الفصل السابع عشر 17
بقلم سوما العربى
وقف مبهوت بل مصدوم ....
مصدوم ماذا ؟! لقد شق قلبة لشطرين الآن و هو يرى من بات يراه غريمه يجلس في صالة بيتها مع أسرته و بيده باقة ورد .
باقة ورد ؟ باااقة ورد ؟؟؟
رمش بأهدابه عدة مرات و نظر لها يردد متسائلاً: ايه ده ؟ إيه إلي بيحصل ده ؟
لم يسعفها عقلها على الرد، فقد تفاجئت بوجوده ، لم تتوقع أن يأتي رغم تمنيها ذلك.
فأقترب منها يقبض على لحم ذراعها كعادته و ردد متسائلاً بصوت منهك القوى : ردي عليا ، إيه إلي بيحصل هنا ده ؟
لم تستطع الرد مجدداً فجاء الرد من عزام الذي وقف و تقدم لعندهم يحاول إنتشالها من قبضته و ردد : كل خير يا باشا ،زي ما أنت شايف كده .
كان غانم مازال يقبض على ذراعها و عزام يحاول إبعاده.
أرخى غانم قبضته عن ذراع حلا رويداً رويداً مصدوم،بل موجوع قلبه ، يود البكاء ولا يقدر عليه.
اليوم تجمعت عليه الدنيا تدير لها ظهره ، من جاء كي يلقي بنفسه بين ذراعيها طعنت فؤاده في مقتل.
أبتعد للخلف يردد : بتتخطبوا ؟
وضعت حلا عيناها أرضاً و كأنها أجرمت في حقه بينما نظر له عزام بإنتصار و قال : أيوه يا باشا.
فرفع غانم رأسه عالياً أكثر و أكثر ثم قال من أنفه بشموخ : مبروك ، ألف مبروك .
ثم غادر......غادر سريعاً يستقل سيارته و هو مازال متحكم بقناع القوة و الجلد.
ظل يقود و يقود و يقود حتى وقف على طريق لا يعرف أين هو لكن كان خالي لجوار قضبان السكك الحديدية.
ترجل من سيارته و وقف في وسط الطريق الخالي تماماً بوجهه المحمر و فجأة صرخ : أاااااااااااااااااااه
قالها بصوت شق عنان السماء و جرج أحباله الصوتيه ، على ما يبدو أنه يوم الفقد العالمي .
لقد فقد كل شيء، حرفياً كل شئ اليوم، طفله ، حلمه بأسرة سعيدة ، و كذلك حبيبته .
تخطب لغيره ، تفضله عليه رغم إعترافه بحبه لها و رغم قلبه الذي قدمه لها على صحن من ذهب .
خارت قواه التي يتلبسها أمام الجميع و نزل على ركبتيه يبكي ... ذلك البكاء الذي أنتوى أن يبكيه في أحضانها و هي ضنت عليه به .
و ظل على ذاك الحال مدة طويله .. طويلة جداً.
أما في بيت حلا.
وقفت حلا تشعر بنصل حاد في قلبها ، ألم غير مبرر مطلقاً و ألتفت تنظر لعزام الذي استوحش صوته يسأل : إيه إلي جايبه هنا ؟
نظرت له بإستنكار تردد: ما أعرفش ، أبقى أسأله هو و لا ما قدرتش.
استعرت عيناه بغضب و ردد بصوت غاضب : قصدك إيه ؟
كادت أن تجيبه لولا صوت سميحة التي وقفت تردد بحسم: صوتك مايعلاش على بنتي ، أتفضل خد أهلك و مع السلامة ، ماعندناش بنات للجواز .
أتسعت عينا عزام و قال بإستنكار: يعني أيه ؟ و إيه إلي جد ؟
سميحة و هي تشيح بيديها غاضبه : هو إيه إلي أي إلي جد ، مين قال أصلاً أننا راضيين ؟
فهتفت والدة عزام بصوت رقيع : نعم نعم ؟! و أنتو تطولوا ؟ قال رضينا بالهم و الهم مش راضي بينا ... ده إحنا مالقناش حد نسأله عنكم و لا أصل أو عيلة نرجع لها و نسأل عنها .
صرخت فيها حلا : إنتي يا ست أنتي ، أتكلمي بأدب واحترامي نفسك ، أنا مش مسكتني عليكي غير إنك من سن أمي... لأ أمي إيه ده أنتي من سن جدتي
فهتف عزام بحده : حلاااااااااااا، أتكلمي مع أمي كويس ، دي أمي.
حلا: طب يالا ياحبيبي ، خد أمك و أتكل على الله ورينا عرض كتافك .
لكزته في يده بعدائية تزيحه ليتحرك فقال : إنتي أتهبلتي و لا أيه هتزوقيني ؟!
تحركت حلا و بدأت تدفع والدته و شقيقته مرددة : أه بزوقك ، أنا ساكته لكم من الصبح ، أمك تمصمص شفايفها و أختك تتألط أوي و الي تقول اصلكوا و عيلتكوا ، إسم الله يا سليل محمد علي باشا ، يالا برا ، بيتك بيتك ، خد الوليه الكوهنة و أختك الحرباية دي و امشوا من هنا.
أسرعت والدة عزام تلتقط من على طاولة الصالون علبة الحلوى و باقة الورد و هي تسب و تلعن حلا و أمها مغادرة و حلا تغلق من خلفهم الباب و هي تطبق عيناها بتعب
____________
وصل غانم للمصنع و على وجهه أمارات التعب المغلف بالقسوة و الجلد ، ترجل من سيارته بعدما أخذ كامل وقته في إستعادة جمود شخصيته .
و خطى للداخل خطوات واسعه ينتوى الإستفاقه لعمله .
لكنه وجد بعض من المزارعين واقفين في الممر المؤدي لغرفته و حينما لاحظوه هرولوا ناحيته مرددين باستنكار: يا بيه ،فينك من بدري !
غانم: خير في ايه ؟ سايبين الأرض ليه ؟ و مين يجمع المحصول.
ليجيب أحدهم: شغالين يا بيه بأيدينا و سنانا و الله ، بس إلي بيحصل ده ما يرضيش ربنا ، جميل من أول النهار و نازل فينا شخط و نطر على الفاضية و المليانة و إحنا ناس كبيرة ، الشغل مهما إن كتر نتحمله لكن قلة القيمة أهي دي إلي تذل و تقصف العمر.
هز غانم رأسه رافضاً لكل ما يقال و سأل : و أنا من أمتى عملت معاكم كده ؟
فجاوب الرجل : مش أنت بس جميل هو إلي بقاله يومين على ده الحال .
رفع غانم إحدى حاجبيه و قال : أه ، طب تمام ، روحوا أنتو شوفوا شغلكم و أنا هشوف موضوع عم جميل .
فذهب المزارعين وهو ذهب يتفقد العم جميل .
فوجده يقف في أحد الأركان وهاتفه على أذنه يتحدث فيه بعصبيه ، مولي ظهره للقادم من خلفه، فلم يبصر غانم وهو يقترب منه.
ليسمعه غانم وهو يردد بعصبية شديدة و حده : يعني ايه يعني طردتك والخطوبه ما كملتش ؟ في إيه يا عزام ؟ عايزني اعمل لك ايه اكثر من كده عشان اساعدك يعني؟ ده انا طلعتها لك من بوق الأسد و جبتها لك خالصه مخلصه على طبق من دهب!! ايه مش عارف تلين دماغها بكلمتين ؟!
اتسعت عينا غانم بصدمه وهو يستمع لما يقال
ظلم مكانه متسمر لم يستطيع التحرك ، فألتف العم جميل وهو ما زال يتحدث بعصبيه ليصدم بوجود غانم الذي على ما يبدو أستمع لما يقال .
فقد كان ظاهراً بوضوح على ملامحه المصدومه ، فاتح لفمه لا تسعفه الكلمات ولا يستطيع إيجاد أي مبرر أو تلفيق موقف لما تفوه به منذ ثوانٍ
على الفور أغلق الهاتف دون أي مقدمات ووقف مرتبك أمام غانم الذي نظر له بذهول وردد: يعني انت كنت بتميل دماغي وعمال تقنعني بكلامك عشان تمشي حلا وعزام يروح يخطبها مع إنك عارف إني... إني بحبها
حاول العم جميل تمالك نفسه وقال بصوت مهزوز: أيوه ما هو ما هو عشانك... أه ... أيوه طبعا عشانك... عشان أحافظ لك على بيتك وعلى أسرتك وعلى حياتك، البنت دي كانت خطر ...خطر كبير... دي .. دي ... دي غول ... وأنا بحاول أبعده عنك
أثار كلامه خفيظة غانم وقال: أنت بتقول أيه؟ ليه عمال تعمل كده؟ وكمان تقوللي عزام راح قابلها وأنا ما قلتلكش ان هو قابلها، انا شاكك في الحكايه دي من بدري ، من ساعه ما البنت دخلت البيت وانت وراها ومش سايبها وما فيش أي حاجه بتبرر اللي أنت بتقوله ، و الأكيد يعني ان انت مش هتبقى حريص على بيتي اكثر مني، ولو هتفضل حد.. يبقى تفضل أنك تساعدني أنا مش تساعد حتت واحد حارس أمن عندي.
جملته الأخيره إستفزت ثبات جميل الإنفعالي لأقصى درجه وفقد السيطره على نفسه ليصرخ فيه : وماله يعني حارس الأمن ؟ إيه مش بني آدم زيكم ؟؟
زادت صدمة غانم لما يسمع ،وظل مبهوت ، لا يستطيع تصديق أذنه و ما يسمع، وأن من يقول هذا الكلام هو العم جميل، ولما يفعل؟!
أرتبك جميل للحظات ثم حاول تمالك نفسه من جديد وقال مندفعاً بنفس التهور في محاولة منه لإيجاد حجه أو مبرر : وبعدين أنا عايز احميك من البت دي، انت ما تعرفش انا عرفت عنها إيه، البت دي جايه لك على كارثه من الأول ، أنت عارف هي تطلع مين؟
غانم : والله ؟ مخططه لي كارثه؟! هممم وطلعت مين بقى ؟
برود رد غانم وملامحه التي توحي بانه لم يصدق ولو كلمه مما قالها جميل جعلته يندفع أكثر وأكثر وأستخدم أخر كارت لديه وهو يلقي بقنبلته النوويه في وجه غانم مردداً: البت دي اللي انت لحد دلوقتي ما سألتهاش أنتي مين ؟ ولا منين؟ انا كاشفها من البداية ، من أول ما أمها جت هنا مع الحكومه، مشيت وراها وعرفت بيتها لما انت طلبت مني العنوان .... فاكر؟ عشان تروح تجيبها لما هربت انا بقى سألت عنهم و عرفت أصلها وفصلها وعرفت لك هي مين وإسمها إيه بالكامل ، و خد عندك الكبيرة بقا ، البت دي هي اللي سرقتك هي و المحاسب الحرامي إلي جابته .
صمت غانم يجعد مابين حاجبيه ، يهز رأسه رافضاً تلك الفكرة و رافض ما تلقطه أذنه .
فأغتنم جميل الفرصه و أقترب منه بإندفاع يقول : و لو مش مصدقني تعالى و أنا أسمعك بنفسك.
أخذه جميل و ذهب به قاصداً تلك الغرفة القذرة التي أحتجز فيها عادل .
وقف به على أعتاب الغرفه و أوصاه جميل بألا يتحدث.
ثم دلف للداخل وتحدث مع عادل يقول: ها ؟؟اتربيت ولا لسه؟؟
عادل: لأ لسه… لسه فيا الروح وبقاوح شويه
جميل : أممم هي البت دي اللي اسمها حلا وعدتك هتديك كام؟
عادل : مالكش فيه وزي ما قلت لك ،خرجني من هنا احسن لك
التوى جانب فم جميل بإبتسامة ملتويه وقد وصل الى ما يرنوه من البداية، بينما غانم يقف عند الباب مصدوم .
صدمات حياته متتالية لا يستطيع إستيعابها مطلقاً
وخرج جميل من عند عادل الذي ظل يناديه وهو لم يجيب .
فقد جاء لهدف معين ووصل إليه بنجاح.
أغلق الباب على عادل ووقف امام غانم يردد بإنتصار: هاااا؟ شوفت بقى... شوفت إن كان عندي حق...شوفت ان قلبي عليك.
نظر له غانم بصمت تام ثم غادر دون التفوه بحرف.
و ترك خلفه جميل يقف محتار، لا يعرف ما هي ردة الفعل القادمة لغانم وهل صدقه ؟ عام لم يصدق وإن صدق فماذا سيفعل؟؟
بينما غانم لم يفعل شئ ، بالفعل لم يفعل
لم يفعل لأنه لا يعلم ما يتوجب عليه فعله .
مصدوم كشخص يأخذ ضربات خلف بعضها متوالية في آن واحد ، وكل صفعة أكبر وأعنف من التي سبقتها.
كل ما فعله هو أنه ذهب الى المشفى حيث زوجته المسكينه التي يخشى عليها من اغن تصاب بالجنون فحالتها مذرية جداً وتحتاج للمساندة حالياً.
هذا أفضل ما يفعله الآن.
____________
أيام من الصمت وحده دون أي رد فعل ، مع غياب تام لعادل حتى أن حلا بدأ القلق ينهش وينمو داخلها
مرت تلك الأيام مريرة كالعلقم على غانم وسلوى التي لم تستطيع التأقلم على ما حدث كانت تعيش على المهدئات إلى أن تحسنت حالتها قليلاً وقررت العودة إلى البيت مع غانم .
سَنّدها حتى صعدت لغرفتها وأتكأت على الفراش ودثرها جيدعا ثم أعطاها الدواء وقال لها: نامي شويه و حاولي ترتاحي
نظرت له سلوى بصمت ثم قالت : الدكتور قال لك أنا ليه مش بيثبت لي حمل؟ عندي مشكله إيه؟ إحنا مش كشفنا، والدكتور قال إن أنا تمام وما عنديش اي مشاكل في الرحم ؟
هز غانم كتفيه بقلة حيله وقال : ما اعرفش، أمر الله... أنا نفسي مش عارف ليه بيحصل كده؟
بللت شفتيها وقالت بصعوبه: وأنا عايزه أعوض الحمل اللي راح ده
اغمض عيناه بتعب ثم قال : أهدي يا سلوى إنتي طالعه من عمليه مش سهله ووضعك كان صعب والدكتور قال إنك لازم تهدي شويه عشان الرحم يرجع لوضعه الطبيعي وبعدين نبقى نشوف الموضوع ده.
فقالت بهياج : بقول لك ما ليش فيه، عايزه أعوض الحمل ده في اسرع وقت أنت سامع ولا لأ
أقترب منها يمسح على شعرها وهو يردد: سامع ، يا سلوى سامع ، نامي إنتي مش بس دلوقتي و أهدي وبعدين نبقى نشوف الموضوع ده، إنتي تعبانه ولسه صحتك محتاجه رعاية
حاولت التحدث لتعترض فقال : طب أهدي وراعي نفسك عشان تخفي بسرعه وتعملي إللي انتي عايزاه بسرعه مش كده ولا إيه ؟
كلماته كانت بها من الحكمه الكثير فإنصاعت لها على الفور وهدأت ثم إستلقت على الفراش تنوي النوم.
نظر لها غانم بيأس تام..... سلوى أصبحت مهوسه بأمر واحد ....هو ذلك الطفل وكأن حياتها معلقه به هو فقط
نزل الدرج بتعب وهو ينوي التفتيش وراء جميل.
كل ما يحدث غير طبيعي لقد إنشغل بسلوى لاياعم والغان يريد تقصي الحقيقة .
خرج ليسال عنه لكنه وجده يهرول ناحيه سيارته وهو يردد : يعني إيه يعني هرب ؟هو أنا مشغل معايا شويه عيال ؟ ماشي أقفل
أقترب منه غانم وسأله: هو في ايه؟
ارتغبك جميل وقال : الواد إللي إسمه عادل عرف يهرب لازم اروح له حالا.
على الفور أستقل غانم هو الآخر سيارته وذهب خلف جميل الذي توقف أمام بيت حلا.
دلفا للداخل وكما تمنى جميل بالضبط كان عادل هناك يقف مع حلا في حوش بيتها وهو يقول بلهاس: اخيراً الحمد لله عرفت أهرب منه ، خدي ....ده الورق إللي قولت لك عليه هتروحي البنك وتصرفي الفلوس
فهتف جميل: شوفت .. شوفت يا ولدي مش قولت لك البنت دي هي اللي مخططه كل حاجه
نظرت حلا بهلع لغانم الذي يقف أمامها بوجه جامد صلب الملامح ولم ينطق سوى كلمه واحده ..
غانم : هاتوها ع العربية .
فإستجاب جميل ورجاله على الفور وجلبوا عادل وحلا .
في بيت غانم
جلس على مقعده الوثير ووضع قدم على قدم وحلا تقف أمامه برأس مرفوع شامخة تماماً وكأنها تتحداه وهو ينظر إليها.
وكلما نظر ورائ التحدي في عينيها وعدم وجود اي أمارة من أمارات الخزي أو تانعيب الضمير على فعلتها صار غضبه أكثر وأكثر
فصرخ فيها : إنتي... أنتي تعملي كل ده ؟ يعني مجيك البيت من البداية كان خطه مش أكتر ، مش كده
فصرخت فيه بحده : أيوه كده
أتسعت عيناه من بجاحتها و وقف أمامها يقبض بأظافره على لحم زراعيها وهو يردد بغضب شديد: يا بجاحتك... يا بجاحتك إنتي ازاي قدرتي تقولي كده وازاي قدرتي تعملي كده.
لانت نبرة صوتغي قليلا وتحدث بقهر ممزوج بالشجن : ده أنا... ده أنا حبيتك ... أنا أديتك قلبي .
صرخ بقهر و جنون يرج أركان البيت : فلوس إيه إلي كنتي بتسعي لها و أنا مديكي قلبي كله ؟.
دار حول نفسه بلا هوادة يكمل : أنا كنت مستعد أديكي كل الفلوس إللي أملكها ، كل حاجه عندي كانت هتبقى تحت رجلك، ليه تعملي كده؟ ليه من البدايه داخله و ناويه لي على الغدر ؟
نفضت يده عنها وقالت من بين أسنانها بقوة : أنت اللي إبتديت والبادي أظلم.
فصرخ فيها بجنون : إيه يا بنتي ؟ إيه كل الغل إلي في عينك ليا ده ؟ أنا أصلا عملت لك ايه عشان تعملي كل ده وطول الفتره اللي فاتت دي كنت بتتهربي مني.
رمش بعيناه يتذكر : حتى يوم ما صارحتك بحبي اتهربتي مني ... ده أنا أخدتك على المكان اللي عمري ما دخلت فيه أي حد غيرك وأنتي بتعملي كده ؟!!
فردت حلا ساخره: حب ؟! حب إيه و لمين؟ هو أنت هو انت بتعرف تحب أصلا؟ لو بتحب صحيح كنت أفتكرت رنا... فاكر رنا ؟ ولا أفكرك ؟ رنا اللي أنت ناسيها وسقطتها أصلا من حساباتك والفلوس اللي أنت بتقول إن أنا سرقتها دي حقي.. حقي وحق أبويا اللي فلس بسببك فاكر ولا أفكرك؟
كان صوت الصراخ عالي لدرجة أفزعت سلوى من غفوتها ، فعقدت ما بين حاجبيها وهي تجهل ما يحدث .
خرجت من غرفتها بإرهاق وتعب وكلما تقدمت كلما زاد قوة الصوت .. تهبط وهي تتبعه لأسفل وكلما أقتربت أتضحت لها الرؤية.
الخادمه في مواجهه زوجها تصرخ فيه بغل وقهر مرددة ده حقي وحق أبويا .... أنت ناسي اللي عملته زمان.
فصرخهط فيها مجدداً بجنون أشد: عملت ايه يا بنتي وأبوكي مين ؟ انا اصلا مش عارف إيه إلي انتي بتقوليه ده ايه أصلاً.... إنتي بتقولي أي كلام عشان تخرجي بيه من عملتك
فردت عليه بغيظ أشد: أه صحيح ما طبيعي .. طبيعي تكون ناسي رنا.... رنا اللي غاويتها وأتجوزتها عرفي وبعدها بقت حامل وخليتها تجهض بالعافية وبعدها ماتت غرقانه في دمها وإحنا إتفضحنا وأبويا خسر كل تركته و مات مقهور و مديون و مذلول ... وأضطرينا أنا و أمي نمشي زي الهربانين اللي عاملين عامله من بلدنا والعار يلاحقنا.... أنا جوعت وإتمرمطت وإتهانت وإتذليت بسببك.
أتسعت عين سلوى لما تسمع وكذلك غانم كان يقف مبهوت يهز رأسه بجنون لا يسعه ما يسمعه.
الصدمه كانت كبيره تماماً وقال : إيه الهبل اللي انت بتهبليه ده .... أه ده فيلم انت مألفاه عشان تهربي من عملتك بس ما فيش حاجه هتخليك تفلتي من تحت أيدي
حلا : إللي أنا بقوله ده هو اللي حصل ... أمال فكرك يعني مراتك مش بيثبت لها حمل ليه ! ربنا بيخلص منك اللي انت عملته معيشك تدفع ثمن ذنبك وعمرك ما هتشوف ولا تجرب طعم الضنا بسبب إللي أنت عملته وبذنب رنا
لينتبه كل منهما وإلتفا للخلف إثر إستماعهم لصوت شيء سقط وإرتطم بغالارض مصدراً صوت عالي فهرول غانم على الفور ناحية سلوى أرضاً
وحملها ليصل لغرفتها وهو يأمر جميل و رجاله بالتحفظ على حلا و عادل.
ظل غانم مع الطبيب الذي اعطغى سلوى حقنه مهدئه وطمئه عليها ثم غادر
مكث بجوارها لفتره طويله و طوال تلك الفترة وهو يفكر عن ما قالته حلا وما سيفعله معها و قد طراود لعقله المئات من الأفكار إلى أن وقف وقرر الذهاب إليها.
ذهب للغرفه المظلمه التي تحفظ عليها رجاله بهة هي وعادل.
سحبها من ذراعها وهي تردد: سيبني... بقول لك سيبني ما تلمسنيش
وضعها داخل سيارتي قسراً وهو يردد: صوتك ما أسمعهوش اغحسن لك، أنتي سامعة ؟
لهجته وطريقته في الحديث أخافتها بل أرعبتها وجعلتها تصمت تماماً.
إلتف حول السيارة ثم جلس خلف عجلة القيادة و أتجه بسيارته خارج المنزل نهائياً.
ظلت تنظر على الطريق من كل الجوانب وهي تردد بخوف : هو في إيه إحنا رايحين فين؟ انت واخدني على فين
لكنه لم يكن يجيب وبعدم إجابته كان يرعبها أكثر.
فرددت : إياك تفكر تعمل فيا حاجه... لو فكرت تقتلني ولا تموتني انا مش هسكت لك سامع ولا لا
عض شفته السفلى يحاول كبح غضبيده ثم قال : إيه هتعرفي تعملي لي حاجه يعني بعد ما أموتك؟ غبية وكل تصرفاتك غبية زيك .
هدر الجمله الاخيرة بعنف مما جعلها ترتد للخلف وتصمت تماما مقرره عدم اللعب معه على الأقل حالياً.
ف تراه يتوقف أمام بيت أحلامه ويسحبها له.
فتح الباب وألقاها للداخل وهي تردد: أنت جايبنا هنا ليه؟!
دلف وأغلق الباب خلفه وهو يردد: أنتي سارقه فلوس بثلاثة مليون ونص و واجب عليكي السداد، يا ترجعيها يا تسدديها
نظرت له ثم قالت بعند : فلوس إيه إللي أرجعها أنسى يا حبيبي.
إلتوى جانب فمه بإبتسامة شيطانيه وهو يردد : يعني مش هترجعيها ...... حلو ..... يبقى تسدديها .....