رواية الماسة المكسورة الفصل الواحد الاربعون 41 ج1 بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الواحد الاربعون 41 ج2

بقلم ليله عادل


عد بى آلى حيث مكان أن لقيتك ثم أرحل '

بعنوان: رحيل 


أحد مراكز تعليم اللغات، الخامسة مساءً


نرى سلوى تخرج من المبنى وهي تحمل كتبها بابتسامة، تتحرك نحو السيارة. قبل أن تصعد، أشارت لأصدقائها بالسلام.


صعدت السيارة، وفور جلوسها وجدت مكي يجلس في مقعد القيادة يبتسم لها.. نظرت إليه باستغراب قائلة:إيه ده! أنت هنا؟


ابتسم مكي قائلاً: طول ما سليم في إجازة، أنا كمان في إجازة.


فتحت سلوى باب السيارة مرة أخرى وخرجت، ثم جلست بجانبه. كانت عينا مكي تلاحقانها وهي تتحرك، وابتسامة خفيفة ترتسم على وجهه. نظرت له وقالت: بس الحارس الشخصي بتاعه المفروض يكون معاه في أي مكان!


مكي بابتسامة: مظبوط. بس لما ما يكون في القصر، يبقى ده الوقت اللي بأخد فيه إجازتي، لأن عشري بيكون موجود مع باقي الحراس، غير طبعًا حراس القصر نفسهم. القصر مُؤمَّن وقوي. بعدين... مش عايزة تشوفيني ولا إيه؟


سلوى بارتباك: يعني بس ماسة صمتت لوهلة قالت... أكيد عايزة، انت عامل إيه؟


قال مكي مبتسمًا: أنا كويس، قوليلي بقى... كنتِ عايزة تقولي إيه؟


نظرت سلوى بعيدًا وقالت: مفيش حاجة... بس ماسة مضايقة من المقابلات دي.


هز مكي رأسه بأسف: طب انتي فهمتيها أننا مش بنتقابل باستمرار.


سلوى بجدية: أكيد فهمتها، بس هي شايفة إنه ما ينفعش.


نظر مكي إليها بصمت. كان يعلم أن ماسة محقَّة في كل ما تقوله، لكنه لم يعرف كيف يرد. حتى سلوى تعرف ذلك جيدًا، لكنها تتهرّب من مواجهة الأمر. فغيّرت الحديث سريعًا وقالت بحماس:

عارف... أنا مبسوطة جدًا إننا بدأنا الدروس، خلاص هأمتحن.


نظر لها مكي مبتسمًا: يعني كده بقيتي مع ماسة في نفس المرحلة؟


سلوى بفخر: أيوه، بقيت معاها.


سألها مكي باستغراب: امتحانات إيه؟


سلوى بابتسامة: خلصت واحد Level ، وأنا داخلة على Level اتنين.


ابتسم مكي مصححًا: مش اسمه ليفل 2... اسمه Level Two. ده كورس إنجليزي، صح؟"


سلوى: أنا بأخد إنجليزي وبدرس كمان تركي، بس معلمة التركي بتيجي عندي البيت. مش عارفة ليه ماسة مُصممة إني أتعلم تركي؟ بحسه أصعب من الإنجليزي!


مكي بابتسامة: عشان التركي هو اللغة الأساسية عندهم في القصر. كلهم بيتكلموا تركي لأن أصلهم أتراك. إنتِ ما تعرفيش؟


سلوى وهي تهز راسها بإيجاب: أنا عارفة إن فايزة هانم تركية لأن منصور بيه تركي، وكمان كارولين كانوا كل سنة بيسافروا تركيا، بيقعدوا هناك شهرين ويرجعوا. على فكرة أنا بعرف بعض الكلمات التركية. أنا برضه شاطرة زي ماسة، بس بصراحة هي أشطر مني. كانت بتركّز وتسأل كتير، وأنا كنت بتكسف.


مكي بتشجيع: حلو... واحدة واحدة هتتعلمي كل حاجة.


(بدأ مكي يقود السيارة بتركيز).


سلوى بابتسامة: على فكرة، أنا جبتلك هدية.


التفت مكي نحوها مبتسمًا وقال: "إنتِ شكلك من النوع اللي بيحب يرد الهدايا بسرعة!


سلوى بتوضيح: لا والله، أنا أصلاً كنت بعملها وقت ما تقابلنا بس لسه ما خلصتهاش، قلت خليها معايا عشان لما نتقابل في اي وقت صدفه  


وضعت يدها في حقيبة يدها وأخرجت حظاظة وأعطتها له: اتفضل!


أخذ مكي الحظاظة منها، ونظر إليها ثم إلى الطريق. أوقف السيارة بجانب الطريق وقال بإعجاب: "الله! جميلة قوي... مكتوب عليها اسمي!"


سلوى ضاحكة: اسمك ده دوّخني! كنت مش لاقية حاجة، لكن عرفت إن في مكان في الحسين بيحفروا الأسماء. فرحت على طول وحفرت هناك. وبالمناسبة، اقلع اللي إنت لابسها في إيدك دي، أنا حاسة إنها وشّها فقر عليك!


مكي ضاحكًا: لا ما تقوليش كده! مش يمكن هي نجّتني؟ بدل ما آخد رصاصة في مكان تاني، خدتها في دراعي؟ على العموم، هلبسها معاها عشان إنتِ اللي عاملها... قام بارتدائها بجانب الحظاظه الاخرى بس طلعتي شطوره.


سلوى بابتسامة: زمان أنا وماسة وإحنا صغيرين كنا بنجيب الفصوص دي من راجل بيبيعها عندنا، ونقعد نعملها بالخيط ونبيعها للبنات. الواحدة كنا نبيعها بربع جنيه! كنا بنشتري كبشة قد كده بنص جنيه، ونعمل منها كتير. أمي هي اللي علمتنا. حتى أنا وماسة بنعرف نعمل تريكو، بس ماسة أشطر مني. أنا بصراحة حبيت أكتر الحاجات دي، وبفكر إني أشتغل في الموضوع ده بعد ما أخلص ثانوي. أفهم فيه أكتر وأطوره، ويمكن أكلم ماسة تقول لـ سليم إني أصمملهم حاجات زي كده لأنهم بيشتغلوا في المجال ده.


مكي بتشجيع: المشروع حلو بجد، بس سليم بيشتغل في الحاجات الأصلية مش الإكسسوارات. يعني الاحجار الكريمه لؤلؤ الحقيقي وحاجات قيمة.


سلوى مستغربة: يعني إيه لؤلؤ حقيقي؟ قصدك العقد اللي فصوصه بيضا ده؟  أبو 2 ونص؟ غالي وأصلي إزاي؟


مكي بابتسامة: اممم... العقد الأبيض اللي بتتكلمي عليه ده، في منه حاجة اسمها لؤلؤ أصلي، بيتباع بمبالغ مش أقل من مليون جنيه.


سلوى باندهاش: يعني اللي ماسة كانت لابساه ده أصلي؟


مكي: "أها... وأنا شوفتك مرة لابسة واحد برضه أصلي.


سلوى مستغربة: أيوه، ماسة جبتهولي فعلاً في علبة قطيفة كده، بس ما قالتليش إنه غالي وأصلي كده! أنا بتعامل معاه على إنه عقد عادي زي بتاع الاتنين جنيه ونص!


ضحك مكي وضرب بكفه على الدركسيون: طب ما حستيش إنه مختلف؟


سلوى ببراءة: قلت عشان من محل كبير وصنعه أنضف، وممكن يكون أغلى شوية... آخره 200 جنيه!


مكي بابتسامة: إنتِ فظيعة! عموماً فكرة المشروع بتاعتك حلوة، اشتغلي عليها وفكري فيها كويس. اللي بيعرف يصمم إكسسوارات بسيطة يقدر يصمم أي حاجة.


سلوى: ما هو أنا عرفت إن لازم آخد كورس رسم، لأني بعمل الحاجة هواية كده على قد على الاخر.


مكي: أنا فاهمك، انتي دلوقتي ركّزي في دراستك أحسن وبعدين خدي بقى الكورسات دي، اسمها  ورش تعليم  تصميم اكسسورات 

Accessory Designer

لاني مدام الموهبه موجوده اي حاجه تانيه سهله. 


سلوى: تمام... يلا بقى عشان ما تتأخرش.


(أثناء قيادة مكي)


مكي: قوليلى صح... إنتِي روحتي اشرف ليه؟


سلوى ببرئه: اصل عمو أشرف كلّمني وقال إن بنته تعبانة وعايز يمشي، فقلت له يتفضل، وقال لي هيبعت حد من الحراس يوصلني بعد ما أخلص بس ما توقعتش ان يبعثك


مكي تبسم: لا هو ما بعتنيش بس انا كنت هناك بطمن على الامور ولما عرفت قلت اما اجي أنا.


استمروا في تبادل الأحاديث حتى وصلوا إلى محل العصير.


مكي: بقولك إيه... تيجي نشرب حاجة؟


سلوى: مش هينفع أتأخر.


مكي: خلاص، هشتري ونشربها وإحنا على الطريق.


سلوى: طيب، ماشي.


أوقف مكي السيارة ونزل لشراء العصير. أثناء انتظاره، هبطت سلوى من السيارة ووقفت بجوارها بابتسامة هادئة. لم يمر الكثير من الوقت حتى عاد مكي حاملًا كوبين من العصير، وما إن اقترب منها ليقدم لها العصير حتى تجمدت خطواته فجأة.


ظهر عمار من بعيد، واقترب منهما بخطوات سريعة ونظرة مشدوهة تعكس الدهشة والحدة في آنٍ واحد. كان ينظر إليهما بتعجب واضح، بينما انعكس التوتر على وجه سلوى التي لم تتوقع هذا الموقف.


عمار بلهجة صارمة وبحة رجولية: إيه اللي بيحصل هنا؟ مين اللي واقفة معاه ده؟!"


أجواء التوتر تزداد، وسلوى ترتبك بينما مكي يحاول ضبط الموقف بثبات وهدوء... 


نظرت له سلوى برعب وارتباك: ده... ااا...


مكي، بنبرة رجولية ثابتة: أنا مكي، حارس سليم يا عمار بيه. سلوى هانم كانت عايزة عصير، قلت لها تتفضل هنا وأنا أجيب لها. (ثم مد يده بالعصير لسلوى)."اتفضلي يا هانم."


عمار بحدة: أمال فين عم أشرف؟ وبعدين تشربوا عصير سوا؟!


مكي: عم أشرف استأذن عشان بنته تعبانة، وأنا جيت مكانه. هو عيب يعني أجيب لنفسي عصير مع الهانم؟


عمار ساخرًا: "لا مش عيب، بس اللي هيشوفكم كده مش هيقول إنك بتجيب لها وبتجيب لنفسك. هيقول حاجة تانية. ولا إنت شايف إيه؟


مكي بجدية: مظبوط، بس الأهم الثقة، وإننا ما نعكسش في نظرات الناس. لو ركّزنا على كلامهم هنتعب كتير.


عمار بصرامة: لا معلش احنا بقى فلاحين وبنركز في كلام الناس بالذات مع البنات، نظر لسلوى وقال بشدة: بعد كده لما تحبي تجيبي حاجة، تشتريها لنفسك أو تفضّلي في العربية. المنظر اللي شفته ده ما يحصلش تاني! بدل ممد ايدي عليكي.


سلوى بتوتر: "طيب... ماشي، بالراحة. شكراً يا مكي، تعبتك معايا.


(فتحت باب السيارة الخلفي وجلست).


مكي بتهكم: مش هتركب يا عمار بيه؟ مش حضرتك عمار ولا يوسف وانا متلخبط؟


عمار بحدة: لأ... أنا عمار.


صعد عمار بجانب سلوى بينما صعد مكي للقيادة، 

الذي بدأ يقود السيارة. خلال المسافة القصيرة، كان يستغرق النظر إلى سلوى بين الحين والآخر بترقب وقلق 


عمار ببرود: إنتِ كنتِ فين أصلاً؟


سلوى وهي تحتسي العصير تحاول ان تمثل اللامبالاه: كنت في كورس الإنجليزي.


عمار بحدة: أنا هعدّيها المرة دي، بس ما تحصلش تاني!


سلوى مستفزة: "إيه اللي يحصل تاني؟ عطشت وحبيت أشرب كوباية عصير... حصل إيه يعني؟"


عمار بغضب:ما تردّيش بدل ما ألطشلك!


صمتت سلوى وهي تنظر أمامها، بينما استمر مكي في القيادة في صمت ثقيل.


القاهرة – فيلا مجاهد – السابعة مساءً 


الشرفة


نشاهد سلوى وهي تقف في الشرفة، وبعد دقائق رن هاتفها. كان الرقم مجهولًا، فنظرت باستغراب ثم أجابت.


سلوى بتعجب: ألو؟


مكي: سلوى، أنا مكي. رقم حد من الحراس... إنتِي كويسة؟


سلوى باستغراب: آه، أنا كويسة. بس إنت ليه مش متصل من رقمك؟


مكي بتنهيدة وتوضيح: يعني خوفت أسبب لك أي مشكلة، خصوصًا بعد اللي حصل.


سلوى: بس ماحصلش حاجة؟


مكي باعتراض ونبرة حادة قليلاً: إزاي يا سلوى ماحصلش حاجة؟! لا، حصل.


سلوى بلطف: والله ماحصلش حاجة. عمار معملش حاجة خالص. حصل خير، عدت يعني... ماتقلقش.


مكي: الحمد لله إنها عدت. عشان كده أنا خفت عليكي، وكمان قررت قرار.


سلوى باستغراب: قرار؟! قرار إيه؟


ابتلع مكي ريقه محاولًا الثبات، فهو على وشك النطق بشيء أضعف من أن يقوله وجهًا لوجه. ذلك القاتل الذي لا يهاب شيئًا ويصارع الموت في كل لحظة... أصبح ضعيفًا أمام تلك الساحرة الصغيرة. اختار أن يفارقها هاتفيًا لأنه لا يقدر على مواجهتها بذلك وجهًا لوجه.


مكي ببحة رجولية هادئة وبثبات وجمود: سلوى، إحنا مش هينفع نتكلم مع بعض تاني. دي آخر مرة نتكلم فيها.


فور استماعها لتلك الكلمات شعرت بهزة غلغلت كيانها بوجع عصفت بها. تغلغلت الدموع في عينيها وابتلعت ريقها، ثم صمتت لثوانٍي وقالت بنبرة مكتومة:


سلوى: ليه؟


مكي وهو يحاول السيطرة على نفسه وضعفه قال بتوضيح وعقلانية: عشان إحنا ماينفعش نتكلم تاني يا سلوى. عشان اللي حصل من شويه مايتكررش تاني. ممكن المرة الجاية مايحصلش أي خير، وأنا لا يمكن أسمح لنفسي إني أعرضك لموقف زي اللي حصل الصبح تاني.


سلوى بنبرة ضعيفة تعلن مدى شعورها بالوجع وتوسلها أن لا يبتعد عنها: بس أنا بقول لك ماحصلش حاجة، عمار معمليش حاجة وصدقنا خلاص بقى. ليه مانتكلمش تاني؟


مكي بعقلانية: صح، صدق، صدق كدبنا يا سلوى. صدقيني هو ده الصح لإننا ماينفعش نستمر في غلطنا.


سلوى بتعجب وهي تتك على الكلمة: غلطنا!! بس إحنا مابنعملش حاجة غلط؟


مكي باعتراض: إزاي يعني مابنعملش حاجة غلط؟! لو مابنعملش حاجة غلط، مكناش اتوترنا أول ماشفنا عمار. ماكناش كذبنا قصاد عمار. مكناش اتقابلنا من وراهم. ماكنتش كلمتك من رقم غريب! اللي بيكدب يا سلوى بيبقى بيعمل حاجة غلط، وبيخاف وبيخبي، وإحنا بنعمل كل ده.


شعرت سلوى أنه يهينها عندما يقول تلك الكلمات. حاولت الدفاع عن نفسها وقالت بنبرة قوية: أنا مابعملش حاجة غلط! ولا يمكن أعمل حاجة غلط. أنا أختي عارفة إني بكلمك وبقابلك، وممكن كمان أقول لهم على فكرة. بس أنا عارفة إنهم مش هيفهموا إن مقابلتنا بريئة جدًا.


أخذت نفسًا عميقًا وقالت بشجاعة لتحلّي ماء وجهها...

بس بدل ما إنت شايفها غلط، ماشي على راحتك. مانشوفش بعض تاني ولا نتكلم تاني.


أجابها مكي مسرعًا، فلم يخطر بباله أنها سترد عليه بتلك السرعة. حاول تهدئة الموقف وشرح لها ما يقصده.


مكي: سلوى، أنا عايزك تفهميني حتى ماسه قالت لك ان هو غلط بس احنا خوفنا نتناقش عدينا الموضوع بسرعه عشان عارفين ان احنا كنا هنوصل نفس النقطه دي ما تضحكيش على نفسك بس حاولي تفهميني انا خايف عليكي.


سلوى بجمود واقتضاب: ما صدقتني مقابلاتنا مش اكتر، عموما أنا فهمتك كويس. عايز حاجة بقى؟


صمت مكي للحظة. فهي لم تفهم أنه يخاف عليها ويريد حمايتها حتى من نفسه، لكنها أساءت فهمه.


تنهد مكي وقال بنبرة ضعيفة: لا، مش عايز.


سلوى: سلام.


أغلقت قبل أن يرد عليها.


فور أن أغلقت الهاتف، وضعت يدها على فمها وكأنها تحاول إخفاء الألم الذي كان يتفجر بداخلها. أخذت تبكي بشدة، دموعها تتساقط بغزارة وكأنها لا تستطيع إيقافها. حاولت الاتصال بماسة لكنها لم تجب، فزاد شعورها بالعجز والوحشة. كانت تتألم أكثر مع كل لحظة، لم يخطر ببالها أبدًا أن يتخلى عنها مكي بتلك السرعة وبتلك الطريقة. شعرت وكأن قلبها قد انهار، وأن كل ما عاشته معه كان مجرد وهم. حتى الحب الذي كانت تتخيله كان مجرد سراب، لم يكن حقيقياً كما كانت تظن.


على الاتجاه الآخر، نشاهد مكي وهو يجز على أسنانه بشدة، وعيناه تغرورقان بالدموع. هو يعلم أنها لم تفهم مقصده الحقيقي. كان يخشى عليها، وكان قراره بالابتعاد عنها ليس بسبب قلة حبه لها، بل لحمايتها. لكنه الآن يشعر بالضياع، وكأن الفراق بينهما أصبح شيئًا مستحيلًا أن يتحمله.

قراره بالبعد عنها كان من أجل حمايتها الا الا.


-قصر الراوي 


-جناح سليم وماسة الثانية مساءً 


نشاهد ماسة غارقة في سبات عميق على ظهرها، وكان سليم مستلقياً بجانبها على جانبه في زاويتها، يضع كفه أسفل خده، وهو يحدق في ملامحها بعشق كبير، وابتسامة حالمة جذابة، ويمرر عينه على كل تفصيلة بها، بعشق أذاب فؤاده، لقد استطاعت، بدون أي مجهود منها، أن تجعل سليم القوي الذي يهابه الجميع يسير على السور، ويقفز من شرفة لشرفة لكي يعتذر، ويظل ليلة كاملة نائماً على باب غرفتها ينتظر أن تمنحه المغفرة، بحب، مد يده الأخرى وبدأ يمررها على شعرها برفق، مروراً بخدها. بدأت ماسة تحرك عينيها، وأخذت تفتح وتغمض، مبتسمة لهما بحب.


ماسة بابتسامة ناعسة: صباح الخير يا حبي.


سليم بعشق: صباح الحب يا وردتي الحلوة.


تمطت ماسة وأحاطت بذراعيها حول رقبته، وقبلته من خده بدلع: صباح الفل والبنفسج يا كرملتي.. صحيت إمتى؟


سليم أحاط بأحد ذراعيه حول خصرها، والآخر يلامس شعرها بنظرات عاشقة: من حوالي ربع ساعة.


ماسة: وعملت إيه؟


سليم بغزل وهو يداعب أنفه بأنفها: ولا حاجة، فضلت أتفرج عليك يا قطعة السكر، وأملأ عيني من جمالك اللي مالهوش وصف، ولا يتشبع منه. (قبلها من أنفها بدلع)


ماسة: كنت بتعمل كده معاها؟


سليم باستغراب وهو يضيق عينيه: مع مين؟


ماسة: لورجينا.


سليم تنهد بإنزعاج مبطن وهو يمسح على وجهها: ماسة، خلاص بقى، خلينا مع بعض يا عشقي.


ماسة بتذمر: إنت وعدتني إن أي سؤال هافتكره، هسألك، وهتجاوب عليه. يلا جاوب.


سليم بضيق: لا، مكنتش بعمل كده.


ماسة وهي تركز النظر في ملامحه: بجد؟ ولا بتقول كده علشان متزعلنيش؟


سليم بابتسامة وضع قبلة صغيرة على شفتيها: بجد.


ماسة بغيرة: كنت بتقولها كلام حلو؟


سليم بابتسامة قبلها من خدها: لا.


ماسة بغيرة أشد: كنت بتقولها باسم دلع زيي؟


سليم قبلها من خدها الآخر: لا.


ماسة: كنت بتفضل تدلع فيها زيي؟


سليم وهو يدقق النظر داخل عينيها بابتسامة: لا.


ماسة بتوتر وغيرة: طب كنت بتكون مبسوط وإنت معاها؟ ها؟ وأنا أكتر ولا هي؟ ها؟ قول ومتكدبش عليا.


ضم سليم وجهها بكفيه، ودقق النظر في عينيها بعشق: لا يا ماسة، مكنتش ببقى مبسوط وسعيد معاها زيك. معاكي الموضوع مختلف تماماً، مافيش وجه مقارنة. وقلتلك ده إمبارح. واللي كنت بحسه معاها مجرد انبساط وقتي شهواني وبس.


ماسة: طب كنت لازم تاخدها في حضنك وإنت نايم؟ ومايجلكش نوم غير وهي جوه حضنك؟ وأول ما تيجي من بره لازم تحضنها وتبوسها؟


سليم وهو يداعب أنفها بأصابعه: برضه لا.


سحبت ماسة ذراعيها من على رقبته، ونظرت له بضيق، وجلست وهي تعطيه ظهرها.


ماسة بضجر: هو كله "لا لا"، مافيش "آه"؟ شكلك بتكدب عليا.


تبسم سليم بلطف واقترب منها، وأحاط بذراعيه حول خصرها، وقرب وجهه من حنايا رقبتها قائلاً بمهاودة وعشق: حبيبتي الغيرانة، كل الإجابات "لا"، علشان أنا معملتش معاها كده ولا كنت ببقى مبسوط معاها، أعمل إيه طيب؟


التفتت ماسة له بغيرة وفضول: طب كنت بتعمل معاها إيه؟ أوصفلي يوم كده من وقت ما تصحى لحد ما تنام، بتقولها إيه؟ إيه الحوار اللي بيدور بينكم؟ بتبوسها إزاي؟


سليم بمقاطعة وجدية: ماسة خلاص بقى.


ماسة بشدة وضيق ممزوج بغيرة: سليم لو سمحت ريحني.


سليم بجدية: ليه بتسألي في حاجة إنتِي متأكدة إن إجابتها هتجرحك؟


ماسة: لما أعرف الإجابة هرتاح، ومش هفضل أتخيل وأتصرّف وأسرح بخيالي... قبلته من خده... علشان خاطري قول.


سليم: طب ده آخر سؤال هرد عليه بخصوص الموضوع ده، ماشي؟


ماسة: ماشي.


سليم: بصي، أنا مش فاكر التفاصيل، بس لا عادي، كنا بنام جنب بعض، باجي من الشغل، نتغدى، نخرج، نسهر طول الليل، نشرب، ونرجع ننام بس.


ماسة بضيق: إنت فظيع، استفدت إيه أنا كده؟


تبسم سليم بلطف، ووضع كفه على خديها وهو يدقق النظر في ملامحها بحب: استفدتي إنك عرفتي إني حتى مش فاكر كنا مع بعض إزاي. وإن الموضوع بينا كان مجرد شهوة وبس، خلاص بقى.


نظرت له بصمت وضيق وعدم رضا.


سليم بدلع: ماستي الحلوة، قطعة السكر، خلاص، وحياة كراميل.


ماسة تبسمت ببراءة: خلاص، إنت بتستغل حبي وضعفي ليك. طب كنت هتعمل إيه لو مكنتش صالحتك؟


سليم: كنت هفضل وراكي وأعتذر لحد ما تصالحيني، بس أنا لسة ما صلحتهوش أوي.


ماسة وهي تضيق عينيها: إزاي؟


دقق سليم النظر في بحور عينيها بعشق ممزوج برغبة وقال:


سليم: دلوقتي هقولك.


وقعت عيناه على شفتيها واقترب منها، وألتهمهما بعشق جامح، وعاد بها للخلف...


(وبعد وقت)


نشاهد ماسة وهي تجلس على الفراش ببيجاما منزلية، وسليم أمامها ببنطال وتيشرت، ويبدو أنهما قد انتهيا من أخذ حمامهما...


كان سليم يقوم بوضع طلاء الأظافر لها بتركيز، وبعد الانتهاء...


سليم: خلصت.


ماسة وهي تنفخ في أصابع يدها: ميرسي، كراميل، أنا جعانة أوي.


سليم: وأنا كمان. تعالي ننزل نعمل أي حاجة ناكلها.


ماسة: هي الساعة كام دلوقتي؟


سليم: ١ص


ماسة ضحكت بطفولة: سليم، إحنا مخرجناش من الأوضة من الصبح، زمانهم مستغربين.


سليم وهو يعض شفته السفلية بإغواء: مش كنت بصالحك بضمير.


ماسة تبسمت بخجل: طب قوم يلا.


وبالفعل هبطا إلى المطبخ... كانت أجواء القصر مظلمة وهادئة.


المطبخ


نشاهد ماسة وسليم يقفان في منتصف المطبخ.


ماسة: عايز تاكل إيه؟


سليم: أي حاجة.


ماسة: نعمل مكرونة وايت صوص بالفراخ والمشروم؟


سليم: ماشي، هساعدك.


وبالفعل بدأت ماسة وسليم في إخراج المكونات وبدأا بتحضيرها.


توقفت ماسة وأخذت تسلق المكرونة وتحضر الصوص، وتوقف سليم يقطع البصل والفلفل بشكل احترافي.


سليم: وردتي، مش بيفكرك بحاجة الموقف ده؟


ماسة رفعت عينيها نحوه بإبتسامة: طبعاً، يا سيدي سليم، أقصد يا سليم اوعى تتظرظر (ضحكت). هيفضل أحلى بيض أكلته في حياتي، لأن يومها طلبت إيدي واعترفت لي بحبك وتحولت في لحظة من البت ماسة الخادمة لماسة سليم. عارف، أنا لسة سامعة صوتك وهو بيقول لأمي: "أنا عايز أتجوز ماسة"، يـــااا، دي من أسعد وأصدم لحظات حياتي.


نظر لها بإبتسامة ساحرة، وضع السكينة على الطاولة، واقترب منها حتى توقف أمامها مباشرة، وأحاطها بذراعيه حيث أسند كفيه على البوتاجاز من الاتجاهين، دقق النظر في عينيها.


سليم: وأنا كمان حياتي في لحظة انقلبت 180 درجة، من وقت ما عنيا جت في عينيكي. يوم ما شفتك في المطبخ، هيفضل من أهم وأميز التواريخ في حياتي.


ماسة: إنت حافظها.


سليم: طبعاً... 20/3/2004 الساعة 9:56 دقيقة.


ماسة بعشق وهي تمرر عينيها في ملامح وجهه: أنا كمان حافظاه مش علشان يوم ميلاد لارا، عشان كمان من وقتها حياتي كلها اتغيرت وقابلت أحسن وأجمل وأحن راجل في الدنيا دي كلها، ربنا يخليك ليا يا حبيب قلبي وروحي ودنيتي كلها.


نظرا لبعضهما بعشق، وضع سليم شفتيه على شفتيها، وأخذا يتبادلان القبلة بحرارة وعشق.


كل هذا وكان رشدي يراقبهما من بعيد بنظرات غل وحقد وغيرة شديدة من سليم.


ابتعدت ماسة قليلاً عنه بنبرة حالمة: سيبني أكمل الصوص.


سليم وهو يسند جبينه على جبينها بعشق: ماتيجى نطلب دليفري ونطلع فوق؟ عايزك في موضوع مهم.


ماسة بابتسامة دلال: لا.


أبعدت يده عنها وابتعدت، ثم استدارت مرة أخرى وأمسكت الملعقة وقالت بجدية: بطل دلع وسيبني أكمل، وإنت روح كمل تقطيع الخضار يا كراميل.


اقترب منها، وضمها من خصرها من الخلف، ووضع رأسه بين حنايا رقبتها بعشق، وهو يضع قبلات متقطعة على خدها مرورًا برقبتها. أغلق مفتاح العين المشتعلة بيده الأخرى وقال.


سليم: قولت مافيش، وهنطلب دليفري.


ماسة بابتسامة: عايز إيه؟


سليم: هقولك فوق.


ماسة وهي تعض أسفل شفتيها بنظرات إغواء حارة: اممم، سيبني أفكر.


بدأت تتحرك بعيدًا عنه وهي تتمايل بخفة وأنوثة. كان سليم يراقبها بعينيه بنظرات راغبة بشدة مشتعلة.


وفجأة استدارت له ماسة وقالت: لا لا لا، وبطل بقى.


سليم وهو يقترب منها بإستفزاز محبب: وحياتك عندي، كبرت في دماغي، وهتبقى آه، وهنطلع فوق.


ماسة وهي تبتعد وتضحك: مش هعمل حاجة غصب عني.


سليم بثقة: هتعمليها برضاكي، وإنتي إللي هتطلبيها... مد يده لكي يمسكها ويجذبها عليه، وقال: تعالي هنا.


ابتعدت ماسة وهي تضحك: قولت لا، مش هاجي.


أخرجت لسانها وركضت. أخذوا يركضون خلف بعضهما في المطبخ، وتتعالى ضحكاتهما.


ماسة بمرح: سليم، أعقل يا مجنون، هيسمعونا بس.


سليم: بطلي عند إنتي وتعالي.


ماسة: قولتلك لا.


سليم: مافيش حاجة اسمها لا. تعالي بقولك.


حاول الإمساك بها، لكنها ركضت وتوقفت على الاتجاه الآخر للطاولة.


ماسة: بطل بقى جنان... إيه؟ ماشبعتش؟ إحنا مع بعض من الصبح.


سليم بحب وغزل: أنا ما بشبعش منك يا قطعة السكر، تعالي بقى وبطلي دلع.


ماسة وهي تضحك: لااااا وبس بقى، والله هيسمعونا وهنتفضح، بطل بقى، بعدين أنا جعانة أوي، ماكلتش من الصبح.


سليم: طب هاتي بوسة بس دلوقت.


ماسة: لا، مش ضمناك.


سليم: وحياة سليم، هي بوسة بس لحد ما نطلع فوق.


ماسة بشك: سليم، إنت أهو وعدتني هي بوسة واحدة واحدة ها؟ ونكمل الأكل، نأكل وبعد كده...


سليم بمقاطعة: بعد ما ناكل، هاخدك فوق وأخد حقي منك، بس تتحملي إللي هعمله فيكي عشان لازم أعاقبك على إللي عملتيه فيا ده.


ماسة وهي تضحك بمزاح: بقيت مراهق أوي.


سليم بأمر: يلا.


ماسة وهي تشير بيدها بتردد: طب أبعد إيدك، وأنا هقرب لوحدي. ههههه.


بدأت بالتحرك نحوه بحذر، وهي تضحك وتقول: استني كده، وأوعى إيدك خليها وراك.


سليم بأمر: إخلصي.


ماسة: جاية أهو.


فور اقترابها، شدها سليم عليه بخشونة محببة عليه، حيث أحاط بذراعيه حول خصرها بشدة حتى التصقت به.


اتسعت عينا ماسة: سليم، إنت وعدتني.


سليم بنظرات عاشقة: أنا عملت حاجة؟


ماسة بدلع: ما أنا حافظه النظرة دي كويس، هي بوسة واحدة ماشي؟


سليم: بوسة واحدة يا قطعة السكر، اهدي بقى، أكيد مش هعمل حاجة هنا، برغم إني نفسي نحققها في فيلتنا.


أخذ سليم ينظر إليها بتحديق، عينيه لا ترمش كما لو أنه يروي ظمأه العطاش لها، كان قلبه يتضخم من شدة العشق ورغبته بها.


وكانت ماسة أيضًا تنظر له بعشق عميق، تشعر بقشعريرة تهز جسدها. تلك النظرات تجعلها تفقد صوابها، ولا تستطيع الصمود أمامه.


في تلك اللحظة، كان رشدي يراقب من بعيد، يترقب كل شيء يحدث بينهما. نيران الغيرة كانت تشتعل بداخله كبركان، بنظرات حاقدة على شقيقه الذي يضحك من قلبه ويعيش السعادة مع زوجته، يتمنى لو كان مكانه، وأن تزول تلك السعادة من يد سليم. فهو، كما نعلم، يغار منه ويحقد عليه بشدة، ويكرهه حتى لو كانت سعادته بسبب قربه من تلك "الخادمة الصغيرة" كما يظنها.

لكن حقده جعله يتمنى أن تزول من يد شقيقه وتصبح زوجته هي، وأنه هو من يعيش تلك اللحظات الجميلة.


🌹_________بقلمي_ ليلةعادل_________🌹


وعلى الجهة الأخرى


سليم وماسة لا يزالان ينظران لبعضهما بعشق ورغبة، مد سليم يده ومرر أصابعه على خدها، ثم اقترب وجهه من وجهها، أمسك يدها ووضعها على قلبه المتيم بها، حيث كانت دقات قلبه تتسارع وهما  يزالان يسبحان في ملامح بعضهما البعض.


بعد دقائق قليلة، اقترب منها أكثر، كاد أن يقبلها، لكن لم يتحمل رشدي أكثر وقرر أن يخرب عليهما تلك اللحظة.


أخرج صوتًا وهو يتحرك نحو المطبخ. ابتعد سليم مسرعًا، وشعرت ماسة بالإحراج. استدارت بسرعة وتوقفت أمام البوتاجاز، كأنها تقوم بعمل شيء.


رشدي بتصنع: إيه ده؟ أنتم هنا؟ أنا بقول إيه؟ افتكرت عماد وصافيناز؟


سليم بعدم اهتمام لحديثه: جيت إمتى؟


رشدي: حالاً، مش ظاهرين طول اليوم؟


سليم: كأنه لم يستمع له. بنحضر عشا، نعمل حسابك معانا.


رشدي: لا.


سليم: إنت شارب؟


رشدي: اممم، كاسين. الباشا كان عايزك.


سليم: بكرة.


رشدي بابتسامة مصطنعة: أوكيه، تصبح على خير. تصبحي على خير يا ماسة.


هزت ماسة رأسها بنعم. خرج رشدي وأخذ يراقب سليم حتى ابتعد، ثم اقترب من ماسة.


سليم: عشقي.


استدارت ماسة له بضيق وخجل.


ماسة: أنا اتكسفت أوي.


سليم وهو يمسح على كتفها: ما شفش حاجة، حتى لو شاف، عادي، إيه المشكلة؟ اتنين بيحبوا بعض.


ماسة بخجل: بس أنا بردو اتكسفت أوي أوي منه. قولتلك إحنا مش لوحدنا.


سليم: ماستي الحلوة، خلاص.

قبلها من جبينها وقال: يلا، خلينا نكمل.


توجه إلى الطاولة وأكمل ما كان يقوم به، وهي أيضًا فعلت نفس الشيء.


كان رشدي يراقبهم من بعيد، يستمع لحديثهما، ثم قال بحقد: ما كانش رشدي إلا منكد عليك يا سليم، ضيعتها من إيدك وحرقت قلبك.


اليوم التالي


جناح سليم وماسة – العاشرة صباحاً 


نشاهد ماسة وهي تتوقف أمام سليم، تساعده في تعديل ملابسه وتضع له عطره.


سليم: هتخرجي النهاردة؟


ماسة: اها لازم اروح لسلوى كلمتني كتير.


سليم: ماشي، هبعتلك مكي على عشرة أنا لازم أمشي. الباشا عايزني ضروري.


قبلها من خدها وتحدث كأنه يتحدث مع طفلته المدللة: هخليهم يطلعوا لك الفطار، تاكليه كله وتشربي كوباية اللبن كلها، فاهمة؟


ماسة: حاضر.


سليم: يلا، سلام. (قبلها من جبينها وخرج).


نظرت ماسة لأثره بابتسامة، وبعد وقت، أتت الخادمة ومعها الفطور. بدأت ماسة في تناوله واحتساء اللبن. بعد فترة توجهت الى شقيقتها.


بقلمي ليلة عادل ⁦(⁠.⁠ ⁠❛⁠ ⁠ᴗ⁠ ⁠❛⁠.⁠)⁩♥️


_فيلا عائلة ماسة الحادية عشر صباحاً 


  نُشاهد ماسة تجلس مع عائلتها، يتبادلون الأحاديث بمرح وسط أجواء عائلية دافئة. لكن رغم الأجواء المبهجة، بدت سلوى شاردة وحزينة. لاحظت ماسة ذلك جيدًا، لكنها حاولت ألا تُظهر اهتمامها أمام الآخرين. عندما انتهى الجمع وتوجه الجميع إلى غرفهم، قررت ماسة التوجه إلى غرفة سلوى لتعرف ما الذي يُثقل قلبها.


غرفة سلوى.


فور دخولهما، أغلقت ماسة الباب وركزت نظرها في ملامح سلوى، مدت يدها أسفل ذقنها ورفعت رأسها لأعلى.


ماسة باهتمام: مالك بقى؟


رفعت سلوى عينيها ببطء، وكانت عيونها تتلألأ بالدموع، وقلبها ينفطر. قالت بنبرة مهزوزة ومكتومة: مكي نهى كل حاجة بينا.


نظرت لها ماسة بتركيز، وضاقت عينيها باستغراب وقالت: نهى كل حاجة مابينكم؟ هو أصلاً كان في حاجة بينكم عشان ينهيها؟


سلوى بتفسير ممزوج بإختناق: يعني مش هيكلمني تاني ولا هنتقابل تاني. شايف يا ستي إن إحنا كنا بنعمل حاجة غلط وماينفعش نكمل في حاجة زي كده.


جلست ماسة على الفراش وهي تنظر لها: بالراحة عليّا كده عشان أنا مش فاهمة حاجة.


جلست سلوى بجانبها، ووجهت جسدها في زاويتها وقالت بنبرة مخنوقة ممزوجة بالخذلان ممزوج بتفسير: امبارح  اتقابلنا صدفة،  لو مش صدفه ازي جه اخدني من المركز  بعدين قالي نشرب عصير في العربيه، نزل يحيب وإحنا واقفين، عمار جه طبعًا. ارتبكت وخفت، لكن الحمد لله الموقف عدّى بسلام. يعني قلت له اللي حصل، ومكي اتعامل مع الموضوع بذكاء وعرف يخرجنا منه. المهم بالليل كلمني عشان يطمن عليا، ويطمن لو عمار عمل لي حاجة أو ماصدقناش، بعدين لقيته بيقول لي إن إحنا مش هينفع نتكلم تاني، وإننا بنكذب واللي بيكذب يبقى بيعمل حاجة غلط، وإننا ماينفعش نستمر في الكذب ومقابلاتنا دي...

بدأت دموعها تهبط أكثر بوجع شديد، اضافت:

خذلني، اتخلى عني يا ماسة. هو إزاي يعمل كده؟ إزاي عمل فيا كده في الوقت اللي المفروض إنه يبقى جنبي فيه؟ اتخلى عني! افترضى عمار ماصدقش، كان هيبقى موقفي إيه؟


ماسة بهدوء وعقلانية: سلوى، أنا سمعتك للآخر. بصي، الموضوع من أوله لآخره كان عك، لأن مافيش حاجة اسمها أخرج وأقابل واحد وأنا مش حاطة أساسيات للعلاقة دي وإسم ليها! إني أبقى مش عارفة هو بيقابلني ليه؟ وعايز مني إيه؟ وأفضل أبني في آمال وأحلام، وأغمض عيني وأصحى على كابوس إن أحلامي كلها طلعت مجرد أوهام بنتها على الرمال، أصلاً إنك تقابليه وتخرجي معاه ومافيش حاجة بينكم رسمي، غلط وعيب وحرام. ومش عشان إحنا بقينا في مصر هنتخلى عن شخصيتنا وتربيتنا وديننا، لا يا سلوى، لا. مينفعش، انا لسه مكلامي يوم مقبلنا هبه بس كلامي طار في الهوا، يعني انا وافقت وسكت عشان خاطر إني عارفة مكي كويس، إنه محترم وعمره ما هيأذيكي. ولو فكر سليم موجود، وكمان أنا ماكنتش هخليكي تستمري فترة كبيرة معاه في الهبل ده، قولت  يمكن ينطق يمكن محتاج يعرفك، كويس إنه بعد. أديكي عرفتي إنه مكنش بيحبك. لو حبك كان جه اتقدم أو قال لسليم. بس هو لما حس إنه ممكن يحصل له مشاكل، هرب.


مسحت سلوى دموعها، وكان الخذلان واضحاً في عينيها، وقالت: عندك حق، بس أنا قولت هيعمل زي سليم يومين ويجي. كان نفسي أتجوز زيك عن حب، زي اللي بنشوفه في الأفلام. كويس إنه ظهر على حقيقته من الأول، بس برضه مظلمهوش. هو عمره ما عشمني، كان بيتعامل معايا بكل أدب واحترام. أنا اللي كذبت وصدقت كذبتي. أنا من النهاردة هاركز في مذكرتي وتعليمي وبس.


ماسة: لو عايزة أقول لسليم يبهدله.


سلوى برفض: لا ولا هنعمل له أهمية عشان ميفتكرش إني مهتمة وزعلانة... مسحت دموعها وأنفها وقالت بمزاح: هي شكلها في الآخر هترسي على حد من البلد.


ماسة بعقلانية: لا، إنتي خشي الجامعة وخديلك واحد من هناك، على الأقل الاختيارات هتكون كتير قصادك. مش يمكن لو كنتي ارتبطتي بمكي تندمي.


سلوى: صح. المهم، إنتي كويسة؟ انبسطتي  في رحله اليخت ورجعتِ ليه بسرعة؟


ماسة: سليم مشغول بس هو حاول يخطف يومين كدة على فكرة راح لدكتور نفسي عشان تعرفي اني صح لما سامحته.


سلوى: ربنا يسعدك يا حبيبتي دايمًا انا بس خايفه عليكي والله.


وماسة بمزاح محبب: عارفه، ربنا يرزقك إنتي كمان يا سوسكتي بواحد زي سليم، بس مش مجنون غيرة زيّه، عشان إنتي مش هتتحمليها.


ضحكا سويًا، ثم ضمّتا بعضهما بحب. أخذت ماسة تمسح على شعر سلوى من الخلف وهي تقول بحنان:

متزعليش. الإنسان بيعيش ويتعلم. لو موصلتيش لفرحة في النهاية، يكفيكي فرحة الطريق. متزعليش يا حبيبتي، ربنا يكرمك بأحسن منه إن شاء الله.


سلوى: طول ما إنتي معايا، مش هزعل.


قصر الراوي 


مكتب عزت الحاديه عشر ظهراً 


نرى عزت جالسًا على مكتبه وفايزة على المقعد الأمامي. بعد لحظات، يُطرق الباب ويدخل سليم.


سليم بتهذب: مساء الخير.


عزت وفايزة: مساء النور.


جلس سليم على المقعد أمامهم، ويبدو أنه في حالة من الترقب. ينظر إليهم بتركيز، محاولًا أن يقرأ ردود أفعالهما.


فايزة: صالحت ماسة؟


سليم: طبعًا، الموضوع انتهى فورًا.


عزت: بتنهيدة غير راضية: أنتم مش بتحلقوا  تتصالحوا كل شويه في مشكلة، في إيه؟! هدى واستوعبها، البنت لسه صغيرة.


سليم: بجدية واضحة: والله أنا اللي غلطان. ابنك هو اللي عنده مشكلة، المهم... خير؟


عزت: برفع حاجبيه: سمعت إنك عاقبت عماد ومنى؟


سليم هز راسه بإيجاب: آه، بس ده فات عليه شهور.


عزت: مستفهمًا: في حد يعرف يجيب معلومة من وراك غير بصعوبة؟ عملوا إيه؟


سليم: الموضوع بسيط.


فايزة: مستفزة: بسيط إزاي؟! أنت ضربت عماد في إيده بالرصاص!


سليم: بتفهم: ده عشان ما يفكرش يعمل "الكبيرة". دي مجرد عقوبة صغيرة ويفكروا ان ده العقاب في حاجه بسيطه امال لما لو عملوا الكبيره هيحصل فيهم ايه.


عزت: بتصميم: عملوا إيه؟


سليم: عماد تعاون مع منى وأخدوا نسخ من الحسابات عشان يتأكدوا إذا كنت بسرق فلوس من وراكم، وعلشان يورّوكم إني حرامي.


فايزة: بغضب: بس!


سليم ان يطلعهم على جميع الحقائق تستكفى بهذا فقط اكراما للاشقائه لانه يعلم إذا علم عزت وفازة الحقيقه كامله فتحدث مشكله كبيره 


سليم: ببرود: آه، وكانوا ناويين يسرقوا شحنة ويرجعوها بطريقتهم عشان ياخدوا ثقتكم.


فايزة: مستفزة: أغبياء!


عزت: بتحذير: أخواتك عارفين؟


سليم: بإصرار: لا، عشان كده استكفيت باللي عملته. معلش يا باشا الكرسي مغرمي.


فايزة: بستهجان: هو عماد فاكر إنه ممكن ياخد الكرسي؟ ولا منى؟ ده طه يغرقنا وحب صافيناز الأعمي هيخليها تبع كل حاجة ليه، أنا مستحيل اسمح إن صافيناز تاخد مكان أكبر من اللي أخدته، لأني عارفة إنها غبية وهتدي له كل حاجه واسم العيله هيتشال هيتحط اسم عيني عماد.


عزت ده استحاله يحصل ده انا ابيد العيله كلها.


سليم: محاولًا تهدئتهما: عموماً هما تربوا خلاص وتحت عيني، متقلقوش.


عزت: بتأكيد: يعني كفاية اللي حصل؟


سليم: بتأكيد: آه، هم دلوقتي ماشين على الصراط المستقيم.


عزت بتحذير: بس خلي عينك عليه لأنهم طمعوا والطماع ممكن يعمل أي حاجة.


سليم: متقلقش يا باشا (توقف قليلًا) طب بعد إذنك، أنا عندي اجتماع مهم.


خرج سليم، بينما عزت وفايزة يشعران بالضيق. نظر عزت لفايزة وهو يمرر عينيه عليها لوهلة. نظرت له فايزة بعينيها وهي تعقد بين حاجبيها باستغراب.


فايزة: بتبصلي كده ليه؟


عزت بتهكم: أتمنى تبطلي بقى تعملي مؤامرات مع صافيناز.


فايزة: صافيناز ما تعرفش حاجة! أنت فاكر إنها ممكن تكون عارفة واشتركت في حاجة زي دي؟ دا أخوها، تبقى مجنون! إيه يا عزت؟ أنت مش عارف ولادك ولا إيه؟


عزت بثقه ارتسمت على شفتيه نصف إبتسامة: ما هو أنا عشان عارف اولادي كويس جدًا بقولك خدي بالك. معاكي ممكن ما تكونش عارفة... وبرده ممكن تكوني عارفة وسليم بيغطي عليها، لازم تحذر منها.


فايزة بستهجان: أحذر من إيه؟ هي بس بتساعدني إزاي نغور ماسة من القصر، مش أكتر من كده.


عزت: أتمنى إن هو ده يكون نيتها... إنها تسعدك مش حاطة عينيها على حاجة أكبر.


فايزة: ولو هي حاطة عينيها على حاجة أكبر؟ لكن قصادها تعمل كده وما عرفتش، فشلت. عماد لعب من وراها وأنت عارف، غبية كده كده. إحنا عينينا عليها مش بس سليم.


عزت ينظر إليها بحدة، يتنهد بتعب وهو يهز رأسه بأسى: حاولتي كتير... وكل مرة بتفشلي. لسه مزهقتيش؟


فايزة تبتسم ابتسامة تحدٍ وهي ترفع حاجبها بنظرة واثقة: لا.


زفر عزت بتعب ويشيح بوجهه بعيدًا، 


فيلا عائلة ماسة - حديقة خارجية - مساء


نرى سليم ومكي يقفان بجوار السيارة في الحديقة، بانتظار ماسة.


سليم بفضول وهو ينظر إلى مكي: ها، في جديد؟


مكي يهز رأسه بنعم وبنبرة مكتومة: خلاص.


سليم بعقد حاجبيه باستغراب: يعني إيه خلاص؟


مكي: نهيت كل حاجة.


يلتفت سليم بجسده ناحيته باستغراب أكثر: نهيت كل حاجة إزاي يعني؟


خلال حديثهما، تقترب ماسة بدلال.


ماسة بدلال: هالو!


يبتسم سليم ويقبّلها من جبينها وهو يقول بحب:

سليم: حبيبتي، وحشتيني... يلا ادخلي.


ماسة وهي تبتسم: وانت كمان، ماشي.


يفتح سليم لها باب السيارة الخلفي، فتدخل..

بينما ماسة تنظر نظرة سريعة لمكي بضيق ومشمئزاز قبل أن تدخل السيارة.


يلتفت سليم إلى مكي بجدية قبل أن يصعد السيارة:

سليم: لينا كلام سوا بعدين.


يهز مكي رأسه موافقًا، بينما يتجه سليم إلى مقعد القيادة.


قبل أن يصعد مكي، يمرر عينيه سريعًا نحو شرفة سلوى، بحثًا عنها، لكن دون جدوى. يزم شفتيه بضيق، ثم يصعد إلى السيارة التي تتحرك بعيدًا.


في تلك اللحظة، تظهر سلوى خلف الستارة، تراقب ما يحدث بصمت. هي الأخرى كانت تحاول اختطاف نظرة منه. تتراجع عن النافذة وتعيد خصلات شعرها إلى الخلف وهي تهمس بتحدٍ: لازم أنساك.

   🌹______بقلمي_ليلة عادل_______🌹  


فيلا عائلة هبة - الثامنة مساءً


نرى عزت وفايزة وياسين متوقفين أمام باب الفيلا الداخلي، وهم بكامل أناقتهم.


ياسين يحمل بين يديه بوكيه ورد كبير، بينما تحمل فايزة عبوة شوكولاتة فاخرة.


عائلة هبة تقف لاستقبالهم استقبالًا يليق بمقامهم، فهم قادمون لخطبة هبة.


ثم جلسوا على مقاعد وبدأت الخدامين بوضع المشروبات والحلويات المتنوعه


زيدان بحفاوة: "حقيقي، أنتم نورتونا. ياسين شاب هايل.


ياسين بتواضع: ميرسي يا انكل.


عزت بفخر: وهبة كمان بنت هايلة، وحقيقي أفضل اختيار. عشان كده احنا جينا النهاردة عشان نطلب إيد هبة لابننا ياسين، على سنة الله ورسوله."


زيدان بثقة: وأنا مش هلاقي أحسن من ياسين يكون زوج لبنتي، عشان استأمنه عليها.


سامية بتودد: كده ممكن نقدم القهوة على الأصول التركية، مظبوط يا فايزة هانم؟


فايزة بتأكيد: أيوة مظبوط، بنقدم قهوة مع بقلاوة بالفستق.


أشارت سامية بيدها لأحد الخدم ليطلب من هبة الحضور، وفور أن ظهرت هبة أمامهم،هي ترتدي فستان باللون الاسود قصير زوحه ملات رفيعه تترك شعرها الكيرلي الذي يميزها منسدل على ظهرها،  بدأت في تقديم القهوة بابتسامة هادئة. لكن على الرغم من ابتسامتها، كان هناك شعور خفي من التوتر في عينيها، كما لو أنها كانت تبحث عن رد فعل.


ياسين مبتسمًا: تفضل. ابتسم لها، ثم توقّف للحظة قبل أن يقدم لها بوكيه الورد.


هبة بتوتر: "يلا اشرب القهوة، كانت كلماتها عادية، لكن ابتسامتها كانت خبيثه قليلاً. جلس ياسين وابدء ان يحتسى قهوتها، لكن فجأة تجمد وجهه للحظة، إذ لاحظت شيئًا غريبًا في الطعم. كانت القهوة تحتوي على ملح. أخذت نفسًا عميقًا، محاولة ألا تظهر انزعاجه.


ياسين بدهشة: حد قال لك إحنا في تركيا؟


فايزة ضحكت: الملعونة شكلها حطيت لك ملح! برافو عليكي، كملها، مش بتحبها؟


وجهت نظراتها لعبه قالت: لو ما كملتهاش من رأيي، ما تفكريش تكملوا في الجوازه. شويه ملح مش قادر يتحملهم، أمال هتعمل إيه في المشاكل اللي هتواجهكم بعد كده؟


ابتسم ابتسامة عريضة، وعينيه تتأملان .


هبة بجدية: "بالضبط كده. اشرب.


ساميه: حرام عليكي يا هبه. 


فايزة: لا برافو عليها احنا بنعمل الموضوع ده عشان يثبت هل العريس ده هيقدر يتحمل مراره الحياه تحمل مسؤوليه ولا؟


عزت متهكم:شويه الملح اللي في القهوة هم اللي هيثبتوا يعني ده كلام فارغ يا فايزة.


فايزة: دي تلقيد عندنا برافو عليها ان هي عملت كدة


هنا: انا بقى طلب جماهيري لازم تشربها.


ياسين بمرح: هشرب، بس يدك كانت تقيلة شوية في الملح.


هبه وهي تضحك: بيقولوا عليا إني سخية قوي.


هايدية: أنا ما خليتهاش تحط لك شطة.


ياسين بمرح: "والله يكثر خيرك. ده كرم. 


ضحك خفيفًا، وبدأ في احتساء القهوة بينما الجميع انفجر في ضحكٍ خفيف.


بعد ذلك، قدموا قطعًا من الحلوى واحتسى الكثير من الماء. كان الجو يميل للراحة.


سامية بفخر: برافو عليك يا ياسين.


عزت بحزم: "احنا كده نقرأ الفاتحة."


بدأوا في قراءة الفاتحة، ثم قام ياسين بتلبيس هبة خاتمًا من الزمرد الأخضر، ثم وضع قبلة على يدها. كانت اللحظة حاملة بين طياتها وعودًا لا تُنسى، وتلك النظرات التي تتبادلها القلوب قبل العيون.


هايدي بفرح: مبروك حبيبتي!


هبة بتواضع: الله يبارك فيك.


زيدان تسأل: يا ترى اخواته ما جوش ليه يعني كان نفسي اتعرف جدا على سليم بيه وفريده هانم صافيناز هانم رشدي طه خير


عزت بحزم: يعني احنا حبينا النهاردة نجي الأول، وإن شاء الله هم هيجوا في الخطوبة. وإن شاء الله الخطوبة هتكون الأسبوع الجاي، مناسب لك إيه عروسة؟


هبة موافقة: أه طبعًا مناسب. ممكن الأربعاء أو الخميس، إيه رأيك يا ياسين؟"


ياسين موافقًا: "ماشي، خليها الأربعاء."


سامية بقلق: "سوري، بس كنت عايزة أتكلم في حاجة مهمة. أنا عرفت من هبة إن الأصول عندكم إنكم تسكنوا في القصر، بس هل ده معناه إن هبة مش هيكون ليها مكانها الخاص؟


كادت ان تجيبها فايزه بطريقتها لكن سبقها ياسين مسرعا وقال: طبعًا هيكون ليها مكانها الخاص. هنجيب فيلا وهنختار اثاثها بذوقنا. بس أساس وجودنا هيكون القصر.


فايزة بتفاخر: أنا كل أولادي عندهم أملاكهم الخاصة وبيوتهم الخاصة، وبيروحوا لها من وقت لآخر. يمكن هم مقلين، لكن بيروحوا. إحنا تربينا إن عيلتنا هي الأساس، هي السند، هي الحماية عشان كده متعودين ان احنا نعيش في بيت واحد مع بعض عشان احنا عيله واحده.


سامية بتفهم: أنا ما قلتش حاجة يا هانم. كل حكاية إن كل أم تحب إن بنتها يكون ليها بيتها وحياتها. وأعتقد حضرتك عشان كده حبيتي بناتك يكونوا معاكي تحت عينك وحمايتك.


عزت بلطف: بكره هبة هتيجي تعيش في القصر، وهتعرف معنى وقيمة إن هي تعيش تحت سقف عيلة الراوي.


سامية بتفاؤل: إن شاء الله.


عزت بلطف: في الأول وفي الآخر، ده قرار هبة.


هبة: والله يا انكل، أنا وياسين تكلمنا في الموضوع ده، واحنا هنعرف نحلّه مع بعض، ما تقلقوش.


سامية: شفتي يا فايزة هانم الولاد بيتفقوا من لوقت.


فايزة لجدية: وده الطبيعي، هي حياتهم.


سامية: طيب، اتفضلوا على العشا.


(الجميع يبدأ في التحرك نحو المائدة.)


سامية:، على فكرة، أنا عملت لحضرتك أصناف تركي كتير، ومن ضمنهم اليبرق.


فايزة: شكراً


جلس الجميع على سفرة لتناول العشاء وسط أجواء حب والفه 


💕_____________بقلمي ليلة عادل。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。


قصر الراوي العاشرة مساءً 


الهول


نشاهد جميع أفراد عائلة الراوي يجلسون في الهول يتبادلون الأحاديث بمرح، وكان من بين الجالسين ماسة وسليم وهو يحاط بذراعه حول ظهرها.


صافيناز: يعني كده الخطوبة يوم الأربعاء الجاي؟


ياسين: إن شاء الله، مش هينفع تتأجل أكتر من كده، عشان رمضان خلاص قرب.


ماسة: مبروك يا ياسين.


ياسين بابتسامة: الله يبارك فيكي.


طه: بس إحنا كان لازم نحضر معاكم، أنا اتفاجأت.


فايزة: تروحوا معانا إيه؟ بلاش شغل البيئة ده، هي هيصة.


منى بخبث: بس أنا أعرف يعني، ان التقليد في تركيا  لما بترحوا عشان تخطوبه بنت، بتاخدوا هدايا كثيرة، ومعظم العيلة بتكون موجودة، حتى العمات والعمام والكلام ده.

انا مش هقول لك انا وعماد وماسه بس على الاقل اخواته !!


فايزة بعنطظه: ده في العائلات العادية، عامة الشعب. أما إحنا لا، ارتقوا يا منى.


ياسين: عموماً، اعملوا حسابكم يوم الأربعاء، مش عايز أعذار، ها؟


فريدة وجهه نظراتها لرشدي: كده ما فاضلش غيرك يا رشدي.


رشدي: ابعدوا عني، أنا كده فلة ناقص وجع دماغ. وبعدين أنا راجل بحب التغيير، أتجوز واحدة وأعيش معاها حياتي كلها؟ إيه الملل ده؟


إبراهيم: أنت بتقول كده عشان بس ما حبتش.


رشدي بتعجب واستنكار: حب إيه وهبل إيه؟ مافيش الكلام ده. فاكرة نفسها غريبة؟ إزاي أعيش حياتي كلها مع ست واحدة؟ وأنا أسيب الباقي لمين؟


منى: عادي، ما أنت ممكن تتجوز وتبقى مع غيرها.


رشدي: لا، أنا عندي مشكلة. لو خنتها، هفتكر إنها بتخوني زي ما بخونها، وممكن تيجوا تلقوها مدبوحه في الجنينه.


ماسة: على فكرة، في ناس كتير محترمة، أنت بس لازم تحسن الاختيار.


عزت: بالضبط، احسن الاختيار، واتقِ الله، وبس.


رشدي: هو أنا قلت إن كل الستات وحشة؟ بس أنا بحب التغيير.

وجهه نظرات لعماد الذي كان شارد:، مالك يا عمده؟ شكلك متضايق.


لكن عماد في عالم آخر، يحاول أن يفكر أين تكون سارة. مر يومان ولم يجدها. بعد أن قام بالسؤال عليها والبحث عنها، لكن دون جدوى.


نظرت له صافيناز، وقامت بضربه على قدمه. نظر لها في ايه مالك.


عماد: مفيش، ما أنتي عارفه موضوع بابا مضايقني.


فايزة: ماله والدك؟


عماد: متضايق بس عشان مش بشتغل معاه. عايزني أرجع أشتغل معاه.


عزت تبسم بخبث: من رأيي، تعملي كده وتخليكي في اسم العيلتك، وتحاولي تعملها اسم كبير بدل ما أنتِ عايشة تحت اسم حد تاني.


فايزة: أنا برده من رأيي كده.


عماد فهم مقصدهم: ما أنا هبقى إن شاء الله مع والدي ومع مراتي. أنا بس بشتغل في المجموعة عشان خاطر مراتي، مش أكتر. على إذنكم.


تحرك عماد، نظره صافيناز وقالت بضيق، مدافعة: إنتوا بتضايقه بكلامكم ليه؟ هو واقف معايا وجنبي.


فايزة بتهكم ممزوج بتلمحات سخيفه: عارفة يا صافي، أنا كنت فاكراكي بنت ذكية وهتطلعي ليا، بس طلعتي غبية والحب عميكي. ما شاء الله، ولادي كلهم الحب عماهم. طه متجوز واحدة بتموت فيه وبتخاف على فلوسه، وابن العاقل اللي كنا بنتحاكى بيه راح يتجوز بنت زي السكر الصراحة، وانتِ رايحة تتجوزي عماد اللي بيحبك لشخصك وبيفكرش أبدًا في اسم عيلتك. والله ما فيكم، غير فريدة.


نظرت لها صافيناز بدفاع قاتل: مامي، عماد بيحبني، ولو هو ما بيحبنيش كان عمل أي حاجة عشان يستغل ده، بس هو عمره ما استغل حاجة. بعد إذنكم.


سليم نظر لها وقال باستخفاف: قولي لي يا فايزة هانم، هو مش الكلام اللي من تحت لتحت وتلميحات السخيفة دي مش أسلوب محترم؟ و عيب! وشغل ستات شوارع ولا يتناسب مع ولاد العائلات الكبار.

أكمل بتهديد وهو ينظر إليها بنظرة شرسة: عموماً، مراتي فعلاً زي العسل وملكة. واللي مش عاجبه، يولع أو يشرب من البحر. عارفة، أنا زمان كنت بقول أنا هاخدها وأمشي وأبعد، بس أنا غلطان. أبعد ليه؟ لا، ده أنا هقعد هنا، واللي مش عاجبه هو اللي يمشي، مش أنا اللي همشي. وأنا قادر أخلي هو اللي يمشي.وهعرف ازاي اخلي كل واحد يحط لسانه جوه بقه بدل ما احطه له انا بايدي. 


عزت: سليم، اهدى. إيه اللي أنت بتقوله ده؟ يصح تكلم والدتك بالأسلوب ده؟


سليم نظر له: ويصح التلميحات اللي بتقولها لمراتي.


عزت: هي ما تقصدش.


سليم تبسم بسخرية: أنا عارف إنها ما تقصدش توقف، ويمد يده ونظر لماسة: عشقي، يلا.


أخذها من يدها وتحرك بها على الدرج. وكانت فايزة تنظر له بغيظ وهي تجز على أسنانها. نظرت لعزت وقالت بغضب: عاجبك اللي حصل ده؟


عزت بختناق: والله تستاهلي، مش مبطلة .. سليم خلاص، فاض بيه وبدأ يلعبك على المكشوف. الأول كان فاهم وساكت، بس خلاص، هو دلوقتي اللي بيتحداكي. أنا هقعد متفرج. قلت لك، مصلحتي فوق كل شيء. مش هخسر جنيه عشان عنطاظتك. الفارغة  (تنفخ). القاعدة معاكم بقيت تغم النفس. جتكم القرف.


ثم تركهم ورحل.


فريدة نظرت لها من أعلى لأسفل بضيق، وأشارت لإبراهيم وصعدت إلى غرفتها.


بينما رشدي قال: الصراحة، القعدة بقت رخمه. أنا هخلع.


فايزة بشدة: وانت يا ياسين؟


ياسين بضيق: أنا كمان مش عاجبني عن إذنك.


نظرت لهم بغيظ اغبيه. نظر طه لمنى لبعضهما بصمت..


على اتجاه آخر، في جناح ماسة وسليم، 


بدأ سليم في تبديل ملابسه بينما كانت ماسة تراقبه، كأنها تريد أن تقول شيئًا.


نظر لها سليم، بابتسامة: مش هتغيري هدومك؟"


هزت رأسها بإيجاب، وبدأت هي الأخرى في تبديل ملابسها وارتداء بيجامة لطيفة. بعد أن انتهت، جلس على المقعد الهزاز بالقرب من الشرفة، وعيناها تراقبان سليم بتوتر، وكأنها تحاول التماس الشجاعة لتقول شيئًا.


جلست أمامه على قدميها، أخذت تتحسس ركبتيه بحركات مترددة. نظر لها سليم بابتسامة، ثم قال بابتسامة ساخرة وهو يراقب حالتها: قولي، عايزة تقولي إيه؟


ماسة، بابتسامة نعامه: عايزاك توعدني وعد.


سليم، وهو يرفع حاجبًا: إسمع الوعد الأول.


ماسة، بحماس متوتر: هتسمعوا، هتوعدني؟


سليم،: قولي.


ماسة، وهي تنظر له بعقلانية ولطف: أوعِدني إنك مهما عملوا معاك بسببّي، ما تعصبش عشان خاطري. سيبهم يقولوا اللي عايزينه. سيبهم يلقحوا عليا بالكلام، ماتخليهمش يستفزوك مهما حاولوا. اضحك واعمل نفسك مش سامعهم. ما أنت قلت لي قبل كده إنك ما تدّيش قيمة لحد أكبر من قيمته، وإنك لو رديتي عليهم ده يعني إنهم ضايقوكي، وكده أثبتي لهم إنهم نجحوا في استفزازك. لكن لو ابتسمتي في وشهم وضحكتي وقلت لهم 'صح كده؟' هتضيع عليهم طعم الإنتصار.


سليم، وهو يضغط على يديه ليحافظ على هدوئه: ما أنا من ساعة ما جيت وأنا ساكت، متحمل. أوعي تكوني فاكرة إني مش فاهم اللي بيحصل. بس هفضل لحد إمتى ساكت؟ أنا كذا مرة اتكلمت معاها، بس ما فيش فايدة. كل مرة كنت بقول إني همشي، بس كنت غلطان. أنا مش همشي، هقعد بشروطي، واللي مش عاجبه هو اللي يخرج بره.


ماسة، بصوت متوسل عقلانى بعين ترقرق بدموع: أنا مش عايزاك تعمل معاهم كده يا سليم. الحياة مش حرب، إحنا عايشين في بيت واحد، بناكل من طبق واحد. ما ينفعش. وحياتي عندك، أنا مسامحاهم، الله يسامحهم. والله العظيم ما بتضايق. أقسم بالله أنا ما زعلانة. أوعدني.


سليم، وقد بدأ يظهر التوتر على وجهه: "عايزاني أوعدك بإيه يعني؟


ماسة، بتوسل: "توعدني إنك ما تعملش حاجة مهما حاولوا يستفزوك. ما تردش، سيبهم. يا سليم، خلينا نعيش بسلام. يلا، أوعدني. وحياة ماسة، لو رديت وعملت أي حاجة كده هتثبت إنهم نجحوا في استفزازك. يلا بقى." وضعت قبلة على فخذه. يلا.


تنهد سليم بعمق، وهو يغمض عينيه لحظة، ثم قال: حاضر.


ماسة، وهي تنظر داخل عينه برجاء: قول وعد.


سليم، وهو يعصر على يديه بحذر: ماسة...


ماسة، بحزم شديد: قول وعد، ولا هزعل منك والله.


سليم تنهد وهو ينظر لها بصمت  الى تلك العيون التي تتوسل لها مسح على وجهة فهو بداء في تغير لابد لن يخوض تلك التجربه أيضاً من أجلها هز راسه بإيجاب: حاضرة اوعدك مهما حاولو مهما استفزوني مش هعمل حاجة بس ده بجزء اللي يخصك بس الشغل لا 


ماسة: شكرا با احلي سليم.


قامت بضمه ..


((اليوم التالي ))


قصر الراوي 


جناح سليم ماسة  الثانية عشر ظهراً 


كانت ماسة تجلس في غرفتها وهى تقراء كتاب بتركيز طرقت صافيناز الباب ودخلت.


صافيناز: ماسة، ممكن أخد من وقتك خمس دقائق؟


رفعت ماسة عينيها لها بابتسامة.


ماسة: طبعاً، اتفضلي.


تقدمت صافيناز وجلست بجانبها على الأريكة.


صافيناز بخبث: ها، اتصالحتي مع سليم؟


ماسة ببراءة: اممم، سليم ما سبنيش غير لما صالحني.


صافيناز بخبث: إنتي لازم تعقلي شوية. ماضي سليم ما كانش لذيذ. مش كل مرة يظهر حاجة فيه تزعلك. آسفة يعني، دي دماغ عيال صغيرة.


ماسة: كل الحكاية إني غيرت أوي بس.


وضعت صافيناز قدمها فوق قدم، وتحدثت بإرستقراطية مبطنة بمكر مثل العقارب: غيرة إيه بس يا ماسة؟ هي واحدة في حياته رايحة جاية معاها؟ دي واحدة كان على علاقة بيها وسابوا بعض... إنتي علشان لسه صغيرة مش عارفة تتعلمي! لازم تعقلي وتكبرى دماغك. يا حبيبتي، ما فيش راجل مخلص 100%، أوقات كتير الست لازم تطنش.


ماسة بتعجب: أطنش!!


صافيناز: ماسة، متزعليش مني. إنتي لسة صغيرة أوي، 17 سنة ولسة تجاربك محدودة. صدقيني، أوقات كتير لازم الست تطنش عشان لو فضلت قاعدة مع جوزها، هتخسر. خصوصاً لو معندهاش لسة المقومات إللي تخليها توقف في وش الريح يعني،  يعني انتي ولا شهادة ولا أصل ولا ظهر. سوري يعني، السند على الجمال مش دايماً صح في كل الحالات والأوقات! خصوصاً مع واحد زي سليم.


نظرت لها ماسة بتوتر. نظرت لها صافيناز، تستشف مدى تأثير كلامها عليها بخبث. رن هاتفها.


صافيناز: آسفة لازم أرد. (ترد على الهاتف) ألو، هاي، تمام... في القصر؟ النادي كلكم؟ مين؟ لورجينا؟ اممم، أوكيه، خلاص، هاجي ساعة، هكون عندكم. باي.


ماسة: هي دي لورجينا حبيبة سليم القديمة؟


صافيناز بخبث: اممم، أصل إحنا كلنا أصحاب. تحبي تيجي معايا النادي؟


ماسة: ماشي، بس هاتصل بسليم.


صافيناز: سليم مشغول جداً. بعدين هنبقى سوا، مش هيقولك حاجة، ولا سليم بيضربك؟


ماسة بتوتر: لا، مابيضربنيش. قولتلك قبل كده.


صافيناز: متأكدة إن طول الفترة اللي فاتت دي ماضربكيش؟ ده إنتوا داخلين على سنتين؟


ماسة صمتت لثوانٍ، ثم قالت بتصنع الجدية: لا. بعدين، إنتي بتقولّي كده ليه؟


صافيناز: أصل سليم عصبي شوية، وأيده طويلة. كان بيضرب لورجينا. أمال هما سابوا بعض ليه؟ عشان كده، حاولي متعصبهوش على قد ما تقدري.


ماسة: طب هلبس وأجيلك.


صافيناز: هستناكي تحت.


نهضت صافيناز وتحركت نحو الباب بابتسامة خبث.


احد النوادي الرياضيه الشهيرة الثانية مساءً 


نشاهد صافيناز وماسة وهما تتحركان في النادي حتى وصلا إلى الطاولات. انتبهت صافيناز لجلوس لورجينا بمفردها، فنظرت إلى ماسة وقالت بمكر:

ماسة، خليكي هنا، هروح أشوفهم فين؟


نظرت لها ماسة ببراءة وقالت: حاضر.


جلست ماسة وهي تنظر من حولها، فشاهدت لورجينا وأخذت تراقبها، تمرر عينيها عليها. كانت ترى تلك الأنثى الجميلة الساحرة، وتساءلت كيف لسليم أن يتركها وهي بهذه الجاذبية والسحر؟


فهي تمتلك كل المقومات التي تجعل أي رجل يركع أمامها! جمال، وجسد، وتعليم، وثقافة، وعائلة، وكل شيء تفتقده ماسة لدى تلك.

كانت ماسة ترغب بشدة في التحدث معها لتتعرف عليها أكثر. يبدو أن حديث سليم عنها لم يكفِي ليزيل تلك الذبذبات من رأسها!


أخذت تصارع نفسها: هل تنهض وتذهب لتتحدث معها أم لا؟!


وفي كل هذا، كانت صافيناز تراقب الموقف من بعيد، فقد دبرت هذا الأمر لتوقع بها.


لقد أصبحت صافيناز تفهم ماسة جيدًا، وتستطيع أن تلعب بها.


بعد دقائق من الأفكار المضطربة، نهضت ماسة وتوجهت نحوها حتى توقفت أمام طاولتها بصمت. رفعت لورجينا عينيها إليها باستغراب.


لورجينا بتعجب، وهي تضيق عينيها: ماسة؟

صلي على محمد وال محمد عشر مرات متنساش تضغط على الايك على تساعد ان روايه تنشهر لو يهمك...


         الفصل الثاني والاربعون ج1 من هنا 


تعليقات