الفصل الثامن والثلاثون 38 ج1
بقلم سيلا وليد
هل أخبروك أني أراك في وجوه الناس
حتى وإن لم يشبهوك...يشبهوك؟؟
هل اخبروك أنك قادر على تشتيت أفكاري دائما؟؟
هل أخبروك
أن الرجال في عيني أنت..وأن القوة في عيني أنت...
وأن الحب والحنان والقسوة والامان وكل شيء ... أنت ؟؟
وإن أخبروك
ياليتهم يخبرووك بأني أهيم بك عشقاً
فكلما أتبع قلبي يدُلني إليك كأنني منكَ
ثم إليكَ ..
وأني أُحبك، كحدسٍ لا يُخطئ ..
حتى جئتك من سبأ بنبأ يقين ..
فلا رسالة تأتي منك تطمئن بها قلبي ..
ولا هدهدٌ يجلب لي نبأً واحداً عنك ..
ولا عفريت من الجن يأتيني بوجهك الجميل ..
قبل أن يرتد إلي طرفي ..
لا أحد في مملكة سبأ كلها يملك عنك معلومةً واحدة ..
أروي بها ظمأ روحي واشتياقي إليك ..
كيف طاوعك قلبك أن تعلقني بك هكذا وتختفي ..
يا ساااااادة ..
كان علينا ان نقتطع من فرح الطفولة ..
زادا .. لبقية .. الطريق ..
❈-❈-❈
قبل عدة ساعات كانت
تغفو بأحضانه يمسد على خصلاتها مرة ويمرر أنامله على وجنتيها مرة أخرى..جذب سجائره وابتسم على كلماتها قبل نومها، فقام بإشعالها ومازالت نظراته عليها، قطع نظراته إليها صوت هاتفها برسالة
-شكرًا ياجنى على قبول الدعوة، اتمنى يكون الورد والهدية عجبوكي ..
هستناكي سعادتي مش هتكمل غير بوجودك، سعيد جدا اني اتعرفت وقربت من بنت رقيقة وجميلة زيك، محظوظ قوي بالشهر دا، اول مرة أقرب من بنت ناعمة كدا، من وقت مالمست ايدك وانا مش على بعضي، يابخت جوزك بيكي.. انا بعد الساعات بسرعة علشان اشوفك تاني، وشكرا على القهوة، لسة حاسس بطعمها
توقف الدم بعروقه، حتى شعر بإنسحاب انفاسه، ابتعد عنها بعدما ألقى سيجارته بالمطفأة، ووضع رأسها على الوسادة، ثم توقف عندما أحس بإرتفاع حرارة جسده، وألم يغزو جسده بالكامل ..نيران محترقة تشعل بصدره حتى شعر بأنه يريد أن يصرخ من أعماق قلبه كالذي داخل قبرًا محطما المكان بأكمله
ركل المقعد بغضب ليهوى بقوة على الأرض، مما جعلها تتململ بنومها
فتحت عيناه مبتسمة
-إنت لسة صاحي ؟!
اقترب منها ونظرات جحيمية يريد إحراقها بها، ثم وضع الهاتف أمام عيناها
-ايه دا ومين ..؟!
نظرت للرسالة بصدمة تبتلع ريقها بصعوبة
جاسر..صفعة قوية على وجهها..
صمتًا مميتًا لكليهما سوى من أنفاسه المرتفعة وكأنها اشواك تخربش رئتيه من شدة ما شعر به من لطمها
طالعها بعينًا مذهولة حينما شعرت وكأن هناك صاعقة صفعتها دون رحمة، وضعت كفيها على وجنتيها ..جاحظت العينين بصدمة وكأنه طعنها بخنجر مسموم ..اكتسح الحزن والألم معًا وجهها ، فانسابت عبراتها تحرق وجنتيها، حاولت السيطرة على ماتشعر به من آلام تبرح جسدها بالكامل نهضت بهدوء تجذب فستانها وترتديه وقف يتأمل شحوبها بأعين دامعه، واحس بلهيب نيران صدره، اقترب بعدما وجدها تحاول غلق سحّاب فستانها وحاول مساعدتها ..التفتت إليه تضع كفيها أمامه دون النظر أو الحديث، كأنها أصيبت بشلل ليتوقف لسانها..تحركت إلى هاتفها ورفعته
-بيجاد ارجع فورًا ..الرحلة خلصت!!
على الجانب الآخر بالفندق الذي يقيم به بيجاد مع عائلته، نهض من مكانه
-فين جاسر كان بيقول هترجعو بعد يومين، ايه القعدة مش عجبتكم
أمسكت حجابها وتابعت حديثها من خلال مكبر الصوت بوجوده:
-معلش كنان وحشني ومش متحملة ابعد عنه، لو سمحت ياريت خلال دقائق تكون هنا انا هستناك برة مكان ماوصلتنا
اتجه بنظره لغنى بريبة متسائلًا:
-تستنيني ليه هو جاسر مش هيرجع معاكي..اقترب منها وحاول الحديث ولكنها ابتعدت بنظرها واجابته
-هو برة معرفش ظروفه بس ابني وحشني ولازم ارجع حالًا ..قالتها وأغلقت الهاتف
توقف أمامها بقلبًا يتمزق مما فعله بها
-"جنى"..احتضن وجهها ولكنها تراجعت للخلف كالملسوعة، هنا شعرت وكأن كفيه نيران تحرق وجنتيها بعدما كانت تشعر حنانًا، ابتعدت مستديرة تجمع أشيائها الخاصة بتلك الحقيبة التي احضرتها ..طالعت المكان بنظرات سريعة بعينان تختلط بدموع القهر بعدما كانت تشعر كطائر يحلق بالسماء، الان أصبحت كطائر ذُبح عنقه دون السماح له بالحرية ..استمعت إلى ذاك ضغط على الزجاجة التي بيديه حتى مزقت أوردته وانسابت دماء من كفيه
توقفت مذهولة تطالعه بعينين تقطر المًا، ولو أحس أحدهم بما تشعر لشعر أنها كالذي بداخل قبر تريد أن تصرخ وتملأ الدنيا صراخًا ولكن كيف وهي التي شعرت بذبحها على يد معشوقها
هوى على المقعد خلفه ينظر لكفه الذي
ينزف دمًا ..وهمس
❈-❈-❈
- ياريتها اتقطعت قبل ماتتمد عليكي، تحركت إليه بجسد فاقد للحياة، وجذبت كفيه تفتحه لتخرج الزجاج من كفيه ومازالت عبراتها تنسدل بصمت ..انتهت لما تفعله، وحذبت وشاحًا صغيرًا تلفه حول كفيه ثم توقفت قائلة:
-متحاولش تستعطفني، علشان اللي قدامك دي موتها مبقاش فيها روح قالتها و
امالت لتحمل حقيبتها أطبق على كتفها بحدة، وهدر بها بعدما عجز بالحديث إليها
-جنى اسمعيني أنا مش بستعطفك ، أنا باخد حقك من ايدي، رفع ذقنها
-أنا اسف صدقيني مكنش قصدي ..نزعت نفسها منه بعنف
-مالكش وقت عندي للكلام، ومش عايزة اسمع حاجة، كان الأولى تسمعني، لكن أنا اللي استاهل علشان دايما بتساهل معاك
-جنى اسمعيني !!
-وأنا بقول مش عايزة اسمع مبتفهمش، جرت حقيبتها وأتت لتفتح الباب استمعت إلى حركة بالخارج، اتجه سريعًا للنافذة ، وجد بعض المرتزق يترجلون من سيارة سوداء، اتجه سريعًا إليها يسحبها من كفيها واردف بنبرة يشوبها الخوف:
-تعالي لازم نمشي من هنا فورًا، جذب كنزته وتحرك متجهًا للخلف وهو يرتدي ثيابه يشير إليها برعب تجلى على ملامحه :
-تليفوني فين..تسائل وهو يلتفت حوله برعب ..تحرك للداخل سريعًا، وهي تطالعه بصمت ..جذب اشيائه سريعًا، يشير إليها:
-سيبي الشنطة دي، بصي شايفة الشباك دا هطلعك عليه، تنزلي على مهلك وتروحي للمكان اللي قولتي عليه لبيجاد، رفعها سريعا
-ياله ياجنى اتحركي بسرعة..هزت رأسها تطالعه بخوف :
-مين الناس دي ياجاسر..جذب مقعد خشبي وفتح النافذة ينظر للخارج بحذر ثم سحب كفيها إليه:
-ياله حبيبي، انا هعطلهم لحد ماتوصلي
لأ لأ ..قالتها بدموع تنساب بقوة، بدأت الاصوات ترتفع بالخارج ..نظر إليها بعجز:
-بتحبيني صح ..لو بتحبيني اثبتي دا ، ياله ياجنى علشان خاطري
اقترب منها وقبلها قبلة سريعة يهمس لها :
-بعشقك ياروح جاسر..يالة اتحركي علشان نرجع لكنان كدا هنموت هنا
بكت بشهقات، وضع كفيه على فمها
-وحياة جاسر عندك لتمشي ياجنى
-مقدرش!! اردفت بها معترضة..نظر لعيناها وتحدث بصوت خافت:
-ابننا هعيش من غيرنا، وحياتي عندك ياجنى وحياتي...استمع لدفع الباب الخارجي ..فطالعها برجاء
-ياله حبيبي علشان ابننا ، انا هلحقك
-اوعدني ..اقترب ينظر لعيناها
-وحياة جنى عندي ..
هبطت سريعًا ثم اغلق النافذة بعدما راقب تحركها بين الأشجار حتى اختفت تمامًا ..امسك جهازه وحاول الاتصال مرار وتكرارًا بالدعم الأقرب له من خلال السفارة، ولكن محاولته باتت بالفشل، اتجه لجواد بعدما فقد الأمل
عند جواد حازم قبل قليل ، يحادث باسم بالهاتف وهو يقود سيارته
-بص ياسيدي الشحنة اتمسكت كما يقول الكتاب، وطبعا دي ضربة معلم في الجول عقبال يارب الأسلحة
على المقابل حدثه باسم بعقلانية:
-خليكم زي ماانتم ياجواد، لازم جاسر يبان أنه لسة في بورسعيد، وانت خد بالك من الخدم حلو الطريقة اللي احنا شغالين بيها
مازال يقود سيارته وتابع حديثه:
-عزيز ملاحق جاسر ياعمو، ساعات بيعجزنا، مش بالع أنه شغال بعيد القضية
-سيبك منه مفيش حاجة تخليه يشك اللي مخوفني شحنة الأدوية الفاسدة اللي صاحبك مسكها بالصدفة وكمان ساومه عليها
تذكر مافعله جاسر ببورسعيد فأطلق ضحكة صاخبة
-اهي دي اللي مجنناني ياعم، الواد زي مايكون القضايا بتجري تحت رجله كل مكان يطلع ببلوة ..قهقه باسم عليه قائلاً:
-بطل قر يالا ، دي ارزاق ياغبي، وصاحبك مرزوق
ظل الأثنين يضحكان إلى أن قاطعه جواد :
-شوفت بيقول ايه..كنت نايم وحلمت وبعدين صحيت لقيت مجرمين بيعزموا عليا اشرب سيجارة
ضحكة صاخبة من باسم حتى أدمعت عيناه ؛:
-ابن خالك فلاتي، مقولتليش ازاي مسك الشحنة دي
تذكر جواد تلك الليلة، خرج جاسر من مركز الشرطة التابع لمحافظة بورسعيد
-لازم اسافر الوادي حالًا، بقيت عامل زي السائح اللي بيزور محافظات مصر ببلاش ..لكمه جواد بضحكة، ثم اتجه لسيارته
❈-❈-❈
أنا بقى راجع القاهرة علشان نكمل خطتنا ونشوف الست الخدامة وصلت لحد فين
لوح بكفيه واستقل سيارته متحركًا، بينما اتجه جاسر للداخل يجذب اشيائه للمغادرة، قابله المسؤل عن مكتبه
-آسف ياباشا؛ كويس اني لقيت معاليك، اتجه يضع سلاحه بخصرة، ويجذب مفاتيحه ونظارته قائلًا:
-فيه ايه يامحمود؟!..اجابه على الفور
-جالنا إخبارية من واحدة ست بتقول فيه أدوية فاسدة هتدخل المينا الليلة
جعد جبينه متسائلاً:
-ودي لعبة ولا حقيقة..اقترب محمود يضع له ورقة :
-قالت دي رقم الباخرة اللي عليها الشحنة وهتوصل الساعة واحدة
أطلق زفرة حارة يمسح على وجهه، دقائق وهو يقطع مكتبه ذهابا وإيابًا يفكر في تلك المعضلة
- طيب دا لو كمين هتتصل بالمركز ليه ، ولو حقيقي ليه مجتش تبلغ بنفسها ..ياربي ايه دا كمان لازم اسافر الطيارة هتفوتني ..تذكر جواد فرفع هاتفه اجابه جواد
-ايه يابني !!
جواد انت فين دلوقتي، خرجت من بور سعيد ولا لسة
-خرجت ياباشا بقالي اكتر من نص ساعة وعلى الطريق السريع اهو
-تمام ، قالها ثم اغلق الهاتف ..قطب جبينه وتسائل:
-ياترى الواد دا بيسأل ليه، مجنون قالها وتحرك ..خرج من شروده بعد وصوله إلى الجامعة وترجل من السيارة وجدها تتحدث بهاتفها تحرك يسبها
-الحلوة الأمورة مصاحبة حشاش، ماشي ياست الشقية إنتِ
عند هنا قبل قليل خرجت تتأفف
-إنت فين يا" علي"
أجابها "علي" خطيب سنا قائلًا:
-آسف ياهنا ..ربع ساعة وأكون عندك..زفرت بضيق ثم هتفت:
-خلاص هاخد تاكسي، مش ضروري تيجي..قالتها وأغلقت الهاتف تتمتم
-لما انتوا مش قد الوعود بتوعودا ليه اوف..ارتدت نظارتها وتحركت للخارج..توقف أمامها
-أنا مسألتش الصبح عربيتك اتصلحت قولتي اه، بتضحكي عليا
زمت شفتيها مبتعدة بأنظارها عنه، جذبها من رسغها:
-مبحبش الدلع يابت، اركبي بدل ماابوسك قدام الكل
توسعت عيناها تطالعه بصدمة:
-إنت بتقول إيه..رفع نظراته فوق خصلاته مقتربا منها
-تحبي نجرب، اعملي حركة كدا وشوفي هعمل ايه
بتر حديثه رنين هاتفه:
-جواد ..انا محاصر في اليونان
تسمر بوقوفه
-فين!! سانتوريني، ولا مكان تاني وبعدين ليه مولقتش انك في اليونان
تحرك يستمع لتلك الأصوات وهمس له
اتصرف ياجواد، تفتكر دول بتوع القضية، صمت
ينظر من ثقوب النافذة، ضيق عيناه
-مين دول ؟!
جذب جواد هنا سريعًا يدفعها بقوة بالسيارة ورفع هاتفه :
-تمام ياجاسر، هحاول نوصل للسفارة
اتجه لمهاتفة باسم:
-الحق ياعمو جاسر محاصر باليونان
هب باسم من نومه فزعًا:
-إنت بتقول إيه يابني، مين وفين بالظبط ..قالها وهو ينهض من فوق فراشه
ابتلع ريقه يطالع هنا يشير إليها بالصمت :
-اتصل من ثواني وقالي فيه حد حاصره، وهو بالقرب من سانتوريني
اقفل اقفل ربنا يستر، اتجه يهاتف احد من القادة للوصول للسفارة لإنقاذ مايمكن إنقاذه
عند جاسر، اختبأ بمكان ما حيث يظهر إليه المكان بأكمله، وبدأ يصطادهم شخصًا تلو الآخر إلى أن توقف فجأة
ينظر لسلاحه الذي نفذت رصاصته
ثم تسلل بهدوء، يبحث عن شيئا يدافع به عن نفسه، ولكنه تعثر بأحد المقاعد بسبب الظلام الذي يحاوطه ليجد شخصًا أمامه يوجه إليه السلاح :
-انظر ياهذا..لا تحاول العبث معنا، هيا أخرج مالديك وإلا سأقتلك بالحال
تنهد براحة حينما علم بأنهما ليسو سوى لصوص..نظر لذاك المقعد وتجول بالمكان سريعا عندما تذكر معشوقته، فأشار إليه للأعلى ، ليرفع الآخر عيناه وإذ به يلقيه بالمقعد بخفة فيسقط على الأرض وينهال عليه ضربًا، وأخذ سلاحه وتحرك سريعًا للخارج يبحث عن جنى
عند جنى ..هرولت لبعض الوقت حتى شعرت بإنقطاع انفاسها، هوت على الأرض تبكي بشهقات وتنظر خلفها بخوفٍ، لم يعد لديها قدرة للحركة فجلست بجسدٍ مرتعش تهمس اسمه وتدعو من الله أن ينجيه، رفعت هاتفها سريعا لعل تلك المحاولة أن تنجبه ..نظرت لهاتفها بخيبة أمل عندنا وجدت بطاريته أوشكت على النفاذ، رفعته سريعًا متوقفة لالتقاط شبكته بوضوح:
-بيجاد..صرخت بها وهو يصعد لتلك السيارة الذي تأجرها ليصل إليهم ويعرف ماذا يحدث اولًا، ولماذا قررو الرجوع
-أنا جاي ياجنى، بس استني في الشاليه ..صرخت تبكي بشهقات مرتفعة
-فيه ناس هجموا علينا، وجاسر، جاسر لوحده في الشاليه، ألحقه يابيجاد ، هيموتوه لا زمانهم موتوه
-جنى اهدي انا جاي خمس دقايق واكون عندك إنتِ فين، أنا مش فاهم حاجة ،نظرت حولها بتيه وصاحت ببكاء :
-معرفش انا شكلي توهت في الغابة، مش مهم المهم تلحق جاسر ،
قاد السيارة بسرعة جنونية يتحرك للمكان المنشود:
عند جاسر، تخلص من معظمهم ولكن سلاحه فرغ من خزينته ، اتجه للنافذة لكي يخرج خلف جنى، بعدما تأكد ماهم سوى لصوص للسرقة، فتح النافذة وأتى للخروج منها استمع لتحطيم باب الغرفة ودخل أحدهم يرفع سلاحه إليه
-الى أين ياهذا !!
تراجع جاسر مبتعدًا عن النافذة حتى لم يتحركوا خلف جنى، دلف اخر
-سيدي يبدو بوجود سيدة ولكنها لم تكن موجودة، اقترب ذاك الذي يشبه الجدار البشري
-اين التي معك..؟!
أشار للغرفة وأخبر الآخر :
-هيا ابحث عن الاشياء، اتجه بنظره الى جاسر الذي توقف عاجز ، لم يقو على الحركة خوفًا من التسلل خلف جنى، ناهيك عن سلاحه وذخيرته التي نسيها بالسيارة
اقترب ذاك الرجل يطالعه بتفحص
-اين السيدة ؟!
هز كتفه قائلًا:
-لا أعلم عن ماذا تتحدث!!
دلف اخر قائلًا:
-كل الرجال قُتلت سيدي، يبدو أن ذاك صياد محترف
تحرك الرجل مستديرًا يحدجها بتفحص:
-نعم لقد رأيت ذاك، واعجبني كثيرًا، هيا اجلبوه سوف ننتفع به، يبدوا أنه من الاثرياء..قالها وهو يحدق بساعته وأشياء جاسر الثمينة..
بالخارج وصل بيجاد، سحب سلاحه يتمتم لنفسه:
-أزاي ماخدناش بالنا أن المكان دا اصطيادي للمرزتقة..اووف ياجاسر، ربنا يستر ..تحرك بحذر ينظر حوله، حتى توقف خلف أحد الأشجار بعدما شاهد خروج أحدهم ، ثم تحرك الآخر يجذب جاسر من ذراعيه ..وهناك أحد الأشخاص ينتظر بالسيارة
-نعم ثلاثة، سنلعب قليلا يابيحو..قالها وهو يتحرك بحذر حتى توقف بالقرب من سيارة أحدهم وقام بإطلاق رصاصة على أحد اطارتها، وفعل بالآخرى ذاك وتراجع مرة أخرى خلف الشجرة منتظر وصولهم
تحرك الاثنين إلى أن وصل إلى تلك السيارة يشير لأحد السيارت:
-هيا خذوه للسيارة الاخرى، وراقبوه بحذر، أريده حيا نظر إلى سيارته متأففًا
-سأبدل ذاك الاطار، وانتم هيا ..تحرك ليخرج إطار السيارة وترك سلاحه فوق السيارة على بعد مسافة منه عندما اتجه لجلب الإطار
تحرك الآخر متجهًا لسيارته، ذهب جاسر بنظره بتلك الانحاء يفكر لينجو من تلك الفاجعة ، علم أنه إذا دخل تلك الشبكة الإجرامية ولا يستطيع النجاة منها سوى بمعجزة..حدث نفسه :
-ياله ياجاسر انقذ نفسك، لمح شيئا بالسيارة، يبدو أنها زجاجة إحدى المشروبات الكحولية..لحظات ماهي إلا لحظات وفتح باب السيارة بقوة جاذبًا تلك الزجاجة ليدفعها فوق رأس الذي يحاوطه، بذاك الوقت قام بيجاد بإطلاق أعيرة نارية عشوائية، ليحدث تشتت، تحرك المرتزقة اتجاه جاسر ولكنه دفع السلاح بقدمه بقوة ويغرز بعنقه باقي الزجاجة
واستدار بنظره لمكان انطلاق الرصاص، لمح بيجاد يشير بيديه للتحرك إليه ..تحرك مهرولا، اتجه الرجل الباقي ليجذب سلاحه بالوقت الذي وصل جاسر إليه وجذب سلاح بيجاد وأطلق رصاصته لتستقر بصدره ليهوى قتيلا على الأرض
اتجه بنظره إلى بيجاد:
-بتتصطاد عصافير يابني، ايه كم الرصاص اللي في الهوا دا
قهقه بيجاد يجذبه من ذراعه:
-دول تلاتة ياحبيبي ، حد قالك انا ظابط، اعمل ايه كان لازم اطفشهم وخلاص، فكرت هيعملوا زي افلام ابيض واسود ويسبوك ويهربوا، لكن شكلك نمس وعجبتهم
تحرك يتجول في المكان
-رايح فين يابني، ياله نمشي قبل مابقيتهم يوصلوا، استنى انت كمان دول سرقوا حاجتنا ولاد التييت
تحرك إلى أن وصل للحقيبة التي جمعوا بها اشيائهم مع أحد القتلى
-حقير كنت مفكرني اهبل ..وصل بيجاد إليه وتسائل:
-جنى تاهت في الغابة..سقطت الحقيبة من يديه يطالع بيجاد بصدمة
-يعني ماوصلتش لعندك
هز رأسه بالنفي..فتحرك سريعا متجهًا خلفها كالمجنون
لا لا جنى..قالها وقلبه كالمضخة بداخل صدره، تحرك سريعًا وهو يركض كالفهد وبدى على ملامح وجهه الرعب يسب نفسه، ماذا يحدث اذا فقدها ..توقف بعدما قطع الكثير من المسافات يصرخ بصوتًا اهتزت له الأشجار، شعر بأن الكون يدور به فزاغت نظراته يبحث عنها بلهفة مرة أخرى ، وصل إليه بيجاد منسائلًا:
-ايه مالهاش اثر..اتجه ببصره إليه
-التليفون، فين تليفونك مش هي كلمتك منه يبقى اكيد عندها شبكة ، بسرعة ..أخذ هاتف بيجاد وظل يهاتفها ولكن تلك الرسالة الغبية" هذا الهاتف ربما أن يكون مغلقًا "
تحرك ولم ييأس وبجواره بيجاد متجهين إلى الخروج كما شرح لها جاسر..
عند جنى ظلت تتحرك بخطوات متعثرة إلى أن أرهقت وجلست مكانها تنتظره ربما سيلحقها كما وعدها ..استندت على الشجرة وعبراتها تتسابق على وجهها كالشلال إلى أن يئست من الخروج..لحظات واستمعت إلى صوته يصرخ باسمها
❈-❈-❈
نهضت من مكانها متجهة إلى الصوت علها تستطع الوصول إليه ولكنها توقفت عندما وجدت ذاك الصقر الذي توقف على الشجرة ..ظلت تطالعه لبعض الوقت وكأنها ترسمه بعيناها همست لنفسها
-سبحان الخالق وماأروعك وابدعك ربي، اقتربت منه خطوة، تمنت أن تتلمسه، لقد تناست ما تشعر به من جماله، استمعت لبعض الخطوات، توقفت خلف الشجرة مع ارتجافة جسدها تدعو من الله أن يكون زوجها وليس سواه...توقف جاسر يلتقط أنفاسه مرة أخرى ذهب ببصره لشيئا يسقط على الارض، بسط كفيه وسحب هاتفها يتمتم بصوت خافت وابتسامة تجلت على ملامحه:
-جنى!!..خرجت من خلف الشجرة بعدما استمعت لصوته..تحركت متوقفة أمام الشجرة علها تتأكد من رؤيته
توقف بذهول وعيناه مسلطتان بقوة ليتأكد هو الآخر..ركض سريعا بعدما تأكد من وجودها جذبها بقوة لأحضانه وآه حارقة خرجت من أعماق قلبه بعدما سكنت روحه
أخرجها يملس على وجهها حلو التقاسيم كالأم التي تفحص وليدها،
- حبيبتي انتِ كويسة، تجول بنظراته عليها فتراجعت تتمتم بصوت جعلته أكثر جفاء:
-كويسة الحمد لله ، اتجهت ببصرها إلى بيجاد الذي وصل للتو
-حمد الله على سلامتك ياجنى..اومأت له دون حديث، ثم تحركت أمامهم
-عايزة نرجع حالا
تحرك خلفها قائلا:
-جنى استني رايحة فين، مش من هنا..تحرك بيجاد وتحدث بجدية
-احنا لازم نتحرك من هنا فورا، قبل ماحد من المرتزقة يعرف اللي حصل، ثم اتجه بنظره إلى جاسر :
-فيه حاجة لسة في الشالية
توقف متخصرا يسحب انفاسًا ويزفرها بهدوء:
-قولي ازاي تحجز شاليه في منطقة زي دي يابيجاد ماتخدش احتياطتك
هز رأسه وتحدث بإبانة:
-والله يابني احنا جينا كذا مرة هنا، هو مش نفس الشالية بس نفس المنطقة، اسف ماأخدتش بالي إن المكان دا تحت سيطرة المرتزقة ..
اومأ برأسه وتحرك يجذب جنى يحاوط أكتافها بعدما وجد حالتها الرثة، تحركت دون حديث بعدما فقدت السيطرة على اتزانها
وصل بعد قليل لمكان الذي ستقلع منه الطائرة الطائرة للقاهرة:
بحي الألفي قبل قليل
بعد اتصالات باسم المكثفة ووصول السفارة لمكانهم وأخباره بمغادرتهم آمنين ..اتجه يهاتف جواد للأطمئنان عليه
-أيوة ياعمو، كنت لسة هكلم حضرتك الحمدلله الموضوع طلع سرقة وجاسر وبيجاد سيطروا على الوضع وهما خرجو من المكان كله
-طيب كويس ..اتصلت بيك علشان اطمنك وأقولك بلاش خالك يعرف
-حاضر ياعمو ..متخافش مفيش حد هيعرف
بغرفة عاليا وياسين
تجلس على الفراش تتطلع بصورهما، وابتسامة عاشقة على وجهها وهي تمرر أناملها على صورته، بتر خلوتها رنين هاتفها :
-عاملة ايه ؟!. وحبيبة باباها عاملة ايه؟!
تراجعت تستند على الفراش وأجابته:
-كويسين إنت عامل ايه، خلي بالك الجو بارد قوي الأيام دي
ابتسم وهو يرفع أنامله يغرزها بخصلاته :
-خايفة عليا !!
شاكسته مبتسمة ؟!
-لا ياحبيبي خايفة لما تيجي تعدي راسيل
-"والله"..يعني انا مش فارق، صمت لحظة وتسائل بنبرة تشع عشقًا؟!
-اومال حبيبي دي طالعة ليه، أوعي يكون زلة لسان هزعل قوي
تمددت على الفراش وارتفعت ضحاتها:
-لا بلاش وحياتي تزعل، علشان متقلبش لملك الهكسوس
أثلجت صدره بضحاتها ومشاكستها البريئة، صمت لبعض اللحظات وتنهد بصوت مرتفع حتى شعرت به
-عاليا وحشتيني بجد!!
-وأنت كمان!! أغمض عيناه يسحب نفسًا يتخيلها أمامه ثم هتف:
-مفيش كلمة حلوة في غربتي دي، على فكرة أنا على الحدود وممكن لا قدر الله..بترت حديثه سريعا معتدلة
-بعد الشر عليك ربنا يرجعك بالسلامة وميحرمناش منك ابدًا
-ياااا ..الله منك ياعاليا، قوليلي اعمل ايه بس
افلتت ضحكة خافتة تهمس بصوت خافت:
-قولي انك هتيجي قريب، مش كفاية المدة دي
نهض من مكانه وتحرك للخارج ومازال يهاتفها:
-إن شاءالله على اخر الاسبوع، علشان ناوي اخد اسبوع كامل اشبع من مراتي فيه ...توردت وجنتيها من مغذى حديثه ..تحدث قائلا:
-بوسي لي راسيل، بس عايزك تبوسيها بوسة كبيرة من شفايفها
قالها وأغلق الهاتف ينظر لتلك السحب السوداء التي حجبت النجوم، أغمض عيناه وابتسامته العاشقة مازالت تزين ثغره
بمنزل صهيب ..
طرق على غرفة ابنه ، خرجت ربى إليه
-عمو صهيب فيه حاجة؟!
-لا ابدا حبيبتي ، بس بسأل عن عز هو فين
هزت كتفها دون علم ثم أشارت على بعض كُتبها:
-معرفش ، انا كنت بحضر حاجة، وكلمني وقالي عنده شوية شغل
اومأ لها ثم تحرك للخارج بعدما لثم جبينها
-تصبحي على خير حبيبة عمو ..قابله عز على الدرج
-كنت فين دا كله؟!
توقف أمام والده يطالعه باستفهام من عينيه، جذبه صهيب من كفيه متجها إلى مكتبه:
-تعالى عايزك ..تحرك عز خلف والده الذي ولج لمكتبه واغلق الباب ، ثم أشار له بالجلوس
-اقعد!!..جلس عز بإرهاقٍ ثم تسائل:
-فيه حاجة ولا إيه؟!
-تعرف ايه عن القضية اللي جاسر ماسكها ومتلفش وتدور عليا انا عارف انتو الاتنين سركم مع بعض
تراجع بجسده يستند على المقعد وتمتم بصوت خافت بسبب إجهاده
-معرفش، جاسر مبقاش زي الاول، اعتدل يدقق النظر بعين والده
-بس حضرتك بتسأل ليه هو فيه مشكلة ولا إيه؟؟
ظل صهيب يحدجه لفترة ثم أشار له:
-قوم نام احسن !!
اعتدل يستند على مكتب والده
-حضرتك قلقتني هو فيه حاجة
هز رأسه بعدما تأكد بعدم معرفة ابنه شيئا ..ظل جالسًا لفترة بعد خروج عز، ثم رفع هاتفه وقام بمهاتفة أحدهم
-بسوم عامل ايه؟!
كان يقود سيارته راجعًا لمنزله بعدما اطمئن على خروج جاسر من الأراضي اليونانية فرد قائلًا بخفة ظله المعتادة
-اهلا بالكبير، فينك يادوك
نقر صهيب بقلمه عدة مرات ثم باغته متسائلّا:
-باسم من غير لف ودوران انا مش مرتاح لشغل جاسر ببورسعيد، ليه يشتغل ببور سعيد رغم أنه اولى له القاهرة، وياريت تكون صريح معايا
توقف باسم بالسيارة ، صمت قليلا ثم اجابه بخبرته التي اكتسبها عبر وظيفته لخروجه من المأزق:
-وأنت تفتكر أن أي واحد فينا بيختار المكان اللي يقدر يخدم فيه وطنه ولا ايه ياصهيب، ماترجع بالذاكرة شوية وافتكر انا كنت شغال فين قبل مااتنقل القاهرة، وجواد كان فين، الموضوع مش ليه ساب القاهرة، الموضوع أنهم محتاجين ظباط كفئ في المكان دا، ومتنساش مشوار جواد سابق ابنه، ودا ظهر من كام قضية جاسر كافئ فيها ، وعايز أكدلك انا ماليش اي تدخل ، يعني الإدارة هي المسؤولة أن الظابط دا يشتغل هنا ودا هنا
-اتمنى تكون صادق في كلامك ياباسم، اتمنى ..غير باسم الحديث وأردف :
-كنت عايز اسألك عن حاجة اهم من دي ..صمت صهيب لمتابعة حديثه
-جواد ماله ياصهيب مخبي ايه علينا واكيد انت عارف
قطب صهيب جبينه متسائلًا:
-تقصد ايه !!
تنهد باسم و نظر من نافذة السيارة
-حاسس فيه حاجة مخبيها علينا عن صحته
-لا مفيش حاجة معتقدش أنه يخبي حاجة ..قاد باسم السيارة مرة أخرى
-اتمنى ، لكن جواد متغير ومتأكد أنه مخبي حاجة، اللي يخلي جواد يطلب مني إن ابنه يبعد عن القضايا الصعبة يبقى تأكد أنه فيه حاجة
شعر صهيب بالارتياب فسائله:
-امتى الكلام دا ؟!
اجابه باسم : من شهر تقريبًا أو اكتر، انا انشغلت ونسيت اسألك
-تمام ياباسم انا هعرف ولو اتأكدت اكيد هعرفك
-تمام يابص..قالها باسم واغلق الهاتف متابع طريقه
أما صهيب الذي توقف متجهًا إلى منزل جواد
بمنزل حازم الألفي
اغلق حاسوبه وتراجع للمقعد يدلك عنقه، ثم نهض متجها إلى شرفته ليشاهد ماذا تفعل تلك الجنية الصغيرة
نظر إلى غرفتها وجدها تغرق بالظلام، نظر بساعة يديه يحادث نفسه:
-اول مرة تنام بدري البت الغبية دي، استند على السياج ينظر للحديقة حتى اعتدل ناصب عوده عندما وجدها تجلس بجوار تقى وفارس ..استدار متحركًا للأسفل، خطى إلى أن توقف خلفهم ليرى ماذا يشاهدون بذاك الوقت والجو البارد يحاوطهم ..ضحكت تقى على شيئا جعله يقترب ليرى ماذا يوجد بتلك الشاشة ..توقف وإذ به يصيح بهم
-بتعملوا ايه في الوقت دا ؟!
هبت تقى من مكانها وابتلعت لُعابها
-جواد!!..رمقها بنظرة نارية
-فيه واحدة محترمة تقعد للساعة واحدة تضحك كدا مع الشباب لا وكمان مخطوبة، طيب احترمي خطيبك ياختي، أشار على المنزل
-على جوا ياله..توقف فارس مقاطعه
-حيلك حيلك ياحضرة الظابط ، هي قاعدة مع حد غريب، دي بنت خالها وابن خالها يعني احنا مش من الشارع
-اسكت يالا ..قالها جواد بغضب ثم أشار إليه بسبباته:
-اياك تقرب منها، دي مش زي البنات اللي كنت مصاحبهم في المانيا، رمق تلك الصامتة وتابع
-خليك مع اللي شبهك، ثم اتجه بنظره الى تقى :
-ياريت الأستاذة تحترم الراجل اللي مكتوبة على اسمه، فارس مش اخوكي علشان تقعدي جنبه كدا لوقت متأخر ، دا يحل لك يااستاذة، غوري من وشي ..قالها بعصبية لا يعلم لماذا شعر بنيران بصدره عندما وجدهما بذاك القرب من فارس
توقفت هنا وصفقت بيديها
-برافو درس أخلاقي ممتاز، بس ياترى حضرة الشيخ بيطبقه ولا لا..اقتربت منه وغرزت عيناها بمقلتيه :
-متحدفش الناس بالحجارة وبيتك من ازاز ياحضرة الشيخ ، ايه نسيت انك الصبح كنت بتقولي هبوسك، ولا دي أضغاث احلام ..رمقته بنظرة مشمئزة واستدارت الى فارس
-كمل يابني سيبك منه، دا عايز يعمل شو على قفنا
قهقه فارس يضع كفيه على فمه يلكزها :
-عيب يابت ..أبيه جواد محترم، قالها وهو يراقص حاحبيه
❈-❈-❈
رفعت حاجبها الأيسر تطالعه بسخرية:
-فارس أبيه جواد دا وانت قاعد قدامه حبيبي وبتسمع له وهو بيشرح دروسه القيمة
تحرك جواد بعدما سحب كف أخته ودلف للداخل
رمقها فارس بنظرة هادئة ثم باغتها بسؤال:
-بتحبيه بجد ولا اعجاب!!
نظرت أمامها ثم هزت كتفها قائلة:
-عجبني كريزمته قوي، لكن هو عايش في الماضي
اعتدل يستمع إليها بإهتمام :
-مش فاهم ياهنا، يعني ايه عجبك، وهو عايش في الماضي!!
استدارت بجسدها وتربعت أمامه
-فارس هو انت قولت حاجة عليا لعمو جواد !!
ابتعد ببصره عنها وأردف:
-هتفرق ؟!
اقتربت منه تدير وجهه إليها :
-لا بسأل بجد، انت فعلا كلمت عمو وقولت عايز تخطبني
سحب نفسًا طويلا وزفره، ثم اتجه بنظره إليها
-الاول مش عايزك تزعلي من كلامي
-اللي هو ..احتضن كفيها يمسد عليه
-اللي هو انك جميلة وحنونة، بلاش تستقلي بنفسك وبتربيتك ياهنا
ضيقت عيناها بذهول تشير لنفسها
-أنا!!..نظر لعيناها وتابع مسترسلًا حديثه:
-هنا أنتِ عايزة اكتر من انك تروحي تقولي لشاب انك معجبة بيه ، عارفة معني اللي عملتيه ايه، اول حاجة انك نزلتي بتربيتك مهما كان الشخص دا قريب منك، لكن أنتِ بنت ومعروف في دينا بحياء البنت، إنما إنتِ ماشاء الله مفيش حياء خالص
-مبقاش الكلام اللي بتقول عليه دا يافارس..رمقها بنظرة كلطلقة نارية
-الدين دين ياباشمهندسة في عصر، احنا ممكن نكون بعدنا أو نقدر نقول طورنا شوية في معتقداتنا في بعض الاشياء إلا في الحلال والحرام، الفرق بين البنت والولد، راجعي نفسك ياهنا خليكي عزيزة بلاش تخلي اللي قدامك مستقل بيكي
-لما شايفني كدا ليه روحت قولت لعمو جواد انك عايز تخطبني
-كنت!!..قالها بصوت مرتفع، لم يرحمها بصفعات كلماته وأكمل استرسال حديثه:
-رجعت ومكنش باقي في العيلة غيرك، فكرت في ام لأولادي قبل الجمال والرفاهية، قولت انك متربية قدام عيوني، وبما انك بنت عمي فأنا أولى بيكي، حبيت اخد رأي عمو جواد الاول، رغم أنه رفض التدخل وقالي، شوف البنت الأول ، لكن حبيت اسأل عمو بخبرته وللأسف مااستفدتش منه حاجة ، لحد ماجيتي وركبتي معايا وقولتي دون حياء وكأنك بتشربي حاجة ساقعة إنك بتحبيه وهو رافض
نهض من مكانه بعدما نفض ثيابه
-المهم عايز اقولك كلامي مع عمي جواد كان مجرد اقتراح وترشيح مش أكتر، لكن بدل جواد عاجبك مبروك، انحنى بجسده :
-لو بتحبيه خليه هو اللي يجري وراكي بعقل البنت المتربية في حي الألفي رغم اشك انك اتربيت هنا اصلًا
اتمنى متزعليش من كلامي انا بعزك وحياة ربنا وكان لازم افوقك، ياله قومي من البرد تصبحي على خير...قالها بعدما حمل جهازه الالكتروني "اللاب توب" وتحرك للداخل ..بالشرفة كانت هناك نظرات نارية مصوبة اليها، دلف إلى غرفته مرة أخرى يعاتب نفسه
-إنت وعدت نفسك انك مستحيل تفكر في حد في العيلة دي، رجعت تاني ليه
حتة عيلة تلعب بيك، ارجع خصلاته للخلف بعنف بحركة تنم عن غضبه ثم ألقى نفسه فوق الفراش ، يسحب هاتفه يحاكي جاسر ولكن هاتفه مازال مغلقا
عند جاسر وجنى
وصلا للأراضي المصرية ، اتجه لسيارته بجراج المطار، بعدما ودع غنى وبيجاد، استقل السيارة بجوارها يطالعها للحظات بصمت ثم تنهد وهتف بنبرة حزينة:
-جنى هتفضلي ساكتة كدا!!
رجعت بجسدها للخلف واغمضت عيناها لتقطع أي حديث بينهما
قاد السيارة دون حديث آخر متجهًا لمنزله ، يرمقها من فترة للأخر حتى توقفت السيارة أمام منزله :
نظرت حولها بعدما توقفت السيارة وأغُلقت البوابة الالكترونية، اتجهت ببصرها إليه :
-جيبنا هنا ليه، عايزة اروح لابني، رجعني حي الألفي مش عايزة اكون هنا..ترجل من السيارة متجهًا إليها وقام بفتح باب السيارة، وقام بسحبها من رسغها
-انزلي حبيبتي مينفعش نرجع دلوقتي ، الكل نايم، غير انا قولت لماما هنرجع بعد يومين هتقلق لما تشوفنا رجعنا تاني
نزعت كفيها منه وهدرت به، كفى لقد طفح بها الكيل:
-ماليش دعوة هتفكر ايه، عايزة ارجع البيت مش عايزة أفضل هنا
جذبها من ذراعها وتحرك للداخل دون حديث:
-متعليش صوتك، قولت الصبح يبقى الصبح، ياله علشان متغباش عليكِ
-ايه هتكمل ضرب فيا ياحضرة الظابط:
تجمد بمكانه ثم استدار إليها وانتفض جسده من كلماتها:
-جنى قولت لك مكنش قصدي، غصب عني ..تحركت للداخل دون حديث
-مش عايزة مبررات ياحضرة الظابط، كالعادة عندك الف سبب وانا الهبلة اللي بسامح
جذبها بقوة حتى ارضطدمت بصدره، ثم لف ذراعيه حول جسدها :
-آسف ..عارف غلطت ، والله أنا اتفاجأت زيك كدا، رفع كفيه وقام بنزع حجابها من فوق كفيه
-لو عايزة تقطعيها اقطعيها..رفع ذقنها بإبهامه ونظر بداخل عيناها
-طيب قوليلي اعمل ايه وأنا مجنون بيكي، ازاي اتحمل الكلام دا، واحد باعت بيقول لمسة ايدك، رفع كفيها يتحسس أناملها ينظر إليهم
-أزاي قدرتي تخلي شخص غيري يمسك ايدك، رفع نظره مرة أخرى وتعمق بعيناها يسبح بخط الدموع الذي ظهر بها ، لانت ملامحها سوى من ذاك الحزن الذي تجلى بعيناها
عانقها برماديته، فانسابت عبرة غائرة عبر وجنتيه ، مما جعل قلبه ينبض بعنف كلما تخيل جلوسها مع ذاك الشخص:
-شرب معاكي قهوة ياجنى، قهوتك لسة طعمها في بوقه ..هنا انهار كيانه، وقد نجحت بإيصاله لذاك الشعور الذي جعل انكساره تجلى على ملامحه، فشعرت برجفة بسائر عمودها الفقري وخاصة حينما انحنى يحتضن وجهها
يطبع قبلة حارة على جبينها..
واستدار يواليها ظهره متحركًا للأعلى بعدما أردف بنبرة منكسرة:
- عارف اذيتك كتير، وتعبتك بس دا من حبي فيكي، ومش هتغير ياجنى هفضل زي ماانا "..توقف على الدرج
-مش هتنازل عن غيرتي مهما حاولتي
ظلت بمكانها تطالع تحركه للأعلى ثم جلست على الأريكة تحتضن وجهها وتبكي بصمت
بعد فترة صعدت لغرفتهما، اتجهت إلى المرحاض بعدما وجدته يجلس بالشرفة، دلفت إلى الحمام لتنعش نفسها بحمامًا دافئًا، انتهت بعد قليل متحركة إلى فراشها تستلقي عليه نظرت بساعتها فتبقى القليل على آذان الفجر، نهضت من مكانها واتجهت تبحث عن اسدالها لكي تقيم فرض ربها الذي تناسته بكثرة مامرت بيه اليوم
ظلت على مصلياتها لبعض الوقت تدعو ربها بعد صلاتها حتى غفت فوقها دون إرداة منها
ذهبت بأحلامها
"خرجت تصرخ بفستانها الابيض تركض خلف ذاك الجثمان الذي يحمل على الاعناق، ظلت تصرخ وتصرخ، حتى سقطت على ركبتيها وصرخاتها مازالت بالارتفاع ورغم صوتها المرتفع ولكن لم يلتفت إليها احد، اختنق صوتها تحاول أن تخرجه تحاول تنزل دموعها ولكن عبراتها أبية عن النزول، صرخة عالية حتى شعرت بإنقطاع احبالها الصوتية باسم زوجها لعل أحدهم يشعر بها ولكنها كالذي يدفن في قبر ولا يستمع إليها احدا، هبت من نومها تصرخ باسمه ليهب من مكانه راكضًا إليها يجلس أمامها :
-جنى مالك فيه ايه؟!
نظرت حولها بذهول لتجد نفسها بغرفتها ومازالت بإسدالها ، رفعت عيناها الباكية إليه تسائله بصوت متقطع :
-إنت كويس..رفعها من فوق الأرض بعدما أيقن بنومها ثم اتجه إلى الفراش
يضعها بهدوء كأنها اغلى الماسات لديه، مسد على خصلاتها يهمس بصوته الحنون:
-نامي ياقلبي، شكلك كنتي بتحلمي
أغمضت عيناها بعدما شعرت بإرهاقها تهمس له
-لما الفجر يأذن صحيني ..جلس بجوارها ومازالت أنامله تخلل خصلاتها ، حرك أنامله على وجهها الجميل ثم انحنى بعدما فقد سيطرته ليقتطف تلك الكريزة التي يعتبرها ملاذه للحياة بعد رحلة تعب شاقة
فتحت عينيها تنظر لداخل عيناه بصمت، لم يتحدث ولكنه نهض متجهًا للمرحاض ليتجهز لصلاة الفجر، اعتدلت تستغفر ربها وتردد دعواتها ليزيل الله هم وحزن قلبها..