
رواية حب رحيم
الفصل الثالث والعشرون 23
بقلم سمر عمر
" لأنك قلبي.. "
عاد إلى المنزل بعد يوم طويل في العمل الشاق ومن ثم دلف إلى غرفته ثم إلى المرحاض ليضع بدنه أسفل الماء البارد لعلها تخفف عنه إرهاق بدنه قليلًا.. ثم خرج وهو يجفف شعره الكثيف بالمنشفة جيدًا و وضعها على المقعد التابع للمرآة و وقف يمشط شعره ليعود بعد ذلك إلى الفراش وألقى بجسده عليه..
وضع وسادة متوسطة الحجم خلف ظهره ليريح ظهره عليها عاقدًا ذراعيه أمام صدره شاردًا في قطرة الندى خاصته ليجد نفسه يبتسم عندما تذكر شعوره بالغيرة عليها.. فحقًا يشعر بالسعادة عندما يغار على حسناء قلبه ..فتلك الغيرة تشعره بأنه يريدها أن تكون له فقط ..تلك الندى خاصة برحيم فقط..
قاطعت شروده شقيقته رنا التي دخلت مغلقةً الباب خلفها فنظر إليها قاطبًا جبينه بينما هي تقدمت نحوه وجلست إلى جواره على الفراش وتساءلت باهتمام :
-مالك؟!
ضحك ضحكة ساخرة وقال بنبرة شبه ساخرة :
-السؤال دا بجد ولا أنا بحلم !
تعجبت من إجابته وتساءلت بعدم فهم :
-قصدك أي يا رحيم ؟
نظر إلى الأمام إلى لحظات من الصمت ثم أجاب بحده :
-أكتر من سبع سنين يا رنا كان نفسي بس أسمع كلمة مالك دي منك او من أمي على الأقل..
نظر إليها بحده ممزوجة بالعتاب متابعًا :
-اتجوزت واحده أنانية سبتلي ولد وبنت توأم عندهم أربع سنين.. أمي بدل ما تشيل عني الهم ده سبتني وسافرت لعلاء مع أنه مش محتاجها وأنتِ مفكرتيش حتى تسألي عليا ..و يوم ما تكلميني تكلميني علشان تقوليلي معلش يا رحيم أنت العاقل زود الفلوس اللي بتبعتها لعلاء شوية..
ثم تابع بدفعة :
-مفكرتيش أنا بعاني وبتعب قد أي علشان أجيب الفلوس دي..
أطرقت رأسها بحزن واضعة يدها على كتفه فأزاح يدها عنه لتنظر إليه بلهفة و تابع بحنق شديد :
-من المصنع للشركة للأولاد علشان اطمن عليهم وأرجع تاني للمصنع والشركة ..قبل ما أنام كنت بشيل هم بكرا..
ثم أردف بسأم :
-أمي رجعت ومعاها علاء يعني عايزة تزود همي وبعد كده سافرت علشان تقعد معاكِ
ربتت على كتفه من الأمام ثم قبلته على رأسه بحنان وقالت بحزن :
-أنا أسفه ..كلنا اسفين يا رحيم ..مكناش بنفكر غير في نفسنا..
ثم ابتسمت متابعة :
-وبعدين ما علاء ربنا هداه وشال عنك المصنع ..ناقص بس أنه يتجوز..
اغمض عيناه يومئ بخفه فقبلته على رأسه مجددًا ثم استندت برأسها على كتفه وقالت :
-أنت أخويا الغالي يا رحيم ..متزعلش مني يا حبيبي
***
كانت جالسة تتناول الغداء مع جدتها لكنها تعبث في الطعام بالملعقة فقط ..انتبهت جدتها إليها وبعد أن ابتلعت الطعام تساءلت :
-مبتكليش ليه ؟!..
لم تنتبه إلى سؤالها بفضل ذلك الرجل المستحوذ على عقلها وقلبها ..هي الأن في حيرة بالغة وصراع داخلي بين قلبها وعقلها وكبريائها ومن سيفوز من بينهم وتتمنى أن يفوز قلبها لأنها حقا تعشقه لكن كرامتها حاجزًا كبير بينهما وعقلها دائمًا يذكرها بكلماته المؤلمة وقسوته..
فاقت من شرودها على نداء جدتها لتنظر إليها بعدم وعي لكن سرعان ما استعادت وعيها وقالت بهدوء :
-أنا سمعاكِ
تساءلت بمكر :
-مين اللي واخد عقلك يا ندى ؟
حملقت بها للحظات من التوتر لكنها سيطرت عليه هذه المرة وقالت بكل شجاعة :
-رحيم ..مش هكدب عليكِ..
حركت رأسها بأسف فتركت ندى الملعقة وتحدثت معها بصدق :
-هو مدير الشركة اللي بشتغل فيها..
لتنظر إليها بلهفة وهي متابعة بحزن :
-الشركة على اسمي أسمها الندى ..وقالي النهاردة أنه بيحبني وعايزني اسامحه وارجعله
تركت الملعقة بعنف لتصدر صوت اثر اصطدمها في الطبق وتساءلت بحده :
-ورديتي قلتي إيه يا ست ندى ؟
-موافقتش طبعًا..
قالتها بضيق لتجتمع الدموع حول مقلتيها وشعرت بثقل في دقات قلبها ثم تابعت بنبرة بكاء :
-بس أنا لسه بحبه ..عايزة ارجعله ومش عايزة ..أنا مش عارفه اخد قرار
تنهدت بعمق ثم مسكت بيدها وقالت بجدية :
-اسمعي كلام قلبك يا ندى ..بس نصيحه مني يا بنتي لازم تتأكدي فعلًا أنه ندمان على اللي عمله معاكِ
انحنت برأسها وقبلتها على ظهره يدها فطلبت منها أن تكمل طعامها.. ابتسمت ثم تناولت الملعقة وبدأت تتناول الطعام بشهية مفتوحة..
..في تمام الساعة الثامنة مساءً دلفت إلى الغرفة وبدلت ثيابها بسروال من الجينز وكنزة سوداء بكم وعليها رسمة قلب أبيض ثم تناولت حقيبة يدها وخرجت بعد أن ودعت جدتها ..ثم استقلت السيارة في طريقها إلى الشركة كي تحضر الاجتماع من بدايته..
عند وصولها صفت السيارة جانبا وترجلت متجه إلى الداخل تنظر حولها لم تجد أحد قط سوى الأمن الذين يقفون أمام الشركة ..استقلت المصعد الكهربائي ووقفت تنظر حولها بقلق.. توقف المصعد وانفتح الباب فخرجت لكنها توقفت عندما رأت كلمة أسف على الأرض مكتوبة ببتلات ورود بيضاء وزرقاء ..أخذت تحدق بها إلى لحظات ثم نظرت في اتجاه المكتب لترى طريق من البتلات يؤدي إليه ..تقدمت نحوه بخطوات بطيئة حتى دخلت لترى الغرفة مظلمة للغاية ..وقفتتلهث بصوت مسموع وكادت أن تغادر إلا أنها تفاجأت بشاشة عرض كبيرة في نهاية الغرفة بدأت تعرض صور تجمع بينها وبين رحيم.. عقدت بين حاجبيها بحزن عندما تذكرت تلك الأيام لتشعر بعدها بالحنين ..ظهرت الدهشة على جميع ملامح وجهها عندما رأت صورة لها وهي في الأكاديمية وأيضًا صور التخرج وسؤال يتردد في ذهنها من أين أتى بهذه الصور ؟ ..وقفت الشاشة على صورة تجمع بينهما وخرج رحيم من خلف الشاشة حاملًا باقة ورد زرقاء زاهية..
أطرقت رأسها تمسح على وجنتيها بينما هو تقدم نحوها ووقف أمامها ثم أحاط خصرها واقترب منها لدرجة كبيرة بحجة أنه يضع باقة الورد على سطح المكتب ثم ابتعد عنها وازاح يده عن خصرها ..بللت شفتيها بلسانها ثم تساءلت بصوت مبحوح :
-وصلت للصور دي ازاي ؟
ليجيب عليها بوضوح :
-فكرت مع نفسي ليه تسافري إيطاليا؟!.. افتكرت الأكاديمية وعرفت انك سافرتي بعد بداية العام الدراسي الجديد.. رئيسها يعرفني عن طريق مستر محمود لما فتحت شركة تصاميم ولما سألته عن اللي اتقبلوا من مصر لقيت اسمك بينهم وصيته عليكِ وبقى ينقلني كل أخبارك يوميا..
حملقت به بعينين لامعتين بالدموع حيث متابع :
-كنت متابع أخبارك وعارف كل حاجة عنك وحمدت ربنا انك اختارتي قسم التصاميم ..وعرفت أنك بعدي ما تتخرجي هتشتغلي عند مستر محمود القدر جه في صفي وطلبت منه يرفض شغلك معاه ويبعتك هنا علشان تجيلي..
مسك بذراعيها يتأملها بعمق ثم تحدث بصوت منخفض :
-جبتك دلوقت علشان أقولك أسف ..واقولك إني مش قادر اعيش من غيرك.. واني مانستكيش لحظة ويوميا كنت بطمن عليكِ ..واقولك قد إيه كانت الأيام صعبة في بعدك
اتجه نحو المقاعد ساحبًا إياها خلفه وطلب منها أن تجلس لكنها رفضت وقالت بحده :
-معلش لازم امشي طالما مفيش اجتماع..
اجلسها على المقعد رغما عنها ثم جلس على المنضدة المقابلة لها وسحب النظارة عن عيناها فحاولت أن تأخذها لكنه وضعها خلف ظهره تحدثت بتأفف :
-لو سمحت عايزة النظارة
رفع حاجبية ثم وضعها داخل القميص فزفرت بحنق وهو يقول بثبات :
-اخلعي القميص علشان تاخديها..
جزت على أسنانها بغيظ وحاولت أن تنهض لكنه حاصرها بوضع يديه على يدي المقعد الذي تحتله ..فأطرقت رأسها تفرك في أصابع يديها وهو يتأملها عن قرب ثم تحدث بجدية :
-أنا تعبت في بعدك أوي يا ندى ..صدقيني مش هقدر اوصفلك.. طبعًا سيدة وفيه قالتلك أن إحنا اتنقلنا لبيت تاني بعد سفرك بأسبوع..
اومأت بالإيجاب فتابع بنبرة مؤلمه :
-كانوا فاكرين أنه مجرد تغير ..لكن الحقيقة إني مقدرتش أقعد في البيت وأنتِ مش فيه ..لحد ما والدتي رجعت وكان لازم افتح البيت تاني
ابتلعت لعابها بصوت مسموع وقالت بعتاب :
-أنت اللي عملت فينا كده ..ظلمت نفسك وظلمتني
تلاشى حديثها وهمس بنبرة رجولية صادقة :
-وحشتيني
تابعت حديثها بذات نبرة العتاب :
-أنت دوست على قلبي وكل اللي فكرت فيه انتقامك وبس
-وحشتيني ..وحـ شـ تيني
تعجبت من رده وتساءلت بتأفف :
-ليه عملت كده من البداية ؟
-وحشتيني.. وحشتيني قوي
تنهدت بسأم ودفنت وجهها في كفيها وتساءلت :
-افهم من ردك ده إنك مش عايز عتاب
ابتسمت عيناه وهو يردد :
-وحشتيني
زمت شفتيها في دهشة وحركت رأسها بتذمر قائلة :
-رد عليا
-وحشتيني..
رفعت حاجبيها ووجدت نفسها تبتسم رغمًا عنها فتنهد بعمق ناظرًا إلى شفتيها بعمق هامسًا :
-وحشتني ابتسامتك
اختفت ابتسامتها وتساءلت بنفاذ صبر :
-أنا مش عايزه ارجعلك ..لأني مش واثقه في حياتي معاك
قطب جبينه بحزن وقال بصدق :
-بس سامحيني وأوعدك اني اخلي عنيكي تلمع من السعادة ..هخليكي تدوخي من السعادة ..هجبرك على نسيان كل الأيام الصعبة اللي عشتيها في بعدي
قالت بنبرة شبه ساخرة قاصدة إخفاء حقيقة الجحيم التي يمكث قلبها منذ فراقهما :
-أنت واثق بقى إني عشت ايام صعبة في بعدك
ليقول بتأكيد :
-طبعا واثق قد ما أنا واثق إني قاعد قدامك دلوقت ..واثق إن حياتك كانت جحيم في بعدي ..واثق اكتر من نبضات قلبي إنك بتعشقيني عشق يتعلم منه العاشقين ..أما قلبي فهو بيعشقك عشق عجز عن تفسيره العلماء..
ثم مسك بيدها وضع راحتها على شفتيه يقبلها برقة ولهفة مغلقا عيناه ثم وضعها بين راحتي يديه وقال بنبرة ترجي :
-ارجعيلي يا ندى ..مشتاق لنفسي وأنا معاكِ ..أنتِ غيرتي فيا حاجات كتير وأنتِ الوحيدة اللي فهماني ومهما اتعصب بتستحملي
قالت بحزن واضح :
-بس أنا حاسة أن الجاي كله هيبقى شفقه منك علشان ندمان على اللي عملته معايا
لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة وقال مداعبًا :
-ابدا يا روحي ..بالعكس أنا اللي محتاج أنك تشفقي عليه وأنا راضي
نظرت إلى يديه التي تحتل يديها ثم سحبتها بهدوء وقالت :
-طيب ممكن تسبني يومين أفكر..
استقام ظهره يتنهد بسأم فقالت بحسم :
-يومين بس.. أنت استنيت سنتين مش هتستنى يومين
جز على أسنانه قابضًا على ذراعيها بقوة وقال وهو يلهث :
-أنا مش قادر استنى ثانيتين ..عايز اخطفك دلوقت واهرب بيكِ..
ثم تركها ونهض متجه نحو المكتب وهو يفك أزرار القميص السفلية ليأخذ النظارة ثم أغلقها ثانية وتناول باقة الورد بينما هي نهضت عن المقعد تنظر إليه باشتياق وحنين وعندما التفت أطرقت رأسها فيما تقدم هو نحوها و وقف يعطيها النظارة وباقة الورد فأخذتهم في صمت.. قال بمكر :
-خليتي لعطري رائحة خاصة
عقدت بين حاجبيها متسائلة :
-عطرك ؟
-اه كنتي حاطة منه أول يوم جيتي هنا
تذكرت عندما وضعت منه دون قصد فعضت على شفاها السفلى من الداخل واحمرت وجنتيها بحمرة الخجل وقالت بتوتر شديد :
-أنا لا لازم امشي
ثم اتجهت نحو الباب لكنه مسك بمرفقها وقال بحسم :
-استني هوصلك
-معايا عربيتي
ليقول بإصرار :
-لو معاكِ حتى طيارة برضو هوصلك
خرجت من الشركة برفقته وأخذ مفتاح سيارتها ليعطي إلى السائق واعطى له عنوانها لينتظره هناك ..ثم أخذها إلى سيارته وفتح لها الباب وجلست على المقعد ثم لف حول السيارة وجلس أمام المقود ليغادر ..نظرت إلى الطريق بواسطة النافذة وتستمع إلى دقات قلبها العالية في أذنيها.. بينما هو ينظر إلى الطريق تارة وينظر إليها تارة أخرى ..حتى وصل إلى مول معروف و صف السيارة جانبًا فنظرت إلى ذلك المول متسائلة :
-وقفت هنا ليه ؟
-هجيب حاجة ..تحبي تيجي معايا ؟
اومأت بالنفي وهي تحتضن نفسها بذراعيها وقالت بصوت منخفض :
-أنا هستنى في العربية
ترجل وأغلق الباب ثم لف حول السيارة وفتح الباب الثاني قائلًا :
-لاء انزلي مش هسيبك لوحدك
وضعت باقة الورد جانبًا لتهبط من السيارة إلى الأرض فأغلق الباب ومسك بيدها واتجه نحو الداخل ..نظرت إلى أيديهم وحاولت سحبها إلا أنها شدد عليها وهو يرمقها بنظرة سريعة ..ثم وقف أمام إحدى الطاولات وقال :
-اقعدي هنا مش هتأخر
سحب لها مقعدًا لتجلس عليه واتجه هو إلى ما يريد ..لفت نظرها اثنان من الشباب يجلسون أمام الطاولة المقابلة لها يتهامسون وأحدهم أشار إليها فأشاحت بوجهها بعيدًا ويبدو عليها الغضب ..نظرت إلى ساعة يدها ثم زفرت بسأم وبعد دقائق ألقى واحدًا من الشباب ورقة بيضاء فاتسعت عيناها لكنها فزعت أكثر عندما وضع رحيم يده عليها لترفع رأسها إليه ثم نهضت شاعرة باضطرابات في معادتها وقالت بتوتر :
-يـ يلا نـ نمـ شي
رفع الورقة وقام بفتحها ليقرأ بعينيه ما تحمله الرسالة ليجد رقم هاتف و " كلميني يا حلوه.." رفع رأسه عن الورقة ينظر إلى الأمام بعينين لامعتين من جحيم الغيرة وبكل هدوء وضع حقيبة الهداية الصغيرة أعلى الطاولة وتقدم نحو الشباب تحت أنظار ندى التي تعلم جيدًا أنه سيدفنهم أحياء ..ضرب براحة يده على الطاولة لينظرا إليه ثم سحب يده لتظهر الورقة وتحدث بنبرة رجولية عنيفة :
-مين فيكم صاحبة الورقة دي
نظرا إلى بعضهما في تعجب ثم قال أحدهم ساخرًا :
-صاحبة ؟ ..انت مش شايفنا رجاله ولا إيه !
-أه مش شايفكم رجاله
ما أن أنهى كلماته ورفع الطاولة ألقى بها ليسقط كل شيء عليها على الأرض ثم أخذ بتلابيب أحدهم وانهضه عن المقعد ليسدد له ضربه قوية جعلته يفقد توازنه ويسقط على الأرض أما الذي يجلس على المقعد فسدد له عدة ضربات بغل حتى سقط بالمقعد ..وقف البعض ينظرون إليه في دهشة بينما وضعت ندى رأسها بين يديها وهو يشير إليهما بإنذار محذرا من الخطر بحديثه العنيف :
-حظكم هيبقى حلو لو ماشفتش وشكم تاني ..بإيدي اعلقكم على باب المول علشان تبقوا عبرة
كان قد جاء المسؤول عن الكافية ينظر إلى الفوضى التي في المكان بينما نهض كلًا من الشبايين ينظرون إليه بحده وكاد أن يتحدث أحدهم لكن المسؤول وبخهما جميعًا عن هذه الفوضى ..فطلب رحيم منه أن يتبعه ثم التفت وتناول حقيبة الهدايا ثم مسك بيد ندى واتجه نحو الباب ولحق به المسؤول ..فتح لها الباب السيارة فنظرت إليه بحده على ما فعله في الداخل فقال بضيق :
-اركبي مستنيه عزومة
دخلت السيارة وهي تزفر بتذمر ليغلق الباب ثم وقف يتحدث مع المسؤول واعطى له المال تعويضًا عن الخسائر التي تسبب بها ثم استقل السيارة وغادر متجه نحو منزل جدتها.. حالفهم الصمت حتى وصل وصف السيارة أمام العقار فنظرت إليه بحنق وقالت بتأفف :
-مكنش فيه داعي للي عملته ده
لينظر إليها بلمعة الغيرة وقال بحده :
-المفروض ان أنا ابقى واقف بتفرج والأستاذ بيديكي رقمه
-مكنتش هاخد الرقم دا أصلًا ..كنا مشينا وخلاص
ضرب على المقود بقبضة يده بخفه عدة مرات وقال بتأكيد :
-أي حد يفكر يبصلك لازم يكون عبرة لغيرة ..بغيير عليكِ ودا طبع فيا مش هغيره
حركت رأسها في كلا الاتجاهين ثم تناولت باقة الورد وفتحت الباب تكاد أن تهبط من السيارة لكنه أسرع بالقبض على معصمها وهو ينظر إلى الأمام بصرامة ثم أعطى لها علبة الهدايا بحنق قائلًا :
-اتفضلي دي عشانك
حملقت به للحظات ثم تحدثت بتذمر :
-وأنا اخدها ازاي وانت بتدهاني بالطريقة دي..
لينظر إليها قاطب جبينه وهي متابعةً :
-ادهاني بكرا تكون رايق شوية
قال من بين أسنانه بغيظ :
-مين هاني دا ؟.. أسمها ادهالي مش ادهاني ..متنطقيش غير اسم رحيم بس وألا هاكل لسانك
زمت شفتيها كاتمة ضحكاتها ثم اومأت موافقة وأخذت حقيبة الهدايا متمتمه بالشكر وترجلت وأغلقت الباب لتقابل السائق الخاص برحيم أعطى لها المفتاح ثم دخلت العمارة و جاء يجلس أمام المقود رفض رحيم أن يبدل معه وطلب منه أن يجلس جواره لينفذ رغبته ثم غادر المكان..
وقفت تفتح باب الشقة ثم دلفت إلى الداخل ومن ثم إلى غرفتها وأخرجت الهدية من الحقيبة تفاجأت بأنها من الفضة على شكل " أسف ندى.." شهقت في دهشة و وجدت نفسها تضحك ضحكة خفيفة تحرك رأسها في كلا الاتجاهين قائلة :
-مجنون بجد..
ثم وضعتها جانبًا وأخرجت علبة مكعبة صغيرة وفتحتها لتجد ظرف أبيض صغير واسواره على شكل نبضات لكنها ليست منتظمة بل مستقيمة قليلا ثم نبضات.. تناولت الظرف وقرأت ما يحمله من كلمات بصوت منخفض :
-تلك كانت نبضات قلبي في بعدك يا ندى ..مؤلمة مجروحة واحيانًا مستقيمة ..قلبي كان على وشك أن يتوقف لكنك عُدتي لي ..ارجوكِ أنا أحبك كثيرًا ..عودي إلي يا ندى فأنا أحتاجك وافتقدك أكثر
وضعت الظرف على أنفها تستنشق عطرة بعمق ثم نظرت إلى كلماته مجددًا لتشعر بعد لحظات بدموعها الساخنة تهبط على وجنتيها ببطء ثم أغمضت عينيها وهمست بألم :
-بحبك
بعد لحظات نهضت لتبدل ثيابها ودثرت نفسها في الفراش وهي تعانق الظرف والهدايا معًا ثم تناولت الهاتف من أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة للفراش وأخذت تقلب في صور رحيم ثم احتضنت صورته واغمضت عيناها
***
في الصباح ذهبت إلى الشركة واتجهت نحو غرفة الاجتماعات ووقفت تدق الباب فأذن رحيم بالدخول لتدخل مغلقة الباب خلفها بهدوء وهرولت إلى إحدى المقاعد متمتمه بالاعتذار على التأخير ثم جلست بجوار الفتيات.. لاحت ابتسامة جانبية على ثغرة بعد ذلك أكمل حديثه عن المشروع الجديد والذي يحمل اسم " مشروع الشباب.." ثم توقف عن الحديث وبدأ بفحص الأوراق التي أمامه ..فهمست أحدهم :
-حلو اوي النهاردة ..رايق كده وهادي
لتهمس الأخرى :
-بالعكس دا لما يتعصب بيبقى أجمل وحمش كده في نفسه
تطاول الهمس عليه وندى تجز على أسنانها بغيظ وانتظرت أن يتوقفن لكن طال حديثهن عليه فقالت بحدة الغيرة بدون تفكير :
-عيب كده احترموا نفسكم بقى
لينظروا إليها وأيضًا رحيم الذي رفع عيناه عن الأوراق فأمسكت التي تجلس بجوارها مرفقها وهمست بخجل :
-بس هياخد باله.. وبعدين أنتِ مالك كان قريبك
ليستمع رحيم إلى أخر كلمات تلك الفتاة ليعلم أن اندفاع ندى بفضل الغيرة عليه.. بينما سحبت هي مرفقها من ذراعها وكادت أن تتحدث معها بحنق إلا أن طلب رحيم أن ينتبهوا إلى حديثه فنظروا إليه باهتمام عدا ندى التي نظرت إلى الأمام بوجه محتقن ..تحدث رحيم بنبرة رجولته المميزة :
-عارفين أنا ليه سميت الشركة دى باسم الندى؟..
اتسعت عيني ندى واحمرت وجنتيها بحمرة الخجل في لحظة واستمعت إلى حديثه وهي تتنهد بصوت مسموع :
-على اسم حبيبتي ندى..
ثم أشار إليها لينظروا إليها في دهشة وهو متابع :
-ندى حبيبة قلبي ..بحبك
دفنت وجهها في كفيها لتشعر باضطرابات في معادتها وتوتر جعل من جسدها ضعيف هزيل بالكامل ثم نهضت مهروله إلى الباب فضحك ضحكة خفيفة ثم نظر إلى الشباب الذي يبدو عليهم الدهشة البالغة والذهول في آن واحد.. تنحنح بخفة ثم أنهى الاجتماع وطلب منهم الذهاب إلى قسم التصاميم.. بعد ذلك نهض ليغادر فبدأ الحديث الجانبي عنه وعن ندى..
أخذت المشروب من كافية صغير تابع للشركة وتناولت منه رشفة ثم نظرت حولها لتشعر وكأن الجميع يتحدث عنها بعد ما صرح به رحيم داخل الاجتماع..
تم طلبها في الاستقبال فذهبت لتخبرها بأن مستر رحيم ينتظرها في المكتب.. تنهدت بعمق واستقلت المصعد إلى الطابق المنشود ومن ثم إلى غرفة المكتب.. بمجرد أن دخلت نهض عن المقعد متجه نحوها وهي تقول بحده :
-ارتحت انت دلوقت !
وقف أمامها ينظر إليها بحب فأطرقت رأسها خجلًا من نظراته وهو يقول بجدية :
-كان لازم اقول كده علشان يعرفوا أني ملك قطرة الندى خاصتي
تراجعت خطوة إلى الخلف ورفعت كتفيها وتصنعت عدم الاهتمام قائلة :
-طيب وانا مالي
ضحك بخفه ثم تحدث بتأكيد :
-بتغيري عليا يا ندى
ابتلعت لعابها بصوت مسموع وقالت باضطراب :
-لا طبعًا ..مابغرش
-بتغيري ..أنتِ غيورة ..بتغيري علشان بتموتي فيا
زفرت بسام وقالت بغيظ :
-قلتلك مابغرش
ثم التفتت متجه نحو الباب فأمسك بمرفقها وادارها إليه.. فشوحت بيدها الممسكة بها كوب النسكافيه الساخن لينسكب على كتفه وصدره.. فأغمض عيناه بينما شهقت هي بهلع و وضعت الكوب أعلى المنضدة الصغيرة المجاورة للمكتب وركضت إلى الثلاجة الصغيرة لتأخذ زجاجة مياه صغيرة وعادت إليه وأخذت تضع المياه الباردة على كتفه وهي تقول بهلع :
-ماكنش قصدي بجد أسفه اوي
نظر إليها مستمتعًا بنبرة الخوف التي تحدثت بها وأيضًا نظرات الهلع الخاصة بها ولا يهتم بشعورة بألام الحرق التي تسببت به ..وضعت الزجاجة أعلى المكتب ثم وقفت أمامه بحزن واضح بينما هو فك ازرار قميصه وازاح القميص عن كتفه ليراه أحمر أثر الحرق وأيضًا جزء من صدره ثم نظر إليها وقال بهدوء :
-ارتحتي كده لما حرقتيني !
رفعت رأسها لتنظر إلى كتفه لتندهش وزمت شفتيها بحزن قائلة :
-اسفه ماكنش قصدي بجد
أقترب منها بثبات حتى وقف أمامها مباشرةً وقال بنبرة ثقيلة وهو يتفرس ملامحها بتمعن :
-أحلى حاجة عملتيها لأني مشتاق لحركة ايدك على جسمي
اتسعت عيناها في دهشة ونظرت إلى تلك العينين الوقحتين وتساءلت بحده :
-افندم ؟ تقصد إيه ؟!
قبض على معصم يدها وقال بنبرة رجولته المميزة :
-أقصد أنك هتنزلي الصيدلية تجيبي دهان للحرق وتعالجيني
حركت رأسها في كلا الاتجاهين وقالت بإصرار :
-لاء طبعًا ..كفاية عليك الميه وتحمد ربنا كمان
رفع حاجبيه بمرح ثم أومأ بالموافقة وقال بقصد أن يشعل الغيرة داخلها :
-خلاص أنا انزل الصيدلية بنفسي والدكتورة اللي تحت ايديها حنينه..
حدقت به حتى اتسع بؤبؤ عينيها حيث تابع ببرود :
-وهنروح بعيد ليه ..ما البنت دي زميلتك أسمها زينة تقريبًا تيجي هيا تعالجني ..تتمنى ده بصراحه
جزت على أسنانها بغيظ وقالت بصوت خشن :
-ماشي أنا هنزل اجبلك الدهان على ما تنادي عليها تعالجك
ثم خرجت من المكتب مغلقة الباب خلفها بقوة ضحك ضحكة خفيفة مستشعرا بالسعادة لأنه يرى تلك الغيرة التي طالما حلم بها واشتاق إليها كثيرًا ..ثم خلع القميص وتحسس كتفه ليعقد بين حاجبيه بألم ثم تناول زجاجة المياه واتجه نحو الأريكة ليجلس عليها واضعًا الزجاجة على مقدمة صدره المحروق لعل ألم الحرق يختفي قليلًا..
عادت بعد دقائق ودخلت مغلقة الباب خلفها ثم تقدمت نحوه ووقفت تنظر إلى الأرض وهي تمد يدها بالعلاج قائلة :
-اتفضل
قبض على معصمها وقال بإصرار :
-اقعدي علشان أنتِ اللي هتعالجيني
قالت ساخرة :
-أمال فين زينة تعالجك
ضحك ضحكة خفيفة ثم جذبها إليه واجلسها إلى جواره فخرجت شهقة من بين شفتيها بينما هو التفت ليواليها ظهره.. تنهدت بهدوء ثم أخرجت الأنبوبة و وضعت القليل على أنامل يدها وبدأت تمسح على كتفه بشكل دائري فلاحت ابتسامة جانبية على ثغره ثم رفع رأسه قليلًا مغلقا عيناه مستمتعًا بحركة يدها الناعمة والتي أشتاق إليها كثيرًا.. مستعد أن يحرق نفسه يوميًا من أجل ذلك الشعور الرائع بلمسة يدها ..نظرت إليه بحب ثم اقتربت برأسها من شعره لتستنشق عطره عن قرب لتجد نفسها في عالم أخر ..عالم ملئ بالنجوم لا يوجد سواهم ومجموعة من النجوم التي تضئ عتمتهم فتنبض القلوب بالحب من جديد..
فاقت من شرودها عندما ابتعد عنها واستدار إليها وأشار إلى مقدمة صدره فوضعت الانبوبة أعلى المنضدة وقالت بتوتر شديد :
-كمل انت بقى
ثم نهضت مهرولة نحو المرحاض ودخلت مغلقة الباب خلفها ووقفت أمام المرآة تلتقط أنفاسها بهدوء تام ثم غسلت يديها جيدا ..بينما ارتدى هو القميص وبدأ يغلق أزراره بعصبية بفضل الشعور بألم الحرق حتى فلت واحدًا من الأزرار ليسقط أرضًا.. بينما خرجت ندى وتقدمت نحوه لتجد ذرار القميص في يده وتساءلت :
-حطيت مرهم ؟
-لاء ..يا أما أنتِ اللي تحطي يا أما مش عايز..
حكت جبينها بينما هو نهض متجه نحو المكتب ووقف مواليها ظهره قائلًا :
-مش عايزة تشوفي الأولاد ..روحي النهاردة أنا مش هروح البيت غير بعد الساعة عشرة
-خلاص اوكي هروح اشوفهم دلوقت
..بعد نصف ساعة تقريبًا غادرت الشركة وذهبت إلى الشقة أولا وأخذت الحقيبة الخاصة بهما ثم اتجهت نحو منزل رحيم ..ذلك المنزل الذي جمع بينهما والذي دق قلبها بالحب داخله ..تشعر بالعشق والحنين لذلك المنزل قليلًا ..وعند وصولها صفت السيارة ثم ترجلت وأخذت الحقيبة من المقعد الخلفي ووقفت تدق جرس الباب وقلبها يدق برهبه فقد اشتاقت لهذه اللحظة كثيرًا..
فتحت زهرة الباب فابتسمت ندى إليها بود قائلة :
-أنا ندى كنت عايزة اشوف ريان وأشرقت
ابتسمت وقالت بصوت هادئ :
-عارفه شفت صورتك على تليفون ولاب خالو رحيم
حركت رأسها بخفه بينما تنحت زهره جانبًا لتدخل ندى ساحبه الحقيبة خلفها.. أغلقت الباب ثم عزمت عليها بالدخول وصعدت إلى الطابق العلوي تنادي على كلًا من ريان وأشرقت.. بينما نظرت ندى حولها بشغف وتستنشق رائحة الطفلان في كل مكان ورحيم أيضًا..
نظرت إلى الدرج بلهفة عندما رأت ريان يهبط بخطوات سريعة فاتسعت ابتسامتها ثم جلست على ركبتيها فاردة ذراعيها ..قذف نفسه داخل أحضانها وعيناها على تلك الفتاة الجميلة التي تهبط الدرج تنادي ندى.. ابتعدت عن ريان تنظر إليه بلهفة اشتياق ثم أخذت تقبله على رأسه و وجنتيه بينما وقفت أشرقت خلفها لتحتضنها من الخلف وقبلتها على وجنتيها ثم تحدثت بسعادة :
-وحشتيني يا ندى.. مبسوطة اوي علشان رجعتي
مسكت بيدها وجعلتها تقف أمامها لتحتضنها بشدة ثم احتضنت ريان معبرة لهما عن مدى اشتياقها لهما ..فيما خرجت رنا من غرفتها ووقفت تنظر إليهم وأيضًا أبنها الذي يدعى مالك.. ابتعدت عنهما لتنظر إليهم بتمعن ممسكة بيد أشرقت وباليد الأخرى تداعب شعر ريان من الأمام وقالت بسعادة :
-كبرتم يا أولاد ..بقيتوا احلى من القمر
قال ريان بسعادة :
-أنتِ الاحلى من القمر
-اه يا ندى أنتِ جميلة اوي
ضحكت ضحكة خفيفة وقالت بتأكيد :
-مش أحلى منكم يا غالين
ثم فتحت الحقيبة وأعجبت أشرقت بالثياب خاصتها وأيضًا الالعاب وفي وسط الملابس تفاجأ ريان بأحدث جهاز من أجهزة العاب الفيديو فنظر إلى ندى في دهشة قائلًا :
-زودي ساعات لعبي بقى يا ندى
ضحكت ضحكة خفيفة وعندما تقدمت رنا نحوهم وقفت عن الأرض وصافحتها بابتسامة بسيطة وقالت رنا :
-أنتِ بقى ندى الأولاد طول النهار مفيش على لسانهم غير ندى وندى
- أنا كمان بحبهم اوي
طلبت رنا من ابنتها أن تأخذ الحقيبة إلى غرفة الأولاد لتنفذ رغبتها فورًا بينما جلست ندى على الأريكة وجوارها كلًا من أشرقت و ريان وتساءلت عن السيدة وفيه لتقول رنا :
-مالك شوف طنط وفيه في اوضتها
ركض إلى الغرفة فتساءلت ندى :
-عندك مالك وزهره
-اه زهره الكبيرة ومالك في تانية ثانوي
-ربنا يبارك لكم فيهم
جاء مالك وجلس على المقعد المجاور إلى الأريكة قائلًا :
-كانت بتصلي وجاية
هبط علاء الدرج وهو يحيط كتف زهره ويمزح معها فنظرت ندى إليهم ثم ابتسمت بينما جاءت السيدة وفيه فنهضت ندى لتقابلها بالعناق واخبرتها كم هي مشتاقةً لها لينظر علاء إليها وتفاجأ بوجودها ثم تقدم نحوها ووقف حتى ابتعدت ندى عنها فمد يده مرحب بها لتصافحه وفي ذات اللحظة وصل رحيم رأته أشرقت فأشارت إلى ندى وقالت بسعادة :
-بابي ندى جت
أبتسم رحيم بينما نظرت ندى إليه بلهفة وبدأ قلبها يقرع كالطبول وشعرت بالغضب أيضًا لأنه أخبارها بأنه لم يأتي إلا في العاشرة ..وقف علاء مع رحيم تحدث إليه إلى لحظات ثم غادر المنزل وجلس رحيم على المقعد المجاور للأريكة ليجلس مالك هو على يد المقعد ..نظر إلى ندى وقال :
-اقعدي واقفة ليه
قالت بتوتر شديد :
-لاء أنا همشي بقى
ليقول ريان بحزن :
-لاء خليكِ معانا
نهض رحيم عن المقعد وتحدث بهدوء خافيًا لهفته خلفه :
-ندى لو سمحتي تعالي نتكلم شوية في المكتب
نظرت إلى كلًا من ريان وأشرقت الذي يبدو عليهما الحزن فيما اتجه هو نحو الغرفة فلحقت به ودخل ليقف أمام الباب انتظر حتى دخلت ثم أغلق الباب فقالت بتأفف :
-بتحطني قدام الأمر الواقع ..قولتلي أنك مش جاي دلوقت
قال ببساطة :
-قلت كده علشان توافقي تروحي..
ثم وقف أمامها و وضع يده على وجنتها بلطف وقال بصدق :
-بحبك..
أطرقت عيناها بينما هو وضع شعرها خلف أذنها وهبط بيده إلى عنقها وكادت أن تتراجع إلى الخلف لكنه أسرع بالقبض على مرفقيها ليثبتها أمامه وقال بنبرة اهلكها عذاب الفراق حقًا :
-مش هسيبك تمشي غير لما تسامحيني ..ريحي قلبي..
حاولت سحب يديها من قبضته لكنه شدد في إمساكها وتحدث بحسم واضح :
-ندى أنا مستحيل أسيبك.. لأني ببساطة مش متخيل نفسي مع واحده غيرك ولا أنتِ تبقي مع غيري يا ندى.. أنا بحبك ومتمسك بيكي لأخر يوم في عمري
عقدت بين حاجبيها بحزن وأخذت تحرك رأسها في كلا الاتجاهين بخفه قائلة :
-في حاجة جوايا منعاني عنك
-كبريائك ..الكبرياء دا دمر علاقات كتير ..أرجوكِ يا ندى فكري فيا وفي قلبك ..
أغمضت عينيها بعمق وهي تومئ موافقة فطلب منها أن تتحدث :
-اتكلمي
تحدثت بصوت منخفض :
-سامحتك
وضع يديها حول خصره وضمها إلى صدره يحتضنها بكلت يديه ثم قبلها على رأسها بحنان وقال بهدوء وسكينة :
-أخيرًا يا ندى رجعلي الحضن اللي بيريحني..
ابتعد عنها عندما شعرها بأنها تود الابتعاد ونظرت إليه بحده فقال بحسم :
-بحبك وهترجعيلي يا ندى
قالت بصوت مبحوح :
-صح
استند بجبينه على جبينها محتضنًا وجنتيها براحتي يديه وهمس بحب :
-لإنك بتحبيني
أومأت بالنفي وقالت بنبرة بكاء :
-لاء ..لأنك قلبي