رواية روحي تعاني الفصل الرابع عشر 14 الجزء الثاني بقلم أية شاكر

رواية روحي تعاني

الفصل الرابع عشر 14 الجزء الثاني 

بقلم أية شاكر


-عارف بقا أنا أمنيتي دلوقتي ايه؟


قال بنبرة لينه:

-إيه يا قلبي؟


تسارعت دقات قلبها وكلمة قلبي اللي هو قالها بتتردد في عقلها، لما طول سكوتها سألها: 

-إيه أمنيتك وأنا أحققهالك؟ 


بلعت ريقها وقالت بنبرة مرتعشة:

-أمنيتي أنزل أبوس راس أختي نسمه وأنام عندها ولو تحت السرير عادي...



بصلها بمكر وقال بابتسامة:

-أفهم من كلامك إنك خايفه مني!


-أنا مش بخاف إلا من اللي خالقني... بس تقدر تقول كده مش واثقه فيك ولا بثق في أي راجل عمومًا.


-ولما إنتِ كده إيه اللي مطلعك عندي في الوقت ده!


-غباء بعيد عنك... أنا كنت نمت في الشارع أرحم...


كانت بتبص في عينه ولما انتبهت إنه بيقرب بزيادة زقته بإيديها بلطف وقالت:

-ابعد خمسه سنتي بس عشان النفس الله يكرمك.


بعد عنها خطوات وهو بيضحك وقرب خطوه تاني وقال بابتسامة:

-ماشي يا ست سمر... بس يكون في علمك أنا بعدت بمزاجي لأن بعد امتحاناتك هنعمل فرح إن شاء الله وبعدين هـ...


قاطعته سمر اللي حطت ايديها على بوقها بصدمة وكأنها افتكرت إنها طالبه وعندها دراسه! وامتحانات نص السنه على الابواب وقالت بنبرة مصدومة:

-امتحاناتي! دا أنا في التراوه خالص! أنا لازم أروح الكليه بكره لأني محضرتش ولا مره من بعد الميدترم...


-أيوه ركزي يا سمر عشان تعدي السنه دي على خير لأن بعد كده هيكون فيه أطفال وبيت وزوج...

قال أخر كلمة بابتسامة وهو بيشاور على نفسه، وكمل:

-ومسؤلياتك هتزيد فيعني ركزي يا روحي عشان تعدي السنه على خير ونخلص منها...


عدلت سمر من حجابها بتوتر، ولفت وشها للناحية التانيه ضحكت بسخرية وهي بتقول بخفوت وضاغطه على أسنانها بغيظ:

-إيه اللي أنا عملته في نفسي ده! 


بصت ناحية الباب تاني وهي بتفكر تهرب، وقلبت عينيها في الشقة لحد ما وقعت نظراتها على ياسين اللي واقف قصادها بيبصلها بابتسامة كشفت عن أسنانه البيضاء، اتوترت وحركت ايديها وهي بتقول:

-مـ... منور...


وبمجرد ما أنهت كلمتها النور قطع فضحك ياسين بصوت عالي وقال:

-كارت الكهربا شكله فصل... مش عايزك تقلقي خالص اقعدي مكانك على ما أجيلك...


قال أخر جملة وهو بيدور على كشاف، فمشيت سمر وراه وهي بتقول بنبرة مرتعشة:

-براحتك أنا أصلًا مبخافش وبعرف أمشي في الظلمه على فكره.


صرخت لما داست على دبدوب بلاستيك فعمل صوت، وكان ياسين وصل للكشاف فضحك وهو بيحط كارت الكهربا وبيقول:

-واضح طبعًا إنك مبتخافيش.


ولما الشقه نورت تاني، وقفت سمر تتأمل الدبدوب وبعدين قعدت تبص لياسين بطرف عينها وترجع تبص للدبدوب....

فتح ياسين اللابتوب بتاعه وقعد قصادها واتشغل بيه فقالت:

-ممكن أسالك سؤال؟


هز رأسه بالإيجاب فسألت:

-ليه أنا يا ياسين؟ شايف فيا إيه مميز عشان تصبر عليا بالشكل ده؟


ولأن ياسين مش بيعرف يقول كلام رومانسي كتب بسرعه في البحث على جوجل ما المميز في الفتاة للزواج بها؟ وسكت حتى اعتقدت سمر أنه مش هيرد عليها لكنه قال وهو بيبص للابتوب:

-قال النبي صلى الله عليه وسلم: تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك.


رفع رأسه ببطئ يبص لسمر اللي بتفكر في كلامه وهي عاقده حاجبيها، ورجع قرأ الحديث مره تانيه بعينه...

وبعدين بص لسمر وهو مضيق جفونه وبيفكر هو اختارها عشان ايه! مال! لأ معندهاش مال، جمال! اتأمل ملامحها العاديه لكنه عشان بيحبها شايفها أجمل بنت في الدنيا، والحسب والنسب! عادي جدًا والدين!

-مش عارف...

قالها ياسين بخفوت وهو سرحان....

أما سمر فكانت بتقول من جواها أكيد اختارني عشان جمالي الطاغي طبعًا!! 


هناك أناس بملامح جميلة وجذابه وبينكم تنافر عجيب، وهناك أخرون بملامح مقبوله وأقل من العادية يميل قلبك إليهم بلا سبب، ويجذبك نحوهم شيء خفي وقوى غريبة!


-مش عارف!! 

قالتها سمر، فقفل ياسين اللابتوب ووقف وهو بيقول بتوتر:

-لأ مش قصدي كده... بصي إنتِ فاجئتيني بصراحه بالسؤال ده وأنا مش محضر كويس فنتكلم وقت تاني...


قالها ودخل أوضته بسرعه وقفل الباب وراه، فوقفت سمر وقالت باستغراب:

-ماله ده!


رفعت صوتي وقلت:

-لعلمك أنا هعدي الليله دي وأروح عند بابا لحد الفرح...

سمعت صوته من ورا الباب:

-براحتك...


اتعصبت من كلمة براحتك! إي ده! للدرجه دي مش فارق معاه وعايز يخلص مني...


لقيته سبب مقنع جدًا إني أعيط فقعدت أفتكر كل حاجه مريت بيها في حياتي وأعيط....

استغفروا❤️

بقلم آيه شاكر 


★★★★★★

وصلت الإسعاف مع وصول ياسر ونسمه للبيت، شال ياسر آلاء لعربية الإسعاف...


ووقفت نسمه تحضن الاولاد اللي بيصرخوا وبينادوا مامتهم والكبير فيهم بيقول بأعلى صوته:

-متسافريش وتسيبينا زي بابا يا ماما...


قالت نسمه:

-هتبقي كويسه يا حبيبي...


حضنها الطفل الصغير جامد وهو بيبكي وبيقول ببراءة:

-ليه لازم حد يسافر كل فتره ويسيبنا...


قال التاني بهدوء ودموعه بتنزل:

-جدو وتيته سافروا وبابا كمان! كل اللي بيركب العربيه دي بيسافر ومش بيرجع... 


قالها وهو بيشاور على الاسعاف، وكان فاهم إنهم بيموتوا لكنه مصدوم...

بص ياسر لنسمه وتلاقت نظراتهم كأنه بيستأذنها إنه هيروح مع آلاء وبيوصيها على الأولاد فهزت رأسها بتفهم وقالت:

-هنيجي وراك.

نزلت دموع نسمه وهي بتبص على وش آلاء قبل ما يقفلوا باب العربية...


مشيت عربية الإسعاف ومسحت نسمه دموعها وحضنت الأولاد وقالت بثبات: 

-هتبقى كويسه صدقوني... تعالوا نجيب معانا هدوم لماما... ونروح وراهم...


وبعد فتره كانت راكبه تاكسي مع الأولاد وبتحاول تسيطر على دموعها! لكن مش عارفه لأن الأطفال كانوا بيعيطوا...


مكنتش عارفه هي بتبكي لأنها غيرانه إن جوزها راح معاها ولا بتبكي عشان أولاد آلاء اليتامى وعشان تخيلت نفسها مكانها...


وصلت المستشفى وابتسمت بفرح لما شافت آلاء فايقه، ولادها جريوا عليها يحضنوها...


وخرج ياسر مع الدكتور فخرجت وراه نسمه، قال الدكتور:

-أنا آسف بس... بس زي ما قلت هي مسألة وقت...


طبطب الدكتور على كتف ياسر وقال:

-ربنا يلطف بيها... ادعولها...


حست نسمه أن ياسر اتهز ما هو طبيعي يتهز إذا كان هي نفسها قلبها اتخلع من مكانه...

صعب جدًا تكون شايف شخص قدامك وعارف ومتأكد إنها مسألة وقت ومش هيبقى موجود! مش هيبقى بيتنفس زينا ومش هيبقى في الدنيا...


شاور ياسر لنسمه وقال بحزن:

-يلا ندخلها...


سمعوا آلاء بتقول لأولادها:

-تسمعوا كلام بابا ياسر وطنط نسمه...


قال الصغير:

-إنتِ هتسافري برده؟!


قالت بدموع وتعب:

-كلنا هنسافر...

الطفل الكبير كان ماسك ايديها ودموعه بتنزل، قال الصغير:

-طيب هو مينفعش نسافر معاكي! 

-لأ يا حبايبي خليكوا مع بابا ياسر مش انتوا بتحبوه؟


قال الكبير:

-اه بنحبه بس بنحبك أكتر...


حضنتهم آلاء وعيطت وهي بتقول:

-مفيش في ايدي حاجه يا حبايبي... سامحوني يا ولاد...


قال الطفل الكبير بانكسار:

-إنت هتروحي عند بابا وجدو وتيته...


قالت بتعب:

-أيوه...


قال الطفل الكبير بدموع:

-طيب ابقي قولي لبابا إنه وحشني أوي وابقي خليه يجيلي في الحلم وإنت كمان زوريني...


باست آلاء ايد ابنها الكبير بتعب، ولما لاحظت نسمه وياسر حاولت تتعدل بس مقدرتش، فقربت منها نسمه وقالت:

-ارتاحي يا حبيبتي...


قالت آلاء وهي بتتنفس بصعوبه:

-ولادي أمانه معاكوا.


طبطبت نسمه عليها وقالت:

-متتعبيش نفسك بالكلام...


مسكت آلاء ايديها وقالت: 

-سامحيني بالله عليكِ...


-والله مسمحاكِ...


بصت على ياسر وقالت:

-وإنت يا ياسر... سامحني...


انحنى قصادها وقال:

-سامحيني إنتِ... 

سكتت شويه وكلهم بيبكوا حتى الأولاد، قالت آلاء بدموع:

-ولادي يا ياسر... ولادي...


غمضت آلاء عنيها وافتكروها ماتت فانهارت نسمه، ونادى ياسر الدكتور اللي قالهم إنها دخلت غيبوبه...


وبقت تغمض وتصحى تاني تقول:

-ولادي... 


ونسمه قاعده جنبها وعارفه إنها بتحتضر...

كل لما تقول«ولادي» تبوس نسمه ايديها وتبوس رأسها وتطمنها..

ابتسمتلها آلاء اللي ظهر قطرات العرق على جبينها وغمضت عينيها تاني، فباست نسمه ايديها وقالت ببكاء:

-سامحيني يا آلاء... ياريتك تعيشي وأنا والله مستعده أتقبلك وهنعيش سوا عادي...


شهقت نسمه بالبكاء وحطت ايديها على قلبها وهي بتقول:

-أكيد.إنتِ فاهمه الغيره دي غصب عني... اعمل ايه ربنا خلقنا كده... وكمان ياسر خبى عليا...


مسحت دموعها وكملت:

-بس أنا مستعده أستحمل عادي في مقابل انك تعيشي مع ولادك...


دخلت همسه وهي مصدومه ومتوتره، قالت بخوف:

-مالها يا نسمه؟!


مردتش نسمه وفضلت ماسكه ايد آلاء، قربت همسه من آلاء وقالت بذعر:

-أنا جيت يا لؤلؤه... حبيبتي سمعاني؟


مسحت همسه جبهة آلاء ففتحت عينيها وسألت:

-ولادي فين؟

-مع ياسر يا حبيبتي بره متخافيش...

قالتها همسه، فردت آلاء بتعب:

-مش خايفه... عشان ربنا رحمان رحيم...


غمضت عينها تاني وكل ما همسه تمسح عرق جبهتها يزيد أكتر فبكت همسه وقالت بخوف:

-هتسيبيني يا آلاء!! شكلها ساعة الوداع....


بدأت آلاء تهذي بكلام مش مفهوم وبعدين نادت بإسم سمر كتير، وقالت:

-عايزه سمر... فين سمر؟


وفجأه ابتسمت وقالت:

-أشرف إنت جيت!... لا استنى شويه هكلم سمر... أنا عايزه سمر... أنا عايزه سمر.


كررت اسم سمر كتير فجري ياسر للبيت يجيب سمر....


             ★★★★★

                «سمر»

كنت قاعده لوحدي بكلم نفسي وأعيط وأنا باكل زبادي فراوله وموز أهي حاجه أسلي بيها نفسي بعد ما ياسين دخل أوضته وسابني ما أنا مش فارقه معاه...


وفجأه خبط حد على باب الشقه جامد وهو ضاغط على الجرس، أنا قلت أكيد دي الحكومه هما اللي بيخبطوا كده!! وقلت في نفسي يا ترى ياسين عمل مصيبة ايه؟!


خرج ياسين من أوضته وهو بيقول:

-طيب... طيب... مين؟!


مسحت دموعي بسرعه وقلت بتوتر:

-رايح فين؟! اوعى تفتح دي أكيد الحكومه إنت عملت ايه؟!


قال باستخفاف وهو بيقرب من الباب:

-حكومة ايه! 


فتح ياسين الباب اللي كان ياسر واقف وراه بيتنفس بسرعه وكأنه كان بيجري، قال:

-فين سمر بسرعه؟!


-سمر هنا أهيه... 


لما قال اسمي خوفت وكنت مقرره أجري من باب المطبخ وأهرب، لكن قررت أشوف مين على الباب ولما شوفت ياسر اتنفست بارتياح وقلت:

-أنا هنا في حاجه؟


-البسي بسرعه آلاء عايزاكِ.


قلت باستخفاف وأنا شابكه إيدي:

-ضرة أختي!! لأ أنا مبروحش لحد...


اتجمعت الدموع في عينه وقال:

-يا سمر آلاء بتمـ ـوت وطالبه تشوفك...


وتبقى كلمة المـ ـوت هي أصعب كلمة على الإطلاق، حسيت جسمي تلج، أنا عارفه إنها مريضه لكن متخيلتش إنها ممكن تمـ ـوت بالسرعه دي!


خرجت معاه ومعانا ياسين اللي مسك ايدي بيحاول يطمني لكني بعدت عنه، كان جوايا دربكه ودوشه كتير، هي هتمـ ـوت بجد! بس ولادها صغيرين! هتمـ ـوت وتسيبهم! ايدي بدأت تترعش ولما حس ياسين حاول يمسك ايدي فسحبتها تاني، قال:

-اهدي...


وقفت قدام الأوضه أبص لياسين اللي شاورلي أدخل...

كنت حاسه إن أنا اللي همـ ـوت من الأفكار اللي بتدور في راسي...


بصيت في الأوضه وسألت نفسي يعني ملك الموت هنا دلوقتي؟! طيب واقف فين! 


كنت خايفه أتحرك أو أقرب من آلاء ورجلي ثقلت بصيت لألاء وبلعت ريقي وكان فيه آيات بتتردد في أذني:

-فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ } 


أي إذا بلغت الروح الحلقوم، وأنتم تنظرون للمحتضر في هذه الحالة ونحن أقرب إليه منكم، بعلمنا وملائكتنا، ولكن لا تبصرون.


خرجت من شرودي لما سمعت آلاء بتنادي اسمي:

-سمر فين؟! عايزه سمر...


همسه ونسمه بصولي فقربت منها مسكت ايديها وقلت بنبرة مهزوزة:

-أ.. أ... أنا سمر...


حاولت تفتح عينيها بصعوبه وتبصلي، كنت فاكراها هتطلب مني السماح مثلًا، شاورتلي اقرب ودني منها، وقالت بهمس:

-صلي يا سمر... نعيم الدنيا... هتلاقيه في... في الصلاة.... صلي و... ولازم يكون ليكِ دعاء تدعيه.... وادعيلي...


حسيت قلبي اتخطف ووشي اصفر، هي عرفت منين إني مقصره في الصلاة! كملت آلاء بهمس:

-وإنتِ بتتوضي تخيلي إن المايه بتغسل ذنوبك اللي عملتيها وكل نقطه تنزل منك اعتبريها ذنب عملتيه وبتتطهري منه قبل ما تقفي قدام ربنا...


سكتت فبعدت عنها شويه، رددت بتعب:

-صلي... اخشعي... قربي... قربي... قربي من ربنا...


قمت وقفت وبعدت عنها وأنا مصدومه... لكن همسه ونسمه مكانوش فاهمين ولا سامعين اللي قالته...


سكتت شويه ونادتني تاني:

-سمر...


قربت منها تاني ومسكت ايديها فقالت بأنفاس متقطعه:

-سامحيني... لما... لما همسه تقولك... سامحيني.


مفهمتش هي تقصد ايه بس واضح إن همسه كانت فاهمه، قلت بنبرة مرتعشة وانا عيني متحجرة مش عارفه أبكي:

-مسامحاكِ... والله مسامحاكِ على أي حاجه وكل حاجه...

محستش بنفسي إلا وأنا ببوس إيديها...


ابتسمت آلاء وسكتت، بصت قدامها ونسمه وهمسه كانوا بيعيطوا في جنب، ولما دخل ياسر فقالت ألاء:

-أشرف... إنت جيت... 


بصلها ياسر وسكت وبص للأرض، كانت باصه ناحيته بعين شِبه مفتوحه، هزت راسها بالنفي وهي بتقول بصوت هامس من شدة التعب:

-لأ أنا تعبت هنا خدني معاك... 


قالت بكلمات متقطعه:

-الولاد... مع ياسر... ونسمه... وهمسه هنا....


همسه ونسمه بصوا لبعض بقلق وغمضت آلاء عنيها وهي بتتألم وتتوجع وبعدين سكتت....


العرق كان على جبينها ودي من علامات حُسن الخاتمه...

حسيت إن رجلي مش شيلاني أول مره في حياتي أشوف حد وهو بيحتضر ويمـ ـوت قدامي، ولما كشف الدكتور عليها قال:

-البقاء لله... إنا لله و انا اليه راجعون.


لأول مره أشوف ياسر بيبكي وهو حاضن نسمه اللي بتبكي أكتر منه...


هيثم كان حاضن همسه وهي تبكي ومنهاره....


أما أنا فمكنتش عارفه أبكي! وقف ياسين قدامي وبصلي بعمق زي ما يكون مستنيني أبكي، أو أعمل أي رد فعل! فنزلت عيني وبصيت للأرض وعقلي مش مستوعب المشهد! 


قال:

-إنتِ كويسه؟


هزيت راسي بالإيجاب، كنت حاسه إنه مستغرب هدوئي أو يمكن بيقول البت دي قلبها حجر منزلتش دمعه! 


تمت الدفنه وحصل حاجات كتير وأنا لسه مش مستوعبه...


صرخات همسه ومنظر نسمه وهي بتعيط مش بيروح من مخيلتي، وجملة ياسر اللي كان بيكررها:

-يارب أكون حفظت أمانتك يا أشرف...

بتتردد في أذني...


قمت قعدت جنب ياسين اللي بيحاول يلعب مع الولاد ويضحكهم، ابتسمت بضياع وأنا شايفاهم لكن مش سمعاهم وأنا بسأل نفسي هيعيشوا ازاي من غير أب وأم! 

افتكرت والدي وحمدت ربنا إنه عايش، حسيت إني عاوزه اروحله دلوقتي وأحضنه جامد وأقوله أوعى تسيبني أبدًا...

صلوا على خير الأنام ❤️ 

بقلم آيه شاكر 

★★★★★

-إنت بتقول ايه يا بابا! آلاء ماتت!

قالها الشاب بصدمة، كان واحد من اللي أخدوا السبعه مليون وهربوا، قال والده ببهجه:

-أيوه ارتاحنا منها... وعيالها هناخدهم وكل حاجه هتكون بتاعتنا وملكنا... أنزل من السفر بسرعه إنت واخوك عشان نشوف هندير الشغل ازاي...


بلع الشاب ريقه وحمحم بارتباك وقال:

-طيب يا بابا معلش عندي شغل مهم هقفل وهكلمك تاني...

قفل الشاب ورمي تلفونه بعصبيه ضـ ـرب الجدار بقبضة إيده، افتكر ازاي أخوه وعيال عمه أقنعوه إن اللي عملوه صح وان ٧ مليون حقهم...


كان بيكلم أهله عشان يعرف هما عرفوا باللي عملوه ولا لا، افتكر آلاء وافتكر لما كان بيروح يلعب مع ولادها، كانت دائمًا تقوله:

-إنت مش شكلهم يا «مالك» لكني ساعات بخاف منك! 


كان ليها حق تخاف منه! مش قادر يستوعب إنها ماتت خلاص...

سالت دموعه وضميره أنبه واعترف قدام نفسه أن حياته كلها غلط...


افتكر البنات اللي أخوه وعيال عمه مصاحبينهم واللي كانوا بالصدفه نفس البنات اللي عايشين مع سمر في الشقه، افتكر يوم ما كانوا واخدينه الشقه عشان يتعرف على سمر لكن طلعت غيرهم...


حمد ربنا إن الفلوس كلها حولوها لحسابه ولسه معملش بيها حاجه واخد قراره...


بص من البلكونه والحزن والندم بيطل من عينه وقال:

-من لم يكن الموت واعظ له فلا واعظ له...

استغفروا♥️

                    ★★★★

                     «سمر»


وبعد يومين مكنتش نزلت دمعه واحده، كنا نعتبر قاعدين في بيت آلاء أنا ونسمه وياسين وياسر وهمسه وهيثم...


وياسين كان بيحاول يلعب مع الأولاد ويضحكهم، الكبير فيهم كان باين عليه الحزن والصغير كان بيلعب...


في اليوم ده الباب خبط ودخل اتنين رجاله ومعاهم اتنين ستات... قالوا إنهم أعمام آلاء وزوجاتهم...


قعدت جنب نسمه اللي قاعده وسطهم وبتاخد العزاء، وفجأة وقفت ست من اللي قاعدين وقالت بحدة:

-ماشي يا جماعه اتفضلوا سعيكم مشكور...


استغربت نسمه وقالت:

-نعم!!! يعني ايه؟!


قالت الست التانيه:

-يعني ولادنا احنا أولى بيهم اتفضلوا...


قامت نسمه بسرعه تنادي ياسر وهيثم اللي كانوا برده بيتخانقوا مع أعمام آلاء...


فقال ياسر بنفاذ صبر:

-اسمعوا بقا اللي عندي... البيت ده باسمي والشركه كمان باسمي... عايزين تاخدوا ولادكوا تربوهم مفيش مشكله نشوف رأي القانون في الكلام ده... ودلوقتي اتفضلوا سعيكم مشكور...


-يعني ايه البيت والشركه بإسمك؟

قالها واحد من أعمام آلاء فرد ياسر وهو رافع رأسه:

-يعني اشتريتهم من آلاء...


قال الثاني بنبرة عالية:

-إنت حرامي...


قال ياسر بنفس النبرة:

-اتكلم باحترام إنت في بيتي.

قالها ياسر وهو بيضغط على كلمة بيتي فقال عم آلاء الأول:

-ماشي... بس احنا لينا فلوس عن آلاء ولازم ناخدها...


اتدخل هيثم وقال:

-٧مليون! صحيح كان ليكم فلوس وعيالكم خدوها بحيلة زباله تنم عن تربيتهم طبعًا...


-إنت بتقول ايه يا جدع إنت!

قالها واحد من أعمام آلاء، فرد هيثم:

-تقدروا تسألوا ولادكم اللي خدوا الفلوس وسافروا قصدي هربوا...


شبك ياسر إيديه وقال ببردو:

-ودلوقتي اتفضلوا سعيكم مشكور.


خرجوا من البيت ونظراتهم بتشع غضب...


قرب ياسر من هيثم وسأله:

-ايه الحكايه!! فلوس ايه اللي خدوها...


-هفهمك قصدي... ٧ مليون اللي دفعتهم آلاء كانوا لـ ولاد عمها...


وقفت أسمع الحوار بين هيثم وياسر وهمسه، قلت بنبرة متحشرجة:

-عشان كده آلاء كانت بتقولي سامحيني!


هزت همسه راسها بالإيجاب فقلت وأنا ببلع غصة حلقي: 

-مسمحاها...


تخيلت صورة آلاء ونظراتها وقلقلها يوم ما شوفت ياسر بياكلها بايده، وافتكرت أخر كلامها معايا عن الصلاة...

سيبتهم يتكلموا ولفيت في بيت آلاء ودخلت أوضتها شوفت ركن الصلاة بتاعها ومصحفها، فتحته على الصفحه اللي كانت آلاء واقفه عندها وقرأت بصوت هامس:

«قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ »


ترغرغت عيني بالدموع، وكأن عقلي بدأ يستوعب اللي حصل فجأة! 


انتبهت لما ياسين فتح الباب وقال:

-يلا يا سمر نروح بيتنا نريح شويه ونيجي تاني...


كان مادد إيده بصيتلها شويه ومسكت إيده وقومت معاه....


وقبل ما نخرج رن جرس الباب، ولما فتحنا ظهر شاب أنا عارفاه وشوفته قبل كده، قال بنبرة مهزوزه:

-أنا مالك.... مالك ابن عم آلاء...

متنسوش التفاعل 


          الفصل الخامس عشر من هنا 

    لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات