رواية عشق لاذع الفصل السادس والاربعون 46 الخاتمه(3) بقلم سيلا وليد

       

رواية عشق لاذع

الفصل السادس والاربعون 46 الخاتمه(3)

بقلم سيلا وليد 

آخر فصول الحكاية ستنتهي ..


في انتظار المشهد الختامي لرواية كنا نحن أبطالها لسنين عِجاف...


فلن يكون العمر كله سنين عجاف ،حتما سنغاث بما نتمنى ...وستزهر ايامنا بألف ألف زهرة..


ف أنتﻗﺼﺔ ﺣﺐ ﺑﺪﺃﺗﻬﺎ ﺩﻭﻥ إرﺍﺩﺓ و ﻟﻢ ﻳﻌﺪ لديَّ اﺳﺘﻌﺪﺍﺩ لإنهائها ﺇﻻ‌ ﺑـ  انتهاء ﺃﻧﻔﺎﺳﻲ


فيكفيني من هذا العمر أني حظيت بك يا أحن أرزاقي...


فتعالي...


كي تنجب السماء ألف لقاء..


ومع كل لقاء أحبك أكثر..


تعالي..


ل أتلو من عينيك القصائد شغفاً..


تعالي وتنفسي...


وارسلي مع زفيرك عطراً..


وتكلمي ف كل كلمات شفاهك شعر


وارقصي لتزيديني من غرامك سحرا..


واغمريني وليكن عناقك لي جمراً..


ف لماذا أنتِ ...


يذوبُ العمر بين يديك  


و تهربُ الكلمات .. ؟؟ 


تستحي اللحظاتُ منكِ


و تخجلُ النظرات ..؟؟


لماذا في حضورك ...


تفلتُ الأفكارُ مني  


وتختلط الضحكاتُ بـ العَبَرات ..؟؟ 


لماذا لـ أجلكِ انتِ ...


أقنعُ نفسي بـ أنكِ فرضٌ 


و شَوقِي لكِ صلاة..


فما إن يبدأ عطرك يلف المكان …


حتى أدرك أن موعد الغرام قد حان .. فأرتدي الليل 


وأُسدل الستار على الكلام


  لأدع الأشواق 


تتحدث بما خفى منها وما بان..


أخبروووها...


أنني أدمنت عطرها العالق بين حروفي..


وسأنثر على دروب العشاق بذور أشواقي..


فإن كان حبي لك ابتلاء 


فإني أعلنت عليك العشق هذا المساء


وحاصرتك بـ جنود شوقي بـ كل دهاء 


فـ لن تعفيك مني أي محكمة أو قضاء ولا حتى (كاتبة الرواية)


#جاسر_الألفي


بعد فترة بمكتب عز 


-جوان هتروحي على العنوان دا الساعة تمانية ومش هأكد عليكي هيكون ناس مهمة ، حفلة بسيطة ولازم تيم المشروع يكون موجود هناك


أومأت متفهمة :


-تحت أمرك ياباشمهندس ..اي أوامر تانية!! 


-لا شكرا، فيكي تمشي دلوقتي علشان تجهزي نفسك 


استدارت الا أنه صوته أوقفها 


-خدي الفاينل دا عديه على سكرتيرة فارس وأكدي عليها تسلمه له لازم يمضي عليه 


-تمام حضرتك ...قالتها وتحركت للخارج ..تقابلت مع بيجاد بالخارج 


-ازيك ياجوان 


-اهلا بحضرتك..أشار على مكتب عز متسائلًا 


-عز جوا..!!


اومأت له ثم أشارت إليه بالدخول 


بالداخل رفع هاتفه 


-كل حاجة زي ماطلبت، عارف لو متظبطش المرة دي والله هسيبك تشرب من البحر ياغبي ..قاطعه دلوف بيجاد ، اغلق الهاتف سريعا مرددا 


-بيجاد خير!!


هز رأسه بأسى متمتم 


-مش خير ابدا ابدا، لازم نروح لجاسر دلوقتي 


توقف متسائًلا:.


فيه ايه يابيجاد ..جلس على المقعد وابتلع غصة مريرة بجوفه قائلا بحزن 


-عمو جواد بيموت ياعز 


هب فزعًا من مكانه واطبق على تلابيبه


-إنت اتجننت يلا ولا ايه، عمو جواد لسة مكلمني وكان عند جاسر علشان ينقل فرشه الجديد


هز رأسه وكتم الدمع الذي انفرط رغما عنه 


-دا اللي بيحاول يفهمه لنا، بس هو تعبان قوي، لسة عارف من جواد حازم 


تراجع عز للخلف وكأنه أصيب بجلطة قلبية ينظر إليه بتألم 


-يعني ايه ؟!


Atherosclerosis


-عمو جواد مريض شريان تاجي، 


-مالوش علاج ولا ايه ..مسح على وجهه بعنف


-كان مخبي علينا،ضحك عليا بشوية تحاليل مزورة ، وانا كنت مفكرة مريض قلب عادي زي أي حد، 


-ايه اللي عرف جواد ؟!


عرف بعد موضوع موت جاسر 


جمع عز اشيائه وتحرك 


-لازم اعرف كل حاجة ، احنا مبقناش صغيرين علشان يخبوا علينا 


عند جوان 


اتجهت إلى السكرتاريه 


-الورق دا سلميه للباشمهندس، وخليه شيك عليه ..خرج من مكتبه يتحدث بالهاتف 


-خلاص تمام ، هنأجله اسبوع علشان عندنا فرح بعد يومين ...قالها وأغلق الهاتف متجها إلى السكرتيرة


-بلغي التيم اجتماع الليل اتلغى، وابعتي الفاكس دا لشركة التانية 


اتجه بانظارة المتوقفة بصمت 


-عايزك في المكتب أستاذة جوان 


دلفت خلفه وتوقفت تردد بعملية:


سلمت الملف للأستاذة سما، وهي هتبعته لحضرتك، الباشمهندس عز ..توقفت عن الحديث عندما اقترب منها 


-واخرة عمايلك دي ايه 


-مش فاهمة حضرتك يافندم


قبض على ذراعها بقوة آلامتها 


-بلاش تستهبلي عليا، اسبوعين ومش عارف اوصلك، ورجعتي بشروطك ..عايزة توصلي لأيه 


اوصل لايه !!..اردفت بها بتهكم وطالعته بجسد ينتفض كعصفور مبتل يرقص من شدة صعقه ..وهدرت معنفة إياه 


-أنا مش عايزة اوصل لحاجة ، انا هنا علشان شغلي وبس، ولو حاولت تقرب مني هتشوف مني وش ميعجبش حضرة المهندس ..قالتها واستدارت قبل ضعف عيناها أمامه 


-استني عندك ..هتف بها بقوة ، اطبقت على جفنيها تضغط على فستانها على الأ تبكي أمامه..اقترب منها وغضب محمود ينبثق بعيناه 


-لما اكلمك اوعي تسبيني وتمشي سمعتي 


استدارت تحدجه شزرا وهدرت بصوت مرتفع


-بس حضرتك سبتني قبل كدا ومشيت، سبتي لشوية حيوانات تنهش فيا ..قبلها بساعات هنا في المكان دا حضرتك كنت بتفرش لي الأرض ورد، بس اكتشفت بعد كدا وردك كله صبار بشوك، وميشرفنيش اشتريه أو ادوس عليه حتى..دنت خطوة ونظرات كالطلقات النارية 


-متنساش نفسك ياباشمهندس واحفظ الألقاب كويس، انا هنا شغالة عند جناب حضرتك ، دا اللي مخليني واقفة اتكلم مع حضرتك في مكتب ومقفول بابه علينا، معلش بقى مبقاش فيه ثقة تآمن لحد..رفعت رأسها مقتربة منه 


-طلعت كلام بس يافارس باشا، طلعتني سابع سما ونزلتني سابع أرض


تراجعت بجسدها وتحدثت :


-اتمنى تتعامل معايا في نطاق الشغل وبس، انا من يوميها رميتك ومبقتش تفرق معايا


مازال متوقفا أمامها، ونظراته الغاضبة تخترقها، لقد نجحت في استفزازه، حتى برزت عضلاته يضغط بقوة على قبضة يديه ، ليقترب منها يجذبها بعنف 


-هنتحاسب على الكلام دا 


دفعته بعيدا بحركة قاسية مليئة بالنفور متراجعة للخلف ،وارتسم الألم بعيناها، التي يتطاير منها الشرر


-بكرهك وبكره اليوم اللي ربطني بيك، انت مطلعتش راجل في نظري، رسمت دور الرجولة بحرافية، لحد ماالهبلة وقعت فيك، بس متخفش الهبلة مش ضعيفة ولا غبية علشان توقع في راجل لا يمس للرجولة بصفة


أحس بقبضة تعتصر فؤاده، ووقف مشدوها يتمزق بين قلة حيلته وثباته الذي وصل إلى شفا حفرة من الانهيار، مرددا بداخله 


ياالله ماهذا الذي أحرق روحه، لقد ألقته بسهم مسموم لينزف بقوة فتراجع بتخبط وعجز عن حديثها القاسي بعدما قللت من رجولته اين كرامته الان ، اين قلبه الذي دعست عليه دون رحمة ..تحرك متراجعًا إلى مكتبه واردف بأنين يعتصر ماتبقى من روحه المعذبة من كلماتها 


-فيكي تمشي وتبعتيلي سما ..قالها وهو يتجه لجهازه المحمول يفتحه دون النظر إليها 


ابتلعت ريقها بصعوبة، واختلج صدرها بمشاعر متناقضة، بين الحب والكرة، بين الغضب والحنية، بين الخوف منه والأمان بقربه..ظلت للحظات متوقفة وعيناها على جسده وهو جالسًا يتابع عمله وكأن شيئا لم يكن 


استدارت تفتح الباب بعدما خانتها عبراتها وتحركت سريعًا للخارج ، تؤنب نفسها على ماالقته عليه من التهم الشنعاء، هوت على مكتبها تبكي بشهقات مما جعلها تدفن وجهها بين راحتيها 


بمكتبه احتضنن رأسه يضغط عليها بعدما خرجت ، لا يعلم كيف عليه الرد، هناك حرب داخلية طاحنة بين قلبه وعقله، ايهما يكسبه معركة العشق اللاذعة، ام عقله لدفاعه عن كرامته الرجولية..فتح الشاشة ليراقب وجودها بمكتبها، وجدها تبكي وتحتضن نفسها  كأنها نادمة على ماتفوهت به..لقد آلامه قلبه على شهقاتها التي اخترقت روحه ، ود لو وصل إليها وضمها لأحضانه ولكن كيف بعدما طعنته بأعز مالديه 


ظل لدقائق يتابعها بقلبه قبل عينيه حتى دلفت إليها سما السكرتيرة التي توضطدت علاقتهم كثيرا بالفترة الأخيرة ..أسرعت إليها تضع الورق على المكتب 


-جوان مالك فيه ايه بتعيطي كدا ليه 


ارتفعت شهقاتها أكثر من اللازم ، لتدفن نفسها بأحضان سما تتمتم بعيون حزينة وقلب مفتت :


-زعلته قوي ياسما، دوست عليه ، والله غصب عني قلبي محروق منه، وفي نفس الوقت مش قادرة ابعد عنه 


بكت وبكت تهزي كالمعتوهة التي فقدت اتزان عقلها


-ليه يعمل فيا كدا !!


-حبيبتي قصدك على مين 


هوت على المقعد تنظر حولها بضياع 


-كان لازم افهم هو فين وأنا فين، أنا غبية أني صدقته 


-قصدك مين ياجوان، قصدك مستر فارس ..اومأت برأسها وانسابت عبراتها بغزارة 


-أنا بحبه بس هو وجعني قوي، وجعني ومش قادرة اسامحه، طلع بيتسلى بيا  


ربتت على ظهرها وناولتها كوب المياه 


-اهدي حبيبتي ، وفهميني ايه اللي حصل ، لو قصدك على مستر فارس هو محترم جدا ولسة عند كلامي، مش من النوع اللي ممكن يتسلى ابدا 


احتضنت وجهها تزيل عبراتها 


-بطلي عياط دلوقتي ، نخلص شغلنا وبعد الشغل نخرج مع بعض وتحكيلي الحكاية من اولها ، انا كنت شاكة أن فيه مشاعر بينكم ، بس مش زعلانة منك ومقدرة دا 


ضغط على الكوب الذي بيديه حتى تهشم ولم يشعر بكم الزجاج الذي أصاب كفيه ..لحظات كسنوات عجاف وهو يتابعها بعينين داميتين بقهر الألم الذي ينخر بداخله من حديثها 


بمنزل جاسر جلس يحمل حفيدته 


حبيبة جدو أكلك منين


حاولت غزل أخذها إلا أنه رفض، فهتفت بتذمر :


-براحة على البنت ياجواد..دقق النظر إليها :


-عارفة ايه اللي يخليني احبك يابت ياجنى ، حتى اكتر من ابني الحلوف


-ايه ياحج جواد لاحظ أنا قاعد، ايه الكلام دا، بتعاكس في مراتي بوجودي ..مرر أنامله الخشنة على وجهها الناعم وعيناه تحاوط الصغيرة


-بس يالا..اتجه بنظره الى جنى التي تجلس بأحضان جاسر وهتف:


-ولادك نسخة تانية من غزل 


-لا والله...أردف بها جاسر غامز إلى جنى ، ثم أشار إلى نفسه:


-لاحظ الولاد شبهي مش شبه مراتك ...بترموا بلاويكو علينا


-اسمها مراتي ياحلوف ..قالها وهو يلقيه بالتفاحة..قهقهت غزل وغنى عليهما 


رفع البنت وضمها إلى صدره ثم لاحت ابتسامة على وجهه 


خسارة فيك ياحلوف ..شكرا ياجنجون جبتيلي غزل تانية


-يادي النيلة مصر برضو على أنها شبه امي ، والله البنت شبهي، 


لكز جنى هاتفا


-ماتقولي يابت انك بتحبيني وجبتي العيال شبهي اقنعي الحج جواد ..


ابتسمت جنى متجهة بأنظارها الى جواد 


-كان نفسي حد من الولاد يكون شبه عمو جواد ، بس متخفش اكيد حضرتك هتخليهم شبهك وشبه بابا في تربيتهم 


جحظت عيناه 


-إنتِ بتقولي ايه يابت، فكرتك هتحبي فيا قدامهم ،جاية تحبي في ابويا


شاكسته غنى 


-شوفت ياجسورة، بتعمل علينا نمرة..


-نعم نمرة ايه دي إن شاءالله.. توقف يجذب ابنته من والده


-هات بنتي ياحج ، وخد مراتك وبناتك وروحوا..قهقه جواد يضم الطفلة 


- بس يالا ، هتسكت ولا احنا اللي ننطردك ، استنشق رائحة الطفلة يضمها بقوة  قائلاً 


-كأن شبابي رجع تاني ببنتك ياجاسر، لو ليا عمر محدش هيربيها غيري..وانت مبروك عليك جنى بتاعتك 


قبل كتف والده مردفًا: 


-ربنا يديلك طولة العمر ياحج جواد ..وتربيها وتجوزها كمان 


رفع عيناه لزوجته ثم مسد بكفه على وجهه 


-البنت نسخة تانية منك يازوزو، كأنها أنتِ اول ماشلتك 


اقتربت تضع رأسها بأحضانه وهو تضم حفيدتها 


-ربنا يخليك وتربيها ياجواد زي ماربيت جدتها وبناتها 


-أنا غيرانة على فكرة ..قالتها ربى التي توقفت تتحرك بألمًا


- ومن غيرتي حاسة هولد ، ايه نسيتوا انا كمان هجيب بنت، ولا علشان جاسر يبقى ماليش دلع 


ضمتها غنى واردفت


-إنتِ بتقولي فيها، طيب ماتيا بنت ، وكمان راسيل، ليه بقى ماسكين في بنت حضرة الظابط 


-إنتِ هبلة يابت منك ليها ، دي بنت جاسر وجنى، يعني مالهاش مثيل، روحي العبي ياماما بعيد عننا انت وبنتك، قال ايه بنتها زي بنت جاسر دول مجانين..نظر الى ابنته يشاكس والده 


-دي برنسس عيلة الألفي ولا ليك اعتراض ياحج 


نظر إلى غزل قائلا


-الواد دا عايز احرمه من بنته ومراته ايه رأيك، وعارفة لو اتكلمتي هقعدك معاه


ضم جنى يقهقه على والده ثم هتف


-البنت خدها مش هقولك لا، لكن جنجون ...الله في سماي مايحصل 


ظلوا لبعض الوقت ومازالت ضحكاتهم ترنو بالمكان إلى أن توقفت جنى تحمل ابنتها 


-يعني البنت كويسة دلوقتي ياطنط غزل ..نهضت غزل تنظر إليها بأحضان والدتها


-البنت زي الفل ياقلبي، المهم لازم تهتمي بصحتك متنسيش انك لسة تعبانة..والبنت عايزة رضاعة ياجنى، مش هوصيكي مهما تكوني تعبانة لازم ترضعيها طبيعي زيها زي كنان...اتجهت بنظرها إلى غنى واستطردت:


-كفاية قصي ياحبيبي الواد دا اتظلم 


-خلاص ياغزل مش كل شوية توجعي البنت، غنون كان غصب عنها 


جلست بأحضان والدها 


-حبيبي يابابي قول لماما كدا، معرفش بتحملني موضوع قصي 


ضمت جنى ابنتها بلهفة 


-متخافيش ياطنط مش هفارقها ابدًا


قبلتها على جبينها وتابعت حديثها وهي تنظر إلى جواد:


-كنت حاسة هموت لو حصلها حاجة ، اسبوعين وهي بعيدة عن حضني 


نهضت غنى تحملها عنها 


-تعالي ياجنى ارتاحي، البنت كويسة، ياله حبيبتي..


اتجهت بنظرها إلى جاسر 


-خلينا نرجع معاهم حي الألفي بقى، كفاية عايزة ولادي يتربوا وسط العيلة ، مش عايزة ابعدهم عن ولاد عمهم، نربيهم زي ماتربينا ..انتظر جواد حديث ابنه ، هو لم يضغط عليه وتركه ليعود بنفسه، رغم بنائه لمنازل أولاده الا أنه ترك لهم حرية الاختيار..نهض جاسر وضمها تحت ذراعيه :


-حبيبي بيفرشوا الاثاث، لسة البيت مكملش إن شاءالله يومين كدا ونروح 


هدأ قلب جواد وحمد ربه على نعمه ولمة أولاده وأحفاده بجواره..أغمض عيناه وتراجع بجسده مرددا بنفسه


-الحمد لله.. الحمد لله..ظل يرددها بنفس راضية ، وابتسامة من قلب الامه يحدث نفسه 


-لو مُت دلوقتي هكون راضي على اللي عملته ..فتح عيناه عندما ملست غزل على خصلاته الممزوجة باللون الأبيض 


-جواد عايز تنام ولا إيه 


رفع ذراعه وجذبها تحت حنان كنفه طابعًا قبلة أعلى رأسها يشير بعينيه لأولاده 


-شوفي فرحة الولاد ببعضهم ياغزل، اتأملي كدا البنات وحبهم لاخوهم ، لسة اللوحة هتكمل لما أوس وياسين يرجعوا على هنا..أنا اصريت أننا كلنا نتجمع هنا النهاردة علشان من هنا هنودع كل الوجع اللي مرينا بيه، عايز ابنك يخرج من البيت دا وهو بيشمعه بالشمع الأحمر ويؤكد لنفسه أنه مالوش غير حضن اخواته وبيت ابوه، مهما يطير لازم يرجع لسربه ياغزل 


احتضنت وجهه وطبعت قبلة على جبينه


-جوادي وابويا واخويا وحبيب عمري ربنا يباركلي فيك ياحبيبي يارب 


ابتسامة بعيون لامعة بعشق أيامه لطفلة قلبه الغالية


-إنتِ بنت قلبي ياغزل، بنتي اللي عرفت طعم السعادة على ايديها ومهما تديني الدنيا من كرم مش هيكون افضل من كرم ربنا بهديته بيكِ


أشار على ابنة جاسر الذي ضمها والدها لأحضانه 


-ركزي مع لين كويس البنت نسخة مصغرة منك، والله كأنها غزل، كأن والدك كان هنا وحطتك بين ايدي ..قالها وهو يبسط يديه 


-بأيدي شيلتك وبأيدي ضميتك لقلبي يابنت قلبي 


حاوطت جسده ودفنت رأسها بأحضانه


-أنا بحبك قوي ياجواد ، اوعى تفكر أن ولادك يعوضوني حنانك، يارب مايحرمني منك ياحبيب عمري 


وصل إليهم جاسر قاطبا جبينه


-انتوا بتحبوا في بعض قدامنا، ايه ياحج جواد ، مش كبرت على كدا 


لكزته غزل ضاحكة 


-بس يلا ، مفكر نفسك انت بس اللي بتعرف تحب


رفع حاجبه ساخرا:


-تنكري ياست الكل، ثم اتجه بنظره لوالده 


-ماتقولها حاجة ياحج، عرفها اني استاذ ورئيس قسم


تهكم جواد يشير إلى جنى المتوقفة بجوار غنى وربى على بعد مسافة 


-عارف البنت دي خسارة فيك حبها، اه والله دي شافت منك الغلب يااستاذ ورئيس قسم 


جنى..هتف بها جاسر فاستدارت مبتسمة ، أشار إليها ، خطت إليه وهي تضم ابنتها ..نظر لوالده 


-بابا بيقول انا مستهلش حبك، صحيح ياجنون..قاطعتهم غنى وهي تتناول البنت 


-هاتيها ياجنجون وردي على أسئلة جوزك العبقرية


كانت تراقب ابنتها بلهفة فغمز جواد إلى غزل 


-حبيبتي البنت كويسة، سبيها مع عمتها شوية، متخافيش عليها 


ادار جاسر وجهها إليه:


-أنا بسالك في سؤال مهم وحضرتك هتموتي على بنتك 


اتجهت بنظرها إلى عمها وحاولت تداري قلقها


-طبعا جاسر امير أساطيري ياعمو، حضرتك لسة بتسأل يستاهل ولا لا 


جذبها من خصرها بقوة حتى تألمت تصرخ ..ركله جواد بقدمه 


-براحة ياحلوف البنت بطنها مفتوحة، عرفنا انك حلوف غباء في الحب 


ضمها بحنان معتذرًا 


-آسف حبيبي ، بابا خرجني عن شعوري 


فين البنت قالتها تبحث بعينها عن غنى 


أشارت لها غزل بالصعود 


تحركت وصعدت إلى غرفتها  بقلق  بينما اتجه جاسر إلى والدته متسائلا


-ماما لين كويسة صح !!


-والله ياحبيبي البنت كويسة،يعني هخرجها من الحضانة تعبانة، اطلع ورا مراتك خدها في حضنك وحسسها كل حاجة كويسة، البنت مش عجباني خالص ..


-خلي منيرة تعملها أكل ..تحركت غزل للمطبخ 


-أنا هجهز الغدا علشان كلنا هنتغدى هنا ونبات مش كدا ياجواد ..أومأ دون حديث عندما شعر بوخزة بصدره 


جلس جاسر بجواره 


-بابا حضرتك مخبي عني حاجة...أشار إليه للجلوس بجواره ..نهض وجلس بجوار والده 


ظل جواد يطالعه لفترة دون حديث، حتى شعر جاسر بأنين يشق صدره فاقترب منه يرفع كفيه 


-فيه ايه يابابا، ليه بتبصلي كدا 


سحب بصره ينظر للبعيد 


-عايز منك وعد ياحبيبي..قطب جاسر جبينه وتلعثم بالحديث حتى شعر بغصة تمنع حديثه، فاقترب حتى التصق بجسد والده 


-وع..د قالها بتلعثم ، يضع كفيه على كتف والده حتى يستدير والده إليه 


أدار وجهه وتعمق بعيناه: 


-أنا بعفي نفسي النهاردة من كل مسؤلياتي يابن جواد، عايز اشوف ابني البكري هيتعامل ازاي مع إخواته 


ضيق عيناه يناظر والده :


-تقصد ايه ..استدار بكامل جسده 


-إنت الكبير ولازم تكون مع اخواتك سندهم ، اللي عنده مشكلة تحلها ، عارف انهم مش صغار، بس مهما يكون سنهم  بيجي الوقت الواحد بيحتاج لسند يابني 


طالعه بأعين تنبثق بالأسئلة 


-ايه يلا ، بتبصلي كدا ليه، ايه لما اطلب منك تكون كبير العيلة غريبة 


مشاعر متقلبة يشعر بها، هل والده يعاني من شيئا، استعمل ذكائه واضعا رأسه على كتف والده 


-ماليش أنا في كبير العيلة دا، ربنا مايحرمني منك وتقعد تدلع فيا ، اه بحب دلعك ياابو الجود 


حاوط كتفه يربت على كتفه 


-حبيبي مش هفضل عايش لكم طول العمر،


-لا بلاش ماليش دعوة، انا عايزك تفضل تدلعنا وندلع عليك..كبير ايه ياحج 


ربت جواد على كتفه 


-عايزك تقوى، وسيبك من الهزار، انا حافظك اكتر من نفسك يابن جواد، ولو عايز حنان تعالى بات في حضني ياحبيبي معنديش مشكلة 


رفع رأسه وأطلق ضحكة صاخبة


-قفشتني..لكزه جواد مشاكسًا


-إنت ناسي مين اللي قاعد جنبك يابغل، انا جواد الألفي يلا، فوق كدا وانت بتكلمني 


حك رأسه متمتما 


-يعني انا غبي صح ..لطمه على وجهه بخفة ..


-مقولتش كدا يابن غزل، انا قصدي انك تفوق شوية ومتحورش على ابوك، لو فيا حاجة كنت قولتلك 


زم شفتيه يهز رأسه 


-يعني مش هطلع بحاجة 


-هو فيه حاجة علشان تطلع بيها ..بتر حديثهم وصول أوس ملقيا السلام ثم هوى بجوار والده ..اتجه بنظره إليه


-مالك حبيبي..رجع بجسده مطبق العينين


-ارهاق ياسيادة اللوا، بنحاول نقفل الشهر قبل إجازة فرح جواد 


-ربنا يوفقك ويعينك، استدار إلى جاسر


-شوف يوم وتابع الشغل مع اخوك، مينفعش الحمل كله عليه 


اعتدل أوس يهز رأسه مستطردًا:


-لا ياحبيبي انا كويس، كفاية شغله، وسفرياته، وطبعا اليوم اللي هيقعد فيه مينفعش اخده من بيته وعياله


أشار جواد إلى أوس 


-شوف بيقول ايه مش زيك يابغل 


قهقه جاسر يلطم كفيه ببعضهما 


-هو انا اتكلمت، امال بجسده يهمس بصوت خافت


-قولي حضرتك غيران مني ولا ايه 


ركله بقدمه، حتى رفع ساقه يصرخ 


-ضيعت عليا الماتش ربنا يسامحك 


شاكسه أوس 


-أيوة دي حجة بقى علشان تقول رجلي ..فوق يابابا، فيه ماتش ولازم كلنا نشارك فيه 


طالعهم جواد متسائلا 


-ماتش ايه ..توقف جاسر يشير إلى أوس 


-دا الباشهمندس يحكيهالك ياحج ، انا طالع ارتاح شوية منمتش امبارح 


اومأ له متفهما ..بينما اتجه جواد بنظره الى أوس


-قوم ارتاح شوية قبل الغدا، ثم تسائل


فين ياسين مرجعش من برة 


نهض من مكانه قائلًا:


-كلمني من ساعة كان عايز يغير عربيته ، أومأ جواد متفهما ثم أشار إليه 


-طيب ارتاح شوية ، خدلك شاور قبل ما تنام ماترحش ترمي نفسك على السرير بجذمتك كالعادة 


-ليه ياسمينا مش فوق 


توقف جواد لمقابلته


-خرجت مع عاليا، قالوا رايحين يشتروا شوية حاجات لبنت اخوك، هي كانت هتكلمك بس انا ادتلها الاذن ايه عندك اعتراض 


انحنى يقبل كتفه ثم ربت عليه


-ابدا حبيبي انا استغربت بس، هطلع ارتاح ..توقف متسائلا :


-"مسك" معاها ولا ايه ..تحرك جواد متجها للحديقة 


-مع الناني في الجاردن ، ياله اطلع وأنا هشوفهم والعب معاهم شوية 


بشركة الألفي 


كانت منصبة على جهازها تدون بعض الأشياء المهمة، بعدما هدئت، وبدأت تستعيد حيويتها مرة اخرى ..جذب المقعد وجلس بجوارها 


-خدي الورق دا سجليه عندك، وابعتي منه نسخة للاستاذ معتز، واعملي جدولة 


اتجهت إليه تسحب الورق دون أن تنظر إليه قائلة:


-أنا خلصت النسخة دي، وبعتها الايميل لحضرتك، وكمان بعت نسخة للاستاذة نادين بناء على طلب الباشمهندس عز 


توقف يومئ برأسه ثم استدار ليتحرك ولكنها أوقفته


-باشمهندس ..أطبق على جفنيه عندما تسلل صوتها الهادئ لاعماق قلبه استدار بهدوء وجدها تفتح درج مكتبها ثم أخرجت ذاك الصندوق 


-آسفة مبقاش له لازمة ، اتفضل ..اومأ دون حديث فجذبه منها بوصول نادين مبتسمة: 


-اتأخرت عليك ..قالتها وهي تنظر إلى جوان التي رمقتها بهدوء ثم استدارت تتابع عملها 


تحرك فارس بجوارها 


-لا ابدا، توقفت تنظر إلى الصندوق 


-ايه دا ..قلبه بيديه حتى سقط من بين كفيه ..فانحنت :


-تسمحلي قالتها بعدما سقط الصندوق ليتساقط من بين يديها لتنكسر تلك اللعبة التي عبارة عن عروسين يتراقصان بنغمات موسيقية ، جلبها بناء على طلبها عندما كانوا يتجولون على كورنيش النيل 


استدارت تطالعهما بعدما استمعت لسقوط الصندوق وحديث نادين ..ظل للحظات يتابع الزجاج المتناثر من تلك الهدية بصمت..انحنت نادين تلملم بعض القطع الزجاجية الا أنه أوقفها 


-مفيش داعي ..سبيها حد هيجي ينضفها، ياله علشان نتأخر 


استدار برأسه إلى جوان 


-كلمي عامل النظافة يجي يلم القزاز دا ..امال على الصندوق وتناوله ثم فتح صندوق القمامة الذي يجاور مكتبها وألقاه بها وغادر دون حديث 


شعرت بانتهاك ملكيتها عندما تحرك مع نادين وضغط بحذائه على هديته لها، نهضت بقلب يقطر ألمًا على ما فعله بها، حاولت أن تتناسى مشاعرها فيكفي ماشعرت به من قربه وخذلانه لها كيف تنسى تلك الاتهامات الشنعاء، كيف تنسى نظراته المشمئزة لها، كيف تناسى حبها بعدما وهبته قلبًا طاهرًا نقيا، انحنت تجمع تلك القطع الزجاجية وانهمرت عبراتها على ذكريات انكسرت ولم يتبقى منها سوى ذكريات مؤلمة..شهقت عندما تسللت قطعة زجاج إلى أصبعها، اخرجتها ببكاء ومازالت تجمع قطع الزجاج المنكسرة كقلبها آلان 


شعرت بأحدهم يجلس بمقابلتها يحتضن كفيها ويضع محرمة ورقية عليه ثم ساعدها بالوقوف، ارتفع صوت بكاؤها ليضمها لأحضانه 


-خلاص بطلي عياط ، بكت بشهقات لا تريد الابتعاد عنه، أحبته بصدق ودعس على قلبها دون رحمة  


-اهدي خلاص مفيش حاجة ، قالها وهو يعطيها محرمة أخرى مبتعدا عنها 


-حافظي على جرحك ، واسف على انك قابلتي واحد معدوم الرجولة 


حركت رأسها مع انسياب عبراتها، لقد آلامها قلبها على نبرة الشجن بصوته، وكأن هناك من طعن صدرها بسكين بارد عندما أشار إلى العامل الذي وصل


-ارمي الحاجات  دي في الزبالة، وابعتلي الاستاذ عمر خليه ..قاطعهم وصول عمرو 


-افندم حضرتك طلبتني 


-انقل مكتب أستاذة جوان في الدور الخاص بأوس، وشوفلي حد مكانها لحد مانعمل اعلان..استدار يرمقها وتابع حديثه


-عايز شاب، مش عايز بنات هنا تاني، الدور دا مفهوش رجالة ، فيه أشباه رجال


طالعه بجبين مقتطب 


-حضرتك عايز المسؤل مكان سما ولا جوان 


-نزل الاتنين ، مش عايز بنات خالص، 


اومأ متفهما فتحدث


-حاضر يافندم، اديني ساعتين تلاتة أشوف حد جدير بالوظيفة 


رفع عمرو نظره إلى جوان 


-لمي حاجاتك ياجوان ، وبعد الإجازة استلمي الشغل تحت 


كانت نظراتها تحاوط وقوفه وهو يجيب على هاتفه الذي ارتفع بالأجواء


تحركت إلى وقوفه وانتظرت إنهاء مكالمته ..استدار للمغادرة توقفت أمامه بدموعها 


-مش قادرة يافارس، مش قادرة انسى اللي عملته ..أحس بالدوار يلف برأسه فاقترب منها  


- عارف غلطت وأنا آسف ياجوان، آسف اني مكنتش راجل معاكي، ومصدقكيش ..رفع ذقنها يتعمق بعيناها 


-ميرضنيش انك ترتبطي بواحد مش راجل 


-آسفة ..مكنش قصدي، والله ماكان قصدي، قلبي موجوع منك 


سحبها لحضنه بعدما فقد السيطرة على قلبه المتحكم 


-بطلي عياط ، قلبي بيوجعني، عارفة انك راجل ، وراجل قوي كمان، واكتر حاجة عجبتني فيك رجولتك متزعلش مني 


أغمض عيناه وآهة طويلة كانت أبلغ رد في تلك اللحظة ، ضغط من احتضانها متناسيا قربهما ، كل مايشعر به أن روحه تعانق روحها فهمس ببحته الرجولية


-مش زعلان منك، زعلان من قلبي اللي غفرلك 


..ارتجف جسدها 


فتراجعت بعدما وجدت وضعهما الغير لائق ..وظلت تطالعه لبعض الوقت 


-عايز مني ايه؟!


-عايز نكمل حياتنا مع بعض ..احتضن وجهها وانحنى بجسده يتعمق بعينها


-عارف اني غلطت


ابتعدت هاتفة:


-برضو بتقرب مني، اومال لو متعرفش حدود ربنا..دنى منها أكثر:


-شاوري بس وريحي قلبي وأنا احرق الحدود اللي بينا دي، طفي نار قلبي ياجوان 


تراجعت على مكتبها قائلة 


-سبني كام يوم لحد مااهدى وأنسى يافارس ..اقترب منها حتى حجزها بالجدار خلفها 


-النهاردة بالليل هاجي أنا وعمي وبابا، نطلبك وبكرة مع حنة ابن عمتي هيكون كتب كتابنا، عرفي والدتك بكدا، ولو تقنعيها بالفرح يكون أحسن ، فتحت فمها للأعتراض ..وضع إبهامه على فمها 


-لو سمعت اي اعتراض هتندمي ومش أي ندم، وانا مجنون وأعملها، روحي اسألي عن ولاد صهيب الألفي ، شعارهم ايه في العيلة ..دنى يهمس بجوار أذنها 


-شعار جنون الحب، مجانين بالحب، وأنا دكتور ورئيس قسم والبركة فيكي، تراجع يشير إلى أناملها 


-متلعبيش في القزاز تاني، اتكسرت وأخدت الامنا معاها، علشان بعد كدا تحافظي على أي حاجة فارس يدهالك 


تراجع مستديرا فوجد نادين تقف مكتفة ذراعيها مع بعض الموظفين


وزع نظراته بينهما يتسائل


-واقفين كدا ليه ..اقتربت منه نادين 


-حضرتك اتأخرت فجيت اسأل عليك لقيتك مشغول مع الأستاذة 


جذب رسغ جوان حتى توقفت بجواره ثم اتجه بنظره للجميع وهو يحاوط خسرها 


-جوان بتكون خطيبتي، وبكرة كتب كتابنا، اكيد جاين تباركو


توسعت أعين نادين بالصدمة مرددة 


-ايه خطيبتك!! ..اقترب منها ومازال محاوط جسد جوان 


-اه ايه متعرفيش ولا ايه، معلش معذورة ، الحقيقة جوان كانت عايزة تعمل مفاجأة وحفلة بكرة بس بما انكم عرفتوا كدا المفاجأة ضاعت ..نظر إليها بأعين تلقيها بأسهم العشق الندي 


-بكرة معزومين على كتب كتابنا ..


طالعته بعيون مترقرقة بالدمع وحدثته بعينها :


-كيف أقتل مشاعري بداخلي اتجاهك ، وانت تحاصر انفاسي بعشقك من كل جهة، لقد سحبت انفاسي بدقات قلبك التي أعلنت حرب الحب عليا، وتفوقت بكامل اسلحتك الفتاكة لتخطف قلبي وعقلي بل كل جوارحي 


ابتسم لها بعدما شعر بمشاعرها من نظراتها التي اذابته عشقًا، فاحتضن كفيها أمام الواقفون 


"بحبك"..ارتجف جسدها وتلالأت عيناها تنظر بخجل للأسفل بعدما اخترقتها نظرات الجميع ، لينسحبوا إلى مكاتبهم بجو من السرور مع دعواتهم بالسعادة 


فارس ابعد لو سمحت عاجبك كدا 


رفع ذقنها بأنامله 


-أنا عملت حاجة، انا لسة هعمل ، استني بس لما تكوني حلالي ..حمحمت نادين تضرب قدمها بالأرض 


-ايه امشي ونلغي الشغل 


-اه انا النهاردة ماليش مزاج للشغل ممكن ترجعي ولما اشوف وقت مناسب، هكلمك  


طالعت جوان للحظات بصمت ثم تحركت للخارج دون حديث ..حاولت التملص من بين ذراعيه وهتفت بغضب


-ايه اللي قولته دا، ازاي تقولهم أننا مخطوبين، ينفع كدا 


لاحت ابتسامة لاعوب على وجهه، فاقترب يهمس 


-هو انا قولت خطوبة، اناقولت هنتجوز، اتعاملي معايا على الأساس دا 


جذبها من رسغها قائلا:


-لسة هتكلم تعالي معايا ..


-فارس سيب ايدي مينفعش كدا..أطبق بقوة أقوى وتحرك متجها للمصعد الخاص به ..توقفت تجذب كفيها بعنف


-هو ايه اللي بتعمله دا ..توقف يطالعها بصمت للحظات ثم خطى إليها وهي تتراجع للخلف ، أشار على المصعد ضاغطًا على أسنانه 


-هتخرجي جنبي زي أي بنوتة حلوة بتحب خطيبها اللي بكرة فرحهم بدل مااشيلك زي الشوال، اختاري بسرعة هتمشي ولا أشيل


رفعت سبباتها محذرة إياه


-اياك تقرب مني هصوت وألم عليك الموظفين 


يابت متخلنيش افقد اعصابي ،صوتي كدا ..نزل ببصره لشفتيها وغمز بعيناه


-هعرف اسكتك كويس


توسعت عيناها بذهول مع ارتعاشة بساقيها تحاول أن تبتعد عن محاصرته


-فارس وسع عيب كدا 


-مش هوسع ..هتعملي ايه 


تلألأت عيناها بالدموع:


-ابعد لو سمحت..رفع ذقنها ينظر إلى عيناها بحزن 


-لحد امتى هتخافي مني 


أحست ببرودة تجتاح جسدها من نظراته الحزينة،فهمست بتقطع 


-لحد ماتبقى جوزي، حرام يافارس القرب دا، خلي ربنا يبارك لنا في حياتنا مع بعض 


ابتسامة زينت وجهه ينظر إليها بحبور بعد كلماتها التي أحييت روحه ..ظل يتأملها بحب وضرب المسافة التي بينهما 


-قولتي ايه؟!


وضعت كفيها أمامه 


-بلاش نغضب ربنا، ايه مش خايف 


همس بعيون والهة وقلبه الذي قرع كطبول الحرب قائلاً :


-انا عايزة بركة في حياتنا ، عايزك نور لحياتي، عايزك تشاركيني الحزن قبل السعادة 


-إن شاءالله مفيش حزن..قالتها بشفتين مرتعشتين 


تنهد بغرام يحيي القلوب ناظرًا بعمق عيناها هامسا ببحته الرجولية 


-"جوان أنا بحبك"..قالها عندما ازداد بريق العشق بعيناه 


توردت وجنتيها لتصبح كبتلات الورد الجوري ..وتحول قلبها لفراشات تدغدغ معدتها لتهمس بتقطع 


-ممكن نمشي..


أشار إليها مبتعدا وعيناه تحاوطها بجنان عشقه قائلا 


-هنمشي بس علشان مش ضامن نفسي 

تحرك بها إلى سيارته متجها إلى وجهته وهي الذهاب ل منزلها


مساء بمنزل جاسر 


دلفت إلى غرفتها تحمل بيديها اغراضًا إليها وإلى ابنتها ،..تسمرت بوقوفها عندما وجدته مستغرق بنومه على فراشها


فتح عيناه عندما شعر بدخولها ..نهض يمسح على وجهه ، خطت متجهة لغرفة الملابس ولم تعريه اهتمام تضع باقي الملابس بالحقيبة بعدما أمرهم جواد بالتحرك بالصباح الباكر لروجعهم لحي الألفي 


نهض متجها إليها ، توقف على باب الغرفة لفترة ثم تحرك إليها بعدما لم تكترث لوجوده 


انحنى بجسده يرفعها من خصرها، لكزته هادرة به


-اياك تلمسني تاني، معرفش ازاي جالك الجرأة انك تدخل الاوضة وتنام على سريري اصلًا 


جذبها بقوة يدفن رأسه بخصلاتها


-مش تزعليني ياعاليا، أنا تعبان بلاش تعملي فيا كدا 


تراجعت متهكمة تطالعه بنظر مزدرية قائلة:


-اه تعبان، وياترى تعب من أي نوع ياحضرة الظابط، اقتربت تلكمه بصدره 


ايه جاي ترتاح معايا وبعد كدا ترميني زي بنات الليل، تمشي لشهور وترجعلي لما الشوق يغلبك، انا هنا علشان بنتي ياياسين مابقتش متحملة اللي بتعمله 


"عاليا "..أشارت بسبباتها كالمجنونة 


اخرص، بلا عاليا بلا زفت ، ايه انا ايه في حياتك، قولي صرخت كالمجنونة وانسابت عبراتها 


جذبها يضمها لصدره 


-إنتِ القلب والحب كله ياروح ياسين ، انا زعلان ومخنوق ومش عارف اسامح ولا عارف اعيش من غيرك 


كذااااب ..قالتها بانهيار مع انسياب دموعها ، ثم أشارت إلى نفسها 


ولا عارفة أعيش ياياسين، قولي عرفت تعيش، حتى جيت يوم ولادة جنى ومهنش عليك تاخدني في حضنك وتتبطب عليا وتقولي متزعليش


لم يدعها تكمل حديثها فيكفي مايشعر به كلاهما ..ظل لفترة يرتوي من لهيب عشقها، حاولت الابتعاد عنه في بادئ الأمر ولكن عشقه طغى على امتناعها 


ليحي قلبه وقلبها من جديد ..صرخت هادرة تلكمه بقوة تمسح ثغرها


-مبقاش ينفع ياحضرة الظابط، اللي بتعمله دا بيكسرني قدام نفسي


ابتعدت تشير إليه 


-أنا مش مسمحاك ياياسين، واسمعني انا مش هفضل ساكتة على كل مرة تزلني وتدوسي على كرامتي ودلوقتي اطلع برة، لما تحسسني اني استاهل انك تضحي علشاني يبقى تعالى، مش عايزة افضل في نظرك الجوازة السهلة


-ايه اللي بتقوليه دا يامجنونة 


رمقته هادرة، وبصقت حديثها الذي أوقفه متسمرًا


-أنا رافضة الجوازة دي، انت اتجوزتني غصب في ظروف مضطربة، ودلوقتي من حقي ارفض أو اقبل ..شوف هتعمل ايه علشان ترضيني..لو عايزني حسسني بقيمتي ..قالتها واستدارت تواليه ظهرها 


توقف ينظر إليها لبعض الوقت، ثم تحرك خارجا ..قابله جاسر خارجًا من غرفته ..توقف أمامه يطالعه بتدقيق 


-لسة زعلان مع عاليا ..بقلب مهشم وينزف بصمت:


-أنا عارف اني غلطت، بس انا معذور،مراتي لغتني وراحت شقة واحد  كان هيغتصبها ياجاسر 


حاوط أكتافه وتحرك للأسفل تعالى ننزل نلعب شوية باسكت ، نخرج الطاقة السلبية واحكي لي اللي حصل 


بعد فترة من اللعب بينهما ، اتجها إلى حمام السباحة ليسبحا بعض الوقت، استند على الجدار متسائلا


-مالكم بقى ..قص له بعض الأشياء ثم ألقى بجسده بجوار المسبح 


خرج جاسر من المسبح 


-قوم خد لك شاور علشان نتغدى، وأكيد عاليا مش هطول في زعلها، سبها لما تهدي 


وضع كفيه على عينيه قائلا


-بتقولي من حقي أرفض أو اقبل علاقتنا ..جوازي جه منها بالغصب 


جذب المنشفة يجفف جسده ثم ألقاها بوجهه


-طيب ماهي سهلة ياغبي، قدملها طلب جواز ، ودا من حقها بسبب ظروفكم، وبعد كدا سبها تختار 


اعتدل جالسا 


-إنت عبيط يابني، عايزني اروح اتجوز مراتي، ايه الغباء دا 


ركله بقدميه 


-تصدق تستاهل اللي بيتعمل فيك، خليك كدا لحد ماتخلعك ، 


-لا بجد انت مجنون ، وياترى ياحضرة الظابط هروح اقدم طلب جوازها منين 


تحرك جاسر بعدما سبه 


-من البوستة ومتنساش طوابع البريد، كتر منها...متخلف ،روح اخطبها من عمو سامي البواب ..ايه الغباء دا 


تحرك للأعلى قابلته غزل 


-حبيبي اخواتك فين علشان نتغدى مع بعض ..أشار للخارج 


-الحلوف ياسين رايح يشتري طوابع من البوستة، والعاقل نايم فوق ، وانا قدامك ، ايه عندك حد غيرنا بالسر


لكزته بصدره 


-طيب روح البس هدومك قبل ماتبرد، توقفت تنظر إليه بجبين مقطب


-بوستة ايه اللي بتقول عليها ..قهقه ثم تحرك صاعدا للدرج


-ابنك عايز يتجوز، فكنت بقوله يشتري طوابع كتب الكتاب 


امتقع وجهها متسائلة 


-الواد دا اتجنن مين اللي عايز يتجوز، استمعت إلى صوت بيجاد وعز بالخارج مع ياسين، تحركت للخارج وجدتهم يتوقفون مع ياسين  عند المسبح ..تحركت إليهم 


-حمدالله على سلامتكم ..قبل جبينها عز 


-غزولة وحشتيني كدا حي الألفي يضلم من غيركم، انا قولت مش هبات هناك وانتو هنا 


ابتسمت تربت على كتفه 


-ربنا يسعدك حبيبي ، مراتك فوق نامت الحمل تعبها فقالت هتريح شوية 


تحرك متجها إليها 


-طيب هطلع اشوفها، انا واقع من الجوع ياغزول ، شوفيلي حاجة اكلها 


-حبيبي غير  هدومك هتلاقي "رُبى" اكيد عاملة حسابك ..تحرك يلوح بكفيه ..اتجهت وجلست بجوار بيجاد الذي جلس أمام المسبح شاردا بنظراته اتجاه ياسين الذي يسبح ..ربتت على كتفه:


-سرحان في ايه يا كابتن 


التفت يناظرها ورسم ابتسامة على وجهه 


-عاملة ايه، ليه اصريتوا تباتوا هنا، أول مرة عمو جواد يبات برة حي الألفي، من بعد سفرياته خارج القاهرة 


ابتعدت ببصرها عنه واجابته


-حاجات بيرتبها حبيبي ، غير أن البيوت بتعتكم بتتفرش


-مكنش له لازمة البيت اللي عامله، انا مش ناقصني بيوت 


استدارت تحتضن كفيه وتحدثت بهدوء:


-بيجاد اسمعني كويس ، مين من ولادي محتاج يابني، عمك عمل الصح، وبعدين انت مالك دا بيت لبنتي مش ليك 


ابتسم يهمس لنفسه 


-بيوزع علشان عارف أنه خلاص قرب على النهاية ..لكزته غزل متسائلة:


-بيجاد مالك حبيبي ، مش عوايدك وبعدين انت زعلت من كلامي انا بفهمك حاجة مهمة ، غنى زيها زي اخواتها حتى لو معاك مال قارون، وطبعا جواد مش ناسي انك معاك اكتر وربنا يزيدك حبيبي ، بس برضو البنت من حقها يكون ليها في مال ابوها


نهض من مكانه عندما فقد التحكم بنفسه


-أنا مش واخد حاجة ياطنط، والبيت مش هنعيش فيه، وعرفي عمو كدا ، انا مش قابل اللي بيعمله ، ليه بيحسسني أنه بيوزع ورثهم


توقفت تنظر إليه بذهول 


-بس دا مكنش كلامك والمهندسين بيصمموا، دا مكنش كلامك وانت بتختار مع اوس وعز أثاث بيتك 


تراجع ينظر حوله بضياع ، فكلما تذكر حديث جواد حازم عن مرض جواد يريد أن يهدم العالم بأكمله ، هرب من نظراتها عندما اغروقت عيناه بالدموع وهتف بصوت يملؤه الألم 


-غيرت رأيي، انا مش محتاج، وحضرتك عارفة كويس بايدي اعيش بنتك في قصر من دهب، لو شاورت بس مستعد اعملها ، لكن البيت دا مش هدخله ودا اخر كلام 


خرج ياسين من المسبح بعدما ارتفع صوت بيجاد، جذب المنشفة يوزع نظراته بينهما 


-مالك يابيجاد مزعل ماما ليه..سحب كف ياسين بقوة 


-عايز اتكلم معاك، تعالى ..قالها وهو يتحرك بعيدا عن غزل التي توقفت متصنمة تحاول أن تستوعب انقلاب بيجاد بتلك الطريقة 


بالاعلى وخاصة بغرفة جاسر 


خرج من المرحاض، يلتف بمنشفة بجزئه السفلي، اتجه بنظره لزوجته التي غفت وهي تحمل ابنته بأحضانها..جذبها من بين يديها بهدوء ثم وضعها في مخدعها، توقف يطالعها بابتسامة ثم انحنى يطبع قبلة على جبينها 


-والله القمر شبه بابي، صح يالولو ..مرر أنامله على وجهها يرسمها بعيناه ثم جلس بجوارها ومازالت نظراته عليها 


-اممم ، يعني عيون بابي بس ياليو، توقف على ثغرها عندما فتحته وهي تتثآب ..ابتسم على جمال نعومتها ، رفع نظره لزوجته ثم إليها 


-أميرة بابي واخدة ملامح مامي بس بابي اكتر صح ..تململت جنى فهبت من مكانها تهمس باسم ابنتها ، توقف متجهًا إليها 


-اهدي حبيبي البنت نايمة ..ألقت الغطاء وهرولت إليها 


-البنت كويسة ياجاسر ولا فيها حاجة 


جذبها بقوة لصدره:


-البنت كويسة ياجنى بس أبو البنت اللي مش كويس ..تجمدت عن الحركة بعدما استمعت لحديثه ، وطالعته بأنظارها 


-إنت تعبان !!


اه تعبان..قالها بصياح عندما فقد سيطرته وشعر بألم روحه من حالتها منذ خروجها من المشفى ..أشار عليها وهتف مستطردا 


-اعمل فيكي ايه ، بقيتي مجنونة كل ماللبنت تبعد عن حضنك تتجنني، ايه ياجنى البنت كويسة، اهدي علشان ربنا مايعقبناش ويباركلنا فيها 


شهقت ببكاء وارتجافة بجسدها ..سحبها لأحضانه يمسد على خصلاتها 


-وبعد هالك حبيبتي ، بقالنا شهر على الحال دا،. انا تعبت مبقتش قادر اركز في شغلي من عمايلك دي 


-البنت هتموت ياجاسر صح، قولي انها هتعيش والله هتعيش ، ريح قلبي ياجاسر 


انحنى وحملها بين ذراعيه واتجه إلى فراشهم..وضعها بهدوء وحاوطها بذراعيه 


-أنا اللي هموت منك ياجنى، 


وضعت كفيها على فمه


وعانقت رقبته تبكي بصوت مرتفع 


-بعد الشر عنك ياحبيب جنى ..رفعها بذراعيه يجذبها لتصبح بأحضانه


-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش كلمتين اتقالوا وقت الولادة يبقى خلاص  البنت هتموت..رفع ذقنها يحتوي وجهها بين راحتيه 


-البنت اخدتها لكام دكتور، غير ماما عرضتها على اكبر اطباء في مصر، البنت حلوة ، والحمد لله كل حاجة طبيعية والثقب اللي الدكتور قال عليها هيقغل مع الوقت


-يعني مفيش دم فاسد، والجهاز التنفسي كويس صح ..سحبها من كفيها واتجه الى ابنته


-قوليلي كدا ، دي لو عندها دم فاسد هتبقى نايمة كدا ، اومال كانت بتعمل ايه طول فترة الحضانة دي كلها، حبيبتي إنتِ والدة بقالك شهر يعني لا قدر الله لو فيه مضاعفات للولادة كانت  ظهرت ، دمها اتغير كلها، اومال جوزك كان بيعمل ايه كل يوم عندها ، والرئة كملت والله، وجهازها التنفسي فل 


-وثقب القلب ياجاسر، البنت هتكون مريضة قلب


-مش ملاحظة انك نسيتي جاسر ياجنى، فين أنا من حياتك من وقت الولادة، أنا مبقتش موجود 


احتضنت وجهه واقتربت تقبله تهرب من خوفها الذي يكبر يوما بعد يوما على ابنتها ..ضمها لأحضانه دافنا رأسه بعنقها يستنشقه بوله عاشق


-وحشتيني ياقلب جاسر ...دفنت نفسها بأحضانه كأنها تهرب من وسوسات الشيطان 


-وحشتني قوي حبيبي..تنهيدة عميقة يسحبها للفراش يدثرها بالغطاء 


-نامي حبيبي ، هروح البس ..احتضنت كفيه 


-زعلان مني..انحنى يطبع قبلة على جبينها 


-مقدرش ازعل من روحي 


بعد قليل هبط الجميع لتناول وجبة الغداء..ترأس جواد المائدة يوزع نظراته بين أولاده ثم هتف


-مجبتش بابا معاك ليه ياعز؟!


نظر إليه بصمت ثم أردف


-بابا ميعرفش اني هنا، ومكنش متوقع من حضرتك تبات برة حي الألفي 


اومأ برأسه ينظر إلى جاسر الذي يطعم زوجته وأردف:


-مكنش في بالي أبات هنا، بس جنى اللي أصرت على كدا ، مش كدا ياجنجون 


ابتسمت لعمها وهزت رأسها 


-شكرا ياعمو، زيارتكم فرحتني وخرجتني شوية من الحزن 


مسد عز على رأسها


-ليه حبيبتي حزينة، بنتك رجعت لحضنك وكويسة، وجوزك جنبك 


رفعت نظرها لأخيها وترقرت عيناها بالدموع 


-هتبقى كويسة ياعز مش كدا ..توقف جاسر عن مايفعله، وزفر بغضب ثم تحدث بصوت مرتفع بعض الشئ


-طمن اختك ياعز، بدل انا كلامي مابقاش يتصدق، يمكن تصدقك إنت 


-جاسر اتجننت ..اردفت بها غزل تشير بعيناها إلى جنى 


-حبيبتي البنت كويسة، والله مافيها حاجة اهدي إنت، متنسيش عندنا فرح بعد يومين، لازم تجهزي، بشرتك تعبانة 


-حاضر..قالتها وهي تنظر لزوجها بحزن ينبثق من عيناها، امسك السكين ولم ينظر إليها وبدأ يقطع اللحم ويتناوله بهدوء، حاوطت ذراعه وهمست له باعتذار


-جاسر متزعلش مني..لم يلتفت إليها وبدأ يتناول طعامه بهدوء، رغم شعور بعلقمه ..رفع عيناه إلى ياسين عندما تحدث جواد


-ياسين الصبح تروح مع مراتك تشوفوا فيه حاجة محتاجينها في البيت ولا لا 


-بابا ممكن نتكلم بعد الغدا..اومأ جواد دون حديث


-مالك يابيجاد؟! مش عوايدك تسكت كدا ، ايه غنى مزعلاك 


-ابدا يابابا ، من وقت مارجع وهو كدا


هز جواد رأسه ثم غمز إليه وهو يضع قطعة اللحم بفمه 


-مش هتقول لابوك يالا مالك، ايه نسيت ولا ايه 


ظلت نظرات بيجاد عليه لفترة حتى استغرب جواد صمته، فضحك قائلا


-لا دا الموضوع كبير، وشكلك عامل مصيبة يابن ريان..قاطعته غزل 


-بيجاد مش عايز البيت ياجواد ، بيقول انا مش فقير علشان تبنوا لي بيت ..ضغط عز على ذراع بيجاد عندما وجد نظراته المصوبة لجواد، وانحنى يهمس له 


-بيجاد اوعى تتهور، طنط غزل قاعدة، اياك تتهور هزعل منك، طنط غزل ممكن تموت فيها 


لم يلتفت إلى عز وانما رفع شوكته ينظر لقطعة اللحم ثم الى جواد 


-كنت مع جواد حازم النهاردة ، واتكلمنا شوية، لقيته زعلان، تخيل زعلان من ايه ياعمو


صمت جواد وارتفعت دقات قلبه يوزع نظراته على ابنائه ، ثم اتجه ينظر إلى بيجاد الذي تابع حديثه 


-جواد بيقولي له صديق مريض ومخبي على أهله ، وممكن صمت ولمعت عيناه بالدموع حتى هب جواد من مكانه 


-أنا شبعت كملوا اكلكم، ثم اتجه بنظره إلى بيجاد وعز 


-خلصو اكل وتعالولي المكتب، قالها وتحرك ولكنه توقف عندما تسائلت غزل 


-حبيبي مقولتش صديق جواد مريض بايه لو بايدي حاجة اساعده 


كانت نظراته كالسهام على بيجاد يحاوره بعيناه الا ينطق ولكنه استدار إلى غزل وهتف


-إنتِ الوحيدة اللي بأيدك تساعديه


بيجاد صاح بها بغضب واقترب يجذبه من تلابيه 


-تعالى عايزك يالا..انزل كف جواد بهدوء يطالع غزل وتابع حديثه 


-قولتي ايه ياطنط غزل ، هنا هب عز من مكانه 


-قوم يالا وطنط غزل هتشوف الموضوع دا بعدين ، رفعه من ذراعه يلكزه بغضب يجز على أسنانه 


-تعالى نغلس شوية على عمو جواد ياظريف ..


وزع أوس وجاسر نظراته بينهما بذهول، فنهض جاسر يسأل 


-شامم فيه حاجة مش مظبوطة ، ايه اللي بتحاولوا تخبوه عننا 


دفع عز بيجاد للمكتب قائلا


-بيجاد عايز ياخد غنى ويسافر، فبيستفز عمو جواد 


أطبق جاسر على ذراعه


-مخبي ايه ياعز، وليه بتهرب من نظرات ابويا، وليه وقفت بيجاد عن الكلام، بيجاد مش سكران علشان تعامله كدا 


حدجه عز بنظرات ثابتة لبعض الوقت، ثم اتجه بنظراته إلى غزل التي تتحدث بسعادة مع بناتها وهتف


-بيجاد عنده مشاكل ياجاسر مفيش غير كدا ..ضغط جاسر على كتفه بقوة الامته 


-هعمل مصدق ، بس متأكد فيه حاجة بتحاولوا تخبوها 


دلف للداخل وجد جواد ينهر بيجاد بغضب حتى تغيرت ملامح وجهه..اقترب منه وتوقف أمامه 


-هو انا مش ابنك، مش حضرتك قولت انا ابنك ومفيش فرق بينا كلنا، ليا تعمل كدا وتخبي علينا، ليه حضرتك مصر تتوجع لوحدك 


احتضن وجه عز يضغط عليه بقوة 


-أنا كويس ياعبيط ، انا كنت بقول كدا لجواد علشان يتجوز جنى بس 


-لا ياعمو، احنا رحنا للدكتور بتاع حضرتك وعرفنا كل حاجة 


-عز اسمعني ياحبيبي 


حضرتك اللي لازم تسمعنا ياعمو، حضرتك هتسافر وتعمل العملية ، ودا اخر كلام 


-موافق قالها جواد مبتعدا بنظره عنهما ثم أردف 


-بس بشرط..وزع نظراته بينهما قائلا


-احس انكم رجالة بجد، وتوعدوني محدش يعرف حتى جاسر نفسه، وبعد ولادة ربى هسافر


-اوعدنا الاول ..أردف بها بيجاد 


حاوط أكتافه يربت على ظهره 


-وعد يابن ريان..قبل بيجاد كتفه 


-ربنا مايحرمنا منك يارب 


-يابني كلنا هنموت، البقاء لله وحده 


ونعم بالله ممكن ماتتكلمش كدا..رفع جلس جواد يشير إلى كوب المياه بعدما شعر بوخزته المستمرة 


استمعوا لطرقات على باب المكتب بعدها دلوف ياسين الذي توقف قائلا


بابا عايز اروح أخطب 


ابتلع مشروبه بصعوبة كاد أن يختنق ينظر لأبنه بذهول 


-إنت اتجننت يلا محدش مالي عينك خلاص، عايز تتجوز على مراتك 


هز رأسه بالنفي يشير لوالده 


-لا حضرتك فهمتني غلط 


توقف والده يحدجه بنظرات نارية يريد أن إحراقه بها قائلا بتوبيخ:


-لا ياراجل طب فهمني الصح، دي ممكن تمو..تك يخربيتك، 


توقف عندما فقد الحديث مع والده قائلاً:


-ماهو حضرتك مش مديني فرصة اتكلم 


لكمه بصدره يريد اختنا قه 


-إنت عايز تموت ابوك يالا ..ودي عايزة فهم ، حضرتك جاي تقولي عايز اروح أخطب وانت متجوز


ايه بقى اللي مفهمتوش 


-ماهو انا عايز أخطب مراتي 


توسعت أعين والده قائلاً :


-لا حول ولا قوة إلا بالله..انت بتقول إيه يابني


قهقه بيجاد وعز 


-بيقول أنه اتجنن رسمي..جذبه عز 


-مالك ياياسين انت سخن ولا اتجننت 


ممكن تسبوني مع بابا شوية 


جلس بمقابلة والده بعد خروج بيجاد وعز وقص له ماصار بزواجه ثم رفع نظره 


-من حق مراتي تختار يابابا 


-فهمتك حبيبي ، طيب لو رفضت 


هز رأسه بابتسامة وأجاب والده


-مش هتقدر ...ضحك جواد يشير إليه ليجلس بجواره، ثم ضمه لأحضانه 


-عارف اني ظلمتك في حاجات كتيرة وخاصة جوازك مهتمتش بيه ..


حاضر تاخد مراتك ترجعها بيت اهلها ونشوف نروح امتى 


توقف سريعا 


-لا مش هتروح لوحدها احنا هنروح وهي معانا وترجع وهي معانا 


أطلق جواد ضحكات صاحبة حتى تناسى الامه يهز رأسه على جنان ولاده 


قاطعهم دلوف فارس ..توقف جواد عن الضحك متسائلا


-ابوك كويس يالا ..تحرك إليه يسحبه من كفيه 


-ابويا كويس بس أنا مش كويس، ودلوقتي لازم تيجي معايا عند ابويا وتقنعه أصله مش مقتنع


خرج جواد وهو ينظر إليه بذهول 


-يابني اوقف وقولي اقنع ابوك بايه 


لحظات كان عز بجوار أخيه قائلا


-بيحب واحدة وعايز يخطبها 


-نعم ياروح خالتك، ودي نروح نخطبها من غير مانشوف عيلتها 


سحبه فارس قائلا


-هقولك في الطريق..دفعه جواد غاضبا 


-إنت مجنون يالا..قولي اسمها وبعد الفرح نشوف موضعها 


استدار فارس إلى عز قائلا


-عز الحقني بيقول بعد الفرح، فهمه قوله الفرح هيكون بتاعي 


توقف جواد مزمجرًا به


-اوقف كدا وقولي ايه الحكاية..حاوط أكتاف عمه 


-عمو فيه بنت بقالي فترة متابعها وعجبتني، وسألت عليها ، كويسة والله ياعمو


سحبه جواد من ذراعه


-اقعد يافارس واسمعني ..


جلس بمقابلة بعدما ارتفعت حرارته حينما رفض عمه ذهابه إلى معشوقته 


-هعملك اللي انت عايزه اكيد، بس اسمعني دا جواز ياحبيبي مش متوقف عليك وعليها، دول عيلتين لازم نشوفهم هيناسبونا ولا لاء، ومقصدش هنا الماديات ابدا ، انا قصدي الأخلاق والقيم 


-والله ياعمو ناس كويسين ومحترمين 


تنهد ساحبا نفسا عميقًا ينظر إلى عز 


-مش تفهم اخوك أن الموضوع مش سلق بيض يابني، دا نسب ولازم التأني 


-عمو جواد املي فيك كان كبير قوي، وحضرتك دلوقتي صدمتني زي بابا بالظبط 


ربت على كتفه واجابه


-قولي اسمها وبكرة نسأل ونشوف الوقت المناسب اللي نزروهم 


-امتى ؟! ..تسائل بها فارس سريعا 


ابتسم جواد مشاكسًا


-شكلك مستعجل قوي ياباشمهندس، على كدا جواد نعمله تمثال 


ابتسم وابتعد عن نظرات عمه قائلا


-حبيتها بجد ياعمو، وبجد عايز الموضوع يتم بسرعة 


-إن شاءالله حبيبي ، نخلص من فرح جواد وبعد كدا عيوني ليك ، دا انت الختام ياابو الفوارس 


نهض يقبل رأس عمه قائلا


-ربنا يخليك لينا ياحبيبي..أشار إليهم بالخروج 


-اطلعوا برة يالا تعبتوا اعصابي وابعتولي ياسين وجاسر


تحرك عز وفارس وتبقى بيجاد متوقفا بمكانه ، فأردف جواد 


-إنت طول عمرك راجل وكنت بعتمد عليك اتمنى متخيبش ظني فيك، ولسة عند كلامي يابيجاد انت ابني اللي مخلفتوش، زيك زي ولاد الالفي، عمري ماعاملتك على انك ابن المنشاوي او جوز بنتي 


خطى وجلس على عقبيه أمامه 


-وأنا كنت بعتبرك صديقي قبل ماتكون اب ليا أو عم أو صديق بابا، عوضتني عن حاجات كتير وعلمتني اكتر 


انحنى جواد يضم وجهه ضاحكا 


-ودلوقتي مش هقولك صديقك محتاجك أو عمك، هقولك ابوك محتاجك ، ومش عايز اكسر فرحة اخواتك حبييي 


وفين فرحة حضرتك ، فين حقك من الإحساس بيك، فين حقك علينا 


-بكرة لما ولادك يكبروا هتبقى مش عايز تلمح نظرة حزن بعيونهم، انت تستحمل أضعاف مضاعفة ولأنك تتحمل نظرة وجع، حبيبي مش المريض بس اللي بيتألم اللي بيحبوه كمان 


انبثقت دمعة عبر وجنتيه 


-علشان خاطري فكر في صحتك وبس، فكر في جواد الألفي مرة واحدة 


ابتسم له قائلا


-حياة جواد الألفي من غير عيلته مالهاش لازمة، بكرة هتعرف معنى كلامي ..قطع حديثهم دلوف ياسين ينظر إلى جلوس بيجاد بتساؤل


-أنا عديت مشهد الغدا عادي، بس دلوقتي عايز اعرف حضرتك مخبي علينا ايه، وياريت تحترم عقولنا ياسيادة اللوا 


توقف جواد يشير إليه 


-اجهز ياله ، هنروح نخطب مراتك يامتخلف ..اقترب من والده ونظراته على بيجاد 


-بابا مخبي ايه يابيجاد، واللي تقصده من صديق جواد حازم بابا مش كدا


تلجلج بيجاد بالحديث إلا أن جواد قاطعه 


-إنت اهبل يالا، روح ياله علشان تتلم انت ومراتك 


أطبق على ذراع بيجاد الذي ابتعد ببصره عن نظرات ياسين


-ابويا اللي تعبان صح يابيجاد ..ثم اتجه بنظره الى والده 


-حضرتك ليه مصر تأكدلنا أننا اغبية ومبنحسش بحاجة 


ازال بيجاد دموعه مردفا


-لا ياياسين مش باباك ، وياله خلقي بقى ضيق من العيلة 


بعد فترة في منزل عاليا جلس جواد بمقابلة والد عاليا


-اهو جنان الولاد يااستاذ نادر، ولازم ارضي حضرة الظابط مع بنتك 


قهقه نادر ينظر إلى ياسين 


-يابني مش محتاج انك تيجي وتاخد رأيي ، انت عارف رأيي في الموضوع دا 


بعد اذن حضرتك طبعا ياعمو نادر بس ياسين عايز يتأكد من حياته هو ومراته ..أردف بها عز 


اومأ جواد موافقا عز بحديثه، بينما قهقه بيجاد 


-ياسيدي اعتبرهم لسة اول جوازة وريح دماغهم 


ظل لفترة لبعض الوقت يتحدثون الى أن تحدث نادر قائلا:


-انا لو كنت شكيت فيك يابني كنت مستحيل اوافق عليك يابني 


-يعني ياعمو هنجوز المتجوزين ولا نطلقهم ونرتاح منهم ..قالها بيجاد يغمز إلى ياسين الذي لكزه 


-لسانك ياحبيبي ، طلاق ايه ، ثم استدار إلى نادر 


-ايه ياعمو، كان لازم نيجي لحضرتك، بنتك مصرة أننا متجوزين غصب 


التقط بيجاد حبة من الموز وبدأ يلتهمها 


-ياحرام مغصوبين وجايبين عيال، اومال لو مش مغصوبين كنتوا عملتوا ايه 


أفلت كريم ضحكة قائلا


-شوف انت بقى، مراتك بتتدلع عليك ياياسين ، حبيبي احنا مش مستين جيتك انت وسيادة اللوا لحاجة زي كدا، طبعا مش محتاجين اجاتنا 


-ولو برضو يابني، البنت من حقها زيها زي أي بنت 


-عمرك سمعت ياعز أن في عروسة بيخطبوها من ابوها وهي متجوزة وفي بيت جوزها، طيب ياجماعة عندي اقتراح احنا نجيب العروسة تقعد كام شهر وبعد كدا نيجي نطلبها 


-بيجاد اسكت ..أردف بها جواد ، فأشار إلى نادر


-كلم بنتك وشوف طلبتها، لولا عندنا فرح كان الموضوع اكيد مش هيكون كدا ، وعاليا زيها زي بناتي، واللي تؤمر بيه، احنا بس مضطرين تفضل في بيتنا علشان الفرح مينفعش تكون مش موجودة 


اومأ نادر متفهما 


-البنت بنتك ياسيادة اللوا، وهي في بيتكم ومستحيل اخدها ولا أوافق على طلبتها، ولو على سوء الفهم بينها وبين ياسين ، انا متأكد مع الايام هيزول، ولما تعرف بوجودكم هنا مش هيكون فيه حاجة بينهم ..عاليا عنيدة بس بتحب ياسين واكيد انت مش عايز حد يقولك مراتك بتحبك قد ايه يابني 


بعد فترة من انتهاء الزيارة، رجع جواد الذي ألقى نفسه على الفراش بعدما شعر بآلام تشق جسده بالكامل ..دلفت غزل إليه


-جواد هتنام دلوقتي..اومأ لها محاولا السيطرة على الامه قائلا


-عايز انام شوية علشان اقوم اصلي القيام يازوزو ..قبل جبينه 


-ارتاح ياحبيبي انا هقعد مع الولاد تحت شوية قالتها  وخرجت 


وضع كفيه على صدره بعدما شعر بانسحاب أنفاسه ليعتدل يجذب هاتفه ويهاتف طبيبه الخاص 


بعد وصول ياسين بفترة ، صعد إليها وفتح الباب بهدوء بعدما استمع الى الموسيقى بالداخل ...وجدها تجلس تمشط خصلاتها وتدندن مع الموسيقى ..خطى إلى أن وصل خلفها وحاوط جسدها يهمس بجوار أذنها 


-حبيبي يقبل يكمل حياته معايا، روحت مع بابا وطلبتك من عمو نادر، 


عاليا اللي عايزاه انا تحت أمرك، اللي إنت عايزاه هنفذهولك، إلا ببعدك عني 


من اللحظة دي مستحيل ابعدك عن حضني فاختاري بسرعة تعيشي في حضني علشان معندكيش اختيار تاني 


قبلة على وجنتيه ثم تابع بهمسه 


-بحبك وبحبك وبحبك يااجمل حاجة حصلتلي 


جملة أحيت روحها مرة أخرى بعد فقدت الحياة ببعده ، رفعت كفيها وتأملته بعشق تمرر أناملها على وجهه، حاوطها بذراعيه يضمها بقوة لتتلاشى المسافة بينهما، وهو يرفعها يضمها بقوة بأحضانه، وآه عاشقة خرجت من جوفه بأنفاسه الحارقة لتضرب وجهها 


-وحشتيني قوي قوي 


ضم وجهها وتجول بنظراته على وجهها بالكامل 


-قوليلي اعمل فيكي ايه، مش قادر اعاقبك على عملتيه فيا الفترة اللي عدت  ..اقتربت أكثر تدفن رأسها بعنقه وأخرجت نفسًا ناعمًا تستنشق رائحته بوله 


-عاقبني زي ماانت عايز بس في حضنك 


أطبق على جفنيه يعصرها بأحضانه لفترة لم يشعر بكم الوقت الذي مر عليهما إلى أن سحب كفيها وتحرك بها قائلًا


-النهاردة لازم اتجنن شوية 


توقفت متسائلة:


-بلاش نبعد، مينفعش، العيلة كلها هنا ..وضع أنامله على شفتيها 


-أنا هنا بس اللي اقرر، وانت تقولي حاضر وبس ..


ابتسمت بعيونا لامعة وردت قائلة:


-اهو بس مستغلش اشتياقي وتفرد عضلاتك 


جذب رأسها ووضع كفيه يضع حجابها على خصلاتها يقربها إليه 


-لا هفرد وأفرد لما أبقى طاوووس مغرور  كمان 


-يادي النيلة رجعت ريمة لعادتها القديمة


جذبها وتحرك للخارج سريعا ..قابله جاسر الذي يحمل ابنه متجها به لغرفته فغمز له 


-مبروك للعروسين ..جذب عاليا وتحرك قائلا


-خلي بالك من راسيل ياعمو 


توقف جاسر ينظر لتحركهم السريع قائلا


-خلي بالك من راسيل ..ليه انا ناني ياحبيبي ..


وصل إلى سيارته يشير إليها بالركوب


-الليلة هنبات برة 


-برة فين..اقترب يجذب رأسها 


-في حضني ..طالعته بعيونا هائمة 


-وأنا موافقة 


ابتلع ريقه بصعوبة يلتفت حوله 


-احنا في الشارع، وماسك نفسي بالعافية، فيالة بينا بدل مايمسكوني بالجرم 


بعد فترة بأحد الفنادق المشهورة بالقاهرة جلست بأحضانه تدفن نفسها متشابكي الأنامل، مسد على خصلاتها يضم رأسها لأحضانه 


- ياااااه اخيرا، انا كنت يأست 


-لدرجة دي ..قالتها وهي تمرر أناملها على صدره، ثم تابعت 


-وجعتني كتير ياياسين ، كتير قوي 


-وعلى قد زعلي منك على قد مابقدرش ابعد عنك، 


رفعت كفيها تمررها على وجهه


-زعلانة منك ومن قلبي اللي بيحبك وبيغفرلك ..ضمها بقوة لأحضانه يريد ادخالها لصدره 


-اعتبريني ابنك واغفريلي ياعاليا، انا معرفتش طعم السعادة الا بوجودك، تأكدي حبك متغلغل جوايا ومفيش حاجة تهزه ...ضم وجهها ملتقطًا ثغرها بقبلة جامحة يذيب بها آلامها لحظات بل دقائق مبتعدا بخاصته عنها، ولكن أنفاسه الحارة تضرب وجنتيها هامسا  لها 


-بحبك يابلقيس، بحبك قوي قوي 


ابتسمت من بين دموعها لما لا وهو يعد إليها النفس للبقاء على الحياة...رفعت كفيه على أحشائها


-لتاني مرة يابابي يجيلك بيبي بالغلط 


نظر إلى بطنها ثم رفع نظره لعيناها مذهولا ..يومأ برأسه


-عاليا إنتِ حامل ..هزت رأسها بدموعها قائلة:


-شوفت عمايلك ، مفيش مرة افرح بحمل، كل مرة..بتر حديثها يضع كفيه على شفتيها


-كل مرة فيهم كنت مجنون بيكي، كل مرة مكنتش عايز ابعد عن حضنك، كل مرة احبك أكتر وأكتر، دا اللي المفروض تسمعيه مني، ضمها يتراجع بجسدها على الفراش يحمد ربه على ماوصل إليه


-ربنا يكملك على خير ويرزقنا الذرية الصالحة، ادعي بكدا ، ماتقوليش أنهم جم غلطة أو غصب


خلل أنامله بخصلاتها وتابع حديثه بعدما وضع رأسها على نبض قلبه 


-عمري مازعلت أو حزنت من قربك، عايزك تتأكدي انك جنتي في الدنيا ياعاليا، يعني بتقي ربنا في كل حاجة 


قبل مايجمعنا الحب، جمعنا الألفة وقرب القلوب حبيبي 


حاوطت جسده تغمض عيناها مستسلمة لنومها الثقيل 


-بحبك ياياسين قالتها لتذهب بنومها 


امال يطبع قبلة على جبينها 


-وياسين بيعشق عليته ..غفى بجوارها يجذبها لأحضانه ليذهب بسباتا عميق


بعد يومين وهو اليوم المقرر لحفل زفاف أكبر احفاد الألفي


زينت الحديقة بالانوار المزينة الساطعة وصدحت الأغاني 


جلست أمام مرآة الزينة تنهي زينتها ، دلف والدها 


-هنونة قلبي خلاص هتسيب حضن باباها..نهضت من مكانها تحتضن والدها 


-بابا حبيبي..ضمها بقوة لأحضانه يطبع قبلة على جبينها 


-ألف مبروك ياروح بابي ..وصلت نهى بجوار غزل وميرنا 


-عروستنا الحلوة خلصت ولا لسة ، ياله يابابا خليها تظبط طرحتها الناس تحت 


فركت كفيها وتحجرت دموعها قائلة 


-هو لازم الفرح النهاردة..اقتربت ميرنا تضمها بضحكاتها 


-مجنونة بنتي الصغيرة ، ياله حبيبتي وبطلي دلع ، اتجهت بنظرها إلى غزل 


-ايه ياطنط غزل ، مش هنلبس العروسة الطرحة ...


قبلتها غزل تضع طرحة زفافها 


-ياله حبيبتي ، عمو جواد برة عايز هو اللي ينزل بيكي، بيقول ختامها مسك وهو اللي هيسلمك لجواد 


-أنا خايفة 


قهقه الجميع عليها ..ضمت نهى وجهها 


-حبيبتي خايفة من ايه ، افتكري حاجة واحدة بس إن الليلة اجمل ليالي عمرك، لكزتها تغمز لها وهمست 


-وهتنامي في حضن حبيبك 


انسابت دموعها تهز رأسها بالنفي 


-لا مش عايزة خلاص..قهقه الجميع عليها بدلوف جواد 


-كله يوسع لأميرة العيلة ياله ...قالها جواد وهو يقترب من وجودهم 


تشبست بذراع والدها 


-بابا مش عايزة اتجوز ..ارجوك 


امسكها جواد يضمها لأحضانه 


-الصغنون خايف ..الله يكسفك ياجواد 


قهقه سيف ينظر لزوجته


-شوفتي المجنونة، هتفضحنا 


-افضحكم ليه يابابي ..قبل جواد رأسها


-يالة حبيبة بابي علشان الناس تحت


بغرفة جواد 


توقف أمام مرآة الزينة


بقولك يافارس هو الواحد بيكون متوتر كدا يوم فرحه، انا مش على بعضي ياجدع 


زم الآخر شفتيه يشير لنفسه


-جاي تسألني يابغل على أساس أنا جربت ..ذهب ببصره إلى بيجاد وجاسر فنكز جواد 


-روح لمعلمين الخبرة وأسألهم ، وتعالى قولي


على موسيقى طلي بالأبيض كانت تهبط درجات السلم بجوار عمها ..وفي أسفل الدرج يتوقف بحلته البيضاء الكلاسيكية ينتظرها بلهفة عاشق ..احتضنها  بنظراته وابتسامة خلابة على وجهه ..وصل إليه جواد ثم احتضنه 


-ألف مبروك ياحبيبي بالرفاء والبنين 


طبعا انا مش هوصيك عليها لاني لو وصيتك يبقى متستهلهاش 


ابتسم ينظر إليها قائلا


-في قلبي قبل عيوني ياخالو ..اقترب منها يطبع قبلة مطولة أعلى جبينها 


-مبروك عليا اجمل بنت في الدنيا ..ارتجف جسدها تومأ بلسان ثقيل 


-الله يبارك فيك ..خرج العروسين مع ارتفاع الأغنية ، وصفقات الجميع 


عانقت ذراعيه وتحركت وانتفاضة بجسدها تنظر بتشتت لكم المدعوين، همست لنفسها 


-الناس دي كلها عارفة ايه اللي هيحصل بينا ، لا انا مش عايزة ..انحنى جواد يهمس لها بعدما لاحظ خوفها وهمسها لنفسها 


-هنون النهاردة أسعد يوم في حياتي حبيبي ، وعلى فكرة مش هتنازل عن الحنة بتاعة امبارح 


-هو انت هتعمل ايه..قالتها والخوف ينبثق من عيناها ، قهقه عليها متجها إلى ساحة الرقص ليفتتح الحفل برقصتهما، لف ذراعيه يجذبها بقوة لأحضانه ينظر لعيناها 


-لا حبيبي ، دا مايتقلش، همس بجوار أذنها 


-دا يتحس بس ..رفعت عيناها المرتجفة إليه 


-هو ينفع نأجل ..ضمها بقوة يدور بها على نغمات الموسيقى وارتفعت ضحكاتها، ظنا أنها تمزح إليه 


في الركن البعيد الهادئ ..بعد انتهاء رقصة العروسين ، والتعرف على الموجودين اتجه إليها يسحب كفيها ويخطفها من جلوسها بجوار والدته والدتها ..


توقفت أمامه


-جاسر ايه اللي بتعمله دا ، الناس بتبص علينا..جذبها من خصرها وتحرك بها إلى هذا المكان الذي يبعد عن الزحمة ورغم ابتعاده إلا أنه يكشف الحفل كشاشة عرض، قام بتجهيزه خصيصا إليهما ..أجلسها بأحضانه على أرجوحة دائرية وحاوطها بذراعيه 


-عايزك في حضني ايه مش حقي، مش عايز حد يشوفك الليلة غيري


استدارت تنظر إلى وجهه القريب، تهمس مقتربة من خاصته


-مش الليلة بس ياروح جنى، لياليا كلها ملك لحبيب قلبي ..امال يرفعها بقوة يعصرها بأحضانه 


-مش قادر اعبرلك عن مدى اشتياقي، حاسس بقالي سنين مااخدتكيش كدا في حضني 


تراجعت بظهرها عليه تضم ذراعيه على جسدها 


-عارفة استحملتني كتير الفترة اللي فاتت ، غصب عني حبيبي ، وعد مش هبعد عن حضنك تاني ابدا 


رفع أنامله ترسم ملامح وجهها الذي يعشقها بحنو، ثم احتضن ثغرها 


-متخافيش عليا هعرف اخد حقي منك على كل ليلة بعدتيها عني 


أغمضت عيناها تنعم بهمساته ولمساته...


 الفصل السابع والاربعون ج1 من هنا   

     لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات