رواية أمنيات اضاعها الهوى الفصل الرابع عشر 14بقلم أسما السيد


 رواية أمنيات اضاعها الهوى

الفصل الرابع عشر 14

بقلم أسما السيد


بعد أربعة أشهر :

فاقت من شرودها على ما حدث قبل أربعة أشهر.

أربعة أشهر مرت، ولم تلمح طيفة إلا وتشاجرا معًا يحاصرها، وكأنها ملك يمينة حقًا، وكأن زواجها منه لم يكن لمهمةٍ ما، وَانتهت الآن.

ستجن! لقد سئمت الأمر كلة، ولم تعد تتحمل الأمر. لم تنسى ما فعلة معها، ولا أمر احتجازه لها لمدة أسبوعين بتلك المنطقة الجبلية داخل الوديان، ولا برودة التام في التعامل معها ناهيك عن أوامره التي لا تنتهي في فعل هذا وذاك، وعدم فعل هذا وذاك.

حتى اغضابها له كان يسيطر عليه ببرودة. كانت تري غضبة بعينيه لكنه كان باردًا جدًا معها لم تري صمته إلا برودًا.

لا تصدق تبرير الجميع له أنه متفهم يعي ما تمر به!

ورغم أنه أعادها لمنزلها كما أرادت حينما انتهى الأمر برمته، وهدأت السوشيال ميديا، وانتهى الأمر تمامًا كما لو كان لم يكن إلا أنها لم تسلم منه. 

بعد أسبوعين من المكوث معه كان هذا الوقت كفيل بأن يتعلق طفلها به. حتى صار تعلقًا مرضيًا لم تعد تسيطر علية، وكلما حاولت بشتي الطرق ابعاده عنه يجد طفلها ألف طريقة ليَّتواصل معه. كيف يفكر هذا الرجل؟ وماذا يريد منها بعد؟ 

لم تسامح بعد لكنها لم تتحدث بما فات مازالت تتعَسس عن أمر تلك المرأة التي خدعتها، وأودت بها لطريق للان لم تجد مفر للخلاص منه حتى بعدما أخبرها رامي بأن آل الزيني سحبوا الشكوى، وهم فعلوا المثل، وعادت إعلاناتهم تغزو المحطة، وعاد فانزها يطالبها بالظهور لكنها لم تنسى لهم بعد اتهامها بما ليس بها. لم تصفو بعد، لقد صُدمت بالوجه الحقيقي لِلسوشيال ميديا حتى كرهته.

وتلك المرأة خصيصًا، وما فعلته معها تسببت بجرح لن يمحى أثرة بقلبها أبدًا .

فقط تريد أن تعلم لما فعلت ما فعلت وجهًا لوجة!

تأففت بصوت استمعت له هبة وأثير، وهي تغدو ذهابًا وإيابًا أمامهم كالتي تقف على صفيح ساخن لا تهدأ أبدًا، هتفت هبة باستنكار:

_ ربى ما بك لقد تعبنا من أجلك والله..اهدأي ألم يخبرك أنه مع بيجاد وعدي؟!

لا تعلم من أين ظهر لها هذا عدي هو الآخر . لم تكن تعلم أن لديه ابن. ها هي خدعة أخرى تتلقاها علي يديه، ستجن حتما إنه يتفنن بغضبها لكنها لما تهتم أن كان متزوج ولديه أبن أم لا؟!

بالنهاية هي حالة خيرية بالنسبة له، وستنتهي على كل حال .

لمحْتهما يضحكان بخبث عليها؛ لتهتف هبه خبث:

ـ زوجته ميتة، وهذا طفلة منها. لقد تعسَست عن الأمر لا تقلقي. فرامي بات يعرف عنه كل شيء منذ تلك الحادثه، وهما صديقان مقربان جدًا حتى أن رامي يشكر به وبأخلاقة.

اتسعت عيناها قبل أن تنفجر بهما:

_ لا تضحكا لقد سئمت منكما والله، وخصيصًا أنتِ أثير أنت من خدعتني لولاك ما خُطف عز، وما اضطررت لفعل ما لم احسب حسابًا له.

تأففت أثير إنه ذات الحوار اللعين مجددًا، وذاك اللوم لكنها لم تعد تكترث به ! نظرت لها باستنكار، وهتفت:

_ اطلبي الطلاق إذًا لما تصمتين؟

جذبت شعرها التي تعقده بقوة حتى استرسل صارخة:

_ لقد فعلت..فعلت والله، ولم يجيبني بإجابة تثلج قلبي، سأجن من أفعال هذا الرجل والله. الله يريحني من هذا العالم بأكمله، إنه بارد كالثلج.

ـ لا تدعي علي نفسك يا ابنتي الله.

هتفت هبة باستنكار ضاحك عليها؛ لتنظر لها بغيظ قبل أن ينفجروا بالضحك عليها؛ لتهمس أم رضوان بينما تمصمص شفتيها بصوت وصل لهما :

_ دلع نساء والله! ماذا يفعل الرجل بعد لقد اشترى باقي البيت بأكمله لها بعد إصرارهَا على ترك الفيلا التي اشتراها لها، ويدفع برجلين كلٌ منهما يشبة الفيل خلفها حمايةً لها ولطفلها ناهيك عن الحراسة المشددة للمبنى بأكمله نحن ننعس بأمان بِفضلة والله! يصرف أموالًا طائلة عليها، وعلى طفلها، ولا فائدة منها. ليست وجهة للنعمة هذه والله!

لو كنت مكانها لارتميت أسفل قدمية كل يوم اغسلها وادلكها بحب كما كانت تفعل أمينة لسِي السيد. ليته ينظر لي، وكنت تركت أبا الهم والغم زوجي، وقلت له مرحبا يا قلبي.

_ ماذا؟ماذا تقولين أنت؟ هل تتغزلين به يا امرأة ؟

هتفت ربى بصدمة بتلك الكلمات؛ لينفجر الجميع بالضحك؛ وتردف مجددًا قائلة:

_ ام رضوان هل أنتِ مدركة لما قولتِ؟

كان صوت همس ام رضوان عاليًا وصل إليهم؛ لينفجر كلًا من هبة وأثير بالضحك غير مكترثين لما قد تلقاه أم رضوان على يد ربى.

هتفت أم رضوان تلك المرة بلا تردد بينما تعتدل، وتلملم بواقي قشْر حبات البطاطس قائلة:

_ لا تزعلي مني يا أستاذة ربى فيما قلت وسأقول والله..أنه شاب مثل الورد خسارة بكِ لكن خدي مني هذا الكلام هذا الرجل لن يحررك للأسف أنه هائمًا بكِ .

صرَخت ربى:

_ اخرسي يا أم رضوان.

ـ لا لن أخرس ألم تتساءلي من قبل لما لا يتركك رغم أنك ِ تتفننين باغْضابه؟!

أجيبك أنا الرجل لا يتحمل كل هذا التحمل إلا إذا كان عاشقًا، والدكتور بيجاد يبدو هكذا اسمعي مني، ولا تدعيه يفلت من يدك .

اتسعت أعين ربى من حديثها بينما هبة وأثير مازالوا يضحكون عليها، أردفت أم رضوان بهيام:

ـ أنه يشبة الممثلين الأتراك. ياالهي أنه يشبة كمال بمسلسل الحب الأعمي! أتعلمين شيئًا وأنت تشبهين البطلة بأفعالها الكارثية لست وجها للخير مثلها.

صرخَت ربى عليها:

ـ يا إلهي اصمتي اصمتي.. 

نظرت لهبة وأثير، وهتفت:

_ أنا صاعدة أنتن .. أنتن ستدفعاني للجنون والله.

هتفت أم رضوان من خلفها:

ـ هكذا لقد تعديت العيل. لقد نصحتها وهي حرة!


الساعة الثانية عشر:

الجو بارد، والسماء صافية، كم تعشق هذا الجو رغم أنها تعاني طيلة فصل الشتاء من نزلات البرد بأنواعها لا تمتلك مناعة كافية؛ لِتصد هجمات البرد القارصة كما لم يعد لديها قوة لتواجه أحد.

تشعر بفقدان شغف لكل شيء، متعبة، مثقلة ، جل ما تريد هو أن تبتعد من هنا..تبتعد كثيرًا و إلي الأبد.

زفرت بتعب، وَعادت للغرفة تنظر لطفلها الذي لم يصمت لثانية منذ أتي من لقائه مع بيجاد و عدي لا تعرف ماذا تفعل بعد لتبعده عنه؟! كم صرخت به أن يبتعد عن طفلها لكنه لم يكترث لها.

آخر مواجهة بينهما كانت قبل أيام ليصْرخ عليها بطريقة صدمتها لأول مرة منذ عرفته قائلًا إنه حتي إن طلقها هو لن يفترق عن عزالدين لذا عليها أن تفصل بين علاقتها وعلاقته مع طفلها.

ستجن، قبل أن يغفو طفلها هتف بما جعلها في حيرة من أمرها، وهي أنه سيقضى الإجازة مع بيجاد وعدي بالبيت الجبلي.

الآن تتمالك أعصابها ألا تتهور، وتفعل ما قد يعود عليها بالسلب. يوافقة الجميع لكنها لم تعد مرتاحة لأي شيء، تشعر بالحصار منه لكل شيء بحياتها.

هبطت الدرج الفاصل بين شقتها وشقة رامي؛ لتفتح لها هبة بقلق:

_ ربي ما بكِ هل أنتِ بخير؟

_ أين رامي أريده هبه؟

استمع رامي لصوتها، وخرج مسرعًا:

_ ما بك ربى؟ هل حدث شيء لعز؟

_ لا عز بخير أريدك أن تتدخل لإنهاء ذلك الأمر بيني، وبين بيجاد الزيني. أريد الطلاق بأسرع وقت.

اتسعت أعين كلا من هبة ورامي؛ ليزفر رامي بالأخير قبل أن يجيبها بما صدمها:

_ لا ربى لن أفعل.

_ نعم، ولما؟!

صمت رامي من ثم هتف:

_ هذا الموضوع مرة أخرى يا ربى. إلي متى سأظل أخبرك أن عليكِ الصبر قليلًا بعد؟

_ إلى متى لقد سئمت أريد حريتي، كلما طال الوقت كلما تعلق عز به، وهذا سيصعب عليّ أمر الفراق.

زفر رامي، يعلم أنها لو صممت على شيء، ولم يفسر لها الأمر ستتسبب بكارثة:

_ اسمعيني ربى طالما اسمك على اسم بيجاد الزيني فأنتِ بأمان أنت ِ لا تعلمين شيء.

هدرت بجنون:

_ لا تجنني ما هذا الشيء الذي لا أعلمه أخبروني سأجن؟!

_ اهدئي ربى، واسمعيني لقد هرب فريد الزيني وللان لم يستطيعوا الوصول إلية كما أن هناك خطر منه مازال قائمًا عليكِ.

_ ياالهي! هرب! لكن أي خطر سيعود عليّ مجددًا الرجل كان يريدني، وها قد أصبحت زوجة لابنه حتى وإن تطلقنا الأمر بالنسبة له قد انتهى.

_ بالنسبة لك نعم انتهى لكن للأسف. لقد أخبرني معاذ أن فريد الزيني متورط بقضية اتجار بالبشر، وأعضاء بشرية، وبلاوي وقذارات اكتشفها آل الزينى أيضًا مؤخرًا وهم بنفسهم يتعاونون مع الشرطة لحل الأمر وانهاء مهزلة فريد الزيني لكن اياكِ أن يعرف احد بهذا!

_ وماذا يخصني أنا بكل ذلك؟

صمت قليلا قبل أن يردف بنبرة هادئة:

_ انت علي رأس القائمة ربى أنتِ كنتِ ومازلتِ دجاجته الرابحة التي يريدها.

_ أنا..لا ..لا أصدق..كيف…!

_ اهدئي ربى فريد الزيني كان خطته هي انت منذ البداية 

_ لما ..لما..سأجن..!

_ لا اعلم لكن أظن ليس لأنه يريد عضوا من جسدك هو يريدك كغانية أو ..

صمت ولم يستطع أن يكمل ليهتف مجددًا:

_ الأمر معقد صدقيني .

_ أتريدني أن أأمن على نفسي مع ولد الشيطان ؟

هتفت باستنكار قبل أن يجيبها رامي بصدق:

_ انت لا تعلمين ماذا يفعل بيجاد؛ لحمايتك!

صدقيني ربى لن يحميك إلا ولد الشيطان كما تقولين، لا تظلمينه فهو مثلنا صُدم بوالدة.

خرجت بلا حديث لم تلتفت لنداءات هبه، وهي تكافح ألا تبكي حقًا قبل أن تدلف لشقتها، وتغلقها بقوة.

أرادت البكاء حقًا، والصراخ لكن وقعت عينيها على تلك الخادمة التي تلازمها منذ التصق اسمه باسمها تعلم أنها مؤكد تنقل له كل شيء عنها أولًا بأول.

دلفت لغرفتها تاركة غرفة طفلها التي كانت تغفو بها وسرعان ما انهارت تمامًا. صوت بكائها كان مرتفعًا. تلك المرة استمعت له الخادمة التي أسرعت تهاتف رب عملها.

********..



            الفصل الخامس عشر من هنا 


 لقراءة جميع فصول الرواية من هنا 

تعليقات