رواية أمنيات اضاعها الهوى الفصل الحادي عشر 11بقلم أسما السيد


 رواية أمنيات اضاعها الهوى

الفصل الحادي عشر 11

بقلم أسما السيد


_ قلت لكِ لن أتزوج يا أمي ألا تفهمي كلامي ؟

_ إلى متى يا عمار ؟ لقد تعدى عمرك  الثلاثون عامًا.

كاد يضحك على نبرتها الحنون التي خدعته بها من قبل، وتخدع الجميع أيضًا بها، ومنهم والده العزيز الذي عاد ليجده مسخًا تتحكم به والدته. كل شيء أصبحت مسؤولة عنه حتى تجارتهم أصبحت المتحكمة بها.

_ حينما أريد الزواج سأتزوج لا داعي  لقلقك يا أمي.

ستجن من كل شيء. أعوام مرت بغربته، وهو لا يحدثها إلا حينما تطلبه هي وتبكي إلى أن اكتفى بحديث أسبوعي فقط متعللًا بانشغاله، وصدقته لكن مع عودته عادت شكوكها لها، ويقينها أن ابنها متغير تمامًا معها هي وشقيقته.

_ ما بك يا عمار هل أنا فعلت لك شيئًا ؟!

_ لما تقولين ذلك؟!

أفضت ما بجوفها من مخاوف أمامه؛ ليهتف عمار متهكمًا:

_ لا شئ من هذا القبيل يا أمي، لا تقلقي أنا فقط منهك من طيلة سنوات الغياب والغربة.

_ لهذا أخبرك أن الزواج هو الحل سيصبح لك عائلة، وستنسي يا ولدي .

نظر لها بصمت يفكر هل يستطيع الإنسان أن يدمر ويخرب ويكذب ولا يشعر بالذنب مثلها؟

لو لم تكذب من قبل عليه، وتجعله يشك بربى لكان الآن بين عائلته كما تخبرة الآن، وكل شيء بعد ذلك كان هان على قلبه.

كيف تستطيع أن تغفو ليلًا، وهي تعلم أنها السبب بتعاسته، وتحطيم قلبه.

أخذ نفسا طويلًا من ثم رحل من أمامها ناشدًا وحيد الذي يتمنى أن يجد عنده إجابة لما أراده منه .

________

فتحت عيناها أخيرًا تذرف دموعًا غزيرة بصمت. خائفة، خائفة جدًا، وكل عالمها انهار من حولها فجأة.كانت تعلم أنها وقعت مع مريض نفسي. ما ذنبها هي أن كانت تملك قلبًا أهوجًا يصدق علي الفور كل ما يقال له؟ ما ذنبها في أنها صدقتها، وودت لو تساعدها، وترفع عنها الظلم ؟!

كل ما يحدث الآن معها يعلمها درسًا قاسيًا بأن لا تثق مجددًا أبدًا بأحد.

عادت تفكر بقلب متألم أن طفلها الآن بقبضة ذلك الوحش ِلتنهار باكية ترتجف كطفلة لِتتلقفها يد أثير التي أسرعت للدخول إليها ما أن استمعت لصوت بكائها يعلو.

_ اتركيني أثير لقد وثقت بكِ ليتني لم أتركة! ليتني لم أتركه أبدًا.

أريد طفلي الآن. لقد اختطفهُ ذلك العجوز الخرف يساومني علي ليلة معه مقابل ألا يتأذى طفلي. إنه يهددني به.

بكت بحرقة صوت بكائها اخترق أذنية جيدًا. صوت دعائها على والده كان أشبه بسوطٍ نزل على قلبه لِيدمية.

حينما سقطت بالمطعم سقط قلبه معها. لم يكن يتوقع أن يتهور والدة، ويفعل ما فعل الآن بدون أن يصله خبر.

الآن  تأكد أن والدة فقد عقلة، فقدة كليا، وهو يجري خلف الشهوة المحرمة، شهوته اللعينة التي لا تهدأ أبدًا. الآن يقسم أنه لن يرحم أحد ولو حتى والدة.

_ دكتور بيجاد أرجوك حل هذا الأمر لقد وثقت بك.

كان هذا صوت المالكي الذي يقطر حزنًا وألمًا حقيقي قبل أن يجيبه بيجاد :

_ سأنهي هذا الأمر لا تقلق لكن.

_ لكن ماذا؟

_ سأحتاجك معي لكن ليس الأن فيما بعد.

_ سأفعل أي شيء مقابل ألا يتأذى ابن ربى إلا الطفل أرجوك يا بُني.

لا يعلم لما تذكر ابنة عدي؟ وماذا لو وضع مكانها؟ وابنة كان مكان ابن ربى؟ الفكرة نفسها جعلت قلبه يرتجف فماذا عنها هي؟

اشتعلت عيناه بالغضب من كل شيء، وهو يقسم أنه سيجعل والدة هذة المرة يتجرع الندم.

_ أعدك أن أعيد طفلها لاحضانها بلا خدش واحد. بالنهاية الأطفال ليس لهم ذنب بتلك الحكاية . هي محقة لقد عجز أبي، وأصبح يُخرف، ومكانة ليس هنا.

_ ماذا تقصد؟

تساءل عادل المالكي بعدم فهم؛ ليجيبة بيجاد وهو يربت على كتفه، ويلتفت راحلًا بعدما هدأ بكاء ربى وانهيارها:

_ فيما بعد ستعرف. الآن عليّ الرحيل لأجد حلًا لأبي. 

_______

دلف بيجاد للقصر قاصدًا جدة. قدمه تؤلمة بل هو متأكد أنها تنزف الآن لكن لا يهم.

لأول مرة أراد أن يستشير جده الذي اتسعت عيناه صدمةً هو الآخر قبل أن يقترب جدة منه مربتًا على كتفة مردفًا بغضب:

_ أفعل اللازم يا بيجاد، وانهي هذا الأمر، وتلك المهزلة أما عن كل من ساعد أبيك هنا دعه لي.

_ جدي أنا .

هتف جدة بإصرار أكبر:

_ أفعل اللازم، ولا تلتفت لرأيي الآن. أنقذ الطفل ولكل حادثٍ حديث.

أغمض بيجاد عينية ينشد الراحة قبل أن يلتفت مودعًا جده الذي ناداه مرةً أخري قائلًا بفخر:

_ أنا أثق بك يا بيجاد. سامحني يا بني أعي قدر تعبك لكني بالنهاية أعلم أنك وحدك قادر على  حمل تلك المسؤولية من بعدي .

******

بعد ليلة قضتها بالمشفى  عادت لمنزلها وحيدة ضائعة بعدما انهارت مجددًا، واضطرت أثير أن تحقنها بمهدئ لتستطيع السيطرة عليها سَتفقد أعصابها كليًا، وهي من قبل ما حدث  لعز، وهي منهارة.

لم تستطع أثير، ولا هبة تركها بقيا معها بالأسفل، وصعد رامي مع طفلة نادمًا أنة اصطحب الطفلين معا للعب كرة القدم بالحديقة لو كان يعلم ما سيحدث لما خرج من المنزل أبدًا.

هو أكثر من يشعر بالذنب وبأنه السبب حتى عينا ربى لم يستطع النظر إليهما. ليته استمع لهبة، ولم يخرج بهما لكن إصرار عز الدين عليه دفعه ليخرج ولا يكسر بخاطرة.

 لطالما كان مُراعيًا له يحاول تعويضة ولو بالقليل عن عدم وجود أبية معه. كان يفعل كل شيء بحب له، وكأنه طفلة الآخر. يتمنى فقط أن ترأف به ربى، ويرأف بهم المولى معًا، ولا يصيبه شيء.

 *******

بعد أيام:

ألقى  بيجاد كل ما علي المكتب أرضًا بغضب :

_ كيف لم تصلوا لمكان الولد؟ هل انشقت الأرض، وابتلعته كيف يا منذر؟

_ اهدأ يا بيجاد سنصل إليه لا تقلق انت تعرف أن ابيكَ لن يؤذي الطفل؟

هَتف فيصل بتلك الكلمات محاوًلا تخفيف الغضب الذي استحوذ على بيجاد كليًا بعدما علم ما يحدث وصدم.

_ كيف اهدأ لقد انهيت الأمر، واعتذر الرجل بالنهاية؟!

انتهى كل شيء كأنه لم يكن، وعلمنا أنها كانت لعبة حقيرة يا فيصل؛ ليصل لإمرأة، واشتركت معه فيها شقيقتك لكن ما ذنب الطفل؟ أقسم أني لن ارحمه؟

صاح بيجاد بغضب؛ لينكس فيصل رأسة بخزي من فعلة شقيقته قبل أن يندفع بيجاد يريد مواجهة والدة لكن يد منذر  هي من أمسكت به:

_ إياك أن تفعل؟

_ اتركني يا منذر لم يعد هناك متسع من الوقت للصمت أكثر؟

_ أهدأ لدي خطة محكمه لن يفلت منا بعدها.

_ ما هي؟

_ اهدأ وسأخبرك.

بعد دقائق انتفض صارخا:

_ أجننت أنت، كيف تريدني أن أفعل ذلك؟ أتريدني أن استغل الأمر هكذا، وكيف ستفكر هي؟

_ ليس استغلالًا، ولا وقت للتفكير أبيك شرة سابقة ورغبته المريضة ما تُحركة الآن، وهذا أنسب حل لنصل للطفل بلا تدخل من الشرطة التي سَتدفعه لفعل ما قد يؤذي الطفل.

صمت بيجاد بحزن حقيقي قبل أن يردف فيصل مؤيدًا حديث منذر:

_ منذر محق هذا هو الحل لإيجاد الطفل، وان تتأكد أنه لن يقترب منها مجددًا مهما حدث.

_ يا الهي أَتعون لِما تقولون؟! ماذا عن الجد؟

_ جدي أوكل لنا مهمة إنهاء الأمر، وهذا هو الحل الأمثل حتى نلتفت لما بعد ذلك، وهو كيف نقضي على عُهر والدك وشرة؟

نظر منذر له بعتب لما يقول لكن فيصل لم يهتم أردف بتصميم:

_ لقد مر ثلاث أيام يا بيجاد، ولا أثر للطفل أبيك يتصرف ببرود ،  وأن واجهته الآن كما تريد، وفعلت ما برأسك  سيكتشف أننا على علم بالأمر، و ستضيع مخططاتنا التي خططنا لها هباءًا منثورًا وأنت تعي ما أقول، وربما عاند وتسبب بأذي للطفل. يا الهي انت تعي مدى نرجسيته، أنه لم يتقبل طفلك بعد!

صاح بيجاد بتعب:

_ ياالهي فيصل لا تصعب الأمر عليّ؛ ليذهب أبي للجحيم، ليذهب للجحيم اللعنة علية.

هتف منذر :

_ اهْدأ دعني أتولى الأمر عنك.

_ كيف لقد سئمت الانتظار؟

_ سأخبرك..لكن عليك أن تقتنع أولًا.


بعد ساعتين كانت تقف تنظر لمْنذر بهدوء الذي شرح لها كل شيء بطريقة الهادئة الرزينة.

 بطبيعة منذر هو شخص واعي متفهم يستطيع المرء أن يشعر بالراحة ما أن ينظر إليه.

_ أعدك أني سأنهي كل شيء كما سأبدأة فقط ثقي بي هذا أقصر طريق للوصول لابنك بعدها لكل حادث حديث، وهذا وعد مني.

 بعد برهة من التفكير، وعيناها مازالت تذرف دموع الندم والفقد، هتفت:

_ أي طريق يصلني بابني أنا موافقة عليه حتى لو تحتم عليّ الزواج من ذاك النذل نفسة يا سيد.

لم يصدق أنها وافقت بسهولة نظر لها بصمت قبل أن يجلي حنجرته .

_ ربي أنا أعدك.

قاطعته برجاء موجع بينما تسيل دموعها.

_ لا تتحدث أرجوك فقط أعد لي طفلي ..أعده لي بلا أذى، وأنا راضية.

_ أعدك .

********...


             الفصل الثاني عشر من هنا 


 لقراءة جميع فصول الرواية من هنا 


تعليقات