رواية أمنيات اضاعها الهوى
الفصل السابع 7
بقلم أسما السيد
"كل الجروح تلتئم إلا جروح القلب التي يفعلها الخذلان بأصحابها تبقي دائمًا محدثة أثر لا يزول مع الزمن"
حاليا لا تملك إلا أن تعاود صُلح شقيقتها. قلبها يحدثها أنها تعلم عن ربى شيء. لكن عليها أن تنسج خطة محكمة؛ لتستطيع أن تثير شفقتها أو ربما خوفها، وتوصل عقلها لشيء ما لن تستطيع أن تكذبها شقيقتها ما أن تخبرها به. لقد كانت دائمًا بئر أسرارها وتدفعها على ما لا ترضي هي بها، تشجعها وتحثها على الدوام.
ستضغط علي حالها حتي تصل لمرادها قبل أن يفتضح أمر ابنتها، وتشمت بها فتنة، وعائلة زوجها.
يكفيها زوجة ابنها تلك العلكة التي باتت متأكدة أنها تعلم كل شيء وتتفنن بإلقاء الكلمات الشَّامته بها.
مؤكد استمعت لهما تلك الليلة أو ربما ولدها الذي يسير خلفها كظلها من أخبرها، وهذا هو الاحتمال الأرجح.
ارتدت عباءتها، وخرجت غير مكترثة بتساؤلات زوجة ابنها، وخرجت متوجهه لبيت شقيقتها، وهي تلعن تحت انفاسها ابنتيها اللتان دفعتاها؛ لتنحني ولأول مره بحياتها.
ما أن فتحت شقيقتها لها ورأتها الا وكادت تغلقه بوجهها لكنها، هتفت بغضب:
_ أين ريم ؟
_ لا ابنة لكِ عندي هيا يا نعمه لا أريد أن تحدثِ فضيحة هنا.
ارتفع صوتها، وهي تنادي ابنتها الصغرى لكنها لم تجيبها. تعلم أنها هنا لقد رأتها بشرفة المنزل قبل دلوفها تنشر الثياب.
تملكها الغضب لكنها هتفت بصياح :
_على كل حال لست هنا من أجل الحقودة التي بالداخل، انا هنا من أجل ربى أخبريني أين هي؟ لم يترك محمود مكان إلا وبحث عنها به. لقد هَاتفنا زوجها أمس يسأل عنها وعن طفلهِ.
اتسعت إبتسامة شقيقتها بل فلتت منها ضحكة صاخبه وهي تنظر إليها مردفة باستنكار من كذبات شقيقتها التي لا تنتهي:
_ لا تمثلي تلك التمثيلية مجددًا ! أي زوج من يسأل عنها يا نعمة؟!
يا الهي أي أم أنت ِ..! أما زلتِ تختلقين الكذبات انا وأنتِ والبلدة بمن فيها يعلمون أنه غارق بالعهر والفاحشة خارج البلاد.
دعكِ من هذا ألا ترين صورة على الانترنت هو وتلك الحقيرة التي يعيش عالة عليها.
ألا تحزني علي ابنتك التي أَلقيتِ بها للهلاك من أجل حقير مثله؟!
أي قلب تملكين انتي؟مما أنت مصنوعة؟حجر!
_ لا دخل لكِ بصناعتي يا شهيرة. أتعلمين كانت غلطة عمري حينما استأمنتك عليهن لقد افسَدتهن بدلالك، وتلك الأفكار المتحررة، ألا ترين كيف ينظر الناس لكِ؟!
أرادت نعمة أن تحرقها كما احرقتها بالكلمات، تعلم أن شقيقتها ضعيفة الشخصية، وان أظهرت عكس ذلك وأن زوجها رحمه الله من كان كسد منيع يواجه عنها كل شيء أما الآن فلا أحد سيرد عنها.
لكنها تفاجأت بتلك التي خرجت مندفعة تحارب عنها ولم تكن إلا ابنتها:
_ نعم نري يا أمي ، نري كم يعقدون المقارنات بينك وبينها بكل شيء!
فهي عكسك تماما على كل حالٍ . يكفي حنو قلبها واحتوائها لأبنائها، وبنات شقيقتها ذو القلب المتحجر.
_ ريم اخرسي
_ لن أخرس ياامي ..إلي متى تريدين اخراسي بعد. لن ادعك تبخين سِمك بخالتي؟ ماذا تريدين منا بعد؟!
زواج…تزوجنا..أموال وورث ..تركناه لابنك المبجل..ماذا بعد؟
اتركونا بحالنا يكفي ما حدث لربى التي لا نعلم عنها شيء! يكفي لهنا.
خرجت بُخفي حنين، لم يوجعها قدر أن ابنتها انحازت لشقيقتها التي طالما فضلها الجميع عليها.
ما بها شقيقتها زيادةً عنها، قبل أن تدلف لشارعها اتسعت عيناها بصدمة.
صدمة من صدفة لم تكن تتوقعها بأقصي أحلامها..لقد عاد ابن فتنة!
___
_ عيناه جابت صورها من جديد ومنذر يحدثة عنها وعن كل ما توصل له عن حياتها. عن تلك التي تحدت آل الزينى، ولم تكترث واشترت عداوتهم.
قبل أن ينتفض ليخرج من الشقة ليلحق بالعشاء المقدس..
ببيت الزيني.
منظومة أخري لا يسمح باختراقها أحد تسير حياتهم كما يسير العمل بآلية، ونظام غير مسموح لأحدهم أن يخترقة ويتخلف عنه مخافة من ثورة الجد الذي لا يرحم أحد.
وحده بيجاد دومًا ما كان خارج المنظومة دائمًا، ولا يعبأ لأحد بعدما يأس الجد من إخضاعه له، وأن يجعله يسير تحت كنفه لكن ما أن لمح تمرد بيجاد عليه، وعلم أنه قادر علي التخلي عنه، وعلي أن ينجح وحده قرر الخضوع له؛ لعلمه أن وحده بيجاد بشخصيته الجاده التي لا ترحم قادر على علو شأن صناعتهم. ناهيك عن والده الذي أسقط إسم الزيني أرضًا بنزواته وعهرة وتلك الاشاعات التي طالت اسمه .
لذا لم يرد أن يخسره، ويخسر باقي أحفاده الذي زرع فيهم قيمًا ومبادئ لا عبث فِيها لكن خير من ورثها كان بيجاد .
فصارت كلمته وحكمه يوازي حكم الجد إن لم يكن يسبقه.
الآن بعد كبره، وبعد تلك الحادثة التي أودت بما تبقي من رحمة بقلب بيجاد بات الجد يهابه، ويهاب كل ما يخصة.
حان وقت العشاء، واجتمعت الأسرة جميعها عداه هو.
اقترب الجد يتسند علي عصاة بوجه صارم كما اعتادوا منه.
كان يستمع لِثرثرتهم، وهو يهبط الدرج، وإلى شجارهم المبطن بشأن ما حدث.
لمعت عيناه بالغضب، وهو يتوعد كل من تسبب بتلك الحادثة ما أن اقترب خنست الألسنة، واحتل الصمت مائدتهم.
حياهم الجد باماءةٍ من رأسه، وعينيه تحوم بحثًا عنه كبيرهم من بعده هكذا فكر بتهكم .
لقد أرسل له أن يأتيه فورًا لكن كالعاده لا يلتزم أبدًا يأخذ اوامره هباءً اللعنة على تمرده. فاض الكيل بالجد فدق عصاة بالأرض، مردفًا بغضب:
_ فادي أين إبن عمك إلى الآن؟ ألم تخبروه بطلب حضوره على الفور أم ماذا؟
ابتلع فادي ريقه، ومسح على وجهه بغضب مكتوم يقاوم بضراوة ألا يظهر للعلن، وهتف بهدوء عكس التوتر الذي احتل داخله:
_ أخبرته يا جدي وهو الآن بطريق العوده لا تقلق أبدًا
_ لا اقلق، وكيف لا أقلق، وكل تلك المصائب فوق رأسنا برأيك يا دكتور فادي؟! إلى متى سأظل ألملم من خلفكم مصائبكم الواحد تلو الآخر؟!
ابتلع فادي ريقه بصعوبه لم يعد بقادر على تحمل المزيد يعلم أن جده لا يرحم بالخطأ. كم يخنقه الروتين ويخنقه الضغط النفسي الذي دائما ما يعيشون به منذ ولادتهم!
ليته يستطيع التمرد والرحيل وإلى الأبد، واللعنة على المال وما صنع منهم.
واجهت عيناه عينا جدة، وهالهُ نظرته السوداوية التي دفعته ليقول:
_ ياجدي الجميع يعلم من نحن، وما نستطيع أن نفعل للرد على تلك المرأة إن كان هي أو من حولها لكن ليس نحن من اعتدنا اهانه النساء سنرد عليها لكن بطريقتنا الخاصة كما أننا سحبنا كافة الإعلانات الداعمة لمحطتها، وقمنا بالاجراءات القانونية اللازمة، وهذا كفيل بردنا عليها أنها القاضية لهم.
على كل حال لن يصمدوا كثيرًا فجميع شركاؤنا فعلوا المثل تضامنا معنا. لقد علمنا من مصادرنا مدى صدمتهم وتوترهم.
لا يعلم كيف خرجت منه تلك الكلمات لم يكن من محبي الحديث عن العمل يوما لكن حينما وقعت عينه على نيره شقيقته وبعيونها نظرة سخرية ازعجته، هتف بغيظ ولم يكترث.
نظرتها تشبه نظرة عمه فريد بل هي نفسها. جن جنونه من غطرستها وحقدها التي لا تكافح ولو قليلًا؛ لتخفيه فنيره هي الأقرب شكلًا ومضمونًا من عمه فريد و طباعه الحادة الهدامة لكل ما هو جميل؛ لذا لم يرد أن يصمت، وهي تتلمس الأخطاء لسياسة بيجاد وسياستهم.
بادلها بأخري لا مبالية جعلتها تهتف بغيظ:
_ أي اهانه يا دكتور فادي ما تتحدث عنها تلك المرأة تستحق القتل بل تستحق فضيحه لا مثيل لها كما فعلت لنا، وعلى كل حال إن كان هذا رأيكم.. دعني أنا أرد عليها، ومنها أكون امرأه تجاه أخرى لكن أن نصمت هكذا لا يمكن.
لقد أصبح إسم الزيني علكة على كل الألسنة والفضل لها، ولتلك المرأة اللعينة زوجة الرجل التي ادعيتم أنه أنتهي أمرها، ولن تفتح فمها أبدًا مجددًا.
بتلك اللحظة دلف فريد الزيني بهيبته وغطرسته الواضحة التي لم يمحها الزمن غير مكترثًا بالأعين التي احتدت ما أن دلف .
حياهم ببساطة، وجلس أمام ابنة شقيقة، ولمعت أعينه بالشر والظفر من كلامها، مهما ادعي فريد الزيني الطيبه دواخله ونواياه خطرة .
ـ ما هذا الهراء نيره ماذا تريدين ان تفعلي ؟
ـ ما سمعته لا تتدخلي انت يكفيك شغل البيبي ستر التي تجيدين فعله حتى طفل صغير معافي لاخي لم تستطيعي انجابه له!
ـ نيره !
ـ نيره اخرسي!
وازي صوت فادي صوت فيصل الصارخ على شقيقته؛ ليصمت فادي احترامًا لشقيقه الأكبر ما إن أردفت بتلك الكلمات
خفضت فيروز رأسها بصمت موجع حتى أنها كادت تترك المائدة بأكملها لولا يد فيصل التي تمسكت بها من أسفل المائده؛ لتجلس.
ألقى عليها نظره حنونه بينما شرع يمسد كف يدها بحنو
كم يعشقها ويعشق تفاصيلها ! هي نقطة ضعفه الوحيدة كما يعرف الكل. يعشقها بجنون وهذا سبب خلافاته معها بسبب غيرته المجنونه عليها لكن عدا ذلك لا يهتم ابدا لا بِطفل ولا طفلة.
ابتلعت نيره ريقها بذعر داخلي بينما تحاول الثبات أمام غضب شقيقها الذي يشبه العاصفه ما أن يمس زوجته المصون.
اللعنة عليها دائما لا تستطع الصمت! عليها الثبات الآن حتى لا تظهر بمظهر حَرج أمامهم من رعبها منه لكنها التفتت لتنظر لعمها الحبيب الذى حضر أخيرًا بنظره استنجاد فهمها الجد، وهو يراقب كليهما .
ـ اياكِ والحديث مع زوجتي هكذا مرة أخرى، وإلا كسرت عظامك، وقطعت لسانك السليط هذا.كم مرة أخبرتك من قبل لا تتدخلي بما لا يعنيكِ، وبالأخص وضعي أنا وزوجتي.
ـ فيصل هي لم تقصد اهدأ.
هكذا هتفت والدته بعدما توسلته بعيناها ألا يتهور أمام الجميع لكنه لم يهدأ بالعكس نظرة والدته، ودفاعها عن شقيقته بالخير والشر يجعله بأقصى درجات جنونه منها لكن ارتفع صوت مستنكر آخر علي صوته جبره أن يصمت:
ـ فيصل اترفع صوتك وأنا هنا بينكم!
اخرسه صوت الجد مؤقتًا ناويًا معاقبتها فيما بعد. حاولت فيروز تحرير يدها من يده لكنه أبى أن يفعل بل رفعها مقبلًا إياها بعشق لا خلاص لها منه، وهو يحرك شفتيه يذكرها بشيء خاص جدًا بينهم وينهىهِ بقبلة على يديها، وهو يهمس:
" أحبك يا فزورتي"؛ لتبتسم جبرًا عليه، وعلى أفعاله الطفولية التي لا تنتهي.
ازداد سخط نيره ومشيرة؛ لتردف نيره بحقد، وهي تنقل نظرها بين العم والجد لاسيما عمها الذي يستمع لها بنشوه نصر.
وهي تحكي خطتها التي اقترحتها له من قبل للخلاص من المذيعة لكن باختصار واقتصاص المثير منها، وكل ما يخصها لكنها لم تزيد الطين إلا بلل بسبب صرخة فيصل عليها الذي اتسعت عيناه صدمةً مما تحكيه بأريحية:
_ نيره اصمتي أفضل لكِ منذ متي والنساء تتدخل بأعمالنا؟!
ثم ما كمية الشر التي تتمتعين بها هذة! من أين لكِ كل هذا؟! الأمر لا يستدعي كل ذلك سنتدخل قانونيًا ونحلها لا داعي لعك النساء ومكرهم.
علي الرغم من أن "فيصل" هو أساس الكارثه هو وعمِها وهما من افتعَلوها بمصنعهِم الذي جعلهم الجد مسؤولان عنه إلا أنه كان ذو لسان سليط دائمًا بالحق، غيورًا متملك على ما يخصة من النساء. لا يخشى أحد ولا حتى الجد نفسه فحينما فعل صرح بفعلته، ولم يكترث بغضب عمه منه، ورغم أن الجد مازال غير راضيًا عنه إلا أنه لم يعترض فيكفيه فخرًا اعترافه بفعلها عكس ابنه الذي أنكر تمامًا علاقته بما حدث ولصقها بابن أخيه الشاب.
هتفت نيره ببرود:
_ أنا أقول الصدق يا فيصل لقد أصبحنا علكه، والصحافة والإعلام يلاحقوننا من هنا لهنا تلك المرأة عليها دفع ثمن ما فعلته. ليتها تحترق في الجحيم إلى الأبد !
_ وماذا تقترحين يا سيدة نيره؟
كان هذا صوت فادي الساخر الذي خرج عن صمته أخيرًا. لطالما كان يتجنب الحديث خصيصًا بوجود الجد لكن تلك المرة صرح بتهكم متجاهلًا صوت الجد الذي اخترق آذانهم بأن يصمتوا، ويكملوا طعامهم، وهو سيتكفل بالأمر لكنها لم تستمع كانت بحرب نظرات بينها وبين فادي الذي اشمئز منها ما أن لفظت ما لفظته:
_ لا وقت لاقتراح يا دكتور فادي لقد بدأت بالفعل.
انتفض فيصل من مكانه صارخًا بها بقوة أكبر:
_ ماذا فعلتي يا نيره؟ اللعنة عليك؟
لمعت عينا فريد الزيني بمكر ونصر.كم يتفاخر بتلك الفتاه فلم تخيب له ظنًا أبدًا هي الوحيدة من بينهم تماثلة بكل شيء حتى بسرعتها واندفاعها.
عينا فريد التي لمعت بانتظار حديثها كانت كفيلة بزيادة ثقتها بنفسها، وبما فعلته لكنها لم تُخفي عن الجد المراقب له تمامًا. فريد ابنه كان خارج دائرته دومًا حضر أم لم يحضر لم يكن يكترث له، وفي الأغلب لا يأتي أبدًا، ومجيئه بهذا الوقت تحديدًا أثبت له ما يشك به تمامًا، وأن ما يحدث على هواه جدًا، وربما ما وصلة من معلومات عنه هذه الآونة هي حقيقية جدًا.
لمعت عينا الجد بغضب آثر أن يبقي كامنًا فربما قد كبر ونالت الشيخوخة منه لكنه مازال فطنًا، ويشم رائحة الغدر والخسة من على بعد أميال، وما يحدث الآن هو حملة ممنهجة ضد أسمه الذي نحت في الصخر ليصل إلى ما هو عليه الآن هو وأجداده.
جففت فمها برقة غير مكترثة لصراخ أخويها، وهتفت بثقة:
_ العين بالعين والبادي أظلم يا فيصل .
_ ماذا تعنين لا افهم عليكِ؟
ألقى الجد بمعلقته على الطاولة صارخًا :
_ ألم يعد لوجودي احترام بينكم، تصرخون أمامي هكذا.
_ لكن يا جدي الم تستمع لما تقوله، دعني أربيها كما يجب.
هكذا هتف فيصل بغضب قبل أن تهتف نيرة:
_ قم بتربية نفسك أولًا، الست من افتعل تلك الكارثة
أجابها ببرود تلك المرة وهو ينظر لعمه الجالس كالاخرس لكنه منتشي:
_ لست وحدي من افتعلها، اقلة انا اعترفت بخطأي أما الآخرين..
صمت بمغزي قبل أن يصرخ الجد :
_ قلت اصمتوا.
ولكن صوت جهور آتٍ من خلفهم قطع شجارهم:
_ ولما يا جدي دعنا نستمع، ونصفق لما فعلته ابنة الزيني المحترمه، لقد جعلت الجميع يبصق علينا، ويشير علينا أننا بلا شرف.
اتسعت عينا نيرة بخوف حقيقي من وجودة، ومن إمكانية أن يكتشف حقيقة الأمر:
_ ماذا تقول أنت؟
مال برأسه ناظرًا لها بنظرة سوداوية:
_ لم يتجرأ أحد علي خرق قوانين العائلة مثلك، لقد افتضحنا بسبب فعلتك، وإن كان لنا حق واحد بما حدث فقد ضاع بسبب غبائك، لقد اشتكت المذيعة وتقدمت بكل ما يحدث معها من تهديدات للنيابة وجاري البحث عن من فعل
_ ها، لا لا لم يحدث.
صاح الجد بغضب :
_ اللعنه عليكم جميعًا، بيجاد ألحق بي.
**********
اجتمعوا جميعًا بالطابق الأسفل حيث اختاره قاطني الكومباوند المكون من ستة أدوار ليكون مكان مجلسهم.
الكومباوند لا يسكنه إلا ثلاث سكان فقط "رامي الريس" وزوجته "هبة"وطفله "عمر" و "ربي راشد " وطفلها "عزالدين" والأخرى كانت دكتورة أثير التي سافرت لانتداب طبي لأحد البلاد منذ شهرين، ولم تعد بعد، وباقي الأدوار كانت ملكًا لصاحب البناية وأولاده القانطين بإحدى دول الخليج العربي .
والدور الأول كان فارغًا لذا استأذنوا؛ ليسْتغلوه ليكون مكان اجتماع لهم .
قرروا استغلاله ليكون كاستراحةٍ لهم ليِسهرا معًا دون حرج، وليلعب أطفالهم معًا، ويستطيعون تركهم مع حارس العقار وزوجته دون الاضطرار لِدلوف شققهم. خصصوا لكل شقة غرفة بالدور الأول بها بعض من أساسيات الأطفال التي قد يحتاجونها إن لم يكونوا هم معهم .
لقد وضعت ربي كل ما تملك في تلك الشقة بعد عام من محاولة إقناع هبة ورامي لها بعدما عرفها رامي على زوجته وأثير بعد عملها معَه "كَفويس أوفر " على المنصات الاجتماعية. احبُوها ودَعموها حتى تخلصت من الكثير من العراقيل بحياتها .
بالبداية كم تمنت لو تستمع حقًا لهم، ولكن المال والخوف كان عاقبتها الوحيده. ظلت تعمل بجد حتى استطاعت أخيرًا شراؤها والانتقال لهنا هربًا بعدما استطاع رامي مساعدتها في بيع الممتلكات التي كتبتها لها والدة زوجها رحمها الله.
لا أحد يعلم أنها أفنت معظم مدخراتها التي كانت تدخرها للزمن، وتلك الأموال التي تأتيها من عملها، ومنصات التواصل، وعملها كَفويس أوفر التي مازالت تعمل به بالكاد يكفي مصاريف دراسة طفلها، ودراسة الدكتوراة التي عكفت على تكميلها.
مازال لديها الكثير؛ لتحققه لكن يبدو أنها انتهت وانتهى مسيرتها. لو انتشر هذا الفيديو لها بتلك الهيئة المقززة كما يُهددوها ستنتهي حياتها، وسيصل إليها من تركتهم، وهربت وستنتهي حتمًا.
اقتربت هبه منها، واحتضنتها بحنو وخوف حقيقي عليها فربي من النوع الذي يدخل القلب على عجل. فتاة هادئة ووجهها يبعث بالنفس الرضا والراحة، ورغم أنها كانت بالبداية غير راضية عنها، ولا عن عملها مع زوجها ودبت الغيرة بقلبها كأي أنثى بمكانها الإ أنها ما أن صرحت له بذلك إلا وضحك وأصر أن يريها من هي تلك الفتاة التي تغار منها صاحبة الحنجرة المميزة التي تمتلك ملايين المعجبين على منصات التواصل الإجتماعي، وبالفعل اصطحبها معه للإذاعة. كانت بدأت هي للتو العمل بها، وعرفها على ربى التي صعقت ما أن رأتها بذلك الجمال والبراءة لم تتحرك شعرة غيره واحده منها آنذاك كل ما شعرت به هو الشفقة عليها.
علي طفله وبجوارها طفل مثلها.كانت تصطحبه معها بِبداية برنامجها حتى لا يشك بها أحد من البلدة.
لقد تفاجأت بصغر سنها.كانت بالخامسة والعشرين من عمرها آنذاك بعد بينما هبة بالَسابع والثلاثون ورامي بالخَامسة والأربعون ،وطفلها بالصف الأول الإبتدائي
رأتها طفلة بجوار طفلها تصارع الحياة كأم وأب له. شعرت بالأسى عليها وحمدت الله علي حالها التي كانت تتذمر عليه، وتشكو منه.
لقد كانت دومًا حزينة؛ لأنها لم تستطع إنجاب إلا طفلها "عمر" بعد العديد من المحاولات الفاشلة لعمليات الحقن المجهري.
حمدت الله وشعرت بالفخر من زواجها برجل كرامي الذي آثر مساعدة ربى حينما أخبرته حكايتها قبل عملها بالإذاعة معه .
كانت رافضة بالبداية لصعوبة التنقل لكن ما أن علم رامي ظروفها، وطموحها أصر عليها وحمسها؛ لتحقيق ذاتها..
عملها كفويس أوفر لإعلانات السوشيال ميديا كان ناجح جدًا، وهذا ما جعل عادل المالكي يهرول للتعاقد معها.
رغم فرق السن بينها وبين ربى إلا أنها لم تهتم له، وكذلك ربى حتى أنها بعدها عرفتها بأثير جارتها التي كان لها الفضل الأكبر بإقناع ربى بأن تنفض الماضي عنها وعن رأسها وتأتي لتعيش معهم.
احتضنتها بحنو أشبه بالاحتواء ربى ليست صديقة فقط بل تشعر بأنها ابنة لها هي وأثير، وهي والدتهم حقًا،
اردفت بحنو بعدما انتهت من الهمس لها ببعض الآيات القرآنية بأذنها :
_ اهدأي ربى مؤكد الجميع الآن يعلم بعد البث الذي بثه رامي أن من فعل تلك الأفعال، وينشر عنك تلك المنشورات الإباحيه ليس أنتِ بل من فعل آل الزيني العظماء كما أن الجميع أصبح علي دراية جيدة بمن هي ربي راشد، وكيف هي أخلاقها ثم أننا بموقف قانوني الآن جيد.
ألم تري بعينك كم التعليقات التي تدافع عنك قبل حتي البث المباشر؟!
هكذا هتفت هبة التي هالها انهيار ربى ما أن دخلت عليها بعد عودتها هي والأطفال. الحمدلله الذي هداها لتعود في ذلك الوقت بعدما كان الأطفال يتمسكون بالبقاء أكثر بعد فربى تصاب بنوبات هلع، وبكاء خارجة عن إرادتها ما أن تقع تحت ضغط.
اقترب عزالدين الذي يبكي كأمه منذ عادوا، واحتضنها بحماية هامسًا لها بأذنيها بحنو:
_ لا تبكي يا أمي ستمرضِ.
لطالما انهارت ربى مع كل نوبة حزن وتوتر. تتحول للنقيض وتصاب بحالة من اللاوعي والبكاء ولطالما شهد طفلها على ذلك. لقد ظنت أن بانتقالها وهروبها من ذكريات الماضي ومآسيه أن الأمر سينتهي لكن يبدو أنها كانت مخطئة فحينما رأت تلك الصور المقززة المرفقة بصورتها الشخصية علي الواتس، واسفلها تهديد خالص لها إن لم تنهي المهزلة هذه أصابها التوتر ، وشعرت أنها ستنهار، ولن تجد من يسعفها، و تماسكت بأقصى قوةٍ لها . الحمدلله أنها هبطت للأسفل حتى تسعفها أم رضوان زوجة حارس العقار التي أسرعت تنادي رامي لكي تخبره .
مازالت لم تصدق تلك المصيبة التي حلت فوق رأسها وألف احتمال يدور برأسها، والخوف الأكبر من ظهور صورتها هذه علي السوشيال ميديا لكن سرعان ما انهار عالمها ما أن عاود الرقم أرسال فيديو لها يهددها إن لم تتنازل عن سكوتها التي قدمتها، وإلا لا تلوم الا نفسها.
صدمت ما أن فتحته، وهي تكافح لتمسك نفسها وصراخها ، وهي ترى تلك الفتاة بالفيديو نسخة طبق الأصل منها بل من يراها يقسم أنها هي، هي تمامًا..!
تقسم أنها كادت تصدق من شدة الشبه بها لولا ثقتها بنفسها أنها لم ولن تفعل هكذا أبدًا . غيامة سوداء غشت عيناها ما أن تبع هذا كله اختراق حساباتها الشخصية على السوشيال ميديا.
وقلب السوشيال ميديا جميعها عليها بل وصل الأمر لتهديدها باختطاف طفلِها، وهذا ما لن تتحملة.
خارت قواها، ولم تعد ترى أمامها لولا يد أم رضوان التي صرخت علي زوجها كي ينادي رامي مجددًا؛ ليلحقها ما أن رأتها تترنح باكية لكن سرعان ما تلقفتها يد هبة التي دلفت للتو مع الأطفال، وهالها منظر ربى . احتوت هبه حالتها بخوف وحنو كما تفعل دائمًا.
عادت من شرودها وأجابتها بابتسامة متعبة نوعًا ما على طفلها الذي عاود سؤاله لها على حالتها:
_ أنا بخير يا عمري لا تقلق.
_ حقا يا أمي ؟
_ بالطبع.. أمك قوية لا تخف.
ابتسم عزالدين بسعاده ما أن اطمأن قلبه البريء، وهتف بسعاده:
_ أن كنتِ كذلك فهيا لقد دلف الجميع لبيوتهم دعينا نخرج نمرح، ونلعب سكيتنج.
فرح الأطفال، واقتربوا يتوسلون ربى حتى كادت تستسلم :
_ حسنا دعوني أستعيد قوتي أولًا، وأعدكما بذلك ربما غدًا لكن ليس اليوم أرجوكم.
صفق الجميع بمرح كالاطفال، بينما هز رامي رأسه مردفًا بقلة حيلة منهما :
_ الله يرزقني الصبر ورجل معي ليحكموكما لقد سئمت جنانكم.
اتسعت أعين هبه، وهتفت بسخط:
_ ماذا تقول يا أبا عمر؟!
انفرجت شفتاه عن ابتسامة مصطنعة :
_ لا شيء ياروح أبا عمر .
رفعت ربى حاجبها، ومالت تهمس بأذن هبه:
_ الرجل محق نحن ننسى مآسينا بلمح البصر.
أَجابتها هبه بجديه مصطنعه:
_ نعم علينا فعل ذلك دائمًا. الحياه يا عزيزتي لا تبقي كما هي أبدًا تتغير بلمح البصر أيضًا لذا لنستمتع بعمرنا.
ضحكت ربى مؤيدة إياها :
_ كلامك صحيح هبه علينا أن نمضي ركضًا فعجلة الحياة لن تنتظرنا.
شردت مجددًا قليلًا قبل أن تهتف هبه بها بقلة حيلة:
_ هيا لنصعد حتى نرتاح لما هو آت، و دعيها للخالق عزيزتي.
تشجعت ربَى ووافقتها، وهي تشجع نفسها بألا تنهار مجددًا.
هي لا وقت لها لتفعل حياتها ومسؤلياتها لا وقت فيها لذلك، وبعدما وصلت الحقارة بتلك العائلة لهنا فعليها أن تواجه بكل قوتها.
_ أنت ِ محقة هبه الحياه لا تقف على أوجاع أحد لكن..!
صمتت ربى، وألف سؤال، وعلامة استفهام عاد لعقلها جعلها تشرد قليًلا إلى أن دفعتها هبه:
ـ ما بك بماذا شردت مجددًا؟!
التفت؛ لتنظر لرامي الذي اكفهر وجهه، وهتفت:
ـ رامي تلك المرأة ( أم سلوان) زوجة العامل الذي من المفترض أن تكون أدلت بشهادته بالنيابة، لا تجيبني هل علمت ما قالته بالنيابة؟
_ ها ..
_ ها ماذا؟ أشعر بأنك تخفي عني شيئًا ما.
ازداد صمت رامي، وما عاد بقادر على الصمت أكثر لكن ما أن تأمل شحوب وجهها، وتلك النظرة التي طلت من أعين زوجته كي لا يُصرح بما يزعجها الآن صمت.
كيف يخبرها أن الأمر ازداد عن الحد؛ ليصبح كمعركة حقيقة، وأن حياتها الشخصية صارت علكة بين رواد السوشيال ميديا لكنه آثر الصمت رأفةً بها خصيصًا بعد شهادة تلك المرأة.
ـ لا تقلقي يا ربى سنصل إليها، لم تدلي بشهادتها بعد.
_ لكن رامي !
ـ لا لكن هيا اجمعي فقط شتات نفسك، وأنا سأخرج الآن .
ـ ماذا إلى أين؟
هكذا هتفت هبه معترضة لقد قضوا اليوم كلة بالخارج وللان لم تستطع أن تلتم عليه، تريد أن تعلم منه بالأعلى كل شيء يخفيه عن ربى لكنه أردف بنبرة ذات معنى فهمتها هي:
ـ لدي عمل لا يمكن تأخيره يا هبة، هيا سآتي بعد قليل.
اتسعت أعين هبه، وهتفت:
ـ أشم رائحة خيانة أقسم لأمسك بك ذات يوم.
ابتسمت ربى ابتسامة متعبة حقًا على جنان هبة، ومن ثم صعدت كل واحدة لشقتها.
********
ما إن خرج رامي من المبنى وجد صديقه ينتظره. القلق ينهش به وبعد ما أخبره به المالكي عن شهادة تلك المرأة وإنكارها لمعرفة ربى من الأساس أصابة بمقتل، ومع وقف إعلان برنامجهم ومحو كل شيء يخصهم من القناة ضعف موقفهم، ويشعر وكأن المعبد تهدم من فوقة. لم يعد يعلم أي شيء لذا عليه أن يفهم.
ـ ما بك لما تأخرت هكذا؟ ولما كل هذه العجلة هل هناك خطب ما ؟
هكذا هتف معاذ صديقه، والذي يعمل بجهة أمنية سرية بالبلد هو نفسه لا يعلم غير أنه يعمل لدى الداخلية وفقط.
زفر رامي بصوت مختنق، وهتف :
_ دعنا نجلس بمقهى أولًا، وبعدها نتحدث.
ـ حسنا هيا بنا.
بعد برهة كانوا يجلسان سويًا، ورامي يحكي له بعجالة عن ما حدث.
ـ يا الهي ألم تجدوا إلا عائلة الزيني؛ لتشتبكون معها رامي ألم تسمع عن فريد الزيني وقذارته؟! وما هو بقادر على فعله. لقد وصل الأمر لما قد لا تتخيله يا رامي نحن بالأساس نتعسس عليه منذ فترة، أنه رائد الدعارة الأول بالشرق الأوسط، ورغم أننا متأكدون من ذلك إلا أننا لم نستطع للآن أن نمسك علية شيئًا يدينه، وحتى أن توصلنا يجد مخرجًا ينفذ منه، أنه كالثعبان يلسع بلا رحمة. لما لم تتصل بي قبل بث الحلقة وتخبرني واللعنة عليك أنتم الإعلام دائما ما تفسدون مخططاتنا؟!
صراخ، وانفعال معاذ لم يزده إلا خوفًا لكن ليس عليه إنما على ربى، وطفلها.
ـ ليست المشكلة بالزيني وعائلته الآن أنت تعي انني قادر بعون الله علي قلب السوشيال ميديا بأكملها عليه رجلاً لرجل لكن تلك المرأة قد غيرت شهادتها تمامًا كما أن عادل المالكي أخبرني أن شربكه خلع يده منا تمامًا؛ ولان نسبته قليله بالمحطه أمره بتحمل المسؤولية كاملة، وأنه سيثبت أنه لا علاقة له بما يدور بالإذاعة هو من الأساس ليس له علاقة بالإدارة كما أن سحب الزيني إعلاناته من المحطة دمر الميزانية، وهدد بانهيارها.
هَتف معاذ بتهكم، وهو يزفر دخان سيجارته:
_ كل ما تقولة متوقع يؤسفني يا صديقي أن أخبرك أن موقفك حرج جدًا.
_ وبماذا تنصحني؟!
_ انسحب ودع لنا الأمر.
_ لكن هذا جبن، ولست من أهلة!
انفعل معاذ عليه، وهتف صارخًا:
_ ليس جبنًا يا رامي افهمني كل ما أخبرتني به من تهديدات هو نقطة من بحر لم يبدأ بعد.
_ هل تخيفني؟
_ أنا أقول الحقيقة يا رامي، ابتعد من أجل النساء.
_ وماذا عن الشكوى التي تقدمنا بها والتهديدات التي نتلقاها، وقد أثبتنا حالةً بها.
نظر له معاذ بصمت، وهتف متهكمًا:
_ للآن لم تفهم، المال أقوى من الشهرة، والسوشيال ميديا وَهم كبير، وكما رفَعوكم الآن مجرد خبر يتسرب لهم، ولو كذبًا عنكم سَيصدقونه و يرجموكم بالحجار. اسمع مني يا رامي، ولملم ما تبقى، ودع الأمر يجري كما خطط له من قبل الأمن .
_ لكن !
_ ماذا؟
_ لن أسحب الدعوى المؤخرة يا معاذ التي قدمتها بذلك الرقم الذي يرسل تهديدات لنا ولربى .
_ انت لا فائدة منك.
_ قلت لك لست جبانًا! كيف لي أن أصمت، وهم يتهمون امرأة بتلك الإتهامات الشنيعة.
_ إذن استعد للحرب التي سَتفتعلها بيدك.
لم يزد كلام معاذ له إلا هم فوق همه جل ما يخشى عليه الآن هو ربى وطفلها وطفلة أيضًا وزوجته، وما قد ينالهم إن حدث وانتشرت صورتها، وفعل آل الزينى ما يهدْدوها به ستواجه حينها ما سعوا إخفائه طيلة الوقت.
تأمل معاذ وجه صديقه، وهتف بمغزي:
ـ أخبرني ماذا تخفي بعد؟
صمت رامي قليلًا ثم هتف محاولًا إيجاد حل عنده:
ـ ربى
ـ مابها؟!
ـ سأخبرك لقد وعدت ربي أن أتكتم على الخبر لكن لابد أن أخبرك لتفكر معي.
_ أعدك أن أفعل ما بوسعي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.