رواية أمنيات اضاعها الهوى
الفصل الرابع والعشرون 24
بقلم أسما السيد
تبدو هادئة جدًا إلية، وهدوءها يقلقه أكثر من أي وقت. يشعر وأن بها خطب ما لدرجة أنها لم تعترض على العودة . لقد كانت بالأمس متمسكة بألا ترحل عاكفة أن تبقى هنا أبد الدهر بين ذراعيه. كانت متوترة يشعر بذلك، وان استطاعت إخفاء الأمر كليًا عنه. اقترب منها يهمس لها :
_ ربى ما بك؟
لم تتحدث فقط اكتفت بأن تقترب منه، وتمسك بيديه
زفر بحزن يعلم ما تفكر به بأنهما سيبتَعدا وسيعود ليتسلل لها كما السارقون ككل ليلة، ولكنه سيحاول إنهاء كل شيء، ويعلن زواجهما غير مكترثًا لشيء.
وصلا معا حيث محطتهما الأخيرة، ودعها بنظرة عينيه أما هي كانت تتحاشى النظر إليه لئلا تبكي، حتي عدي لم تستطع أن توقظه وتودعه تشعر وكأن قطعة منها تفارقها. بحياتها لم تتوقع أن تحب شخص كل هذا الحب، لم يتوقع أن يعوضها الله هكذا بعد كل ذلك البؤس. نظرة عيناها كانت كفيلة بقول كل شيء اقتربت، وقبلت عدي الغافي بسلام مرة بعد مرة واستودعته عند الله وتركته.
ود لو يعودوا ادراجهم يخطفها لأحضانه ضاربًا بكل التعقل عرض الحائط لكنها لم تلتفت الية .
تلقفتها أيدي هبة وربي ما أن دخلت عليهما لكنها لم تكن بحالتها المعتادة لا غاضبة ولا مستكينه بها شيئًا غير طبيعيًا لاحظة الكل.
ـ ربى أنت ِ بخير.
هتفت أثير بتلك الكلمات حينما لاحظوا شرودها الغير طبيعي حتى أنها لم تثور من تَلميحاتهم المخجلة كما كانت تفعل كل مرة.
ـ نعم فقط متعبة من طول المسافة لقد أتينا بالسيارة؛ لان عدي يخشي الطائره لذا طال الوقت بنا وسئمت.
ـ هكذا فقط.
ـ نعم هذا ما بالأمر .
نظرت لها هبة بصمت كانت تعلم أنها تخفي شيئًا. نظرت هبة وأثير لبعضهما البعض، وآثروا الصمت.
______
ضرب أبو رضوان كفًا علي كف من أمر ذلك الرجل الذي يصول ويجول خلف المبنى كمن به مس.
قبل أن يقترب منه صارخًا عليه:
_ ماذا تفعل هنا؟ من سمح لك بالدخول ارحل من هنا قبل مجيء الأمن فهم لن يرحموك.
لم يجبه محمود ابتعد بصمت كحالة منذ أمس. لقد أخبره ذلك النجس شامتا أنها تمكث هنا بطبقة الصفوة
والاغنياء مع ذلك النجس التي على علاقةٍ به . كلما نظر للمكان سأل نفسة من أين لها كل هذا المال أن كانت شريفة بحق ؟! مؤكد ما يقال عنها حقيقيًا؛ لذا سينفذ ما خطط له بلا تأنيب ضمير، سَيغسل عارِه بيديه.
خرج من الكومباوند بأكملة سيعاود فيما بعد حتى لا يثير الانتباه حوله، وسينتهي الأمر ويعود أدراجه.
______
ما أن دلف بيجاد للقصر وجد منذر أمامه، وأول ما سأل عنه كان على سير خطتهما وعن ذلك المدعو طليقها.
_ لا تقلق كل شيء يسير كما نرغب.
_ حسنا لا تنسي محاوطة المبنى الخاص بربى لا أريد ذبابة تدلف إليه بلا هوية.
_ حسنا.
تفاجيء بفيروز تهرول إليه فصمت منذر ولم يخبره بأمر والدته. ابتسم بيجاد عليها كانت دائما وأبدا مدللته. ابتسم بسعاده ورغم الحزن والقلق المتملك منه على تلك التي تركها خلفه إلا أنه لا ينكر سعادته بفرحة لقائة بفيروز التي بكت بحرقة اقلقته عليها.
ـ بيجاد أخيرًا اشتقت لكما.
ـ وأنا أيضًا اشتقت لكِ يا صغيرتي ما بكِ لما تبكين؟
اقترب فيصل يحتوي الأمر حتى لا يفتعل بيجاد فضيحة بعد علمه، ويسمع الجد الذي مازال لا يعلم عن اختفاء مؤمنه شيء.
ـ لا تناديها بذلك الإسم إنها صغيرتي أنا ألستِ كذلك يا روحي؟!
استنكر بيجاد حديث فيصل الذي أبعدها عنه وعن احضانه؛ ليسكنها بين ذراعية؛ليهتف فيصل بتملك:
ـ آسف لم تعد لك هي ملكي أنا.
نظرت فيروز لكليهما بفرحة قبل أن تميل رافعة عدي الذي يمسك بقدم بيجاد، وعينية تذرف الدموع، ويتمتم باسم عز التي باتت على دراية كاملة بمن هو لكنها آثرت تجاهل الأمر.
ـ لما تبكي يا عدي ألم تشتق إلىّ؟
نظر بيجاد لحالة عدي بعدما رفض رجاء ربي بالأمس بأن يبقى معها. هو واثق بأنها خير من يعتمد عليه لكن لم يحن الوقت بعد لِكشف بعض الأمور وأولها علاقته بها. لأول مرة يشعر بأنه أخطأ بتوطيد علاقة طفله وعز وأخيرًا علاقته بربى التي صار تعلق عدي بها تعلقًا مَرضيًا حتى صار يناديها ب ماما كما يفعل عز.
صدم حينما بكى عدي بأحضان فيروز رافضًا بقائها بين ذراع عن هو هيه يتمتم بإسم ربى تارة، وتارة بإسم عز. حاول بشتي الطرق احتواء الأمر؛ ليصل الأمر بإبنة حد الصراخ، و انتابته نوبة من البكاء الهستيري التي أتى على إثرها الجميع حتى الجد الذي ينظر له بنظرة مبهمة غامضة؛ لينتهي الأمر بفيروز باكية، وهي تلوم شقيقها بهمسٍ:
ـ ياالهي لما جلبته للقصر إن كان متعلقًا بهما لهذا الحد لقد نساني عدى.
الندم يعصف به حائر هو بين الأَمرين، ولكنه يشعر بشيء غير طبيعي خصيصًا بعد سؤاله عن والدته التي تجاهله الكل .
بعد ساعه كان بجناحه تجاورة شقيقته تنظر لعدي الذي اندمج كليا مع عز الذي يُحدثه بمكالمة فيديو . كانت فيروز تتأمله بحنو ممزوج براحةٍ أن عدي أخيرًا استطاع أن يجد من يتقبله بحالته هذه. لن تكون انانيه لتلك الدرجة، وتحزن وتُحزن شقيقها التي تشعر وكأنه يحمل جبال من الهم على عاتقه.
كانت عينيه حائرة وهو ينظر تارة لابنه، وتارة لمن يحدثه، وكأنه يبحث عن أحدهم خلف شاشة الفيديو وهي ليست غبية حتى لا تعلم على من يبحث؟!
أرادت أن تخرجه مما هو به اقتربت منه، فهمست بشيء من السعادة لم تستطع إخفائها : بيجاد أريد أن أخبرك بشيء ما.
اعتدل ناظرًا لها باهتمام يلمح بعيونها فرحة لم تستطع إخفائها.
ـ انت ثاني أحد أخبره هنا من بعد فيصل.
هتف بحماس حينما امتدت يدها تتحسس بطنها:
ـ لا تقولي اخمن أنا، تنتظرين طفل!
أومأت بسعادة، وألقت بنفسها بين ذراعي بيجاد الذي تلقفتها على الفور .
ـ أخيرًا يا صغيرة هنيئًا لك.
ـ أخيرًا يا بيجاد لقد عوض الله صبري خير. لقد أخذني فيصل للطبيبة وأخبرتنَا أنني حامل بتوأم منذ شهرين.
هتَف بسعادة، وهو يحتضنها بحنو:
ـ ألم أخبرك ِ من قبل (ما أجمل عوض الله ! ).
ـ نعم أنت دومًا على حق حمدًا لله.
كان بيجاد الأقرب إليها على الدوام، وكأنه الأب والأم والصديق والاخ، عالمها دائمًا ما كان يتلخص بشقيقها وفيصل وعدي .لم تكن مقربة يوم من نساء العائلة حتى والدتها لم تكن مقربة منها لذلك الحد الذي يدفعها لتجري، وتلقي بنفسها بين ذراعيها تحكي لها عن أي شيء. احتوى فرحة شقيقته كما يفعل على الدوام صدقًا هو سعيد من أجلها، وبتلك اللحظة تمني لو يحظي يوما بطفل مثلها ممن عشق.
لكن كل سعادتهما وأمانيهما ذهبتا ما أن صرخت شريفة صرخة مدوية جعلت الدماء تجف بأوصالهما؛ لتهتف فيروز بذعر:
_ أمي يا بيجاد.
_ ما بها والدتك؟
_ متغيبة مؤكد حدث لها شيء.
أسرع بيجاد حيث صوت الصراخ، وتبعته فيروز ليقفا كلاهما أمام ضابط المباحث الذي هتف بصبر مجددًا:
_ لقد عثرنا على جثتها بفيلا ما، وبعد تبين وضع الجثة تبين أنها فارقت الحياة ضربًا بالرصاص منذ يومين، وبعد البحث خلف هويتها علمنا أنها السيدة مؤمنه.
صرخت فيروز باكية بينما شلت الصدمه بيجاد الذي هتف:
_ ماذا تقول انت؟ هل جُننت؟!
,_ أنا مقدر بصدمتك دكتور بيجاد لكن هذة الحقيقة لقد وجدنا والدتك مقتولة بجوار جثة رجل الأعمال عصام السكري بوضع..
صمت الضابط بحرج ليأتيهِ صوت الجد من خلفهم هاتفًا بأمر:
_ وضع ماذا؟!
_ وكأنها كانت بعلاقة ما مع المدعو عصام السكري.
صرخ بيجاد، وكاد يدفعه صارخًا لولا يد منذر التي أبعدته عنه بآخر لحظة معتذرًا للضابط.
_ يا إلهي ماذا تقول انت؟
أكمل الجد ولم يكترث بصراخ حفيدة وجنونه:
_ من قتلهم؟ هل وصلتم لشيء؟
_ للآن لا.
لم يتمالك الجد نفسة سقط مغشيًا عليه، وسقط معه كل كبرياء تمسك به، ومن ثم مفارقًا للحياة ليتحول القصر بعد ساعات لساحة عزاء وحرب من الصحافةِ والإعلام لتصبح فضيحتهم على الملأ بظرف ساعتين.
****
_ ارجوك يا ماجد رشفة واحدة سأموت ارحمني.
صفعها ماجد بقسوةٍ، ومال ممسكًا بشعرها:
_ ولما لم ترحمِيها؟
_ آسفة، آسفة أقسم لك لم أكن أقصد.
_ كاذبة، عاهرة لعينه، أي شقيقة أنتِ! كيف فعلت ذلك بها؟
هتفت نيرة بصوت ممزق من البكاء والرجاء:
_ لقد انتقمت لها على كل حال، وصرت مثلها أرجوك اعطني الجرعة الآن.
_ لا بعينيك.
لم تصدق أنه هاتفها صباحًا؛ لتخرج مهرولةٍ إليه، ولم تكترث بأحد وتأتي هنا تتوسلة ولا يرأف بها. تتلوى بالأرض تارة، وتارةٍ أخرى تدق رأسها بالحائط من الألم الذي يفتك بكل خليه بها؛ ليقرر بعد برهة بعدما اكتفي من رؤيته لذلُها أسفل قدميه رفعها من شعرها بقوةٍ هامسًا بخبث:
_ تريدين الخلاص؟!
_ أجل.
_ أخبريني من أنت الآن؟!
_ عاهرة
_ لا قاتلة.
_ نعم نعم أنا قاتلة.
_ قتلتِ من؟
_ نوار ..قتلتها.
_ بماذا ؟
_ جعلتها تدمن أخطر أنواع المخدرات.
_ لما؟
_ لأني أكرهها، أخذت ما لي، أخذت بيجاد، وحب كل من حولها.
صفعها بقوةٍ وقسوة مرة بعد مرة حتى اقترب منها، وألقى لها جرعتها أرضًا؛ لتستنشقَها دفعة واحدة، ومن ثم تخطف ما تبقى بيده وتعاود استنشاقه دفعةً واحدةً
حاول ماجد أبعاده عنها لكنها كانت أسرع منه، ولم تعي أن الأمر زاد معها عن الحد؛ لتمر الثانية وتبدأ بالتعرق، ويزداد نبض قلبها، وما هي إلا دقائق وفارقت الحياة.
لم يرأف ماجد بها ولم يحزن لحظه عليها. بصق عليها وخرج قاصدًا المطار راحلًا عن البلاد كلها تاركًا أمر فريد الزيني لأهله والشرطة لقد اكتفى. قبل إغلاقه لهاتفه أرسل كل شيء يعرفه لبيجاد، وكل الفيديوهات ليخبره برسالةٍ كشفت كل شيء أنه قد وفي بالوعد ويرحل على وعد باللقاء.
______...