عشق لاذع
الفصل الثاني والاربعون 42 ج2
بقلم سيلا وليد
بغرفة أوس
انتهى من صلاة القيام ونهض متجها إلى غرفة ابنته وجد زوجته تقص لها قصة سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ..تراجع إلى غرفتهما وجلس يجذب ذاك الإطار الذي يجاوره، رفعه يجذبه يطالعه..صورة تجمع إخوته جميعهم "جاسر وغنى، وياسين وربى وهو "مرر أنامله إلى أن وصل إلى صورة أخيه وضعفت جفونه لتنبثق دموعه رغمًا عنه بعد تذكره لبعض من ذكرياتهما، وضع الإطار سريعًا يزيل عبرات ضعفه ..وصلت إليه ياسمينا أسرعت إليه هاتفة:
-أوس مالك حبيبي ؟!«هز رأسه يتمدد على الفراش مواليها ظهره بعدما أزال دموعه
-ياسمين أطفي النور تعبان وعايز انام
جلست بجواره على الفراش تربت على كتفه
-أوس مالك حبيبي انت تعبان
استدار إليها وبنبرة متألمة
-ممكن تاخديني في حضنك من غير اسئلة ..تمددت بجواره سريعًا دون حديث تمسد على رأسه لبعض الوقت حتى ذهب بسباتًا عميق
بغرفة ياسين
دلف إلى غرفته يبحث عن زوجته ، وجدها تخرج من مرحاضها تلتف بمنشفتها ..توقف يطالعها بعيونًا عاشقة
اصطدمت بوقوفه عندما كانت منشغلة بمنشفة رأسها ..تلاقها بذراعيه لتصبح بأحضانه ..ارتجف جسدها تهمس بتقطع
-جيت امتى ؟!
رفع كفيه ونزع منشفة خصلاتها لتنساب قطرات المياه لعنقها وهو يفترسها بملامحه الصقرية، دنى ينحني برأسه بحناياها يستنشق رائحتها بوله عاشق حد النخاع
-ريحة الورد تجنن ياروحي ..زاغت ابصارها تبتعد عن نظراته الافتراسية لتهمس بتقطع:
-ياسين ابعد شوية الفوطة هتوقع ..همس بجوار أذنها
-خليها توقع هيكون احسن، ارتجف جسدها من أنفاسه الحارة التي داعبت عنقها المرمري ..شعر بضعفها بعدما خارت قواها لتستند بجسدها عليها لينحني يحملها بين ذراعيه هامسًا بصوت خافت:
-الفوطة وقعت ياقلبي تعالي ألبسك علشان متبرديش ..حاوطت عنقه تدفن رأسها بصدره بعدما توردت وجنتيها من تلميحاته
بعد فترة كانت ترسم دوائر وهمية على صدره تناغشه بضحكاتها الأنثوية المزهقة لقلبه ..ضربها بخفة
-ايدك ياماما، دي ملك الحكومة ..لكمته بضحكاتها الناعمة
-ماهو أنا الحكومة ياحضرة الظابط..قهقه عليها بصوته الرجولي الذي خلب عقلها لتتطلع إليه بموج بحرها:
-اول مرة تضحك من زمان قوي ياياسين..تدوم ضحكتك حبيبي، اخيرا رجعت الضحكة لعيونك
جذب رأسها لصدره يتلاعب بخصلاتها ثم قبل جبينها واعتدل جالسًا يجذبها لأحضانه
-عاليا فيه موضوع مهم قوي، يعتبر حياة أو موت وعايزك تسمعيني للأخر، وإياكي حرف من اللي هقوله يطلع برة الأوضة دي مهما كانت الظروف ، رفع ذقنها يتعمق النظر ببحر عيناها قائلًا
-جاسر عايش!!
نطت من فوق الفراش تصرخ
-جاسر عايش ..دفعها بقوة يكتم أنفاسها بخاصته للحظات، ثم تركها يشير بابهامه محذرا إياها بعدما سحب أنفاسها بقبلته
-اسمع صوتك هخنقك، مجنونة هتفضحيني ..وضعت كفيها على صدرها تحاول تنظيم أنفاسها إلى أن هدأت..رفعت عيناها إليه منتظرة حديثه :
قام بقص ماحدث من اول اكتشاف راكان إلى مقابلته بجاسر
انسابت دموعها بقوة على وجنتيها مما جعلها تجذب روبها ترتديها متوقفة تدور بالغرفة كالذي فقد عقله
-يعني جاسر عايش..اتجهت بنظراتها لزوجها تترجاه بعيناها بحقيقة حديثه ..أومأ لها بعينيه المبتسمة
-حبيبتي ياجنى يعني كان إحساسها صح، يعني مش مجنونة زي ماكلنا اتهمنها
اومأ لها واستأنف حديثه:
-بالظبط كدا، شوفت الحب مش أنتِ ياست بلقيس
اقتربت منه ومازالت تحت تأثير الصدمة ولم تكترث لحديثه
-يعني إنت قابلته، شوفته قدام عيونك،لمسته كدا واتاكدت أنه هو ياياسين
سحبها بقوة لتجلس تحت حنان ذراعيه..تمسحت بصدره
-ياسين بجد جاسر عايش ..ذهب بذاكرته إلى مقابلة راكان منذ يومين
فلاش باك
ترجل من سيارته متجها إلى عمله، وجد راكان يعرقل طريقه
-عايز اقبض على حضرة الظابط
رسم ابتسامة على وجهه وشاغبه بحديثه:
-ياترى خطفت قلب سيادة المستشار ولا ايه ..خلع نظارته ينظر لمقلتيه
- قابلت جاسر، واتكلمنا، ولازم دلوقتي تيجي معايا علشان تقابله !!
تجمد بجسده، ودقات عنيفة تصخب بصدره، وشعر وكأن الأرض تدور به
-إنت كلمته، يعني اتأكدت أنه هو
ارتدى راكان نظارته واستدار إلى سيارته
-الحقني بعربيتك، وبلاش تهور اللي يشوفك هيقول ماله دا..اجمد كدا صاحبك جاي عليك ، اعمل حجة وتعالى ورايا على بيتكم في الفيوم
اومأ برأسه سريعا بوصول كريم
-حمدالله على السلامة ياسيد الناس، القاهرة نورت تاني ..لم ينظر إليه كان مازال تحت تأثير الصدمة، ونظراته تراقب مغادرة راكان ، لم يشعر بكريم الا حينما ربت على كتفه
-ياسين إنت معايا
اه..استدار يهز رأسه وتحرك للداخل وخرج خلال دقائق متجها إلى الفيوم
وصل بعد فترة ..ترجل من سيارته سريعا لا يعلم كيف وصل إلى هنا، كأنه طائر ب جناحين، وهناك صور لأخيه تراوده وعقله يرسم الكثير من كيفية اللقاء
بالداخل، قبل قليل
كان جاسر ينتظره على أحر من الجمر
اتجه إلى راكان الذي جلس أمام حاسوبه وكأنه يراقب أحدهما فتسائل
-قولت هيجي وراك، اتأخر ليه ..رفع رأسه من فوق جهازه
-ممكن زحمة طريق، أهدى اكيد جاي
خلل أصابعه بخصلاته يرجعها للخلف بقوة، ثم تحرك ذهابا وإيابا
نفث راكان تبغه وقام بتوبيخه
-مش عارف اركز منك، دا اخوك اومال لو مراتك هتعمل ايه ..توقف جاسر يرمقه باستياء يشير إلي جهازه
-اشتغل وانت ساكت، هتفهم احساسي ازاي ..انا مش مستني ياسين بس ..انا منتظر عيلتي كلها، فيه ريحة امي وابويا واخواتي وابني ..يمكن حاجة تصبرني على انا فيه، بدل حضرتك رافض مقابلة ابويا
قطع حديثهم فتح الباب ودلوف ياسين بخطوات متمهلة ورغم خطواته الهادئة إلى هناك عيونا صقرية جائعة تبحث بلهفة بأركان المنزل عن أخيه
توقف جاحظ العينين عندما وجده متوقفًا بمقابلته، يردد بتقطع
-جا..سر..تحرك جاسر إليه بينما توقف الآخر وكأن ساقيه فقدت الحركة ولم يعد لديه القدرة على التحرك انش واحد، حتى ارتجفت عيونه محاولا التأكد من وجوده ..وصل إليه جاسر
ونظرات اشياق متعانقة قبل تعانق الأجساد
جذبه بقوة لأحضانه
-حبيبي اتأخرت ليه؟!
هنا آفاق من صدمته وآآه عميقة خرجات من ثنايا روحه
-حبيبي حمدالله على سلامتك ، عانق الأخوان بعضهما البعض بقوة وكأن كل واحد منهما يأخذ قوته من الاخر ..جاسر الذي وجد به رائحة والديه، وياسين الذي أعاد الله سنده وقوته..ظل لعدة دقائق وكلا منهما يمتص من الاخر مايريده
❈-❈-❈
أخرجه جاسر يحتضن وجهه
-عامل ايه وبابا وماما عاملين ايه
أزاح دموعه يهز رأسه بدموع عيناه
-هيكونوا عاملين ايه من غيرك، ماما حالتها وحشة قوي ، وبابا بلاش اقولك أنه اتكسر ..
كور قبضته بغضب متجها بنظراته إلى راكان وحاوط كتف أخيه:
-عايز ابويا لازم اقابل ابويا، انت قولت هتقابله ليه رجعت في كلامك
زفر راكان باستياء واردف:
-كان لازم اخدك على قد عقلك، اللي بتطلبه دا صعب، عايز تقابل مراتك وابوك ازاي بس
وصل إليه بخطوة، ودفع الطاولة بقدمه ليسقط جهازه ليتحطم فوق الأرضية
-عايز اقابل ابويا ياراكان، و النهاردة سمعتني لازم أقابله بأي طريقة، وزي ماجبت ياسين هتجيبه
جز على أسنانه ينظر لجهازه المتحطم
-إنت ياغبي ابوك مش هيتحمل فكرة انك عايش ويسيبك تعمل اللي عايزه، دا اب فقد ابنه وفجأة بعد سنة رجع قدامه، ازاي هيتنازل عليك بعد ماداق وجع بعدك
أطبق على عنقه وهمس بفحيح
-ابويا هتجيبه ياراكان يااما انا اللي هرحله، سمعتني، لازم ابويا يعرف اني عايش
لكمه بقوة مبتعدًا عنه
-طيب بكرة النهاردة مينفعش، علشان ابوك مش في البيت عند باسم دلوقتي
خرج من شروده على حديث عاليا
-دا حلم دا ياياسين ، معقول الميت بيرجع
-عاليا جنى عرفت جاسر عايش، وراحلها وهي دلوقتي معاه، عايزك لما ترجع متسبهاش ولا لحظة ، علشان نعرف نرد على كلامها اللي بتقوله
-يعني جاسر عايش صح والله عايش ..قالتها وهي تصفق بيديها والسعادة تتقاذف من عينيها ..جلست على ركبتيها تنظر إليه
-حبيبي براحة عليا وفهمني ازاي جنى معاه دلوقتي هي مش في المستشفى
جذبها من عنقها واخرصها ثم تراجع
-تعالي ننام جننتيني دا جنى نفسها معملتش كدا
وضعت اصبعها على شفتيها وأخرجت زفرة تعاتبه
-كدا ينفع اللي عملته..تسطح يشير بعينيه
-ولو منمتيش هعمل حاجات تانية،اطفي النور، دا طلعتي أجن من الكل ..ياله ، قالها بنظرة صارمة لتجذب الغطاء وتغلق الإنارة الخافتة تتمتم
-قلب ابو رجل مسلوخة ..
-هتنامي بالروب ولا ايه ..دفعت الغطاء وصاحت غاضبة
-حضرة الظابط مش صابر البس هدومي كل كلامه زعيق وبس..أخفى ابتسامته ثم توقف متجها إلى غرفة الملابس ليجلب لها تلك المنامة
-اتفضلي علشان تعرفي بس انا كريم وجبت لك حاجة تلبسيها
رفعت حاجبها ساخرة لا والله
-عاليااا..
اوووف على عاليا وسنينها، ماكنت حلو دلوقتي نفسي اعرف بتقلب بسرعة ليه
قالتها وتحركت متجهة للحمام
-نام ياحضرة الظابط ..يارب تحلم بوحش ياكلك ..وضع كفيه تحت رأسه وابتسم على حديثها ظل لفترة ثم رفع هاتفه
-جواد عامل ايه
اجابه جواد قائلا: كويس الحمد لله
-اسمعني كويس ونفذ اللي هقولك عليه
❈-❈-❈
صباح اليوم التالي على طاولة الطعام
بحثت بنظرها على كنان ثم اتجهت إلى عاليا
-هو كنان فين ؟!
رفعت نظرها إلى ياسين الذي اتجه لوالدته
-بابا قال لازم يروح لمامته شوية كل يوم، مش لازم تبعد عنه
-في المستشفى والصبح ياياسين ..قالتها غزل مستنكرة
احتضن كفها :
-ماما كل يوم الصبح جنى بتخرج للحديقة حوالي ساعتين وكمان عاملين برنامج علاجي حلو برة المستشفى والدكتور شايف قربها من ابنها احسن علاج، كنان هيكون اكتر واحد يقدر يرجعها لحياتها
ابتعدت بنظرها عن ابنها تزيل عبراتها متذكرة حديثها مع جواد بصباح اليوم
"وعد ياجواد هحاول انسى، هحاول ابعد عن الحزن وارجع زي الاول، بس لو سمحت بلاش تلومني في الحزن على ابني، أنا هحاول"
قبل رأسها يحتضن وجنتيها
-غزل أنتِ كدا بتموتيني كل ما اشوفك كدا قلبي بيوجعني، لو عايزة جواد يموت فعلا خليكي قافلة على نفسك كدا مابقاش عندي كلام اقنعك بيه، بس تأكدي قلبي بينزف من عجزي، ومامتنسيش أن جاسر كان روحي وحياتي ياغزل مش ابنك لوحدك
بعد عدة أيام عاد جاسر إلى مرسى مطروح مع احتياطات راكان وجواد الكاملة لسلامته ، وصل إلى مدخل المحافظة وجد يحيى بانتظاره
-حمد الله على السلامة يافندم ..
حضنه جاسر بمحبة ثم أشار له بتحذير
-بلاش الكلمة دي هزعل منك، وعايزك تتعامل معايا زي الأول وكأن مفيش حاجة حصلت
أشار يحيى على تلك الحقيبة
-دي راكان باشا جابها وقالي حضرتك عارف هتعمل ايه
فتحها ووجد بها تلك المواد المخدرة
زفر بأختناق متسائلاً :
-هم طبعا مفكرني سافرت علشان اجبلهم الزفت دا
اومأ له ثم هتف
-أنا شايف إن دا احسن حل علشان تعرف وتخرج براحتك، وانا كلمت الراجل بتاعنا في لبنان وفهمته كل حاجة ، متخافش هو هيعرف يقنع عزيز انه عرف يخرجك من المينا من غير ماحد يشك فيك أو يفتشك، يعني ابعدنا عنك اي شبهات تدينك ويخليهم يشكوا فيك
سحب كم من الهواء يزفره بقوة يرجع خصلاته بغضب ثم توجه إلى يحيى وتسائل
-انتوا مين بالظبط ..انزل بصره للأرض واجابه
-سيادة اللوا، هو اللي اتعامل بموضوع لبنان ، وكمان طلب مني اكون ظلك علشان ميحصلش اي خطر يضرك، وبتمنى أن حضرتك تسمع كلامه من فضلك
-"بابا " رددها بينه وبين نفسه متجها إلى السيارة يشير إلى تلك الحقيبة
-حطها في العربية وربنا يستر مانتمسكش بيها على الطريق
ضحك يحيى قائلا
-متخافش معانا حصانة ..استقل السيارة يرتدي نظارته
-طيب يابتاع الحصانة ماتفرحش قوي راكان دا ممكن يبعيك في لحظة
ارتفعت ضحكاته عندما استمع الى صوت راكان بسماعته
-سامعك ياجسورة وعندنا حسابات اغلط كويس
لم تتحرك عضلة من وجهه واستمر بطريقة بروده قائلا
-مش عيب تتصنت على الناس، تبقى مستشار قد الدنيا وتتصنت عيب في حقك على فكرة
-سبه راكان واغلق الهاتف بوجهه..هنا ارتفعت ضحكات جاسر يغمز إلى يحيى
-سوق يابني، دا واحد فاضي ايه اللي جابه مرسى مطروح اصلا
وصل إلى المنزل الذي يقيم به التميمي..هرولت إليه سمارة لتلقي نفسها بأحضانه تراجع للخلف يشير بيديه:
-خليكي عندك سمارة..توقفت تطالعه بشك ثم اقتربت بغضب:
-ليه بقى إن شاء الله دا مقابلتك ليا بعد اسبوع كامل
رسم ابتسامة يشير لملابسه
-ابدا بس وانا جاي سمعت فيديو في الباص بيقول الست لو قربت من الراجل بدون عقد فدا حرام وهندخل النار وانا خايف عليكي حبيبتي تدخلي النار
-ياسلام بتهزر مش كدا!!
غمز بعينيه إليها :
-اصبري دا باقي اسبوعين ومش هاخدك في حضني بس لا هنعمل حاجات اكتر ..اقتربت منه وهو يتراجع للخلف حتى اصطدم بالحائط خلفه
-لسة هستنى اسبوعين ياغريب، اللي سمعته دا للناس اللي مبحبوش بعض بس أنا بحبك وانت بتحبني مش انت بتحبني
-غريب ..صاحت بها سمر عندما وجدت اقتراب سمارة منه ، تراجعت سمارة ترمقها بنظرات نارية
-ايه محدش قالك المفروض تخبطي ، على واحد وواحدة بيحبوا بعض
تحركت سمر تدفعها بقوة تسحب كفيه
-امشي ياشيطانة من وشي بابا عايز غريب، واتهدي لما يبقى جوزك ياختي
خرج مهرولا للخارج ينظر لسمر بابتسامة امتنان ..
-سيبك منها دي واحدة حقيرة ..المهم ادخل لبابا جوا اقتربت تهمس إليه
-بابا هيحاول يختبرك في حاجات ركز وخلي تواصلك مع يحيى مفتوح طول الوقت..يحيى بعتني اقولك كدا
أومأ ودلف للداخل
قابله الجيار يفتح ذراعيه
-برافو عليك يابطل، ازاي عملت كدا ..اتجه ببصره إلى يحيى وأجابه
-مفيش حاجة تخليك تقول كدا ، الحاجات دي دخلتها في العاب الأطفال والسيد حماد عرف يخرجني من هناك وهنا برضو مشكوش في حاجة
ارتشف عزيز مشروب الكحول قائلا:
-مين اللي قابلك هناك ..غرز عيناه بمقلتيه متسائلاً:
-حماد ولا منير ..جلس يضع ساقًا فوق الأخرى ينظر لأظافره ثم رفع عيناه إلى عزيز واجابه بنبرة متهكمة
-لا دي موديلز شهيرة هانم ..قاطعهم دلوف سمارة
-احنا عايزين نقدم الفرح بتاعنا، غريب مكسوف يطلب منكم كدا
جحظت عيناه ينظر إليها بذهول ..فاتجه سريعا ببصره إلى يحيى الذي صدمته لم تقل عن صدمة جاسر ، فتح فمه للحديث ولكن قاطعه عزيز عندما هب من مكانه
-إنتِ بتقولي ايه ياسمارة، اتجننتي، تحركت إلى أن جلست بجوار جاسر تضع ذراعها على كتفه
-مالكش دعوة ياعزيز، انا بكلم خطيبي مش كدا ياغريب
انزل ذراعها بهدوء وتوقف ونظراته على عزيز الذي أصابه الجنون وهتف
-أنا مطلبتش حاجة وزي ماعزيز قال مش وقته، انا راجع تعبان من السفر، وعايز ارتاح، نكمل كلامنا بعدين
تحرك إلى غرفته يغلقها خلفه سريعًا، تحرك يبحث بأرجاء عن مراقبة، توقف متسمرًا بعدما وجد تلك الكاميرا المعلقة بالنجفة..تراجع بجسده وكأنه لم يرى وقام بخلع ملابسه بهدوء ملقيًا نفسه على الفراش وتصنع النوم وهو يفكر كيف له أن يتخلص من تلك الكاميرا
باليوم التالي استيقظ وقام بإشعال سيجاره ثم توقف يبحث بحقيبته واضعًا السيجارة على الفراش، بجوارها بعض الأوراق الغير مهمة، ليمسك رمادها بالفراش، وبالأوراق جذب ثيابه وتحرك إلى الحمام وابتسامة ساخرة على وجهه..ملأ البانيو غير مكترث لرائحة الدخان بالخارج وليكمل استحمامه ..استمع الى طرقات قوية
ولكنه لم يهتم ودخل العاملون بالمنزل محاولون السيطرة على الحريق الذي اشتعل بالفراش بالكامل ..استمع الى طرقات على باب الحمام
-غريب اطلع بسرعة اوضتك بتولع
خرج بعد قليل متصنع الدهشة
-إزاي ولعت الأوضة ..قالها بذهول هو ينظر لأرجائها ..رمق التميمي عزيز بنظرة تشكيكة ثم جذبه للخارج
-إنت اللي ولعت في الأوضة
نزع نفسه وتحرك للخارج سريعا بعدما استمع الى حديثه بصدمة
مرت الايام سريعا وجاسر يحاول بكل طرقه أن يصل إلى ذاك الرجل الذي يقوم بتمويلهم بالأسلحة والمخدرات
بحث عن الأسماء الحركية إلا أنه لم يتوصل لشيئا
نظر بساعة يديه وتحرك للخارج وجد سمر تجلس تطالع النجوم بصمت ..جذب مقعد وجلس يراقبها بهدوء، شعرت بوجوده فاستدارت مبتسمة :
-إنت مخرجتش معاهم ..!!
لا خرجت وأنا عفريتي ..افلتت ضحكة ناعمة فجلست بمقابلته
-مجتش فرصة اسألك عامل ايه دلوقتي واخبار الصداع
ذهب ببصره بعيدا عنها وتذكر الأيام السابقة مع تعايشه لذاك الصداع الذي كان نتيجة تناوله لتلك المواد المخدرة، فأردف:
-الحمد لله بقى يقل عن الأول ..استندت على الطاولة مقتربة منه
-افتكرت كل حاجة ولا لسة
ابتسامة واسعة على وجهه وهو يطالعها بامتنان
-الحمد لله افتكرت كل حاجة ، حتى اخوكي المتخلف دا افتكرت عمايله معايا
تراجعت بظهرها وعبس وجهها تبتعد عن عيناه قائلة:
-عمرك سمعت عن اخت بتكره اخوها وبتتمنى موته النهاردة قبل بكرة
أصابت قلبه بالحزن عندما علم ماتشير إليه ، سحبت نفسا وانسابت عبراتها
-دخل ماما دار عجزة الحيوان، بعد مامضها على كل ماتمتلك، وعمل شهادة تثبت أنها غير مؤهلة للأعتناء بنفسها
اتجهت بنظرها إليه وانسابت عبراتها بقوة حتى ارتجف جسدها من شهقاتها
-بكرهه وعايزاه يموت، ماما الدكتورة اللي كل كان بيعتبرها مثله الأعلى المتخلف طلعها مجنونة، معرفش ليه الحكومة سايبة واحد مجرم زي دا
-سمر ..كرر ندائه عليها عدة مرات إلى أن نظرت إليه فهتف :
-كل مايدينو رجالتهم شالوه، حتى الفيديوهات اللي معايا معرفتش اوصلها واللي فهمته أنهم نجحوا في تلاعب الفيديو اللي وصل للنيابة، وبكدا مفيش حاجة تدينهم..بس وحياة وجع اهلي عليا لاربطهم بالكلبش كلهم اصبري عليا
ظلت كما هي تنظر للبعيد وعيناها تتدفق منها العبرات إلى أن أخرج هاتفه الخاص يضعه أمامها قائلاً بابتسامة عذبة :
-تعالي شوفي القمر دا ، وانسي عزيز الكلب ميستهلش دموعك دي، وانا هقف جنبك مستحيل اخليه يقربلك، أنتِ جميلك في رقبتي طول عمري
مسحت دموعها تطالعه بابتسامة حزينة
-إنت جميل قوي ياجاسر، وتستاهل تعيش حياتك، حرام تفضل مع المجرمين دول
اومأ لها وحاول خروجها من حالتها
-بلاش انت جميل دي، جنى لو سمعتك هتموتك وطبعا انا مقدرش أقف معاكي ضد جنجون
-ياااه باين عليك بتحبها قوي
فتح هاتفه ينظر لصورها وابتسامة لامعة بعشقها وكأن لايوجد سواه بالمكان قائلاً:
-لو فيه اكتر من العشق كنت عشقتها اكتر واكتر ، جنى بالنسبالي الحياة ياسمر، هي موجودة يبقى أنا موجود
مراتك حلوة اوي بتحبها !!
هز رأسه بالنفي وابتسامة عاشقة لمعت بعيونه
-لو فيه في الحب أعلى من مراحل العشق يبقى هي عندي كدا
وضعت خديها بكفيها تستند بذراعيها
-ياسيدي !!
جنى هي الروح لجسدي، يعني من الاخر انا موجود علشان هي موجودة
-يابختها ياعم المغرم
مازالت نظراته على صورها هاتفا
-قصدك يابختي بيها!!
لا بجد يابختها بحبك
فتح رسالة من ضمن رسائل احزان قلبها وأشار إليها :
اقرأي دي وانت تعرفي يابخت مين بمين ..
بسم الله على قلبي المحطم، وبسم الله على ملهمي الذي مازالت رائحته تفوح بداخلي
بعد السلام والتحيه عليكما
وبعد أن تبخرت أشواقي لتلك الأحضان التي اشتهيها، واعتدت روحي
التي تفوح بها رائحه الالم
اجل علمت انها من مهلك روحي
أ فلا أحد غيره معذبي ومهلكي
استيقظت ذات صباحًا بعد أن لافحت الشمس وجههي لتخبرني كيف لكِ أن تغفو عيناكي وخليلُ قلبك يبعد المسافاتِ،
فتحت عيناي التي انطفأ بريق العشق بها تبحث عنك بين الأركانِ،
حبيبي الذي ضاقت بي الدنيا بعده
كيف لي ان اصف لك أشواقي وعذابي
كيف لي ان اصف ذاك النبض الذي اختبأ بين اضلعي يؤلمني من فراقك
أجل مهلكي انا الذي حفرت الألم بداخلي، انا الذي ضعت بين دموعي وآهاتي
من ذا يبلّغك بأنّي مُتعبُة؟
والشوقُ في جنباتِ قلبي يلعبُ
من ذا يُبلغك بكُلِّ بساطةٍ
أنِّي بدون وجودك أتعذّبُ
جاسري وحنين أشواقي مني اليك روحي تتعذب، ألم يدلك قلبك أنني متلهفة لرؤياك
ألم يدلك قلبك عاشقي بل مهلكي أن روحي لقُربَك تتعطش
أزال دموعه التي انسابت رغمًا عنه بعدما تذكر ماحدث لهما بالماضي
كانت سمر منشغلة بالصور، إلى أن وصلت إلى صورة كنان
-مين دا ابنك..شبهك قوي على فكرة اكيد ابنك ..ابتسم يهز رأسه قائلاً :
شوفي دا كنان عنده سنتين، بس لمض ولسانه طويل
افلتت ضحكة تنظر إليه :
-هيجيبه من بعيد، نسيت نفسك، انا دلوقتي فهمت حالتك يوم ماكنت بتولد البقرة
ارتفعت ضحكاته متذكرًا ذاك اليوم ، وتناسى ما كان يؤلم قلبه منذ قليل، فلقد لاحظت سمر حزنه وحاولت إخراجه بطريقتها دون أن يشك ،
رفعت نظرها لتسأله عن صورة غنى التي تشبه ولكن
اقتربت منه فجأة تقبله بعدما جذبت عنقه ليصبح بمستواها
دفعها بقوة فاقتربت منه قائلة
-غريب انا بحبك قوي ومستحيل أتنازل عنك لسمارة
-إنتِ بتقولي ايه يابت ..والله لاشرب من دمك ..قالتها سمارة وهي تجذبها بعنف ..أما ذاك الذي توقف مذهولا في بادئ الأمر من فعلتها الجريئة، رمقته بنظرة ليفهم مغزاها، فاتجه يدفع سمارة بعيدًا عنها
-اتجننتي ازاي تمدي ايدك عليها
طالعته بنظرات نارية:
-نعم ..انت بتقول ايه، ايه عجبك بوستها دا انا خطبتك حتى مابترداش تمسك ايدي ، وطالع بحلال وحرام ..ايه رأيك بقى البنت دي مستحيل تقعد في البيت دا الا لما نتجوز وعلى الله تقرب منك تاني
وصل عزيز مترجلا من سيارته على صوت صراخ سمارة، هرول إليها
-مالك بتزعقي ليه حد مزعلك
أشارت إلى سمر التي تحركت تقف خلف جاسر خوفًا من بطش عزيز،
-اختك الزبالة شوفتها بتبوس خطيبي
اتجه بنظراته إلى سمر ضاحكًا فأخير وجد مايفعله لكي يفسخ الخطبة ..تمهل بحديثه ورغم شعوره بالراحة اتجه بنظره الى جاسر
-الحق على خطيبك، مش عليها ، ثم اتجه إليها
-علشان تعرفي مين بيحبك بجد ومين بيلعب بيكي ..قالها وهو يجذبها ويتحرك للداخل
تنفست سمر الصعداء تهوى على المقعد تحمد الله أن عزيز لم يضربها ككل مرة
رمقها جاسر بسخط وهتف محذرا إياها :
-مهما كان اللي يحصل اياكي تقربي مني تاني سمعتي، اتجننتي ايه اللي عملتيه دا
توقفت تطالعه بذهول :
-اه كنت سكت لحد ماتيجي وتاخد التليفون وتعرف أن حضرتك بتمثل عليهم مش كدا ، كان لازم اعمل حاجة تشتت انتباهها ..
جذبت كفيه واجلسته
-انسى اللي حصل وفكر هتعمل ايه في المصيبة دي، كدا مش هتسكت وهتضطر تتمم جوازكم دي زرقة وانا عرفاها
-هو عزيز مش بيحبها..تساىل بها جاسر
ارتفع جانب وجهها بشبه ابتسامة ساخرة:
-دي مالهاش في الحب، دي متجوزة خمس مرات قبل كدا، جواز فسح ..لازم تشوف هتعمل ايه، انا هقوم زمان يحيى رجع بيدور عليا
اومأ لها ثم أخرج هاتفه بعد مغادرتها ونهض من مكانه
-راكان فيه مصيبة ولازم أخرج منها بأي طريقة
اعتدل يستمع إليه بتركيز ثم اجابه متهكمًا:
-ماتتجوزها ياخويا، وعيشلك يومين حلوين اهو ارتاح من زنك
-راكاااان ..صاح بها جاسر فتوقف ونيران غاضبة تشعل صدره من ضحكات راكان الذي تلاعب بمشاعره
صمت للحظات ثم تحدث:
-ايه بطلت ضحك ..اعتدل راكان يمسح على وجهه ومازالت ابتسامته لها صدى إلى أن هتف
-قولها عندك حمى شوكية ولا اي حاجة امنع الجواز دا
صمت جاسر للحظات ثم هتف
-أنا هنزل الفيوم بكرة ، عايزك تبعتلي جنى وكنان وحشوني وجهز تقرير طبي بالإيدز
اووووه..ايدز مرة واحدة يابني
-اه ...واقفل بقى
قاطعه راكان ..استنى
-انزل القاهرة بلاش الفيوم
لا لا بلاش القاهرة دلوقتي ، هضعف وهقابل امي لأنها وحشتني جدا، وانا مش عايز أضعف دلوقتي..خليني بعيد احسن، انا لما بكلم ياسين واسمع صوتها بتجنن مش هقدر مرحلهاش لولا وعدت بابا كنت زماني رحت لعندها المرة اللي فاتت
تنهد راكان ثم تحدث :
-تمام هكلم سيادة اللوا علشان يعرف يخرج جنى بأسلوبه من حي الألفي من غير ماحد يشك
-شكرا ياراكان ..قالها وأغلق الهاتف ثم رفعه مرة أخرى يحادث حبيبته
-كانت تجلس أمام رسمتها التي ترسمها بإبداع وابتسامة رائعة تزين ملامحها دلفت والدتها وجدتها تستمع إلى الموسيقى وترسم مع ابتسامة غابت لوقت طويل ..تحركت إلى أن توقفت خلفها، ثم انحنت تقبل رأسها
-حبيبتي بتعملي ايه !!
أشارت على الرسمة قائلة:
-برسم جاسر ياماما ، أيه رأيك في الصورة حلوة..شوفي المرة دي لبسته تي شيرت زيتي ، بعشق اللون دا عليه
جلست بمقابلتها تطالعها بحزن
-وبعدهالك ياجنى هتفضلي لحد امتى كدا ، مش كنتي بتقولي مش هتيجبي سيرته تاني وهتفوقي، وبابا خرجك من المستشفى علشان كدا
نهضت من مكانها وأخرجت ثياب نومها، نظرت والدتها إلى تلك المنامة الحمراء
-هتلبسي دي ..
تحركت قائلة :
ماما روحي نامي حبيبتي وهاتيلي كنان علشان ينام في حضني زي كل ليلة علشان يعوضني غياب أبوه..قالتها ودلفت المرحاض تغلقه خلفها
❈-❈-❈
تنهيدة حزينة تناظرها بعيونًا متألمة على حالة ابنتها، توقفت الكلمات على أعتاب شفتيها وهي تراها تخرج من الحمام بعد فترة قليلة ترتدي ذاك القميص ..وآه حارقة من قلب ام متألم على فلذة كبدها..توقفت نهى متجهة إليها تسحب كفيها
-ايه رأيك اصرحلك شعرك، رفعت نهى تستنشق رائحته ثم رفعت كفيها تمسد عليه بحنان اموي
-ماشاء الله حبيبتي شعرك طول عن الاول، استدارت لوالدتها تحتضن كفيها مبتسمة:
-ماما أنا مش صغيرة علشان تعامليني كدا، روحي ارتاحي حبيبتي وأنا هنشف شعري واسرحه لوحدي
ملست على وجهه امها
-حبيبتي وشك تعبان ليه كدا، لو علشاني والله ياماما أنا كويسة كويسة قوي كمان ياروح قلبي
قبلت جبينها متحركة للخارج بعدما فقدت الحديث معها ..دلفت للداخل وجدت صهيب يتحرك ببطئ بالغرفة بعد جلسة العلاج الطبيعي..تحركت إليه تساعده
-صهيب مستنتش ليه..أوقفها بيديه
-خليكي يانهى أنا همشي لوحدي، عايز اعتمد على نفسي كفاية اللي إنتِ فيه
لم تكترث لحديثه ووصلت إليه تحتضن كفيه تتحرك بجواره إلى أن وصلوا الشرفة، ساعدته بجلوسه مبتسمة :
-ربنا مايحرمني منك ياابو عز، هروح اجبلك كاسة عصير من اللي بتحبه
عانق كفيها يجذبها ثم أشار إلى المقعد:
-اقعدي حبيبتي انا كلمت منيرة وهتعملنا احنا الاتنين
-جنى عاملة إيه دلوقتي!!
ابتعدت بنظرها عنه حتى لا تحزن قلبه وأجابته
-كويسة حبيبي طلبت كنان ينام معاها ، خليت منيرة تودهولها وتكون قريبة منها لو احتاجت حاجة
-الحمد لله حاسس انها فاقت وشوية شوية هترجع لحياتها تاني
صمتت ولم تجيبه
بغرفة جنى أنهت لملمة خصلاتها بدخول منيرة تحمل كنان
-كنان نايم يامدام ادخله ولا ارجعه اوضته ..نهضت من أمام مرآة الزينة واتجهت تحمله وتضمه لأحضانها تقبله
-روحي إنتِ..تذكرت حديث معشوقها عن حالتها
-منيرة هاتيلي شوية فواكه وكوباية لبن
-من عيوني !! وضعت ابنها فوق فراشها ثم انحنت تقبله بعيونها العاشقة وهي تمرر أناملها على ملامحه التي تشبه والده..وضعت أنفها بخصلاته تستنشق رائحته وكأنها تستمد رائحة زوجها منه، تمددت بجواره ومازالت تداعب ملامحه هامسة لنفسها
-بابا وحشني قوي حبيبي ، ياترى عامل ايه دلوقتي ..استدارت تجذب هاتفها لمحادثته، ولكنها تذكرت حديثه
-حبيبتي اوعي تتصلي بيا مهما حصل وانا لو وقتي مسموح هكلمك اكيد
تعاظم اشياقها بداخل قلبها وهي تتذكر اخر لقاء بينهما، وصوته الحنون بأذنيها ..أطبقت على جفنيها محاولة تهدئة روعها حتى لا تهاتفه بسبب اشتياقها الكامن بداخل قلبها ..قطع حزنها رنين هاتفها، التقتطه سريعًا وهي ترى صورته تنير شاشة هاتفها، انسابت عبراتها عندما شعرت بشعوره بها
-حبيبي..كلمة رغم بساطتها الا أنها اخترقت ثنايا روحه ليجلس بمكانًا فسيح مبتعدًا عن كل ما يؤلم روحه ينظر للبحر
-روح حبيبك..استمعت لتلاطم الأمواج فنهضت من فوق فراشها
-إنت على البحر..نظر بتيه لايعلم كيف وصل إلى هنا فأجابها
-مشيت كتير معرفش وصلت ازاي، يمكن علشان وحشاني محستش بنفسي
جلست أمام لوحاتها التي تحمل صوره
-جاسر وحشتني قوي، عايزة اشوفك، عارفة بحملك فوق طاقتك، بس حقيقي مش قادرة اتنفس حاسة الاسبوع اللي عدى بسنين وانت بعيد عني ..لو ممكن
قطع حديثها قائلاً :
-جهزي نفسك بكرة راكان أو ياسين هياخدوكي الفيوم، ونتقابل هناك
-الفيوم ..قالتها مذهولة ثم تسائلت
-الفيوم بعيدة عنك ليه كدا
ارجع خصلاته للخلف بسبب الهواء وتابع حديثه:
-مش مهم المهم اشوفك
-طيب خليك عندك وانا اجي لك مرسى مطروح وحجة ممكن اكون نازلة مصيف ..صمت للحظات يفكر بحديثها ثم أجابها :
-مينفعش ياجنى، ممكن الشكوك تكون حواليكي، يعني ازاي جوزك ميت ونازلة مصيف
-اسكت ياجاسر مش عايزة اسمع الكلمة دي ابدا ربنا يخليك ليا يارب
غير مجرى حديثه وتسائل:
-بتشوفي ماما ..تذكرت ماصار لها بتلك الأيام فأردفت مستنكرة مافعله ياسين
-ياسين اخوك دا عايزة اضربه
زوى مابين حاجبيه متسائلاً:
-ليه عمل ايه حبيبي !!.
أجابته بقلب ممزق:
-تخيل بيقولي انا جمعتك بجاسر علشان محدش هياخد على كلامك، بس دا ميمنعش انك متتكلميش مع ماما في أي حاجة
-ليه بيقول كدا!!
تابعت حديثها قائلة بنزق
-حضرة الظابط خايف اعرف ماما غزل انك عايش، وبعت لي عاليا تراقبني ..خنقني بجد
تجمعت برك الدموع بعيناها تطالعه برجاء
-عايزة ارجع بيتنا ياجاسر، مش عايزة اقعد هنا، عايزة ابني يكبر في بيتنا
ودا رافض حتى ارجع جناحنا اللي في بيت عمو جواد، كل كلامه أوامر بس متخرجيش من هنا، أنا مبقتش أقابله ولو دخلي بشتمه وبطرده
صمتت تزيل دموعها واستانفت:
-رايح يقول لبابا محدش يقرب من جنى ياعمو علشان دا علاجها ممنوع تخرج لوحدها ممنوع وممنوع
فاض به الألم والغضب معًا فحاول تهدئتها :
-معلش حبيبي هما خايفين كلام يخرج هنا ولا هنا، بابا واخد احتياطاته مش اكتر علشان الخدم، خايف يكون حد من الخدم مش موثوق فيه زي زمان
كفكفت دموعها وهاتفته بنبرة حزينة
-اللي وجعني بجد حبي ليك بقى عندهم جنان
-متزعليش ياجنجون انا اللي مجنون بيكِ ياستي، قالها مازحًا ثم غير الحديث
-كنان عامل ايه..ذهبت ببصرها لأبنها الغافي واجابته
-نايم اهو ..
-هو عندك ؟!
تنهدت وأجابته : مبقتش انام غير في حضنه الصغير اهو يعوضني اشتياقي لابوه
-أكيد بتهزري صح ..
افتح الكاميرا وانت تعرف ..
نظر إلى صورة ملاكه الغافي بفراشه..مرر أنامله على صورة ابنه مبتسمًا
-هو ماله صغنن كدا ولا السرير اللي كبير .. ظل يطالعه لدقائق ثم هتف -قومي الواد دا بقى راجل ونايم مكان أبوه
وجهت الكاميرا عليها واجابته بضحكاتها:
-بس يابابا هزعل منك، انا هنا راجل مع ماما لحد ما ترجع
افترسها بنظرات عينيه العاشقة قائلاً :
-حبيبي ايه الجمال دا، يعني تحلوي وانا بعيد كدا
نظرت لثيابها ونظراته ثم جلست على الفراش
-افهم من كلامك اني كنت وحشة وانت هنا
هز رأسه بالنفي وآآه جياشة مليئة بالاشتياق
-دلوقتي بس اتمنيت اكون طائر بأجنحة علشان اوصلك واخدك في حضني لحد ماتذوبيني عشقًا مهلكتي
انزلقت دمعة رغما عنها مع ارتجافة قلبها تطالعه بحنان عيناها كحنان الام لرضيعها
-حبيبي إن شاءالله هترجعلي قريب وتعمل كل اللي عايزه المهم تاخد بالك من نفسك
سحب نفسًا طويلا حتى شعر بثقل تنفسه ينظر غارقا ببحور عيناها
-أنا بعمل دا كله علشانكم، لازم أأمن حياتكم
تململ طفله بنومه يهمس باسم والدته
انحنت تقبله تمسد على خصلاته، مما شعر بتآذر آلامه بالبعد عن تلك الجنة الصغيرة ..كانت نظراته تتجول على أناملها التي تخلل خصلات طفله ولم يستمع لحديثها معه، ذهب بخيلاته بنومه على ساقيه ومداعبة خصلاته
-جاسر روحت فين !!
كاد وجع البعد أن يضعفه فغير الحديث قائلا بمزاح:
-الواد دا ينام في اوضته ياجنى، مش مسموح لك تاخدي حد في حضنك غيري سمعتيني، وكمان البسي قدامه لبس كويس، هتنامي جنب الولا بقميص نوم، اتجننتي
ارتفعت ضحكاتها تهز رأسها بشقاوة
-جسورة حبيبي الغيور من ابنه، ابني هينام في حضن مامته ياحضرة الظابط ولو تقدر تجي مكانه معنديش مانع
-لا والله !!
غمزت بعيناها تقبل وجنة طفلها تهمس إليه !!
-حبيبي اللي شبه باباه وعايز يتاكل
جز على أسنانه يرسل بعيناه سهام لو تقتل لقتلتها قائلا
-ماشي ياجنى هتروحي مني فين!!
ارتفعت ضحكاتها يطالعها بعيونًا قاتلة لقلبه الضعيف وهو يرى دلالاها بتلك المنامة التي سلبت عقله حتى فقد اتزانه مردفا بصوت صاخب
-اقفلي يابت واتخمدي، وإياكي تنامي كدا جنب الواد ..قالها وأغلق الهاتف وهي مازالت تضحك على مظهره الذي صورته بالطفولي
ابتسم بحالمية ينظر لأمواج البحر هامسًا لنفسه
-مهلكة ياجنة حياتي، ليتني نسمة هوا لأقبل وجنتيك، وآه عاشقة من نبض قلبه وبداخله امنيات كثيرة ..رغم حالميته بها إلا شعر بألمًا يخترق روحه
مهلكة ياجنة حياتي، ليتني نسمة هوا لأقبل وجنتيك، وآه عاشقة من نبض قلبه وبداخله امنيات كثيرة ..رغم حالميته بها إلا شعر بألمًا يخترق روحه
لما استمع إليه عما حكته عن ياسين ..نقش احرفه ليهاتفه
بغرفة ياسين
أنهى صلاة قيامه يضع سجادته بمكانها ثم التفت لزوجته التي تعد حقيبتها ، تحرك إلى أن وصل خلفها، يرفع خصلاتها يضعها على جنبًا يضع ذقنه على كتفها
-هتقعدي كام يوم هناك ..رفعت عيناها من فوق أكتافها مبتسمة
-يعني اسبوع، مش عايزة ماما تزعل مني وتقولي اهملتيني في عز تعبي
طبع قبلة على وجنتيها :
-تمام حبيبتي المهم خدي بالك من نفسك ومن راسيل، وقت ماتحبي ترجعي كلميني
استدارت بجسدها تحاوط خصره
-ماتيجي معايا تقضي اليوم هناك، ماما هتفرح قوي، بدل الحمدلله اطمنا على جاسر
رفع ذراعيه يزيل خصلاتها من فوق وجهها ، محتضنا وجنتيها
-مينفعش ، مقدرش اسيب بابا وخصوصا بعد معرفتنا بوجود جاسر، وكمان الناس اللي شغالة عندنا في الحي كتيرة وبابا لوحده مش هينفع ياخد باله من كل حاجة ، غير طبعًا جنى دي اكبر مصيبة خايف تقول لماما وتهد اللي بنعمله
اومأت برأسها متفهمة ثم ضحكت بعدما تذكرت مناوشته مع جنى، أمسكت زر كنتزه تتلاعب به ثم اردفت
-قسيت على جنى ياياسين، رايح تقولها متخلنيش احجزك في المستشفى حق وحقيقي والدليل كلامك دا مش خايف تشتكي لجاسر
ضحك بصوته الرجولي يشير إليها بيديه:
-من جهة هتقول حفظها ، دي مصيبة وهتعرفه، لازم اضغط عليها ياعاليا، حياة اخويا اهم من زعل جنى، مبقناش نثق في حد فلازم ناخد احتياطتنا
احتضنت كفيه وبنبرة حزينة
-صعبان عاليا قوي طنط غزل ، مش عارفة ردة فعلها هتكون إزاي بس اللي متأكدة منه هتتصدم صدمة كبيرة ، مشفتهاش بتتعامل مع كنان ازاي ، دي بتعامله كأنه جاسر
بتر حديثهما رنين هاتفه ، ابتسم يغمز إليها
-اهو ياستي ..لكزته تشير للهاتف
-افتح اللاسبيكر علشان خاطري عايزة اسمع صوته
-نعم ياختي !!
تسمعي صوت مين، رمقها بعينيه يشير للداخل
-روحي شوفي بنتك امشي ..قالها وهو يتحرك اتجاه الشرفة
-ايه ياياسين ساعة علشان ترد
تحمحم معتذرا ثم اجابه :
-التليفون مكنش جنبي..قاطعه باستنكار على رده البارد
-بكلم راكان مابيردش ، وخايف اتصل ببابا مش ضامن تليفونه ، عايزك تجيب لي جنى بكرة الفيوم من غير ماحد يشك
استفهم باستهحان
-ليه الفيوم يعني، طيب ماتيجي انت هنا بيت عمو باسم، على الأقل بابا يشوفك هو كمان
اجابه بعيونا مليئة بالقلق
-عزيز حاسه مراقب بابا معرفش ليه، دخلت فجأة عليه وشوفت صورة بابا على تليفونه، فأنا مش عايز اغامر بحاجة ..راكان عارف بيعمل ايه وهيعرف يتصرف ومش عايز اتعب بابا ، انت حاول تخرج جنى من حي الألفي وتعمل زي ماراكان فهمك المرة اللي فاتت
تسلل القلق بداخله فتسائل بنبرة قلقة
-وعزيز يراقب بابا ليه !!
-معرفش ودا اللي بحاول اتأكد منه، انا بحاول على قد مااقدر ابعد شكهم فيا ، اعمل زي مابقولك كدا ، وخد حذرك كويس
صمت للحظات وهتف :
-ياسين عايز اكلم ماما من غير ما تحس وياريت لو تفتح كاميرا، قلبي وجعني قوي من وقت ما شفتها اخر مرة ،
-حاضر ياجاسر، بس هتعمل زي اخر مرة بجد مش هساعدك تاني، لولا وجود بابا كنت زمانك بوظت الدنيا
انبثقت دمعة حارقة لوجنتيه
-ياسين امي وحشتني ومن حقي اشوفها مش قادر اتحمل فكرة أن بيني وبينها حيطة ومشفهاش، شعور صعب قوي ياسين
-حاضر ياجاسر، كفاية علشان هعيط وكدا هنزلها هقولها كل حاجة
ابتسم يزيل دموعه قائلًا:
-أوس أخباره ايه ؟!
-مش عارف ؟! ..مش عارف قالها متعجبًا
-بجد مش عارف من وقت اختفاءك وهو من الشغل للبيت مبيقعدش معانا، وعامة مفيش حد بيقعد مع حد دلوقتي
-عايز اكلمه..استدار للخارج
-أنا نازل عنده المكتب هو بيشتغل على مشروع جديد، هتلاقيه صاحي، وكمان ماما كانت بتساعد ربى في بعض الابحاث، اه على فكرة روبي هتبقى دكتورة نسا رسمي الشهر الجاي
-حبيبة اخوها وحشتني قوي ..دلف إلى غرفة المعيشة يهمس له افتح الكاميرا
تبسم ياسين ينظر لوالدته
-الغزالة لسة صاحية ولا ايه؟!
رفعت رأسها عما تفعله تطالعه بابتسامة
-حبيبي فكرتك نمت ..تحرك إليها ثم انحنى يطبع قبلة فوق جبينها
-مجاليش نوم فقولت انزل ارخم على ربى
تهكمت ربى وهي تعمل على حاسوبها
-أيوة ظابط دمه تقيل مستنية منه ايه
ضمت غزل رأسه تضع كفيه فوق رأسه
-بس ياروبي ياسين دمه مش تقيل هو بس عصبي شوية ..ظلت تنظر إليه لبعض اللحظات ثم هتفت:
-مراتك نامت ..اتعشيت حبيبي
اومأ لها مبتسمًا ومازال يحرك هاتفه لتظهر أمام جاسر
نهضت ربى تلقي نفسها بينهما
-اااه اخيرا خلصنا يامامي، لازم انام شهر بعد كدا
ضغط جاسر على شفتيه يمنع بكاؤه وهو يراهم أمامه دون أن يحدثهم مااصعب هذا الشعور ياالله
لكزها ياسين
-ابعدي يابت هو احنا مش جوزناكي جاية ترمي نفسك علينا ليه، روحي شوفي جوزك بدل مايتجوز عليكي
-سامع حد جايب في سيرتي بالباطل
نهضت ربى تلقي نفسها پاحضان عز
-تعالى خد حقي من المفتري دا يازيزو
لف ذراعيه حول جسدها يضمها لأحضانه متحركًا حتى وصل لجلوس غزل وألقى نفسه بجواره، انحنى يقبل جبينها
-عاملة ايه الغزالة النهاردة ؟!
لمعت عيناها بنجومها تهز رأسها تبتعد بنظرها عنه حتى لا تبكي
-كويسة حبيبي ، جنى عاملة ايه ، رحت اشوفها قالولي نايمة ، مش عارف تجيب كنان معاك وحشني مشفتوش النهاردة
ارجع بجسده مغمضًا عينيه
-كنان نايم دلوقتي ، جنى كويسة الحمد لله ، حالتها اتحسنت جدا على ايد الدكتور دا، وبقت تنزل الجنينة ورجعت شغلها النهاردة مع عاليا ، احسن بتمنى ترجع تضحك تاني والله ياطنط، لأنها تعباني جدا، بس اللي وجعني أنها لسة مُصرة على وجود جاسر
ربتت على ظهره وهاتفته بنبرة تقطر ألما من ثنايا روحها
-حبيبي اعذرها اللي راح مكنش عادي، دي روحها، الله يكون في عونها ، اصعب ألم يمر على الحبيبة
غير ياسين الحديث متسائلًا
-عز أوس خلص شغله
اومأ يشير بخروج أوس من الغرفة يملس على عنقه
-أنا طالع ارتاح تصبحوا على خير
أوقفته غزل :
-حبيبي تعالى اشرب حاجة مع اخواتك
اتجه إليها يقبل جبينها
-ماليش نفس ياست الكل، عندي شغل بدري هطلع ارتاح ، ياله تصبحوا على خير
-"أوس" قالها ياسين متوقفا إليه
-بقولك عايز عربيتك بكرة علشان جنى عندها جلسة ومعرفش هترجع في نفس اليوم ولا هتبات
ارتفع حاجبه متعجبًا ثم تسائل :
-وعربيتك فين، وبعدين انا معرفش مش مرتاح للدكتور دا، عايز اعرف ايه كورس العلاج اللي يخليها اسبوع برة المستشفى وقال ايه تحسن طبيعي ، اتجه بنظره الى عز
-إنت ساكت ليه على الموضوع دا، بكرة تشوف ايه حكاية الدكتور الاهبل دا
كتم ياسين غيظه من ذكاء أوس يريد أن يلطمه على وجهه وخاصة بعد وقوف غزل
-يعني ايه جنى بتتعالج برة المشفى مش فاهمة وكمان بتاخد كنان معاها
فتح ياسين فمه للحديث ولكنه قطعهم دلوف جواد
❈-❈-❈
-قاعدين كدا ليه الساعة اتناشر ياله كل واحد يطلع اوضته
تنهد بارتياح عندما سحب عز ربى وخرج وتحرك جواد إلى غزل
-ياله حبيبي علشان ننام ..
اتجه أوس لوالده :
-بابا عايز اتكلم مع حضرتك في موضوع دكتور جنى دا
أشار إليه بيديه:
-حبيبي الدكتور دا موثوق فيه، وانا بنفسي بتابع معه متخافش ، ثم اتجه بنظره الى ياسين
ايه اللي حصل لدا كله
حمحم ياسين مستطردا:
دكتور جنى اتصل وعايز يشوفها بكرة
فهم جواد مايشيراليه
-خلاص انا هتصرف. ..حاوط جسد غزل وصعد للأعلى دون حديث آخر
رمق أوس ياسين قائلاً:
-برضو اسأل على الدكتور دا، انا مش مرتاح له ، متنساش جنى دي كانت ايه لجاسر، مش عايز تهاون في موضوعها هحاسبك ومش هرحمك..قالها وتحرك للأعلى
زاد الألم ليخرج من رماديته على هيئة حزن بنبرته قائلاً:
-خلاص ياسين انا هقفل سلام
كور ياسين قبضته بحزن بعدما شعر بأخيه وتحرك متجها إلى جواد حازم
بالحديقة كان يتحدث بهاتفه
فارس ..اعتدل مستدير يشير إليها إلى أن ينهي مكالمته ثم اتجه إليها
-نعم ياهنا..
فركت كفيها واقتربت منه قائلة:
-عايزة منك خدمة
ضيق عيناه منتظر حديثها..فقصت له ماتريده
أشار إليها بالمغادرة
-امشي يابت من هنا بدل مااضربك قلمين على وشك، ناقصني بنات متخلفة.. اقتربت تجذب كفيه قائلة: وحياتي يافارس
-وحياتي يافارس!! رددها بذهول ثم أردف:
-هو أنا قولت لك قبل كدا انك غالية عاليا..شكلك بتفهمي تركي بس ..اسمعي ياست" هنا علشان خلقي ضيق ماهو احنا ولاد صهيب كلنا مجانين بشهادة الأطباء على رأي عز
-أنا مبحبش البنت اللي ترمي نفسها على ولد..فكك مني علشان مكسرش دماغك..وياله وريني جمال خطواتك بدل مارميكي طعم للسمك ..
تحرك يهز رأسه
-البت دي مش متربية وعايزة اللي يربيها، معرفش عمو سيف كان فين
هرولت خلفه تمسك كفيه بعدما وجدت دخول سيارة جواد إلى الحديقة
حك فارس ذقنه يطالعها بنظرة خبيثة وهي تومأ رأسها منتظرة موافقته ..تحرك وهو يعانق كفيها إلى وصول جواد وابتسامتها تنير وجهها
ترجل جواد ينظر لكفيهم المتشابكين، ابتسامة ساخرة تجلت بعينيه
-دا ايه الحب اللي مالي حي الألفي دا، شايف النجوم بتتحتفل بيكم
دفعها فارس بقوة حتى أصبحت بين ذراعي جواد يشير إليه بسخط
-لو منك هروح اكتب عليها حتى عرفي، البت مجنونة بيك يااخي، وانت عامل فيها من شبرا ..ياسيدي ريحها وخليها تبعد عن دماغي ..أشار إليها غامزا
-كدا عداني العيب بدل مانعمل فيلم هندي رميتك في حضنه لو هو باقي عليكي هيضمك ويقولك متبعديش عني ويحارب القطط الموجودة في الحي أما بقى لو رماكي احفظي كرامتك يابنت عمي ودوسي على قلبك المصدي بحبه
-ياله باي وعيشوا اللحظة وعكسها..قالها وتحرك يهز رأسه متمتم
-البت دي هبلة عايزاني أمثل حبها ..غبية متعرفش سمي اللي بيمثل
بتكلم نفسك ياحبيبي..أردف بها عز
نظر إليه بتهكم يشير إلى هنا
-البركة في بنت عمك الهبلة، انا طالع انام عيلة كلها هبلة والله العظيم، قالها وهو يرى عز يحمل ربى ..اقترب منه
-نزلها ياحبيبي ، دي مش طفلة عندها عشر سنين دي اللي قدها جدة
وضعت ربى رأسها بصدر عز خجلا
رمقه عز غاضبا
-امشي يالا من هنا ..تحرك فارس وهو يطلق صفيرا ثم توقف وهتف
-خايف على ضهرك والله نفسي اعرف بتاكلوا ايه ..اكتر حاجة بتعملها العيلة دي تشيل نسوانها ..صمت للحظات يحدث نفسه:
-هوو انا بكرة هشيل مراتي كدا ..ليه أن شاءالله معندهاش رجلين، دا في المشمش اشيلها وضهري يوجعني أن شالله ماتشالت ..استدار بعدما استمع الى ضحكات جواد حازم، تهكم بينه وبين نفسه
-اهبل وعبيط ، اقسم بالله البت هنا دي قادرة وفعلا مالهاش غيرك ياغبي اهو حلة ولقيت غطاها ..
بعد عدة أيام بالفيوم
خرجت من مرحاضها تبحث عنه، دارت عيناها بالغرفة، فهي تركته غافيًا..تحركت إلى غرفة الملابس استمعت إلى حديثه مع تلك الفتاة
اشتعل قلبها بنيران الغيرة، فدفعت الباب بقوة تقترب منه بنظرات نارية تريد إحراقه بها
-بتعمل ايه؟!.
وضع كفيه على شفتيها وأكمل حديثه
-تمام حبيبتي ، إن شاءالله هرجع بعد يومين..سلام
ركلته بقوة تدفعه بجنون
-حبك بورص ياامور، هي مين دي اللي حبيبتك أن شاءالله
خطيبتي عندك اعتراض ..صمتت تجز على اسنانها حتى لا تطبق على عنقه ..لحظات كفيلة بسحب أنفاسه إلا أنها صدمته حينما قالت
-تعرف عمو جواد كان هيجوزني جواد ابن عمته..ياخسارة اهو كنت غيرت نوع البرفيوم بتاع الرجالة
صمت للحظات يهز رأسه يتلاعب بخصلاتها
-تغيري نوع البرفيوم ..اممم ، طيب ياروحي عاجبك النوع اللي هتغيره ..تحركت إلى الخزانة بعد مااصابت هدفها
-الصراحة ياجسور انا غايبة عن الوعي وقتها الريحة ملحقتش اشمها، بس ياحبيبي هتفضل تستهبل كدا ممكن اشمها عادي ..دنت بجسدها وابتسامة ساخرة بعدما وجدت تغير ملامحه
-هو انا ماقولتلكش..صمت ينتظر حديثها
-يووووه من حبي فيك بقيت انسى اسمي حتى، خايفة اقوم في يوم ماافتكرش انا متجوزة ولا أرملة ماهو انت عند الكل ..مطت شفتيها تنظر ليديه التي يضغط عليها حتى ظهرت عروقه من كثرة انفعالاته ناهيك عن لون عيناه التي تغيرت ..لم تعريها حالاته واكملت حديثها
-روح كمل اتصالك مع خطيبتك، اه متنساش تقولها تجهزلك عشا رومانسي ياامور
قالتها واستدارت تخرج ثيابها وإذ بها تصرخ وهو يرفعها بين ذراعيه متجها إلى خزانته ..انزلها بهدوء امام الخزانة وقام بدفع كل زجاجات عطوره حتى انسكبت جميعها ..كدا ريحتي وقعت على الأرض ياجنجون ممكن اغيرها لوتحبي بس لازم تتعاقبي على كلامك حتى لو هزار
اختبأت بأحضانه تدفن رأسها بصدره
-جاسر مش قصدي اللي فهمته، انا بضايقك بس ماهو انت ضايقتني، بس زعلت على اللي عملته مين قالك أن ريحتك وحشة دي اجمل ريحة في الكون كله ..رفع ذقنها يفترسها بعيناه كالحيوان المفترس وكلماتها تصم أذنيه لينحني إليها يعاقبها بطريقته العنيفة ..طريقة عاشق مجنون بغيرته الجنونية ، تناسى أن مابين ذراعيه زوجته حبيبته ملاكه ولم يتذكر سوى أن أحدهم سيمتلكها غيره
بعد فترة كانت تجلس أمام مرآة زينتها تنظر بانعكاسها لنومه الهادئ، كالذي اقتنص جائزته..ظلت نظراتها عليه ثم اتجهت تنظر إلى نفسها وعلاماته التي تركها ..لا تعلم تفرح ام تحزن بما فعله
مررت أناملها وتحجرت عيناها بنجومها المتلألئة نتيجة مافعله بها ..نهضت من مكانها بألمًا يخترق جسدها بعدما انهت زينتها واتجهت لتتمدد بجواره، رفعت كفيها على وجنتيه ودنت تدفن رأسها بعنقه تعشقه بكل حالاته، تعلم جنون غيرته ورغم ذلك طعنت قلبه بها، تعلم أنها تجاوزت بالحديث ولكن كان لعاقبها نصيب الأسد، لتفترس بين فكيه كالغزالة الضعيفة لا حول لها ولا قوة
شعر بها فجذبها بقوة ليخبئها بالكامل بأحضانه كأنه يبعدها عن عيون الجميع
-لو كنتِ عملتي اللي قولتيه ومجتيش احضني صدقيني كنت هزعلك اوي
ظلت كما هي بأحضانه تهمس له
-إنت ترياق لسمي ياجاسر
-إنتِ الروح للجسد ياحبيبة جاسر
بعد عدة ايام عاد إلى مرسى مطروح
قابلته سمارة ونيران الغضب تخرج من عيناها
-فيه عريس يختفي قبل فرحه ياغريب كدا ..يعني مش كفاية أجلت الفرح شهر ، أنا مبقتش متحملة برودك
ألقى ذاك المظروف أمامها
-شوفي دا وبعدين صرخي..ومليون مرة اقولك مبحبش الصوت العالي
فتحت الظرف وإذ بها تنصدم ، رفعت رأسها تشعر ببرودة تجتاح جسدها مرددة كالمجنونة
-ايدز..عندك ايدز !!
أغمض عيناه يضع كفيه تحت رأسه
-سمارة انا تعبان وعايز انام ممكن تخرجي ..اقتربت منه متسائلة :
-إزاي دا حصل، لا مش مصدقة، احنا نعمل تحليل في مكان تاني
-سمارة لو سمحتِ مش قادر اتكلم دلوقتي
خرجت كالمجنونة تدور حول نفسها وحملت الظرف متحركة لسيارتها
-لا ماهو أنا مستحيل اتنازل عنك
❈-❈-❈
بعد فترة عادت تجلس أمام منزلها تنظر للامام بشرود ..اقترب منها عزيز، جلس خلفها يضمها لأحضانه
-مالك حبيبتي قاعدة كدا ليه زي اللي ميت له حد
رفعت نظرها تطالعه بحزن
-غريب ياعزيز طلع مريض ايدز وكمان حالته خطرة
-إنتِ بتقولي ايه !!
ألقت الظرف بيديه
-شوف وانت تصدق، امسك الظرف يقلب فيه ثم رفع رأسه رافضا مايقرأه
-لا الموضوع دا مش لازم اسكت عليه اكيد فيه حاجة غلط ..دا من بيت مفيش غير على لسانهم دين وقيم وأخلاق ..تذكر فيروز يهز رأسه
-ممكن فيروز السبب ..ارجع خصلاته بغضب كاد أن يقتلعها من جدورها
-ودا اتأكد منه ازاي ..صمت قليلا ثم نهض
-مفيش غير سمر هي اللي تقدر تأكدلنا دا
بعد مرور ثلاث شهور بعد ظهور جاسر
نهضت تمسك أحشائها تهرول إلى الحمام تقوم بالتقئ ..جثت على الأرضية بوهن وجسدها ينتفض بقوة، دلفت غزل تبحث عنها
-"جنى"
تحاملت ناهضة وهي تتحرك بوهن
-أنا هنا طنط غزل ..استدارت تطالعها بشهقة
-حبيبتي مالك ايه اللي عامل فيكي كدا ..تراجعت على الفراش تلقي نفسها
-شكلي اخدت برد، ممكن تاخدي بالك من كنان ..قالتها وغمامة سوداء تحيطها حتى أغمضت عيناها لتذهب باغمائها، ربتت غزل على خصلاتها اعتقادا ذهابها بالنوم
باليوم التالي توقفت تنظر لذاك الاختبار بقلبًا ينتفض حتى ظهر خطين به ..ابتسامة لمعت بعيونها
-ياكرمك يارب، وضعت كفيها على احشائها
-هيكون لنا ابن تاني ياجاسر ..
ااااااه قالتها بفرحة عارمة تنتظر اتصاله على أحر من الجمر ..مرت ايام ولم يهاتفها ..دلفت عاليا إليها ذات يوم
-حبيبتي تعالي ننزل الجنينة
نظرت الى عاليا قائلة
-جاسر مكلمش ياسين ؟!
هزت رأسها بالنفي
جلست حزينة وهتفت :
-عاليا أنا حامل لازم جاسر يعرف
بتقولي ايه حامل !!
ألف مبروك ياقلبي ..طالعتها بحزن
-حامل وجوزي مش موجود ، أنتِ واخدة بالك من المصيبة
وضعت عاليا كفيها على فمها بعدما فهمت حزنها
-وبعدين!!
-ياسين أو راكان لازم يكلموه
ضمتها عاليا تربت على ظهرها
-هقول لياسين متشليش هم حبيبتي
مساء اليوم وقفت تساعده بأرتداء ملابسه وهتفت قائلة:
- ياسين كلمت جاسر
اغلق زرائر قميصه وقام بتمشيط خصلاته دون الرد عليها
فلكزته بكتفه:
-ياسين جنى حامل ..قالتها بدخول غزل بعدما وجدت باب غرفتهما مفتوح
ليسقط مابيديها توزع نظراتها بينهما بذهول
-جنى مين اللي حامل
بمنزل صهيب ..تحرك كنان بغرفة والدته وهو يعبث بأشياء والدته ، يخرج مايوجد بأدراجها..دلف صهيب خلفه يخطو بخطوات بسيطة بسبب ثقل قدمه ..
-حبيب جدو انت هنا ..ياله أخرج حبيبي..ارتفعت ضحكات الطفل وهو يحمل صورة جاسر يشير إلى صهيب
-بابا جاسر
امسك ماامسكه كنان ينظر بحزن لصورة جاسر..اتجه يجلس على الفراش يطالعها بأعين مشتاقة
"ياحبيبي يابني ..آآه ، قالها وهو يضم صورته لأحضانه يتمتم بنبرة متقطعة من بكائه
-وحشت عمك قوي ياحبيبي، كدا هان عليك صهيوبة ياجاسر، وحشني صوتك حبيبي وشقاوتك، ياحرقة قلب قلوبنا عليك ..قبل صورته ينظر إلى الأشياء التي بعثرها حفيده حتى توقفت عيناه على ذاك الاختبار ، انحنى يجذبه ينظر به ويقلبه بين يديه
-اختبار حمل ..بتاع مين دا
دلف عز ينادي على والده
-بابا فينك ..قالها ودلف للداخل بعدما استمع الى ضحكات كنان وهو يتحرك بالغرفة
-جدو ..جدو ..تحرك سريعا لوالده حينما لم يجد رده ..توقف متسمر ينظر لشحوب وجه والده الذي رفع اختبار الحمل
"ايه دا ياعز، مين اللي حامل"
قالها صهيب بدخول غزل متسائلة:
"فين جنى ياصهيب"...