الفصل الواحد والعشرون 21
بقلم لولي سامي
بعد أن وصل محمد وماسة بوالدتها الي المشفي وقد تم بالفعل الكشف عليها واطمأنت ماسة علي والدتها وتوصلوا الي أنها كانت على وشك جلطة وحاولوا التعامل معها حتى تم اذابتها ،
كل ذلك وكانت ماسه ومحمد تنتقل هنا وهناك ما بين غرف الأشعة وغرف الكشف ومن طبيب لآخر حتى وصلوا للغرفة الأخيرة التي تتلقي فيها والدتها الدواء بالمحاليل ظل محمد منتظر خارج الغرفة يلعن حظه والظروف متمتما لنفسه/ يا ربي ايه النحس ده بس ؟؟
مفيش مقابلة تعدي على خير!!
ويوم ما أقرر اخد قرار وافاتحها فيه تحصل كارثه .
ثم وجد من تخرج رأسها من باب غرفة والدتها مناديه له فالتفت لها فقالت / تعالي يا محمد ماما عايزة تشكرك.
دلف محمد لداخل الغرفة محاولا رسم ابتسامة واسعه على شفتيه قائلا/ الف حمدالله على السلامه يا ست الكل ،كدة برضه تخضينا عليكي .
ثم تمتم بداخله / مكنتيش قادرة تصبري ساعة واحدة بس.
ابتسمت غالية ثم قالت بوهن / الله يسلمك يا حبيبي معلش تعبناك معانا ، والف شكر لك يا ابني.
ريت محمد علي كفها الملقى بجوارها علي الفراش قائلا / ولا تعب ولا يا حاجه حضرتك زي والدتي بالظبط ،ربنا يقومك لينا بالسلامة.
ابتسمت غالية ثم نظرت لكلا من محمد وماسه ثم باغتتهم بسؤالها قائلة / بس انتوا اتقابلتوا ازاي يا ابني .
اتسعت نظرات ماسة والتفتت سريعا تنظر الي محمد تحاول إيصال اي معلومه له.
الذي نظر بدوره لها وهو مبتسما بسماجه ثم التفت تجاه والدتها وقال بكل أريحية / ابدا يا ماما كنت رايح لأختي المدرسة وقابلت ماسة قالتلي أن ميار مجاتش وجه التليفون وقتها على طول.
تنهدت ماسة بارتياح وابتسمت لوالدتها وكأنها ترسل لها رسالة ( مش انا قولتلك )
بينما ظلت غالية توزع النظرات بينهم لتستشف مدي صدقهم فكلاهما اقروا بنفس الإجابة .
تمتم محمد بداخله وهو علي نفس ابتسامته قائلا / ما شاء الله تعبانة ومصحصحة ولا شورلك هولمز ليها حق ماسة متتلفتش من غير ما تقولك .
ثم استقام وهو مازال محتفظ بابتسامته السمجة قائلا / طب هستاذن انا بقي .
تحججت ماسة بالولوج معه قائلا / استني هاجي اوصلك عن اذنك يا ماما .
خرجا سويا من الغرفة وهم بطريقتهم في ردهة المشفى متوجهين للخارج قالت ماسه بخفوت وخجل / شكرا يا محمد .
يعلم محمد سبب شكرها ولكنه يحب أن يطول حديثهم فقال / بتشكريني على ايه ؟
شبكت ماسة كفيها أمامها وقالت / علي انك انقذتني قصاد ماما ،اصلها سألتني نفس السؤال وانت بره .
_ عارف
نطق بها محمد وهو مبتسم بطرف شفتيه فتوقفت ماسة عن السير متعجبة إجابته قائلة باندهاش / عارف!! وعرفت منين ؟
التفت محمد لها قائلا / من شكلك وخضتك اول ما سالت السؤال .
المهم بما أن الظروف حكمت نتقابل في مستشفي تعالي نقعد في الكافيه شوية.
حركت ماسة كتفيها قائلة / مش هينفع اسيب ماما فترة طويلة.
_ ماهو بصي يا بنت الحلال انا جبت اخري وربنا وبحاول بكل الطرق أن اقولك اللي عايز أقوله في جو رومانسي بس الظروف اقوى مني.
نطق محمد بجملته سريعا بسبب غضبه من عدم إتاحة الظروف لهم أي فرصة فتعجبت ماسة من حديثه وسألته / مش فاهمة عايز تقول ايه ؟
_ انا بحبك
نطق بها اخيرا ليشعر بتوقف كل عقارب الساعات بل توقف الزمن بأكمله ،
نطق بها وهو يلهث أنفاسه وكأنه القي بحمل كان يحمله لسنين طويله.
نطق بها وهو ينظر بداخل عيونها يتمني أن يسمع اجابتها ولكنه يجزم أنه استمع لصوت خفقات قلبها تعلو وتعلو ووجد وجه يكسوه الحمرة وشفاه قد تمزقت من كثرة الضغط عليها وأصابع يكاد يسمع صوت تحطيم عظامها من كثرة الفرك بها .
شعرت ماسه أنها تذوب حرفيا أمامه فلم تستطيع التحرك ولو لخطوة واحدة وكأنها قيدت وعجزت عن الحركة .
فاق محمد من شروده بها ليمسك بيدها قائلا / حرام عليكي سيبي ايدك اتكسرت .
ثم سحبها خلفه لتستوقفه ماسه سائلة / واخدني ورايح فين؟
_ رايح اطلبك من الحاجة قبل ما يحصل لحد فينا حاجه تاني .
نطق بها محمد وهو ساحب خلفه ماسه التي افلتت يدها منه ثم قالت / مينفعش يا محمد دلوقتي ماما تعبانة.
التفت محمد فور وقوفها وقال لها متوسلا / اسمعي كلامي يا بنت الحلال نلحق نتجوز قبل ما الموضوع يتعقرب اكتر من كدة.
عقدت حاجبيها تحاول فهمه ثم قالت / انا مش فاهمه انت بتتكلم عن ايه بس الاكيد أن مينفعش نكلم ماما دلوقتي اصبر لما تتحسن وابقي كلمها يا سيدي.
زفر أنفاسه وزم شفتيه ثم حرك رأسه يمينا ويسارا وقال / انتي اللي اختارتي مليش دعوة ،استحملي بقي.
عقدت حاجبيها مرة أخرى محاولة الفهم ونظرت له نظره مستفسرة ولكنه أجابها بجملة مبهمة / بكرة هتعرفي وساعتها هتندمي ،علي العموم انا ماشي لو احتاجتوا حاجه اطلبيني على طول.
تركها وذهب تاركا بداخلها الف سؤال / ماذا كان يقصد بحديثه عن الندم ؟
لا احد يعلم إجابة السؤال لكنها حاولت أن تنفض عن ذهنها اي تفكير حاليا وعادت إدراجها لغرفة والدتها.
...............................................
استمع نضال جيدا لمخطط يزن والذي كان كوميديا أكثر منه كيديا .
ضحك كلا من نضال ويزن وبدأوا في ترتيب خطوات المخطط فاكدوا على الحارس بالخارج عدم دلوف اي احد للمكتب دون إعلامه اولا .
وبالفعل بعد انتظارهم اكثر من ثلاث ساعات بالمكتب أمام شاشة المراقبة يتنمرون على كل من يروهم وعلى أفعالهم ويتنقلون بين الكاميرات من منطقة لاخري بين ضحكات صاخبة من يزن ونضال حتى رأوا من تقترب من مكتب الأمن وبدأ خفقان قلب يزن يعلو بالنبضات والتمعت عيونه بالسعادة لشعوره اقترابه من هدفه.
بينما قال نضال متصنعا الجدية /
_ هلت يا حلو استعد بقي.
اعتدل كلا منهم بمجلسه حتى دلف الحارس يبلغهم عن رغبة طالبتان بالدلوف للمكتب لمقابلة رئيس الحرس الجامعة فابلغه نضال بعدم إدخالهم الان بحجة انشغاله والانتظار عشرة دقائق فقط .
كما أكد علي الحارس بأن يجلب اولا اثنان من عصير الاسموزي وأكد أن يكون مخرزا بالثلج نظر يزن لشاشة المراقبة ثم نطق مكملا باقي المواصفات بابتسامة خبيثة / وياريت ياريت يكون تووووت .
واطال باخر كلمة ليؤكد على طلبه وبالفعل بعد خمس دقائق عاد الحارس وهو يحمل اثنان من عصير الاسموزي المثلج بطعم التوت الرائع رأته غزل بالخارج فاشتهته قائلة لصديقتها /
_ الله تصدقي نفسي في الاسموزي وكمان توت فكريني بعد ما نخرج نبقي نجيب واحنا ماشين.
دلف الضابط للمكتب بينما كارما صديقتها قالت متعجبة / اسموزي مثلج في البرد ده حرام عليكي ،ابقي انتي انا مش هجيب .
ابتسمت غزل قائلة بتلذذ/ ده حلاوته في البرد ده .
استمعا كلاهما لصوت الحارس يدعوهم للدلوف للمكتب فاستقاما ودلفا والقوا التحية فوجدت نضال يجلس على مكتبه واحدهم يقف أمام مكتبه في المنتصف معطيا لهم ظهره فلم يستطيعوا أن يقدموا للجلوس علي المقاعد أمام المكتب فانتظرا كلاهما اعتقادا أن هذا الشخص سينهي حديثه وينصرف فتحدث نضال مجيبا علي تحيتهم ثم نطق باسم غزل لهدف ما قائلا /
_غزل محمود الصاوي ،كلية فنون جميلة ،شرفتي جامعتنا المتواضعة.
ابتسمت غزل وردت قائلة /
_الشرف ليا يا فندم .
استمع لصوتها يزن جيدا وحدد موقعها خلفه فتحرك يمينا قليلا حتى أصبح أمامها مباشرة وأثناء حركته امسك بكوب العصير وازال غطاؤه وقبل أن تدرك توقفه أمامها التفت هو بغتة وتصنع الانشغال بالحديث قائلا/
_ همشي انا بقي يا نض........
قطع حديثه عند اصدامه بها فانسكب العصير كله على بلوزتها فاصدرت شهقة طويلة من حلقها تعبيرا عن المفاجأة وشدة برودة العصير معا .
فهو كان مخرزا بالثلج ظلت غزل وكارما يحاولون نثر ما تبقي من آثار العصير عنها بينما يزن حاول تصنع عدم القصد فقال بنبرة آسفة/
_ اسف جدا يا آنسة ،مكنتش اقصد.
رفعت غزل نظرها تجاهه بنظرات شرسة متوعده له لتتسع نظراتها فور رؤيته متجسد أمامها فنسيت الموقف كله ،هو أنه هو من كانت تبحث عنه ،هو من تصنعت الآلاف الحجج لتحاول رؤيته مجددا ولكن لحظة.
عادت لرشدها عند رؤيتها ابتسامته المتشفيه ترتسم على وجهه ولمعان عيونه بالنصر فالموقف ليس صدفة إذا بينما خطط له فاستوحشت نظراتها مجددا وقالت بصوت عال /
_ هو انت تاني ؟
ايه اللي عملته ده يا استاذ اروح ازاي كدة؟
اتسعت ابتسامة يزن وقال بكل برودة اعصاب قد تحلت هي بها من قبله / انا قولتلك اسف اعمل ايه تاني ،
واكيد مكنش قصدي، ولا عندك شك في ده؟
وكأنه يؤكد حدثها بأن كل هذا مقصود لتعلو نبرتها أكثر قائلة /
_ لا طبعا قصدك وانا مش هسكت على فكرة.
واقدمت للامساك بكوب العصير الآخر ولكن نضال قرأ حركاتها سريعا وأمسك هو به ملتقطا إياه بعيدا عن متناول يدها قائلا بصوت حازم ورخيم / خلاص يا انسه غزل احنا اسفين لسيادتك وممكن نهدا كدة واحنا هنحل الموضوع ، اتفضلي اقعدي .
حاولت غزل أن تنطق معارضه ليوقفها نضال عن الاسترسال في حديثها قائلا لها بحزم / قولتلك اتفضلي اقعدي وهنحل الموضوع.
حاولت كارما تهدأتها فربتت على كتفها هامسه لها / اقعدي دلوقتي يا غزل لما نشوف الموضوع هيتحل ازاي.
التفتت غزل لها غاضبة فقالت / اقعد ازاي وانا مثلجة كدة وهروح ازاي كدة.
حركت كارما كتفيها وقالت محاولة كتم ضحكتها / مش كان نفسك في الاسموزي .
اشتعلت نظرات غزل بينما كان يزن يستمع لحديثهم متلذذا للموقف فقال متشفيا / متقلقيش ياااااا غزل من المرواح ده حتى لون التوت لايق جدا على بلوزتك الصفراء.
احترقت نظرات غزل وكادت أن تنطق لولا نضال الذي نظر ليزن محاولا إنقاذ الموقف قائلا / لو سمحت يا انسه اتفضلي اقعدي وقولتلك هنحل كل حاجه.
جلست غزل وكارما بالمقعدين التي أمام المكتب بينما استند يزن بظهره علي الدولاب المواجه لغزل عاقدا ذراعه أمام صدره كما عقد أقدامه أمامه ناظرا لها بابتسامة نصر .
نظر نضال ليزن وتذكر عندما نظر تجاه شاشة المراقبة ثم أكد على أن يكون العصير بطعم التوت ليعرف الان لما اختار هذا الطعم خاصة لتكون البقعة واضحة وكبيرة فلون التوت في وسط الاصفر واضح وضوح الشمس متمتما لنفسه / بتخطط من ورايا كمان ماشي يا يزن.
ابتسم نضال قليلا ثم تحمحم ليلفت نظر غزل له فهي كل نظراتها المشتعلة متسلطة على يزن ليكمل نضال ما اتفقا عليه قائلا/
_احنا طبعا بنقدم اعتذارنا عن الموقف البايخ ده والغير مقصود.
عند ذكره لعدم القصد نظرت غزل مرة أخري تجاه يزن الذي تصنع الانشغال بالنظر لشئ حوله مع إطلاق بعض التصفير مع محاولة كتم ضحكته .
فزفرت أنفاسها بصوت عالي فنظر تجاهها يزن وأشار بيده تجاه نضال بمعني / شوفي هيقولك ايه؟
لاحظ نضال تعلق نظرات صديقتها به فنظر تجاه غزل محاولا لفت نظرها فأكمل موضحا /
_وطبعا مش هينفع نسيبك تروحي كدة.
عقدت غزل حاجبيها تعبيرا عن عدم فهمها لمغزاه فاستطرد مكملا /
احنا هنوصلك لحد البيت بعربيتي وتبقي شيلنا عنك الاحراج انك تمشي كدة بالشارع وكمان علشان البرد .
هبت غزل من مكانها معارضة فكرته ثم قالت /
_اركب معاكم ازاي يعني؟
وتوصلوني بصفتكم ايه؟
أمسكت كارما كفها وحاولت اجلاسها وتهدأتها فقالت وهي توزع نظراتها ما بين نضال وغزل /
_ انا هكون معاكي يا غزل مش هسيبك .
ابتسم لها نضال ابتسامة صفراء لم تتعدى ثغره وامأ لها قليلا ثم استغل اقتراح صديقتها قائلا /
_ بالظبط يا انسه غزل زميلتك هتكون معانا يعني مش هتركبي لوحدك ،متقلقيش.
اومأت لها كارما كمحاولة لإقناعها فنظرت غزل لملابسها ثم نظرت ليزن لتراه مرة أخري يتصنع عدم النظر لها حتى وما شفتيها ووافقت مضطرة لتنفرج اسارير يزن واختطف مفاتيح السيارة من فوق المكتب قائلا بسعادة /
_حالا هجيب العربية وجاي .
وانطلق يزن بينما كارمه حاولت جذب اي حديث مع نضال حتي وصل يزن وركبا سويا وتم إيصال غزل حتى شارعها وهكذا تمت الجزء الثاني من الخطة وهو معرفة طريق منزلها فالان قد عرف كليتها ومنزلها واسمها.
ولم يخلو وقت توصيلهم من التراشق ببعض الألفاظ ما بين يزن وغزل .
بينما كارما كانت تحاول إيصال بعض النظرات لنضال من خلال مرآة السيارة.
................................................
بعد أن أنهوا ميار وماجدة فطورهم ما بين الضحكات المكبوته حتى لا يصل صوتهم للاسفل استقامت ماجدة وغسلت كل اواني الافطار واحضرت عدة حقائب بلاستيكية جمعت بها كل ما أعدته ميار من طعام من أجل هذه الخطبة ما عدا اللحوم ووضعت كل الحقائب بالمبرد والتفتت لميار قائلة /
_ كل الحاجات ده تساعدك لما ترجعي من الشغل تلاقي الاكل معمول نصه يعني البشاميل الخرافة ده يا دوب تسلقيله مكرونه وتعصجي اللحمة ،
والتسبيكة العظيمة ده تاخدي منها شوية وتحطيها على اي خضار جايباه ،
والبطاطس المقطعة ده هنديها نص قلية ونحطها بالفريزر، والكبد والقوانص واللحمة الباردة اللي مجهزاهم قال ايه من عندك من امبارح دول ميستهالوهاش ولو مش هتشليها ليكي أخدها والله ؟
قال بتساهمي قال يا اختي ساهمي في صحتك ونفسك.
كل هذا وميار محدقه بعينيها بعدم استيعاب لما يحدث أمامها حتى نطقت اخيرا سائلة باندهاش / دانتي مسبتيش حاجه يخرب عقلك طب وهما هيعملوا ايه دلوقتي ؟؟
لوحت ماجدة بذراعها قائلة / ايييييه فين ده اللي مسبتش امال صواني الكفته وحلة الفراخ والشوربة كل ده مسيبتش !! طب والله لولا أنهم هما اللي جايبين اللحمة والفراخ وانتي خلصتي عمايلها انا كنت سيبتهالهم زي ما هي ،
وكمان انتي اسكتي ،
انتي تتفرجي وتتعلمي وبس سامعه؟
كتمت ميار ضحكتها بيدها وهي تقول /
_ صحيح قوية ومستقوية.
اومأت ماجدة برأسها وهي مبتسمة وأنهت ما شرعت به ثم سحبت ميار لداخل الحجرة وارقدتها على الفراش قائلة /
_ اعملي اللي قولتلك عليه .
ثم التفتت وبحركة مسرحية وهي تشير بصباعين من يدها/
_ الجزء الثاني من الخطة .
كتمت ضحكتها وتصنعت الزعر ثم انطلقت متوجهه إلي الخارج وهبطت للاسفل وكأنها تهرب من وحش خلفها.
طرقت على الباب بذعر ففتح حسن الباب سريعا ومندهشا من طريقة الطرق لتتصنع ماجدة الزعر وتقول له بين لهثانها وبصوت عالي يسمعه الجميع /
_ الحقني يا حسن ميار تعبانة اوي لاقتها وقعت وهي بتعمل الاكل .
ثم استدارت مسرعة دون أن ترى ردود الأفعال ليهرول كل من سمعها الي الاعلي ما بين متشفي ومستطلع وفضولي .
صعدوا كلهم خلف ماجدة التي قد سبقتهم بخطوات ونثرت بعض قطرات الماء بالبخاخ على وجه اختها ليبدو كأنه عرق غزير .
أما ميار لم تحتاج للتصنع هي حقا مجهدة كل ما احتاجت إليه أن تبدو بطبيعتها المجهدة دون أن تحاول اخفاء ما تشعر به.
بالفعل تجمع الجميع حول فراش ميار وهم ينظرون لمنظرها بينما أخذت ماجدة تسرد ما حدث بطريقة تليق بهذا المظهر وكأنهم يشاهدون فيلم ما حتى أنهت ماجدة دورها بالخطة بجملة /
ولاقتها وقعت قدامي ولولا ستر ربنا كانت حلة الشوربه وقعت عليها
سندتها بالعافية وهي مش قادرة تقف على رجليها يا عيني،
وجبتها الاوضة بالعافية ومن ساعتها وهي عرقانة جدا وبتنهج وجسمها متلج.
وكأنها أشارت لأحدهم بتحسس جبينها فمد حسن يده على جبينها ومدت انوار يدها على إحدى وجنتيها ليستشعروا برودة جسدها حقا والذي كان من أثر نثرات المياه واجهادها الفعلي .
بينما ميار كانت نظراتها مذعورة وتتعرق بالفعل من أثر الارتباك وخوفا من انكشاف أمرها فهي لم تعتاد على مثل هذه الأمور.
نظر حسن لوالدته ولسان حاله يسألها عن كيفية التصرف وهي نظرت له بدورها وضيقت عيونها ثم بدأت توزع النظرات بين ماجدة وميار وكأنها تستشف حقيقة الأمر فهي لا تصدق ماجدة ابدا ولا ترتاح لافعالها.
ولكن من أخرجها من شرودها اقاويل من حولها التي تباينت ما بين مستصعب وبين مبارك لتوقع شئ ما.
فانفرجت اسارير انوار عندما لمعت عيونها بهذه المباركة حتى قالت /
_ والنبي صحيح لتكوني حامل يا ميار ؟؟؟
وانطلقت عدة زغاريد تهنئات لام حسن وحسن واخيرا ميار التي اتسعت حدقتيها ناظره تجاه ماجدة التي نظرت لها بدورها محركة حاجبيها للاعلي وحركت كتفيها بمعني لا حيلة لدي .
عند انتهاء التهنئة أطلقت غادة تهنئتها ثم سؤالها والذي غاب عن ذهن الجميع بسبب المفاجأة ولكن لم يغب عن ذهنها منذ بداية الأمر فقالت مستفسرة /
_ طب يا تري الاكل خلص منه ايه ؟؟
انتبهت ام حسن لسؤال ابنتها فقالت بذعر /
_ يا وقعة سودة ده الوقت بيعدي والضيوف جاية احنا لسه هنسال هموا معايا بسرعة نشوف ايه اللي ناقص،
وانت يا حسن تعالي بسرعة علشان تشوف ناقصنا ايه تكمله من برة.
خرجوا جميعا من الغرفة مهرولين الي المطبخ وبدأت خلية النحل في الانخراط في العمل كما لم يخلو تجمعهم من التذمر والحنق وما بين التشدق بالعبارات التي تدل على عدم صنع ميار لشئ فهم سيبدأون صنع كل شيء من البداية .
بينما بداخل الغرفة اعتذرت ماجدة للجالسين بالردهة منهم من يقطفون الملوخية ومنهم من يقطع خضار السلطة حتى تغلق باب الغرفة بحجة تغيير ملابس اختها .
وفور غلق الباب وكلاهما وضعا يدهم علي فمهم لكتم رنين ضحكاتهم وفرحتهم بالفوز في مخططهم وجلسوا سويا يحللون المشهد السابق وردود افعال كل من المتواجدين.
انتهت الخطبة وظلت ماجدة بجوار اختها منذ بداية الخطبة وزينتها بأفضل زينتها حتى بدت اجمل بكثير من العروس نفسها وجذبت جميع الأنظار لديها حتى العريس وأهله مما زاد الحنق بكل المتواجدين .
انتهت الخطبة وعادت ماجدة لمنزلها وهي تشعر بكم الفخر بنفسها والسعادة لمجرد شعورها بانتصار اختها في جولة ما.
.........................................
"الألم، ليس في تلقّي الضرب حتى الإغماء.
وليس في انغراز قطعة من الزجاج في إحدى قدميك.
الألم، هو هذا الشيء الذي يحطّم قلبك،
الألم هو الموت من دون القدرة على البوح بسرنا لأي كان."
- جوزيه ماورو
_ يا ابني يا حبيبي ليه بتعمل في نفسك كدة !؟
ده حتى ظلم النفس شئ عظيم ،وانت احسن بنت تتمناك.
نطقت بها اخلاص تحاول إقناع چواد باثناءه عن هذه الخطبه فهي تلاحظ عدم ارتياح ابنها لها كما لاحظت بعض السلوكيات علي هايدي التي تنم عن عدم المشاركة وعدم الشعور بالآخر فهي تحب ذاتها كثيرا ولا تفكر في غيرها وبالتالي لم يرتاح ابنها مع هذه الخصال ولكنه يرفض أن يستمع لأحد.
حاول چواد إنهاء النقاش الذي كان يصم أذنه عنه تماما فما زالت فكرة واحدة هي المسيطرة علي تفكيره وقراراته وهي أن يبعد عن ميار اي شك متمنيا لها الراحة والاستقرار حتى ولو لم تكن من نصيبه،
حتي ولو كان هذا فيه ضررا له وعدم راحة فما دامت زوجته ستكون فتاة غير التي تمناها اذا فالجميع سيان.
فقال چواد لوالدته محاولا التخفيف عنها :
_ فين بس يا خوخه ظلم النفس هي البنت طلبت ايه غير حقها واي بنت تانية هتعمل زيها.
قضبت اخلاص حاجبيها متعجبة من مبرره قائلة /
_ اي بنت هتعمل زيها ازاي ؟
ده انت يا حبة عيني بتاخد إجازة مخصوص من شغلك علشان تلف معاها علي فرشكم وهي ميعجبهاش العجب زي ما بيقولوا وبتفضل تتمرد على كل حاجه تختارها ومش مهم عندها الحاجة اللي عجباها ده غالية ولا رخيصة ومعاك ولا مش معاك ،
يبقى ازاي زيها زي اي بنت ،
ده غير أنها مبتقدرش انك راجع من شغلك تعبان وهلكان، طبعا ماهي قاعدة في بيتها وبتصحي الظهر ومريحة طول الوقت .
ابتسم چواد واقترب من والدته مقبل رأسها قائلا بابتسامة / كل ده شايلاه في قلبك يا خوخه ،
يا ستي متقلقيش عليا انا مفهمها اني معايا وتطلب اللي هي عايزاه معلش بقي عروسة ومن حقها تدلع.
ثم تركها ودلف لغرفته يغير ملابسه ويريح جسده من أثر الإرهاق بينما اخلاص زاد احتقان وجهها أكثر وتمتمت مع حالها قائلة / تيجي الهانم تسمع بيدافع عنها ازاي!!
والله ما تستحقه ، هو يقول حقها وهي ترد عليا وتقولي حقي وبراحتي واللي ممعهوش ميلزموش ،
يا خوفي يا ابني بتظلم نفسك بايدك وانت مش حاسس .
أراح چواد جسده على الفراش مثبتا نظره للاعلي وأخذ يفكر في حديث والدته يعلم أن هايدي ليست بالمواصفات التي تمناها ولكن هل من تمناها لو كانت طلبت منه شيء سيبخل عليها ؟
أكد لحاله أنه ربما منحها أكثر مما تتمناه لذلك رأي أن يلبي طلبات هايدي دون تفكير حتى لا يشعر بالذنب تجاهها فيكفيها أنه لا يشعر تجاهها باي مشاعر .
أطلق تنهيده حارة وحاول الضغط على حاله بخلق بعض المشاعر بينهم ربما تنتظر هي أنه يبدأ في المصارعه بهذة المشاعر وخاصة عند تصفح صفحتها باحدي مواقع التواصل الاجتماعي فوجد أنها يوم الخطبة أعلنت هذا بمنشور يملؤه الفرح والسعادة وحدثت صفحتها أنها تم خطبتها إليه كما حدثت صورة الصفحة بصورة دبلتين وبين الحين والآخر تخط منشور ينم عن كم سعادتها بارتباطها به فماذا ينتظر بعد ذلك أن تسارحه هي !
فأمسك الهاتف وأجري اتصالا عليها ولكنها لم تجب فتردد إذا كان يعيد الاتصال مرة أخري ام لا ربما غفت من الارهاق ولكنه فكر ماذا سيكون حاله في حال رغبته في التواصل بمن كان يريدها؟
وجد نفسه أنه كان سيعيد المحاولة مرارا وتكرارا دون أن يمل لذلك حاول مجددا وقبل انتهاء الرنين إجابته هايدي قائلة بحنق / أيوة يا چواد في حاجة ؟
بتتصل كتير ليه؟
شعر چواد بالاحراج الشديد من لهجتها فتوقع أنها كانت عافية لذلك وجب الاعتذار فقال لها/ انا صحيتك ولا ايه ؟؟
انا اسف كنت عايز بس اطمن عليكي بس.
قالت بلهجه سريعة محاولا إنهاء الحوار /
_ لا يا سيدي مصحتنيش انا كنت بقيس الحاجة اللي جبتهالي وبوريها لماما وانت عمال تتصل ومش صابر.
علي العموم يا سيدي الف شكر للسؤال وانا كويسة جدا .
عايز حاجه تاني ؟
انطفأت شرارة المحاولة واتخذ قراره بالعودة بمشاعره الي حيث كانت فقال لها منهيا /
لا مفيش ،ومبروك ما جالك ،مع السلامة.
انهي المكالمة دون أن يستمع لسلامها،
ثم ترك الهاتف بجواره واراح جسده للخلف قليلا ووضع يده خلف رأسه يفكر مليا ،حتي استمع لاشعار من هاتفه ينم عن صدور منشور من صفحة خطيبته فأمسك الهاتف فوجدها قد نشرت منشور موضحه به أنها تشعر بالسعادة معه وقد أشارت له بمنشورها وكتبت به ( لما خطيبك يجبلك كل اللي تتمنيه وكمان يتصل يطمن عليكي ويقولك مبروووك بجد احساس جميل اوي ربنا يخليك ليا)
والحقت بالمنشور وجوه سعيدة وتخرج قلوبا دليل على الحب بينهم وبدأت تنهال عليها كم من التعليقات منهم من يدعو لهم بدوام الحب ومنهم من يحقد في صورة مزحه فابتسم چواد قائلا/
للاسف بعتي الغالي بالرخيص .
واغلق هاتفه يتذكر افضل ما كان يميز ميار وهو جمال قلبها وصفاء روحها وعدم حبها للتظاهر ولكنه اقنع ذاته بحديث نضال ربما أصبح بينهم تعود فيما بعد فاصر على الاكمال في هذه الخطبة.
أتذكرك ... برغم محاولاتي المستميتة في نسيانك
أتذكرك .... برغم علمي باستحالة وجودنا معا
أتذكرك وكأن كل شىء حولي يرغمني على تذكرك
أتذكرك .......في فرحي وحزني
أتذكرك...........في يقيني واحلامي
أتذكرك ........في واقعي وآمالي
متى الخلاص يا مالكة القلب والروح
متي الخلاص وكل جوارحي قد وهنت.