رواية أمنيات اضاعها الهوى
الفصل الخامس والعشرون 25
بقلم أسما السيد
لم تستطع أن تدير لكل ما يحدث معه ظهرها، وتكتفي ببضع كلماتٍ عبر الهاتف لا تثمن ولا تغني من جوع.
تمردت كما حالها على الدوام وهي تلقي بكل تحذيراته لها عرض الحائط بعدم الخروج تلك الفتره خوفًا عليها.
لم يستطع بيجاد للان أن يخبرها أن شقيقها حلل دمها. وأنه حلل دمه مقابل لِدمها إن آذاها بخدشٍ واحد.
عدم ظهوره للآن يقلقه لقد بعث أحدهم خلفه لكنه للآن لم يصل إليه. يقسم أنه سيجعل كل من آذاها يدفع الثمن حتى لو كان شقيقها.
لقد جعل جسد ظافر قطعة لحم بلا جلد، يوميًا يرحل ليخرج به غضبه من كل شيء.
كلما تذكر ندوبها ودموعها وهي تقص عليه ما كان يفعله يجن جنونه، بآخر مرة يد منذر هي من أنقذته منه لولا ذلك لكان جسدة يأكلهُ الكلاب بلا شفقة.
أبت أن تستمع لهبة وأثير، أودعت عدي وعز بُعهدتهما ورحلت اليه منذ استمعت لما حدث، وكل الكوارث التي حدثت معه، وهي قلبها ملتاع عليه، تريد فقط لو تبصِره بعينيها؛ لتطمئن عليه. طيلة ليالٍ وهيّ بوَضع لا تحسد عليه. حائرة بين عقلها الذي ينهرَها على ما هي مقدمة عليه، وخوفها من الظهور بجانبه الآن وما قد تلقاه أن ذهبت إليه، وقلبها العليل الذي لن يشفي إلا بعد اطمئنانها عليه.
بالنهاية بعد إصرارها شجعتها هبه وأثير وهما يخبروها على كل حال لم يعد بالقصر ما قد تخشى منه. لقد رحل الزيني، وسقط امبراطوريه الظالمة التي كان يحكمها بالحديد والنار، وصار إسم فريد الزيني علكة بكل الالسنه بعد كشف الأجهزة الأمنية مخططاته القذرة وأنه هو من قام بقتل زوجته وصديقة، والآن جاري البحث عنه، فبالتأكيد لن يخاطر بإيذائها. فما عليها أن تخاف لكنها كانت خائفة ولا تعلم لما؟
شجعت نفسها، وأمرت الحارس باصطحابها للقصر؛ لتصل بعد برهة للقصر الذي يعج برجال الأمن . استقبلتها فيروز بحب، وأشارت لها على جناحه الذي احتجز نفسه به، لم تلتفت لمشيرة ولا صياحها وغضبها الذي سيطر عليه فيصل وفادي بنظرة واحدة من عيناهما. ترددت قبل الدخول لكنها شجعت نفسها أن خلف الباب مؤكد ذراعيه سَتلقفها فدفعته بهدوء لم يلحظه هو؛ لتقع عينها عليه كان شاردًا غارقًا بالفكر استطالت لحيته، والألم ارتسم جليًا على صفحة وجهه
لم ينتبه لها إلى أن وقفت أمامه مباشرة، وهمست:
_ بيجاد.
انتفض هامسًا، يفتح عيناه ويغلقها لا يصدق أنها بالفعل:
_ ربي!
هتفت بصوتٍ متوترًا بعض الشيء:
_ اشتقت لك، ولم استطع أن أصبر أكثر.
لم يصدق أنها هنا همس مجددًا:
_ ربى هذه أنتِ حقًا.
أومأت برأسها ليخطفها هو بين ذراعيه ويبكي. يبكي بحرقة كطفلٍ صغير يشكي لوالدته من كل شيء؛ ليغفو بعد برهة غافًلا عن هاتفه الذي دق برسالة ما على تطبيق الواتساب، لتحْمله هي بفضول تنظر إليه؛ لتتسع عيناها ما أن وقعت على ما كتب به ومن ثم تستقم كالملسوعةِ حينما فطنت لكل شيء.
عادت للخلف كالملسوع جسدها يرتجف، عيناها تذرف الدمع كان هو انتفض على نفضتها
_ ربى ما بكِ؟ حبيبتي أنتِ بخير!
_ لا يمكن ..لا..
وقعت عيناه على هاتفه المفتوح على ما قرأته ومازالت عيناها تنظر له؛ ليسب بداخله، ويلعن كل شيء مردفًا بحنو:
_ اهدأي ربى الأمر ليس كما فهمت، كنت على كل حالٍ سأحكي لك كل شيء.
_ أنت َ من خططت لكل شيء أنت..من أنت ؟؟
_ ربى اسمعيني أتوسل اليكِ، لا تحكمي على شيء قبل سماعي.
_ انت من قتلت والدتك أنت.
_ لالا..أقسم لك الموضوع هذا ليس لي دخل به.
بكت، بكت بحرقة، فمد يديه ليحْتويها قبل أن
تبعدها هي عنها، وتلتقط حقيبتها، وتخرج سريعًا من القصر يلاحقها هو بِنادئه عليها.
كانت تشعر وكأن العالم انهار من حولها، حاوطها الأمن فصرخت بهم أن يتركوها، عقلها تدور بداخلة حرب ضروس بين الصدق والرياء.
أخيرًا خرجت من القصر غافيةً عن أعين شقيقها الذي تربص بها، وتتبعها لهنا مذهولًا من المكان التي دلفت شقيقته إليه؛ ليصل لحقيقة الأمر بعد تمعن فيه، وهو أن ذلك الرجل التي ألقت بنفسها بين ذراعيه يمكث هنا.
النار اشتعلت بقلبه، وقرر أن ينتقم من كلاهما، ويغسل عاره بيديه بأرضه، انزوي خلف أحد الأشجار التي تحيط بالقصر ينتظر خروجها ليتفاجأ بها بعد بعض الوقت تخرج وحدها باكية مؤكد طردها شر طردة بعد أن أخذ ما يريد منها. كل الأمور من حوله تؤكد له حقيقة واحده أن شقيقته أصبحت عاهرة.
قاطع طريقها، وظهر لها من العدم صدمت به، وهتفت:
_ محمود!
_ نعم يا حقيرة .
الأمن حاوطها من كل مكان قبل وصوله إليها، أخذوا منه سلاحة الذي دفع فيه مبلغ لا بأس به كي لا يكتشف أحد فعلته، سلاحًا كاتمًا للصوت.
نداء بيجاد الذي يلاحقها، وصياحة أن تحترس جعلتها تنتبه. اتسعت عيناها الآن، وقد وعت لما يحدث معها
امتدت يد بيجاد لِجيب سترته ليّستل سلاحه فلم يجده ليلعن تحت أنفاسه حينما تذكر أنها ألقت به بغضب حينما كان بأحضانها قبل قليل، لأول مرة يلعن إصابته ويجزع من تقبل البلاء الذي يؤخر خطواته عنها.
_ محمود هل ستقتلني؟! هل جئت خلفي لتقتلني؟
هتفت بصوت لم يصل إليه خرج من الصدمةِ همسًا
كادت تقترب منه لكن يد بيجاد تلقفتها صارخًا:
_ ربى ابتعدي عنه.
لِتنزوي بخوف داخل أحضان بيجاد التي استقبلها بخوف حقيقي عليها.
استطاع أخيرًا أن يتحرر من الحرس، وسرعان ما أخرج خنجرًا من أسفل سترته، يهددهم به.
_ سأقتلك يا حقيرة انت وذلك الكلب التي دعستي بشرفنا أسفل قدميه.
كاد يصيبها لولا ابعاد بيجاد لها للخلف، صارخًا عليها أن تحترس ممسكًا بالخنجر الذي آدمي يده. ليسرع بسحب الخنجر من يد بيجاد الذي سالت دماؤه بغزارةٍ .
اقترب الأمن منه وامسكوا به مجددًا لكن تلك المره فر منهم، وظن أنه صاب الهدف؛ لتصرخ ربى بصوت يقطر ألمًا :
_ بيجاد لا، كاد الخنجر يغرز بقلبها حينما اقتربت تتفحص يده بلا اكتراث لصراخه عليها لكن يد أخرى دفعتها للخلف مسرعه؛ ليستقر الخنجر بصدرة بدلًا عنها .
_ بيجاد لا تتركني.
حاوط الحراس محمود من كل جانب يكيلون له الضربات لكنه كان يضحك بجنون.
رن هاتفه باسم والدته، فاستطاع تخليص يده، ليرفعه بنصر يجيبها أنه ثأر لشرفهم لكن صراخ والدته عليه الجمه:
_ زوجته، شقيقتك زوجة الرجل لقد كذب ابن فتنة خالتك اعترفت بكل شيء، إنها زوجته علي سنة الله ورسوله ابتعد عنها وإلا بلغت عنك إياك أن تلمسها.
سقط الهاتف من يده ، لِيتلقى الضربات وعينيه تلمح شقيقته التي تبكي وتحتضن زوجها؛ ليهتف بصدمة:
_ فعلتها يا ابن فتنه .
غاب بيجاد عن الوعي لكن قبل غيابه همس:
_ عدي، اهتمي به.
_ بيجاد لا تتركني أتوسل اليك .
_______
حاوطت الشرطة المكان الذي يختبأ به من كل جانب لم يجد مفر للهرب منهم. هو هالك لا محال لقد تخلى عنه الجميع، وافتضحت كل جرائمه، البلد بأكملها تتحدث عنه، ويعلمون أنه هارب من العداله. كان يصبو للهرب لكن لم يجد مخرج ليفر هاربًا.
ارتجف جسده، وبات مسخًا يمشي على قدمين، نفذ كل شيء معه، وجُمدت أمواله.
جسده يأن يطالبه بِجرعتة اليوميه من ذلك القرص الذي دفعه ماجد لإدمانه بجهلٍ منه، لا يعلم علته بعد لكنه لم يعد بقادر على تحمل الألم.
عاد ينظر من شباكه فوقعت عينه على رجال الأمن الذين حاوطوا المبنى بأكمله؛ ليطلق صرخة مكتومة وهو يخبط رأسه بالحائط من شدة الألم كمن جن صارخًا:
_ لا يمكن أن تكون نهايتي هكذا. لا يمكن أبدًا أنا فريد الزيني يا أغبياء. فريد الزيني!
الألم والخيبة نالت منه ليمد يده لمسدسة الذي قتل به زوجته وشريكة، ويضعه على رأسه الصارخ بالألم وينهي حياته بكل جُبن.
*********..