رواية الماسة المكسورة الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الخامس والاربعون 45 

بقلم ليله عادل

{''~ أنت لا تعرف ما هو الحب الحقيقي والعشق الأبدي، ذلك العشق الذي يتغلغل كيانك ويتملك روحك، ويجعلك لا ترى العالم إلا من خلال من تحب، 

ذلك العشق الذي يجعلك لا تنام وتسهر الليالي تفكر به، ويبقى هو اليد التي من خلالها سهل الوصول لك فـ ٓاحذر أن يجعلك عشقك فخاً للوقوع بك ''~ }

                                     ليلةعادل🌹✍️


             الفصل الخامس والاربعون ♥️🤫


             [ بعنوان عشق لم ينتهي ]


في إحدى العيادات الخاصة٢م


نشاهد ماسة مستلقية على الفراش ويجلس بجانبها سليم وهو يمسك يدها بحب ودعم وينظر إلى شاشة السونار، وبجانبهم الطبيبة التي تقوم بعمل السونار...

كانت الابتسامة الواسعة ترتسم على وجهيهما بسعادة غامرة وهما يشاهدان قطعة منهما بدأت تنمو في أحشائها... تلك النقطة الصغيرة التي ستنمو وتكبر وستأتي بعد عدة أشهر لتجعل حياتهما أكثر سعادة وقربًا من بعضهما، وتقوي ذلك الرباط المقدس والروحي بينهما.


الطبيبة وهي تشير بيدها إلى الشاشة: شايفين النقطة دي؟ هي البيبي.


سليم بسعادة وبابتسامة طفولية وهو يشير بعينه: ده ابني.


الطبيبة بلطف: اممم ابنك أو بنتك... (أكملت بعملية) أنا شايفة الدنيا تمام والأمور ممتازة... كدة خلصنا.


أغلقت الجهاز وخلعت القفازات ونهضت وتوجهت إلى مكتبها...


ساعد سليم ماسة في مسح الجل من على بطنها...

ثم ساعدها في النهوض وألبسها الحذاء...

نهضا وتوجها إلى المكتب خلف الطبيبة... جلسا على المقاعد الأمامية أمام بعض.


الطبيبة: إحنا كدة في بداية الأسبوع الرابع، والحمل كويس مافيش أي حاجة مقلقة، حجم الجنين وكل حاجة مظبوطة، ألف مبروك يا ماسة.


ماسة بسعادة: الله يبارك فيكي.


سليم بتساؤل: يعني مافيش أي قلق أو أي حاجة خطر عليها؟


الطبيبة: ولا أي حاجة، ماسة بس تاخد بالها من أكلها وتزود الخضروات، وهكتب لها على حقن تثبيت.


سليم: ليه؟ مش إنتي قولتي كله تمام!


الطبيبة: مظبوط، بس ده إجراء طبيعي وروتيني، وطبعًا الفترة دي مافيش أي علاقة لمدة شهرين.


سليم وهو يهز رأسه: تمام.


دونت الطبيبة في الروشتة العلاج وقالت:

الحقن دي يوم و يوم لمدة شهر، مع الفيتامينات دي، وكل شهر لينا مقابلة..

رفعت عينيها لماسة وأكملت: ممكن تحسي إنك عايزة ترجعي، دوخة، كسل، بطنك توجعك، كل الأعراض دي طبيعية ما تقلقيش. (مدت يدها بالروشتة) ألف مبروك مرة تانية.


سليم بامتنان: الله يبارك فيكي.


ماسةبتزمر: هو لازم حقن؟ كفايه شكشكه بقى تعبت.


الطبيبة: اممم معلش عشان البيبي إنتي بقالك سنة بتتمنيها.


ماسةتبسمت: عندك حق كل يهون عشانها.


توقفا سليم وماسة


سليم بتهذيب: شكراً عن إذنك.


تحركا وتوجها للخارج... وفجأة، وهما عند الباب، حملها سليم بين ذراعيه


ماسة بدهشة: سليم بتعمل إيه؟


سليم بحب ودلال: قطعة السكر بتاعتي وأم ابني لازم تتشال على كفوف الراحة، الملكة بتاعتي ماينفعش معاها غير كدة.


ماسة بخجل: بس إحنا قصاد الناس ماينفعش نزلني.


سليم: ما إنتي عارفة مش بيهمني.


ماسة تحاول أن تنزل بخجل: أنت مجنون! الناس بتتفرج علينا نزلني.


سليم وهو متمسك بها بقوة وأثناء تحركه قال برفض: أميرتي مش هتنزل إلا عند العربية، اسكتي بقى.


وصلا إلى المصعد ودخلا. وجدا رجلاً وسيدة مسنين يقفان داخل المصعد. شعرت ماسة بالإحراج فدفنت وجهها بين حنايا رقبته بخجل. أخذ الرجل والسيدة ينظران لهما بابتسامة مبطنة باستغراب على منظرهما.


ماسة همست في أذنه: نزلني بقى.


سليم برفض: لا.


ماسة: يا سليم.


سليم بعناد: لا لا.


ماسة بهمس: بيبصوا علينا.


سليم: فعلاً.

نظر لهما قائلاً بتوضيح: معلش أصل جايلنا نونو بعد ٥ سنين جواز، ففرحان أوي.


الرجل: ألف مبروك.


السيدة: تقومي بالسلامة.


سليم: ميرسي.


بعد ثوانٍ خرجا من المصعد. حتى السيارة، كان بانتظارهما مكي وبعض الحراس...


فتح مكي الباب الخلفي للسيارة، هبطها سليم وصعدا... وأثناء تحرك السيارة.


سليم بسعادة: تحبي تروحي فين؟ أوعي تقولي الملاهي!


ماسة ضحكت: أكيد لا، هو أنا هبلة؟ نروح لماما نفرحها.


نظر لها سليم بتركيز، يبدو أن هذا الأمر لا يريده، لكن لماذا؟


سليم بارتباك مبطن: امم الموضوع ده محتاج نتكلم فيه.


عقدت ماسة حاجبيها متعجبة: نتكلم في إيه؟!


سليم: نروح بس نتغدى وأقولك هناك.


ماسة بانزعاج: هي دي كمان محتاجة مناقشة؟


سليم بلطف وهو يمسح على وجهها: لا، بس هفهمك هناك يا مامي ماسة.


زاد من ابتسامته وأمسك يدها ووضع قبلة رقيقة عليها... أحاط ظهرها بأحد ذراعيه وأسندت رأسها على كتفه. وضع سليم يده على بطنها وهو يتحسسها بسعادة، وأكمل...


سليم بسعادة: أنا لحد اللحظة دي مش مصدق إنك حامل.


ماسة بسعادة: وأنا كمان فرحانة أوي، بس خايفة.


سليم متعجباً: من إيه؟


ماسة: عشان المذاكرة، أنت ناسي إني في ٣ ثانوي.


سليم: امتحاناتك قربت، هتكوني في الرابع أو الخامس وقتها. ما تقلقيش، أنا معاكي يا عشقي.


مكي: مبروك يا سليم.


سليم: الله يبارك فيك يا مكي، عقبالك.

🌹_______❤️بقلمي_ليلةعادل❤️______🌹


في أحد المطاعم٣م


نشاهد سليم وماسة يجلسان على إحدى الطاولات متجاورين، وكان يقف بجانبهم الجرسون يأخذ الطلبات. يجلس بالقرب منهما على طاولة مجاورة الحراس ومكي.


ماسة: أنت طلبت أكل كتير أوي.


سليم وهو يتحسس بطنها: اتفقنا مافيش اعتراض.


ماسة: ماشي، ها، مش عايزني أقول لماما ليه؟


سليم بتوضيح: لا، إنتِ هتقولي لها، بس شوية، مش دلوقت.


ماسة باستغراب: ليه شوية؟ مش فاهمة.


سليم بهدوء وعقلانية: جوايا إحساس بيقول لي استنى شوية، مش دلوقت، بعدين، مافرقتش دلوقت من كام شهر، لحد لما الحمل يثبت.


ماسة باعتراض وحدة: صوت إيه وإحساس إيه! الحمل الحاجة الوحيدة اللي مينفعش تتخبى.


سليم: وأنا مقولتش نخبي.


ماسة بضيق: بس قولت نأجل شوية.


سليم: أيوه، عادي، مافيش مشكلة.


ارتفع صوت ماسة باعتراض: لا، في مشكلة!! مشكلة كبيرة كمان.


سليم ببحة رجولية وهو يبرق لها: وطي صوتك.


حاولت ماسة تمالك أعصابها وقالت: بص، أنت حر تعرف أهلك أو ما تعرفهمش براحتك، حاجة تخصك، لكن ماما وبابا وأخواتي لا. أنا مقدرش أكون حامل وماعرفهمش وأفرحهم.


سليم بحدة: لا، هتقدري.


ماسة بضيق: هو إيه اللي هتقدري؟! سليم، أنا هقولهم.


سليم بحسم: وأنا قلت لا.


ماسة باستهجان: إيه التحكم ده؟!


سليم بتوضيح: لا، يا عشقي، مش تحكم، ده خوف...


أقترب منها وأمسك يدها محاولاً توضيح الأمر لها، وما يشعر به، بهدوء وعقلانية، أكمل

حبيبة قلبي، افهميني. أنتِ من ساعة ما قولتِ لي أنا عايزة أقولهم وأنا خايف، حاسس إنك لو قولتي دلوقت، في حاجة هتحصل مش عارف إيه هي؟! بس أنا عايز أمشي ورا الصوت ده لأول مرة،خلينا نستنى شوية بس، لحد لما الحمل يثبت، هي كلها شهرين يا حياة قلبي، وابقي قوليلهم إنك لسه عارفة، عادي يا ماستي الحلوه ، بعدين إنتي عارفه احنا تعبنا قد ايه وعانينا قد ايه عشان نجيبها.


مررت ماسة عينيها عليه بعدم رضا وضيق: سليم، أنا طول عمري بسمع كلامك في كل حاجة وبقولك عليها حاضر، من الوقت ما اتجوزنا حتى لو الحاجة دي أنا مش مقتنعة بيها، بس مادام إنت عايزها، أنا بنفذها. بس المرة دي، عشان خاطري أنا يا سليم، سيبني أقولهم، وأوعدك..


قاطعها سليم باعتراض: اطلبي مني أي حاجة تانية إلا دي، مش هينفع. لو خايفة على اللي في بطنك ونفسك يكمل، اصبري شوية.


نظرت له ماسة باختناق وحزن، بعينين ترقرقت بالدموع، فهي تشعر أنه يتحكم في كل شيء يخصها، ولا تستطيع أن تفعل أي شيء تريده إلا بموافقته، حتى لو كان خبر حملها. وتعلم جيداً عندما يصل سليم لتلك المرحلة، مستحيل أن يتراجع عن قراره.


هزت ماسة رأسها بإيجاب وقلة حيلة بحزن: حاضر يا سليم، هعمل اللي أنت عايزه. بس خليك عارف، اللي أنا بعمله ده مش راضية عنه، حقيقي أنا زعلانة جداً. ضيعت عليا فرحتي.


عدل سليم من جلسته، بزاويتها، ومسك يدها بانضمام قائلاً برجاء وتأثر:  عشان خاطري ما تزعليش ولا تحسي إني غصبتك على حاجة، أنا بجد خايف عليكي، أول مرة أحس الإحساس ده، وأول مرة أسمع كلام الصوت اللي دايماً كان بيقول لي متعملش كذا، بس كنت بعمله عند. لكن مش عارف ليه المرة دي عايز أسمعه ونفذه من غير عند وباستسلام.


ماسة بسخرية وضيق: جاي تغير من نفسك على حظي.


تبسم سليم بوعد: شهرين بس.


هزت رأسها بنعم بعدم اقتناع، فلا يوجد بيدها غير الموافقة وإرضائه، حتى لو على حسابها.


ماسة: شهرين بس، وخليك عارف إني هعمل كده عشان رضاك أهم عندي من أي حاجة تانية.


سليم بعشق: عارف يا عشقي.


قبلها من يدها بحب وعينه مسلطة عليها.


سليم بمزاح لطيف تساءل: ها يا أم حلمبوحة، إيه إحساسك دلوقت؟


اتسعت عينا ماسة ونظرت له باستغراب: حلمبوحة!!! إيه حلمبوحة ده؟


سليم وهو يضحك بمرح: حلمبوحة ابننا.


تبسمت ماسة: دي هتكون بنوتة زي القمر، واسمها حور، وهتبقى قمر زيي وعينيها زرقا.


سليم بتمني: ياريت تبقى حتة منك وتشبهك عشان تعرفي إني بحبك أكتر.


ماسة بمزاح: ما أنا عارفة إنك بتحبني أكتر، بس حبة صغيرين ههههه. 

وضعت يدها على بطنها وأكملت بسعادة: أنا لسه مش حاسة بيها جوايا، بس لما عرفت بوجودها وشفتها وهي لسه يدوب نقطة، جسمي كله قشعر، وحسيت إحساس حلو أوي. وأنت؟


هز سليم رأسه بنعم: وأنا زيك بالظبط، وزودي معاهم الخوف.


ماسة بتعجب: خوف من إيه؟


سليم: عليها، إني ما أعرفش أربيها كويس وأطلعها زي مابتمنى.


أمسكت ماسة يده وقالت بحب: إن شاء الله هتكون أحسن كمان من اللي اتمنيته، بس كويس إنك بدأت ترضى وتوافق إنها بنت.


سليم: بس المرة الجاية لازم يبقى ولد.


تبسمت ماسة: ماشي.


جاء الجرسون وبدأ في وضع الطعام الذي كان عبارة عن مشاوي وسلطات مختلفة، ثم رحل.


سليم: عايزك تاكلي كل ده عشان أجبلك شبسي لاين بكاتشب.


تبسمت ماسة: حاضر.


بدأ الاثنان في تناول الطعام، وكان سليم ينظر إلى ماسة بين الحين والآخر بابتسامة عاشقة، بينما كانت هي تتناول الطعام ببطء وتشعر بسعادة، رغم القلق الذي ما زال يسيطر عليها.


في إحدى البواخر النيلية المتحركة والفاخرة. الرابعة مساءً 


نشاهد فايزة تجلس على إحدى الطاولات بكامل أناقتها، تتناول الطعام برقي. كانت تجلس على المقعد المقابل لها نانا، وعلى الطاولة طبق فيليه، خضار سوتيه، ومكرونة.


فايزة وهي تتناول الطعام، رفعت عينيها نحو نانا وقالت (بأرستقراطية وبخنافة من طرف أنفها):

أنا مش فاهمة، ٣سنين مش عارفة تجيبيلي أخبار حقيقية! كلها أخبار عادية مش مهمة! إيه سليم ما بيغلطش؟! ولا نور ساذجة ومش فاهمة ولا عارفة تجيب معلومات، حتى عن عزت!!! إيه؟ جوزي وابني ملايكة؟


نانا بتفسير: يا هانم، أعمل إيه طيب؟ اللي بعرفه أو اللي نور بتعرفه باجي وبقوله لحضرتك على طول. سليم بيه مخلص جدًا في مواضيع الستات دي،  حتى لما سلطنا عليه المذيعة، كان محترم جدًا وما تجاوبش معها، بصراحة، ما شفتش زيه هو وعزت باشا...


قاطعتها فايزة بثقة كاملة وغرور: طبعًا عزت مستحيل يخوني، ولا حتى يقدر يفكر في ده. بس مين قالك إني بفكر في موضوع العلاقات والخيانة؟ أنا قلتلك قبل كده، أي معلومة لازم تيجي تقوليها لي.


نانا: وده فعلًا بيحصل يا هانم. المشروع الجديد اللي سليم بيه دخل فيه، أول ما عرفت جيت وقلت لحضرتك، حتى قبل ما يسجل في الشهر العقاري. وكمان الباشا، أي مشروع جديد بيعمله، باجي أعرفك على طول. صدقيني، ما فيش أي حاجة مثيرة للشك.


فايزة بإصرار: أكيد في حاجة غلط. مستحيل يعني مفيش حد فيهم بيغلط، خصوصًا سليم. عايزاكي تفتحي عينك على سليم أكتر من كده.


نانا:حاضر.


فايزة بتنبيه: وفتحيلي عينك كمان على عماد ومنى، وبالأخص منى.


نانا بابتسامة: بس كده؟ عيوني.


نظرت إليها فايزة (برفعة حاجب وتحدثت بأرستقراطية وبخنافة من طرف أنفها):

بلاش الكلام البيئة ده. اسمها حاضر يا هانم.


تبسمت نانا من داخلها وهي تقول بنبرة مطيعة:

حاضر يا هانم.


فيلا سليم وماسة٨م


غرفة النوم


نشاهد ماسة وهي تتوقف أمام التسريحة، ترتدي قميص نوم أسود حريري يلتصق بجسدها الناعم، يصف مفاتنها بسخاء، وهي تضع كريمًا مرطبًا، بينما سليم، مرتديًا بنطالًا وتيشيرت منزلي، يقترب منها، يحيط خصرها بإحدى ذراعيه، ويضع الأخرى أعلى صدرها. يسند رأسه بين حنايا رقبتها، ويضع قبلة على خدها. ينظر لها في المرآة بابتسامة جذابة، فتبادله ماسة ابتسامة وتضع يديها فوق يديه التي تحاط بطنها ويتحسسها.


ماسة بنبرة عاشقة: حبيبي.


سليم بعشق: عشقي الأبدي، أول يوم هيبقى معانا طرف ثالث. جزء مني ومنك موجود بينا. كلها كم شهر وهيجي ينور علينا حياتنا، أنا عايزه يحس بحبي ليكي، ويحس قد إيه إحنا سعداء ومبسوطين سوا، يبقى عايز يجي بسرعة عشان يتشارك معانا السعادة دي. تعرفي إن الجنين وهو لسه في بطن أمه بيحس بكل حاجة: فرحتها، زعلها، وتوترها... كل حاجة.


هزت ماسة رأسها بإيجاب: عارفة. وبيحس بيك إنت كمان. يمكن الأم بتكون المصدر الأول للمشاعر والأحاسيس اللي بتتنقل ليه، بس هو بيحس بيك أنت كمان. يعني أكيد دلوقتي حاسس إنك ضاممني ليك كده وحاطط إيدك عليه. ولما بتقول كلمة حلوة بيبقى عارف إنه انت.


سليم بوعد: إن شاء الله هيفضل على طول حاسس بالضمة دي والحب ده والسعادة دي. مستحيل يحس بأي مشاعر سلبية أو حزينة ممكن تزعلك.


التفتت ماسة له وأحاطت رقبته بذراعيها وهي تركز النظر في ملامحه: أنا متأكدة من ده من زمان. أكيد كده هو مبسوط دلوقتي وحاسس بيك وسعيد أكتر لأنه هيكون ليه أب زيك.


سليم بتمني وعين مغرورقة بالدموع: عارفة... أنا نفسي أوي يعيش حياة ما يحسش فيها غير بالسعادة. نفسي يبقى على طول سعيد ومرتاح ومش خايف، عايزه يشوفنا دايمًا وإحنا بنتكلم مع بعض بهدوء، وإحنا دايمًا حاضنين بعض. ويحس ويشوف الحنية عشان يطلع كده مع إخوته. ولما نجيب ولاد تاني يبقوا حنينين وقريبين من بعض. ومستحيل أسمح إنه يدخل في قلب حد غل أو حقد على أخوه. يعني عيلة حقيقية يملأها الحب والأمان والقوة، اللي يتسندوا عليها، وهي الرابط الحقيقي بينهم.


هبطت ماسة يديها من على رقبته ومسحت على كتفيه بحنان ودعم: إن شاء الله، إحنا هنحط إيدينا في إيد بعض، وهنربي ولادنا، وهنخليهم أحسن مننا.... هو إحنا هنبدأ من إمتى نعمل لها الأوضة بتاعتها؟


سليم: لما نعرف ولد أو بنت الأول.


ماسة بثقة: هتكون بنت.


سليم بابتسامة: إن شاء الله هتكون بنت. بس لسه بدري، إنتِ في أول شهر. إحنا ممكن الفترة الجاية نجيب الحاجات اللي تنفع الاثنين، وبعدين لما نتأكد، نبدأ نحضرها. عشان أنا ناوي أعمل لها أوضة مفيش قبلها ولا بعدها.


ماسة: ماشي. (نظرت له بارتباك) كراميل لسه مصمم مانقولش؟


سليم برجاء ولطف: قطعة السكر، عشان خاطري ما تفتحيش معايا الموضوع ده تاني. الموضوع بالنسبة لي حاسم. هنقول لهم بعد شهرين، خلاص؟


تنهدت ماسة باختناق وهزت رأسها بإيجاب: ماشي.


ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة واسعة قال بنبرة مرحة: أقولك خبر حلو هيخلي القمر المكشر ده يضحك ويفرح.


ماسة باستغراب: وإيه هو بقى؟


سليم: هاخد لك يومين إجازة عشان أقعد أدلع القمر بتاعي.


ماسة: رشوة يعني؟


هز سليم رأسه نافيًا بابتسامة: لا... ده حب، وبراهن على فرحتي وحبي ليكي.


جذبها وضمها بقوة وحنان، كأنه يريد أن يزرعها بداخله ليشعرها هي وجنينه كم هو يعشقها وأسعد إنسان على وجه الأرض حاليًا.


سليم: أنا فرحان أوي، وأتحدى أي واحد على وجه الأرض يكون فرحان زيي. أنا بحبك أوي. هتفضل دعوتي الأولى والأخيرة إنه يقدرني إني أسعدك، ودايمًا أشوفك مبسوطة وسعيدة ومرتاحة... إنتِ و...ابتعد قليلًا، ووضع يده على بطنها، وأكمل: وحبيبة قلب باباها حور هانم.


ضحكت ماسة بعين مغرورقة بدموع الفرح، وضمته بقوة.


وخلال اليومين التاليين، كان سليم يقوم بتدليل ماسة والاهتمام بها بكل حب. كان يحضر لها الفطور إلى الفراش، ويحرص على راحتها بكل التفاصيل. لم يخرجا من المنزل، لكنهما قضيا يومين مليئين بالسعادة والحب، وكأن العالم كله توقف ليكونا معًا فقط.

💕______________بقلمي_ليلةعادل ⁦(⁠◔⁠‿⁠◔⁠)⁩


مجموعة الراوي العاشرة صباحا 


في قاعة الاجتماعات


نشاهد جميع عائلة الراوي وبعض الموظفين ورؤساء الأقسام يجلسون على طاولة الاجتماعات. كان عزت يتحدث بعملية، والجميع منتبهون بشدة له. لكن سليم كان منشغلًا في هاتفه، يرسل رسائل لـ ماسة وهو يبتسم. وبعد الانتهاء، بدأ الجميع في لملمة متعلقاتهم والخروج وتبقى سليم وعزت.


عزت: سليم، خليك إنت.


هز سليم رأسه بنعم.


بعد خروج الجميع...


عزت: ها عامل إيه؟


سليم: الحمد لله.


عزت: بقالك يومين إجازة ليه؟


سليم باقتضاب: كنت بغير جو أنا ومراتي.


عزت: تمام. طب مش ناوي ترجع القصر؟


سليم: كده مرتاح أكتر.


عزت: كنت مشغول طول الاجتماع في إيه؟ أنا كنت واخد بالي.


سليم: إللي يهمك إني سمعت وفهمت إللي اتقال.


عزت: طب في مقبرة جديدة برضو مش هتكون معانا.


سليم: بابا الموضوع ده منتهي من سنين بتفتحوا معايا تاني ليه؟


عزت: هيطلعلك مبلغ كبير؟


سليم: مش محتاج فلوس.


عزت تنهدت: طب انا محتاجك في حاجة واتمنى انك ما تخذلنش انت قلت لي قبل كده وقت ما تحتاجني هتلاقيني. 


سليم تبسم: وأنا عند وعدي.


عزت: رشدي جايب صفقة دهب وأحجار، من البرازيل، هو عايزها لحسابه الخاص، وعايزنا نساعده في نقلها من سينا للقاهرة فانا عايزك بس تبقى معاه مش اكتر ط، مش هتعمل اي حاجة مجرد  أنك تبقى موجود عشان لو حصل اي حاجة وتظبط معاه الخطه.


سليم: الصفقة دي مع مين؟


عزت: معرفش، بس رشدي اللي عايزها وشبطان فيها. بعدين إحنا هننقلها مش أكتر.


سليم: الصفقة دي هتخرج باسم العائلة مش باسم رشدي، يعني الغلط مش مسموح.


عزت بتفخيم: أمال أنا عايزك تساعده ليه؟


سليم: إنت شكلك أخدت القرار بالموافقة وعايز تسهله كل حاجة.


عزت تبسم: مظبوط، أنا بس عايزه يحس بنفسه وإنه له قيمة( برجاء)عشان خاطري يا سليم، المرة دي بس،رشدي محتاج للصفقة دي عشان يبقى عنده ثقة بنفسه انا عارف انك بعدت عن كل حاجه تخص شغلنا، أنت بس هتبقى جنبه وتامن معاه النقله مش هيكون لك علاقه باي حاجه ثانيه، ويمكن الصفقه دي تخلي علاقتك مع رشدي افضل من كده ويبطل بقى يفكر انك واقف قصاده مش عايزه يكبر


أخذ سليم ينظر إلى والده بحيرة، ممزقًا بين الرفض والقبول. لقد قرر الابتعاد عن تلك الطرق المليئة بالأشواك والحرام، لكنه في الوقت نفسه يرغب في تحسين علاقته بشقيقه. ربما إذا أقدم سليم على هذه الخطوة، تتحسن علاقته برشدي، ومع ذلك لا يريد أن يعود إلى تلك الحياة مرة أخرى.


سليم بتردد: بقول لك ايه يا بابا انا مش عايزه ارجع تاني للشغل ده خليني بعيد خصوصًا دلوقت.


عزت برجاء وعقلانية: انت وعدتني لو احتجتك  هلاقيك، عديها المرة دي، انا عايزك تبقى جنبه، مجرد أن اسمك موجود في حاجة بيتعمل لك حساب،  خليه يحس إنه بيقدر يجيب شغل. وهيبقى تحت عينك.


نظر سليم إليه للحظة، وهو يحك خده بتردد، وكأن القبول يلوح في الأفق. لكنه حسم قراره في النهاية، قائلاً بصوت منخفض: طيب، كلمه. خليه يجي، والكلام يكون قدامك.

ثم أضاف بحزم:معنديش مشكلة أساعده، بس نبه عليه. دي هتكون آخر مرة. أنا مش هشتغل الشغل ده تاني ولا هساعد حد فيه. والوعد اللي كنت وعدته لحضرتك زمان... أنا بحل نفسي منه.


أنهى كلماته بنظرة أخيرة، وكأنه يعلن نهاية صفحة من حياته.

هز عزت رأسه بنعم، رفع هاتفه وقام بعمل مكالمة

عزت: تعال بسرعة. (وأغلق الخط.)


عزت: قولي، ماسة عاملة إيه؟


سليم: الحمد لله.


عزت: ها، مش ناوي تجبلي حفيد؟ بقالك 5سنين متجوز ولا الدكتور لسه مسمحش؟


سليم: لا سمح، بس تخلص بس امتحانات الثانوية العامة.


عزت: وترجع القصر؟


سليم: إحنا اتكلمنا كتير في الموضوع ده يا باشا. خلاص بقى، بعدين ما أنا باجي كل فترة.


عزت بجدية شديدة: لازم تفهم أنك الملك الجديد والقصر ده هو مملكتك إنت، وأولادك. إللي بتعمله ده أنا مش راضي عنه.


وأثناء ذلك دخل رشدي وجلس على المقعد أمام سليم.


سليم باقتضاب: طب خلينا نأجل الكلام ده لبعدين.


رشدي: عامل إيه؟


سليم: تمام.


عزت بعملية: أنا كلمت سليم وهو وافق يساعدك.


وجه سليم نظراته لـ رشدي وتحدث بجدية.


سليم: عايز كل التفاصيل. قعدت مع مين؟! ومين كلمك على الصفقة؟ وخليني أقعد معاه. وقُدَّام الباشا لازم تسمع الكلام. وما تعرضش، فاهم؟


رشدي: أنا موافق على كل حاجة بس مش هينفع تقعد معاه. أنا بس إللي هظهر في الصورة. مش عايزهم يحسوا إنك بتساعدني أو عندك علم.


سليم وهو يخرج سيجارة ويشعلها: ماشي يا سيدي، أنا كنت بردو هكبرك. بس براحتك، يلا، أنا سامعك.


بدأ رشدي يقص له تفاصيل الصفقة.


فيلا عائلة ماسة مجاهد٤م


نشاهد ماسة، سعدية، وسلوى يجلسون في الهول وهم يتحدثون.


ماسة: شكل المطعم واخد كل وقته. كل ما أجي ما بلاقيهوش موجود.


سعدية: أحسن، خليه هناك. كل ما يقعد يعمل مشاكل، أبوكي بقى فظيع. كده أحسن، المهم انتي عاملة إيه؟ كويسة يا ضنايا؟


ماسة: الحمد لله ياماما.


سعدية: طمّنيني، عملتِ إيه في موضوع الحمل؟ لسه مافيش حاجة؟


نظرت لها ماسة بارتباك. هي تود بشدة أن تقول إنها حامل لكنها خائفة من رد فعل سليم. وضعت يدها على بطنها وابتلعت ريقها قبل أن تقول:


ماسة: يعني لسه.


سعدية وهي تربت على ظهرها بحنان الأم: متقلقيش، هو بس لازم تاخدي وقتك. عشان بقالك اكتر من سنتين كنتي مانعة الحمل. في ستات كده بياخدوا وقت، خصوصاً إنك كنتِ مسقطة أول مرة وسنك صغير.


ماسة: أنا مركزة في مذاكرتي الأيام دي، وباخد الأدوية اللي الدكتور كتبها، وسيباها على الله.


سعدية: على خير يا حبيبتي، ربنا يوفقك. ها، قوليلي: الحرباية وعيالها عاملين معاكي إيه؟


ماسة: بقالي أكتر من أربع شهور ما بروحش هناك. بتواصل مع فريدة وياسين وهبه على طول.


سلوى: اللي مستغرباه من صافيناز، كانت علاقتكم كويسة، فجأة اتغيرت.


ماسة: إحنا بنتكلم، بس مش زي فريدة وياسين وهبه كل فين وفين كده، يعني ممكن كل شهر مرة أو مرتين.


سعدية: يا ستي كده أحسن. خلي اللي بينكم سلام من بعيد لبعيد. هما مستحيل ينزلوا من قصرهم العالي.


ماسة: عندك حق. أصلاً مش بقى يهمني، أهم حاجة أنا وسليم مبسوطين وخلاص.


سعدية: ربنا يهدي سرك ياحبيبتي.


ماسة بوحم: ماما، معندكيش جبنة قديمة؟ نفسي فيها أوي.


سعدية: عندي يا حبيبتي، هعملك وهديكي وانتي مروحة.


سيارة سليم٦م


نشاهد سليم يقود السيارة وماسة تجلس بجانبه بعد عودتها من عند والدتها.


سليم بحب: عشقي، عايزة تروحي على طول ولا نلف شوية ونتعشى برة؟ أنا من إيدك دي لإيدك دي. أمسك يدها وقبلها.


ماسة: لا، خلينا نروح. عندي مذاكرة، فضلت أرغي مع سلوى ومذكرناش.


سليم ينظر لها باهتمام: عشقي، مش عايزك تتعبي نفسك.


ماسة بتذمر: متقلقش على بنتك.


تبسم سليم ومد يده ليمسح على خدها بلطف، قائلاً: مش على البيبي، عليكي إنتي. ها، حاسة بحاجة؟


ماسة: لا خالص.


سليم: هو إنتي ما نفسكش في أي حاجة؟


ماسة باستغراب: يعني إيه؟


سليم: يعني أي حاجة من بتاعة الوحم دي. حاجة حادقة، فاكهة مش في موسمها، أو مكس غريب زي التونة مع الشاي باللبن زي المرة اللي فاتت.


ضحكت ماسة قائلة: لا، مش حاسة بأي حاجة خالص.


سليم: ده إنتي ولا حتى حاسة بدوخة ولا بترجعي؟


ماسة بتعجب: وانت عايزني أحس بكده ليه؟ حرام عليك!


سليم: بعد الشر عليكي، مقصدش. أنا بس بقول الحاجات اللي نفسي اعشها معاكي.


ماسة: متقلقش، بدأت تظهر. بعد ما مشيت حسيت بدوخة شوية وأنا بلبس، كمان نفسي راحت للجبنة القديمة، ماما عملتلي طبق أكلته كله. قعدت تبصلي مستغربة لأني مش بالعادة آكل كتير كده.


سليم بسعادة: بجد؟


ماسة: آه والله.


سليم: حلو ده!

وضع يده على بطنها قائلاً بحماس: أيوه كده يا ست حور، اعلني عن وجودك.


ماسة: متستعجلش. أنا لسه في الأول، أصبر. بس أول ما أدخل الشهر التاني مش هدوّق طعم النوم.


سليم بحماس: وأنا مستعد، كله فداكي إنتي وحور. على فكرة، اليومين الجايين هسافر.


ماسة بضيق: ليه كده؟ كم يوم؟


سليم بتوضيح: يوم وليلة شغل تبع رشدي. بصراحة أنا كنت متردد فيه، بس فكرت لو رفضت أساعده ممكن يفتكر إني مش عايزه يكبر أو خايف منه، انتِ عارفة رشدي، حاطط في دماغه اني واقف ضده، عشان كده قلت أوافق أساعده. كده كده أنا هبقى بعيد عن الموضوع، مجرد بس هكون موجود عشان أأمن الشغل كمان الباشا اتحايل عليا وانا اصلا كنت وعده لو احتاجني في حاجه هيلاقيني.


ماسة: نقل دهب؟


سليم:اممم، بس لسه ما أعرفش التفاصيل.


ماسة بحكمه: عموماً برافو عليك، كويس اوي إنك عملت كده. وأي شغل يجي لحد من إخواتك ويحتاج منك مساعدة، أوعى تتردد، لأن ده هيكسر بينكم الحواجز. والأسوار العالية دي، ومع الأيام، هيزرع مكانها محبة كبيرة.


هز رأسه بإيجاب قائلاً: قلت كده.


ماسة طب هجيب ماما وسلوى يباتوا معايا بقى.


سليم: ماشي.


((في الليل))


_فيلا سليم وماسة


_ المكتب٨ م.


_نشاهد ماسة تجلس خلف مكتبها تذاكر بتركيز، وأثناء ذلك أخذت رائحة تتسلل إلى أنفها، فبدأت تستنشق. هناك رائحة أثارت انتباهها. نهضت وتحركت خلف تلك الرائحة حتى وصلت إلى الخارج عند الحديقة.


كان سليم يجلس مع مكي وإسماعيل ورشدي، يدخنون السجائر ويتحدثون حول الصفقة، وكان أمامهم خريطة.


سليم بجدية:  لازم نمشي على الخطة بالضبط. هننقل البضاعة من الشاطئ للعربيات في نصف ساعة. في القاهرة هتكون مظبطة كل حاجة يا إسماعيل، أنت واللواء فاضل عشان التفتيش، هما هيدخلوها في شكاير قمح.


إسماعيل: عايزني أحضر معاك وقت النقل هناك؟


مكي بقوة: ليه، عندك اعتراض؟


إسماعيل: لا، عادي. مش بالعادة أحضر، أنا بخلص من برا.


سليم بجدية: أنا عايزك معايا، لأني عرفت إن الصفقة دي عليها مشاكل كتير، فلازم كل الرجالة تكون جاهزة لأي حاجة، مش بس هنا، ممكن يفاجئونا ويحصل هجوم من هناك، مش بس عند المخازن.


رشدي: متخفش، أنا مأمن كل حاجة، ورجالتي جاهزين.


سليم بغرور،: أنا مش خايف، بس في صفقات كتير ممكن تشتغل فيها. بلاش صفقات مع ناس زي دي. إنت كبير يا رشدي، 


إسماعيل: سليم صح، الصفقة دي عليها كلام، والعيون كتير عليها. منذر عنده أعداء كتير عايزين ياخدوها منه عشان يعلموا عليه.  وبنسبة كبيرة ممكن يحصل هجوم، عشان كده لازم ناخد بالنا.


رشدي بغرور: ما هو عشان كده كلمني وقال لي انتم هيتعمل لكم حساب لو عرفوا ان انتم اللي  بتساعدوني في نقلها، كلمني عشان هو عارف ان انا رشدي الراوي مش اي حد.


سليم: عشان كده لازم نتحرك بسرعة وفي السر. الموضوع لما بيطول العين بتوسع عليه.


وأثناء ذلك، اقتربت ماسة ونادت عليه.


ماسة: سليم.


وحين وجدتهم، شعرت بالإحراج بسبب ملابسها المكشوفة، فتراجعت مسرعة قبل أن يراها أحد.


سليم مستأذنًا: طب لحظة.


نهض سليم وتوجه نحوها بابتسامة جميلة.


سليم توقف أمامها: في حاجة؟


ماسة: إنت لسه مخلصتش؟


سليم: شوية، في حاجة؟


ماسة بتلعثم: لا.. بس.. طب قرب كده.


اقترب منها قليلاً، وأخذت ماسة تشمشم به.


سليم بتعجب: مالك؟ هو في إيه؟


ماسة: ريحتك حلوة اوي. قربت أنفها من فمه. حلوة بجد.


سليم متعجبًا: دي ريحة سجاير. فيكي إيه؟


ماسة: ما أنا واخدة بالي، تعال.


أمسكته من كفه وسحبته للداخل قليلاً، ثم توقفت.


ماسة: سليم، أنا عجباني الريحة دي اوي.


سليم باندهاش: ده إنتي بتكرهي ريحتها وبتعاقبيني لما بأدخن وما بتخلينيش أقربلك.


ماسة: حبتها فجأة.. بجد عجباني، حلوة اوي... سليم، ماتجيب بوسة؟


سليم بتعجب: بوسة؟


هزت رأسها بإيجاب وتبسمت تبسم سليم وقال: طيب.


نظر من حوله ليتأكد أن لا أحد يراهم، اقترب منها وبدأا يتبادلان القبلة بهيام. ثم ابتعد سليم.


ماسة بهيام: طعمها حلو اوي كانها سحر.


نظر لها سليم بابتسامة مبطنة بعدم فهم لما تفعله، لكنه يروق له جدًا.


ماسة بدلال: سالوملوم، ممكن تشرب واحدة جنبي؟


سليم بشدة: بس هبل.


أمسكته ماسة من يده بتحايل: وحياتي يا سليم، عجباني اوي بص، إنت هتشربها ومش هدخن في وشي، طلع دخان بعيد شوية.


سليم برفض: لا طبعًا، ده غلط عليكِ.


ماسة بدلال طفولي: مش إنت قولتلي نفسك تعيش معايا أجواء الوحم؟ ده وحم.


سليم بتعجب وهو يرفع أحد حاجبيه: وحم على سجاير؟


ماسة بتأثر: طب أعمل إيه؟ شمتها وعجبتني، عايزة أشمها.


سليم بجدية: طب روحي دلوقتي، أخلص الاجتماع ونشوف الموضوع ده بعدين.


نظرت له ماسة بتأثر شديد، اتسعت بؤبؤ عينيها بحزن حتى اغرورقت عيناها بالدموع، وقالت بشجن: كده يا سليم، شكراً اوي.


نظر لها سليم باستغراب: في إيه يا ماستي؟ إنتي هتعيطي ولا إيه؟


ماسة بدموع: لا، بس حسيت إني مخنوقة وإنك مش عايز تحققلي الحاجة اللي نفسي فيها.


ربت سليم على كتفها بحنان: لا، مش كده يا عشقي، بس السجاير مضرة لصحتك وممكن تعمل تشوه للجنين. مينفعش. اطلبي حاجة تانية وهانفذها لكِ.


ماسة بدموع وتأثر: أنا أصلاً بكرهها وإنت عارف، ونفسي تبطلها، بس لما شمتها دلوقتي عجبتني جدآ، وحاسة إني هتجنن وأشمها. وبعيط عشان مش عارفة أقنعك، وعارفة إنك بتاخدني على قد دماغي. طب بص، إنت افتحها وأقعد بعيد، وحياتي يا سليم، وحياتي.


سليم: طب أخلص الاجتماع.


ماسة برجاء: لا دلوقتي، مليش دعوة. وحياتي.

وضعت قبلة على خده برجاء طفولي: عشان خاطري يا كراميلتي.


نظر لها سليم وهو يمرر عينه عليها باندهاش، فلا يعرف ماذا يفعل. فهو خائف من تدخين السيجارة يكون هناك خطورة على صحتها، وإذا رفض، ستحزن. توقف وأخذ يفكر ماذا يفعل. نظر إلى عينيها التي تتوسله بشدة. أخرج سليم أنفاسًا ثقيلة ومسح على جبينه، (يبدو أنه أخذ قراره). أخرج هاتفه من جيب البنطال وعمل مكالمة، ثم رفع هاتفه على أذنه.


سليم معتذرًا: الو، رشدي، خمس دقائق وجاي. لا، مافيش خمس دقائق بس... (أغلق الخط وقال) تعالي على المكتب يا مجنناني.


تبسمت ماسة ابتسامة واسعة: ماشي.


توجها إلى المكتب.


سليم وهو يشير إلى الأريكة: أقعدي هنا.


ماسة: طيب.


جلس سليم على مقعد المكتب وأخرج علبة السجائر من درج المكتب وهو منزعج، فهو لا يريد فعلها لكنه مضطر حتى لا يحزنها.


سليم وهو يخرج سيجارة قال بتحذير: ده مش هيحصل تاني مهما حصل. النهارده بس هعديها.


ماسة بحماس: طيب يلا بقى ولعها.


أشعل سليم السيجارة وأخذ يدخنها لكنه كان يخرج الدخان في اتجاه آخر. كانت ماسة مستمتعة بشدة وهي تشتم رائحة الدخان.


سليم متعجبًا ومازحًا: أنا لو قاعد مع وحدة مدمنة مش هتبقى كده.


ضحكت ماسة بطفولة: ههههههههه والله ريحتها حلوة أوي، أنا معرفش إزاي كنت بكرهه زمان. طلع دخان طلع.


سليم وهو يضحك: ههههههههه هطلع حاضر بذمتك. ده إسمه كلام! أسيب شغل مهم عشان أطلعك دخان؟ حد قالك إني ديناصور؟


ماسة بدلال: أنا ولا المشروع.


سليم بحب: إنتِ طبعًا يا روحي.


ماسة: أيوة كده يا قلب ماسة.


أخذ يدخن السيجارة حتى انتهى منها.


سليم: طب أنا خلصت كده. حاجة تانية يا ماستي الحلوة؟


ماسة نهضت: تؤ ميرسي.


نهض سليم واقترب منها: طب كملي مذاكرة وأنا هروح أكمل شغل بقى.


ماسة: ماشي.


أقتربت ماسة منه حتى توقفت أمامه مباشرة، ثم تقترب بشدة وضعت على شفتيه قبلة طويلة. أخذا يتبادلان القبلة بشوق وحب. بعد دقائق، ابتعدت ماسة قليلاً وهي تبتسم.


سليم بلطف: والله على قد ما أنا مستغربك بس حبيت ده أوي... يلا بقى خليني أمشي.


وضع يده خلف رأسها وقربها منه، وضع قبلة على عينيها، تبسم لها وتركها وتوجه للخارج.


(بعد يومين)


سافر سليم إلى سيناء مع جميع رجالة رشدي لإتمام الصفقة. فنشاهدهم يقفون في شاطئ بحر معزول، وتقوم الزوارق البحرية بنقل صناديق الذهب والألماس من السفينة إلى الشاطئ ثم إلى السيارات. بعد الانتهاء، صعد الجميع سياراتهم وعادوا إلى القاهرة. كانت الأجواء هادئة وتم الأمر في هدوء تام.


_في أحد الشوارع الزراعية المعزولة، 6م.


_نشاهد مجموعة من الرجال يقومون بإنزال بعض الصناديق من على سيارات النقل ويدخلونها إلى المخزن. كان يقف رشدي يباشر ما يحدث.


على اتجاه آخر، نشاهد سيارة سليم تتوقف وكان بداخلها سليم وبجانبه مكي، وفي المقعد الخلفي إسماعيل.


إسماعيل بقلق: أنا مش عارف ليه رشدي صمم إنه يحضر لوحده التسليم حتى هناك، رفض إننا ننزل.


سليم: هو عايز يظهر إنه قادر يشيل مسؤولية زي دي لوحده، وإن محدش ساعده. المهم خلي الرجالة جاهزة طول الوقت لأي طارئ.


مكي: عرفان جاهز ومعايا على السماعة.


إسماعيل: إنت عارف إن منذر ده عامل مشكلة مع سمير عابدين وإنه عايز الشحنة دي وهدده إنه هيهجم عليها.


سليم وهو ينظر من النافذة وعينه على رشدي قال باقتضاب: عارف.


إسماعيل: وعارف كمان إن الاتنين مطلوبين عندنا في أمن الدولة لأنهم بيدوا سلاح لتنظيم القاعدة وإن منذر متورط في قضايا إرهاب.


مازال سليم يراقب رشدي بعينه: طب ممسكتهوش ليه؟


إسماعيل: لسه ممسكناش عليه إثباتات، كلها مجرد استنتاجات. وشغلنا لازم يكون فيه أدلة.


مكي بإستنكار: أنتم لو عايزين تلبسوهم قضية مش هتعرفوا.


إسماعيل: وقتهم مجاش، بس حاسس إنهم قربوا. فبلاش تشتغل معه تاني يا سليم.


سليم وعينه مازالت تراقب ما يحدث في الخارج من النافذة: إنت عارف إني بطلت أشتغل في الشغل ده من زمان، بس كل الحكاية إني مرضتش أقفله فيها المرة دي، عشان ميقولش إني مش عايزه ينجح. إنت عارف دماغ رشدي، والباشا كمان اتصدر في الموضوع.


أثناء حديثهم، اقتربت كام سيارة ملاكي وهبط منها مجموعة من الرجال يرتدون بدل سودا ويحملون أسلحة وحاصروا المكان.


سليم وهو يضيق عينه بصدمة: إيه ده!!


استمعوا لإطلاق نار.


سليم بخضة: فيه هجوم.


خرج سليم مسرعًا ومعه إسماعيل ومكي من السيارة، وهم يركضون والحراس خلفهم نحو رشدي بشكل احترافي. بدأ سليم بإطلاق النار على كل من يأتي أمامه، ثم اختبأ خلف إحدى الأشجار. وجه سليم نظراته لمكي وتحدث بحركة شفايف أن يختبئ هو الآخر خلف الشجرة المجاورة.


سليم بهمس وهو يشير بيده وممسكًا بالمسدس بقوة: مكي، احمي ظهري واشغلهم عشان أروح لرشدي.


نظر مكي لإسماعيل: إسماعيل، هعد لحد 3.


هز إسماعيل رأسه بإيجاب. بدأ مكي في العد.


مكي: 1... 2... 3.


وبدأ في الضرب. ركض سليم مسرعًا نحو رشدي وهو يحني ظهره ويضرب النار في الهواء. كان رشدي يختبئ خلف إحدى السيارات ويطلق الرصاص.


سليم بنبرة رجولية: رشدي، أنا سليم.


رشدي بتوتر: سليم.


مرر سليم عينه عليه باطمئنان: إنت كويس؟


رشدي: كويس.


سليم: خلينا نخرج وكلم رجالتك خليهم ينسحبوا.


رشدي: والبضاعة؟


سليم وهو يجز على أسنانه قال بحدة: بضاعة إيه دلوقتي؟ مش شايف الوضع عامل إزاي؟ يلا، خليك ورايا.


أخذ سليم نفسًا عميقًا بأمر: يلا.


بدأ بالتحرك بطريقة احترافية وهو يطلق النار ومعه بعض حراسه من أجل تأمينه، وكان رشدي مختبئًا خلفه مثل الطفل حتى وصلا عند مكي وتوقفا خلف إحدى الأشجار.


رشدي بنرفزة: إنت لازم تربي ابن الك،لب اللي عمل كده.


سليم: مش وقته. كلم رجالتك خليهم يخلوا.


اقترب منهم إسماعيل مع الاستماع لتبادل إطلاق النار من حولهم.


إسماعيل: لازم نمشي، في حملة جاية.


رشدي وهو يتحدث في هاتفه: شوقي، يلا امشوا بسرعة، وأي حد وقع مننا تاخدوه معاكم.


مكي: سليم، مافيش حد وقع مننا.


سليم: طب يلا خلينا نمشي، أمنا يا إسماعيل.


بدأوا بالتحرك بشكل احترافي. وأثناء تحركهم والوصول للسيارات، حاول أحد الرجال إطلاق النار على رشدي، لكن انتبه سليم له.


سليم بخضة وهو يصيح: رشدي، حاسب!


دفعه بعيدًا لكن الرصاصة أصابته في كتفه.


ركض مكي نحوه بقلق وخوف وهو يقول: سليم.


لكنه أخذ هو الآخر رصاصة في قدمه، أحاط الحراس بهم مسرعين وأخذوهم إلى السيارات.


توقف إسماعيل بحماية وهو يطلق الرصاص: بسرعة، بسرعة على العربيات!


بقلمي،_ليلة عادل (⁠◕⁠ᴗ⁠◕⁠✿⁠)⁩🌹


فيلا سليم وماسة، الساعة7م


على السفرة


نشاهد ماسة تجلس على السفرة تتناول الطعام. كان يبدو عليها عدم تحمل رائحة الطعام، فانتبهت لها سعدية.


سعدية بتعجب: ماسة، مالك؟ مش بتاكلي ليه؟


شعرت ماسة بالغثيان: مش ليا نفس للأكل ده وحاسة إني عايزة أرجع.


سلوى: ليه؟ ده إنتي بتحبي المكرونة والبانية! وبعدين كل شوية عايزة ترجعي. برد ولا إيه؟


ماسة بنفي: لا، مش برد. أنا هخلي سحر تعملي جبنة قديمة.


سعدية باستغراب: بتاكلي حادق كتير، إنتي مش عجباني يا بت. لحسن تكوني حامل؟


فور سماع ماسة لهذه الكلمات، شعرت بتوتر شديد، وعادت بشعرها خلف أذنها وقالت بتلعثم: أنا حامل!! لا، مش حامل، عادي يا ماما، أنا نفسي بس في الجبنة القديمة.


سعدية: يا بنتي! إللي إنتي فيه ده من الوحم. الصبح برده كنتي دايخة ورجعتي، ولما شميتي ريحة الأكل وهو بيتعمل، كنتِ عايزة ترجعي. دلوقتي نفسك رايحة للمالح!! ولما كنتِ عندي كانت نفسك رايحة للمالح. كل ده من الحمل. أنا هبعت وأجيبلك الاختبار اليدوي ده، ممكن تكوني حامل وإنتِ مش عارفة.


نظرت ماسة لها بتوتر وقالت: لا يا ستي، أنا مش هعمل حاجة. بقولك كنت لسه عاملة من أسبوع ومفيش حاجة.


سعدية: اسمعي كلام أمك اللي بتحبك. أنا جايباكم أربعة. إللي إنتِ فيه ده أعراض حمل.


تنهدت ماسة وأسندت كفها على جبينها وقالت بصوت داخلي: أنا عارفة إن الحمل هو الحاجة الوحيدة اللي ماينفعش تستخبى. وهو مش بيسمع الكلام. أنا هقولها ومش هخبي عليها، ومش هقوله وخلاص... نظرت لها وقالت بصوت عالٍ: ماما، أنا حامل فعلاً.


اتسعت عينا سعدية بصدمة: بتقولي إيه يا بنت؟


ماسة: بقولك إني حامل، وعارفة إني حامل من أسبوع. وسليم هو اللي طلب مني ماقولش لحد حتى أنتم قال إيه جواه إحساس بيقول  له متقولش لحد عشان لو قلت الحمل مش هيكمل. كلام غريب  ميطلعش من واحد زيّه، متعلم ومثقف، قالي: "استني لما أعدي الشهرين دول وأقول.


سعدية بعدم تصديق: إنتي بتهزري يا بت؟


سلوى: ماسة، إنتي متأكدة؟


ماسة: لا، مش بهزر. أنا في بداية الشهر التاني والله.


سلوى بضيق: وازاي ما قولتيش لينا كل ده؟ اخص عليكِ!


ماسة: بقولك سليم رفض، وأنا بصراحة بخاف منه. معلش بقى... بعدين، أنا من أسبوع عرفت، مش كتير.


سعدية: هو قال لكِ إيه بالظبط؟


ماسة: هو قالي: عشان خاطري يا ماسة، أنا خايف، فبلاش نقول لحد. جوايا إحساس بيقولي متقوليش دلوقتي، استني لحد ما الحمل يثبت وبعدين قولي براحتك، بس كده.


سعدية بذكاء: مش سليم اللي يخاف من الحسد، هو ممكن يكون خايف حد يعرف إنك حامل والكلام يتنطور، وحد يعملك حاجة. خلاص، إحنا نخفي الخبر، كأنك مقولتيش حاجة، وانتي يا بت يا سلوى، متقوليش لحد من أخواتك ولا أبوكي، ولا كأنك تعرفي حاجة،ولازم ناخد بالنا قدام سليم. مبروك يا حبيبتي، تعالي في حضن أمك.


اقتربت ماسة بجسدها من سعدية وضمتها، ثم وضعت قبلة طويلة على خدها.


نهضت سلوى هي الأخرى وقامت بمعانقتها بسعادة: أخيرا هابقى خالتو.


ماسة بتحذير وتوتر: بالله عليكم، أوعوا سليم يحس إنكم عرفتوا.


سعدية: متخافيش، هو جاي بكرة.


ماسة: إن شاء الله.


سعدية: بالسلامة. كلي بقى عشان تغذي إللي في بطنك.


في إحدى المستشفيات الخاصة التابعة لعائلة الراوي – الساعة 11م


نشاهد سليم وهو يربط كتفه ويرتدي حامل الذراع، ويجلس على الفراش. كان يجلس أمامه مكي وهو يربط قدمه. وكان عزت وفايزة ورشدي وإسماعيل وعشري معهم في الغرفة.


عزت بجدية: اللي عملها سمير عابدين، أنا بعت الرجالة يجبوه.


سليم: هو مكنش يعرف إننا إللي هننقل.


رشدي بشدة: يعني إيه؟ مش هتعاقبه؟


سليم بعقلانية: لا، هيتأدب بس بالعقل. هو مكنش يعرف إننا إللي بننقل. إحنا مش هنعمل عداوات مع أشكال زي عابدين. ده بيشتغل مع أقذر ناس على الكوكب. عداوتهم مش في مصلحتنا، مش خوف! بس ليه أبدأ في مشوار عارف نهايته كلها دم؟ أو أي شغل يجبلي مشاكل من النوع ده؟ وأنا بصراحة مش عايز أدخل في عداوات من النوعية دي خصوصًا دلوقتي.


عزت بتأييد: سليم صح، وأنا متأكد إنه لما يعرف هيجي زاحف ويعتذر لوحده.


فايزة: بس ده ضربك بالرصاص، كان ممكن تموت. ولا هتسيب حقك عشان قلبك بقى ضعيف؟


سليم ببرود: وعشت ومامتش، والرصاصة طلعت سطحية. بعدين، أنا قلبي مش ضعيف، بس الأول كنت لوحدي. دلوقتي...

صمت لثوانٍ، فهو لا يريد أن يعرفهم أنه سيصبح أبًا ولا يريد أن يدخل نفسه في مشاكل من هذا القبيل. أكمل:

أنا عندي زوجة ومسؤولة مني. لازم أكون عاقل كفاية. إللي حصل لها من تحت راسي قبل كده وأنا يستحيل أعرضها لحاجة شبه دي تاني.


رشدي: طب يرجع اللي أخده وثمن هجومه علينا.


عزت: مالكش دعوة. هو ومنذر هيحلوها. اللي لينا إنهم يعتذروا ويدفعوا الثمن 50 مليون دولار كـتاديب له


سليم: كلم اللي بعتهم يجبوه من غير مشاكل. مش عايزين نفتح علينا حنفية دم مش هتنتهي.


عزت: متقلقش، أنا منبه عليهم. يجبوه في شوال بس.


سليم بعقلانية: بابا، اسمع الكلام، هاته من غير مشاكل.


عزت:  طيب.


فايزة: أمال فين مراتك؟


سليم بتنبيه وشدة: ماسة مش هتعرف حاجة، واللي هتعرفه حرامية طلعوا علينا يسرقوا شحنة الدهب. هي عارفة إننا تجار دهب وألماظ بس.


فايزة بضيق: بالراحة طيب.


سليم وهو يعدل من جلسته ويتمدد: عايز أرتاح، ممكن تسبوني أنا ومكي وعشري لوحدنا، وإنت خلص مع منذر يا باشا. وبقولك أهو، أنا من اللحظة دي برة أي حوار يخص أولادك.


عزت: طيب. (نهض) يلا يا فايزة، وإنت يا رشدي.


رشدي: شكراً يا سليم لأنك أنقذت حياتي... أعتقد مش هتعملها تاني.


رفع سليم عينيه له وقال ببروده المعتاد: اعملها إنت تاني ونشوف...


عزت بشدة: يلا يا رشدي.


خرج عزت وفايزة ورشدي وإسماعيل، وتبقى مكي وعشري مع سليم.


سليم: عايز تفتحوا عنيكم، العالم دي مش سهلة. ممكن يغدروا، إحنا وقعنا رجالة كتير منهم.


مكي: على فكرة، العربية اللي كنا بننقل منها اتبقى عليها كم صندوق، والسواق لما حصل ضرب خلع بيهم حوالي 6.


عشري: تبقى حلال علينا.


سليم: حلال عليكم وعلى الرجالة، بس متنسوش، إسماعيل بيعها يا مكي وقسم فلوسها عليكم زي كل مرة.


عشري بتعجب: الصراحة، ماتوقعتش إنك تفدي رشدي.


سليم: ده أخويا مهما حصل، مينفعش أشوفه وسط الموت وما أنقذوش.


مكي: يا رب بس يقدر إللي عملته، لأن كان كل همه إنك بوظتله الصفقة.


سليم بتوضيح: لا، هو عارف إن لولايا كان زمانه مات هو وكل رجالته. هو بس بيحاول يهرب من الحقيقة إنه لحد اللحظة دي مش عارف ينفذ صفقة واحدة، حتى لو مع الأشكال اللي زي منذر وعابدين. المهم، فتحوا عينيكم كويس، قولولي، عرفان فين ورجاله اللي معاه؟


مكي: أنا كلمته أول ما خلصنا، وخليته يخلي... هو كان مغطينا كويس من فوق. لولا هو كنا اتدفنا الصراحة، القناصة اللي معاه على الفرازة.


عشري بتساؤل: هو إنت ليه مش عايز تعرف الباشا إنك مشغل معاك عرفان؟


سليم بتوضيح: مينفعش حد يعرف إن عرفان ورجالته بقوا شغالين معايا. مينفعش حد يعرف من الأساس إني عندي رجالة تانية بأعتمد عليها. عرفان ورجالته دول هيكونوا الشبح الأسود والضهر إللي بتحامى فيه. كل المافيا اللي شغال معاهم بالأعداء عارفينكم وعارفين الرجالة اللي شغالين معانا، لكن مايعرفوش عن عرفان حاجة. وكنت قاصد إني أحط رجالة من عندي معاهم عشان يوم ما حد يسأل، هقول إني كنت حاطت رجالتي فوق. صدقني كده أحسن. لازم يكون عندي دراع محدش يعرفه، وهو ده السر ومينفعش يخرج برانا إحنا الأربعة.


عشري: تمام هو الصراحة أثبت انه يستاهل يكون من رجالتك بس هو هيفضل تحت العين.


قصر الراوي السابعة صباحاً 


نشاهد جميع أفراد العائلة يجلسون على السفرة يتناولون وجبة الفطور.


فريدة بلهفة: يعني سليم عامل إيه دلوقتي؟ كويس؟


فايزة: كويس، الرصاصة سطحية، مدخلتش.


ياسين بتنبيه: ياريت بقى يا رشدي تبطل تحاول تجيب صفقات من النوعية دي.


رشدي بقوة: وإنت مالك؟ محدش طلب رأيك. أنا هفضل أحاول، إيه المشكلة؟ وبعدين محصلش حاجة يعني، محدش رجع مقتول.


تحدثت فايزة بقوة مع الخادمة: أماني، طلعي الولاد الجنينة.


وبالفعل، خرج الأحفاد والخدم إلى الخارج، وتبقت العائلة بمفردها.


فايزة وهي تركز النظر لرشدي وقالت بشدة: هو أنت مش هتبطل بقى السوقية إللي إنت فيها دي؟ إنت غلطت، الصفقة من أولها لآخرها كانت غلط. ويعني إيه محدش رجع مقتول؟! للدرجة دي مستهتر؟! كل مرة بأتكلم مع عزت ومع سليم وأقولهم أدوله فرصة، رشدي مندفع بس يجي منه. خلتني أندم أني لحد اللحظة دي لسه بدافع عنك وبديك فرص.


رشدي بعدم شعور بالذنب: أنا عملت اللي عليا، أعمل إيه؟ ما هي بتحصل كتير، دي أول مرة.


عزت بضيق: لا، هي مش أول مرة، بس صح، زي ما فايزة قالت، أنا غلطت لما وافقت إننا نشتغل مع ناس زي دول. إنت فعلاً مش هتبطل ولا تقتنع إنك ماشي في سكة غلط غير لما حد يرجع مقتول من إخواتك.


رشدي محاولاً كسب تعاطفهم: خلاص يا باشا، مش هدخل تاني حد من إخواتي. وبعدين يعني، خلاص، مش هاخد فرص تانية؟ هتتخلوا عني؟


عزت: لا، هتاخد عادي بس مش في الشغل اللي من النوعية دي، في شغلنا إحنا، مع ناس احنا نعرفهم مش شويه الرعاع اللي روحت اشتغلت معاهم.


عماد: إنت غلطت يا رشدي. منذر، الشغل معاه بيقلل مش بيعلي. هو اختارك عشان إنت اللي هتعليه وهيتعمل حساب لاسمك لو حد فكر يهاجم. هو استغلك واستغل اسم عيلة الراوي.


فريدة بعقلانية: تفتكر مثلاً لو كان سليم حصل له حاجة، أو كانت الرصاصة دي جت فيك، وسليم ما أنقذكش، عارف كان ممكن يحصل إيه؟ يا ابني افهم وبطل بقى الفوضوية بتاعتك.


رشدي بلا مبالاة معتادة: يموت المعلم وهو لسه بيتعلم. خلاص بقى، سليم كويس.


صافيناز بضجر: يا جماعة، إنتوا بتتكلموا في إيه؟ هو يستحيل يتغير ولا يحس أبداً إنه غلط لما قلل من نفسه واشتغل مع واحد زي ده، وعرض نفسه هو وسليم للخطر.


طه: المهم يا باشا دلوقتي، إنت لازم تربي اللي اسمه منذر وعابدين ده وتاخد حق الصفقة. إحنا ملناش دعوة.


عزت بتوضيح: أنا قعدت إمبارح مع عابدين واعتذر، ودفعلي 50 مليون دولار، اما منذر رشدي كان مستلم منه كل الفلوس قبل النقل، وسليم أخذ ست صناديق بـ 25 مليون.


منى: صناديق إيه دي؟


عزت: صناديق دهب والماظ، من اللي كانوا لسه بينزلوها من العربيات. السواق خاف وهرب وكان لسه في صناديق. سليم أخدهم كاتاديب


ياسين: بس هيوزعهم على رجالته مش ليه.


منى بصدمة: هيوزع 25 مليون جنيه؟


ياسين بتهكم: يوزع براحته، دول بيفدوه بحياتهم. أمال إنتِ فاكرة اللي واقفين بره دول بياخدوا كام عشان يحموكي وإنتِ في أحلى نومه.


فايزة: خلاص، ممنوع الكلام على الأكل. يلا خلينا نكمل فطار عشان منتأخرش.


فريدة: أنا هروح النهارده أطمن على سليم.


عزت: روحي بس، خدي بالك، هو هيقول لماسة كانت نقلة ذهب، والمنافسين هجموا على العربيات.


هزت فريدة رأسها بتفهم: تمام يا باشا.


ياسين: وأنا هبقى أجي معاكي.


فيلا سليم وماسة 


_ الهول العاشرة صباحاً 


نشاهد ماسة وسعدية وسلوى يجلسن في الهول، يشربن العصير ويتبادلن الأحاديث. ضحكاتهن تعلو الأجواء، وبعد دقائق يدخل سليم ومعه مكي.


سليم وهو يقترب: صباح الخير.


ماسة بابتسامة: صباح النور...


قبل أن تكمل حديثها، انتبهت إلى الحامل الذي يرتديه سليم. اتسعت عيناها بخوف وقلق، وقالت:


ماسة برعب: سليم، إيه ده؟


سليم وهو يشير بيده بهدوء: مافيش حاجة.


نهضت ماسة وركضت نحوه بلهفة.


ماسة بقلق شديد: هو إيه اللي مافيش حاجة؟ إيه ده؟!

وقعت عيناها على قدم مكي، وتحدثت وهي تشير بأصابع يديها:  وأنت إيه اللي حصل لك؟ إيه اللي حصلكم بالضبط؟


نهضت سعدية وسلوى، وعلى ملامح وجهيهما القلق.


سعدية: خير يا سليم، إيه اللي حصل؟


سليم بهدوء وهو يحاول تهدئة الموقف: مفيش حاجة، اهدوا. بس امبارح كان في نقلت دهب زي ما قلتلكم، طلع علينا ناس من المنافسين وضربوا علينا نار. أخدت طلقة في ذراعي بس بسيطة، والحمد لله ما دخلتش جوه، ومكي اتعور.


مكي: أيوه، الموضوع بسيط. متقلقيش يا هانم.


ماسة بصدمة وهي تمسك رأسها: اتضرب عليك رصاص!!

أخذت دموعها تنهمر على خديها، أكملت بنبرة مهتزة:

اتضرب عليك رصاص!! يعني كان ممكن ما شوفكش تاني! كان ممكن يحصل لك حاجة! إزاي بتتكلم بالبرود ده؟


سليم وهو يشير بيديه بهدوء: يا عشقي، اهدئي. أنا بخير.

اقترب منها وهو يمسح دموعها بابتسامة.

سليم: والله بخير، اهدئي يا روحي...

وضع قبلة على عينيها.


سعدية: الحمد لله على سلامتك يا حبيبي، الحمد لله إنك بخير.


سلوى: الحمد لله على سلامتك يا سليم. طب، انت روحت المستشفى؟


سليم: آه طبعًا.


ماسة بقلق: وكمان روحت المستشفى وما اتصلتش بيا.


سليم: محبتش أخوفك.


ماسة بنبرة عالية: يعني إيه محبتش أخوفك؟! يعني إيه محبتش دي؟!


اتسعت عينا سليم وهو ينظر لها، فقد ارتفع صوتها وكان واضحًا أن الغضب مسيطر عليها. ولم تستطع التحكم بنفسها. تحدثت معه بغضب، والدموع تنهال على وجنتيها، فبسبب الحمل أصبحت أكثر حساسية وعصبية.


ماسة بختناق ودموع: عايزني أهدأ إزاي؟! إنت كان ممكن تموت، كان ممكن الرصاصة دي تيجي في مكان تاني، وكمان متقوليش!!!

أكملت بحزن شديد: واللي اسمه عشري ده! لما جاني امبارح وقال إن مراتي تعبانة ولازم أمشي، كان رايح لك إنت صح؟:


هز سليم رأسه بنعم ومسح على خديها بحنان:  ياحبيبة قلبي، اهدئي، أنا عارف إنك خايفة ومقدر خوفك، بس أنا قدامك واقف والحمد لله محصلش أي حاجة.


ماسة ببكاء:إزاي؟ متقوليش إزاي.


سليم وهو يمسح على كتفيها بحنان: يا حبيبة قلبي، خوفت عليكي. تقلقي، الموضوع بسيط.


ماسة ببكاء: حتى لو بسيط كان لازم تقولي. أنا مش قادرة استوعب إن كان ممكن ما أشوفكش تاني.

أخذت تبكي بحرقة.


أخذها سليم بين أحضانه وهو يربت على ظهرها بحنان.


سعدية: ماسة يا حبيبتي، خلاص بقى... الحمد لله جوزك بخير وجرحه بسيط


وجهت نظراتها لمكي: ألف سلامة عليك يا بني.


مكي:  الله يسلمك.


سليم: خلاص يا عشقي، والله أنا بخير تمام .. همس في أذنها: خلاص عشان البيبي.


ابتعدت ماسة قليلاً ومسحت دموعها وهي تنظر له: إنت كويس بجد؟


سليم: والله كويس. ثم أكمل بمزاح: "المفروض تكوني أخدتي على كده.


ماسة بشدة: وحياتك ما هخليك تروح معاهم تاني في حاجات زي كده.


سليم: هههههههه حاضر، بس عشان خاطري، خلاص بقى.


سعدية: تعال استريح شوية يا حبيبي، فطرت؟


سليم: الحمد لله.


مكي: سليم، هروح أنا وعشري معاك.


سليم: تمام.


مكي: عن إذنكم.


سلوى بتردد: مكي... ألف سلامة.


نظر لها مكي بابتسامة: الله يسلمك.


خرج مكي وهو يعرج على قدمه قليلاً، ثم جلس سليم على الأريكة وجلست ماسة بجانبه.


ماسة: ممكن تحكيلي كل حاجة حصلت بالظبط?"


سليم تبسم: حاضر، هقولك كل حاجة.


قصر الراوي


غرفة نوم صافيناز،11م


نشاهد عماد متمدداً على الفراش على بطنه، وتجلس خلفه صافيناز وتعمل مساج لظهره.


صافيناز: ها يا حبيبي، أحسن؟

عماد: أحسن.

صافيناز: "أنا بكره هروح معاهم لسليم.

عماد: وده صح.

صافيناز: بعدين هروح لسارة، هحاول أقنعها تشيل فكرة إنها تهاجر من دماغها.

عماد هز رأسه بنعم: أوكيه.

شرد عماد قليلاً.


فلاش باك


منزل سارة،11م


غرفة النوم


نشاهد عماد وسارة يقفان في منتصف الغرفة يتحدثان، ويبدو على ملامحها الضجر.


سارة بضجر: عماد، إنت اتجوزت صافي بس عشان يبقى ليك مكان جوة المجموعة. قلتلي دي مصالح عليا، وقبلت إنها تشاركني فيك. وقبلت إني أفضل متجوزاك في الخفا، وحياتنا كلها تبقى في الخفا. بس تطلب مني إني أنزل الطفل! تبقى اتجننت رسمي، أنا مش صافيناز عشان تضحك عليا بكلمتين.


عماد بشدة: اتفقنا إن مفيش خلفة لحد لما الدنيا تهدى. مش رايحة تحملي تاني. ده احنا بنخبي مازن بالعافية.


سارة: هو أنا حملت لوحدي مثلاً!؟ الطفل ده ابنك زي ما هو ابني، واللي حصل حصل. أعمل لك إيه؟ وبعدين خلاص طلقني.


نظرة عماد بصدمه: أطلقك؟ وقدرتي تقوليها عادي؟ واضح إنك فعلاً بتحبيني.


سارة بقوة، وهي تركز النظر داخل عينيه: إنت عارف إني بحبك، وقابلة بوضع مفيش واحدة في الدنيا تقبل بيه. وخنت صديقة عمري عشان خاطرك يا عماد. بس أكتر من كده تنازل؟ متحلمش.


اقترب منها عماد، وهو يربت على كتفيها ويحاول تهدئة الموقف: طب خلاص، مفيش غير حل واحد ولازم تنفذيه.


سارة: لا، أنا هسمع الأول، ولو عجبني هنفذه.


عماد: تهاجري.


نظرت له سارة، وهي تعقد حاجبيها في تعجب وصدمة، أجابها عماد مسرعاً على تلك النظرة قائلاً:

كده وكده يعني، قصاد صافيناز هتبقى مسافرة، وهتقعدي في شقة تانية في مكان تاني. ونتقابل فيها.


سارة: هو أنا مش عندي صحاب وأهل؟ ولا فاكر إن حياتي هتبقى سجن؟


عماد: ده الحل الوحيد اللي ممكن نعمله. هتسافري كم شهر، قصاد صافيناز. وإنتِ هناك هتقولي إنك اتجوزتي وبعدين اتطلقتِ زي ما حصل في مازن، وبعدها هترجعي وأنتِ حامل. وهنا هتولدي براحتك.


سارة بضيق: وبرضه هتعمل شهادتين ميلاد؟ واحدة مزورة وواحدة رسمية. لحد إمتى كده يا عماد؟


هنفضل كده؟ إحنا بقالنا خمس سنين متجوزين.

عماد بوعد: قريب يا سارة، أوصل بس للكرسي وأحقق لك كل اللي إنتِ عايزاه.


باااك


نعود لعماد وهو يتذكر ما حدث بينه وبين سارة.


هز رأسه بنعم وقال: كلميها، ولو مقتنعتش ممكن أكلمها أنا كمان.


صافيناز: تمام.


فيلا سليم وماسة،11م


غرفة النوم


نشاهد سليم وهو متمدد على الفراش، وبعد ثوانٍ اقتربت منه ماسة وتمسك بين يديها طبقاً عليه حبة دواء وكوب من الماء.


ماسة: حبيبي، أنا جبتلك الدوا.


أخذ سليم منها الحبة وتناولها واحتسى الماء: تسلم إيديك.


وضعت ماسة الكوب على الكومودينو وجلست بجواره وهي متمددة وموجهة جسدها في زاويته.


ماسة بتساؤل: الدكتور قالك هتفك اللي انت عامله إمتى؟


سليم: أسبوع بس.


ماسة بحزن وبعين اغرورقت بدموع: هي وجعاك مش كده؟


تبسم سليم بلطف من أجل أن يطمئنها: الرصاصة مدخلتش جوه، جت من بره، صدقيني الموضوع مش كبير، أنا مش هكذب عليكي.


ماسة بقهر: أنا عارفة إنك مبتكذبش، بس كان ممكن يبقى كبير، كان ممكن يجرالك حاجة، كان ممكن ما أشوفكش تاني. هو إنت مفكرتيش في كل ده وانت بتوافق تعمل الشغل ده؟


سليم بتأثر ممزوج بندم: بصي، إنتِ عندك حق في كل حاجة بتقوليها. دي غلطة مني، غلطة كبيرة مكنش ينفع أبداً أقبل بالشغل ده وأعتذر عنه، كل الحكاية لو كنت رفضت كان رشدي هيزعل وهيثبت له إني مش عايز أقف جنبه وضد نجاحه، لأن الشغل ده كان بتاع رشدي لوحده، زي ما قلت لك، بس إنتِ صح، أنا كان ممكن أموت وأيتم الطفل اللي جاي وأسيبك لوحدك، بس أنا اتفقت مع الباشا، مافيش شغل تاني يكون في خطوره كده تاني


ماسة بدموع وحزن ممزوج برجاء: بعد الشر عليك يا روحي، متقولش كده. عشان خاطري، يا سليم، خد بالك من نفسك، أنا مقدرش أعيش من غيرك، أنا كل ما بص على الجرح بتاعك ده وأتخيل كان ممكن الرصاصة تيجي في أي مكان تاني، أحس إن قلبي هيتخلع من مكانه، وإني مش قادرة آخد نفسي. عشان خاطري، أي حاجة فيها شغل من النوع ده بلاش تروحها، إنت عندك حرس كتير، خليهم هما يستلموا. هم دول أصلاً مهمتهم يعملوا الشغل ده مش إنت، أنا مقدرش أتخيل حياتي من غيرك ولو لحظة واحدة. لو بتحبني بجد وبهمك، ما تعيدهاش.


نظر لها سليم بابتسامة وهو يهز رأسه بنعم: حاضر، أوعدك.


بعد مرور فترة، فك سليم الرابط وعاد إلى حياته الطبيعية. كانت ماسة في هذه الفترة تتوحم على أشياء غريبة كرائحة السجائر والشيشة، وكانت ذات حساسية مفرطة وتبكي لأتفه الأسباب. ودائماً ما تشعر بالغثيان والوجع.


فيلا سليم وماسة،1ص


غرفة النوم


كانت ماسة مستيقظة، وكان سليم في سبات عميق. بدا على ملامح وجهها الضيق وكأنها تريد قول شيء... وبعد دقائق، اقتربت من سليم وجلست بجانبه.


ماسة بنداء: سليم يا سليم. ..هزته من قدمه وقالت: سليم.


بدأ سليم يحرك عينيه، ورد بنبرة ناعسة: إيه يا روحي؟ في حاجة؟


ماسة: قوم كلمني يا سليم.


فتح سليم عينيه وهو يحاول أن يعتاد على إضاءة الغرفة: أيوه، معاكِ. في حاجة تعبّاكِ؟


ماسة: لا... واه.

جلس بنعاس متعجباً: "إيه 'لا واه' دي؟ وتثاءب ووضع يده على فمه، ماستي، مش وقت ألغاز.


ماسة: بص، فاكر البنزينة اللي أمبارح ماليت منها بنزين؟


سليم وهو يهز رأسه بنعم: أممم.


ماسة: عايزة أروح عندها.


سليم متعجباً: تروحي فين؟!


ماسة: "البنزينة كان في ريحة حلوة اوي، عايزة أشمها."


أخذ سليم يستوعب، فتح عينيه بتركيز: ريحة إيه؟ مش فاهم.


ماسة بتوضيح: عايزة أروح أشم الريحة اللي هناك، عجبتني اوي... يلا بقى.


سليم بجدية: بس هبل يا ماسة،  يلا روحي يا إما تكملي مذاكرة، يا إما تنامي، يا إما تروحي ترغي مع أختك أو هبة، تصبحي على خير. بنزين إيه اللي تشميه ده؟


كاد أن يستلقى، فوقفته ماسة.


ماسة بشدة: استنى، أنا بتكلم جد، مش بهزر، نفسي في ريحتها...


بدأت عينيها تمتلئ بالدموع، وبنبرة حزينة أكملت بحساسية مفرطة: مش عايز توديني ليه؟ بقولك نفسي أشمها، الريحة عجبتني. هو كل ما أطلب منك حاجة مش بتنفذها ليه؟ لازم أتحايل عليك ليه؟. إنت مش بتحبني! عموماً، شكراً يا سيدي، مش عايزة منك حاجة. الله يسامحك.


وأخذت تبكي بشدة: إنت ما بقيتش تحبني.


سليم بتعجب: هو في إيه لكل ده؟


أشاحت ماسة بوجهها في اتجاه آخر وهي تبكي: متكلمنيش تاني، إنت فاهم.


سليم: إنتِ بتعيطي ليه؟ عايز أفهم.


نظرت ماسة له بكاء طفولي: عشان مش عايز توديني البنزينة. وحياتي يا سليم، خليني أروح 5دقائق بس.


سليم: يا حبيبة قلبي، غلط اللي إنتِ فيه ده! إيه الوحم العجيب ده؟ الحاجات دي غلط عليكي.


زادت في بكائها بنهنهة. أكمل بلطف وحنان: في إيه بس؟ اهدي طيب، بصي، اطلبِ أي حاجة تانية بس بلاش بنزين. أجبلك عنب.


ماسة بحساسية شديدة وحدة: بتزعقلي ليه؟ أنا مالي؟ بنتك اللي عايزة كده.


سليم بدهشة وهو يبتسم: أنا زعقت؟ يا مفتربة! إنتِ اللي بتزعقي لي.


ماسة بشدة: آه، بتبلى عليك! معلش، عموماً، خلاص، شكراً، مش عايزة منك حاجة. متتكلمش معايا تاني، فاهم؟ بقولك وحياتي بردو مافيش... شكراً أوي وبطل تضحك عليا.


كان سليم ينظر لها وهو يمرر عينيه عليها باستغراب، مبتسماً على تلك الأشياء التي تتوحم عليها وعلى حساسيتها الزائدة وبكائها المستمر من أقل شيء، مثل الطفلة الصغيرة.


تبسم سليم: طب خلاص، خلاص، هلبس وأكلم الحرس.


تبسمت ماسة كالطفلة التي كانت تريد شيئاً وأخيراً والدها وافق: شكراً يا كراميل، بحبك أوي.


اقتربت منه وقبلته من خده قبلة طويلة، ثم نهضت مسرعة.


سليم وهو يبتسم: طب على مهلك يا شقية.


نظر من حوله، وجد الهاتف على الكومودينو، أخذه وأجرى مكالمة.


في إحدى محطات البنزين الساعة2صباحًا.


نرى سيارة سليم تتوقف، وهو يجلس في مقعد السائق وماسة بجواره، وكانت سيارة الحراس خلفهم.


سليم بنبرة ناعسة قليلاً، بمزاح: أنا مش فاهم إيه الوحم العجيب ده! مرة عايزة تشمي ريحة سجاير، ومرة شيشة خوخ ولازم خوخ، خلتيني أقعد عشري يشيش جنبنا عشان خاطر عيونك، ودلوقتي بنزين! إيه يا ماما ده، أنا بدأت أخاف! هتجبلنا مجرم؟ أحضر نفسي على نسخة متطورة وأكثر سفالة من رشدي؟ عرفيني بس، بعدين ماتتوحمي بدري ليه الساعة 2 بالليل؟


كانت تنظر إليه ماسة بضيق، وقالت بتذمر طفولي: وأنا مالي؟ بنتك هي اللي عايزة كده، وبعدين اسكت خليني أشم بمخمخة ههه.


سليم بتعجب وهو يضحك: تشمي بمخمخة!!! ضرب كف على كف، ثم أكمل بمزاح لطيف بنبرة مداعبة: أقول للناس إيه لما يسألوني ويقولولي حكلنا عن معاناتك مع مراتك في الوحم؟ أقولهم كانت بتروح تشم بنزين الساعة 2 بالليل! وحجر معسل، وما بتخلنيش أبوسها غير وأنا شارب سجاير!


أخرجت ماسة لسانها له وهي تشتنشق بلا مبالاة. أكمل سليم على نفس الوتيرة:

آه، أنا كنت هموت وأعيش معاكِ لحظات الوحم دي، بس أصحى بالليل تقولي نفسي في مانجا يا سليم وأحنا في الشتا، أو يوم تتجنني وتقولي نفسي في سردين سويسي، وأفضل ألف حوالين نفسي عشان أجيبه! مش أصحى على "عايزة أشم ريحة البنزين اللي شمتها إمبارح وتفضلي تعيطي نص ساعة كاملة عشان أوافق! إيه ده!!! ههههه.


ماسة بحزن، وعينها اغرورقت بالدموع، فهي أصبحت حساسة بشكل كبير في تلك الفترة وتبكي على أقل وأتفه الأشياء: إنت بتفتري عليّ على فكرة! لأني من أسبوع طلبت منك عنب بناتي، وفضلت تلف عليه، ومرة قبل كده قولتلك نفسي في سندوتش حواوشي! فين بقى؟ إن وحمي غريب، بعدين أنا مالي، مش المفروض تتحملني؟


سليم بمرح: لا، أبوس إيدك، متعيطيش! أنا بهزر معاكِي، اتوحمي يا روحي على أي حاجة براحتك، بس أوعي توصل للحشيش! ههههه.


ضربت ماسة على بطنه بضيق: إنت رخم، بطل!


سليم: إنتي اللي بقيتي حساسة! كل حاجة تعيطي كده! معندكيش حس فكاهي خالص.


مسحت ماسة دموعها: إذا كان عجبك... تصدق إنت فصلتني! بعدين قولتلك بنتك هي اللي عايزة كده... يلا نروح بقى، بس هاتلي آيس كريم مانجا الأول.


سليم بمرح: فصلتك؟ أنا أسف، حاضر يا أم العيال.


نظرت ماسة برفعت حاجب بسخرية وتحدثت مثل عائلته: إيه أم العيال؟ دي بيئة أوي يا سليم!


ضحك الاثنان بنبرة عالية.


سليم: والله بتبقي عسل وأنتِ بتقلديهم! خلاص نروح بجد... إيه، استكفيتي شمشمة؟


أغلقت ماسة النافذة: آه، بس هاتلي آيس كريم.


سليم بغزل: عيوني يا قطعة السكر، قبلها من خدها، وتحرك وهو يقول: اربطي الحزام.


ماسة: حاضر.


منزل نانا السادسة مساءً.


نشاهد نانا تجلس على الأريكة، ويبدو على ملامح وجهها التوتر. بعد دقائق، طرق الباب، فذهبت لفتحه. كان عزت قد دخل وأغلق الباب خلفه.

نانا: اتأخرت ليه؟

عزت: كان لازم أتعشى مع فايزة. خير، إيه هو الموضوع اللي مينفعش يتأجل؟

نانا بتوتر: أنا حامل.

نظر لها عزت بصدمة، واتسعت عيناه: بتقولي إيه؟

نانا وهي تتكئ على الكلمة: أنا حامل.

صلي على النبي 10 مرات يا ريت ما حدش ينسى يضغط لايك ويكتب كومنت حلو ورايه في الحلقه لان كومنتات حقيقي بتشجعني اكمل في الكتابه....



        الفصل السادس والاربعون ج1 من هنا 

تعليقات