رواية الماسة المكسورة الفصل الرابع والاربعون 44 ج1بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الرابع والاربعون 44 ج1 

بقلم ليله عادل


{"انتي ضحكتك، لازم تتعمل غنوة وكل اللي نقصها فرحة يسمعها "}

               

                 [بعنوان: إكتمال القمر ]


منزل نانا الثامنة مساءً.


تقدمت فايزة بخطوات واثقة ممزوجة بكبرياء لا يليق إلا بها، وأغلقت نانا الباب بابتسامة عريضة وتوجهت إليها وهي تقول.


نانا بتملق: حقيقي البيت نور.


التفتت لها فايزة (بإرستقراطية، ملوحةً بأنفها) وقالت بإشمئزاز: بيئة أوي يا نانا، بليز بلاش الكلام البلدي ده.


نانا: أوكي، شرفتيني.


فايزة: ميرسي.


نانا وهي تشير بيدها: اتفضلي من هنا.


توجهتا حتى الريسبشن وجلست فايزة على المقعد.


نانا: الهانم تشرب إيه؟


فايزة: قهوة.


نانا بتأدب: لحظة.


توجهت نانا إلى المطبخ، وعلى ملامح وجهها علامات استفهام، بينما أخذت فايزة تنظر من حولها باستغراب. بعد دقائق، عادت نانا مع القهوة وقدمتها لها.


فايزة، وهي تأخذ الفنجان: إنتي ما عندكيش خدامين؟


جلست نانا على الأريكة: إجازة.


نظرت لها فايزة بطرف عينيها وتحدثت من طرف أنفها: اممم... طبعاً، إنتي بتسألي نفسك إيه الموضوع المهم اللي ممكن أكون عايزاكي فيه؟!!


وضعت نانا قدمًا فوق قدم وقالت وهي تحتسي القهوة: الصراحة استغربت يعني، مش بالعادة.


فايزة، بغرور لا يليق إلا بها: نانا، أنا محتاجة منك مساعدة بسيطة. أنا كان ممكن أختار أي حد، بس قلت إنتي معانا من زمان وفي بينا عشرة، فا ليه ما اختاركيش!!


نانا: أنا في الخدمة في أي وقت يا هانم، مستحيل أنسى فضل الباشا عليا.


وضعت فايزة الفنجان على الطاولة ونظرت لها بتركيز: عايزة أعرف كل خطوات عزت: بيروح فين، بيجي منين، كل حاجة. إنتي مخزن أسراره لإنك سكرتيرته الخاصة، وعارفة كمان إن نور صاحبتك الأنتيم بقت Assistant سليم. عايزاكي تتكلمي معاها وهي كمان تنقلك كل أخبار سليم. كل حاجة وأي حاجة، سواء صغيرة أو كبيرة، تتقال لي. صدقيني يا نانا، طول ما أنتي بترضي فايزة هتفضلي في المكانة اللي إنتي فيها، وأحسن كمان. الشقة الحلوة دي ممكن تكون فيلا، وعربيتك اللي تحت دي تتحول لعربية آخر موديل... وإنتي وشطارتك.


أخرجت من حقيبة يدها ظرفًا، أخذته نانا منها وفتحته، فوجدت مبلغًا كبيرًا من الدولارات. أكملت فايزة: ده حصيلة صغيرة أو عربون محبة، ماشي؟ نهضت ثم نظرت لها بتحذير: "طإنتي تحت عيني، خدي بالك.


نهضت نانا: أنا تحت أمرك يا هانم، وهنفتح عينينا، بس هو فيه حاجة معينة عايزة تعرفيها؟


نظرت لها فايزة باستغراب: "تقصدين إيه؟


نانا: يعني هل المعلومات اللي إنتي عايزاها دي تخص الستات بس، ولا كمان معلومات عن المشاريع والفلوس؟


فايزة بتأكيد: قلت لك كل حاجة، خصوصًا سليم. موضوع الستات؟ لا، أنا واثقة في عزت جدًا، الموضوع ده ما فكرتش فيه لحظة، بس برضه ما عنديش مانع إنك تركزي فيه، بس خلي نور هي اللي تركز فيه اوي مع سليم. فهمتي؟


نانا: فهمت يا هانم.


فايزة: كل أسبوع هتستني مني مكالمة، ولو فيه حاجة ضرورية كلميني. في حاجة تانية محتاجة تسأليها يا نانا؟


هزت نانا رأسها بنفي.


توجهت فايزة إلى الباب، وخلفها نانا، وعند وصولها استدارت وقالت محذرة: أنا طبعًا مش محتاجة أقولك إن الموضوع ده مابينا، عشان إنتِ عارفة لو فكرتِ في الخيانة، هي رصاصة طايشة. تمام يا نسمة؟


ارتسمت على شفتي نانا ابتسامة، وهزت رأسها بإيجاب.


حركت فايزة رأسها ثم خرجت. فور خروجها، بدأت نانا تضحك وهي تضرب كفًا بكف بمرح وتقول: إنتِ فعلاً اختارتي أنسب حد يراقب عزت.


توجهت إلى الريسبشن وأخذت هاتفها من على الطاولة التي تتوسط الأنتريه، ثم قامت بعمل مكالمة لعزت. بعد قليل، جاءها صوت عزت من الاتجاه الآخر.


عزت بجمود: إيه يا نانا؟ فيه حاجة؟ مش اتفقنا متتكلميش طول ما أنا في البيت؟


نانا: لا، ما أنا متأكدة إن فايزة مش عندك عشان كده اتصلت.


عزت بتعجب: وجايبة منين الثقة دي إن فايزة مش هنا؟


نانا: "لإنها كانت عندي. بكرة لازم تيجي عشان أفهمك اللي حصل.


عزت بخضة: في حاجة؟


نانا: متتخضش، هي بس عايزاني أشتغلها عصفورة. بكرة ها أفهمك. باي دلوقتي.


أغلقت هاتفها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة عريضة.


بقلمي_ليلةعادل⁦(⁠◠⁠‿⁠◕⁠)⁩ ⁦♥️


قصر الراوي


جناح سليم وماسة، الثانية عشر ظهراً


خرجت ماسة من المرحاض مرتدية البرنص، توقفت أمام المرآة وبدأت تضع زيت الشعر على خصلاتها. وفي الخارج، كان رشدي يقف يحمل شنطة هدايا ويراقبها من فتحة الباب الصغيرة. أزاحت جزءًا من كتفها لتضع الكريم، لكنه فتح الباب ودخل دون استئذان.


رشدي: ست الحُسن!


اتسعت عينا ماسة بخضة، عدّلت وضع البرنص على جسدها بسرعة وتأكدت من إحكامه. التفتت نحوه بحدة وتوتر وهي تعقد حاجبيها بضيق.


ماسة بحدة: رشدي، إنت دخلت هنا إزاي؟


رشدي متقدمًا نحوها: الباب كان مفتوح.


ماسة بتوتر وتعجب: مفتوح؟! أنا متأكدة إني قفلته! لو سمحت، خليك عندك.

 

رشدي مبتسمًا متوقفًا عند الباب: مش عارف... يمكن الخدامة دخلت ونسيت تقفله وراها.


تقدمت ماسة نحوه وهي تهز رأسها ببراءة: يجوز. طب، في حاجة؟


رشدي: أمم...


دقق النظر إلى رقبتها، حيث بدت البصمة التي تركها سليم عليها واضحة.


رشدي بمكر: إيه اللي على رقبتك ده؟ سليم ضربك ولا إيه؟


ماسة باستغراب وتوتر: لا، ماضربنيش.


وضعت يدها على رقبتها بتوتر، ونظرت في المرآة بخجل وهي ترفع ياقة البرنص لتخفي أثر البصمة.


رشدي بمكر: آه، فهمت.


ابتلعت ماسة ريقها بخجل وقالت بجدية: ماقولتش عايز إيه؟ وليه دخلت بالطريقة دي؟


رشدي بمزاح سخيف: أصلّي مش متعود أخبط. أمال ليه فايزة دايمًا بتقول عليّا ما اتربتش؟ هههه... كنت في مكان كده وأنا بلف، شوفت الفستان ده في الفاترينا...

أخرج لها فستانًا ورديًا قصيرًا وأمسكه من الحمالات.

اكمل: قولت ده معمول مخصوص لست الحُسن والجمال.


ماسة متعجبة: ده ليا أنا؟


رشدي بغزل: أمم، أول ما شوفته قولت مش هايليق غير على ست الحسن.


أخذت ماسة الفستان منه بإمتنان: ميرسي يا رشدي. طب ممكن تخرج؟ عايزة ألبس.


رشدي: أنا خلاص ماشي. ياريت تلبسيه وأشوفه عليكي.


ماسة بأسف: آسفة، سليم منعني من إني ألبس عريان.


رشدي بخبث: بس ما أعتقدش إنه منعك تقعدي في القصر باللبس ده.


ماس: لا، هو منعني، عموماً ميرسي على الهدية، ممكن تمشي بقى؟


رشدي: كان نفسي أشوفه عليك، يلا مش مهم، هتخيله. سلام يا ست الحسن.


تحرك رشدي وخرج. نظرت له ماسة وهي تقلب وجهها بانزعاج.


ماسة مغمغمة: رخم.


ثم ألقت بالفستان على الفراش دون اهتمام.


مجموعة الراوي الثانية مساءً


مكتب طه


نشاهد طه وصافيناز ومنى وعماد مجتمعين في المكتب، وعلى ملامح وجوههم الانزعاج والغضب.


منى بغضب: يعني خلاص انتهى كل شيء.. سليم كسبنا في الآخر...

وجهت نظراتها لصافيناز اضافت: إنتِ قلتي ماسة هي مدخل سليم ولما تتدمر علاقتهم هنقدر نخلي سليم مشتت ووقتها هناخد مكانه.


صافيناز بجبروت: صح وفشلت، أعملك إيه؟ بعدين ما إنتِ جربتي إنتِ وعماد وفشلتوا، وإنتِ خسرتي، شعرك، وهو كان ممكن يخسر إيده، واحمدي ربنا إنه ما قتلكيش. عايزة إيه؟

بعدين عايزة تجربي تلعبي تاني!! جربي، أنا عن نفسي هوقف كل حاجة، استسلمت، بقولك الباشا وقف في وشي أنا ومامي وهددنا وقال: أي حاجة هتحصل هاعتبرها منكم إنتوا، وهيطردنا برة القصر..عندك استعداد تغامري؟ غامري..

أكملت بتهديد وهي تشير بأصابع يدها: بس اسمعوا، يوم ما يحصل حاجة عليا وعلى أعدائي، هقول للباشا منى وطه كانوا معانا من البداية.


طه بتحدي: منى اسكتي بقى وكفاية اللي عملتيه من ورايا، أنا قلتلكم من الأول هنخسر، سليم مش سهل، وأهو الباشا اتخلى عننا، كفاية بقى.


عماد: عارفين إننا غلطنا.


منى: غلطنا إزاي؟


عماد: بدأنا اللعب بدري اوي، بعيد عن إن الهانم كان كل همها إنها تطرد ماسة برة القصر وتخلي سليم يطلقها، وإحنا ساعدنا في ده واستغلينا كرهها ده، لكن أوعوا تنسوا إن هدفنا الأساسي كان سليم مش ماسة. إحنا استعجلنا، كان لازم نصبر شوية لحد لما سليم يعدي بينا لمرحلة الأمان، ونفهم كويس مدى ترابط علاقتهم ونعرف هندخل منين بالضبط مش شوية الحاجات الفارغة اللي عملناها.


صافيناز بغضب: كل مشكلة وقعنا فيها قربتهم من بعض أكتر، ودلوقتي الباشا بقى معاها وخسرنا كل شيء.


عماد: عشان لعبنا غلط واستعجلنا، حتى أنا استعجلت.


منى بكره: يعني بجد هنستسلم ونسيب سليم ياخد مكان الباشا؟


عماد بتخويف: لو عايزة المرة الجاية لسانك يتقص، جربي تحطي سليم والباشا في دماغك. إحنا لازم نوقف اللعب دلوقتي خالص، عين الباشا مفتحة علينا، وأكيد هتحصل حاجة ووقتها هنستغلها.


طه: أنا نفسي ترضوا باللي معاكم وتفوقوا من وهم إنكم تاخدوا مكان سليم.


💞_____________بقلمي_ليلةعادل(⁠.⁠ ⁠❛⁠ ⁠ᴗ⁠ ⁠❛⁠.⁠)


قصر الراوي


غرفة سليم وماسة، ٦:٣٠م


نشاهد ماسة تتوقف أمام التسريحة وترتدي فستانا ناعما وتضع أحمر شفاه بلون شفتيها.


خرج سليم من حجرة الملابس وهو يرتدي قميصًا وبنطالًا. اقترب منها بابتسامة جميلة حتى توقف خلفها مباشرة، وأحاط خصرها بأحد ذراعيه، وأسند رأسه بين حنايا كتفيها وعنقها، قائلاً وهو يضع قبلة على خدها.


سليم: لسه مخلصتيش؟


ماسة تبسمت: لا، خلصت ثانية بس.


جلس سليم على الفراش في انتظارها، وهو يشاهدها بإبتسامة، تضع المسكاره وترتدي بعض الاكسسوارات، لكن وقعت عينه على الفستان الذي جلبه لها رشدي موضوعا على الفراش...


سليم وهو ممسك بالفستان: جميل الفستان ده، كنتِ بتفكري تلبسيه؟ وافتكرتِ إنه عريان ومش هينفع تنزلي بيه تحت؟! حاسس إنه أول مرة أشوفه، ولا أنا ناسي؟


ماسة ببراءة: هو فعلاً أول مرة تشوفه، بس مش أنا اللي جايباه، ده رشدي جابه لي هدية النهارده.


سليم بتعجب وهو يتك على الكلمة: رشدي؟


ماسة هزت رأسها بإيجاب وقالت بتفسير: لقيته الصبح جاي الأوضة ومعاه شنطة وبيقولي إنه كان في مكان وشاف الفستان ده وحس إنه هيبقى جميل عليا، وطلب مني ألبسه النهاردة على العشاء. بس أنا طبعًا قلت له سليم منعني ألبس عريان وكده.


سليم بغضب شديد، تأكل قلبه قال بجمود وهو يتكلم: شافه؟ قام جايبه وطلب منك كمان تلبسيه عشان يشوفه عليكي؟


زفر زفرة طويلة بقوة، وهو يضغط على أسنانه ويقبض على كفه بقوة، يحاول أن يكبت جماح غضبه وغيرته التي كانت تضرب في رأسه كأن هناك مدقًا يضرب بها بقوة، وتلك النيران التي تشتعل داخل قلبه وتأكل كل خلية به.


سليم توقف أمامها: أنا هحاول ما اتعصبش، هحاول..

ماسة بعد إذنك، رشدي بالذات لا، وأظن أنتِ عارفه ليه.


ماسة بتوتر: بس أنا ما عملتش حاجة، أنا بس خدت منه الهدية.


سليم بضيق: ما تقبليش منه هدية ولا أي حاجة، كل مرة بأتكلم معاكِ وأقولك إني بغير عليكي من نفسي، إني مش باتحمل حتى ضحكتك تكون لحد غيري، لكن مش بلاقي عندك صدى لكلامي، طب ليه كده؟ فهميني، أنتِ قاصدة تعصبيني؟


هزت رأسها بــ لا أكمل سليم بضيق: عارف إني بتعالج دلوقتي، بس أنتِ نفسك قلتِي لي مروان قال لك إن في حاجات بعض رجال ما بتقبلهاش، ودي حاجة طبيعية، أنا بقى، يا ستي، مش قابل ده لو سمحت احترمي غيرتي.


ماسة اقتربت منه بدفاع: والله العظيم يا سليم، أنا قبلت منه الهدية بحسن نية. حقيقي، بتعامل مع أخواتك كلهم زي أخواتي عمار ويوسف. متزعلش

(ثم وضعت قبلة على خده) أديك شايفه أصلاً مرمي فين من الصبح.


سليم بجمود: عموماً، أنا هعرف أزاي أخلي رشدي يبطل حركاته دي. أنا عارف هو بيعمل ليه كده، عشان يعصبني. عايز يخليني أغلط، بس أنا مش هناوله اللي في باله.


ماسة وهي تمسك يده وتنظر في ملامح وجهه بتركيز: إحنا اتفقنا مهما حاولوا، مش هتتعصب صح؟ مش هتخليهم يستفزوك تاني. أنتِ وعدتني.


سليم بتصميم: صح وعدتك، بس  في دي ما وعدتكيش بيها لحظة ورجعلك.


خرج سليم والغضب يخفي ملامح وجهه.


توجه إلى غرفة رشدي في الطابق الثالث، فتح الباب بقوة. كان رشدي يرتدي برنص الحمام ويقف أمام خزانة ملابسه. اقترب منه سليم وتوقف أمامه.


رشدي بسخرية ممزوجة ببرود: خير، متلغبط في الأوضة ولا إيه؟


سليم بهدوء قاتل لكن بنبرة رجولية تعكس قوته، قال بتحذير: بص يا رشدي، أنا أكتر واحد فاهمك وفاهم قذارتك. يمكن وقعت في الفخ مرة، بس يستحيل أعيدها تاني.


ركز النظر داخل عينه بنظرة مرعبة، قائلاً: رشدي، شيل مراتي من دماغك، عايز تعصبني وتلاعبني، واجهني. خليها بينا، ماتدخلش الستات دي مش رجولة.


رشدي باستفزاز و برود: واضح إن الهدية معجبتكش.


قلب سليم عينه التي توحشت بنظرات مرعبة، قال بنبرة جهورية هزت أركان المكان باتساع بؤبؤ عينه: رشدي... ماتستفزنيش أحسنلك، مالكش دعوة بماسة، علشان المرة الجاية مش هتلحق حتى تندم.


حاول رشدي أن يشعره أنه لا يهتم: المفروض أخاف؟


سليم بتحذير: لو منك أخاف.


وفجأة وضع سليم كف يده على رقبة رشدي في موضع الخنقة، وقرب وجهه من وجه رشدي بشدة، الذي اتسعت عيناه ويبدو أنه لا يستطيع التنفس، محاولًا نزع يد سليم من على رقبته.


سليم بتهديد: لو نفسك عمرك يطول، ابعد عنها وعني. ده آخر تحذير. مفهوم؟ مش هعيد كلامي تاني.


أبعد يده، وأخذ رشدي يكح وهو يحاول أن يتنفس. ثم رمقه سليم بنظرة مرعبة وتحرك للخارج.


نظر له رشدي بحقد وكراهية وهو يجز على أسنانه.

جلس على المقعد، واضعًا رأسه بين يديه، بينما يفكر في كل ما حدث، يشعر بالإهانة والغضب من تهديد سليم، لكنه أيضًا يخفي شيئًا أكثر خطورة.


رشدي يحدث نفسه بكره: فاكر نفسه فوق الكل؟

جزّ على أسنانه وأخذ أنفاسه بصوت مرتفع، والكره يخرج من عينيه: الصبر... هو الصبر. وهندمك.

أكمل بنبرة حاقدة: هخلي حياتك جحيم، بس الصبر. والقوة اللي انت فيها دي هتبقى ضعف. وهتبقى مكسور. هكسرك يا سليم... وما أكونش رشدي! بس الصبر.

ثم ضحك وهو يتحسس رقبته: يلا المهم ان انا استفزيتك وعكرت عليك مزاجك.


فيلا مجاهد، الثامنة مساءً


نشاهد مكي وهو يجلس مع الحراس ويتحدثون ويأخذ منهم الأخبار لكنه في الحقيقة كان يحاول أن يسترق لو نظرة لسلوى.


مكي: خلوا عينكم مفتحة.


أحد الحراس: تشرب شاي؟


مكي وعينه على شرفة سلوى: أشرب.


كان يتمنى أن تخرج وتطل عليه ويراها ولو لحظة.. وبعد دقائق خرجت وجلست في الحديقة تقرأ كتابًا. لم تنتبه لتواجده لكنه رآها وأخذ ينظر لها بابتسامة جميلة وشوق طوال جلسته.


منزل سارة، التاسعة مساءً 


نشاهد عماد يتوقف في الشرفة ويدخن سيجارة. بعد دقائق اقتربت منه سارة وهي تحمل بين يديها صينية عليها أكواب شاي.


سارة بنداء: عماد.


إلتفت لها بابتسامة.. ألقى بالسيجارة وأخذ منها الصينية.


عماد: تسلم إيدك.


توقفت سارة بجانبه: ها بتفكر في إيه؟


عماد: في إللي حصل وكلام الباشا وبالأخص وإحنا قاعدين على السفرة وعينه بتبص على عين كل واحد فينا، حاسس إن كل حاجة في لحظة اتقلبت عليا مش فاهم إيه النحس ده.


سارة: أصبر شوية وبعدين كمل إللي هتكمل فيه عشان بس الباشا ما يزعلش منكم.


هز عماد رأسه بنعم: هو ده إللي هعمله. هفضل أجمع في الأوراق وأستفها وأستنى لحد ما ألاقي الثغرات إللي هتخليني أرمي سليم من على الكرسي وأنا مرتاح.


سارة: هتلاقي صافيناز دلوقتي إيه النار قايدة فيها. هي وفايزة علشان ماسة هتفضل في القصر بأمر من الباشا والله فرحانة بيهم أوي.


عماد: فايزة هتموت من رعبها، أنا مكنتش متوقع أنهم يستسلموا بعد كلام الباشا بالسرعة دي، بس عارفة فايزة طلعت ليها نقطة ضعف ودي برضه هتبقى من ضمن الأوراق إللي هاستغلها، أنا دلوقتي هقعد أتفرج عليهم واحد واحد، وأدرسهم صح. أنا غلطت لما استعجلت ومشيت ورا خطط صافيناز وتركيز فايزة مع ماسة، وافتكرت بكده ممكن أقدر أوصل بسرعة. يلا محدش بيتعلم بالساهل. لسة فيه فرصة بس لازم أستغلها صح المرة الجاية.


منزل نانا، العاشرة مساءً 


نشاهد نانا وعزت يجلسان في الريسبشن وهي ترتدي قميص نوم حريري يبرز مفاتنها بسخاء.


عزت بسخرية: يا زين ما اختارت فايزة.


نانا وهي تضحك: أنا فضلت أضحك ساعة كاملة عليها بس هي ليه عملت كده؟ دي أول مرة يعني حتى عايزاني أجند نور.


عزت: كل ده عشان وقفت المؤامرات إللي عاملين يعملوها في ماسة وسليم، من وقت ما رجعوا، أنا مش عايز أخسر سليم لإنه لو عرف هيسيب السفينة تغرق وممكن المرة دي يساعد على غرقها ومش هلومه.


نانا: أخيرًا أقتنعت. عموماً انسى المهم أعمل إيه أجند نور؟


عزت: جنديها بس ابعتيلي أنا الأول وأقولك إيه إللي تقوليه وإيه لا.


نانا بسعادة ودلع: إحنا لازم نحتفل بالإنتصار على الطاووسة.


نهضت وشغلت الأغاني وأخذت ترقص.


💞_____________بقلمي_ليلةعادل ⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩


وخلال عام لم تستطع عائلة الراوي فعل أي شيء... فالكل كان مرعوباً على منصبه في المجموعة ووجوده في القصر، بعد ذلك الفرمان الذي أصدره عزت والذي كان بمثابة حكم الإعدام لهم...زبالرغم من أن بداخلهم كانوا يتمنون أن يجدوا الفرصة التي من خلالها سيحصلون على مرادهم...


وعلى جانب آخر، كانت علاقة ماسة وسليم في أفضل حالاتها، مليئة بالحب والحنان والهدوء، ليست بها مشاكل بالمعنى الحقيقي للكلمة...


حتى سليم، الذي كان مجنوناً متملكاً وعندما يغضب لا يعي ما يفعله، تغير بشكل ملموس وأصبح قادراً على تمالك نفسه ولجم كباح غضبه عندما يغار عليها...لقد أصبح تغير سليم ملحوظاً لمرأى الجميع...


كان معظم تواجد سليم وماسة في فيلتهم وليس في القصر كما كان في السابق، وأصبحت لهما حياتهما الخاصة...


وكلما مرت الأيام، زاد سليم في عشقه وجنونه الهوسي وتعلقه بها، ولم يتغير!!! لكنها لم تنزعج منه، بل على العكس، كانت تشعر أن هذا هو الحب الحقيقي وأن عشقه من نوع خاص...


ونشاهد أيضاً مدى تغير ماسة المستمر وتطورها في كافة النواحي، واكتسابها العديد من اللغات ونجاحها في الصف الاول والثاني الاعدادي ودخلها الصف الثالث، هي وسلوى.


علاقتها بهبة وأصدقائها زادت قوة، وكانت تخرج معهم من حين لآخر، وكان سليم داعماً كبيراً لها ولم يمنعها أبداً من تكوين صداقات مع أشخاص يشبهونها.


أما علاقتها بعائلة الراوي، فقد ظلت كما هي ولم تتغير... بل على العكس، أصبحت صافيناز لا تتعامل معها وتبدلت معاملتها لها بشكل واضح جداً...


وأصبح سليم هو الملك الحقيقي للمجموعة بسبب نجاحه في كافة المشاريع التي دخلها... كما نلاحظ غيرة إخوته منه ومن نجاحاته واقترابه من الباشا بشكل أكبر، وعدم تمكنهم من فعل شيء له بالرغم من استمرارهم في محاولة إفشاله أو القيام بمخططات لإحراجه مع الباشا، لكنهم لم ينجحوا ولو مرة واحدة كان سليم يعرف لكنه لم يهتم يندر لتلك الاعيب وكأنها مجرد محاولات الوصول لكرسي العرش.


أما عن علاقة مكي وسلوى، فقد ظلت كما هي...

ظل مكي متمسكاً بقراره بعدم تجاوزه معها إلا عندما تصبح شابة ناضجة تختاره بعقلها قبل قلبها...


كان دائم السؤال عنها عن طريق سليم، وكلما زارت ماسة، كان يظل يشاهدها ويسترق النظرات إليها، ويبعث لها الهدايا عندما تنجح في المدرسة...

ويبعث لها أيضاً رسائل نصية من رقم آخر...

كانت لا تعرف من يبعث لها تلك الرسائل وتلك الهدايا...


لكن كان لديها شعور أنه هو من يفعل ذلك...

وبالرغم من كل ذلك، كان مكي أمامها يتقن التمثيل بقوة، حتى هي أصبحت لا تهتم لأمره وركزت في دراستها لكي تصبح في هذا المستوى الذي وصلت إليه...


ونانا اقتربت أكثر من فايزة وكانت تنقل لها أخباراً خاطئة، فيما كانت علاقتها بعزت تزداد قوة.


أما هبة وياسين، فقد أصبحت علاقتهما أقوى من أي وقت مضى. كانت علاقة مليئة بالتفاهم والتناغم، تنساب بينهما المشاعر كما لو أنها لغة خاصة لا يفهمها سواهما. كل لحظة قضياها معًا كانت تأكيدًا على عمق ارتباطهما، وعلى انسجام قلبيهما بطريقة يصعب وصفها.


ولهذا، قررا أن يكون الزواج هو الخطوة التالية في رحلتهما المشتركة. وبعد عام من خطبتهما، اتفقا على أن الوقت قد حان لتتويج هذا الحب العميق برابطة أبدية، لتبدأ حياتهما كزوجين بكل الشغف والتفاهم الذي يجمعهما.


🌹______❤️ بقلمي_ليلةعادل❤️________🌹


في قاعة الفرح الكبيرة الثامنة مساءً، 


كانت الأضواء تلمع بألوانها الزاهية، وكل زاوية تحمل لمسة من الفخامة. الزهور تملأ المكان، والستائر الحريرية تتدلى برقة من السقف. كان هناك تنسيق مذهل بين الذهب والفضي، وجو من الرفاهية يملأ الأجواء. الضيوف كانوا يتدفقون من كل مكان، منهم مشاهير الفن والمجتمع، يبتسمون ويتبادلون الأحاديث، بينما الموسيقى الهادئة تعزف في الخلفية.


وكانت عائلة الراوي، حاضرة بكل قوتها وحضورها البارز. فايزة، كانت تجلس بثقة على مقعدها، تبدو أنيقة في ملابسها الفاخرة التي تعكس مكانتها الرفيعة. عزت، كان يقف بجانبها، مرتديًا بدلة راقية، يراقب الأجواء بحذر، ملابسهم الأنيقة كانت تظهر بقوة أن هذه العائلة تنتمي إلى عالم آخر، عالم من الثراء والسلطة.


سليم وماسة كانا موجودين أيضًا، وهما يتنقلان بين الضيوف بابتسامات رقيقة، بينما كانت عائلة ماسة تلتف حولهم في حرص، تعبيرًا عن فخرهم بهذه اللحظة. كانت الأجواء مليئة بالتشويق والانتظار.


فايزة لم تكن لتترك الفرصة تمر دون تعليق، قالت بلهجة ثابتة: انا مش متخيلة إن الرعاع دول حضروا الفرح. 


صافيناز: طبعاً متوقعة، ما هي بقت صاحبتها جدًا.


عزت بانتقاد: أنتم مملين بجد.


منى بتهكم: الصراحة يا باشا، الهانم عندها حق، الخدم دول يحضروا فرح ياسين؟


رشدي ضاحكًا: متفكوكوا شوية وبطلوا ملل!

أكمل وهو يضحك بسخرية: بلاش شغل العواجيز ده، ولا عوانس  الفرح! ..... ولا  بيسموهم  ايه دول؟ اللي طول الفرح يقعدوا يتريقوا على الناس؟ اسمهم إيه يا فيفي؟ يضحك.


فريدة وهي تضحك: مش عارفة، اسأل منى! بس أول مرة يبقى عندك حق.


منى: وأنا أعرف منين كلام البيئة ده؟


طه مقاطعًا: ركزوا في الفرح وبطلوا الكلام ده.


تنهدت فايزة بضجر.


على خشبة المسرح، كان ياسين وهبة يتبادلان

النظرات المليئة بالحب والسعادة. كانت هبة ترتدي فستان زفاف فاخر بتصميم عصري وأنيق، يجسد الأنوثة والجمال، بينما كان ياسين يظهر في بدلة سوداء أنيقة مع رباط عنق يكمل مظهره الملكي. كانت الأضواء تسلط عليهما، وكان الجميع ينظر إليهما بتأثر وإعجاب.


وفي تلك اللحظة، بدأ عرض الفيديوهات التي تم تحضيرها خصيصًا لهذا اليوم، حيث عرضت اللحظات الجميلة التي جمعتهما معًا، من أول لقاء لهما وحتى تلك اللحظة السحرية. الجميع كان يتفاعل مع الفيديوهات، بعضهم يمسح دمعة، وبعضهم يبتسم.


ثم جاء دور رقصة العريس والعروس، حيث بدأ ياسين وهبة رقصة مشتركة، والمحيطين بهم يصفقون ويشجعون. كانت الحركات ناعمة وراقصة، وكأنها تعبير عن الحب الكبير الذي جمع بين قلبيهما. الضيوف يرقصون معهم، وأضواء القاعة تتناغم مع الموسيقى.


ياسين وهو يتمايل وهبة بين احضانه قال بعشق: أوعدك إني من اللحظة دي هعيش بس عشان خاطر أسعدك وأعمل لك كل حاجة تخليكي مبسوطة

وأيامنا كلها هتكون سعادة فرح ونحقق احلامنا سوا


هبة: أنا متأكدة إن كل أيامنا هتكون سعادة وفرح عشان احنا بقينا مع بعض وبنحب بعض، أنا بموت فيك يا ياسين.


ياسين: وانا كمان بحبك قوي ضمها ولف بها بسعادة وفرح. 


كان هذا الفرح ليس مجرد احتفال بالزواج، بل كان حلمًا تحقق، وعلاقة صادقة بين قلبين متصلين بحب لا يعرف الحدود.


وفي اليوم التالي، ذهب ياسين وهبة إلى برشلونة.


مظهر عام لمدينة برشلونة ، فهي مدينة تاريخية مليئة بالمعالم السياحية التي تروي قصص الماضي.


في صباح مشرق في برشلونة، كانت الشمس تشرق على البحر، والجو كان جميلًا للغاية. كان ياسين وهبة يمشيان معًا في شوارع لا رامبلا"، وكل شيء من حولهم كان مليئًا بالحركة، الناس كانوا يضحكون ويتحدثون، والهواء كان عليلًا، وكأنهم في عالم آخر.


كانت هبة ترتدي فستانًا خفيفًا بألوان زاهية، بينما كان ياسين يرتدي قميصًا أبيض وبنطلونًا، لكنه بدا في غاية الأناقة. كانا يبتسمان دائمًا وكأنهما لا يصدقان أنهما في هذا المكان.


وقف ياسين أمام كشك صغير: يلا جربي الشوكولاتة دي، سمعت إنها مشهورة هنا.


ابتسمت هبة: ماشي، أنا بحب الشوكولاتة، إن شاء الله تكون حلوة.


اشترى ياسين كوبين من الشوكولاتة الساخنة وقدم لها واحدًا: خدي، ده أجمل مشروب في برشلونة.


احتست هبة: ميرسي، طعمه جميل جدًا فعلا.


ياسين: تعالي نتمشى يا مزتي 


وبعد أن انتهيا من الشوكولاتة، قررا التوجه إلى بارك غويل كان المكان مليئًا بالطبيعة والألوان، والمباني التي صممها غاودي كانت ذات شكل غريب وسحري. كانا يمشيان معًا وسط الأشجار والممرات الحجرية، فقالت هبة.


هبة وهي تنظر للطبيعة من حولها:المنظر هنا مش معقول! وكأننا في فيلم.


ياسين بنظرات عاشقه: وأنا جنبك، كل حاجة هنا بتبقى أجمل. حسيت إني في مكان مش زي أي مكان تاني. الدنيا دي فعلاً مش زي أي حاجة قبل كده وأنا معاكي


هبة بحب: وأنا كمان، مفيش حاجة زي اليوم ده. لو كل الأيام تبقى زي النهاردة، مش هحتاج حاجة تانية.


ياسين وهو ينظر داخل عينيها: أنا من زمان بحلم باللحظة دي، إننا نكون سوا في مكان زي ده، لوحدنا. وكل لحظة أقرب من التانية.


ضحكت هبة: وأنا كنت بحلم باللحظة دي، بس الحقيقة إنها أحلى بكتير من كل الأحلام اللي كنت شايفاها.


تبادلا النظرات بصمت وعشق واكملا سيرهما في حديقه 


بعد أن مشيا في الحديقة قليلًا، قررا الجلوس على مقعد حجري في وسط الحديقة. مسك ياسين يدها: أنا مش عاوز اللحظة دي تخلص. نفسي اليوم ده يفضل مستمر طول العمر.


تبتسم هبه بخفة، عيونها تتأمل في عينيه: وأنا كمان، بس أكيد الحياة مش دايمًا هتكون زي النهاردة. لازم نعيش كل لحظة وكأنها آخر لحظة. ومهما مر الزمن، اللحظة دي هتفضل محفورة في قلبي. 


نظر ياسين: طب لو الحياة مش هتكون زي النهاردة، خليني أعيش معاكِ كل يوم زي النهاردة. معاكِ بس، معاكِ في كل مكان. 


هبة تبتسم برقة: طول ما إحنا سوا أنا متأكدة. بقولك إيه يا ياسين؟ كنت عايزة أتكلم معاك في موضوع. إحنا أول ما نرجع، هنروح القصر ولا هنروح على فيلتنا؟


ياسين ينظر إليها بحب وتفهم: زي ما تحبي، اللي أنت عايزاه أنا معاكي فيه. 


عدلت هبة من جلستها، فكرت قليلًا ثم ردت بجدية: بص بصراحة، أنا حابة نكون في القصر لما تكون ماسة وسليم موجودين، غير كده لا.


ياسين يفكر قليلًا ثم يقول بعقلانية: بصي، أنا معنديش مانع، انا حابب تكون لينا حياتنا بعيده عن القصر، بس انا عايزك ما تربطيش حياتنا بحياة ماسة وسليم، عشان حياتهم شويه غريبة وليها وضع خاص، يعني ماسة مش مقبولة زي ما أنت عارفة في القصر من ناحية ماما، لحد اللحظة دي مش قادرة تتقبلها. لكن أنت حاجة تانية.


هبة: طب ما أنا زيها، أنا بحس إن الهانم مش حباني. 


ياسين متعجباً: ليه بتقولي كده؟


هبة رفعت كتفها لأعلى: ما أعرفش، هي ما قالتهاش، بس أنا حاسة إن عينيها بتقول كده.


ياسين يتنهد بهدوء قال بعقلانية: لا خالص صدقيني هي بتحبك انتي لسه معرفتهاش كويس عشان تصدري أحكامك، بصي، إحنا هنرجع القصر، ولو ما عجبكيش نروح الفيلا. بس زي ما قلت لك، ما تربطيش تواجد ماسة وسليم بحياتنا.


هبة: تمام. بس جميلة برشلونة، كويس إني ما رحتهاش قبل كده، ورحتها معاك.


ياسين تبسم بحب: أنا برضه ما زرتش برشلونة قبل كده، وعد مني، كل فترة هأخدك وهوريكي بلاد ما كنتش سافرتيها قبل كده.


هبة: موافقع، أنا اصلا ما سافرتش بلاد كتير، يعني سافرت لندن وكندا وأبوظبي، روحت مراكش في المغرب بس. 


ياسين رفع حاجبه متعجباً: بس كده؟ لا، ده إحنا هنلف العالم مع بعض، خصوصًا تركيا


هبة تضحك برقة، عينيها تشع سعادة والحماس: وأنا موافقة


بعد قضاء ياسين وهبة شهر العسل في برشلونة، مدينة السحر والجمال، عادوا إلى مصر، وكانت أيامهم مليئة بالسعادة والحب. ومع مرور الوقت، كانت حياتهم معًا تسير في تناغم وجمال، لكن هبة بدأت تشعر بالغربة في القصر. هي لم تكن معتادة على هذه الحياة؛ في منزلها كان التواصل والحميمية جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، حيث كانوا جميعًا يحبون بعضهم البعض ويعيشون في جو من الود والتقارب. أما في القصر، فلم يكن هناك أي من هذه الروابط؛ كل فرد يعيش في عالمه الخاص، وهو ما جعل هبة تشعر بالعزلة رغم أنهم في نفس المكان. بالطبع، كانت ماسة وفريدة هما الأقرب إليها، لكن الغربة داخل القصر بدأت تؤثر عليها.


💞_______________بقلمي_ليلةعادل⁦。⁠◕⁠‿⁠◕⁠。⁩


قصر الراوي العاشرة صباحاً.


جناح سليم وماسة.


كانت هبة تجلس على الأريكة، بينما كانت ماسة جالسة بجانبها تتبادلان الأحاديث.


هبة بلهجة متعبة بحيرة وهي تتحسس راقبتها: حاسة إني مش مرتاحة. مفيش حاجة واضحة، بس في حاجه غلط، مش قادرة أفهمها.


ماسة بدهشة: هو في حد بيضايقك؟


هبة تهز رأسها بلا: لا خالص. بالعكس، كل واحد في حاله. بنشوف بعض صدفة مش قادرة أشرح، حاسة بالخنقة، في حاجة غريبة. مود مش حلو هو انتي مش حاسة بنفس إللي أنا حساه يا ماسة.


ماسة تبتسم بحزن: مش عارفة، أصلاً أنا أغلب وقتي زي ما أنتي عارفة، يا عند ماما يا في فيلتنا، مش بقعد هنا كتير. بآجي بس عشانك والله.


هبةبصوت منخفض: وأنا كمان... بس أنا زعلانة منك يا ماسة. إنتي ضحكتي عليا.


ماسة مستغربة: ضحكت عليكي في إيه؟


هبة بحزن: قلتي لي إن فايزة هانم حد كويس وجميل، بس أنا حاسة إنها ست "حادة" جدًا.


ماسة تبتسم بخجل: بصي،أنا قلتلك ده من وجهة نظري وتعاملي معاها.


هبه باعتراض: من وجهة نظرك ايه يا ماسة؟ دي بتعاملك من مناخيرها، أو مافيش معاملة أصلاً. أنا ما شفتهاش مرة حتى بتقولك صباح الخير، أو حتى كلمة عادية، ده و أنا قاعدة معاكي بتقول لي: "صباح الخير يا هبة ما بتقولش "صباح الخير يا ماسة وبتتجاهلك.


نظرت ماسة إليها بتفهم: يا ستي، عادي. أنا اتعودت. سيبك مني، إنتِ متضايقة منها ليه؟


هبة بتنهيد وعدم راحة: ماعرفش، بحسها جامدة كده، هو ما حصلش بينا حوار، بس مش عارفة ليه مش قادره احبها قلبي مقفول منها، ومنى دي؟ يا نهار أبيض، فظيعة! وصافيناز وعماد يا ستار عليهم... قلبي مش مرتاح لهم ولا رشدي حاجة مالهاش وصف، حقيقي؟!، أحسن ناس هنا هما سليم وطه وإبراهيم وفريدة، وطبعًا إنتِ، حتى طة برضو، نص نص، عشان بتاع مراته اوي! وأنا محبش الراجل اللي من نوع ده حتى لو طيب.


ماسة: طب والحل هتعملي ايه؟!


هبة تبتسم بحزن: مش عارفة، هقلل أكيد من تواجدي هنا، وياسين مش هيقول أي حاجة، أنا حاسة إني في مكان غريب؟ مش عارفة، الحياة هنا مش نفس اللي تعودت عليها.


تنهدت ماسة بينما كانت تحاول أن تجد الكلمات التي تُريح هبة. لم تعرف ماذا تقول، لكن كان واضحًا أن هناك شيئًا ما يثقل قلب صديقتها.


ماسة: أنا الفترة الجاية مش هكون هنا عشان عندي

امتحانات عشان داخلة الثانوي ادعي لي أنجح.


هبه: ربنا معاكي يا حبيبتي خلاص لما ترجعي تاني يبقى نرجع سوا ونخرج بقى وتكون داليدا رجعت من لندن.


ماسة: اتفقنا.


وخلال تلك الفترة، كانت علاقة هبة وفايزة متوترة دائمًا ومليئة بالصدمات. لم تستطع هبة الانسجام مع أفراد القصر، خاصة مع فايزة، التي كانت تعارض بشدة علاقة هبة بماسة.


في فيلا عائلة ماسة الواحدة مساءً 


كانت سلوى تجلس في الحديقة، محاطة بالخضرة والنباتات، تغرق في قراءة أحد الكتب. بعد قليل، اقتربت ماسة منها بابتسامة كبيرة، ثم قامت بعناقها بحب.


ماسة بحب: حبي، عاملة إيه؟


سلوى تبتسم بسعادة: الحمد لله يا مسموسة، أخبارك إيه؟ مبروك!


ماسة بابتسامة عريضة: مبروك لينا إحنا الاتنين! ماما فين؟


سلوى بنظرة موجهة ناحية الفيلا: ماما جوه.


ماسة تبتسم: طب أنا هروح أسلم عليها، وهأجي أقعد معاكي.


بينما كانت ماسة تتجه نحو المنزل، كان مكي يقف بعيدًا عنهم قليلاً، يراقب المشهد بابتسامة خفيفة على وجهه. كان نظره موجهًا نحو سلوى وماسة، لكنه ظل صامتًا.


ماسة وهي تلتفت إلى مكي: مكي، خلاص، امشي إنت، سليم هياخدني بالليل.


مكي بابتسامة هادئة: تمام.


تبادل مكي وسلوى نظرة خاطفة، كانت سلوى قد لاحظت نظرته لكنها لم تهتم. بدلاً من ذلك، جلست بسرعة مرة أخرى، وواصلت قراءة كتابها. بينما كان مكي يقف قليلاً، مترددًا، ثم اقترب منها قائلاً بحذر.


مكي بصوت هادئ: مبروك.


سلوى بتردد، دون النظر إليه مباشرة: الله يبارك فيك.


ظلت سلوى تركز ف قراءتها، بينما كانت نبرة مكي تعكس قليلًا من التردد، لكن سلوى لم تعره أي اهتمام، مسح مكي على وجهه بتحرك متسارع نحو السيارة، قبل أن يخطف نظرة مشتاقة نحو سلوى، ثم يرحل.


مكي وهو يجلس في السيارة، يتحدث بنبرة مليئة بالتفكير: قربنا أوي... كلها ٣ سنين أو ٤


نظر إلى الطريق أمامه، وكأن الكلمات التي قالها تملأ عقله بأفكار متعددة، بينما استمر في قيادة السيارة وهو يفكر في المستقبل بإبتسامة مشرقة


في قصر الراوي - الحديقة 


كانت الحديقة مليئة بالألوان والحياة. جلست هبة وماسة معًا وسط الطبيعة، يتبادلان الضحكات والأحاديث الدافئة. استعرضتا أزياء من مجلات الموضة وشاركتا لحظات من السعادة الخالصة، ومن الشرفة العلوية، كانت فايزة تراقبهما بصمت، بعينين تحملان مزيجًا من الضيق والاستياء.


حين لاحظت فايزة ماسة تغادر الحديقة متجهة نحو الداخل، قررت النزول بخطوات ثابتة هبطت السلم حتى وصلت إلى الحديقة وجلست بجوار هبة التي كانت لا تزال مبتسمة.


فايزة وهي تحرك يديها بتململ: أمال ماسة فين؟


هبة: راحت تعملنا جيلي.


ضحكت فايزة ضحكة تحمل معاني خفية، ثم قالت بسخرية واضحة: أنا مش قادرة أفهم... لحد إمتى هتفضل كده؟


هبة بتعجب: سوري، مش فاهمة.


فايزة بتنهيدة: يعني مش قادرة تنسى أصلها.مع إنّ فات حوالي ٣ سنين على جوازها من سليم. ولسه مش قادرة تسيب وراها الماضي القذر بتاعها... مطبخها الحقير اللي خرجت منه.


هبة بهدوء لكن بحزم: أنا مش شايفة إن فيها أي مشكلة خالص إنها تعمل بإيديها جيلي أو أي حاجة يعني! وأنا شخصيًا أحيانًا بعمل أكل لياسين، اللي أنا بعرف أعمله. إحساس إنك تعملي حاجة بإيديك لجوزك أو لأي حد بتحبيه ده شيء جميل جدًا. حضرتك يمكن ما جربتهوش، لكن لو جربتيه مرة، حتى لو حاجة بسيطة زي تقطيع خيار لشخص بتحبيه، هتحسي بالسعادة.


فايزة ببرود: يمكن أحس بسعادة وأنا بعمل حاجات تانية كتير. كل واحد لازم يعمل شغلانته، مش كده؟


هبة بعقلانية: حضرتك حرة، لكن أنا برضه مش شايفة، أن في أي حاجة غلط في اللي ماسة بتعمله. هو يعني ما حصلش قبل كده إن أي حد من بناتك أو حتى منى عملت حاجة لجوزها؟ لو ده ما حصلش، يبقى فيه مشكلة حقيقية.


فايزة بحدة: أنا شايفة يا هبة إنك قربتي اوي من ماسة مؤخرًا. هي مش من سنك، ولا من طبقتك، ولا حتى شبهك عشان تكونوا قريبين بالشكل ده.


هبة بدهشة: أنا مش فاهمة، إيه المشكلة لما أقرب من ماسة؟


فايزة بحدة: قلت لك، هي مش من سنك.


هبة بثقة: بصراحة، ده شيء يخصني لوحدي. أنا كبيرة كفاية وعندي وعي كافي عشان أختار أصدقائي. أهلي مربيني كويس ومديني حرية اختيار علاقاتي، والحمد لله لحد النهارده اختياراتي سليمة.


فايزة بلهجة صارمة: بس المرة دي، أعتقد إنك غلطتي.


هبة بهدوء: ده رأيك، لكن من وجهة نظري أنا ما غلطتش. ماسة مرات ابن حضرتك. المفروض ما يبقاش ده موقفك منها.


فايزة بانفعال: هو أنا اللي هتعلم منك إيه اللي ينفع وإيه اللي ما ينفعش؟


هبة بثبات: لا طبعًا، لكن بما إنك سمحتي لنفسك تتدخلي في اختياري لأصدقائي، يبقى ليّ الحق أتدخل وأقول رأيي في طريقة معاملتك لماسة.


فايزة بحزم: هبة، ما تنسيش نفسك.


هبة تنظر إليها بثبات وتنهض: أنا ما نسيتش نفسي يا هانم. بعد إذنك.


نظرت لها فايزة وهي تجز على أسنانها، توقفت على أمل أنها تحاول أن تأخذ حقها من هبة.


فايزة: ممكن أعرف بقى هتفضلي لحد إمتى حارمة ابني من الخلفة؟ إنتِ داخلة على سنة. 


توقفت هبة وهي تحاول الثبات وإمساك نفسها لكي لا تقوم بتوبيخ فايزة، ثم التفتت بابتسامة وقالت:

دي برضه حاجة تخصني أنا.

أنا وياسين مقررين ده من قبل ما نتجوز وهو وافق. لو في عنده مشكلة في الموضوع ده أظن لازم يكلمني. ومادام هو ما كلمنيش يبقى ما عندوش مشكلة،


حاولت فايزة استفزازها: بس انتي بقى عندك 23 سنة هتفكري تجيبي طفل امتى هو من حقه يكون له ابن، أنا خلفت طه وأنا عندي ١٨.


هبة: والله لما أحس نفسي اني قد المسؤولية دي أكيد هجيب، وبعدين أنا عندي 23 سنة مش 53 سنة أنا اللي قدي لسه ما ارتبطوش أصلاً وبعدين أنا مستحيل أخلي الدادة هي اللي تربي ولادي مش واخدة على كده، بعد اذنك بقى. 


غادرت هبة الحديقة بخطوات ثابتة، تاركة فايزة تجلس بمفردها، تفكر في كلماتها التي أصابتها بالغل 


قالت فايزة: حقيرة إنتي كمان طلعتي حقيرة. 


في غرفة نوم هبة وياسين 


كانت هبة تجلس على السرير  وتبدو متضايقة. يدخل ياسين الغرفة ويلاحظ تعابير وجهها.


ياسين مستغربًا: إيه اللي حصل؟ ليه متضايقة كده؟


هبة بتنهد: ماعرفش والدتك مش حباني ليه على طول جافة جدًا معايا.


ياسين مستغربًا: جافة؟ إزاي؟؛


هبة بغضب: مش عارفة هي ليه متضايقة من علاقتي بماسة، مش فاهمة دي حياتي وأنا حرة أختار علاقاتي وأعمل اللي أنا عايزاه.


جلس ياسين بجانبها: وبعدين؟


هبة بتنهد: كمان اتدخلت في موضوع الحمل، وقالت لي ليه مأجلاه؟ وأنا جاوبتها أنا وأنت متفقين على الموضوع ده من قبل ما نتجوز، ولما يجي الوقت المناسب أكيد هفكر أجيب بيبي لأني أنا اللي هربي، وهشيل المسؤولية وأنا دلوقتي مشغولة في دراستي.


ياسين محاولًا الفهم: وبعدين 


هبةبغضب: وقالت لي إنتي كبيرة وعندك 23 سنة، ولازم تفكري في الإنجاب. وأنا جاوبتها إني مش جاهزة.


ياسين: وقالت إيه تاني؟


هبة بتنهد: قالت لي إنها نفسها تفرح بأولادك، واني أبطل الدلع بتاعي ده وإنها خلفتكم وهي لسه يا دوبك ١٨ سنة وبرده قعدت تاني فتحت موضوع ماسه إنتي ليه مصاحباها أوي هي مش سنك ومش زيك، بصراحة أنا كنت هقول لها وانتي مالك بس مسكت نفسي بالعافيه احتراماً ليك، قلت لها طب بعد إذنك ومشيت


ياسين حاولًا تهدئتها قال بعقلانية: طيب، مش لازم تاخدي الكلام ده على أعصابك، الكلام عادي جداً كل أم بتقوله لمرات ابنها وأكيد والدتك كمان بتقول لك هاتي ولد او بنت نفسي أشوف أحفاد والا أنا غلطان.


هبة بحزن: حاسة بجد إن خصوصيتي هنا منهكة.

وأن والدتك فعلاً كرهاني خصوصا لما بتشوفني قاعدة مع ماسة بيركبها عفريت. 


ياسين بحنو: هبة خصوصية ايه اللي منهكة، ماما مش بتتدخل في حياة حد. احنا عيلة شبه مفككة، عايشين مع بعض لكن كل واحد في حياته الخاصة.


هبة بضيق: يعني أنا بكذب عليك. 


ياسين بهدوء: لا أنا بس بفهمك ان الموضوع ما لوش أي علاقة انها بتنتهك خصوصيتك، صدقيني يا هبة، في موضوع ماسة أنا معاكِ تمامًا، لكن في موضوع الحمل، هي كانت بتقول لكِ كده عشان نفسها تفرح بابني زي ما قالت لك وإن كل اخواتي خلفوا على طول.


هبة متنهدة: مش قادره أتحمل كده بجد مامتك أنا مش قادرة أستوعبها، أنا مش هقول لك انها مش كويسة معايا بس فيها حاجة كده مش مخلية بينا في كيميا، كمان قصركم ده على قد ما هو كبير على قد ما هو بجد غريب ويخنق،، أنا دلوقتي عرفت ليه ماسة ما بتحبش تقعد هنا.


ياسين بابتسامة خفيفة: طب يلا، لو حابة نروح نقعد في الفيلا بتاعتنا؟


هبة بتنهيدة: آه، نفسي بجد نروح.


ياسين بابتسامة رقيقة:حاضر، يا ستي نروح، على فكرة إنتي اللي بتجيبيني هنا.


هبة: أنا وماسة متفقين لما تبقى هنا أنا ببقى موجودة. 


ياسين بمهاودة: حاضر وأنا هكلم ماما إنها ملهاش علاقة بيكي اجهزي لحد ماجي..


جناح فايزة وعزت


عزت جالس على الأريكة بجانب فايزة، بينما ياسين يجلس على المقعد المقابل، ويبدو عليه الضيق.


ياسين: بصوت حازم، محاولاً الحفاظ على هدوئه ماما، لو سمحت، ما لكِيش علاقة بهبة تاني ولا بعلاقتها بماسة، ولا بموضوع الخلفة بعد إذنك.


فايزة بغضب: يعني إيه؟ أنا اللي مفروض كنت أقولك لكن أنا ما رضيتش أعمل مشكلة وسكت، لكن راحت هي تشتكي لك؟دي طلعت بنت مش كويسة


قطب ياسين حاجبيه، ثم تحدث بنبرة جادة: 

ماما لو سمحتي،بلاش الأسلوب ده ،إيه المشكلة لما تحكي لي حاجة ضايقتها؟ أمال تحكي لمين؟


فايزة باستفزاز: ما عندك ماسة ما بتقولش لسليم حاجة! رغم إنها مرت بالأسوأ منه بكتير


ياسين بحيرة: تصدقي، أنا مش فاهمك. أوقات تشكري في ماسة وأوقات تغلطي فيها. أنا بجد مش فاهمك. 


عزت: هي والدتك كده. حكاية متاهة ملهاش آخر.


فايزة مقاطعة: قولتكم قبل كدة، أنا ما عنديش مشكلة مع ماسة غير أصلها الواطي. لو كانت زينا، ما كانش هيبقى عندي مشكلة، بلعكس كنت هكون داعمة ليها جدًا.


ياسين بهدوء: عموماً يا ست الحبايب؟ ده مش موضوعنا، لو سمحتِ ما تتكلميش مع هبة تاني،. أنا بحب ماسة، وما عنديش مشكلة أبدًا إن مراتي تكون صديقتها المقربة. أنا مش زي حضرتك ببص للناس من أصلهم، يهمني الأخلاق...

وموضوع الخلفة. ده قراري، وأنا مش عايز أخلف دلوقتي...

بعدين حضرتك من إمتى بتتدخلي في خصوصياتنا؟


فايزة بغضب: أنا ما اتدخلتش في خصوصياتك.


عزت محاولًا التخفيف: ياسين، فايزة ما غلطتش لما اتكلمت مع هبة في موضوع الخلفة، هي من حقها تتكلم معاها مادام بتكلمها بكل هدوء وبكل احترام، وانت عارف والدتك وأسلوبها  هبه بس حساسه شوية؟!


أما موضوع ماسة، مش هقدر أقول لك حاجة فيه. أنا تعبت، وكلنا زهقنا.. فخلي هبة تتعلم أنها تسمع من هنا وتخرج من نفس الودن، فايزة. هتفضل طول عمرها كده، نفس الكلام الممل ما بيتغيرش، هي ما بتزهقش.


فايزة متعجبه نظرت له: ايه كلام اللي بتقوله ده يا عزت؟! انت سامع نفسك؟؛


عزت: بقول الحقيقه أنتى موقفك من ماسة مستحيل يتغير بعرف ابنك ومراته طريقه التعامل


ياسين: فعلا هعمل كدة.


فايزة تنظر من أعلى لأسفل لياسين: بقيت زي أخوك بالظبط حاسة إني شايفة سليم قدامي 


ياسين يتنهد: ممكن أفاجئك وتلاقيني أسوأ منه. عموماً، أنا قلت لحضرتك اللي عندي. بعد إذنك.


خرج ياسين وتوجه للخارج، تنظر فايزة لآثاره بغضب: ماشي يا هبة حاضر.


عزت بحدة: أنا مش هتكلم عشان أنا حقيقى تعبت منك.


وبالفعل، ذهب ياسين وهبة إلى فيلتها، ولم يعودا إلا بعد فترة. وفي ذلك الوقت، كانت ماسة قد عادت إلى القصر بعد انتهائها من امتحانات الصف الثالث الإعدادي.


بالطبع، ظلت الأحداث والعلاقات على حالها، بنفس التوتر، ونفس البعد، ونفس الجمود، وكأن الزمن توقف دون أن يجد أي فرصة للتغيير أو الإصلاح.


💞_______________بقلمي_ليلةعادل 

بعد فترة)


قصر الراوي العاشرة صباحاً 


المطبخ


نرى ماسة تقوم بعمل قالب كيك. ويظهر عليها السعادة وهي تعده.


وبعد قليل، قامت بتقطيع الكيك ووضعته في طبق بشكل مهندم مع فنجان القهوة وكوب من الماء.


خرجت من المطبخ، كانت  صافيناز وفريدة في الهول مع عماد و طه.


ماسة: أنا عملت الكيك، اتفضلوا الطبق بتاعكم.


وضعته على الطاولة في منتصف الأنتريه، ثم تساءلت: فايزة هانم فين؟


صافيناز: في المكتب.


ماسة: أوكي، عن إذنكم، ازيك يا عماد؟


عماد: بخير، الحمد لله، بس أنتي داخلة لفايزة هانم عادي كدة؟!


ماسة هزت رأسها بإيجاب: اه ايه المشكلة؟!.


عماد: ما فيش مشكلة بس مستغربين يعني أول مرة؟!


ماسة: محتاجة أتكلم معاها شوية، يعني فات سنين أظن جه الوقت إني أتكلم معاها وخاصة إني بقيت قد المواجهة دلوقت.


طه: تمام فعلاً في لحظات فيها بيبقى محتاجين نبقى أقوياء عشان نعرف نكون قد المواجهة بالتوفيق يا ماسة.


تبسمت ماسة له، توجهت إلى المكتب، طرقت الباب الذي كان مفتوحًا وتوقفت في انتظار الإذن. سمعت صوت فايزة يرحب بها، دخلت بابتسامة لطيفة.


ماسة: فايزة هانم، عملت لكِ فنجان قهوة وكيك. أتمنى يعجبوكِ.


رفعت فايزة عينيها باستغراب: ده من نفسك كده؟


جلست ماسة على المقعد الأمامي للمكتب بحماس وسعادة.


ماسة بابتسامة ورقي: بصراحة، أهاا أنا عندي علم ان حضرتك بتحبي الكيك بالشوكولاته وبتحبي تشربي معاه قهوة سادة، فحبيت أعملهم لكِ بإيديا وأتكلم مع حضرتك شوية لو ممكن.


فايزة التي كانت تراقبها من أعلى لأسفل، وهي تتحرك في مقعدها يميناً ويساراً حاولت أن تستنبط منها ما تريده، ثم تحدثت بلهجة استعلائية، وخنافة: قولي، أنا سامعاكي.


أخذت ماسة نفسًا عميقًا وهي تركز في ملامح وجهها، محاولة إيجاد طريقة للتواصل مع فايزة.


متسة بعقلانية ممزوج بنبرة مليئه بالعاطفة: أنا عارفة إن الكلام اللي هقوله كان المفروض أقوله من زمان، من وقت ما دخلت القصر من أكثر من سنة تقريبًا، بس كنت بخاف ومترددة دايمًا... أنا عارفة إنكم استقبلتوني بشكل لطيف ومحترم، وعمري ما حد فيكم حاول يضايقني! بس برضه، أنا حاسة إن الموضوع لحد دلوقتي مش مقبول..

أنا فاهمة إننا مش متساويين، أو مش في نفس المستوى. أنا مش متعلمة زيكم، ولا بتكلم زيكم، ولا بفهم زيكم. في بينا مسافات وفجوات كتير، بس صدقيني، أنا اتغيرت كتير، حضرتك مكنتيش بتتكلمي معايا لما كنتي بتيجي عند منصور، إنما ياسين وفريدة كانوا بيتكلموا معايا أكتر، فاعتقد إنهم حسوا بالفرق الكبير بين ماسة القديمة وماسة دلوقتي.. 


دققت النظر في ملامح وجهها برجاء:

أنا نفسي في فرصة بس تكون من القلب تكون حقيقية مش مظهر وخلاص، صدقيني أنا نفسي نكون عيلة حقيقية.


نهضت ماسة، وحاولت أن تبين لها مدى التغيير الذي طرأ عليها اضافت وهي تمرر يدها على جسدها:

بصي كده، بقيت إزاي؟ شوفي طريقة كلامي، قعدتي. أنا حتى شاطرة في التعليم ودلوقتي داخلة  أولي ثانوي.


جلست بزاوية ووجهت نظرها إليها، تحاول كسب تعاطفها وتغيير وجهة نظرها:

صدقيني، أنا بحب سليم جدًا وهو كمان بيحبني جدًا. جوازنا بقى أمر واقع، وأعتقد إنه من الأفضل إننا نصلح الحاضر، لأننا لو فضلنا نبص للماضي، مش هنتحرك خطوة لقدام، جربيني، ربينى من أول وجديد كأني بنتك وعلميني وخليني بالشكل المرضي ليكي، وأنا بتعلم بسرعة وشاطرة فبلاش البعد ..


(أضافت بنبرة حزينه بعين ترقرق بدموع: سليم يستاهل يكون ليه عائلة كبيرة حقيقية مش مظهر وبس ..

قلبه اللي حبني مش بادإيده عاقبتوه كتير كفاية ..

يمكن قصادكم بيتظاهر بإنه مش فارق معاه! 

بس صدقيني هي فارقة معه، إنتي مامته وأكيد فاهمة وحاسة بيه ..

لحد امتى هتفضلوا معاقبينه؟ على حاجة مش بايديه! صدقيني مكنش بايده إنه حبني واختارني. 


استمعت فايزة لها بإعجاب، وقد لاحظت التغيير الكبير في ماسة. لأول مرة، اقتربت منها بهذا الشكل بعد كل هذه السنوات ويحدث بينهم ذلك الحوار العميق الذي كان لابد ان يحدث من فترة.


فايزة وهي تمد وجهها بإعجاب: إنتِي طلعتِ بنت هايلة يا ماسة، مبهرة، حقيقي مبهرة. تخيلي إني كان المفروض أقعد معاكي القاعده دي، من أول ما دخلتِ القصر. بقالك هنا سنة و11 شهر بالظبط ولسه ما قعدناش مع بعض. عجبني كلامك، وهرد عليكِ.


عدلت من جلستها، نظرت إليها بعقلانية وقالت بنبرة مليئه بالعمليه ليس بها اي نوع من العاطفه:

خلينا نتكلم بصراحة، أنا مش هقدر أتقبلك 100% زي ما أنتي عايزة، يعني مش هبقى زي الأم اللي بتحب زوجة ابنها من أول لحظة، يبقى في بينا جو اسري وود والكلام ده، لكن ممكن أوعدك إني هحاول... يمكن المحاولة تنجح، ويمكن تفشل! وانتِ بقى حاولي تبذلي جهدك، لأن فيكي لسة شوية  رتوش من ماسة القديمة، ما تغيرتيش 100%

لكن اللي ممكن أوعدك بيه، وده عشان سليم بس، إني هحاول أتعامل معاكي بشكل أفضل. هقلل من الحدود شوية، لكن أكتر من كده، ما تحلميش يا ماسة ..

مررت عينيها عليها بتكبر: من غير زعل وبصراحه اكتر إنتي هتفضلي بالنسبه لي ماسة بنت سعدية الخدامه ومجاهد الفلاح والمطبخ هو مكانكم الطبيعي مش القصر، بس زي ما قلتلك هخلي فيه شويه تعامل ما بينا بسيط وده عشان خاطر عيون سليم.


ماسة بثقة، تنظر لها بعينيها المملوءتين بالعزم:

لكن أنا هخليك تحبيني وتقبلي بيَّ، و الرتوش البسيطة اللي بتتكلمي عنها، أنا هغيرها. هبقى شخص تاني، مش هتعرفيني، وأوعدك إنك هتشوفي فيَّا مرات سليم عزت الراوي، وفايزة هانم إن شاء الله.. أتمنى القهوة والكيك يعجبك. عن إذنك 


نهضت ماسة وتقدمت بعض الخطوات نحو الباب، لكنها توقفت فجأة واستدارت، عيونها مليئة بالدموع والألم.


ماسة بوجع في قلبها:

على فكرة، أنا مش ذنبي إنه حبني واتجوزني، رغم كل البنات اللي شافهم، واللي أكيد أفضل مني.

ومش ذنبي كمان إن ربنا خلقني فقيرة، بنت راجل فلاح بسيط، وست بسيطة اشتغلت خادمة في البيوت عشان تساعد جوزها...

مش ذنبي إن أبويا ما قدرش يعلمني بسبب الفقر، واضطر يشغلنا من وإحنا صغيرين في البيوت علشان نقدر ناكل...

كل الحاجات اللي أنا بقولك عليها مش ذنبي ! 

دي حاجات مكتوبالي ومحدش بيقدر يغير المكتوب .. بس في حاجة الإنسان ممكن يغيرها زي التعليم أنا محطيتش ايدي على خدي واستكفيت زي ناس تانية ! لا.. أنا عايزة اتعلم عايزة أطور من نفسي .. واعتقد نجحت ولسه كمان هنجح ..

مش عيب يا هانم إن الإنسان يتولد فقير ،

بس العيب إنه يرضى بالفقر وما يحاولش يحسن من نفسه .. ولا عيب إن الإنسان ظروفه تخليه يبقى جاهل بس العيب إنه ميطورش من نفسه وميحولش و يسعى إنه يتعلم حتى لو أخذ في التعليم ده سنين .. بس المهم في الآخر يوصل لمراده ..صدقيني أنا فكرت كتير قبل ما أتكلم مع حضرتك الكلام ده، أنا عارفه إنهم كانوا سنة و11 شهر وكلها شهر بالظبط وهكمل ٣ سنين على جوازي من سليم، بس حسيت إنه مينفعش أفضل ساكتة وقافلة على نفسي، وقاعدة في الاوضة، وحاطة حدود وخايفة.. مش منطق .. كان لازم حد فينا ياخد الخطوة دي ولأني متأكدة إنها عمرها ماتيجي منكم أنا أخذتها .. ومش فارق معايا أي حاجة... أنا خلاص بقيت مرات سليم فلازم بقى تبدأوا تقتنعوا بالشيء ده ، لأنه صعب يتغير حاولوا تحبوني وتتقبلوني على الأقل عشان خاطر ابنكم يبقى سعيد.. بعد إذنك يا هانم.

قالت ماسة اخر كلمتها تلك بقوه وسيطره

ثم خرجت ماسة، ودموعها تغرق عينيها في صمت.


بينما فايزة تبسمت في هدوء: إنتِ حكايه يا ماسة. مش سهلة، ولا ساذجة زي ما كنا فاكرين. لكن حظك إن عزت اتخذ القرار، ومستحيل يرجع فيه. وأنا مش هقدر أقلل من نفسي وأرجع ألعب معاكِ زي الأول. المهم إنك بعيدة عني، والباقي مش مهم."

💕_________بقلمي_ليلة عادل________💕


بعد مرور شهر قبل عيد الميلاد وزواج سليم وماسة بيوم 



        الفصل الرابع والاربعون ج2 من هنا 


تعليقات