رواية الماسة المكسورة الفصل الثامن والاربعون 48 ج2 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثامن والاربعون 48 ج2

بقلم ليله عادل


فايزة بتوتر وعينيها مليئة بالدموع: إيه اللي حصل؟


ركضوا خلفهم إلى الداخل وتوقفوا أمام النافذة الزجاجية.


فريدة بإضطراب وهي تمسك يده فايزة: استني يا مامي بس.


توقف الجميع أمام النافذة الزجاجية، يراقبون الأطباء وهم يقاتلون الزمن لإنقاذ حياة سليم. كان أحد الأطباء يضغط على صدره بقوة منتظمة، بينما طبيب آخر يراقب الشاشة بعينين قلقتين، يراقب أي إشارة لعودة النبض. ممرضة تقف إلى جانبهم، تمدهم بالأدوات بسرعة ودقة، وأخرى تحقن الأدوية في الوريد.


كان العرق يتصبب من وجوه الأطباء، أصوات الأجهزة الطبية تضيف رهبة للموقف، بينما صافرات التحذير تملأ الغرفة، كأنها تحذر من اقتراب النهاية.

امسك الجهاز انعاش القلب وبدا بصعق القلب لكي يعود نظره بعينه الى الجهاز لكن القلب لم يعود 

الطبيب مره ثانيه وضعت الممرضه الجل بسرعه ثم وضعوا على القلب لكنه لم يعود نظر الطبيب اليهم في النافذه  جرب مره ثالثه .. بعد محاولات مكثفة، توقف الطبيب عن الضغط وحدق في الشاشة. ارتفعت ملامحه للحظة وهو يقول: رجع النبض! الحمد لله..


انتفضت القلوب خلف النافذة بأمل، لكن سرعان ما عاد القلق يسيطر على الأجواء. طبيب آخر لاحظ شيئًا غريبًا في الأنماط الحيوية على الشاشة. "جهزوا الحقنة! بسرعه"

قالها بصوت مرتفع، ثم أعطاها لسليم سريعًا.


مرت لحظات ثقيلة، حتى استقرت الأرقام قليلاً. لكن سليم لم يستيقظ. الطبيب، بعد لحظات من الفحص، خرج إلى العائلة .

وقال بصوت متردد: "قدرنا نرجّع النبض... بس


عزت بقلق وعيونه تتسع: بس إيه؟


الطبيب: للأسف، لكنه دخل في غيبوبة.


فريدة وهي تعقد حاجبيها: غيبوبة؟ ليه؟


الطبيب: للأسف، حالة سليم مش حرجة وخطيرة.

ولازم نتابع تطوراتها الساعات الجاية.


فايزة بقلق: يعني هيفوق إمتى؟


الطبيب وهو يزم شفتيه: ممكن بكرة... ممكن أسبوع، شهر...


عزت بنبرة مكتومة: وممكن سنة، وممكن مايقومش.


فايزة بدموع: ليه؟! أنت قلت لو سيبنا الرصاصة هيبقى كويس.


الطبيب: صدقيني، يا هانم، اللي حصل مكناش عاملين حسابه. القلب لما وقف فجأة كان السبب في دخول سليم في الغيبوبة زي ما قلت لحضرتك حاله خطيره وللاسف ما مرش لسه 24 ساعه.


ياسين بصدمه: طب هنعمل إيه؟


الطبيب بأسف: للأسف، النوع ده من الغيبوبة مفيش حاجة نقدر نعملها غير إن المريض يفضل على الأجهزة لحد ما يفوق لوحده. تنهد انا اسف عن إذنكم.


جلست فايزة بدموع وإنهيار: سليم راح، راح خلاص.


اقتربت سلوى التي كانت تقف من بعيد تستمع لما يحدث بدموع تتساقطط: إن شاء الله هيفوق وهيبقى كويس.


اقترب إبراهيم منها وسأل: ماسة عاملة إيه؟


سلوى بألم: هي فاقت، بس كانت منهارة، إدوها مهدئ، بس هي لسه ماعرفتش حاجة.


إبراهيم بأدب: سوري يا سلوى، إحنا مقصرين معاكم، بس أديكي شايفة.


سلوى: فاهمة، ربنا يقومه بالسلامة.


توجهوا مرة أخرى للخارج وجلسوا في الاستراحة.


جاء مكي وهو يحمل أكواب قهوة و أخذ يوزعها عليهم، ما عدا فايزة التي رفضت ونهضت وتوجهت إلى غرفة الرعاية من الخارج. توجه مكي إلى سلوى وقدم لها.  


أخذتها سلوى منه وقالت: سليم دخل في غيبوبة.


مكي بذهول واتساع عينيه: إيه؟! بتقولي إيه؟


سلوى بوجع: قلبه وقف وإنت تحت، ولما رجع دخل غيبوبة، مش معروف هيرجع منها إمتى.


اهتزّت يد مكي للحظات، وترقرقت الدموع في عينيه بوجع لم يشعر به من قبل. ثم ساد الصمت، ثقيلًا كالحجارة، وكأن الدنيا كلها انطفأت من حوله، الخبر كان صاعقًا، كأن الأرض ابتلعت قدميه، وشعور الخوف بدأ يتسرب إلى قلبه بشكل لم يسبق له مثيل. حاول أن يظل قويًا، أن لا ينهار أمام الحقيقة المريرة، لكنه لم يستطع. ضرب بقوة على الحائط وهو يجز على أسنانه، وكأن كل جزء من جسده يصرخ باسم سليم أخيه الروحي وصديقه وتوأم روحه الذي كان دائمًا يحميه، هو من يواجه كل شيء بقوة ولا يبالي بالأخطار الآن صار ضعيفا لاحول له ولا قوة يصارع غيبوبته التي لا أحد يعلم نهايتها إلا الله...كان الألم يعتصر قلبه. كيف له أن يظل صامتًا في هذا الوقت؟ كيف له أن يقف مكتوف الأيدي أمام مصير صديقه؟ هو ليس مجرد حارس شخصي، بل هو أخٌ وصديق، وهو الذي وعد نفسه بأنه سيكون دائمًا في ظهره، لكن الآن، في تلك اللحظة الحاسمة، لا يستطيع أن يفعل شيئًا. يشعر كأن الأرض تدور به، وكأن العالم كله ينهار فوق رأسه. 


ربتت سلوى على كتفه: إن شاء الله هايبقى كويس، بس انت ادعيله. 


مكي هز رأسه بإيجاب بنبرة مكتومة: يا رب، يا رب. قوليلي ماسة عاملة إيه؟


سلوى بوجع: تقريبًا هتدخل في انهيار عصبي، لسه ماعرفتش أي حاجة من اللي حصل.


أخرج مكي أنفاسًا ثقيلة بوجع ونظر للأعلى،أسندا ظهريهما للحائط وتوقفا بصمت وألم.


أخرج مكي أنفاسًا ثقيلة بوجع وهو ينظر للأعلى، ثم أسندا ظهرهما للحائط وتوقفا بصمت وألم.


على اتجاه آخر


وقفت فايزة وهي تنظر من النافذة الزجاجية بدموع ووجع، وتمرر عينيها على فلذة كبدها وهو شبه ميت فهي صاحبة اليد الأولى فيما حدث له. تحدثت بصوت داخلي وندم ووجع يفتك كياناها:


فايزة بجلد ذات: أنا السبب، أنا اللي وافقت، أنا اللي رميتك بإيدي في النار. بإيدي كتبت شهادة وفاتك. نسيت إن رشدي وصافيناز ممكن يعملوا أي حاجة عشان يوصلوا لأهدافهم، وسمهم ممكن يطولك، خصوصًا رشدي. بس وحياتك عندي، ليشوفوا مني حاجة يستحيل عقلهم يستوعبها. وماسة، هي السبب في كل ده! وطلعت منها يا دوب بشوية كدمات، وخسرت بنتها. لكن حسابها معايا أصبح عسير! لو بس أعرف مين اللي عمل فيك كده! المشكلة إني متأكدة إنه مش رشدي، لإنه أجبن من إنه يعمل كده. ومستحيل تكون صدفة...


زفرت أنفاسًا ثقيلة بتعب: سامحني يا سليم.


💞______💕بقلمي_ليلةعادل💕_____💞


الكافتيريا داخل المستشفى


في زاوية هادئة يجلس إبراهيم وفريدة أمام بعضهما. وأكواب القهوة بين أيديهما، ورائحة القهوة تملأ المكان. ملامح فريدة تبدو متعبة ومنهكة، بينما إبراهيم يحاول الحفاظ على هدوئه.


إبراهيم بهدوء: هنقعد نعمل إيه؟ سليم خلاص دخل في غيبوبة، زي ما سمعتي، موضوع إنه يفوق منها... ده لسه في علم الغيب.


فريدة بصوت خافت وهي تنظر لإبراهيم:  روّح انت، أنا هفضل معاهم.


هز إبراهيم رأسه برفض: مش هسيبك لوحدك.


فريدة بوجع وعدم تصديق: أنا مش مستوعبة ازاي ده حصل؟ يعني إيه؟ في عز ما سليم كان جبار وبيقف في وش الأعداء، ماحدش كان يقدر يقرب منه. ودلوقتي؟ بعد ما بَعد عن كل حاجة من سنين، يعملوا فيه كده؟


إبراهيم بصوت هادئ ومليء بالتفكير: يمكن عملوا كدة في الوقت ده عشان يوجعوه على بنته.


فريدة تحدق به: لو عايزين يوجعوه على بنته، كان سابوه ..عشان يشوفوه متعذب ويفشّوا غلهم اللي في قلوبهم بس دول كانوا عايزين يقتلوه ففكرة الانتقام مستبعدة.


تنهد إبراهيم ونظر إليها بجدية: تفتكري حد من إخواتك ممكن يكون ليه دخل باللي حصل؟  بسبب موضوع الأسهم،ا؟


تجمدت فريدة للحظة ونظرت إليه بصدمة: لا... لا مستحيل، إخواتي آخرهم يعملوا مشاكل صغيرة... يوقعوا بين بابا وسليم، أو يشككوا في شغل سليم. لكن الحوارات الكبيرة دي؟ يأجروا عصابة تضربهم بالنار بالقسوة دي؟ دي لعبة أكبر منهم بكتير.


إبراهيم: يمكن عماد؟


فريدة تضحك بسخرية: عماد؟ ده أهبل. شفت سليم كان عامل إيه معاه في المخزن لما اكتشف إنه بس بص على الحسابات؟ عماد بعيد عن الحوارات الكبيرة دي.


إبراهيم بتوتر: غريب أوي الموضوع.. والتوقيت أغرب. خصوصا زي ما قلتي، بقاله سنين بعيد عن كل حاجة. يعني...مين ممكن يكون عايز ينتقم منه دلوقتي؟


تنهدت فريدة بتعب وبعينين ترقرقت بالدموع:

مش عارفة، مش عارفة والله، احنا لازم نطمن على ماسة بجد قلبي واجعني عليها وعلى البنت مش عارفة لما تصحى وتعرف كل اللي حصل هتعمل ايه؟! وقلبي وجعني على سليم أوي الرصاصة اللي لسه في ظهره دي وهتأثر على كل حاجه في حياته ده شيء صعب والله حرام سليم ما يستاهلش النهاية دي.


ابراهيم وضع يده على يدها بحب: احنا كلنا هنبقى معاه اهدي إنت بس يا حبيبتي كل حاجه هتبقى كويسة وإن شاء الله سليم هيقوم بالسلامة.


      *************************

((بعد وقت))


في غرفة ماسة.


نشاهد ماسة ما زالت في سبات عميق، وجميع عائلتها وفريدة  وهبة وياسين وأحد الأطباء يجلسون من حولها. بدأت تستيقظ ببطء، واقترب منها الطبيب.


الطبيب بابتسامة: حمد الله على السلامة.


ماسة وهي تفتح وتغمض عينيها بنبرة متعبة: الله يسلمك.


الطبيب: ها، أحسن؟


ماسة وهي تهز رأسها بنعم بنبرة مكتومة ومتعبة: شوية... وهي تنظر من حولها وتمرر عينيها على الجميع قالت بنبرة متعبه: هو سليم فين؟


الطبيب: خليكي معايا دلوقتي. إنتي فاكرة إللي حصل؟


بدأت ماسة تتوتر. إنتو ليه مش بتردوا عليا؟ سليم فين؟ وبنتي فين؟ (صاحت بهم) حد يرد!


نظر لها الجميع بصمت، فهم لا يعرفون كيف يوصلون لها الخبر المشؤوم! هم يعلمون جيداً كم هي متشوقة لرؤية ابنتها وتضمها بين حنايا قلبها، وتعد الأيام والدقائق والثواني من أجل تلك اللحظة. وما زاد الطين بلة ما حدث مع سليم، وأن معرفتها بذلك الخبر مع خبر وفاة ابنتها قد يقضي عليها. حاولت فريدة تهدئتها بعقلانية.


فريدة بلطف: حمد الله على سلامتك يا ماسة. ما تقلقيش، كل حاجة تمام. إنتي بس تبقي كويسة، وهايجوا يشوفوكي، يا حبيبتي. ارتاحي.


هبة: حمد الله على سلامتك يا حبيبتي.


ياسين: حمد لله على سلامه يا ماسة.


ماسة وهي تهز رأسها برفض بعدم تصديق: إنتو بتضحكوا عليا! أنا قلبي حاسس إنهم حصلهم حاجة.


الطبيب: هانضحك عليكي ليه؟


حاولت الجلوس، فساعدتها سلوى لتجلس وهي تفرد قدميها. قالت ماسة: مش عارفة!


فريدة بتتوه: ماسة، إنتي فاكرة إللي حصل؟ إنتم عملتوا حادثة؟


لكن ماسة لم تتشتت، فهي مركزة على ما تريد: آه، عملنا حادثة، فين سليم بقى؟ وفين حور؟ (تبسمت) طلعت شبهي ولا شبه سليم؟! إنتو مش بتردوا ليه؟ هم حصلهم حاجة؟ طب حور تعبانة عشان اتولدت قبل معادها؟ ماتوترونيش.


ياسين: ياماسة اهدى مالك إحنا بس حبين نطمن عليكي لاول.


ماسة: انا كويسه يا ياسين بس ردو عليا حصل حاجة؟!


نظر لها الطبيب، محاولاً أن يفهم مدى اضطرابها النفسي. سألها بعقلانية: ليه مصممة إنهم حصلهم حاجة؟ لو في حاجة هنقولك.


تنهدت ماسة وقالت بنبرة متعبة حزينة، بدموع تهبط على وجنتيها: أصلكم مش عايزين تجيبولي حور علشان أشوفها؟ طب لو هي تعبانة وفي الحضانة عشان وُلدت قبل معادها، عادي. قولولي والله مش ها أعمل حاجة، ما بتحصل، (بشوق) عايزة أروح أشوفها. أنا نفسي أشوف شكلها وأشم ريحتها، وأخدها في حضني أوي، وأحكيلها تعبتني قد إيه؟ وأغيظ سليم إن لون عينها طلع أزرق! ما حدش يقولي، لون عينيها، أنا قلبي بيقولي كده انها لون عيني... (بتعجب) وبعدين سليم فين؟ سليم ما يقدرش يشوفني كده تعبانة وما يجيش!!! هو فين؟ ماتخبوش عليا.


الطبيب: طب توعديني لو قولتلك هتكوني هادية؟


ماسة بتوتر، هزت رأسها بإيجاب: حاضر.


الطبيب: ماسة، لازم تبقي عارفة إن أي حاجة ربنا بيعملها هي خير.


ماسة بقلق ونبرة مكتومة: ليه بتقول كده؟ حصل حاجة؟


الطبيب: سليم اتصاب وهو في العناية المركزة.


اتسعت عينا ماسة بصدمة وذهول ودموع بإضطراب تلعثمت انها اصبحت لا تستطيع التحدث: ط ط... طب  طب  هو هو كويس؟ ماتخبش عليا! لازم أروح أشوفه، يا حبيبي يا سليم، إزاي تفضلوا ساكتين كل ده؟ لازم أكون جنبه أنا وبنتنا.


حاولت النهوض لكنها شعرت بوجع أثر الجرح. تساءلت: آه، هو فيه إيه؟ ليه موجوعة كده؟


الطبيب: من الجرح بس بكرة هتبقى أحسن.


ماسة: طب أنا عايزة أقوم.


نظر لها الطبيب بطريقة تشعرها أن هناك خبرًا آخر سيخبرها به.


ماسة بتوتر وقلق: هو إنت بتبص كده ليه؟ هي حور فين؟ بنتي فين؟ حصلها حاجة؟


الطبيب بنبرة هادئة، يحاول أن يوصل لها الخبر بأفضل طريقة ممكنة: للأسف ما قدرناش نلحق البيبي.


ماسة بصدمة، عدلت جلستها، نظرت بإتساع عينيها بنبرة عالية: إنت بتقول إيه؟ ما لحقتوش؟ إيه؟


تحدث الطبيب مع الممرضة: حضري لي الحقنة بسرعة. ثم وجه نظره مرة أخرى لماسة لكي يهدئها، وقال: ماسة هانم، إحنا اتفقنا نكون هادين. وبعدين، إنتي لسة صغيرة. إن شاء الله تجيبي غيرها.


ارتسمت على وجه ماسة نصف ابتسامة حزينة، ودموع تتساقط على وجنتيها: أجيب غيرها؟ هي سهلة كده!! هي فستان،  قال أجيب غيره؟


سعدية، وهي تربت على قدميها: إحنا عارفين إنها مش سهلة، بس هنعمل إيه؟ ربنا عايز كده. قولي الحمد لله يا حبيبتي.


نظرت ماسة له بدموع محبوسه، بإنكار وعدم تصديق، وهي تشير بيدها برفض واضطراب: بس اسكت! حور مامتتش، فاهم؟ حور مامتتش! اسكت خالص، فاهم؟ حور مين اللي ماتت؟ حور عايشة! فريدة، كلمي سليم، خليّه ييجي يسكته، ده بيقول على بنتنا ماتت.


الطبيب، وهو يتك على كل كلمة: للأسف هي ماتت، ولازم تصدقي. هتهربي من الحقيقة لحد إمتى؟ إنتي من جواكي حاسة ومتأكدة، وشايفة الإجابة في عيوننا، وفاكرة الحادثة.


ماسة، بصراخ: هششش! اسكت!


أكمل الطبيب، بمواجهة: وفاكرة إن سليم اتضرب بالرصاص، وإنك اطعنتي بسكينة...


ماسة، بإضطراب ورفض الاستماع للحقيقة: هششش، اسكت خالص أسكت سليم كويس.


وضعت يديها على أذنيها، محاولةً الهروب من الحقيقة وعدم الاستماع لتلك الكلمات المؤلمة.


الطبيب بإصرار: حور ماتت، ماتت، وسليم مصاب وحالته خطيرة.


أخذت تبكي وتصرخ بشدة، وهي تضع يديها على أذنيها بقوة، وتهز رأسها عدة مرات، غير مصدقة، ومنكِرة بشده برفض شديد: لالا انت كداب.


سعدية بحزن: يا بنتي، ما تعمليش كده في نفسك، مش هتكوني أول ست يموت لها ضناها. الحمد لله إنك كويسة.


رفعت ماسة يدها من على أذنيها، منهارة، تبكي بقهر وإنكار واضطراب: لا، ما تقولوش كده! حور مامتتش! حور ماسبتنيش! إنتو بتكدبوا عليا! قولوا إنكم بتكدبوا عليا، والنبي! قولوا! أبوس أيدكم، قولوا إنها تعبانة، مشوهة، أي حاجة. أنا موافقة وهقبلها، وهحبها أوي مهما كانت، بس متقولوش إنها ماتت! متقولوش ماتت! دي كانت خلاص ١٠ أيام وهتيجي. ده أنا حضرتلها هدومها، كانت حلوة أوي، وسلوى عملتلها شراب، هي مامتتش، صح؟! كمان سليم عملها اوضه حلوه اوي.


وجهت ماسة نظراتها لمجاهد الذي كان يقف صامتًا، يراقب ما يحدث بوجع، وعيناه مغرورقتان بالدموع على حال ابنته، وهو مكتوف الأيدي لا يعرف ماذا يفعل لها.


أكملت، بصدمة ودموع يفتك بها قلبها: بابا، هما بيكدبوا عليا صح؟ قولي إنها بخير، وتعبانة شوية، بس أوعى تقول ماتت! أنا مالحقتش أشوفها! أنا ما شوفتهاش! ماعرفتش ملامحها! ولا عرفت صوتها! أنا شيلتها جوايا تسعة شهور، ويوم ما تيجي، ماشوفهاش حتى ثانية واحدة!! ها؟ ثانية واحدة!! طب هاتوها، أشوفها دقيقة واحدة، وخدوها مني تاني، ومش هاتكلم. طب ماشي، ماتت، موافقة خلاص، أشوفها بقى. أظن من حقي أشوفها وأودعها، عايزة أودع بنتي، أعرف وأحفظ ملامحها قبل ما تدفنوها، عشان أحلم بيها... 


وهي تربت على صدرها برجاء، وعينها محمرة بشدة ومنتفخة من كثرة البكاء: "علشان خاطري بالله عليكم، أشوفها ثانية. حرام عليكم! طب عشان خاطر ربنا، أشوفها وأودعها، أحفظ ملامحها، وريحتها. أحضنها حضن واحد، بس. وخدوها مني تاني، والله مش هاعمل حاجة! والله ماهاعمل حاجة! أنتم خايفين أنفعل وأصرخ؟! لا، لا، مش هاصرخ! وهاسكت خالص. هاتوها بقى، أودعها... مسحت دموعها... أهو، هاقعد مؤدبة، عايزة أخدها في حضني حتى لو ميتة! بس أحس بالشعور ده لو ثانية. بعد تسعة شهور، ما تستكتروش عليا ثانية! أبوس إيديكم، أرحموني.


كان الجميع يستمع إليها، يشاهدونها بحزن وألم على حال ماسة، لأول مرة يشاهدونها بهذا الضعف والانهيار. نظر الجميع إلى فريدة، التي تبادلت النظرة معهم وهم يسألونها: "أين هي؟"


فريدة، بتوتر، قالت بترقب: بس إحنا كفناها ودفناها خلاص.


حين استمعت ماسة لتلك الكلمة، اتسعت عينيها بشدة وقالت بإضطراب وغضب، انهارت من البكاء بينما كانت تحاول النهوض رغم شدة الألم الذي تشعر به، لكن لا شيء كان أمام وجع قلبها. تقدمت حتى توقفت أمامها، وكانت سلوى تسندها، بينما كان الطبيب يراقبها بعينيه. نظرت الممرضة للطبيب، فأشار بيده أن تتركها، وكأنّه يريدها أن تُفرغ مشاعرها من الغضب والحزن.


ماسة بصوت متقطع ودموع: يعني إيه دفنتوها؟ (بصراخ وانفعال)  يعني إيه دفنتوها؟ إزاي تعملوا كده من غير ما تقولولي يا فريدة؟ إزاي تدفنوها من غير ما أشوفها وأخذها في حضني؟ إزاي تاخدوها مني وتحرموني من وداعها؟ 


سليم ازاي يسمحلكم بكدة هو فين؟! إزاي سيبني لوحدي، حرام عليكم! يعني أتوجع تسع شهور وبعد كل التعب ده ما أشوفهاش ثانية واحدة، ولا أخدها في حضني وأشم ريحتها حتى لو كانت ميتة! ده حرام والله حرام! أاه يا بنتي، حرام عليكم! حرمتوني منها! أنا عايزة بنتي، هاتولي بنتي! 

ببكاء هستيري، صراخ ونواح:

"أااااااه! عايزة بنتي! سليم! هاتلي بنتي يا سليم! أااااه يا بنتي! أاااااه!"


ركض الطبيب وأعطاها الحقنة في ذراعها، وهي تواصل الصراخ والبكاء، يبدو أنها لم تشعر بالحقنة بسبب الحالة الهيسترية التي كانت فيها. قالت بعتاب: "أنتم ليه تعملوا فيا كده؟ إزاي تعملوا كده يا فريدة؟ إزاي سليم يوافق يعمل فيا كده؟"


فريدة بحزن: أنا آسفة.


ماسة بانهيار: يعني إيه آسفة؟! مش مسامحاكي يا فريدة! مش مسامحاكي! أنا باكرهك!


سلوى وهي تمسك بها: ماسة كفاية كده! حرام عليكِ اللي بتعمليه في نفسك ده!


الطبيب وهو يمسكها من الاتجاه الآخر: "ماسة هانم، اهدي! لازم تتقبلي. ربنا أدانا حاجة حلوة وأخدها، هانزعل؟


ماسة نظرت له بهدوء: كان نفسي أشوفها. دفنوها من غير ما أشوفها.


فريدة: ماكنتيش هاتقدري تتحملي.


وضعت ماسة يدها على جبينها، وكأنها بدأت تهدأ وتفقد الوعي: "كنت هأقدر! آه، قلبي وجعني أوي، مش قادرة، مش مسامحاكم! آه، بنتي! مش قادرة! إنتوا إدتوني إيه؟"


بدأت تفقد وعيها حتى سقطت، ركض عليها عمار وحملها، ومعه الطبيب، وضعوها على الفراش.


سلوى بدموع: يا حبيبي، أمال لما تعرف اللي حصل مع سليم.


نظرت فريدة للطبيب بحدة: "إنت ليه قولتلها؟ ما كانش لازم تعرف دلوقتي! وإزاي تسيبها من غير مهدئ؟"


الطبيب بتوضيح: "كان لازم تعرف، هي من الأساس حاسة إن فيه حاجة غلط. هانفضل نكذب ونهرب من الحقيقة لحد إمتى؟ كده أفضل، صدقيني. لو كنت شاكك إن معرفتها بالحقيقة ممكن تضرها ما كنتش قولت. صدقيني يا فريدة هانم، في بعض الأحيان المواجهة بتكون أسلم وأفضل شيء. أوعي تخافي من اللي بيزعق وبيصرخ وبيعيط وبينهار، لإن ده علاجه سهل. لكن تخافي من اللي ساكت، اللي بيقول 'أنا كويس'، اللي ابتسم وتقبل المصيبة بلا مبالاة. مالهاش علاقة بالرضا، في فرق بين الشخص الراضي بحكمة ربنا والشخص اللي استقبل المصيبة بألم وكتم مشاعر الحزن جواه. فريدة هانم، ماسة خرجت كل مشاعرها. أنا عارف كويس أنا بعمل إيه. المرة الجاية لما تقوم هتكون أفضل. على الأقل خلاص، هي عرفت الحقيقة. المهم دلوقتي، إحنا لازم نخليها تشوف سليم بيه عشان تبقى أهدى."ط


عمار بحزن: طب وهي كل ما تفوق هتبقى بالمنظر ده؟ الدكتور اللي قبلك قال هاتكون كويسة، بس هي ولا بقت كويسة ولا أفضل. دي أسوأ.


الطبيب بعملية: ما تقلقوش، اللي حصل لها ده رد فعل طبيعي. يعني فقدت بنتها من غير ما تشوفها، والطريقة اللي واجهتها بها خلتها تفرغ كل المشاعر السلبية."


سلوى بحزن: يعني هي هتبقى كويسة؟


الطبيب: إن شاء الله هتبقى كويسة. عموماً هي مش هتفوق دلوقتي، أنا رفعت جرعة المهدئ، وإن شاء الله لما تفوق هكون معاكم. ألف سلامة، عن إذنكم."


خرج الطبيب.


مجاهد تسال: فريدة هانم، هو أنتم دفنتوا البنت بجد؟


فريدة بلطف: لا، بس كان لازم أقول كده عشان لو شافتها وهي ميتة هيبقى صعب عليها وممكن يحصلها حاجة. حسيت إن ده أحسن. والله ما حد فينا شافها ولا قدرنا. إحنا هاندفنها بعد الظهر لو عايزين تيجوا.


سعدية: عندك حق في اللي قولتيه. لو كانت شافت البنت وهي ميتة، كان هيجرى لها حاجة. آه، طبعاً هانروح معاكم. أبو عمار، روح معاهم، خد الولاد معاك. وأنا هأقعد هنا مع البنت.


ياسين: خلاص ان شاء الله هعدي عليكم بالعربيه ونروح 


سلوى: وأنا كمان هأقعد معاكي.


سعدية باستفسار: هو سليم عامل إيه دلوقتي يا بنتي؟


فريدة: هو أنتي ما قولتلهمش يا سلوى؟


سلوى: ما لحقتش.


فريدة: سليم دخل في غيبوبة، مش عارفين هاصحى إمتى منها.


مجاهد وهو يمسك السبحة ويُسبح عليها: لا إله إلا الله، ربنا يقومه بالسلامة، خير إن شاء الله.


يوسف: أنتم ما عرفوش إيه اللي حصل؟


ياسين: لا، للأسف مش فاهمين. ماسة بتقول حادثة، بس سليم مضروب بالرصاص! ولما البوليس عاين المكان لقى العربية فعلاً فيها آثار خبطة! إيه حصل؟ مش فاهمين.


عمار: الإجابة عند ماسة.


ياسين: لما تقوم بالسلامة نفهم.


مجاهد باعتذار: معلش يا يا سين بيه ويا فريدة هانم، مش عارفين نطمن على سليم بيه.


فريدة: لا، مافيش حاجة. ربنا معاكم. بعدين، سليم خلاص مش محتاج مننا غير الدعوات. أنا هاروح وهكلم سلوى لما نيجي نمشي، عن إذنكم يلا يا


ياسين:  يلا يا هبه.


هبه بحزن: لا انا هقعد شويه مع ماسة.


هزه ياسين وهبه راسها وخرجا للخارج وجلست سلوى بجانب ماسة، وضعت قبلة على خدها وهي تمسح على شعرها بحنان ممزوج بحزن، وقالت: ماسة، صعبانة عليا أوي يا ماما.


سعدية بقلة حيلة: هانعمل إيه؟ أدي الله وأدي حكمته. مش قدامنا غير إننا نقول يا رب يهون عليها اللي هي فيه، ويقوم سليم بالسلامة.


مجاهد بغلب: أنا هاروح أصلي ركعتين وأدعي ربنا يهون علينا الأيام دي.


جلست هبة على المقعد: أن شاء الله هتبقى كويسه.


💕_______________بقلمي_ليلة عادل ◉⁠‿⁠◉


على إتجاه آخر .. عند غرفة الرعاية المركزة 


نشاهد لورجينا تتحرك في الممر، وعينيها محمرة وتسيل منها الدموع. اقتربت من باب غرفة سليم، لاحظتها فريدة فقالت لها:


فريدة بصوت موجوع: جيجي!! 


لورجينا بحزن: عايزة أشوفه.


فريدة: سليم دخل في غيبوبة، مش ممكن حد يدخل.


لورجينا برجاء: من فضلك، لازم أشوفه يا فريدة خمس دقائق بس.


فريدة باعتذار: آسفة والله ممنوع عليه الزيارة.


لورجينا أمسكت يد فريدة برجاء: لو سمحتي. 


بعد لحظات من التردد قالت فريدة: طيب تعالي معايا  تحركت لورجينا مع فريدة إلى الغرفة، وكانت فايزة جالسة، تشاهد سليم عبر الزجاج وكان معاها عشري.


لورجينا بتهذب: مساء الخير يا طنط. إن شاء الله ربنا يطمنك على سليم.


فايزة بدعاء: إن شاء الله يا جيحي. 


لورجينا: أنا عايزة أدخل له بعد إذنك.


فايزة: اتفضلي، بس لازم تغيري لبسك الأول.


هزت لورجينا رأسها بالموافقة، ثم بدأت تغير ملابسها لتلبس زي غرفة العناية المركزة: الطاقية، الجوانتي، الكمامة، والجون.


تحدثت فايزة بصوت واطي مع عشري:... عشري، أدخل معاها، ما تسيبش سليم لوحده للحظه.


هز عشري رأسه بالموافقة، ثم بدّل ملابسه ودخل خلفها، وتوقف عند الباب. بينما تقدمت لورجينا ببطء، وعيونها تذرف الدموع وهي ترى سليم على الأجهزة الطبية لا حول له ولا قوة. جلست بجواره وأمسكت بيده.


لورجينا بصوت حزين مرتعش وبدموع تتساقط:

أنا مش مصدقة اللي حصلك، ليه كده؟ أول ما عرفت تفاصيل الحادثة اتصدمت، بس أنا متأكدة إنك قوي وهتقوم بالسلامة، أنا مسامحاك، مسامحاك على كل حاجة عملتها فيا، أنا بجد مش قادرة أشوفك كده، قلبي واجعني عليك، دلوقتي يمكن فهمت ليه كنت دايمًا بتهرب إن يكون لك عيلة، كنت خايف تعمل عيلة عشان ما تقعش في اللحظة دي في المصير ده ... بس إنت للأسف حبيت ماسة وضعفت، ووقعت في الحفرة .... عارف لأول مرة بحمد ربنا إني ما اتجوزتكش، ما كنتش هقدر أتحمل حادثة زي دي، ولا مرغرة ألم زي دي، كنت هتجنن لو شوفت بنتي بتموت بعد ما استنيتها كل ده، حقيقي صعب، والله ماسة صعبانة عليا برغم إنها عاشت نفس الألم اللي أنا عشته... وده بسببك، لأنك كنت السبب في قتل ابني،  انت السبب في قتل بنتها في اللي حصل لها وحصل لك، يمكن ده عقاب ربنا ليك ياسليم إنك تذوق نفس الوجع ونفس العذاب ونفس الحرمان اللي ذقته.. بس والله من قلبي مسامحاك وزعلانه عليك ومكنتش أتمنى ليك إللي حصل ده، ولسه بحبك.


أخذت تبكي بحرقة وألم .. كل هذا وفايزة تقف تشاهدها بحزن..


على إتجاه آخر ..


في ممر المستشفى، التي بها غرفة الرعاية المركزة الخاصة بسليم وغرفة ماسة أيضا. 


نرى ياسين يجلس على أحد مقاعد الانتظار المعدنية في الممر الطويل، بعيدًا عن عائلته، ووجهه يحمل ملامح الحزن والإنهيار، كان مطأطأ رأسه ودموعه تتساقط بصمت.


اقتربت هبة منه التي كانت تبحث عنه، وعند رؤية ياسين بهذه الحالة، تقدمت بخطوات حذرة وجلست بجواره.


هبة بصوت هادئ: ياسين انت هنا كنت بدور عليك؟!.


ياسين يرفع رأسه ببطء وينظر إليها، ثم ينحني ويضع رأسه على كتفها، وكأنه يبحث عن أي عزاء له في محنته و ألمه. 


سليم ضاع يا هبة خلاص ضاع.. ماكانش ينفع ده يبقى مصيره.حرام... بنته اللي فضل سنين مستنيها، في لحظة واحدة اتحرم منها، و ضيّعت معها كل حاجة. كل الآمال اتهدت، كل حاجة راحت في لحظة.


مسحت هبة على ظهره بلطف: هيقوم إن شاء الله، لازم يكون عندك أمل.


ياسين بحزن ودموع: سليم ده بالنسبه لي مش مجرد أخ عادي، هو بنسبة ليا أخويا وصديقي و أبويا وكل حاجة.


هبة بمواساة: أنا عارفة قد ايه علاقتك وارتباطك بيه وايه هو بالنسبة لك بس يا حبيبي اللي انت فيه ده غلط إنت لازم تدعي له هو دلوقتي محتاج دعواتنا مش محتاج ضعفنا محتاج كمان إنك تدور على اللي عمل فيه كده وتجيب له حقه. 


ياسين يرفع رأسه وينظر إلى باب غرفة العناية المركزة، وصوته ينكسر: دخل في غيبوبة..راح في عالم تاني. وللأسف فكرة أنه يفوق منها بقت صعبة؟!


هبة بإصرار: لا مش صعب وقريب إن شاء الله هيفوق. لازم تدعي ربنا. إحنا كلنا محتاجين نكون أقوياء. أنا واثقة إنه هيعدي منها، بس... لازم نفكر، إيه اللي حصل؟ مين ممكن يكون عمل كده؟ هو سليم له أعداء؟!


ياسين بصوت مليء بالتفكير:  أعداء؟ سليم بعد عن التهريب من زمان..عشان ما يوصلش للي حصل النهارده.


هبة بتوتر: أكيد في حاجة غلط، الموضوع مش طبيعي. بس دلوقتي أهم حاجة ندعي يقوم بالسلامة، إنت لازم تهدى يا حبيبي


هز رأسه بصمت و بحزن ملأ قلبه..أكملت هبة بحزن:

انا زعلانه على ماسة أوي. قلبي موجوع عليها. إنت شفت عملت اية وهي لسه ما تعرفش اللي حصل لسليم.


ياسين بتعب و بعين ترقرقت بالدموع: هنعمل ايه أنا والله ما عارف أعمل حاجة. تعبان و ومهموم و موجوع مش قادر أفكر في حاجة. 


ربتت هبة على ظهره: طب اهدى إن شاء الله كل حاجة هتبقى بخير.


💕_________________بقلمي_ليلةعادل 


تبقى في عائله ماسة في المشفى لم تترك ابنتها للحظه كما تبقى عزت وفايزه ياسين وهبه وفريدة وابراهيم ومكي،  ثم توجهوا الى المجموعه لكن تبقت فريدة مع فايزة


(( اليوم التالي)) 


مجموعة الراوي


غرفة الاجتماعات الثانية عشر ظهراً 


نشاهد عزت ومكي وإسماعيل ورشدي وعماد وياسين  يجلسون في غرفة الاجتماعات، يتبادلون الأحاديث الجادة.


عزت بحدة: يعني إيه، ما وصلتوش لنتيجة؟ يعني إيه؟


إسماعيل بتوضيح: يا باشا، إحنا وصلنا لعربية النقل، أرقامها متغيرة، سارقين أرقام عربية خردة مركونة في وسط الطريق الزراعي وركبوها على العربية وضربوا عربية سليم بيها بس طبعا قتلوا السواق.


عزت بتساؤل: ما عرفتوش عنه أي معلومات؟


إسماعيل: السواق عيل سوابق، بيتأجر، يعني لما يبقوا عايزين يضايقوا حد أو يقتلوه بيجيبوا. 


ياسين وهو يجز على أسنانه بغل: قتلوه عشان مانعرفش نوصل لحاجة الكلاب.


ظهر على ملامح عزت التعب: يعني ما فيش أي دليل؟


مكي بتوضيح: للاسف يا باشا المكان اللي حصل فيه الحادثه ما فيهوش كاميرات، الكاميرات البعيده او اللي عند الدكتوره كلها ممسوحة. هم كانوا مخططين وعارفين إن سليم هيعدي من الطريق ده بس إسماعيل قال عنده فكره كده هيجربها.


اسماعيل: هشوف الكاميرات اللي من اول الشارع لحد الاخر واللي في طريق المجموعة وفي طريق الدكتور، اي حاجه ممكن توصلنا كمان هستجب الناس اللي ساكنين في المكان يمكن يكون شايفه حاجه. 


رشدي نظر لهم بتساؤل كأنه يرمي لشيء ما: بس غريبة يعني يا مكي، عرفوا منين إن سليم هيعدي في الوقت ده وأنه كان رايح يعني عند الدكتور؟ وبعدين، مش سليم غير رأيه في آخر لحظة، وانت ما كنتش معاه، وبعدين سليم على طول واخدك معاه في كل حتة، ليه المرة دي بالذات؟


نظر له مكي نظره حادة: سليم طلب مني وأنا في الطريق إني أنزل أنا والسواق في عربية الحراسة وروح على الفيلا عشان كان محضر مفاجاه لماسة هانم وفضل إن هو اللي هيروح معها عشان يطمن على البنت. وأنا كنت رافض. بس سليم صمم، بعدين أوقات كتير كان بيرفض ياخدنا انت بس يا رشدي ليه ما تعرفش حاجه عن سليم كويس.


إسماعيل: بس رشدي عنده حق، غريبة أوي. مستحيل يكونوا قاصدين ماسة.


عماد: ليه؟ ممكن يكونوا قاصدين ماسة عشان يكسروا سليم، عارفين إنها مراته وحبيبته. وكانوا عاملين الكمين ده، المسألة سهلة يعرفها من الطبيب اللي متابعة معاه، و100 جنيه للممرضة عشان يعرفوا ميعادها امتى. 


عزت: أنا عايزكم تدوروا على كل شيء، كمان ورا اريك وتيمو.


عماد: بس إحنا أنهينا الموضوع معاه من زمان، من سنين، بعد ما قعدت حضرتك وسليم على الترابيزة، الاتفاق، مع  مستر باولو وكل الزعماء، وهما عارفين  لو خانو العهد هيحصل لهم إيه؟ ومصيرهم هيكون أسوأ من أبوهم. غير إن إريك عاقل جداً وبيفكر بشكل عملي،عكس تيمو


عزت بحسم وقوة: أنتم لازم تدوروا ورا الكل، مش بس إريك وتيمو. شوفوا مين من أولاد الصياد لسه عايش؟ شوفوا سالي وأولادها، أولاد الشعراوي، العلايلي، منذر. كل واحد حصل معاه مشكلة. هتدوروا وراه، وتزغللوا رجالتهم بالفلوس عشان يتكلموا. عايز معلومات، وقدامكم ثلاث أيام. ثلاث أيام تجيبولي اللي عملوا في سليم كده عشان أدفنه حي.


نظر لمكي وهو يقول: مكي أنا عايزك تظبط الحراسة كويس اوي، المستشفى لازم تكون أكثر تأمين من كده كمان ممكن يحاولوا يقتلوه تاني حتى ماسة تشدد عليها الحراسه.


مكي: ما تقلقش يا باشا، هنعمل كل حاجة أنا سايب عشري مع سليم.


عزت: ياسين بكرة تسافر تقابل ماركو تتكلم معاه تطلب منه المساعدة. مش هينفع اسافر واسيب سليم انت اللي هتبقى مكاني يا ياسين لو حصل حاجة هجيلك وانت يا طه كلم ريمون الباشا عايزك خليه ينزل مصر. 


طه تمام.


ياسين أمرك يا باشا


عزت بشده:  انتوا تتفرجوا يلا كل واحد يروح شوف هيعمل ايه.


.عزت، بعد خروج الجميع للبحث عن أي دليل يقودهم إلى الجناة، جلس وحيدًا في مكتبه، والحزن يكسو ملامحه والاختناق بادٍ عليه. نهض غير  قادر على تحمل المزيد، وفتح باب غرفة الاجتماعات التي تؤدي إلى مكتبه. جلس على كرسيه، وجذب انتباهه البرواز الذي يضم صورته مع فايزة أبنائه. 

أمسكه بقوة، واستقر نظره على صورة سليم. كانت عيناه ممتلئتين بالدموع، وقلبه يتألم بشدة، كأن روحه أصبحت عبئًا ثقيلًا عليه، وأنفاسه تضيق كأنها لا تكفيه.

وبنبرة وجع عميقة خرجت من أعماق قلبه، قال:


آه يا سليم، وآه من اللي حصل.. كنت دايمًا شايل نفسي بيك، عمري ما شلت هم طول ما أنت جمبي وفي ظهري، كنت لما أبصلك أقول ده ابني ده سندي وعزوتي، ده إللي هيكبر اسمي ويكون في ظهري دايماً، عمري ماتوقعت أشوفك في الحالة دي، نايم قدامي وعاجز مش قادر حتى ترد عليّ، أنا اللي كنت دايمًا بحميك، كنت بشوف فيك نفسي وأنا في سنك، كنت حلمي اللي اتحقق،  إنت مش بس ابني...إنت عزوتي، إنت أماني في الدنيا. أنا بنيت كل حاجة مش بس عشاني،لا عشانكم... عشانك إنت وأخواتك. بس النهارده كل اللي بنيته ملوش قيمة وأنا شايفك كده...

محتاج أعمل أي حاجة ترجعك ليا، بس حاسس إني ضعيف، إن الدنيا كسرتني. حاسس إن ضهري اتكسر يا ابني، إنت كنت روحي والله يا سليم ..

 آه لو أعرف مين اللي تجرّأ عليك وعمل  فيك إنت و مراتك كده؟! مين اللي حاول يدمرك، حتى لو كان من أقرب الناس ليا، والله هنسفه من على وش الدنيا. دي مش تهديدات، دي حقيقةأنا راجل عمري ما كسرت كلمتي ولا خلفت وعدي، واللي ييجي على عيلتي أوّل وآخر مرة هيشوف فيها النور.

يا رب، يا رب تقوم بالسلامة يا قلب أبوك."

نزلت دمعة ساخنة على البرواز، وسكت لحظات... ولكن الحزن غمر قلبه بنيران القهر و الحزن على فلذة كبده ولن تهدأ إلا بعد أن ينتقم له و يشفي غليله ممن أوصله لهذه الحالة.


غرفة المراقبة


كانت الغرفة غارقة في أجواء التوتر والترقب. شاشات المراقبة متراصة على الحائط تعرض زوايا مختلفة من المكان، كل شاشة حاملةً جزءً من اللغز الذي يحاولون فك شفرته. ثلاثة رجال يرتدون سترات سوداء كانوا يجلسون أمام الشاشات، وما إن دخل مكي وعماد ورشدي حتى وقفوا باحترام.


رشدي: اطلعوا برا.


مكي: استنى شوية رشدي بيه.( تساءل )شفتوا أي حاجة غريبة امبارح؟ خصوصًا بين الساعة 3 والساعة 6؟ أو حتى طول اليوم؟


أحد الرجال: لا يا باشا. مفيش أي حاجة. الدنيا كانت هادية. سليم باشا جيه وخرج مع حضرتك وما رجعش تاني.


عماد: يعني مفيش أي عربية أثارت الشكوك؟


الرجل: لا خالص.


مكي: تمام. اطلعوا برا.


خرج الرجال بهدوء.


عماد: مكي، هات تسجيلات اليوم كله من الساعة 1. شوف إذا كان سليم ظهر أو حاجة مريبة. خلينا نبدأ من يوم الحادثة. كل واحد يراجع شاشة.


رشدي: كل شاشة بتصور اتجاه مختلف؟


مكي وهو يشير بيده: أيوه، الشاشة دي رئيسية، ودي ناحية اليمين، ودي الشمال.


جلس رشدي في المنتصف مركزًا على الشاشة الرئيسية، بينما توزع الآخران على الشاشات الجانبية. بدأوا التدقيق في التسجيلات، أجواء الغرفة كانت مشحونة بالتوتر والتركيز.


فجأة توتر رشدي. ظهر على الشاشة وهو يهبط من التاكسي، وتبادل نظرات سريعة مع عماد الذي فهم الإشارة على الفور. أومأ له عماد بالبقاء هادئًا، وأشار بيده أنه سيكون مشغولًا في التركيز على مكي.


أخرج رشدي ورقة وقلم من جيبه، وضع الورقة أسفل الطاولة عند قدميه، وبدأ في كتابة شيء وكان توتره في أشده. كانت عيناه لا تفارق مكي، وفي كل مرة يشعر أن مكي قد يلاحظ، خبأ الورقة سريعًا. فمكي شديد الملاحظة كما نعلم، لذلك كان عليه أن يكون حذرًا جدًا.


عينا عماد لم تترك مكي، وعندما شعر أن مكي قد يلاحظ، كان يحرك أصابعه بعينيه في إشارة مفادها "الورقة في خطر". استمر رشدي في الكتابة وكأن الوقت يقف، كل ثانية كانت تشعره بضغط أكبر. وعندما انتهى أخيرًا، شعر بارتباك مضاعف. كان عليه أن يمد يده بحذر، فكل حركة قد تكون تحت عين مكي فلابد ان يكونوا حذرين جدا فا رشدي عليه أن يمسح المشاهد ويضغط على زر الماوس نظر عماد له بمعنى انتظر سأقوم بإثارة انتباهه.


عماد مشيرًا للشاشة: مكي، تعالى شوف العربية دي.


نهض مكي وركز على الشاشة التي أشار إليها عماد. استغل رشدي اللحظة، ضغط على زر الحذف بسرعة، ثم عاد إلى مكانه وكأن شيئًا لم يحدث.


عماد: أنا لاحظت إن العربية دي كانت واقفة من بدري وما مشيتش غير بعد ما اتحركت انت وسليم بخمس دقائق. 


ركز مكي النظر ثم هز رأسه بنفي: مفيش حاجة. العربية دي اتحركت بعدنا بخمس دقايق. دي عربية إدريس بتاع الشؤون


رشدي: مش مهم. نتابع مع الكاميرات عند الدكتورة.


مكي: إسماعيل هناك بيتابعها.


رشدي: تمام.


بعد وقت من المراجعة لم يجدوا شيئًا إضافيًا.


مكي: هروح أشوف إسماعيل عمل إيه.


رشدي: ماشي.


غادر مكي، فالتفت رشدي سريعًا إلى عماد:

رشدي بهمس: الحمد لله مسحت المشاهد .كنت ظاهر.


عماد بهدوء: لعلمك ما كانش في خطورة منها، بس مفيش داعي نخاطر. الحذف أحسن من أي تبرير.


رشدي: طيب والكاميرات هناك؟


عماد: مفيش كاميرات هناك أمال احنا ليه اخترنا المكان ده بالذات.


رشدي: طب والرقم اللي كتبته؟


عماد: تمام. تعالى المكتب، في مكالمة مستعجلة.


مكتب عماد


جلس الاثنان في المكتب. رفع عماد هاتفه وأجرى مكالمة:


عماد: عملت إيه؟


ظهر على الشاشة رجل يقف أمام كشك يحترق،(الكشك الذي اتصل منه رشدي بالاسعاف) بينما يتحدث عبر الهاتف مع ذعر المارة ومحاولاتهم لإطفاء الحريق. 


الرجل: أنا دلوقتي قدام الكشك اللي بيولع.


عماد بضمير ميت: حلو. دلوقتي هبعتلك رقم التاكسي. اعمل فيه زي ما عملت مع صاحب الكشك بس خليها تبان سرقة. خد التاكسي ووديه مكان بعيد. وخذ الفلوس وأي حاجة معاه،مهمة الكاست، كوتشيهات الموتور  وبعد كده إخفي آثاره ، فاهم؟


الرجل: فاهم يا باشا.


عماد: ما تنساش: وشك ما يبانش في الكاميرات.


الرجل: ما تقلقش، يا باشا.


عماد: تمام. فلوسك هتوصلك قريب.


أغلق عماد الخط وتنفس بارتياح.


عماد: كده خلصنا من أهم الأدلة. كله تمام.


رشدي: بس لازم نعرف مين اللي كان عارف اللي احنا بنخطط له. مستحيل تكون صدفة.


عماد متعجباً: أنت مش زعلان على اللي حصل لسليم؟


رشدي ببرود: مش زعلان أكيد، بس مش هنكر إن المنظر كان صعب وأنا شايفهم وهم بيقتلوهم. 


عماد: اللي يهمنا دلوقتي نعرف مين اللي عملها.


رشدي: بالظبط لأن كده في طرف ثالث.


💞_______________بقلمي_ليلةعادل 


_ خلال ثلاثة أيام


كانت ماسة منهارة تمامًا، فقد أصيبت بانهيار عصبي حاد. كلما استيقظت، كانت تصرخ بجنون وتنادي على ابنتها التي حرمت حتى من رؤيتها لثانية واحدة، وعلى سليم، توأم روحها. عقلها لم يستطع استيعاب وتحمل هذا الكم من الألم، ولم يستطع أحد تهدأتها. كانت تبكي كالمجنونة وتصرخ بهستيريا، فكان الأطباء يضطرون لإعطائها مهدئات لتنام، وكانت تعيش على المحاليل.


بينما كانت حالة سليم كما هي، فقد دخل في غيبوبة ولا يعرفون متى سيستيقظ منها!! بينما كان عزت ومكي وعشري وإسماعيل وجميع أفراد عائلة الراوي يبحثون ويحاولون أن يصلوا إلى أي خيط يدلهم على الفاعل، لكن عماد قد مسح جميع الأدلة، فقد حرقوا الكشك بمن فيه، وقيدت الحادثة ضد مجهول. حتى السائق، وصلوا إليه وقاموا بسرقة ما في السيارة بعد ضربه، ثم قتله لتقيد الحادثة كقتل بهدف السرقة. كانوا يعرفون جيدًا ما يفعلون. لكن الذي كان يثير جنونهم هو تلك العصابة التي هاجمت سليم، ولم يجدوا أي إجابة عن تلك الأسئلة.


بينما كانت فايزة لا تترك سليم، فهي من أقامت معه، فالندم كان يفتك بها كل ثانية. بينما لم تترك عائلة ماسة ابنتهم ليوم.


♥️______💕بقلمي ليلة عادل💕______❤️


المستشفي التاسعة مساءً 


الكافتيريا 


تظهر سلوى وهي تقف أمام ماكينة القهوة، تحاول أن تلتقط أنفاسها وتشتري كوبًا من القهوة. بدا عليها التعب الشديد، عيناها حمراوان من السهر والبكاء، وملامحها يغلفها الحزن. بينما كانت منشغلة بتحضير القهوة، دخل مكي الكافتيريا. رآها، وتردد للحظة قبل أن يقترب منها.


مكي: سلوى...


رفعت سلوى رأسها ببطء، نظرت إليه بعينين مجهدتين، وقالت بصوت منخفض.


سلوى: أفندم؟


مكي بلطف: إزايك دلوقتي؟ أحسن؟


سلوى بحزن ووجع: أحسن؟ أحسن إيه بس؟ تفتكر أنا ممكن أبقى أحسن؟ وبعدين حتى أنت نفسك شكلك مش أحسن.


مكي محاولًا تهدئتها: تعالي نقعد لحد ما القهوة تبقى جاهزة. أنا كمان هطلب واحدة. يلتفت للبائعة: لو سمحت، اعملي لي قهوة مظبوطة.


جلسا معًا على إحدى الطاولات، في مواجهة بعض. الصمت الثقيل بينهما لم يخفِّف من وطأة التوتر، ولكنه كان لازمًا.


سلوى بقلق واضح: عرفتوا حاجة؟ بجد، قول لي. يمكن اللي عملوا كده يكونوا نفس الناس اللي خطفوها قبل كده.


مكي بنبرة منهكة: لحد دلوقتي ما وصلناش لأي حاجة. لكن صدقيني، مش هما... اللي خطفوا ماسة قبل كده اتصفوا. محمود مات، وعبد القادر ما كانش عنده أولاد غيره.


سلوى بتوتر متزايد: بس برده دوروا... دوروا ورا كل الناس. مش هرتاح غير لما أعرف مين اللي عمل كده. 


مكي بحزم: أكيد هندور، ومش هنسيب حاجة. هنلاقيهم. طمنيني، ماسة عاملة إيه دلوقتي؟


سلوى والدموع في عينيها: منهارة... منهارة بشكل فظيع.. بقالها 3 أيام ما بتنامش غير بالمهدئات. حالتها تصعب على الكافر.


مكي بأسى: مش قادر أتخيل حالتها... واللي عمل كده جاله قلب يعمل كده إزاي؟


سلوى بصوت مرتعش بدموع: دي كانت حامل... حامل يا مكي! تخيل لما تشوف واحدة حامل في الشارع، وشايله تقيل أو بتعمل حاجة بتجري تساعدها بتصعب عليك...دول عملوا إيه ؟ إزاي جالهم قلب ازاي مهما كانوا حيوانات مهما كانوا ما عندهمش قلب ولا رحمة ازاي بجد مش متخيلة ازاي؟!


مكي بحذر: "هي عرفت إن سليم دخل في غيبوبة؟"


سلوى تهز رأسها بالنفي: لا... لسه عرفت إنه تعبان بس. ومش عارفة إذا كانت مدركة للخطورة ولا لأ. هي في عالم تاني، كل اللي بتعمله لما تفوق تصرخ باسم سليم وحور... مش مصدقة إنها ماتت، وإنها اتحرمت منها قبل ما تشوفها بعشرة أيام.


تبدأ بالبكاء، :والله العظيم حرام! حسبي الله ونعم الوكيل فيهم 

تمسح دموعها بصعوبة. سلوى بحزم بنظرات غل أضافت:

لازم توصلوا للي عمل كده... تحرقوه! لا، الحريق مش كفاية. أبشع حاجة ممكن تتعمل فيه، لازم يعملوها فيه.


مكي بغضب مكتوم: ما تقلقيش يا سلوى. والله العظيم هنوصل له... وهحرقه بنفسي.


سلوى: إنت شكلك تعبان، أنت شكلك ما بتنامش.


مكي هز رأسه بإيجاب: من يوم الحادثة، والله ما نمت. يمكن من كتر التعب بيغمى عليا ساعة ولا اتنين وأصحى تاني. مش قادر أسيب سليم، ولا أبطل أدور على اللي عمل كده... انتي كمان شكلك تعبان. حاولي ترتاحي شوية، عشان ماسة محتاجة لك. هيجي وقت وهتفوق يا سلوى. وقتها هتحتاج دعمنا. لازم إحنا نقوى عشان نطلعها من اللي هي فيه.


سلوى بإصرار: أنا بس أطمن عليها وأشوفها قدامي، وهبقى كويسة.


مكي: خير إن شاء الله.


سلوى وهي تنهض: طب يلا، شكل القهوة خلصت.


سلوى: ماشي، يلا بينا.


توجها معًا نحو القهوة. أمسك مكي الكوبين، وصعدا مرة أخرى إلى الطابق الذي تقيم فيه ماسة وسليم.


_ قصر الراوي ٦م


_ الهول


نشاهد صافيناز ومنى يجلسون في الهول. بعد ثوانٍ، دخلت فايزة من باب الفيلا، فتوقفا بسرعة.


صافيناز باهتمام مصطنع: إيه يا مامي، فيه حاجة؟


فايزة: عايزة أغير هدومي وأتكلم شوية مع عزت.


صافيناز: إحنا مستنيين عماد وطه علشان نروح نزور سليم، مافيش جديد؟؟


فايزة بجمود: عزت فين؟


منى: في المكتب.


_ مكتب عزت


نشاهد عزت يجلس على مقعد مكتبه وهو يفكر باختناق. رفع عينيه نحوها.


عزت: فيه حاجة؟


فايزة: كنت محتاجة أتكلم معاك في شوية حاجات، وصلت لحاجة؟


عزت وهو يهز رأسه بلا: ماسة هي الوحيدة اللي هاتجوبنا.


فايزة بضيق: يعني ماوصلتش لأي حاجة؟


عزت بحدة: أنا واقف في نقطة واحدة وسؤال واحد: مين دول؟ وعرفوا إزاي إن سليم في المكان ده؟ بس أيا كان اللي وراها، مش هأرحمه حتى لو حد من ولادك.


فايزة اتسعت عينيها وحاولت الثبات: إيه اللي إنت بتقوله ده! إنت اتجننت؟ هايقتلوا أخوهم؟


عزت بشدة: أنتم اتجننتوا من وقت ما سليم كتب لماسة نسبة من المجموعة، فممكن الغيرة والحقد تعميكم.


حاولت فايزة إبعاد تلك الفكرة بكل قوتها: مستحيل يا عزت، حد من الأولاد يفكر كده. طه جبان ومنى مش أسلوبها ورشدي يستحيل يعملها، عقله ما يجبهش التفكير الشيطاني ده. وعماد مالهوش مصلحة حتى صافيناز. اللي عمل كده أكيد من الأعداء. ماتنساش سليم الفترة اللي فاتت، ربى أعداء كتير، ممكن يكون حد منهم.


عزت: سليم بقى له سنين بعد عن كل حاجة، عموماً بس ماسة لو فاقت هنفهم منها، ووقتها يستحيل أرحم حد. لو كنتي تعرفي حاجة وبتداري عليهم، حسابك هيبقى أكبر منهم.


نظرت فايزة له بإرتباك، بعين ذائغة، وقالت بدفاع: إنت عارف، مستحيل أذي سليم، ده ابني يا عزت... أنا هأرجع المستشفى، لو حصل حاجة كلمني.


توقفت وخرجت للخارج بضربات قلب تتسارع بشدة وهي تشعر بسخونة ضربت في جسدها من الخوف. فإذا علم عزت ما حدث، فهم هالكون لا محالة.


_ المقطم ١٠م


_ مظهر عام لهضبة المقطم في ليل دامس وسكون يخيم في المكان...


ثم نشاهد أحد الشباب قوي البنية يقف، ويبدو من ملابسه أنه عضو في عصابة. بعد ثوانٍ، اقتربت إحدى السيارات السوداء وتوقفت أمامه. تبسم الشاب، فتحت النافذة وخرجت منها يد تحمل حقيبة. أخذها ذلك الشاب وهو يقول: "إحنا في الخدمة في أي وقت. ابعتلي بس وقت ما تحب تخلص عليه في المستشفى وأنا هخلصلك كل حاجة."


تحركت السيارة دون أن نعلم من كان فيها أو من ذلك الشاب، لكن يبدو أنه يتحدث عن سليم.


توقف الشاب وفتح الشنطة، وأخرج رزمة كبيرة من الدولارات. تبسم ووضعها في الحقيبة وأغلقها، ثم تحرك!

صلي على النبي عشر مرات ما تنساش تضغط على اللايك وتكتب كومنت على رايك في الحلقه عشان تساعد الرواية تنشهر


          الفصل التاسع والاربعون من هنا 

تعليقات