة خجولة ..اعتدل يجلس أمامها ثم طأطأ رأسه، لابد له من إخراج مكنون مايطبق على صدره، رفعت ذقنه تحاوره بعيناها: 


-مش ناوي تقول مخبي ايه، قول ياجاسر ووعد مني مش هزعل منك 


-جنى أنا خايف يكون حصل بيني وبين فيروز حاجة ، وغيابها الفترة دي كان مجنني، كنت عايز اسجنها علشان ادلها دوا يمنع الحمل لو حصل تقارب 


شهقة موجعة خرجت من نياط قلبها قبل شفتيها، وانسابت عبراتها رغما عنها بقوة اذهلته تضع كفيها على شفتيها وكأنها تلقت طعنة مؤلمة لتنزف روحها قبل جسدها 


-حمل!! قالتها بعينن متسعة..وجسد ينتفض بقوة 


الصفحة التالية


الفصل السادس والعشرون


3


كور قبضته ونفرت عروقه عندما وجدها بتلك الحالة المعذبة لروحه


جذبها بقوة يضمها وكأنه يعصرها بداخله لتبكي بصوت مرتفع قائلة:


-هموت ياجاسر، حاسة قلبي هيوقف


لا مستحيل..لا كدا كتير ، مستحيل 


انزلقت دمعة تحرق وجنتيه وهو يشدد من احتضانها، وكأنه يريد إدخالها لصدره، طبع قبلة مطولة على رأسها مردد من بين قبلاته:


-آسف ياروحي، آسف دا مجرد خوف جوايا ياجنى، مش عارف اعمل ايه لو دا حصل 


هزت راسها كالمجنونة تتراجع بعيدا عن أحضانه


-لا مستحيل ، أولا أنا واثقة إنك ملم..ستهاش قالتها بتقطع وبكاء مرتفع


ثم رفعت عيناها الباكية إليه


-صح ياجاسر، اكيد قلبك وقفك، عمر حبيبي مايعملها، اقتربت منه بعدما وجدت إنسياب عبراته بصمت ..عانقت خاصته بثغرها تنثر قبلاات متقطعة مع بكائها الذي ادمى روحه لتنزف دون دماء 


ثم طالعته تحتضن وجهه تبتلع كم الاهات التي تذبحها دون رحمة قائلة:


-حتى لو ..فيروز استئصلت الرحم يعني مستحيل تحمل 


بمقلتين متقدتين من قعر جهنم وكأنه تحول لشخص آخر


-الحيوانة ضحكت عليا، مفيش حاجة حصلتلها..


صفعة قوية نزلت فوق جسدها كضربة سوط يشتعل بنيران متقدة 


فأومأت قائلة:


-يبقى هي عملت دا كله علشان تقول انها حامل 


آآه ...صرخت بها، مما جعله يضمها يحبسها بداخل أحضانه


-حبيبتي اهدي..ضم رأسها يمسد على خصلاتها ، وكم آلمه ماتشعر به ، فهتف مسترسلًا:


-دا مجرد تفكير مش أكتر، مش متأكد سحب نفسًا واستطرد يحثها أن تنظر إليه


-بصيلي جنجون..رفعت عيناها الدامية بمياه حزنها ووجعها ..لمس وجنتيها يطالعها بآلام قلبه 


-آسف..مفيش غير الوجع اللي قدمتهولك، حاولت اسعدك ومعرفتش، للأسف لسة بدفع تمن الغلطة الوحيدة اللي عملتها لما فكرت ابعد عن حضنك، انا لسة معرفش ايه اللي هيحصل بس أنا مبقتش اتحمل وجعك بجد، بتقهر ياجنى لما بشوف دموعك دي واللي بيوجع أكتر بكون أنا السبب فيها


رفع ذقنها بأنامله، يزيل دموع عيناها 


-لو حصل حاجة بيني وبينها، مش هقدر اجبرك عليا بعد كدا


أغمضت عيناها ونيران تأكل احشائها بالداخل، حبيبها عشقها ..لا لا ستنهار حتما هذه المرة، يالله ماأصعب هذا الشعور..شعور الاختناق جعلها مترنحة، فتحت عيناها تطالعه بصمت مريب، حاله كالذي كبر اعوامًا عديدة فوق عمره، سحبت نفسًا لتبعد تلك الغصة التي منعت تنفسها ثم دنت منه حتى اختلطت أنفاسهما تضع كفيها على صدره تتلمس موضع قلبه 


-دا باسمي صح ياجاسر، انت وعدتني قبل كدا، هيفضل باسمي لحد ماأموت، أنفاسه تعالت حتى شعر بتوقف قلبه، عندما شعر بالعجز عما تفكر به، كادت روحه تنسحب من خلاياه ينتظر بلهفة قلب عاشق ممزق حديثها، ولكن اذهلته واعادت نبضه لينتظم عندما انحنت تقبل موضع نبضه 


-دا ملك لجنى الجاسر، طول ماهو بينبض ليا مستحيل اتخلى عنه، عرفت انك كنت مغلوب على أمرك لكن قرب مجرد نظرة أو حديث تاني صدقني حتى النبض دا مش هيشفعلك عندي حتى لو اضطريت اخلع قلبي وادوس عليه..لو حاولت تقرب وتلعب عليا بموضوع حملها دا، رفعت عيناها تترجاه بعيناها 


-جاسر قلبي بيوجعني ..جذبها يضمها بقوة يربت على ظهرها يضع رأسه بتجويف عنقها 


جاسر وحياته كلها فداكي ياقلب جاسر، سامحيني ياجنى، سامحيني علشان كل يوم بوجعك يوم اقوى من اللي قبله


وضعت كفيها على فمه


-اسكت خلاص دا نصيبي وراضية بيه، وإن شاء الله مفيش حاجة هتحصل، لو حاولت تقرب مني تاني مش هرحمها انا اتحملت مافيه الكفاية 


احتضن وجهها واقترب يطبع قبلة حنونة على جبينها هامسًا بنبرة متوجعة:


-آسف..آسف على كل حاجة 


حاوطت جسده تنعم بأحضانه 


-كفاية مش عايزة أسمع حاجة عن الزفتة دي، عايزة انسى قولتلي ايه لو سمحت 


رفع ذقنها يمرر إبهامه على ثغرها يرسمها بنض قلبه، ثم دنى يتذوق شهده، ليثبت ملكيته ويتعمق بعشقه، مع همساته العاشقة لها، ليأخذها لعالم برحلة لا يسمع بها سوى الأنفاس ونبض القلوب، عالم خالي من الحقد والكره، عالم ملئ بالسحر تمتزج به المشاعر بالروح ليثبت كل منهما كم عشقه للأخر 


بعد رحلة من سحر العشق التي وصلت لبر الأمان، تغفو على صدره يعبث بخصلاتها البنية التي تشبه عيناها، سحب نفسًا مطولا، يحرك أنامله يرسم بها ملامح وجهها البهي بحنو وعشق، تتدلى بعشقها له كبارعة بالية 


ابتسامة من وسط احزان قلبه وهو يراها مبتسمة بنومها كأنه يروادها أحلامه..انحنى يهمس بجوار أذنها 


-مش مسمحولك تحلمي بغيري مهلكتي


تراجع يدقق النظر لعبوثها وتململ نومها تهتف بنبرة متحشرجة بالنوم


-نام ياجاسر بقى..ارتفع صوت ضحكاته 


ليرفعها تتوسد ذراعيه، قائلا بعدما اقترب من أنفاسها يستنشقها:


-طب انام ازاي وجنيتي طيرت نومي، قالها وهو يمرر أنامله على عنقها  


فتحت نصف عيناها بإرهاق هامسة مابين النوم واليقظة :


-نام يامفتري، وابعد ايدك عايزة انام، ولا أقوم اروح انام في أوضة تانية 


جذبها يدفثها بأحضانه يضغط عليها بقوة


-لازم اعاقبك على بعدك عن حضني، رفعت كفيها على وجنتيه هامسة له 


-كنت زعلانة منك، ازاي انام جنبك وانا زعلانة، ارجع خصلاتها من فوق وجهها 


-بعد كدا مش مسمحولك تنامي بعيد عني حتى لو زعلانين من بعض، سمعاني ياجنى، زعلانة تزعلي جوا حضني بلاش تعاقبيني بالوجع دا 


❈-❈-❈


فتحت عيناها بعدما استفاقت تطالعه بحنو وعشق 


-كنت موجوع وانا بعيدة ...


تنهد وتنهيدة حارة وآه مؤلمة بكم عذابه ببعدها 


-كنت بموت مش بتوجع بس ياجنى، دنت منه تهمس بجوار شفتيه 


-كنت عايزاك تتوجع زي مابتوجع ياجاسر، عايزة أحس إنك باقي عليا


جذبها من عنقها بعنف، مقتحما حصونها...


خرج لشرفته بعد فترة، اتجه بنظره لنومها، ثم امسك هاتفه بعدما اشعل سيجاره


-عملت ايه ؟!


-من وقتها ماخرجتش ياباشا، بس ابن عمها جه زارها من نص ساعة ولسة فوق..حك ذقنه جالسًا بهدوء مريب لبعض اللحظات بسيارته 


-بقولك اسمعني كويس تعمل ايه، اكيد هتطلب دليفري عايزك تعمل اللي اقولك عليه ومش عايز غلطة واحدة، ويبقى قولي ابن عمها مشي بعدها بقد ايه 


حمحم الرجل متوترا 


-بس ياباشا دا صعب..زمجر متحدثًا


-عارف لو بابا عرف يبقى اترحم على نفسك ..اتصرف ونفذ اللي بقولك عليه 


قالها وأغلق هاتفه ينظر أمامه قائلا


-دوقي من عمايل ايدك ياحيوانة، وحياة وجع قلبي ودموعي مراتي وقهرتها لأوريكي ايام من جحيم


ظل واقفا لبعض الدقائق مغمض العينين يتذكر ماصار بينهما منذ فترة قليلة، ابتسامة بسعادة داخلية وشعور الراحة مسيطرا عليه..استمع لصوت تواشيح الفجر، فتح عيناه مرددا خلفه، ثم استدار متجها للداخل للأغتسال وخرج بعد قليل يفرد سجادة صلاته ليقيم ركعتين شكر للواحد القهار، على ماوصل إليه من فضل نعمه ..دقائق وهو بين الحي القيوم يناجيه ويشكره على نعمه


اللهمّ لك الحمد كلّه، ولك الشكر كلّه، وإليك يرجع الأمر كلّه علانيّته وسرّه، فأهل أنت أن تحمد، وأهل أنت أن تعبد، وأنت على كلّ شيءٍ قدير. اللهمّ لك الحمد حتّى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرّضا. اللهم لك الحمد كالذين قالوا خيراً ممّا نقول، ولك الحمد كالّذي تقول، ولك الحمد على كلّ حال


ظل متضرع يناجي ربه 


اللهم إنا نسألك من النعمة تمامها، ومن الرحمة شمولها، ومن العافية دوامها، ومن العيش أرغده، ومن العمر أسعده، ومن الإحسان أتمه، ومن العمل أصلحه، ومن العلم أنفعه، ومن الرزق أوسعه.


استمع لصوت اذان الفجر ..ظل يردد حمده وشكر فضله على نعمة الاسلام، 


ثم نهض متجها لزوجته 


-جنجون حبيبة قلبي ، الفجر أذن ياروحي، قومي خدي شاور وصلي هنزل المسجد ..اومأت له تجذب الغطاء ..جذب الغطاء ملقيه على الأرض ليكتشف جسدها با هبت فزعة 


-ايه دا ياجاسر والله زعلانة منك 


أشار إليها على المرحاض 


-هخليكي تزعلي بجد ياروحي، الفجر أذن ..صلي ونامي براحتك.. نهضت بعدما جذبت روبها وتحركت لمرحاضها دون حديث


❈-❈-❈


صباح لاح بالأفق بنور ربه، داعبت أشعة الشمس عيناها، حتى وضع كفيه يهرب من اخترق الضوء لجفنيه..فتح جفونه بتملل، مسح على وجهه يرجع خصلاته للخلف، شعر بثقل رأسها على صدره وخصلاتها تغطي وجهها بالكامل


ابتسامة مغرمة زينت ثغره حتى شعر برجفة السعادة التي تخترق كيانه، اعدل من نومها، ثم اعتدل متجها للنافذة ليغلق الغرفة حتى لا تيوقظها 


ثم اتجه إليها مرة أخرى يطبع قبلة حنونة على جبينها يدثرها بالغطاء لبرودة الجو، انحنى يهمس لها عندما شعر ببركان عشقه لها قائد للأنفحار 


-حبيبي عندي شغل مهم، نامي وارتاحي وهحاول متأخرش 


فتحت عيناها بإرهاق تجذب عنقه ثم قبلته وأغلقت عيناها ذاهبة بسبات نومها ..جلس لبعض الدقائق بجوارها عندما فقد السيطرة على ابتعادها ، يتشرب ملامحها الجميلة هامسًا لنفسه 


-معقول ياجنى حياتي مبقتش ليها طعم من غيرك، اليوم اللي بتبعدي عني فيه مبيكونش محسوب من أيامي


هتفت من بين نومها 


-وأنا كمان ياجسور، ارتفعت ضحكاته يلكزها 


-إنتِ صاحية يابت وبتضحكي عليا، فتحت الجميلة عيناها مبتسمة تهتف بدلال اشعل رغبته 


- اه ياحبيب جنى كنت بسمع لحبيبي عندك مانع 


وضع ذقنه على ذراعها 


-حبيبي اللي بيضحك على جوزه


وضعت كفيها على عينيها:


-جسور  انت مش جوزي بس انت الحياة، ممكن بقى تيجي لحبيبتك وتنام شوية علشان عايزة أنام بحضنك ، الجو برد وعايزة حضنك يدفيني


الصفحة التالية


الفصل السادس والعشرون


4


تمدد بجوارها يجذبها لأحضانه ، يمسد على خصلاتها 


-آسف حبيبي صحيتك، نامي ياله انا عندي شغل مهم ، وهعدي على عمو باسم ..


استدارت إليه 


-هو لسة تعبان..هز رأسه بالنفي وأجابها 


-لا ..اتحسن بس للاسف طلق حياة بعد اللي حصلي عنده وقاعد لوحده، هي لما عرفت ماسبتوش وبابا بيحاول يقنعه يرجعها..ذهب بذاكرته لذاك اليوم 


-مجبتش جنى معاك ليه ياجاسر، والله زعلت ..جلس بعدما خلع جاكتيه الشتوي واجابها 


-جنى تعبانة لما تخف هجبها إن شاءالله ، أشارت له بالدخول 


-لا لازم اروحلها انا، اطمن عليها، ادخل جوا الجو هنا برد، باسم دقايق وينزل لسة راجع من الشغل ..اومأ لها وتحرك للداخل 


❈-❈-❈


فاق من شروده على لمسة كف جنى 


-جاسر ..رحت فين 


زفر مختنقا على ذاك اليوم الذي اعتبره يومًا مأسويًا فرفع نظره إليها 


-حياة فعلا مظلومة، مكنتش تعرف اللي فيروز هتعمله، بدليل زعلت علشان أنتِ مرحتيش وكمان قالت هتيجي تزورك يعني نيتها مكنتش وحشة 


اعتدلت تحتضن وجنتيه 


-جاسر لازم ننسى اليوم دا لو سمحت، اليوم دا امسحه علشان أنا بجد بتعب جدا منه


نهض متجهًا للمرحاض هاربًا من نظراتها الحزينة 


بحي الألفي وخاصة بغرفة ربى 


نهض من مكانه يوضع طفله في مهده 


-نامي دلوقتي ياروبي، حاولي تنامي حبيبتي علشان ماتتعبيش ..دثرها بالغطاء ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها هامسًا: 


-ربنا يخليكوا ليا..نصب عوده يغلق الإضاءة، وخرج متجهًا لمنزله 


مرت الساعات ثقيلة عليه وهو يتقلب بفراشه، فنهض متجها لشرفته يستنشق بعض الهواء حتى يهدأ من لوعة إشتياقه وعشقه 


زفر الهواء المكبوت بداخله مرة واحدة وارتفاع وهبوط صدره جعل ثورته الحارقة تتخطى ثباته ثم اتجه يحمل هاتفه متجهًا إلى معشوقته..ولج للداخل وجد جواد جالسًا بمكتبه يعمل على جهازه، طرق على باب الغرفة فسمح له بالدخول 


-مساء الخير ياعمو..خلع نظارته الطبية وأشار له بيديه 


-تعالى حبيبي..تحرك متجها إليه ثم توقف أمام مكتبه 


-معطل حضرتك..ترك الجهاز بعدما اغلقه 


-لو مش فاضي افضالك حبيبي..اومأ برأسه 


-حبيبي ياعمو، نهض جواد متجهًا إليه يربت على كتفه ثم أشار إليه بالجلوس 


-أكيد جاي علشان مراتك مش كدا..جلس أمامه يطأطأ رأسه للأسفل بخذي


-عارف حضرتك زعلان مني، بس والله ياعمو أنا كنت محروق أوي على جنى، وربى وقتها كسرتني، رفع رأسه يطالع عمه وعيناه يرتسم بها الاسف الشديد 


-عارف إني مستهلهاش، زي ماانا متأكد مش هقدر أعيش من غيرها ياعمو


هز جواد رأسه ساخرًا ثم رجع بجسده يضع ساقًا فوق الأخرى يشبك أنامله يطالعه، ثم مط شفتيه 


-قولتلي إنك مش عارف تعيش من غيرها، نهض عز عندما فهم ما يشير إليه فجلس على عقبيه يحتوي كفيه 


-عمو جواد لو سمحت بلاش تحرمني من مراتي وابني 


انحنى جواد يدقق النظر بعينيه وأردف:


-ليه انا اللي قولتلك اعمل غبي ومتخلف، انا اللي قولتلك اكسر قلبها بدل المرة 3مرات ، انا اللي قولتلك احلف على مراتك بالطلاق علشان عند وبس ..لكزه بإصبعه برأسه 


-فين دماغك ياحضرة المهندس العبقري، ماسك شركة كبيرة عريضة وتحت ايدك آلاف من الناس بيسترزقوا وانت فاشل في حياتك، امتى هتقدر تسيطر على غضبك وتفرق بين حياتك الخاصة وحياتك الاجتماعية، 


اعتدل بجلوسه يتكأ بجسده على المقعد ونظراته تخترقه ثم زفر بغضب وأشار بسبباته واستأنف حديثه مستاءً


-رغم انك دوست عليها قدامي الا خلتها تروح معاك وتصونك في ضعفك وحزنك، لكن انت عملت ايه 


نهض ونصب جسده وغضبه ينفر بعروقه 


-عاملتها وكأنها مش موجودة، محبتش اخواتها يدّخلوا في حياة اختهم، أوس جه ووقف قدامي وقالي اختي مش يتيمة يابابا علشان عز يعمل فيها كدا، استدار إليه يرفعه من جلوسه واستأنف :


-جاسر اللي يعتبر اخوك وصديق عمرك اللي جيت ومسحت بكرامته الأرض قدامنا جالي ووقف زي وقفتك كدا وقالي انا متنازل عن حقي يابابا، سيبه يغلط فيا ويعمل كل اللي عايزه، بس عند ربى ومش هرحمه، انا متنازل عن نفسي بس اختي كرامتها فوق راسي وهو داس عليها، لكمه جواد بصدره حتى تراجع للخلف 


-ورغم كدا مخلتش حد يدخل في حياة اختهم وقولتلهم لما اموت اعملوا اللي عايزينه، انت عملت ايه 


انحنى يغرز عيناه بعين عز وشرارات تريد إحراقه ..يضغط على كتفه 


-روحت عملت لعبة خايبة الاهبل مايعملهاش طفل علشان ايه توجع جاسر 


ضغط على فكيه يرمقه بنظرات نارية متحدث بهسيس 


-ليه ياباشمهندس علشان قال ايه جاسر اتجوز أخته ..دفعه جواد على المقعد عندما فقد سيطرته على غضبه وبدأ يدور في الغرفة يمسح على وجهه بعنف 


-إنت ياعز، انت تكسر ربى، ليه يابني دا انا السعادة مكنتش سيعاني لما قولتلي بتحبها، وشوفت الحب دا وقولت مستحيل يزعلها في يوم من الأيام دا هيكون سندها لو حصلي حاجة، هيفديها بروحه، لكن ايه اللي عملته، ولا حاجة ، اول ما حصلت عليها وانت بتذلها ..أشار ملوحًا بيديه وهتف بنبرة حادة 


-لا فوق ، دي بنت جواد الألفي يالا، عندها بدل الاخ تلاتة وبدل الأب اتنين يعني متفكرش أنها وحيدة وملهاش سند، وروح اسأل ابوك وقوله ربى بنتك ولا لا، اقترب يغرز عيناه به 


-لو قالك كلام غير دا هطلع اشلها من فوق واوصلها لحد عندك 


جلس على مقعده محاولا السيطرة على أنفاسه التي شعر بإنسحابها من المكان، مما جعله يفتح زر كنزته الشتوية مطبق الجفنين ..اتجه عز إليه سريعا 


-عمو جواد مالك ..أغمض عيناه يسحب نفسا ويطرده بهدوء قائلاً بصوت متقطع :


-أنا كويس يمكن علشان اتعصبت شوية، فتح عيناه يطالعه ثم تحدث:


-سبني لما اروق من ناحيتك ياعز وتحسسني انك هتصون وقبل ما تتكلم في حاجة الكلام اللي سمعته من فترة لربى، انا فعلا مكذبتش عليها، كان لازم أشدها علشان لما تثبت حبك ليها تكون مستعدة من غير ضغطوطات، لكن اقسم برب العزة ياعز لو حسيت مجرد احساس انك هتغدر بيها وقتها انا اللي هرفع قضية خلع مش طلاق 


أشار بيديه للباب: 


-روح دلوقتي وتعالى الصبح شوف ابنك، دا اللي عندي دلوقتي، استدار متحركًا والام الفراق كحمل جبال فوق ظهره قائلا


-حاضر ياعمو، هسمع كلامك واحترامه اكيد، اسبوع ياعمو واحد وبعد كدا هاخدها بيتي بعد إذنك ..تحرك بعض الخطوات إلا أن جواد أوقفه فاستدار إليه ..نهض جواد متجهًا إليه ثم توقف أمامه 


-عايزاها تروح لأخوها الكبير، وتستأذنه، انا بعد كدا ماليش دعوة بمشاكل حد، ليها اخ كبير دا اللي ترجعله، علشان هو هيكون كبير العيلة من بعدي وحضرة المهندس العظيم عارف حقيقة صحة عمه، يعني ممكن الصبح أو في أي وقت يقولك عمك تعيش انت ...اقترب عز منه يحتضنه ومعالم الحزن سيطرت عليه قائلا بنبرة متحشرجة بالبكاء المختنق:


-بعد الشر عليك ياحبيبي يارب أنا وانت لا..ربت على ظهر يمسد عليه بقوة 


-مفيش حد دايم يابني الدوام لله وحده، المهم ياحبيبي متزعلش مني، لازم احفظ كرامة بنتي، فلازم تتعب ياعز ، روح لجاسر وقوله عايز ارجع مراتي 


اعتدل يزيل دموعه قائلا :


-لا ياعمو، هروح لجاسر علشان يرجع هنا، مبقاش ينفع يبعد أكتر من كدا، وزي ما حضرتك لسة قايل كبير العيلة ، ومينفعش كبير العيلة يكون برة العيلة 


اومأ له جواد قائلا:


-تفتكر هتقدر تقنعه ياعز، انا مقدرتش ، ابتسم عز من بين وجعه يهز رأسه بالايجاب:


-لو انا مقدرتش فيه اللي يقدر ياعمو 


ابتسم جواد عندما فهم ما يشير إليه فتحدث والراحة تخترق روحه 


-عايزكم كدا دايما ياعز، اوعى تتخلى عنه، أو هو يتخلى عنك، تكونوا سواسية وتاخدوا معاكم جواد، القوة في الاتحاد ياحبيبي واللي يغلط توقفه بالعقل مش بالبلطجة يابن صهيب، وتأكذ ياعز عمر القرارات العصيبة مابترفع بلد، لازم تفكر وتوزن الكلام مليون مرة، ربنا ميزنا بالعقل ياحبيبي 


جلس يرتدي نظارته مرة أخرى يشير بيديه 


-عطلتني عن شغلي..اقترب منه عز متسائلًا 


-عمو جواد حضرتك مش هتعمل العملية ..رمقه بنظرة اخرصته فأشار محذرا :


-لو حد عرف ياعز اعرف وقتها مستحيل اسامحك، اياك حد يعرف، ولا حتى والدتك سمعتني ..خليك راجل مع عمك يابن صهيب متخليش نظرتي فيك تنزل 


امال بجسده يستند على المكتب وأردف:


-بس بيجاد يعرف، مااقتنعش بكلام الدكتور وهو اللي عرفني مش الدكتور زي ما حضرتك فاهم 


-روح دلوقتي ياعز، بيجاد مستحيل يتكلم، هو راجع بكرة علشان سبوع ابنك وكمان فرح ياسين 


جذب عز المقعد وجلس عليه بجواره


-عمو جواد مش هتحاول مع بابا تاني يرجع حي الألفي 


تنهد جواد بألم وشعر بنخز بصدره ثم رفع نظره إلى عز :


-سيبه شوية ياعز، بلاش تضغط عليه، وقت مايحس أنه عايز يرجع هيرجع، بكرة هروح اشوفه واتكلم معاه تاني ..تذكر شيئا فأردف متسائلاً:


-هو ريان المنشاوي مازروش ولا إيه 


نهض عز من مكانه وأجابه 


-اه من يومين، همشي محتاج حاجة..توقف مستديرًا 


-عرفت ولادك كلهم لازم يكونوا موجودين في اجتماع مجلس الادارة، وكويس إن بيجاد راجع متنساش أنه له نسبة برضو 


-ماشي هكلمهم، ياسين هنا هقوله يعرف جاسر، واوس عارف طبعا


اومأ برأسه وتحرك قائلاً :


-تصبح على خير


-وانت من أهله قالها جواد متنهدًا، ثم رجع لعمله، قام برفع هاتفه 


-عملت ايه فيه جديد؟!


-لا يافندم، من امبارح ومفيش جديد غير إن ابن عمها بيعدي عليها كل فترة والتانية 


-وجاسر؟!


-لا ياباشا من وقت ماكان هنا امبارح مرجعش ومعملش حاجة..توقف ثم تحدث قائلا 


-فيه حاجة يافندم حضرة الظابط قالي معرفكش، بس من وظيفتي لازم اقولك 


-استمع إليه بتركيز حتى استمع لحديثه


-حضرة الظابط اتصاب بكتفه، هو راح للدكتور وخرج الرصاصة، الرصاصة في مكان مش خطير، بس لازم حضرتك تعرف....



   الفصل السادس والعشرون ج 2 من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات