الفصل الرابع عشر 14والاخير
بقلم رغدة
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت تتمدد على فراشها بوهن شديد فهي حقا تشعر بتعب جسدي ونفسي ... رن هاتفها ولكنها لم تنظر له فعاد الرنين مجددا وما ان نظرت له حتى إجابة بلهفة : علي ... علي ...
كان يستمع لأسمه لا يعرف بماذا يجيب تمالك نفسه ليقول بجمود انزلي عاوز اكلمك
برغم كل ما تشعر به من وهن وضعف الا انها أسرعت بالنزول لرؤيته
رآها وهي تتقدم نحوه وكلما اقتربت وضحت صورتها ملامحها التي تغيرت ضعفها والسواد تحت عينيها شحوب لونها
قلبه انتفض بشدة هل هذه زوجته الجميلة المفعمه بالحياة .... اين بريق عينيها الأخاذ .... اين ذلك الغرور والشموخ بمشيتها ونظرتها ووقفتها
نظرت له لا تصدق نفسها هل هو أمامها حقا ... وقبل أن تتحدث شعرت أن الدنيا تدور بها وخلال لحظات سقطت بين يديه غائبة عن الوعي ... شعر بالرعب وضعها بالسيارة وأخذها للمشفى واتصل على حاتم وطلب منه احضار هدى
بعد عمل بعض الفحوصات خرجت الطبيبة واخبرتهم ان جسدها ضعيف وتحتاج للتغذية والاهتمام
اعطتهم بعض التوصيات وغادرت كان ينظر لها وهي ممددة على السرير شعر بالضعف والحزن والألم
تمنى لو يستطيع أن يزيل ألمها ان يأخذ هذا الألم هو بدلا عنها .... دمعاته كانت تسيل على وجهه ببزخ
اقترب منها ليجلس على طرف السرير وأمسك بيدها بحنان .... فتحت عينيها ببطء لتنظر له بندم وأسف
همست بضعف : علي
نظر لها بلهفة : حنان ... انتي كويسة
لهفته وعشقه البالغ جعلها تبكي بنحيب ... كيف طاوعها قلبها ان تؤذيه وتجرحه .... كيف هان عليها هذا الزوج وهذا الحب
حاولت أن تجلس ولكن قواها خانتها ساعدها لتعدل جلستها
بدأت حنان تسرد له كل ما مرت به واعتذرت كثيرا وطلبت العفو والسماح كثيرا ... أرادت العفو منه بشده ... كانت تتحدث وتبكي ... كانت متشبثة بيده بقوة تستمد منه الطاقة والأمان
كان يستمع لها والشرار يتطاير من عينيه .... من شدة غضبه برزت عروقه ...... كان يفكر بتلك الأم التي لا تمس للأمومة بشيء
انهت كلامها فنظر لها بجمود وقال : حنان ... انتي موافقة ترجعيلي
هزت رأسها موافقة بسرعة وقالت : ايوة
وقف فامسكت يده : رايح فين
حاتم : هكلم حاتم هو برا الأوضة
فتح الباب : حاتم عاوزين مأذون
اقترب منه حاتم بسعادة واحتضنه ؛ حالا هروح أجيبه
دلف علي للغرفة ثانية وكانت معه هدى التي اقتربت من حنان وجلست بجانبها تطمئن عليها وباركت لها
كانت حنان بغاية السعادة اما علي فكان عقله بمكان آخر
احضر حاتم المأذون وتم كتب الكتاب وما ان انتهى حتى وقف علي وقال انا هروح مشوار صغير وراجع
خرج حاتم معه وتوجهوا لشركة السيدة وداد
كان علي يستشيط غضبا ويتكلم بعصبية
تفهمه حاتم كثيرا ولكنه حاول أن يمتص غضبه ويهدؤه فانفعاله لن يكون بصالحه ابدا
كانت تجلس على مكتبها وأمامها بعض الموظفين ورجال الأعمال يبرمون إحدى الصفقات وفجأة فتح الباب دون استئذان ودلف علي وخلفه حاتم ومن بعدهم السكرتيرة تحاول منعهم
وداد بعنجهة وعصبية : انت ازاي تدخل عليا كده
قاطعها وهو يضرب المكتب بيده بقوة دب الرعب بقلبها : انتي ازاي تسمحي لنفسك تعملي اللي عملتيه؟؟؟ انتي ازاي ام ؟؟؟ انتي مش ام ولا تعرفي الأم ايه ... كل همك جريك ورا الفلوس
هو انتي لو متي دلوقت فلوسك هتنفعك ... هتاخديها القبر معاكي .... هتقابلي ربنا ازاي ... هتقوليله ايه .... ازاي مخوفتيش من ربنا وانتي بتعملي كده ببنتك .... انتي عارفة بنتك فين ؟؟؟ حصلها ايه ..... طبعا كل ده ميهمكيش ... ونظر لكل الحاضرين وأكمل: كل همك دول ومين يدفع اكتر ... طول الوقت كنتي بتعايريني بمستوايا ويتمي اللي كاتبه ليا ربنا ..... وانا كنت بسكت عشان اخلاقي متسمحليش اجاوبك باللي يليق بيكي ... لكن ... ونظر لها نظرة قاتله وبتهديد ووعيد قال : اقسم بالله لو قربتي مني انا ومراتي لكون موقفك عند حدك بطريقة مش هتعجبك لا هيهمني سنك ولا انك ام مراتي
وداد بتلعثم : ممراتك ازاي؟؟ هو انت مش طلقتها
ابتسم باستفزاز وقال : ايوة وكتبت كتابي عليها تاني يعني حنان دلوقت مراتي وملكيش دعوة فيها خالص
مشى للباب ووقف ونظر لها ثانية وقال : حسبي الله فيكي ... ربنا ينتقم منك كنتي هتضيعيها
خرج وقلبه يدق بعنف وهو يقسم انه سيبعد زوجته عن هذه السيدة التي لا تخاف الله
_______
تمر الأسابيع على تامر بروتينيه فهو يعمل صباحا مع حاتم ويعود معه لمنزلهم يتناول الغداء بناء على طلب بل امر من حاتم ونور وهدى وبعدها يذهب الورشة ويا لها من ورشة تحول قسم منها لغرفة للدروس أصر جمال على ترتيبها وجمع بعض الطلاب ليدرسوا مع فارس و زملائه
وفي المساء يعود لمنزله لينال قسطا من الراحة ويذاكر ما تعلمه
حاتم ونور عصافير حب وعاشقين كانت حياتهم جميلة مبنية على طاعة الله
كان يحرص على أن تذاكر دروسها حتى انه يذاكر معها
شعر حاتم ان نور متعبة ولكنها كانت تقول مجرد إرهاق والأمر عادي
وفي أحد الأيام كانت تحضر الطعام مع هدى فشعرت بغثيان من رائحه الطعام حاولت أن تقاوم هذا الشعور ولكنها لم تستطع فركضت للحمام لتتقيأ
لحقت بها هدى مسرعة ... خرجت نور بعد أن غسلت وجهها ... كان وجهها مصفرا .... اجلستها هدى على السرير وطلبت حاتم ليحضر
عند الطبيبة بعد أن فحصتها وسالتها بعض الأسئلة لتقول مبتسمه : متخافوش الوضع ده طبيعي بحالتها
كانت هدى تشعر بما ستقول الطبيبة وهي سعيدة للغاية
حاتم : حالتها ازاي يعني
الطبيبة : المدام حامل بشهرين
نور كانت فرحة جدا وخجلة أيضا كان وجهها محمرا بشكل كبير اما حاتم فضحكته التي خرجت من جوفه كانت كفيلة بمعرفة شعوره
أخذ ينظر لها غير مصدق نفسه كان يود أن ينتشلها بين احضانه ولكن حياءه كان يمنعه ... عاد للمنزل وهو في طريق العودة كان لا ينفك ينظر لها من خلال مرآة السيارة بمرح وحب واشترى الكثير من أنواع الحلويات
ما ان دلفوا لمنزلهم حتى احتضنها بقوة وقبل جبينها وهو يبارك لها ويعبر لها عن مدى فرحته
كان حاتم وهدى يعتنون بها كثيرا كانت هدى تعد الأيام لتصبح جدة وان يمتلئ المنزل بالأطفال
تامر كان كل بضعة أيام يشتري بعض الحلويات لأخته عند ذهابه لزيارته ... كان يرى السعادة التي تعيش بها اخته ودائما يشكر الله على عوضه الكبير
تحسنت علاقة علي وحنان كثيرا وارتدت حجاب عن قناعة وايمان أصبحت تصلي بخشوع وتطلب دائما المغفرة على ما اقترفت من ذنوب
كان علي يحرص دائما ان يصلي بها أثناء وجوده بالمنزل .... كان يشعر أنه بذلك يقوي صلتهم ببعض ويزيد الرحمة بينهم
وبعد شهور قليلة طلبت حنان من علي ان يذهبوا للطبيبة ظن علي انها متعبه ولكن بعد الفحوصات تبين أنها حامل .... خفق قلب علي بفرحة وخوف ان ترفض حنان الحمل ولكن دمعات حنان التي نزلت وهي تحمد الله على عوضه جعله يحتضنها بحب وهو يربت على ظهرها بحنان
حنان كانت لا تترك فرصة تصلح من نفسها الا استغلتها اعتنت بزوجها وابتعدت عن رفاق السوء
وطدت علاقتها مع هدى و نور وتعلمت الكثير من هدى
كانوا دائما معا يستمعون لبعض الدروس والمحاضرات الدينيه التي جذبت اهتمامهن خاصة حنان فهي أدركت أن حياتها التي عاشتها كانت مبنية على أخطاء فادحة من أمور دينية وحياتيه
أدركت كم الذنب الذي اقترفه حين اجهضت طفلها وحين كانت تتناول مانع حمل حمل دون علم زوجها
شعرت بالندم الكبير واعترفت ل علي بكل شيء
كان علي ذات صدر رحب واستمع لها بكل هدوء واحتواها وطمأنها انها ما دامت تائبة فكل هذا من الماضي ولكن من داخله كانت نار تحرق قلبه خبأ المه عنها واستغفر ربه وناجاه ان يزيل هذا الألم وهذا الشعور المقيت من قلبه
مرت أشهر الحمل على نور و حنان دون عناء كبير فكل منهما لديها زوج يعشقها ويتقي الله بها
أنجبت نور طفلة أسموها هداية وكانت آية من الجمال
حنان أنجبت ولد و أصرت ان تسميه بنفس اسم اخو علي المتوفي عمر
وداد اكتشفت ان سفر زوجها لم يكن بداعي العمل فقط بل انه متزوج وله أبناء
وكانت شركته تعاني من خسارة كبيرة فقام ببيع الشركة التي تديرها وداد و أيضا باع المنزل الكبير التي تسكنه
انهارت وداد مما وصل بها الحال وأصبحت تعاني من مرض نفسي شديد أدى إلى دخولها مشفى الأمراض النفسية
بعد ست سنوات
كانت هدى و حنان و نور يحضرن السلطات ويتحدثن بأمور الحياة
علي و تامر و حاتم في الحديقة يجهزون اللحم لحفل الشواء
والصغار يلعبون بالحديقة على مرآى منهم
كانوا يحتفلون بتخرج نور وتامر فنور تأخرت في تخرجها بسبب طفلتها فهي أرادت أن تولي اهتمامها بصغيرتها
حاتم وعلي أصبح المكتب خاصتهم عبارة عن شركة متوسطة الحال
وهكذا أصبح ابطالنا لكل منهم حياة ليست خالية من المشاكل ولكنها حياة ملؤها الطاعة والحب المتبادل حياة مشتركه يكن كل طرف للآخر حب وأمان واحترام ..... الصراحة بين الأزواج واحتوائهم لكل ما يشوبها من عقبات هو أساس الحياة الكاملة
ان تخفي ألمك ... ان تفضل شريكك على نفسك ... ان تتأمل بأن الدنيا ستغير الوضع دون بذل مجهود منك .... ان ترى الخطأ و تصمت عنه ..... ان تغرك الدنيا بملذاتها .... ان تجري خلف المال والسلطة وتترك أطفالا دون اهتمام .... ان تربي بناتك على أن تكون كما الصياد يوقع الرجال بشباكها .... ان تربي أبناء على أن الدنيا ملك لهم بكل ما فيها وان حياة الفقراء رخيصة ليس لها ثمن .... كل هذا سيجعل الحياة جحيم على الأرض...... سيسود الظلم وتتحول الحياة إلى غابة القوي يأكل فيها الضعيف
تمت بحمد الله
وايضا زورو قناتنا سما للروايات
من هنا علي التلجرام لتشارك معنا لك
كل جديد من لينك التلجرام الظاهر امامك