رواية الماسة المكسورة الفصل الثاني الاربعون 42 ج1بقلم ليله عادل

رواية الماسة المكسورة

الفصل الثاني الاربعون 42 ج1

بقلم ليله عادل


{ ~'' سأبقى أحبك حتى و إن لم أراك دائمآ فالمسافات لن تغير بقلبي شيء وستبقى عالق فيه للأبد ، فمنذ أن عرفتك حتى اليوم لم يسرق قلبي شخص مثلك ولم يتمكن أحد من الوصول إلى داخلي مثلما فعلت أنت ''~ }

         

            [ بعنوان النهر الخالد ]

     

وبعد دقائق من الأفكار المضطربة، توجهت ماسة نحوها حتى توقفت أمام طاولتها بصمت ممزوج بتوتر. رفعت لورجينا عينيها لها باستغراب.


لورجينا بتعجب وهي تضيق عينيها: ماسة؟


تبسمت لها ماسة بإرتباك وهي تفرك أصابع يديها بتوتر، ابتلعت ريقها وقالت: إزيك؟


تبسمت لورجينا بلطف: الحمد لله، أقعدي، واقفة ليه؟


ضمت ماسة شفتيها بخجل: يعني مش عايزة أضايقك.


هزت لورجينا رأسها بنفي وقالت بلطف: مش هاتضايق خالص، اتفضلي أقعدي.


هزت ماسة رأسها بإيجاب بابتسامة رقيقة وجلست على المقعد المقابل لها بنوع من التوتر.


فهي حتى الآن لا تعرف لماذا ذهبت لها! وبماذا ستتحدث معها؟ كل ما أرادته هو الذهاب لتتعرف على تلك الفتاة التي شاركتها في زوجها من قبل!!


عادت بشعرها للخلف ومسحت على عنقها بتوتر. تنهدت، فكان توترها ملحوظًا لدرجة أن لورجينا شعرت به بشدة، فتحدثت معها لتشعرها بالراحة.


لورجينا بتساؤل: إنتي لوحدك؟ ولا سليم هنا؟


رفعت ماسة عينيها نحوها: لا، أنا مع صافيناز.


رفعت لورجينا حاجبيها بتعجب: غريبة؟


ماسة باستغراب: إيه اللي غريب؟


لورجينا بتوضيح: يعني هما من وقت ما تجوزتي سليم اختفوا من الساحة! لا بقوا بيجوا النادي ولا الجيم ولا حتى التجمعات العائلية والحفلات، ولما يظهروا تكوني معاهم! مش حاسة إن ده غريب؟


تحدثت ماسة بهدوء وبراءة: بصي، أنا هجاوبك على الجزء اللي عارفاه. أنا رجعت مصر من كام شهر ، طول السنة اللي كنت فيها برة ما كانش فيه علاقة تمامًا، بس لما رجعنا زي ما تقولي كده، بدأوا يتقبلوا الأمر الواقع ويحاولوا يتقبلوا إني مرات ابنهم... علاقتي بفريدة وياسين كويسة جدًا، طه ما أقدرش أقول وحشة ولا أقدر أقول كويسة، هو بيبقى لطيف معايا لما بنتقابل صدفة، صافيناز بتحاول تتقرب مني وتصاحبني، نسيت رشدي برده عادي، الباشا بصراحة مهذب جدًا في التعامل، أما الهانم للأسف لحد اللحظة دي مش قادرة تتقبلني، بس برضه مقدرش أنكر إن عمرها ما عملتلي حاجة، يعني ظهوري معاهم في الوقت الحالي إعلان منهم إنهم خلاص بدأوا يتقبلوني، مش بس بينهم وبين نفسهم، لا كمان وسط أصحابهم والمعارف.


لورجينا بعقلانية: اممم، ممكن. بصي، رضا الهانم مش سهل خالص، بس ما تقلقيش، مع الوقت هتتقبلك زي صافي، لأن قبول صافي وكمان تصاحبك دي حاجة كبيرة. بعدين، اللي يهمك أكتر سليم، إنه بيحبك ومبسوط معاكي، غير كده طز.


ماسة بتأييد: صح.


لورجينا: إنتي فعلاً كنتي شغالة عند منصور؟


هزت ماسة رأسها بنعم: آه، خدامة منصور، إنتي تعرفيه؟ ما شفتكيش في المزرعة قبل كده.


لورجينا: آها، أعرفهم، شفتهم كتير، بس هنا في القاهرة مروحتش المزرعة خالص.


صمتت لثوانٍ وهي تدقق النظر لها، فهي تريد أن تعرف ماذا تريد ماسة منها! أكملت بتساؤل.


لورجينا: ماسة، إنتي عايزة إيه؟


عادت ماسة بشعرها خلف أذنها وزمت شفتيها بحيرة: هتصدقيني لو قلتلك أنا ما أعرفش عايزة إيه؟


عدلت من جلستها قليلاً واقتربت من الطاولة وهي تنظر بتركيز في وجه لورجينا. أكملت: صدقيني، أنا مش عارفة أنا جيتلك ليه؟ جوايا إحساس قوي عمال يقولي روحي اتكلمي معها، بس مجرد ما جيت ووقفت قدام ترابيزتك لقيتني بقول لنفسي: هو أنا إيه اللي جابني هنا؟ أنا عايزة منها إيه؟ لكن ما لقيتش إجابة! ولا حتى كلام! (تنهدت) يمكن قلبي هو اللي سحبني ليكي بعد ما عرفت اللي كان بينك وبين سليم وصل لإيه!! يعني! عايزة أعرف مين إنتي؟ بالرغم إن سليم أكدلي إن كل حاجة انتهت من قبل ما يعرفني  بـ سنتين، ودلوقتي أنا اللي مراته وحبيبته واختارني أنا! بس برضه مش عارفة ليه جوايا الإحساس ده؟


لورجينا بلطف وعقلانية: على فكرة، ده رد فعل طبيعي، حتى لو إنتي في مركز قوة، بس إحساسك وغريزتك ومشاعرك وغيرتك هتخليكي تتصرفي تصرف زي ده، أنا لو مكانك كنت هاعمل كده، هبقى عايزة أعرف مين الست دي اللي كانت تعرف جوزي قبلي وشاركتني في تفاصيله، لدرجة إن كان ممكن يكون له طفل منها.


هزت ماسة رأسها بنعم. أكملت لورجينا بهدوء:

أنا، أنا شخص عادي يا ماسة، ويمكن أقل من العادي، ومعتقدش إني أملك من التفاصيل اللي ممكن تخليكي تشغلي دماغك بيا! لإن مهما كانت مميزاتي!! مقصرتش في سليم، بالعكس ده يمكن أنا اللي كنت محتاجة القاعدة دي مش إنتي!!


زادت من نظراتها بتأثر... فهي التي كانت ترغب في معرفة لماذا اختار سليم تلك الفتاة البسيطة وتزوج منها، وأصبح ضعيفًا لهذا الحد معها، بينما تركها هي، هي التي تمتلك الكثير من المميزات مقارنةً بماسة الفقيرة الجاهلة صاحبة الخامسة عشرة عامًا عندما التقى بها.


أكملت لورجينا بتأثر وعين اغرورقت بالدموع:

أنا فعلاً قولتها لسليم، أنا نفسي أعرف إيه اللي في ماسة خلاك تتجوزها بعد ما كنت مقرر إنك يستحيل تتجوز أو تخلف!! ويوم ما تتجوز تختار بنت بالبساطة دي!! أنا آسفة، مقصدش خالص أي إساءة أو تقليل... بس، أعذريني، إنتي كنتي خدامة، كمان عرفت إنك مش متعلمة ومن الأرياف!!


مررت عينيها عليها بتعجب وحيرة... أكملت!

إيه الميزة اللي فيكي، خلتك يرضى بيكي وبكل عيوبك وبكل الفروق الجوهرية اللي بينكم ويتجوزك؟ إيه الميزة اللي فيكي خلتك يتنازل عن الميراث والعيلة عشان بس يكسبك ويكتفي بيكي؟ وما كانتش محاولة تهديد منه!  تؤ، كانت حقيقة سافر، ومشي ورمى كل حاجة ورا ظهره، وما بصش وراه لثانية واحدة، وما رجعش غير بشروطه، ولما هما طلبوه منه يرجع، خلاهم يقبلوك يا ماسة غصب عنهم... حتى لما سمحلك تحملي، والحمل مكملش، زعل ودموعه نزلت!!


برجاء وضعف اضافت بنبرة مهتزه هاشه: إنتي اللي جاوبيني يا ماسة، إيه المميز فيكي خلا سليم يحبك أوي كده؟ ويتغير عشانك؟ ويبقى بالضعف ده معاكي؟ وشخصيته تتحول للدرجة دي! وأشوف النظرة دي في عينه، النظرة اللي عمري ما شفتها غير ليكي! قوليلي، جاوبيني، ليه اختارك؟ ورفضني بكل مميزاتي؟


كانت تستمع لها ماسة بتركيز وهي متأثرة مما قالته، فقد وصل لها كم الوجع الذي تشعر به بداخلها...

تبسمت لها برقة، وضعت كفها على كفها وربتت عليه بحنان وهي تهز رأسها بنفي.


ماسة بلطف وحيرة: معنديش إجابة، وأعتقد  حتى  هو حتى عنده إجابة!! يمكن لأني مختلفة!!!


أخرجت شفتها السفلية للخارج بعدم معرفة، أكملت:

حقيقي ماعرفش ليه سليم اختارني وحبني كده...

رفعت يدها عن يد لورجينا وأكملت بشغف: 

بس تعرفي، جوايا شغف أعرف سليم القديم كان عامل إزاي؟ الكل بيقولي إن شخصيته زمان كانت حاجة مختلفة مليون في المية، حتى هو أكدلي ده، بس فضولي مخليني عايزة أعرف كان إزاي؟ وبقى إزاي؟ برغم إن سليم طبعه بحسه مازال صعب وغامض شوية.


لورجينا: حتى لو في بقايا من صفات سليم القديمة، أكيد مش زي زمان، وده شيء ملموس جداً. اللي يعرف سليم كويس هيحس بالفرق ده. سليم ما كانش عنده نقطة ضعف، ولا قلب ولا بيؤمن بالحب، كان حاد جداً، شخصية من الأفضل إنك ما تعرفيهاش.


ماسة بإعتراض ودفاع: لا يمكن تكون شخصية سليم بالشكل البشع والمخيف اللي بتحاولوا توصلوه لي خلال الـ24 ساعة؟ ممكن أوقات بتفلت منه حاجات، بيغضب، بيبقى عنيف، لكن دي مرات بسيطة مش دايماً. وإلا مكنتيش حبتيه وسألتيني ليه اختارني وسابك؟


لورجينا بتأييد: بالظبط مش في الـ24 ساعة بيبقى سيكو، لكن سليم معاشرته صعبة. إنتي لازم تنسي الماضي وتنسي اللي فات، خليكي في الحاضر. عايزة إيه من اللي فات؟ ومن شخصيته القديمة؟ إنتي بس عشان لسه صغيرة فضولك مخليكي عايزة تعرفي كل حاجة.


ماسة بإرتباك: ممكن سؤال شوية شخصي؟


هزت لورجينا رأسها بالموافقة، أكملت ماسة حديثها بنوع من الترقب. ابتلعت ريقها واستجمعت قوتها وسألتها بخجل خفيف.


ماسة بتلعثم: هو... هو سليم كان بيضربك؟


ارتسمت على شفتي لورجينا نصف ابتسامة وهي تهز رأسها بإيجاب: آه، كان بيضربني، بس مين اللي قالك؟ سليم؟


ردت ماسة مسرعة بنفي: لا والله، مش هو، حد تاني. لكن اعفيني إني أقولك هو مين.


لورجينا: أكيد مش هيخرج برة رشدي وصافيناز وفايزة، بس عادي. كملي سؤالك.


ماسة بتردد: طب كان بيعتذر منك وبيندم، وبيوعدك إنه هيتغير وما بيتغيرش؟ مهما أديتيله فرص؟


وفور انتهاء ماسة من حديثها، عقدت لورجينا حاجبيها بتعجب، وهي تضيق عينيها وقالت بدهشة:


لورجينا: سليم يعتذر؟ ويقول أنا آسف؟!


هزت ماسة رأسها بنعم بترقب، وهي تتمنى أن تجيبها عن سؤالها، وتتمنى أيضاً أن تكون إجابتها أنه يندم ويحاول أن يتغير، وليست مجرد وعود فقط.


ضحكت لورجينا ضحكة صغيرة بسخرية وأكملت: سليم مابيعتذرش، مستحيل يقول "أنا آسف". كان آخره أوي يقول لي "ماتزعليش، إنتي اللي عصبتيني، إنتي اللي خليتيني أعمل كده، بطلي تعملي اللي بيضايقني,،وأوقات تانية مكنش بيتكلم أصلاً، كان ممكن أنا اللي أروح وأعتذر منه، لكن يندم؟ ويوعد يتغير؟ يستحيل. وكل ده بسبب حب التملك، لإنها ماينفعش يتقال عليها غيرة وحب.


صمتت لحظة، وهي تمرر عينيها عليها وقالت: شكله بيضربك؟


أجابتها ماسة بسرعة، وهي تهز رأسها بنفي: لا، مابيضربنيش.


ابتسمت لورجينا: إحنا اتفقنا نكون صرحاء.


ابتلعت ماسة ريقها بإرتباك، فهي من فتحت الحديث لابد أن تكمله وتكون صريحة كما كانت صريحة معها.


ماسة بثبات نسبي: بصي، هما كانوا تقريباً مرتين تلاتة بس،  وبينهم وقت كبير، وكان بيتأسف لي في كل مرة. وكل مرة اعتذاره وندمه بيكون أقوى، فبسامحه. دموع بتخليني أنسى كل حاجة. أنا بحبه، بس خايفة لو فضل يكررها حبه يقل.


لورجينا بعينين اغرورقت بالدموع قالت بضعف: لما سليم جالي واتكلمنا في موضوع ابني والبيبى بتاعكم، شفت في عينه نظرة ما شفتهاش قبل كده في حياتي، دمعة اتمنيت لو مرة وحدة أشوفها بالغلط ليا، وقتها أدركت إن الموضوع معاكي مختلف تماماً، بس هتصدقيني لو قلت لك أنا فرحانة إنك طلعتي الشخصية دي من سليم؟ أنا طول عمري بحس إن سليم فيه حاجة كويسة اوي، بس محتاج تطلع لبره. أنا حاولت بس ماعرفتش أطلعها، لكن إنتي عرفتي.

( مدت وجهها  بحيرة) يمكن إحنا ما عرفناش نطلع الحلو اللي في سليم، أو ما حاولنا كفاية؟! وما عرفناش، بس أنا حاولت لكن للأسف ما عرفتش.

نظرت لها بتركيز وقالت بنبرة حازمه نوعاً ما اضافت:

أنا مش طيبة اوي زي ما إنتي شيفاني، يمكن اللي مخليني حذرة وأنا بتكلم معاكي إني بخاف من سليم... بس أنا هقولك على حاجة، ماسة بليز لو شفتيني تاني بلاش تتكلمي معايا! لأني مش عارفة المرة الجاية هكون معاكي لطيفة زي ما أنا لطيفة معاكي دلوقتي ولا لأ؟ أنا عايزة أربي ابني بعيد عن أي مشاكل، ومش ضامنة نفسي، لأني بصراحة غيرانة منك وبكرهك. عارفة إنك ما أذيتنيش في حاجة! بس تخيلي كده لما أنا أكون بالشكل ده! ومتعلمة وأهلي ناس كبار! وبعد كل الحب وكل اللي قدمته لسليم والسنين اللي عشناها سوا، يتخلى عني! ويختارك إنتي! فدي لوحدها صعبة عليا!


نهضت ورمقتها من أعلى لأسفل، أكملت بتحذير.: إنتي بنت طيبة قوي وبريئة وده باين عليكي إن سهل يتضحك عليكي بسهولة، وزي ما قولتلك أنا مش ضامنة نفسي. المرة الجاية ممكن أعمل إيه؟! فارجوكي بلاش تكرريه تاني عن إذنك.


ارتدت نظارتها وغادرت.


نظرت لها ماسة وهي تعقد حاجبيها باستغراب على حديثها الأخير! فهو كان تهديد مبطن...


كل هذا وصافيناز تشاهدهما من بعيد بخبث أفعى رقطاء، وفور ابتعاد لورجينا اقتربت صافيناز حتى توقفت أمامها.


صافيناز وهي تسحب المقعد لتجلس: هاي، سوري اتأخرت.


ماسة تساءلت مستغربة: كنتِ فين كل ده؟


صافيناز: ولا حاجة يا ستّي، قابلتني صحفية أخدت مني كلمتين ومشيت.


ماسة: امم... أمال فين أصحابك؟


صافيناز: لسه ما جاشوا، شوية وجايين.


ماسة: تمام.


صافيناز: عملتي إيه لوحدك؟


ماسة: مفيش، شفت لورجينا وقعدت معها، وتكلمنا شوية.


صافيناز بمكر: بجد؟ لا استني بقى، نشرب حاجة وتحكيلي.


❤️______🌹بقلمي_ليلةعادل🌹_______ ❤️


قصر الراوي الرابعة مساءً 


جناح نوم سليم وماسة


نشاهد سليم يدخل من باب غرفته، ممسكًا بين يديه وردة حمراء وشنطة هدايا. مرر عينيه في الغرفة، ثم تقدم واقترب من الشرفة وهو يبحث بعينيه عن ماسة. وضع الوردة والشنطة على الكومودينه... ثم خرج من الغرفة واتجه نحو الدرج. وأثناء هبوطه، قابل إحدى الخادمات.


سليم بتساؤل: عفاف، ماسة هانم فين؟


وأثناء ذلك، اقتربت منه فايزة وهي تقول:


فايزة بلؤم: خرجت.


عقد سليم حاجبيه بتعجب، وقال: "خرجت؟!"


هزت فايزة رأسها بنعم، ثم توقفت أمامه وقالت:


فايزة: اممم، مع صافي... راحت النادي.


أكملت بخبث: هي ما قالتلكش؟


نظرت له بخبث، محاولة استنباط أثر هذا الحديث عليه.


كان يبدو على سليم الضيق لأنها خرجت دون علمه. لكنه حاول الثبات، ولجم غضبه، وأجابها بإقتضاب:


سليم: أنا فوق.


صعد الدرج، بينما كانت فايزة تراقب تحركاته بعينيها حتى دخل غرفته وأغلق الباب. رفعت هاتفها بابتسامة ماكرة، وقالت:


فايزة: سليم جه، ساعة كده. تحركي من عندك.


على إتجاه آخر


جناح سليم وماسة


نشاهد سليم وهو يجلس على الفراش، والغضب يخفي ملامح وجهه. يهز قدميه، ممسكًا بهاتفه، ويقوم بعمل مكالمة. بعد ثوانٍ، رن هاتف ماسة. فور استماعه لصوت الجرس، نظر بعينه نحو الهاتف، فوجدته موصولًا بالشاحن على الكومودينه. جز على أسنانه أكثر وهو يقلب عينيه بتوعد.


بعد وقت


جاءت ماسة وفتحت الباب. فور فتحها للباب، وجدته مازال جالسًا كما هو على الفراش. تقدمت نحوه بابتسامة، ثم توقفت أمامه.


ماسة بإبتسامة ناعمة: كراميلي، جيت إمتى؟


رفع عينيه، التي غامت بسواد الغضب، واتسع بؤبؤ عينيه. قال بجمود: كنتِي فين؟


ماسة ببراءة: كنت في النادي مع صافيناز.


توقف سليم أمامها وهو ينظر لها بتركيز، محاولًا بأقصى قوة أن يلجم غضبه. عاد بذراعيه حول ظهره وشبك يديه ببعضهما من أجل حمايتها، لكي لا يقوم بضربها أو حتى مسكها من كتفها بقسوة. كان يحاول علاج نفسه، وقال:


سليم: إزاي تخرجي من غير ما تقوليلي؟ وسايبة تليفونك ليه؟


شعرت ماسة أن خلف تلك النبرة وتلك النظرات عاصفة قادمة قد تهلكها. تراجعت عدة خطوات للخلف بخوف وقالت بتوتر:


ماسة بخوف وتوتر: كان بيشحن ونسيت، بعدين أنا اتصلت بيك ٣مرات وسبتلك رسالة إني هخرج. والله العظيم مخرجتش من وراك. شوف تليفونك.


سليم وهو يتحدث بين أسنانه: ده مبرر عشان تخرجي من غير ما تستأذنيني، ها؟


ماسة بتبرير: سليم، إنت مش سامعني؟ بقولك اتصلت وسبت رسالة. بص حتى...


أقترب منه وأخرجت هاتفه من جيبه، فتحت رسالتها وأطلعته عليها. أكملت وهي تشير بيدها على الهاتف:


ماسة: بص أهو. كتبتلك: "كراميلي، أنا هخرج مع صافيناز هاروح النادي معها. كلمني لما تفضى.


قلب سليم عينيه التي كانت محمرة من شدة الغضب، وعروق رقبته التي برزت، قائلاً بنبرة جهورية تهتز لها أقوى القلوب:


سليم: ماســـة!


انتفضت ماسة على تلك النبرة المرعبة بخوف.


أكمل سليم بنبرة منخفضة لكنها مرعبة، وهو يقرب وجهه من وجهها: ماردتش يبقى تقعدي في البيت. بعتي رسالة وماردتش عليها، بردو تقعدي في البيت. إنما تكلميني وما أردش عليكي وتخرجي... ده معناه إنك خرجتي من ورايا... (بنبرة جهورية) فهمتي؟


انتفضت ماسة بخوف وهي تهز رأسها بنعم بصمت. كادت دموعها تنهمر من شدة الخوف والتوتر، وبدأت دقات قلبها تتسارع من شدة خوفها.


مرر سليم عينيه عليها، فشعر كم هي متوترة وتخشى منه، ودموعها التي كادت تسقط.


جز على أسنانه بقوة، وكاد أن يفتك بها من شدة الغضب. أغمض عينيه وأخذ يصارع نفسه، يصارع تلك الشخصية الأخرى التي يتحول إليها عندما يغضب ويثور.


كانت هناك أفكار كثيرة تضرب في رأسه كأنها معركة دامية في عقله...


كان يحاول السيطرة عليها بكل قوته، كي لا تهزمه تلك الشخصية وتدفعه لارتكاب أشياء يندم عليها.


أخذ يدور حديثًا بينه وبين تلك الشخصية في عقله بإضطراب، كأنه على حلبة مصارعة يتبادل اللكمات القوية معها على وجهه وجسده. قال لنفسه:


سليم: اهدأ، اهدأ، مكنتش تعرف! بعتت رسالة وكلمتك، إنت مردتش! عادي... خرجت مع أختك، فهمها، ماتعدهاش تاني. الموضوع بسيط. سليم، اهدأ، أوعى تعمل حاجة تندم عليها. الموضوع بسيط، ماتكبرهش. اهدأ... اهدأ، إنت وعدتها إنك هتتغير. لو زعلتها المرة دي هتخسرها  زي ما مروان قالك... سليم، مش نهاية الدنيا إنها خرجت من غير ما تعرف... غلطة بسيطة. اهدأ


أخذت أنفاسه تتعالى بشدة، وضربات قلبه تدق بسرعة حتى شعَر وكأن قلبه يضخ الدم بعنف داخل صدره...


فالصراع الذي يعيشه الآن من الصعب تحمله وتخطيه بسهولة...


فسليم يخوض الآن  معركة داخلية لابد أن يفوز بها وإلا سيهلك...


بعد دقائق من الصراع المضطرب، أخذ نفسًا عميقًا وفتح عينيه بابتسامة...


تقدم نحوها حتى توقف أمامها مباشرة، وزاد من ابتسامته التي ترتسم بجاذبية على وجنتيه، ثم قال بنبرة لطيفة.


سليم وهو يمسح على كتفها: عشقي، خلاص عادي، حصل خير، بس ممكن بعد كده ماتخرجيش إلا لما تعرفيني؟


ماسة ببراءة: بس أنا اتصلت وبعتلك رسالة وكنت مع صافيناز. ماعرفش إنك ممكن تزعل كده... أنا آسفة يا سليم.


سليم بابتسامة وهو يمرر أصابع يده على شعرها بحنان كأنه يتحدث مع طفلته المدللة: عارف يا عشقي، بس لازم أقولك بنفسي روحي، وبعدين إنتي عارفة إني مستحيل أرفض إنك تخرجي، لكن لازم أكون عارف يا روحي، خصوصًا بعد الحادثة إللي اتعرضتي ليها. أنا خايف عليكي يا ماسة، خليكي واثقة من ده. بعدين مش إتفقنا نقول حاضر ونسمع الكلام؟


هزت ماسة رأسها بنعم بابتسامة وبراءة: حاضر.


تبسم لها سليم وقبلها من خدها وتنهد براحة... فقد نجح هذه المرة في الفوز بتلك المعركة واستطاع أن يسيطر على غضبه كما وعدها.


توجه إلى التسريحة وتوقف أمامها وهو يقلع ساعته ويفك أزرار قميصه بتساؤل.


سليم: عملتي إيه بقى في النادي؟


توجهت ماسة إلى الشماعة وجلبت منها تيشرت وبنطال منزلي خاصين بسليم وهي تقول:


ماسة: مافيش. قعدنا نستنى أصحاب صافي ومحدش جه. روحنا لعبنا إسكواش.


اقتربت منه وهي تتقدم له وتواصل حديثها بضحك:

وتعلمت شوية ههههه، بس كان منظري يفطس من الضحك وأنا باجري ورا الكورة ومش عارفة أمسكها ههههه. وأختك ضحكت ضحك عليا لسنتين قدام.


توقفت خلفه وساعدته في خلع قميصه. أكملت:

بس قالتلي إن رشدي أحسن واحد فيكم بيلعبها، خليه يعلمك.


ألتفت سليم لها وأخذ منها التيشرت وهو يرتديه وقال بتأييد: فعلاً، رشدي أحسن واحد بيلعبها فينا... ضيق عينه معلقًا: بس إنتي ناوية تخليه يعلمك؟


تبسمت ماسة وأحاطت خصره بذراعيها وهي تنظر له بدلال: طبعًا لا، قولتلها أنا هاخلي كراميلي حبيبي يعلمني.


هبط سليم عينيه لها وأحاط ظهرها بذراعيه: بس كده، عيون كراميل ليكي.


قبلها من أعلى رأسها بابتسامة جميلة، ابتعد وجلس على مقعد التسريحة وخلع حذاءه وجسده موجه لها...


نظرت له ماسة بتوتر، فيبدو أنها تريد قول شيء. حاولت أن تفتح الحديث معه.


ماسة: حبيبي، أكلت؟


رفع سليم عينيه لها: تؤ على الفطار.


ماسة: طب أخليهم يحضرولك أي حاجة؟


هز سليم رأسه بلا: مش لازم، كلها ساعتين والعشا يجهز.


نهض وبدل ملابسه لملابس بيتية مريحة، كل هذا وماسة تقف أمامه مترددة. تريد أن تروي له ما حدث مع لورجينا لكنها خائفة من ردة فعله. ابتلعت ريقها وقالت:


ماسة بتساؤل: سليم، إنت متعصب؟


رفع سليم عينيه باستغراب: لا، مش متعصب.


ماسة بتوتر: أصل عايزة أقولك على حاجة حصلت النهاردة بس مترددة وخايفة تتعصب.


نظر لها سليم وهو يعقد حاجبيه باستغراب: تقصدي في النادي؟


هزت ماسة رأسها بنعم بإرتباك. أكمل سليم بنبرة مازحة قليلاً:


عملتي إيه يا قطعة السكر؟ اعترفي.


ابتلعت ماسة ريقها بتوتر: هقولك لأني متعودة مخبيش عنك حاجة.


توجهت إلى الباب وفتحته، كان سليم ينظر لها بتعجب. عادت وتوقفت أمامه.


سليم بتعجب: فتحتي الباب ليه؟


ماسة: عشان لو اتعصبت أجري.


تبسم سليم بتأييد: فكرة.


نظرت له ماسة، حاولت استجماع قوتها وقالت بثبات: بص من الآخر، أنا شفت لورجينا وقعدت معاها واتكلمنا سوا.


مال سليم برأسه قليلاً وهو يضيق عينيه باستغراب ليستمع لباقي حديثها.


نظرت له ماسة لكي تستشف تأثير الحديث عليه، شعرت أنه هادئ... أكملت: يعني شوفتها بالصدفة، حسيت إني عايزة أتكلم معاها، سلمت عليها وتكلمنا شوية.


هز سليم رأسه بعدم إكتراث للأمر: ماشي.


ماسة باستغراب: مش عايز تعرف إيه اللي حصل؟


سليم بعدم اهتمام: لو عايزة تحكي، حكي.


ماسة: آه، عايزة... هاحكيلك كل حاجة حصلت.


أخذت تروي ما حدث بالتفصيل لكنها لم تروي له آخر كلمات قالتها لورجينا عندما هددتها. كان يستمع لها سليم بعدم اكتراث، فيبدو أن الأمر عادياً بالنسبة له ولم ينزعج. بعد الانتهاء...


ماسة: بس كده.


سليم: المهم تكوني ارتحتي.


ماسة باستغراب: ارتحت؟! ارتحت إزاي يعني؟


سليم بتفسير: يعني أكيد بعد القعدة اللي إنتي قعدتيها دي، فيه حاجة اتغيرت.


ماسة: هو ماكنش فيه حاجة عشان أرتاح! كل الحكاية، أنا كان جوايا فضول إني أتكلم معاها زي ما حكيتلك، هتصدقني لو قلتلك حتى بعد قعدتي وكلامي معها مش حاسة بأي فرق.


سليم بتأكيد: أكيد فيه حاجة اختلفت، على الأقل ممكن تكوني عرفتي البنت اللي أنا كنت أعرفها قبلك عاملة إزاي.


ماسة هزت رأسها بإيجاب: صح، أنا فعلاً كنت محتاجة أعرف الإنسانة اللي كانت قبلي وكانت مشاركاني في جوزي، وكان ممكن يكون له طفل منها، شكلها إيه، شخصيتها عاملة إزاي كده يعني.


سليم: تمام.


نظرت له ماسة باستغراب: هو إنت مش متعصب؟


سليم بتعجب: هتعصب ليه؟


ماسة: يعني عشان قعدت مع لورجينا واتكلمنا.


سليم بنفي ممزوج بلطف: لا، مش هتعصب، المهم إن إنتي تكوني ارتحتي ويكون قلبك هدي من ناحية الموضوع ده، هو ده اللي يهمني أكتر يا ماسة.


ماسة بتعجب: على فكرة، إنتَ راجل غريب! تتعصب على الحاجة اللي ماينفعش تتعصب عليها؟ والحاجة اللي ممكن تتعصب عليها، تبقى عادي!!!


توقف سليم أمامها وقرصها من خدها بمزاح: معلش، سيكو.


تبسمت ماسة بتأييد: على فكرة ده حقيقي، بس عارف لورجينا؟ لذيذة، طريقة كلامها لطيفة ومتواضعة، يعني مش بتتكلم من مناخيرها وعقلانية وحلوة أوي.


ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة جذابة. لقد فهم ما ترمي إليه، يريدها أن تكمل حديثها: وبعدين؟


ماسة: يعني مش شايفة إن فيها حاجة تخليك تسيبها أو متحبش تكون معها عيلة؟


تنهد سليم وتساءل: من وجهة نظر مين؟


ماسة: المنطق.


اعترض سليم بمزاح: جننتيني إنتي والمنطق بتاعك ده... أكمل بعقلانية... بصي يا ماسة، لورجينا بنت حلوة وعاقلة وفيها مواصفات هايلة، أنا منكرتش ده، بس ماتنفعش تكون زوجة لي! تنفع صاحبتي، لكن زوجة لسليم الراوي، تؤ، هي دي كل الحكاية.


ماسة: يعني ماسة اللي تنفع؟


دقق سليم النظر في عينيها وهو يضم وجهها بكفيه بحب وتأييد: أيوة، ماسة بس هي اللي تنفع. عندك اعتراض؟


تبسمت ماسة بحب: أنا هتغر كده.


سليم: حقك... قبلها من خدها.


ماسة بدلال أحاطت بذراعيها حول خصره: بس عارف، إنت طلعت قد وعدك، أنا أخدت بالي وأنت بتحاول متتعصبش عشان خرجت من غير ما تعرف.


سليم تبسم: أنا وعدتك إني هحاول، وهفضل أحاول لحد لما أكون الزوج اللي بتتمنيه.


تبادلا الابتسامات بحب وضما بعضهما بقوة.


ابتعد قليلاً وهو يمرر عينه عليها بإستغراب قائلاً بمزاح لطيف: بس تعالي هنا، إنتي كل كم يوم تطولي شوية... أنا حاسس كلها سنتين وتجبيني.


ماسة بمزاح: إنت اللي أوزعة.


توسعت عينا سليم باندهاش: أوزعة!!! أنا 180 يا أم لسان أطول منك.


ماسة بعند وهي تضيق عينيها: أوزعة برضه.


سليم: كده!! طب تعالي هنا.


جذبها من ذراعها بقوة وأخذ يقوم بدغدغتها مع محاولة ماسة الهروب، وتعالت صرخاتها وضحكاتها.


ماسة وهي تضحك بتوسل: سليم بس، ههههه، بس عشان خاطري... خلاص ســليم.


سليم وهو يدغدغها بوعيد: مش أنا أوزعة، هوريكي الأوزعة هيعمل فيكي إيه؟


أخذ يدغدغها وهي تحاول التخلص منه حتى وصل إلى الفراش وهو مازال على ذلك الوضع، وهي تضحك.


ماسة وهي تحاول إبعاده: خلاص بقى بجد، أنا اللي أوزعه... ههههه، خلاص بقى بالله عليك مش قادرة... وحياتي عندك.


رفع سليم يده من عليها وهو يضحك: خلاص، بس لو وعدتيها تاني، إنتي عارفة.


ماسة وهي تضحك: لا خلاص، الطيب أحسن... ههههه، أنت بتستقوي عليا عشان أكبر مني، بكرة هكبر وأخد حقي منك... هههه.


أخذ سليم نفسه من الضحك ونظر لها بغمزة: في الإجازة هاننزل نشتريلك شوية حاجات عشان الكام سنتي اللي طولتيهم دول وكمان عشان فيه حاجات كبرت!!


نظرت ماسة له بتعجب وهي تعقد حاجبيها وأخذت نفسها: حاجات إيه؟


وجه سليم نظرات عينيه إلى أماكن أنوثتها...


اتسعت عينيها بخجل وهبطتها لأسفل قائلة: إنت قليل الأدب أوي على فكرة.


سليم بابتسامة: إنتي اللي بتتكسفي أوي، مش فاهم إزاي؟ بس عارفة، برغم إن ماينفعش تتكسفي لأني جوزك ولإننا بقينا واحد، بس بحبك وبعشق خجلك، ومش مدايقني ومتقبل منك كل حاجة يا قطعة السكر... قبلها في إحدى عيونها.


مرر عينه عليها بحب وهو يمرر أصابع يده على وجنتيها... أكمل بعشق: عارفة أحلى حاجة في موضوع جوازنا وإنتي صغيرة إيه؟ حتى لو هو غلط!!!


ماسة برقة: إيه؟


زاد سليم من نظراته العاشقة بنبرة تتلألأ على أنغام العشق: إننا اتجوزنا وإنتي صغيرة، يعني هاعيش معاكي وهشوفك بعينيا وإنتي بتكبري، وملامحك بتتغير، وجسمك بيكبر... تفاصيل حلوة أوي، إحساس جميل مش هيحس بيها غير الزوج اللي عاش التفاصيل دي مع شريكة حياته وحب عمره.


ماسة وهي تمرر أطراف أصابع يدها على لحيته وتركز النظر داخل عينيه: وأنا كمان فرحانة إني هاعيش معاك المراحل دي، وإني كمان هاشوفك وإنت بتكبر من شاب عشريناتي لراجل ثلاثيناتي، ومش بس كده! لا.. هنفضل نكبر ونكبر سوا لحد ما وشنا يكرمش ونبقى جدود... هفضل أحبك كل يوم أكتر وأكتر من اليوم اللي قبله.


سليم بنبرة عاشقة: وأنا كمان هفضل أحبك في كل لحظة أكتر وأكتر، ولحد آخر نفس ليا، هتفضل ماسة جوة قلب وعقل وعين سليم... بحبك، بحبك أوي يا أحلى هدية ربنا هداني بيها.


ماسة بعشق: وأنا كمان بحبك أوي أوي يا قلب ماسة.


دقق سليم النظر أكثر في ملامح وجهها بعشق ورغبة بعينيه اللتين لا ترفان بنظرات تجمد الأنفاس، جعلتها تتوه في تلك اللحظة، وقلبها ينبض بسرعة،  وتذوب بين ذراعيه وتشعر بتلك القشعريرة التي تسكنها كل مرة أمام شوقه ونظراته المتعطشة.


ابتعدت ماسة وهمست في أذنه: كراميل الباب مفتوح.


رفع سليم عينيه نحوها وقال: حالًا هقفلها.


ابتعد وهو يبتسم لها بجاذبية، ثم نهض وتوجه إلى الباب، أغلقه بالمفتاح. اقترب منها مرة أخرى، ومرر عينيه عليها بشوق، ثم خلع التيشرت واقترب مبتسمًا، وووو...

💕______________بقلمي_ليلةعادل 


في أحد الكافيهات الكبرى الساعة الرابعة عصراً 


يجلس مكي وسليم معًا على إحدى الطاولات وهما يدخنان السجائر.


سليم باهتمام: أنا سامعك، سبتك تهدى يومين... ها، اتكلم.


مكي بهدوء وعقلانية: صدقني يا سليم، ما فيش حاجة ممكن أقولها. أنا خدت قراري ومش هرجع فيه، ومستعد لكل عواقبه.


سليم بتعجب: طب اقنعني... اقنعني إزاي تتخلى عن الإنسانة اللي بتحبها بسهولة كده، عشان شوية أفكار! للمرة المليون بأقولك إنها صح، بس مش مع دول.


عدل مكي من جلسته واقترب أكثر: سليم، أنا فاهم كل ده، فاهم كل حاجة... بس!!!

صمت لثوانٍ... أطفأ السيجارة في الطفاية بتوتر، ثم تحدث باتساع عينيه وبعقلانية:

سليم، حاول تفهمني... أنا مش هانكر إني حبيتها، ومش عارف ليه هي بالذات اللي حبيتها. والأصعب، إنّي مش قادر أوقف الحب ده، بالعكس، لما قربت منها حبيتها أكتر.

بغضب من نفسه، حكّ جبينه قائلاً: سليم، أنا مش قادر أشوف نفسي قاعد في الكوشة مع بنت تقريبًا لسه 16 سنة. إنت نفسك لما قررت تتجوز ماسة، فكرت كتير وحاولت تهرب كتير، بس انهزمت قدام حبك ومشاعرك. وإنت من جواك عارف إن خطوة جوازك منها في سنها ده كانت غلطة.

ثم أكمل بنبرة جادة:

انت بنفسك أكدت لي إنه لولا العريس اللي جالها، ما كنتش هتاخد الخطوة دي. معاك إنك نجحت معاها،  علاقتكم نجحت، لكن مش بالضرورة أنا أنجح مع سلوى، إحنا الاثنين مختلفين يا سليم، وحتى سلوى مختلفة عن شخصية ماسة الجواز مسؤوليه كبيره الانبهارات المنبهره بيها سلوى دلوقتي مش هتبقى متواجده بشكل مستمر بعد الجواز..


زفر باختناق، فك رابطة عنقه وعاد بظهره إلى المقعد: بص، أنا مقتنع باللي في دماغي. مقتنع إني لازم أبعد عشان لما أرجع تاني، تختارني بقلبها وبعقلها. ما تبقاش عواطفها هي السبب الوحيد اللي مخليها توافق عليّا... أو توافق بس عشان أنا مكي الحارس الشخصي لسليم الراوي.


كان سليم يستمع لحديث مكي بتركيز شديد. تنهد وأخذ نفسًا أخيرًا من السيجارة، ثم أغلقها واقترب بجسده قليلًا من الطاولة وعيناه مثبتتان على ملامح مكي.


سليم بعقلانية وهدوء: بص يا مكي، أنا مش هعارضك في أي كلمة قلتها. اللي إنت بتقوله كله صح، لكن صدقني، أنا خايف من حاجة واحدة... خايف تندم! خايف بعد كذا سنة تقول "يا ريت".

أكمل بحذر:

ممكن خلال الفترة دي حد تاني يشغلها، حد تاني يتقدم لها. وقتها هتوافق لأنك حتى ما عرفتهاش إنك كنت معجب بيها. يمكن تفكر إنك كنت بتتسلى، وتوافق على أول عريس يتقدم لها انتقامًا منك. دماغ البنات كده.

(نظر إليه بثبات)

فكر تاني، وأنا مش هضغط عليك ولا هفتح الموضوع ده مرة تانية معاك، وهاحترم قرارك. بس كل اللي بطلبه منك... أدي لنفسك فرصة تانية للتفكير. مش لازم تتجوزها على طول، ممكن تخطبها. في بنات كتير، على فكرة، بيتخطبوا في السن ده، في وسطنا... مش في وسطها هي بس.


هز مكي رأسه بإيجاب، بصمت.

💕________________بقلمي_ليلة عادل 


منزل مكي ـ الساعة 10مساءً


غرفة مكي


نشاهد مكي يقف أمام النافذة يدخن سيجارة ويحتسي قهوة. يبدو مستغرقًا في التفكير، حيث يسيطر عليه الشوق والقلق بعد مرور أسبوعين دون رؤية سلوى. كانت تلك الأيام ثقيلة على قلبه، إذ اشتاق لرؤيتها وسماع صوتها. أفكاره تتصارع داخله: هل كان ما فعله صحيحًا أم خاطئًا كما قال سليم؟ هل ستعتقد سلوى أنه كان يتسلى بها؟ هل يجب أن يعود ويتخذ خطوات جدية ليضمن ألا تضيع منه؟ أم يستمر في التمسك بأفكاره حتى تختاره بإرادتها الحرة؟ الأفكار تتلاطم في رأسه مسببة صداعًا يرافقه باستمرار، حتى بدا أن عقله توقف عن التفكير.


بعد دقائق، تدخل والدته ليلي إلى الغرفة، وتشعل النور بنظرة مستغربة.


ليلي: في بداية الخمسينات، حسنة المظهر، تنظر إليه بتعجب

ليه قاعد في الضلمة كده؟


ينظر مكي نحوها، مغمضًا عينيه وهو يحاول الاعتياد على الإضاءة.


مكي: أمي!


تقترب ليلي منه حتى تقف أمامه مباشرة، تحدق في ملامحه بتركيز: قاعد في الضلمة ليه؟


مكي بلامبالاة: قاعد.


تلتفت ليلي بنظرها نحو علبة السجائر الموضوعة على النافذة، تلاحظ أنها أوشكت على النفاد.


ليلي بعينين متسائلتين نحو العلبة: هي مش دي العلبة اللي شاريها العصر؟


يهز مكي رأسه بنعم، دون أن ينبس ببنت شفة.


ليلي ترفع عينيها نحوه، تتابع بعتاب مليء بحنان الأم: كده يا مكي! حرام عليك صحتك. طب لو مش خايف على صحتك، خاف عليا. إنت عارف لما بشوفك كده، قلبي بيتقبض وسكري بيعلى.


يمسك مكي يدها بحنان ويقبلها معتذرًا.


مكي: بعد الشر عليكِ يا حبيبتي. أوعدك مش هاشرب تاني النهاردة.


تبتسم ليلي، تفهمه جيدًا.


ليلي: قولي، إيه اللي مضايقك؟ بتفكر في إيه؟


مكي بعقد حاجبيه وبابتسامة متعجبة: أنا؟ ولا زعلان ولا متضايق.


ليلي تبتسم وتدقق النظر في وجهه، تضع كفها على خده وتربت عليه بلطف: إنت حتة مني، وأعرفك أكتر من نفسك. إنت مش بتقعد في الضلمة كده ولا تشرب كل السجاير دي إلا لو في حاجة شاغلة بالك. ها؟ هتقولي؟


مكي يتنهد بعينين زائغتين: شوية شغل، بس متقلقيش يا ست الكل.


ليلي  تبتسم بهدوء، تعلم أنه يكذب:عليها هستناك تيجي تحكي لي...


يرد مكي بابتسامة خفيفة، ينظر للأسفل بحزن.


ليلي: هي راحت فين؟ أوعى تكون هي اللي عاملة فيك كل ده؟


مكي: بدهشة، يعقد حاجبيه هي مين؟


ليلي، وهي تحرك يدها بمزاح: البنت اللي كانت بتسهرك للفجر وتروح من غير نوم وعينك مش قادر تفتحها، شغلك، وضحكتك إللي بتبقى مسمعة الشقة كلها. ها، شكلك مزعلها؟ ما أنا حفظاك مالكش بحوارات البنات، ها راحت فين؟ أنا كنت عايزة أتعرف عليها..


مكي بصوت مكتوم، ينظر إلى الأرض: خلاص راحت.


ليلي بتعجب: راحت فين؟ للدرجة دي زعلتوا؟


مكي يهز رأسه إيجابًا، ويخرج أنفاسًا متعبة: بصي... الموضوع ما كانش موضوع. هي معرفتش حاجة عن مشاعري.


تصمت ليلي في انتظار التفاصيل، فيواصل مكي:

هي أخت ماسة، مرات سليم. أصغر منها بسنة، يعني 16 سنة.


ليلي بدهشة واستنكار: ودي فيها إيه حرك مشاعرك؟ دي طفلة! ولا هي حلوة أوي زي أختها؟


مكي: بعشق أحلى كمان...


مكي بنبرة عاشقة: أحلى كمان من أختها... أكمل بحيرة... صدقيني يا أمي، أنا نفسي أعرف إيه خلاني اتجننت وأحبها، فيها مغناطيس غريب شدني ليها من غير إنذار، يمكن براءتها، نقاء قلبها، شكلها!!! معرفش!!! بس إللي متأكد منه إني غلطت فبعدت، بس مش عارف إللي أنا عملته صح ولا غلط؟


ليلي بحدة خفيفة: طبعا صح، دي عيلة يا مكي، الشكل مش كل حاجة، دي هتتكلم معاها إزاي؟


مكي بتوضيح: دماغها كبيرة وواعية جداً وسابقة سنها.


ليلي: بس برضو مينفعش.


مكي: عشان كده بعدت، لما اتكلمت مع سليم قال لي إني غبي، وإنهم في البلد بيجوزوهم أصغر من كده، وإن البنات إللي من نوعية سلوى وماسة بيكبروا قبل أوانهم، لإن طريقة التربية والظروف الاجتماعية مختلفة تماماً، الحياة بتربيهم بدري، وإن حتى كان المفروض على الأقل أخطبها عشان أضمن وجودها، ربما بعد فترة تتخطب خصوصاً إنها حتى ما تعرفش إني معجب بيها وبحبها

، ويمكن كمان تكون فهمت إني كنت بتسلى بيها، ويمكن أول واحد هيتقدم حتوافق...

(أخرج أنفاس متعبة)... مش عارف أنا صح ولا غلط، أنا يا أمي لما شفتها قولت نبقى أصحاب إخوات، وهتعامل معها كأخت ويستحيل أعدي حدودي معاها، لحد مايجي الوقت المناسب وهافتحها في الموضوع، بس مع الوقت غصب عني كلامي بدأ ياخد شكل تاني معاها، طريقة متنفعش معاها، تنفع مع اتنين بيحبوا بعض، فتأكدت إني بدأت أضعف فقررت إني أبعد، بس أنا مشتاقلها، نفسي أعرف أخبارها، أشوفها، أسمع صوتها، إشتقت لكلامنا وسهرنا... فرجعت اكلمها تاني لحد ما حصل اخر موقف اخوها شافني واحنا مع بعض قررت وابعد عنها


زفر بضيق وهو ينظر إلى أعلى ثم نظر لها...

قوليلي، أنا صح ولا غلط؟


نظرت له ليلي وهي تربت على كتفه، وقالت بعقلانية: إنت صح يا مكي، أصلاً خروجك وكلامك معاها من البداية غلط، بس خلاص إللي حصل حصل، مش عيب إن إحنا نغلط! بس عيب إننا نستمر في غلطنا، وإنت اتعلمت. أنا حقيقي مش قادرة أفهم إزاي مشاعرك جذبتك لواحدة زي سلوى، برغم إنك عارف إن سنها صغير، حتى لو دماغها كبيرة وشكلها أكبر من سنها، بس مش هنكذب على بعض هي بنت صغيرة، واللي قدها لسه يا دوب داخلين أولى ولا ثانية ثانوي، مش هنعمل زي الناس الجاهلة، ونجوز بناتنا وهم صغيرين، سلوى لو بنتي وزي ما بتقول كده، ده أنا حافظ عليها وأعلمها، وأغليها لحد ما تكبر وتعرف تختار شريك حياتها بعقل...


قاطعها مكي قائلاً: وهو ده إللي أنا فكرت فيه، أنا عايزها بعقلها وقلبها، بس أنا خايف تروح مني يا أمي.


ليلي بحكمة وهي تربت على قلبه: لو ليك نصيب فيها هتاخدها غصب عن عين أي حد، ولو مالكش نصيب فيها! والله ما هتاخدها لو عملت إيه! إللي مكتوب لك هتشوفه، مافيش مهرب من المكتوب، لو كنت اعترفت لها بحبك وحبيتوا بعض واتخطبتوا، مش يمكن يوم كتب الكتاب تتخانقوا!!! ولا يحصل حاجة وكل واحد يروح لحاله!!!!! وممكن بعد ما بعدتوا طول السنين دي تتجمعوا، وتبقى من نصيبك وساعتها هتقول لها إنت ليه عملت كده؟ وقتها هتفهمك وهتحترمك جداً، وهتحبك أكتر، لإنها هتعرف قد إيه حبيتها، ومضحكتش عليها بشوية هدايا وسفر وكلام حلو... مغرتهاش!! بالعكس سبتها عشان ترجعلك بإرادتها... حتى لو هي دلوقتي فاهمة غلط، هو إنت قلت لها إنك بتحبها؟


هز مكي رأسه بنفي: ولا طلعت من بقي، كل مقابلاتنا وكلامنا كانت عادية جداً، بين أي اثنين أصحاب أو إخوات، بس هي أكيد يعني ترجمت اهتمامي ده إنه إعجاب أو حب.


ليلي: إنت تتحاسب على الكلمة إللي خرجت منك.


قاطعها مكي بإعتراض: لا يا أمي وحتى على أفعالي، وأنا أفعالي كانت مبينة كل حاجة أنا عايز أقولها من غير ما أقولها.


ليلي بحكمة: هارجع أقولك تاني صدقني هتفهمك، واللي إنت عملته صح، سيبك من صاحبك المجنون ده، مش سليم إللي تاخد منه نصيحة، هو نفسه غرقان مع ماسة في غلط، جاب البنت من البلد واتجوزها، ومدهاش أي حق في الإختيار.


مكي: بس سليم بيحبها وبيتعامل معاها كويس، لو شفتي علاقتهم مش هتحسي إنها صغيرة كده، بس أنا كمان شايف زيك سليم مدهاش حق الإختيار وعشان كده مستحيل أعيد إللي عمله.


ليلي: فوق كده لنفسك وإدعي ربك إنها إن شاء الله هتكون من نصيبك.


رفع مكي عينه لأعلى وهو يقول: يا رب.


ليلي: بس أنا عايزة أقولك حاجة.


هز رأسه بنعم، استمع لها بتركيز. أكملت بعقلانية وتحذير...

يوم ما تفكر تتجوز، سيب شغل مع سليم، اشتغل معاه أي حاجة تانية إلا الحراسة. أوعى توجع قلب مراتك وولادك عليك، ماتعملش زي أبوك كفاية إللي أنا شفته.


مكي: بس أنا مابعرفش اشتغل غير الشغلانة دي.


ليلي: هتعرف لو بتحبها وبتحب ولادك، لازم تعرف... بعدين أنا بقولكش أبعد عن سليم، أنا عارفة إنك بتحبه زي أخوك وهو كمان، اشتغل معاه أي حاجة وهو مش هيقولك لا، أنا متأكدة.


مكي: لسه بدري يا ست الكل، قدامك ثلاث سنين ولا حاجة.


ليلي: هيعدوا زي الهوا.


اقترب منها مكي وقبلها من رأسها بإحترام وهو يقول: ربنا يخليكي ليا يا أمي، أنا ارتحت لما اتكلمت معاكي.


ليلي وهي تمسح على كتفه: ربنا يسعدك يا حبيبي ويريح قلبك.

💕__________________بقلمي ليلةعادل 


في أحد المنازل المجهولة...


نشاهد سيارة عماد  تتوقف أمام مدخل بناية قديمة. يهبط منها، خطواته قوية وغاضبة، وجهه مشحون بالغضب والتوتر. يصعد السلالم بسرعة، وكأنه يحمل جبلاً على كتفيه. يصل إلى أحد الطوابق ويطرق الباب بعنف، صوت الطرق يُحدث صدى في الممر الضيق.


بعد لحظات، يُفتح الباب ببطء. تظهر سارة، بوجه يحمل مزيجاً من التوقع والبرود. تنظر إليه لوهلة، ثم تبتسم بسخرية، تستدير بلامبالاة وتبدأ في الابتعاد عنه دون أن تقول كلمة واحدة.


عماد، الذي يكاد ينفجر من الغضب، يتحرك بخطوات حازمة نحوها. يمسك بكتفها بعنف، يجذبها نحوه ويصرخ بنبرة غاضبة مهددة:

إنتِ بتستهبلي؟ بتلعبي معايا يا سارة؟!


سارة، التي بدا عليها الضيق، لكنها تحتفظ برباطة جأشها، تدير وجهها له بابتسامة ساخرة وتقول بهدوء مستفز:

لا، مش بلعب معاك. أنا بس كنت عايزة أوريك لو فكرت تلعب من ورايا تاني إيه اللي ممكن يحصل. المرة الجاية مش هتعرف توصل لي، يا عماد، لو وقفت على رموش عينك. أنا اللي خليتك توصل لي أصلاً! فتحت لك كل حاجة، تليفوني، عربيتي، وكل حاجة تحدد موقعي بسهولة. كنت عايزة أشوف، بتحبني قد إيه؟ وهل حبك كفاية عشان يخليك توصل لي؟


ملامح عماد تزداد صرامة، والغضب يتصاعد في عينيه مع كل كلمة تنطقها. يصرخ بها بصوت يهتز له المكان:

كل الجنان ده عشان سافرت من وراكي؟!"


سارة ترفع حاجبيها بسخرية، تحتفظ بلهجتها الهادئة الواثقة وترد:

ما هو اللي يخليك تسافر من ورايا يخليك تعمل أكتر من كده، يا عمدة! خليني أشوف بقى، هتتصرف إزاي؟!"


لحظة صمت ثقيل، نظرات مشحونة بينهما وكأنهما على وشك الانفجار. فجأة، يكسر عماد الصمت بصوت أقل حدة، ولكن أكثر ألماً:


عماد: سارة، متخليش الغيرة تعميكي. أنا كنت عامل زي المجنون، مش عارف أعمل إيه. قولتلك اصبري، كل ده عشانك.


سارة، التي بدأت دموعها تتسلل إلى عينيها، تقول بصوت مكسور:

أصبر على إيه بالضبط؟ أنا تعبت، يا عماد. نار جوة قلبي بتاكلني وأنا عارفة إنك معاها."


عماد يحاول الإمساك بيدها، صوته منخفض لكنه مليء بالجدية: أيوة، أنا معاها بجسمي، لكن قلبي ملكك إنتِ، سارة. إنتي عارفة ده.


سارة ترفع رأسها بغضب ممتزج بالحزن وتقول بصوت متهدج: لا يا عماد، أنا عايزاك كلك ليَّ. مش جزء منك، ولا حتة منك... كلك ملكي!


عماد ينظر إليها بعيون متعبة، يمرر يده على وجهه بحركة عشوائية ويقول بصوت منهك: إنتي عارفة كويس إني ما بحبش صافيناز. كل اللي بيني وبينها مصلحة وبس،  زمان لما عرفتيني عليها، كنتي إنتِ اللي عايزة تنتقمي منها لأنها سرقت منك خطيبك. وأنا... استغليت إعجابها بيا عشان أوقعها و


سارة تقاطعه، صوتها يفيض بالاتهام: آه، واللعبة عجبتك، وبدل ما توقفها، خليتها جواز!


عماد يرد بسرعة: لأن الملايين اللي غرقانة فيها تخليني أعمل كده! خلاص بقى، حقك عليا. أنا وعدتك، وهفي بوعدي.


سارة: بص يا عماد، عشان ننتهي من المشكلة دي، أي حاجة هتحصل لازم أعرفها وأوافق عليها. غير كده، مش مسموح. ولو حصل العكس، ممكن أقلب الترابيزة وأقول كل حاجة.


عماد: بلاش لهجة التهديد دي، إنتِ عارفة إني ما بحبهاش.


سارة: أنا مش بهدد، أنا بوضح اللي هيحصل. عرفت تجيبني إزاي؟


عماد: كلمت ناس وشفت الشبكة بتاعتك، لقطتها منين؟ مازن فين؟


سارة: نايم جوه.


عماد تنهد وتحرك نحو الغرفة. دخل ليجد ابنه نائمًا. اقترب ليقبّله بحنان.


عماد وهو ينظر إليه: هفضل اقولك، كل اللي بعمله ده عشان نعيش في نعيم.


سارة توقت خلفه: وانا فهمتك يا عماد شروطي يا تقبلها يا ننهي اللعبه دي.


نظر لها عماد بصمت


ـ فيلا عائله ماسة السابعة مساء 


ـ نرى ماسة تجلس على كرسي التسريحة ترتدي فستانا محتشما باللون الأسود بأكمام وفي منتهى الجمال (يبدو انها ذاهبة لمناسبة) بينما سلوى تجلس وهي ترتدي بيجاما و يبدو عليها الضيق 


ماسة؛ فهميني ايه المشكلة، بعدين قولتلك مكي مش هيجي معانا


سلوى: مش عشان مكي، أصلاً مش فارق معايا.


ماسة: آمال ايه؟؟ 


سلوى بحزن: أنا مخنوقة يا ماسة الموضوع بجد مأثر فيا زعلانه حاسة إني رخصت نفسي، كنت فاكرة إنه بيحبني كان نفسي أعيش قصة حب زيك بس طلعت غلطانة، هو مقلش حاجة أنا اللي اتوهمت وتعشمت.


نهضت ماسة وجلست جانبها وهي تربت على يدها  قالت بحب: حبيبتى متقوليش كدة على نفسك فهمه. بعدين هو موعدكيش بحاجة، وانتي لسه الحياة قدامك ركزي في دراستك وبس علشان تحققي أحلامك، بكرة هتقابلي الإنسان اللي يستاهلك وأحسن من مكي متقلقيش أكيد ربنا كاتبلك حاجة حلوة يلا قومي معايا هتنبسطي


سلوى: معلش سبيني.


رن هاتف ماسة كان سليم  قالت سلوى: يلا روحي عشان سليم.


ماسة: طيب بكرة هجيلك  يا حبيبتى روقي بقى وضعت قبلة على جبينها وتحركت.


نهضت سلوى بعد خروج ماسة وفتحت أحد الدرف وأخرجت منها هدايا مكي أخذت تنظر لها بضيق ووجع وهي تتذكر كل شيء حدث بينهما.


على اتجاه آخر 


نرى ماسة تصعد السيارة وتجلس بجانب سليم


سليم: بردو مش عايزة تيجي.


ماسة: تعبانة مش قادرة.


سليم: عندها ايه سلامتها.


ماسة: برد.


هز سليم رأسه بإيجاب وهو يمد وجهه. 


على اتجاه آخر نرى سلوى تهبط الدرج للأسفل وتوجهت للخارج حتى صندوق النفايات ووضعت الهدايا به بغيظ وضيق، وهي تقول: هنساك وكأنك ولا حاجة..


فيلا عائلة هبة الثامنة مساءً 


- أجواء احتفالية


امتلأت الفيلا بالأضواء و الزينة التي أضفت أجواءً دافئة وساحرة على الحفل. المدعوون متوزعون في أرجاء المكان؛ البعض يتبادل أطراف الحديث حول الطاولات المزينة بدقة وأناقة، والبعض الآخر يستمتع بالموسيقى الهادئة التي تعزف في الخلفية، بينما ينشغل آخرون بالرقص على أنغام الموسيقى، ومن بينهم العروسين، هبة وياسين، يتألقان بظهور مميز في وسط الحضور


على طاولة عائلة الراوي


جلست عائلة الراوي بأناقة في مكانهم الخاص، ملابسهم الفاخرة تعكس رقيهم ومكانتهم المرموقة، وهم يتابعون أجواء الحفل بسعادة وهدوء.


اقترب والد ووالدة هبة وشقيقتها، بابتسامات مشرقة تعكس حفاوة الترحيب.


زيدان بصوت مرح و ودود: أهلاً أهلاً عزت باشا، أهلاً فايزة هانم. نورتونا! ينحني باحترام ليضع قبلة خفيفة على يدها.


فايزة تبتسم برقة:ميرسي، ده من ذوقك يا زيدان بيه.

سامية بابتسامة مرحبة: سليم، أهلاً بيك! يا ترى عامل إيه؟


سليم بهدوء:الحمد لله يا هانم.

تلتفت سامية نحو ماسة وتنظر إليها بإعجاب:

أكيد انتي بقى ماسة القمر؟


ماسة بابتسامة خجولة ورقيقة: أيوه أنا.. 


سامية بنبرة إعجاب: فعلاً عنده حق يغير عليكي ويضرب الراجل اللي عكسك.


وجهت نظراتها لباقي العائلة بابتسامة:

طه رشدي، صافيناز  حقيقي منورين! عن إذنكم شوية.


لحظة تدخل هنا، شقيقة هبة اقتربت هنا بابتسامة واسعة:

هاي يا سليم  نظر لها بابتسامة دون رد: أنا حضرت اللي عملته، بجد برافو عليك!


نظرت ماسة إلى هنا بغيرة واضحة، بينما أمسكت يد سليم بتملك واقتربت منه أكثر.


سليم يهز رأسه بإيجاب دون تعليق، ليقطع الموقف اقتراح ماسة


ماسة: حبيبي، تعالى نبارك لهبة وياسين.


تحرك سليم وماسة بخطوات هادئة نحو العروسين، هبة وياسين، اللذان كانا يرقصان بسعادة وسط الحضور، والتفت العروسان بسعادة و بابتسامات مشرقة لاستقبال المهنئين.


ماسة بإبتسامة رقيقة: ألف مبروك يا هبوشا، زي القمر النهارده يا روحي.


التفتت هبة لها بإبتسامة مليئة بالفرح:

الله يبارك فيكي يا حبيبتي، وإنتِي أحلى وأرق.


سليم بابتسامة دافئة وهو ينظر إلى ياسين:

مبروك يا أصغر ما أنجبت عائلة الراوي.


ياسين يرد بابتسامة مليئة بالمودة:

الله يبارك فيك يا أعقل وأذكى ما أنجبت عائلة الراوي.


ضحك الأخوان وضما بعضهما بحرارة.


سليم بعد لحظات قصيرة: عن إذنكم.


هبة بحماس:خليكم شوية، وبالمناسبة، ليه مجبتيش سلوى يا ماسة؟


ماسة بابتسامة خفيفة:تعبانة شوية.


هبة بنبرة مليئة بالحب: ألف سلامه عليها، خلي بالك منها.


سليم بابتسامة هادئة: إنجوي بقى، النهارده ليلتكم استمتعوا بها على قد ما تقدرو. 


أبتسم سليم لماسة، ثم أمسك يدها برفق وعاد بها إلى طاولتهم، حيث جلسا وسط أجواء دافئة مليئة بالمودة.


بينما أشارت هبة إلى ياسين قائلة بابتسامة مشرقة: تعالى نرجع للرقصة، الحفلة مستنيانا.


ياسين بابتسامة مشاكسة: وأنتي فاكرة إني هسيبك النهارده.. غمز لها يلا بينا.


عاد ياسين وهبة إلى وسط الحضور لاستكمال الرقص وسط التصفيق والفرح، بينما كان سليم ينظر لماسة بحب وهو يقول بهدوء:

ليلة جميلة...بس وجودك معايا بيجمل كل حاجة في حياتي.


ابتسمت ماسة بخجل، وردت وهي تشد على يده بلطف:وأنا مبسوطة طول ما أنت جنبي.


غرق الاثنان في لحظات دافئة، وسط أصوات الفرح والاحتفال التي ملأت المكان.


🌹_______❤️بقلمي_ليلةعادل ❤️_______..



       الفصل الثاني والاربعون ج2 من هنا 

تعليقات