عشق لاذع
الفصل السابع والعشرون 27 ج2
بقلم سيلا وليد
أنصفني إن سألوك يوماً عني ....
كنتُ أنتظرُ تلك اللحظةَ التي ينتهي فيها الخلافُ بـ جملة "بقاؤنا معاً أهمُ من أي خِلاف بيننا"..
بينما كنت تجاهد أنت لتُثبت أنني الطرف المُذنِب، كنتُ أعاتبكُ بـ قلبي ولم أنتظر منك إلَّا اللين، وكنت تُعاتبني بـ عقلك ولم تنتظر مني إلَّا الهزيمةَ..
أنصفني إن سألوك يوما عني قول لهم:
سحابة خير أمطرت عليا حبًا وحنانًا
قول لهم :
إنها تركت العالم كله وراءها وغفت بأحضاني
وإن سألوك يوما :
أين كنت تقيم معها؟ قول لهم :قُرب وتينها ،،،خلف نبضُاتها تحت ظل قلبُها سَكنتُ وحيدًا بمكان لم يصله غيري ..
أقسم بأنه لم يصله غيرك
#جنى_الألفي
❈-❈-❈
مساء يوم الحناء
ولج لغرفتها كانت تخرج بروبها الحريري لتستعد لتجهيزها، رأته غنى فنهضت مبتسمة وهي توزع نظراتها بينهما:
-حبيبتي هروح أشوف سفيان وراجعة ، أومأت وهي تفرك بكفيها دون حديث..اقترب يضع أمامها صندوقًا كبيرًا ثم أشار:
-الفستان دا إلبسيه في الحفلة، وآسف أنا الحاجات دي مكنتش أعرفها
قالها واستدار متجهًا للمرحاض، جلست بجوار العلبة تفتحها بهدوء..أخرجت ذاك الرداء الحريري الأحمر..انساب برونقه اللامع الذي يبهر الأنظار
مررت أناملها وابتسامة حزينة تجلت على ملامحها
-وبعدهالك ياعاليا، لحد إمتى الدنيا هطوح فيكي، لسة ناوية على إيه معايا يادنيا
أغمضت عيناها وانسابت عبراتها بصمت، خرج من المرحاض وجدها بتلك الحالة..كور قبضته بعدما تيقن أن هناك ماتخفيه، ولج لداخل غرفة الملابس، وأخرج قميصه الأبيض، وبعض اشيائه الخاصة وولج مرة آخرى ليتجهز، مازالت بمكانها، استنشقت رائحة عطره التي اخترقت رئتيها، فاستدارت برأسها وجدته يقف أمام مرآة الزينة يصفف خصلاته ، ظلت تراقبه لبعض الوقت حتى ارتدى ساعة يديه، طالعها من خلال المرآة
وجدها شاردة به، ولكن سكونها احزنه، لم يتعود على سكونها ..فتحدث بمشاكسة :
-عارف إني حلو، قالها غامزًا لها، أفاقت بعد حديثه، فنهضت متجهة إليه تعقد ذراعيها أمام صدرها واردفت متهكمة:
-عارفة انك مغرور، اقتربت منه وحركت أناملها على قميصه بجرأة منها ونظرت لسواد عيناه قائلًة:
-حلو أوي ومن كتر حلاوتك دمك واقف وبيطبق على صدري ياحضرة الظابط..انت ماهو إلا واحد مغرور شايف نفسه معرفش على إيه، بس أقولك حاجة ..انزل بغرورك شوية التواضع لله ياعم الحنين، ثم اتجهت لفستانها وأشارت عليه
-وفستانك مش محتاجاه، هلبس من عندي..قالتها مستديرة، أطبق على ذراعها يطحن ضروسه ضاغطًا على كل عصبًا ثم دنى حتى اختلطت أنفاسهما قائلًا:
-الفستان يتلبس واگيدءؤؤؤؤ في ءءس يذكر
-هنتكلم يابلقيس، هنتكلم واعرف كل مايحوي المكنون، لكن تأكدي لو شكوكي بمحلها هزعلك أوي
أزاحت كفيه ففتح بعضًا من روبها الحريري الذي ترتديه من حركتها، ذهب بصره رغم عنه ..تراجعت سريعًا تغلقه، اتسعت حدقتيها عندما اقترب منها، يجذبها بقوة حتى اصطدمت بصدره العريض، وانحنى بأنفاسه الحارة
-متخافيش اوي وتفكري نفسك انثى بحق وحقيقي، أشار إليها مشمئزًا واستأنف ماقسم قلبها:
-اللي زيك ميعجبنيش ..تراجع بجسده ينظر لعيناها المذهولة من حديثه الذي أصبح كخناجر مسمومة شقت صدرها ، لقد تجرأ على طعنها بأنوثتها فزاحته بقسوة وأشارت إليه متوعده إياه بداخلها، مردفة لكي تحفظ كرامتها التي دعس عليها:
-زيك كدا، انت برضو من الرجالة اللي متهزنيش..قالتها وتحركت مهرولة من أمامه بعدما لمحت شرارة كلماتها على ملامحه
أطاح كل ماطالته يديه يزأر بغضب
-هعرفك ياحيوانة ازاي مهزكيش
ابتسمت بعدما استمعت لصراخه بالخارج قفزت من سعادتها
-يبقى اسمع صوتك تاني ياحضرة الظابط..نظرت لنفسها بالمرآة
-قال أنا وحشة ، هعرفك مين اللي متهزش حضرة الظابط
بفيلا صهيب جلست بأحضان والدتها تتسامر معها بالحديث، وبالجانب الآخر يستمع إليها صهيب..رفع كفيه يمسد على خصلاتها البنية
-حبيبتي ربنا يسعدك، عايزك تنزلي الشغل مع اخوكي يابنتي، لحد مافارس يرجع خلاص كلها شهرين ويساعد عز
استدارت إليه:
-وحشني أوي من يوم فرحي مشفتوش..أمسكت نهى بعض الفواكه وبدأت تطعمها فتسائلت:
-جنى فيه حمل ولا حاجة ..
ابتعلت الفاكهة بغصة تؤلمها، ووضعت كفيها تلقائيا على احشائها حتى ترقرقرت عبراتها
-لا ياماما..الدكتور قال لجاسر لازم نأجل الحمل شوية، بس أنا رفضت الحبوب وبطلتها من وراه، انا عايزة بيبي ومش معنى إن ربنا مأردش مرة يبقى خلاص مفيش أمل، ربنا عقبني ياماما على اللي عملته
نهضت نهى تسحبها من كفيها ثم اتجهت بنظرها لصهيب؛
-عايزة جنى هقعد معاها هنبات هنا ياصهيب مينفعش نمشي يوم فرح ابن اخوك ..
-استني يانهى..!!
توقفت تطالعه متسائلة:
-محتاج حاجة..رفع كفيه مردفًا:
-ساعديني هتمشى شوية في الجنينة برة..هرولت إليه جنى تساعده حتى نهض، واستدارت تضع وشاحًا ثقيلا حول عنقه
-الجو برد برة حبيبي..ابتسم يمسد على خصلاتها ثم تحرك
-خلصي مع بابا وتعالي برة ..أومأت متحركة لغرفتها ..جلست نهى تشير إليها بالجلوس
تمددت تضع رأسها على ساق والدتها التي بدأت تمسد على خصلاتها
-مالك ياحبيبة ماما، عيونك حزينة ليه، متقوليش علشان بابا، بابا كويس وصالحك اهو، ورجعتي تاني في حضنه
انسابت عبراتها تطبق على جفنيها، تشعر بأنين بنياط قلبها، تعض ندمًا لما حدث أزالت عبراتها ورسمت ابتسامة قائلة:
-ليه بتقولي كدا ياماما، بالعكس أنا سعيدة قوي في حياتي،
زمت نهى شفتيها مستاءة من رد ابنتها
-هتخبي على ماما ياجنى، اعتدلت جالسة تحتضن كفيها:
-ست الكل عايزة تعمل حما ولا ايه على جوزي، صدقيني ياماما أنا كويسة وسعيدة قوي مع جوزي، دا جاسر عارفة يعني ايه، يعني بالنسبالي الحياة لجنى، تفتكري بعد ماربنا جمعني بحبيبي هكون حزينة ياماما
رفعت والدتها ذقنها متسائلة:
-ايه اللي حصل علشان تسقطي ياجنى،
جاسر عمل فيكي حاجة!!
هزت راسها سريعًا بالنفي وأجابتها بنبرة حزينة:
-ربنا ماأردش ياماما، قولتلك غلطت وعاقبني..ضمتها لأحضانها تمسد على خصلاتها فارتفع بكائها
-نفسي أسعده أوي ياماما، عايزة اجيب له ولد، هموت لو معرفتش اجيب ولاد لجاسر، الفكرة بتموتني
احتضنت وجهها تزيل عبراتها تضع كفيها على فمها:
-اشش ايه اللي بتقوليه دا، أن شاءالله ربنا هيكرمك ياقلبي وهتجيبي بدل الولد اتنين وتلاتة، قولي يارب يابنتي، ومتتسرعيش واسمعي كلام جوزك والدكتورة خايفين عليكي
تراجعت تستند على ظهر الأريكة ترفع ساقيها تضع ذقنها اعلها وتنظر للبعيد بنظرات خالية تتذكر فيروز
-أنا ميهمنيش صحتي قد ما يهمني أسعده ياماما، انا كويسة والحمد لله ، اهم حاجة دلوقتي اكمل بيتنا واجيب بيبي يدفي حياتنا، رفعت نظرها لوالدتها تكبح غلالة دموعها المؤلمة تهتف بأنين نياط قلبها:
-ماما جاسر يستاهل كل حاجة حلوة، ولو ربنا ماأردش ومعرفتش اجيب ولاد هتنازل عن حياة جنى علشان هو يعيش، مستحيل احرمه من حقه، واعيشه ألم الفقد دايمًا ياماما ..اعتدلت نهى، وتوقفت هروح اجبلك حاجة سخنة تدفي معدتك وابعدي عن كلامك العبيط دا، وتأكدي مستحيل جاسر يوافق على حاجة هبلة زي دي، فكري في سعادتك وحياتك بالتفاؤل والخير يابنتي ومش معنى انك سقطي مرة يبقى هتسقطي كل مرة، لا ياحبيبتي..كله نصيب
-ماما متنسيش أننا ولاد عم وممكن حملي يكون دائمًا مشوه
-ليه وعز وربى مش ولاد عم..دا اختبار يابنتي ولازم تكوني قده
قالتها وتحركت إذ تنصدم بذاك الذي يتوقف أمام الغرفة يستمع إليها وقلبه ينتفض بألمًا على حزنها ووجعها..أشار لنهى بالصمت، فاستدارت تنظر إلى جلوسها، وجدتها تغمض عيناها مستندة برأسها على الأريكة..تحركت نهى متوقفة أمامه
-واقف كدا ليه يابني، جذب رأسها يطبع قبلة على جبينها
-جعان ياحماتي على رأي الواد بيجاد، عايز اتعشى ممكن
ربتت على كتفه مبتسمة:
-وياترى نوع العشا ساعة ولا ساعتين في المطبخ ..كانت نظراته على زوجته فهمس لها
-جنى ماأكلتش ..قالتلي اكلت مع ربى وغنى وهما قالولي أنها ماأكلتش كانت مع تقى بيشتروا حاجات للفرح، فجيت علشان تاكل، وعارف أنها هترفض، فاعمليلي عشا من اكلها اللي بتحبه، مش تمثيل والله ولا زحلقة ياست نهى
تحركت مبتسمة قائلة:
-لا طلعت حنين يابن جواد..تحرك إلى معشوقته، وجدها مازالت كما هي ..جلس بجوارها، فتحت عيناها بعدما استنشقت رائحته
-جاسر!!
جذب رأسها مازحًا..
-لأ..خياله ياجنجون..قالها وهو يجذبها لتجلس بأحضانه..رفعت رأسها وطالعته تلمس وجنتيه وابتسامة عاشقة تلمع بعيناها
-اوعى تقولي معرفتش تنام من غيري
انحنى يخطف كرزيتها ثم جذب ثمرة من الموز الذي يوضع أمامها، يضع جزء منه بفمها وجزء اخر بفمه قائلا:
-لا ياروحي جعان، والكل نزل الجنينة وأنا لوحدي فوق فقولت اجي لمراتي حبيبتي علشان تأكلني
اعتدلت حتى أصبحت بمقابلته
-حبيبي انت جعان اقوم اعملك اكل، وضع قطعة من الموز بفمها، مرة أخرى ثم أجابها
-حماتي بتعملي، نفسي احس ان ليا حما ياشيخة ايه،. خليها تعمل اكل لما ادلع على بنتها شوية
رفعت كفيها على وجنتيه هامسة
-كنت هروح أبات في حضنك على فكرة مكنش ينفع ابات بعيد عنك، قالتها وهي تقترب منه، فكان من أول المرحبين بدعوتها، ليجذبها بعد دقائق لأحضانه يتمدد على الأريكة وتغفو بأحضانه يمسد على خصلاتها يتذكر حديثها مع والدتها ..
-جنى ليه بطلتي الحبوب اللي الدكتور قال عليها ..اعتدلت بنومها على ظهرها تنظر إليه
-سمعت كلامي مع ماما..مرر أنامله على وجنتيها
-زعلان منك ياجنجون ، حاجة تخصنا ومامتك عرفتها قبلي ..أغمضت عيناها
محاولة أن تسيطر على عبراتها فهمست بتقطع
-حبيت افضفض مع ماما ياجاسر..فرد جسده يرفعها على ذراعه
-جاسر بس اللي تفضفض معاه، بدل حاجة تخصنا وبس..انا اكتر واحد عارف ايه اللي المفروض اعمله
-جاسر!!..همست بها وضع سبباته على فمها
-ولا كلمة ياجنى، صحتك عندي اهم من أي حاجة، الدكتور قال 4شهور تتعافي فيهم وتمشي على العلاج ..يبقى تستني زي ما قال
رفعت كفيه ووضعتها على أحشائها مردفة:
-حبيبي نفسي يكون فيه هنا حاجة مشتركة بينا، نفسي اسعدك اوي
جذبها بقوة لأحضانه يعصرها قائلاً:
-نفسي تفهمي إنك اغلى حاجة عندي، لو ربنا ماأردش يبقى خلاص، كفاية عليا أنتِ
❈-❈-❈
أخرج وجهها يحتضنه:
-جنى صدقيني أنا مابفكرش في الولاد، لو جم الحمد لله ولو مجوش برضو الحمد لله اهم حاجة عندي انك في حضني
تمسحت بصدره كقطة أليفة قائلة بنبرتها الباكية:
-أنا بحبك أوي ياجاسر، ونفسي اسعدك اوي مش عايزة حاجة تكون نقصاك
اعتصر فؤاده من حديثها المؤلم، فتحدث:
-وأنا مش عايز السعادة اللي هتوجعك ياجنى افهمي .. حبيبتي كل حاجة قدر ومكتوب ..استمع الى رنين هاتفه فأجاب:
-أيوة يابيجاد..على الجانب الآخر تمدد بيجاد بجوار عز وجواد
-انزل يالا..كلنا تحت، هربت على فين، توقف متجهًا للنافذة يلوح بيده إليهم
-نص ساعة وهننزل، اغلق الهاتف ومازال ينظر للخارج..تحركت بخطوات متمهلة حتى وصلت تطوق خصره من الخلف تحاصره بذراعيها
جذب الستائر، يشدد من ذراعيها متنهدًا، ثم تحدث بنبرة شجن:
-هزعل منك اوي بعد كدا لو سمعتك بتقولي عيال وغيره، استدار إليها وعانقها بنظراته يرفع ذقنها بأنامله يمررها على ذقنها
-جنى كل حاجة في الدنيا نصيب، وقدر ومكتوب، يعني لو ربنا أراد بالأطفال هيجوا من غير حتى تفكير، ولو ماأردش والله لو لفيتي العالم كله
رفرفت بأهدابها تمنع دموعها تسحب نظرها بعيدًا عنه
-ونعم بالله!!..انحنى يطبع قبلة بجانب شفتيها هامسا
-إنتِ اكبر نعمة ياقلبي، مش عايز طمع كفاية عليا إنتِ ..اقتربت تضع رأسها على صدره وارتسمت إبتسامةعريضة على محياها ،تحاوط خصره:
-"بحبك قوي ياجاسر قوي"
عصرها بأحضانه يرفعها من خصرها، يضع جبينه فوق خاصتها يبتسم بعيونًا عاشقة هاتفًا:
-دا اللي عايزه، ليه ولاد تحبيهم أكتر مني، مش عايز ولاد يشاركوني فيكي، سمعتيني، واياكي تعملي حاجة من ورايا..ارتفعت ضحكاتها، تحتضن وجهه
-لا طبعا هحبهم اكتر علشان إنت ابوهم، تحرك بها يهز رأسه بالرفض
-برضو بتعترفي انك هتحبيهم اكتر مني
استمعوا الى طرقات على باب الغرفة، وصوت والدتها
-اطلعي حبيبتي مع جوزك اتعشوا..انزلها تطالعه بإستفهام:
-هو إنت جعان فعلا، ولا دي اشتغالة
سحب كفيها يجذب وشاحها قائلاً:
-ميت من الجوع، قابلهما صهيب الذي يدلف للداخل يستند على عصاه..طالعهما بعيونًا سعيدة ثم تحدث:
-طبعا جيت تاخدها، كنت عارف انك مش هتسبها..وصل لمائدة الطعام يجذب مقعدها، ثم غمز لصهيب:
-ابعد عينك عني ياصهيوب، العين فلقت حياتي وحياتك، مراتي اولى تنام في حضني
جلس بمقابلتهم وأردف مشاكسًا:
-البت هتنام معايا الليلة، وانت اخبط دماغك في الحيط، نزلت بنظرها للأسفل خجلًا عندما قال:
-هو حضنك هيدفيها ياراجل ياعجوز، ماتتكلمي يابت وتسكتي ابوكي، دا حتى النوم بيبص فيه
الصفحة التالية
الفصل السابع والعشرون
2
وصلت نهى تجذب مقعد وتجلس بجوار جاسر حينما وجدت مزاحهم وسعادة ابنتها واهتمامه بها وهو يطعمها بيديه ..ربتت على كتفه قائلة:
-ابعد عنهم ياصهيب، هو كدا كدا عنده شغل برة القاهرة هيغيب يومين وهيجبها عندنا مش صح ياجاسورة
وضع قطع الستربس بفمها، ثم رفع حاجبه ساخرًا:
-محصلش يانهنهو، انا قولت كدا ..أوقفت يده التي تطعهما واردفت غاضبة:
-جاسر إنت قولت هتجبني هنا
-كلي ياجنجون وبطلي رغي ياقلبي
قالها وهو يرمقها بنظرات مبهمة ..نهضت متحدثة:
-شبعت انت مش كنت بتقول جعان ماأكلتش حاجة، هروح اجبلك السلطة ماما نسيتها
رفع حاجبه ساخرًا ينظر لصهيب قائلاً:
جينا لقمصة النسوان الرخمة، هاتي ياختي السلطة وكل اللي جوا
ضحكت نهى عليه تلكزه
-خف على البت يالا، نهض يمسح فمه قائلاً:
-والله بنتك اللي تقيلة يانهى، أشار عليه صهيب
-ساعدني ياجاسر اطلع اوضتي، تحرك متجها إليه، وصل بعد قليل يساعده بالتسطح، دثره بالغطاء ، ثم انحنى يلثم جبينه يربت على صدره:
-حاسس بإيه؟!
أشار له بالجلوس..جلس بجواره على حافة الفراش ثم تحدث:
-إحنا كويسين، وجنى كويسة متخفش عليها، ربت على كفيه
-أنا حافظك اكتر من نفسك يابن جواد، ومهما ترسم انك كويس تبقى اهبل
ابتعد بنظره، متحدثًا:
-ليه حضرتك مكبر الموضوع ياعمو، انا قولتلك احنا كويسين، نهض متنهدا يزفر أنفاسه ببطئ
-إحنا هنسافر كام يوم مع ياسين لشرم، عارف الجو برد، بس احنا محتاجين نبعد شوية، جنى لازم تغير جو ياعمو، وبلاش كل شوية تحسسونا اننا مش مبسوطين..قالها وتحرك ولكنه توقف عندما هتف صهيب
- انت عارف غلاوتك صح، بس مش اغلى من بنتي ياجاسر لو قولت غير كدا يبقى بضحك عليك يابن جواد، انا سبتهالك قبل كدا لما غلطت في حقك، بس اعمل حسابك يابن اخويا لو انت غلطت فيها انسى في يوم من الأيام اخليك تقرب منها، لو مصدق نفسك دي جنى ومقتنع انا مش مقتنع ، بنتي حزينة ياجاسر، زي ماانا شايف حزن في عينك بتخبيه على عمك، فاسمعني يابني انا مش هقرب منكم واقولكم ايه هي مشاكلكم بالعكس أنا فرحان من انكم الاتنين بتحاولوا تفهمونا انكم مبسوطين ..وهسيبها ياجاسر، يمكن لسة شايلين من بعض، مش هقولك بنتي مش غلطت، لا غلطت وغلطت قوي كمان، ربنا يسعدكم ياحبيبي
اومأ برأسه وتحرك للخارج يحاول الهروب من براثن شك عمه، وصل حيث جلوس الجميع ، فتوقف يضع كفيه بجيب بنطاله
-الجو برد قاعدين كدا ليه، تمدد بيجاد يشير للأرض
-اقعد من زمان ماتلمناش كدا، رفع بصره بإتجاه جواد الجالس بالشرفة وتحدث:
-ماتيجوا نضايق حمايا شوية..هوى جاسر بجواره
-لا ..بابا تعبان ومش وقت هزارك ياخفيف، وزع بصره بالمكان
-فين أوس..أشار له بيجاد
-واقف مع عز بيتكلموا عن شغل، واسمه يعقوب المنسي كان بيكلمهم عن الاجتماع
اعتدل متكأ على ذراعه يطالعه متسائلا:
-من زمان متكلمناش، لسة زعلان مني، وضع كفيه المتشابكين تحت رأسه مردفًا:
-خلاص الموضوع انتهى، بس عايزك تعرف اصعب وقت عدى عليا من يوم مااتولدت، اللي قهرني منكم انتوا شوفتوا حالتي وكنتوا عارفين هي فين وساكتين، ربت بيجاد على ساقيه
-متزعلش متنساش انك السبب في دا كله، هز رأسه يبحث بعينيه عليها متسائلاً :
-فين البنات..؟!
أشار بيجاد للأعلى وأجابه
-راحو يسهروا مع العروسة ياسيدي، مراتي عاملة حمى عليها
ابتسم يهز رأسه فنهض بيجاد بوصول عز وأوس
-ماتيجوا نلعب جاميز، ايه رأيكم، وضع عز قطعة من الكيك يلوكها يهز رأسه بالموافقة
-تمام الساعة لسة واحدة، هطلع اغير وانزلكم، ثم لكز أوس يشير بعينيه على جاسر الذي ينظر السماء بصمت
-جاسر!! قوم غير علشان نلعب باسكت
-تؤ..ماليش مزاج، بسط أوس كفه
-قوم يابني ياله، وهنكلم ياسين ينزل هو كمان..نهض متزمرًا
-مش عايز ألعب..دفعه عز
-ياله يالا خايف تتغلب..تحرك للأعلى وهو يسبهم
بالأعلى بغرفة عاليا تجمعت الفتيات يتسامرن على طفولتهن، بترت ربى الحديث عندما وجدت الحزن مرتسم على ملامح غنى فصفقت بيديها
-بقولكم ايه، انا لسة والدة من شهر، وخايفة اكرش عايزة ارقص ياختي منك ليها، بدل مابقى بكابوظة
نهضت تبحث عن هاتفها، فلم تجده فأشارت برأسها لغنى
-فونك فين ياغنون
فتحت عيناها بإرهاق تستند بظهرها على الأريكة
-تحت ياروبي، تحركت متجهة لغرفة أخيها
-هشوف تليفون جنى كدا، قالتلي هتغير واتأخرت ..تحركت تقى بجوارها
-خليكي ياروبي لو تعبانة هشوفها انا
ابتسمت لها وغمزت بعينها
-لا ..عندها بدلة رقص عايزة اجبها
اعتدلت غنى بجلوسها مدهوشة
-بتهزري صح!!
رفعت كتفها للأعلى
-ههزر ليه، مفيش غيرنا، وبعدين لو تشوفي رقصها ياغنون تقولي صوفنيار تقعد تصقفلها
هزت راسها بالرفض
-حبيبتي مينفعش، دي بتكون جوا اوضتها ماينفعش تتلبس برة عيب
توقفت للحظة ثم غمزت لعاليا
-خلاص نروح احنا هناك
اوقفتها غنى
-روبي ممكن تكون عندها في بيتها اتهدي ..تحركت روبي وهي تسحب عاليا، لا ياقلبي جنجون حاجتها اللي هنا انا اللي رتبتهم
أشارت لتقى قائلة :
-اسحبي ام العيال القلبوظة دي شكلها هتخلينا ننام جنبها
ضحكت الفتيات..
فهتفت غنى، خلاص روحي أنتِ شوفيها ليكون اخوكي هناك وبعدين عرفينا
عند جنى خرجت من مرحاضها بلبسها الخاص، هبت تقفز تسمي الله
-إنت جيت..تسطح على الفراش
-لا ..انا لسة مجتش شوفيني تحت تحت كدا
انحنت تلكمه بصدره
-بس يارخم دا رد..رفع نظره لهيئتها فجذبها بقوة حتى سقطت فوقه تصرخ
-سبني ياحضرة الظابط المتهور لأعورك
-نفسي..ضيقت عيناها متسائلة :
-نفسك في ايه..همس بجوار وجهها
-نفسي تعوريني ياجنجون، وعايزة عاهة مستديمة
ملست على وجهه بحب تسبح بالنظر
-بعد الشر عليك ياحبيبي مش حرام الوش الحلو دا اعمله عاهة مستديمة
مرر أنامله يقرص وجنتيها
-انتي اللي جميلة اوي حبيبي، تعرفي نفسي لو خلفنا اجيب بنت اوي علشان تبقى شبهك
ابتسمت تضع رأسها على صدره تستمع إلى دقات قلبه العنيفة
-إن شاءالله حاسة ربنا هيجبر بخاطرنا، ربنا رحيم اوي ياجاسر..رفعت رأسها تدير وجهه إليها
-مالك!!..بابا قالك حاجة ضيقتك ؟!
رفع كفيه يعدل خصلاتها مبتسمًا
-هيقول ايه، مفيش حاجة، سألني جنى عاملة معاك ايه مريحاك ولا لا
لكمته ضاحكة بصوت اخترق جدار قلبه لتلمع عيناه بالسعادة يجذب رأسها
ينثر ترانيم عشقه المقدس لكريزتها
لحظات واستمع لطرقات على الباب فهبت من مكانها بعدما استمعت لربى
-افتحي يابت ياجنجون عايزة اعملك حفلة الليلة..وضعت كفيها على وجنتيها التي شعرت بإحتراقها
-ينفع كدا، أقابلهم ازاي، تحرك إلى باب الغرفة، فاستمع لحديث ربى
-هاتي حضن يابت جبتلك الش..ولكن قطعت حديثها عندما وجدته يقف أمامها بطوله المهيب يستند على الباب يشير بيديه
-كملي كملي ياأم لسانين..وضعت كفيها على وجهها تفتح عين من تحته
-جاسر إنت هنا
رفع جانب وجهه بشبه ابتسامة قائلا
-لا ..هناك ، إنتوا كلكوا كدا..اقتربت غنى منه تحتضن وجهه
-عامل ايه حبيبي مقعدناش من وقت ماجيت، سحب كفيها يضرب ربى على رأسها
-لو سمعت صوتك ياشبر وأقطع إنتِ هرميكي من البلكونة..تحرك وهو يحاوطها من أكتافها
-تعالي ياحبيبة قلبي ، وحشتيني..نظرت لثيابه
-شكلكم هتلعبوا باسكت، أومأ برأسه وهو يهبط للأسفل وهي تجاوره حتى وصل للحديقة ..جلس على أريكة توضع أمام مشتل لورود والدته ، ثم أشار لها على ساقيه ...تمددت تتوسد ساقيه
-من زمان مانمتش على رجلك ..ملس على وجنتيها
-آسف ياغنى، عارف انا جرحت اوي اليوم إياه، بس قلبي كان محروق أوي
اعتدلت تجلس بمقابلته تحتضن كفيه وانسابت عبراتها :
-جاسر ..!! شوف انت توأمي اهو، لكن بعتبرك اب مش اخ ، بحبك قوي وبزعل قوي عليك، نفسي تبقى احسن واحد في الكون
رفعت كفيها على تمرره على وجهه كأنها تنحته قائلة:
-أنا تعبت قوي ياجاسر وانت زعلان مني تعبت لدرجة كرهت مصر كلها
جذبها لأحضانه يلثم جبينها هامسًا لها
-أنا اللي آسف ياقلب اخوكي، آسف علشان زعلتك مني، أزال عبراتها يحتضن وجهها:
-بصيلي ..رفعت رماديتها المبتلة ببكاء حزنها فغرز عيناه بها
-أنا كنت هموت من القهر من نفسي علشان بدل مااحميكي رميتك، اتمنى تسامحيني ووعد مني اخر أول مرة هعيشك الذل دا ..وان شاءالله هكونلك انت وروبي نعم الاخ ونعم السند واحنا تحت أجنحة بابا ..رفعت ذراعها تطوق عنقه تبكي بصوت مرتفع جعل قلبه يتألم فهتف معاتبًا:
-ينفع كدا ياغنى ..هو أنا ناقص..
احتضنت كفيه تربت على كفيه
-أيوة بقى، مالك هتخبي على اختك..استمع نداء أوس
-ياله ياجاسر..أشار له بالموافقة ثم نهض:
-أنا كويس بعدين نتكلم..وصلت الخادمة
-جاسر بيه حضرة اللوا مستنيك في مكتبه
قطب مابين حاجبيه:
-بابا!!..نهضت غنى تربت على كتفه
-شوف بابا، وأنا هروح لبيجاد واقوله انك هتتأخر.
الصفحة التالية
الفصل السابع والعشرون
3
بغرفة ملحقة بمنزله
جلست تتناول طعامها تتحدث بالهاتف وصوت ضحكاتها مرتفع
-حبسني في أوضة في الجنينة، بس صدق ..تفتكر صدق فعلا ولا ناوي يلعب
أجابها الآخر
-فيروز ..جاسر ميهمنيش، ركزي في شغلك اهم حاجة ، وموتي على حملك علشان دا الحل الوحيد حاليا..احنا بنحاول نخترق النظام وعارفة لو نجحتي ووصلتينا للمطلوب، حياتك هتتغير
وضعت الفاكهة بفمها تلوكها بإستمتاع ثم هتفت
-متخفش على الحمل، انا بخاف عليه ناسي أن دا ابن جاسر ولا إيه، قالتها بضحكة مرتفعة
أجابها الآخر
-أيوة هو دا بالظبط، وبالنسبة لمراته لازم تزعزعيها وتبعد عنه بأي طريقة، واسمعيني لازم تخليه يجبلك شغالة على قدك، ولو رفض هدديه بالسديهات، ومتنسيش اخوه ظابط الحربية هيسكت لما يعرف الموضوع هيضر اخوه، سمعاني، متعرفيش مراته ممكن تعمل حاجة علشان تسقطك، مش عايز الولد ينزل قبل مانوصل للمطلوب
-راكان البنداري ؟؟
تسائلت بها ..نفث تبغه واجابها
-وراه بالخطوة، عرفنا مكان مراته في ألمانيا، وحامل، الخيوط كلها في ايدنا، لازم الصفقة تتم على خير..نضرب ضربتنا في الوقت المناسب، نشغل بيها راكان وجواد، علشان كدا بقولك ..جاسر فرصتنا الوحيدة
-تمام ..كل حاجة هعملها زي ماطلبت، وهفضل ساكتة لحد ما يرجع ، ومش هعمل حاجة تضايقه، وهقنعه زي ما اتفقنا
-برافو فيروز، والدتك هخرجها قريب
سلام...سلام
قالتها ونهضت متجهة تنظر من النافذة تستنشق الهواء تضع كفيها على احشائها
-وحشتني قوي ياجاسر، وحياة حبي اللي حبتهولك لأعمل اي حاجة علشان ارجعك لو وصلت اقتل مراتك ..ابتسمت عندما تذكرت كلمات جنى "لو ابنه هخليه يعترف بيه"
هنشوف ياجنجون ..بكرة نشوف ، كلها شهر ونعمل التحاليل، بس يارب الأندال دول يكونوا قد كلامهم
عند جاسر
.تحرك للداخل ..دلف إلى مكتب والده بعد السماح له بالدخول
بالداخل كان يجلس متراجعًا على مقعده مغمض العينين..
-بابا حضرتك عايزني، نهض من مكانه يشير إلى الأريكية
-تعالى ياحبيبي عايزك في موضوع مهم..تحرك يجلس بجوار والده ..نظر تحت أقدامه ينتظر حديثه
صمت جواد لثواني يقاوم سيطرة غضبه حتى سحب نفسًا وزفره ببطئ
وتحدث هاتفًا:
-إنت مصدق نفسك، عجبك اللي بتعمله
مسح جاسر على وجهه بعنف يهز رأسه قائلا
-ابراهيم قالك صح ..ولجت الخادمة بمشروبات دافئة مردفة بهدوء :
-الدكتورة راحت عند الباشمهندس حازم ياباشا، قالت شوية وهترجع
أشار إليها بالخروج ..اومأت بالطاعة وخرجت
استدار يرفع كوب مشروب والده
-اتفضل حضرتك..أخذه ونظراته تحاصره ..ارتشف بعضه ثم تحدث:
-سامعك ياجاسر، ليه عملت كدا، ليه اخلاقك وقيمك تنزل بيهم دي تربيتي حبيبي .. اختنق من إصرار والده
زفرة مختنقة فما يشعر به نيران تحرق احشائه، فداخله يغلي كالمرجل..تراجع بجسده للخلف يهرب ببصره من والده
ارتشف جواد مشروبه مرة أخرى قائلا
-اشرب علشان تدفى..رفع كوبه وأجاب والده
-أنا دفيان يابابا، الحمد لله أنا كويس
ابتسم جواد وأجابه مشاكسًا :
-الحب مدفيك يابن جواد
أطلق ضحكة خافتة يضرب على ركبتيه:
-اوي ياباشا، حضرتك مجرب وعارف
مط جواد شفتيه يهز رأسه ساخرًا
-أيوة ماهو باين يابن جواد، شوفت نظراتك هتاكل البت في الحنة، طب كان فين من زمان، وايه شوية الاعصار اللي عملتهم علينا يالا
زم شفتيه يضغط عليها :
-استاذك ياباشا والله مش واخد بالك من غزالتك لما قالت لي كأن جواد الألفي بيتكرر قدامي ..دنى بجسده يغرز عيناه بعين والده قائلاً:
-بس فيه إختلاف كبير بينا ياحضرة اللوا، اولا انت كنت بتهرب لسراب وتخنق قلب امي، لكن أنا كنت بموت علشان غيري يعيش
اغروقت عين جواد بدموع الندم، فرغم كلمات ابنه البسيطة إلا أنها نزلت على قلبه كسوط من نيران تلهمه
جذب جاسر كف والده ورفعه يقبلهما عندما وجد شحوب وجهه فتحدث بنبرة هادئة مسترسلًا:
-بابا أنا مش زعلان لاني كنت السبب في كدا، انا ماوجهتش يابابا عملت زي النعامة دفنت راسي وسبت حبيبتي لغيري يتلاعب بيها، مفيش حد السبب في الوجع دا غيرنا احنا الاتنين، انا استاهل وهي تستاهل، وادينا بندفع تمنه يابابا للأسف
ربت على كتفه قائلًا:
-ربنا هيعوضك بالعوض ياحبيبي، وبكرة هتلاقي السعادة اللي هتبكي من جمالها
ابتسم واختتق صوته :
-اقولك حاجة يابابا، رغم إن حبيبتي في حضني والسعادة محاوطني من كل الجهات الا انا عامل زي الديب وهو نايم بفتح عين واقفل التانية، علشان مقومش من النوم والاقي السعادة دي هربت من بين ايديا، بابا أنا اسعد راجل في الدنيا وفي نفس الوقت بتوجع وجع محدش يقدر يستحمله
اقترب جواد من جلوسه يرفع ذقنه
-ابن جواد الألفي ميططيش راسه، دايما راسه مرفوع مفيش قوة تهزه، هو اللي يهز الجبل، نهض جواد من مكانه وتوجه للشرفة واستأنف حديثه
-بس مع دا كله اوعى تنسى قيمك واخلاقك، عايزك تفكر في خطواتك بدينك وقيمك قبل عقلك حبيبي ، استدار ونظراته تخترق وقوفه
-عارف فيروز زبالة ومتستهلش انك تلوث نفسك علشانها، مش دي اللي ضيع اخلاقك، مش ابن جواد اللي ينزل لمستوى واحدة شغالة مع مافيا علشان ياخد حقه، تاخد حقك بعقلك النضيف ياحضرة الظابط
استند جاسر على الجدار ينظر للخارج بحزنا قائلاً:
-بابا اللي كنت خايف منه حصل، دي جاية وبتقولي حامل
قهقه جواد واستدار يستند على الجدار يراقب الشباب وهو يلعبون ثم أجاب بوجه خالي من التعبير
-وانت رأيك ايه، الواد ابنك ولا لا
أطبق على جفنيه بحسرة واجابه بروح تنزف قائلاً:
-لو قولتلك مش عارف ..ضرب جواد على السور الحديدي ببطأ، كأنه بيانو ومازالت نظراته الخاوية بالمكان
-يبقى هتضطر تستنى لما تعرف اد ايه ثقتك بنفسك يابن جواد، استدار برأسه
-اول مرة أعجز عن رد فعل غصب عني، متكتف ياجاسر، انت كتفت ابوك ومبقاش عارف يفكر يطلع من المصيبة دي ازاي، البت طلعت أحقر مما توقعت، شغالة مع مافيا تجار الاسلحة،من وقت ماطلقتها، وطبعا لما باسم شك فيها حاولوا يصفوه
-عرفت..قالها بنبرة جيليدية..اقترب جواد يتعمق بالنظر من أثر حديثه:
-يعني إيه؟!
اعتدل ينظر لوالده مستندا على السور يعقد ذراعيه
استرسل بنبرة حزينة وعينين منكسرة
-عارف يابابا أنها اشتعلت مع الراجل اللي اسمه الجارحي دا، بس مفيش ادانة، أوراقهم كلها سليمة، اچنس عربيات وشغل من تحت لتحت، زرعت واحد بينهم قولت يمكن اوصل لحاجة
جلس جواد يشير إليه:
-اقعد وفهمني عرفت دا كله ازاي ومنين..اتجه ينحني وبلع استفهام والده، فحاول أن يخرج من حالته،رفع رأسه ينظر له:
-مابلاش تلعب معايا يابو الجود، ابنك لعيب ومحترف ماهو ابن جواد برضو
رفع جواد حاجبه ساخرا
-لا ياراجل، قولي غير كدا ، يعني كنت بتلعب مع ابوك يالا
رفع أيده يضربهما ببعضهما يضحك بصوت مرتفع
- لا بس لعيب ياحضرة اللوا وارفعلك القبعة، بس ابنك اولى بلعبك وقفشك
حك جواد ذقنه وهو يرمقه بنظرات مبهمة
-عرفت امتى يابن جواد..
-يوم الحريق، بعد مارجعت الشقة لقيت شيكات باسم تميم الجارحي وشوية سيدهات كدا الهبلة مسكاه عليه
-سديهات من انهي نوع بالظبط ، حاجة تدينه
ارتشف من كوبه يشير لوالده اشرب اعشاب ست الدكتورة وخلي بالك من صحتك ياحج، وبلاش تقنعنا انك كويس ومش محتاج للعلاج يابابا، حضرتك بضرنا كلنا
ضيق جواد عيناه يبتعد عن نظرات ابنه:
- تقصد ايه يالا، هي جنى طيرت عقلك
تحدث بعينان تهيم عشقًا
ومال جنجون هنا بس..ربت على ركبتيه
-كله هيعدي ويبقى ذكرى .
وضع كفيه على صدره واجابه.
-قلبي وجعني عليها يابابا، مبقتش لاقي اعذار ولا دوا ادويها
ربت على كتفه وابتلع غصته
-عارف ياحبيبي انك قدام اختبار صعب، المشكلة مبقتش في جنى لأنها بتحبك ومجرد ماطبطب عليها وتاخدها في حضنك هترضى بكلمة تربط على قلبها، والبنت بعدها عنك بيموتها ...اختنق بشهقه بآنة متوجعة وكأن أحد يلف حوله حبلا من نيران
❈-❈-❈
فرفع بصره وعيناه تحجرت بمياه العشق الضاري
-خايف من قلبة عمك مش كدا ..مسح جواد على وجهه، يزفر الهواء بقوة واتجه بنظره إليه
-طبعا لسة قدامنا وقت، وممكن البت دي تخطيطها مانوصلوش،
اومأ متفاهمًا:
-للأسف يابابا، معرفش بتفكر في ايه، وليه رجعت، كنت هموتها واخلص منها بس حضرتك ورايا بخطوة
أطلق صوت معترض أخرجه من اتفه يشير إليه محذرًا
-ودا اللي هما عايزينه، انا هقولك حاجة مهمة المفروض مكنتش تعرفها، بس من واجبي اعرفك علشان تعرف انت بتعمل ايه
دقق النظر يستمع إلى والده بتمعن
-الادارة اختارتك في القضية دي، وعلى أساس كدا اتنقلت اسمياعلية، عايزين ظابط وجه جديد يدخل حدود المحافظة، وبما انك أظهرت شجاعتك اخر قضية انت وجواد فالادارة اختارتكم، ماشي ياحضرة الرائد
التمعت عيناه بسعادة مرددًا
-رائد!!..بتتكلم بجد يابابا، يعني اترقيت
فرد ذراعيه
-امري لله هعاملك زي الطفل واقولك تعالى في حضن ابوك
ارتفعت ضحكاته وهو يضم والده بسعادة، مسح والده على ظهره
-ألف مبروك يا حبيبي ودايما من نجاح لنجاح ..ابتسم لوالده يرفع كفيه يقبلهما ثم ضمهما قائلاً والسعادة تقفز من محجريه:
-ربنا يخليك ليا ياأحسن اب في الدنيا، بس برضو البركة في حضرتك اللي دلتني على أول الخيط
لف جواد كفيه حول عنقه يهزه
-أنا معملتش حاجة، أنا ابني مش محتاج مساعدة من حد، ومتفكرش تفتيشك انت وراكان بعيد عن عيني انا بس كنت عايز اشوف ابني بيفكر ازاي وهل هينجح ويستاهل وظيفته ولا يقولوا عليه دخل الشرطة واسطة
-آآه طويلة أخرجها من جوفه بسعادة ولمعت عيناه قائلاً:
-يااااه يابابا اخيرًا، القضية دي كانت بالنسبالي تحدي، رغم قلق عمو باسم بس حضرتك لما قولتلي اجري ورا حسك البوليسي ودافع بعقل الظابط، ورمتلي خيط، دا اللي فوقني
ربت على ساقيه قائلا :
-إنت شاطر ياجاسر، ولما بتحط حاجة في دماغك بتوصلها، بس بهدوء مش تهور..أشار بأصابعه
-تلاتة حاجات خليك دايما فاكرهم، دول يعتبروا النجاح
أول حاجة ايمانك بالله واصرارك للنجاح ..ثانيا الثقة بالنفس لازم تثق في نفسك وتقنعها انك اقوى من اي حاجة وتقدر تعدي صعوبات وعقوبات
تالت حاجة انك تفصل مشاعرك عن عملك ..اوعي قلبك يلين لشخص مهما كان حالته مع المجرمين اللي انت بايدك وبتصميمك وبعقيدتك سلمتهم، حياتك الشخصية بعيد كل البعد عن حياتك العملية مهما كانت هتوصلك لنجاح، اياك ثم إياك تاخد حد من أهلك كبش فدا علشان توصل لدليل أو نجاح، لانك هتخسر خسارة متتعوضش، وهي ثقة اللي حواليك فيك ..فهمت كلامي ياحبيبي
اومأ برأسه مبتسمًا، ثم غمز بعينيه
-شكل حضرتك وصلت لتفكيري يابو الجود
أفلت جواد ضحكة خافتة ثم تحدث:
-ابعد عن طريق فيروز ياجاسر، هتأذي نفسك واللي بتفكر فيه هيدخلك في جحيم
ارتشف باقي كوبه ثم وضعه على الطاولة
-اخر ضربة ياحضرة اللوا ياتصيب ياتخيب
هز رأسه بالرفض قائلاً :
-دا خطر يابني، اولا على حياتك ثانيا على بيتك، لازم تفكر وتشوف النتائج الأول
نهض من مكانه ينظر بشرود وأجابه
-عمرك اتخيرت بين شغلك وماما، نهض جواد يطالعه بتدقيق لعله يصل لمرحلة تفكيره فتسائل
-جاسر ناوي على ايه، اوعي اللي فهمته هتخسر ومش هتعرف تعوض اللي تخسره، المرة دي الوجع هيكون شديد صدقني مش هتتحمل، ولا حد هيرحمك، وزي ما قولتلك من شوية علشان تنجح ابعد حياتك الشخصية عن حياتك العملية
استدار لوالده يضع كفيه بجيب بنطاله
-بابا حضرتك كنت شغال في المخابرات..قهقه جواد بدخول غزل، فرفع ذراعيه يربت على كتفه
-انزل اغلب العيال دي زي زمان، شايف بيجاد عامل عليهم كماشة
رفع حاجبه ساخرا وتحدث:
-دا بقى علشان تنفرد بغزالتك ولا علشان متجوبش على سؤالي
حاوط كتفه يشير لغزل التي توقفت على الباب تطالعهم بذهول
-دي خيانة على فكرة، تقعد مع بابا من غير ماما
قطب مابين جبينه مضيقًا عيناه وابتسامة ساخره تجلت بملامحه ينظر لوالده فتحدث مسترسلا:
-قول لست ماما انا كبرت ومبقتش الواد اللي هتضحك عليا بكلمتين خليها تقول الكلمتين اللي بتلف عليهم
لكزته بكتفه، تبعد ذراع جواد عنه
-طب امشي يابن جواد، ثم اتجهت بنظرها لزوجها تحدثه موبخة إياه
-دا كله قاعد معاه، وانا اللي مستنية منك تليفون تقولي اتأخرتي ليه يازوز، مكنش العشم
طبع جاسر قبلة على وجنتيها :
-ماما الغيورة، بقيتي جدة ياحجة غزل ارحمي الراجل، دا هيفطس مننا
أشار له جواد بالخروج
-ياله شوف هتعمل ايه، واقعد مع اخوك وعقله، البت دي نضيفة، انا مش عارف امسكه وكل مااجي اتكلم معاه يقولي مشغول، أهلها طيبيبن وكلنا شفناهم النهاردة واقفين ازاي مكسورين
اقترب من والده يغمز بطرف عينه
-طب مش هتقولي عرفت ايه عليها علشان تخليني اقنع ياسين، ماهو لازم اعرف علشان اقنعه، ابنك تور كبير
أشار له بالخروج بعدما هتف
-جاسر..بلاش تدخل في حياة اخوك الشخصية، خليه هو يعرف يجيب حقها دا لو بتهمه، أما لو مش في باله يبقى يكون هادي ، مش عجبني طريقته معاه، ولولا البنت متربية كانت عرفت تستغل حياتنا مش كدا ولا ايه
فهم ما يشير إليه والده، فأومأ برأسه قائلاً :
-هقوله يابابا واوصله الرسالة وهو براحته..
وصل للأعلى أمام جناحه استمع للموسيقى...
قبل قليل
ولجت ربى تبحث عنها وجدتها تجلس على سجادة الصلاة تنهي صلاتها بالأذكار، اقتربت منها وجلست بإنتظار انتهائها ..نهضت جنى وقامت بنزع إسدالها، تقطب جبينها
جيتي ومشيتي مع جاسر أنتِ وغنى
ثم اردفت :
❈-❈-❈
-قاعدة كدا ليه، فيه حاجة ولا إيه، مش كنتي بتقولي هنسهر مع عاليا
كانت نظرات ربى مسلطة عليها بصمت، فدنت تلكزها بكتفها
-بت مالك..!!
نهضت ربى وتوقفت أمامها
-عايزين نرجع ايام زمان ياجنجون، زمت جنى شفتيها متهكمة واتجهت لغرفة ثيابها قائلة بتزمر:
-البت دي اتجننت ولا إيه، ولا شكل بعد عز هيسها
ضربت على كتفها وهي تخرج ثيابها
وصاحت بصوت مرتفع
-عايزة نرقص ياجنى، واتلمي بقى، من امتى العقل دا ياختي
استدارت تغلق خزانتها تطالعها بذهول، ثم وضعت كفيها على وجنتيها
-والله شكلك عيانة يابنت عمي، روحي لابنك ياروبي زمانه مزهق ماما ياحبيبتي
إزاحتها بقوة تبحث عن شيئا ما واخيرًا، أمسكت شيئًا بيديها ترفعه للأعلى
-كنت عارفة هلاقيها هنا..نظرت للذي تمسكه بذهول وحاولت تجذبه:
-أكيد اتجننتي، ايه دا، عايزة اخوكي يطلقني، طيب استني مااتبسط ياختي شوية..قهقهت ربى بصوت مرتفع
-وايه اللي يعرفه، وبعدين ناسية زمان، ياله انا كمان هروح اجيب بدلتي ونشهيص البت عاليا، صعبانة عليا والله من وقت ماياسين خرج من عندها معرفش قالها ايه دخلت لقيتها بتعيط..تنهدت جنى بحزنًا لأنها تعلم حقيقة زواجهما، فربتت على كتف ربى وتحدثت بإستحسان مبتسمة
-تعالي ننسيها بس بلاش بدلة الرقص دي، بجد لو جاسر عرف هيزعل وانا مقدرش على زعله
جذبت كفيها وجلست تحدثها بإبانها لكي تقنعها
- شوفي حفلة الحنة كانت ضيقة اوي علينا، ومكنش فيها غيرنا يعني مالحقناش نفرحهم، فاحنا هنعمل حفلة خاصة بيها معانا، دلوقتي هجبهم جناح جاسر هنا ، قولي ليه
علشان عندي مينفعش، اخوكي ممكن ينطلي في أي وقت ويقولي ابني ومش ابني وهيعمل عبيط، مع أنه مع مامتك، بس انا حفظاه، أما هنا حتى ولو جاسر طلع صدفة مثلا احنا اخواته، انا وانتي وغنى، طبعا عاليا بحجابها وكمان تقى، وبعدين اخويا محترم ياختي مش زي عز اخوكي
لكنها جنى ترفع حاجبها ساخرة
-مين دا اللي محترم، جاسر!!
والله أنتِ شكلك طيبة متفكرنيش ياختي ..لكزتها ربى تغمز لها
-طيب ماتفكريني انا وتقولي اخويا عمل ايه خلاه مش محترم، ابتعدت ببصرها وتوردت وجنتيها فتحركت من أمامها متجهة للداخل قائلة:
-روحي هاتي البنات وانا هروق الدنيا دي ..انحنت تغمز لها
-بتهربي ياجنجون، بس اعملي حسابك هنرقص، ومتخافيش اللي مش محترم مش جاي بيلعب باسكت تحت، وطبعا قدامهم للفجر
بعد قليل تجمعت الفتيات بغرفة جنى، وبدأت بتشغيل الموسيقى..نهضت غنى تصفق وتمسك كف عاليا لكي تراقصها
مرددة خلف الأغنية
"بنت الجيران"..إلى أن توقفت غنى متعبة ، لا انا مش قادرة، هقعد اتفرج، غمزت لربى
-ياله ياحلوة منك ليها، خرجت جنى وهي ترتدي تلك البدلة التي جعلت غنى تهب من مكانها
-يخربيتك ياروبي، انتِ ناوية على ايه، توقفت ربى وهي تشير على نفسها ببدلتها الطويلة حتى الكاحلين مفتوحة الجانبين، مستديرة الصدر..اقتربت تقى تطلق صفيرًا
-أنا كمان عايزة ألبس زيكم، اقتربت غنى لجنى
-اتلمتي على القردة ولبستك دي، طب والله تاخدي العقل يابت، ياله عايزة حركات ودلعات، استمعت لطرقات على باب الغرفة ..هرولت للداخل تصرخ
-جاسر جه..هرولت جنى للداخل، بينما فتحت غنى الباب
-دي ياسمينا..تحركت ياسمينا وهي تصفق ..بنت الجيران ، وبدأت الفتيات يحتفلون ..توقفت ربى فوق الطاولة وبدأت تتراقص أمام جنى على الموسيقى ..جذبت غنى ربى
وتحدثت
-اتهدي ياروبي براحة ياماما بطنك لسة مفتوحة، ثم رفعت نظرها لجنى التي تتمايل مع بجسدها الممشوق مع الموسيقى فتحدثت:
-بت ياجنى والله لو جاسر مسكك بترقصي كدا قدامنا ليولع فيكي..أطلقت ضحكة ناعمة وهي تتمايل بحركاتها وكفيها على خصلاتها
توقفت ربى مرة اخرى تتراقص بجوارها وهي تتندن مع الأغنية
جذبت غنى عاليا تشير إليها
-البنتين دول هيعلموكي الاحترام كويس، ابعدي عنهم، ثم لكزت ربى تصيح بها
-براحة ياغبية بطنك ، ثم غمزت على جنى التي تتراقص مع نفسها وكأن لايوجد سواها بالغرفة بتلك البدلة الشفافة التي تصل إلى الركبة وتظهر جمالها بسخاء، غمزت غنى لروبي عندما لمحت ذاك الذي توقف ينظر لزوجته جاحظ العينين مردًا لنفسه وهو يبتلع ريقه بصعوبة
-مين دي، دي جنى الطفلة البريئة، جز على أسنانه وهو يرى تحركاته التي أشعلت النار بجسده وهو يرى فتحة تلك البدلة وفتحة صدرها، تحرك سريعا عندما فقد سيطرته على نفسه، كور قبضته يجز عليها بأسنانه ليخرج غيظه حتى لا يعود إليها ويجعلها مضغة بين فكيه...
الفصل الثامن والعشرون ج1 من هنا
لقراءة جميع فصول الرواية من هنا