رواية روحي تعاني
الفصل السادس 6 الجزء الثاني
بقلم أية شاكر
-اسمعي يا بنتي إنتِ كتب كتابك بكره...
هزت راسها بالنفي وقالت بدموع:
-لأ... لأ... مش هتجوز... أنا مش عايزه أتجوز...
رفع والدها إيده عشان يضـ ـربها فوقفت أنا وكريم قدامه...
كنت حاسس بخفقة غريبه في قلبي يمكن خوف لأني هخسرها! قلت أكيد هيجوزها بسام! لأنها قالت إنه اتقدملها من كام يوم...
قلت بنبرة مرتعشة:
-اهدى يا عمي لو سمحت...
وقال كريم:
-كتب كتاب إيه يا بابا وعلى مين؟
رد والدها على كريم:
-كتب كتابها عليك... مش إنت كنت عايز تتجوزها؟
ارتعشت شفايف كريم بابتسامة مرتبكه وقال بتوتر:
-كنت... كنت بس خلاص يعني الكلام ده بقاله أكتر من سنه...
بصله والد سمر بخيبة أمل فحاول كريم التبرير، قال وهو بيص ناحية سمر:
-أنا بعتبر سمر زي أختي و...
قاطعته سمر بانفعال:
-وأنا كمان بعتبر كريم أخويا...
بصت لوالدها وكملت بحدة:
-وبعدين إنت عايز تجوزني وتخلص مني وخلاص...
قعدت سمر على الكرسي وقالت بحسرة وبكاء:
-يعني بدل ما تفكر إزاي تجيبلي حقي بتفكر إزاي تخلص مني وتجوزني!
انفعل والدها وقال:
-اه يا سمر عايز أخلص منك ومن همك اللي شايله... ولعلمك أول عريس هيخبط على بابي هجوزهولك غصب عنك... ومن النهارده هتيجي تعيشي في بيتي وتبقي تحت عيني ومعدش فيه شغل ولا خروج من البيت...
بصتلي «نسمه» بنظرات أنا فاهمها وكأنها بتقولي أتكلم وأطلب سمر للجواز، عايزاني أستغل الموقف لكن عمري ما كنت استغلالي وعمري ما هتجوز إلا بموافقتها.
سكتت سمر حتى صوت بكائها هدى، دموعها كانت بتسيل في صمت وضعف لحد ما مسكها والدها من ذراعها وسحبها عشان تمشي معاه لكنها ثارت وصرخت، قالت:
-لأ... أنا مش هعيش في بيت الست اللي إنت كـ ـسرت قلب ماما عشانها...
قال والدها وهو بيضغط على أسنانه وبيسحبها معاه:
-أنا مش عايز اعتراض امشي قدامي.
قاومت سمر وهي بتقول بصوت عالي:
-لأ... قولت لأ... أنا أعيش في الشارع ولا إني أجي أعيش في البيت ده تاني.
ضـ ـربها كف على وشها فبكت، وهي حاطه إيديها على خدها، وقفت قدام والدها أنا وكريم وحاولنا نهديه فقعد والدها على اقرب كرسي وقال بحزن:
-هتخلص عليا... البت دي هتمـ ـوتني.
شهقت سمر وقالت بانفعال وبدموع:
-بص متتعبش نفسك انساني وانسى إن ليك بنت اسمها سمر...
قالتها سمر وخرجت بره البيت ووراها نسمه اللي عيالها عيطوا ونادوا عليها، كنت همشي وراها لكن وقفت أهدي الأطفال وشيلت طفلها اللي عمره ٤ سنوات أسكته، فاخده مني كريم وهو بيبص بشفقة على «زوج والدته» اللي مربيه واللي بيعتبره زي والده وبيقوله يا بابا، كان والد سمر بيبص للأرض بحزن وصمت، فطبطب كريم على كتفه وبعدين قالي:
-معلش يا أستاذ ياسين روح إنت وراهم.
استغفروا❤️🌸
★★★★★
«سمر»
خرجت من البيت مش شايفه قدامي من العياط ونسمه بتجري ورايا وبتنادي عليا...
كنت زعلانه من نفسي عشان كلمت والدي بالطريقه دي! بس أنا كده دائمًا بعمل الغلط وأرجع ألوم نفسي، لكن هو اللي أجبرني على كده! بس برده مش مبرر إني أعلي صوتي عليه مينفعش أكلمه كده أنا وحشه أوي ولو استمريت كده مش هفلح في حياتي وهعيش طول عمري في تعاسه!
وياسين ده كمان ما قالش أي حاجه ولا حاول يدافع عني بأي كلام! يا ترى زهق مني وقرر يسيبني! اي اللي بفكر فيه ده؟ طيب ما أنا أصلًا سيبته من زمان...
-يا سمر استني بقا...
قالتها نسمه، وتجاهلتها وأنا ببكي، جريت نسمه ومسكت إيدي عشان أقف لكني سحبت إيدي منها وعديت الطريق بسرعه وبعدين سمعت صوت فرامل عربية وصراخ نسمه...
اتسمرت مكاني كنت خايفه ألتفت فألاقي العربيه خبطت نسمه! لكن لما سمعت صوتها بتزعق:
-مش تفتح يا عم إنت! كنت هروح فيها!
التفتت بسرعة، وجريت ناحيتها، والشاب كان بيقول:
-أنا آسف والله آسف... آسف جدًا يا مدام.
قالت وهي عاقدة ذراعيها أمام صدرها:
-أعمل إيه بأسف دي! لو حصلي حاجه كنت أسيب عيالي لمين بقا إن شاء الله؟
نفخت نسمه بزهق وتجاهلته وجريت عليا تحضني وتبكي وأنا أبكي وبعد فترة لما بصيت ناحية الشاب لقيته لسه واقف بيبص علينا قصدي عليا! ولما لاحظ إني ببص عليه عمل نفسه بيمسح زجاج العربية، وأكاد أجزم إنه رامي ودانه معانا وبيسمع كلامنا، قالت نسمه:
-ارجعي معايا... وكل حاجه هتتحل صدقيني...
كملت نسمه بقلق:
-انا فهمت وعرفت إن إنتِ عندك عقده من الجواز بس يا حبيبتي أنا أهو قدامك اتجوزت وياسر مكتفي بيا وبيحبني... مش كل الرجاله بتفكر في التعدد يا سمر!
سكتت طيب أقولها إيه دي؟ أقولها إن جوزها اللي هي واثقه فيه مغفلها ومتجوز عليها وهي عايشه في ماية البطيخ! وماية البطيخ كناية عن سذاجتها طبعًا!
وقبل ما أرد عليها لقيت ياسين جاي ناحيتنا ولما وقف قدامي قال:
-مش هتبطلي شغل عيال يا سمر؟
قلت بسخرية وتعجب:
-شغل عيال!!!
قال:
-إنتِ ليه مصممه تتعبي كل اللي حوليكِ؟
قلت بانفعال:
-إيه كنت عايزني أوافق أتجوز كريم عشان ترتاحوا؟
قال وهو بيضغط على أسنانه:
-أنا مقولتش كده! وبعدين إنتِ رايحه فين أنا عايز الدفتر بتاعي.
قلت بسخرية:
-يعني إنت ماشي ورايا عشان الدفتر بتاعك!!!
رفعت سبابتي في وشه وأنا بقول:
-انسى يا ياسين أنا قررت إني مش هديهولك وهقراه عشان أعرف إيه اللي إنت مخبيه وخايف أوي كده منه.
رفع سبابته في وشي وقبل ما يتكلم قالت نسمه بارتباك:
-فيه إيه إنتوا هتتخانقوا؟!
ولما بص ياسين وراه لفت نظره الشاب اللي لسه واقف مكانه، بصيت أنا كمان على الشاب صاحب التاكسي اللي لسه واقف متابعنا، بصلي بنظرة غريبه مما أثار الشك جوايا وقلت في نفسي أكيد عريس جديد!!
لما شاف ياسين بيبص عليه ركب التاكسي بسرعه ومشي، قال ياسين:
-كان واقف كده ليه ده؟!
-كان هيخبطني تلاقيه واقف مصدوم.
قالتها نسمه فزفر ياسين بعمق وقال:
-طيب يلا بينا لأن ولادك بيعيطوا في البيت...
-أنا مش هرجع معاكم.
قلتها ومشيت وسيبتهم فسمعت ياسين بيقول لنسمه:
-روحي إنتِ لعيالك.
قالت نسمه:
-خلي بالك منها.
مشيت وكنت عارفه إنه ماشي ورايا لكن مبصتش عليه وكملت مشي معرفش كنت رايحه فين بس ماشيه ومطمنه إنه ورايا، حاسه إني مبهدله الراجل ده معايا أخر بهدله! ولا هو اللي مبهدل نفسه؟!
وبعد ربع ساعه مشي بلا هدف اتسمرت مكاني لما شوفت ياسر خارج من عماره ومعاه زوجته التانيه، كان بيقولها حاجه وهي بتبتسم، بصيت على لافتات العماره اللي كانت لأطباء بمختلف التخصصات، أورام، وجلديه ونسا وتوليد، قولت في نفسي أكيد نسا وتوليد، معقوله تكون حامل!
أشفقت على نسمه وحسيت بوجع في قلبي! وقفت مكاني للحظات أبص عليهم لحد ما مشيوا بالعربية، وتسائلت ليه الراجل يعمل كده! صحيح التعدد حلال لكن على الأقل يقول لمراته الأولى مش يسيبها كده مخدوعه؟ ولا ده كمان حلال؟
فوقت من أفكاري على صوت ياسين:
-مش كفايه مشي بقا؟
عقدت إيدي أمام صدري وقلت وأنا رافعه راسي لفوق:
-إنت ماشي ورايا ليه؟... عايز مني إيه يا ياسين؟
تنهد بعمق وقال بنبرة هادئة:
-خايف عليكِ... خايف عليكِ من اللي بتعمليه في نفسك.
بصيت للأرض وسكتت شويه وبعدين قلت بانكسار:
-إنت شوفت الفيديو اللي العيال دول نزلوه؟
هز رأسه بالنفي فقولت:
-فاكر المقلب اللي عملوه فيا لما كنت بكلمك؟
-أيوه فاكر.
قلت:
-هو ده الفيديو... نزلوه قبل كده من غير صورتي ولا صوتي ودلوقتي نزل بصوتي وصورتي.
سكت وبص قدامه للحظه وبعدين قال:
-ابقي ابعتيلي اللينك وأنا هتصرف... المهم دلوقتي نرجع البيت مينفعش وقفتنا كده.
-أي بيت؟ أنا معنديش مكان أروحله... أنا مش هرجع بيت نسمه ولا هروح عند بابا...
زفر بقـ ـوة وقال بسخرية:
-أومال هتروحي فين يا سمر؟ هتمشي في الشوارع؟
قلت بحدة:
-وإنت مالك أصلًا؟!
قال بتعجب مغلف بالسخرية:
-أنا مالي!!!
مسح وشه بإيديه ونفخ بضيق قبل ما يقول بهدوء:
-طيب يا سمر... مترجعيش عند نسمه ولا تروحي عند باباكي... تعالي عندي الشقة...
قلت بصدمة:
-نعم!!! أجي عندك إزاي!
قال:
-أكيد مش هقعد معاكِ في الشقه يا سمر نضفي دماغك.
قلت بارتباك:
-مـ... مينفعش وإنت هتروح فين؟
-ملكيش دعوه بقا أنا هتصرف.
بصيت قدامي شويه وسكتت بفكر في كلامه فقال:
-مينفعش وقفتنا كده والله... يلا بقا؟
قلت بقلة حيله:
-يلا...
طلب مني أمشي قدامه ومشي ورايا لحد ما وصلنا لباب العماره فوقفت أستناه لكنه شاورلي اطلع وفعلًا طلعت ووقفت قدام باب شقته...
تأملت باب الشقة اللي أنا كنت مختاره لونه البني القاتم، كانت هتبقى شقتي لكن كل حاجه نصيب، حسيت برعشة جوايا وأنا بتخيل أي عروسه تانيه تدخل الشقه دي غيري! هو أنا مش عايزه أتجوزه لكن برده مش هستحمل أشوفه مع واحده تانيه!
-معلش يا سمر هدخل أجيب شوية حاجات وأمشي علطول.
قالها ياسين وهو بيطلع السلم، فتح الباب ودخل بسرعه فدخلت وراه وقفلت باب الشقة، التفت بسرعه وقال بحدة مختلطه بالخوف:
-قفلتِ ليه سيبي الباب مفتوح يا سمر وأقفي عنده على ما أجي...
مكنتش عارفه وقتها هو يقصد إيه؟ لكنه كان خايف عليا! نفذت اللي قاله ووقفت قدام الباب، كنت شيفاه وهو بيلف في الشقة ويشيل هدومه، وبعد شويه جه يخرج ولكن رجع تاني وهو بيقول بابتسامة:
-وشاحن الموبايل...
أخذ الشاحن وخرج من الشقة أعطاني مفتاح الشقة وقال:
-بصي أنا معايا نسخه من مفتاح الشقه لكن متخافيش مش هدخل هنا طول ما إنتِ موجوده.
هزيت راسي بحرج فقال:
-لو احتاجتي أي حاجه... التلفون معاكِ... وابعتيلي لينك الفيديو اللي بتقولي عليه تمام؟
هزت راسي بالإيجاب وأنا بقول:
-تمام.
-وخلي بالك من نفسك...
عدلت طرف حجابي وقلت بابتسامة:
-وإنت كمان...
ابتسم ونزل بسرعه ولما اختفى عن رؤيتي كنت هدخل لكنه طلع تاني وناداني بهمس:
-سمر... نسيت اقولك حاجه مهمه... فيه أكل على البوتجاز ابقي اتعشي.
قلت:
-شكرًا
حك شعره وقال بمكر:
-طيب هو الدفتر فين؟ أصل أنا محتاجه...
-هو أنا مش قولت إنك مش هتاخده!
حرك إيده وهو بيقول:
-يعني مفيش أمل ترجعي في كلامك.
حطيت إيدي في جنبي وقلت:
-قول بقا إنك بتساعدني عشان أديك الدفتر... مش بعيد كمان يكون الأكل اللي على البوتوجاز فيه منوم ولا مهلوس ولا...
شهقت وقلت:
-ولا يمكن سم عشان تخلص مني قبل ما أقرأ الدفتر!
ضحك وقال بسخرية:
-بس بس إيه الفيلم الهندي ده!
نزل السلم ولوح بايده وهو بيقول بابتسامة:
-مش عايز منك حاجه سلام...
قلت قبل ما أدخل الشقه:
-سلام.
بمجرد ما قفلت الباب ابتسمت وأنا بفتكر كلامه وبلف في الشقة، استنشقت رايحتها اللي كانت ريحته، حسيت بالراحه والأمان...
ياسين منظم جدًا ومش باين خالص إن دي شقة أعزب!
جذب انتباهي ركن الصلاة اللي في الصالة، تذكرت صلاتي أنا محتاجه أتغير بس من بكره عشان تعبانه وعايزه أنام مش عارفه كام مره قولت لنفسي كده قبل ما أنام، رقدت على السرير بتاع ياسين وقعدت أحسس عليه وأشم ريحة المخدة، وبعدين فوقت لنفسي وقمت من عليه بسرعه ونمت في الصالة...
قعدت أفكر كتير وأحاول طرد الأفكار من دماغي وحاولت أتغلب على نفسي وشيطاني وأقوم أصلي لكن في النهاية غلبني النوم...
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★
تاني يوم في الشركه...
شوفت ياسين اللي ابتسملي وسألني عن أحوالي وتجاهلني باقي اليوم لأنه كان مشغول جامد...
وفي البريك دخلت همسه للمكتب عندنا وقالتلي بحماس:
-يلا نصلي الظهر يا سجى...
لما أدركت هي قالت إيه ابتسمت ابتسامة باهتة حزينه وقالت:
-الله يرحمها... يلا نصلي يا سمر.
وقفت وكنت هخرج معاها لكنها بصت لسوسن وقالت:
-يا تاركًا للصلاة إن الصلاة لتشتكي وتقول في أوقاتها الله يلعن تاركي.
سوسن بلامبالاة:
-لما أروح هبقا اصلي عشان لبسي والمكياج غير لائق للصلاة.
بصيت للبس سوسن الضيق دائمًا أسأل نفسي ولما هما عارفين إن اللبس ده غير لائق إنهم يقابلوا ربنا بيه بيلبسوه ليه! يمكن أكون مقصره في الصلاة لكن كله إلا اللبس أنا اتربيت إني ألبس واسع ومحتشم...
فوقت من أفكاري على صوت همسه وهي بتقولها بمرح:
-لما إنتِ عارفه إنه غير لائق للصلاة بتلبسيه ليه يا أنسه...
قالت سوسن بضحك:
-يا أستاذه همسه خلينا نعيش حياتنا هو إحنا يعني هنعيش كم مره؟ ما هي مره واحده...
قربت منها همسه وقالت بجدية:
-غلط إحنا مش هنعيش مره واحده... احنا هنعيش مرتين... مره في الدنيا ومره تانيه في الاخره بعد ما نتحاسب على اللي عملناه في الدنيا دي... عارفه يعني ايه نتحاسب يا أستاذه سوسن؟
قابلت سوسن كلامها بسخرية لكني حسيت إن رجلي مبقتش شيلاني! وكأن كلام همسه لمس حاجه جوايا، يعني إحنا هنعيش مرتين! والمره التانيه بعد ما نتحاسب! إحنا هنتحاسب على كل حاجه...
انتبهت لصوت همسه اللي قالت قبل ما تخرج قدامي من المكتب جمله هزت قلبي:
-حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا...
اتسمرت مكاني للحظة، وأنا بقول لنفسي أول حاجه هنتحاسب عليه الصلاة!! حسيت إني مرعوبه!
انتبهت لما همسمه دخلت المكتب وسحبتني معاها وهي بتقول:
-البريك هيخلص وإنتِ واقفه كده... هنصلي ونأكل امته!
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
[وقفه]
أخرج الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: " حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية "
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
★★★★
بعد يومين من وجودي في شقة ياسين اللي عمري ما حسيت بالدفى والاطمئنان إلا فيها...
خصوصًا ركن الصلاة اللي كان بيفكرني بصلاتي فاجري أصلي حتى لو مش بخشوع لكن كنت بصلي كل الصلوات وفي وقتها...
وكمان صوت الراديو اللي شغال ٢٤ ساعه على إذاعة القرآن الكريم...
وفي اليوم الثالث وأنا نازله من على السلم فتحت نسمه الباب، كانت بتطلعلي تطمن عليا لكن متكلمناش في أي حاجه، لكن المره دي قالتلي:
-ايه بقا مش ناويه تعقلي؟
-أعقل!؟
-أيوه تعقلي وتبطلي شغل عيال على رأى ياسين! لازم تروحي تصالحي بابا...
كملت نسمة بحزن:
-بابا زعلان اوي يا سمر لسه مكلمني وسألني عليكِ.
قلت:
-هروحله يا نسمه حاضر...
مشيت وأنا مقرره أصالح والدي ما أنا برده غلطانه وهتحاسب على كده، جملة همسه كانت بتتردد في أذني طول الوقت:
-حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا.
وأنا هتحاسب على اللي عملته مع والدي لأني واجب عليا بر والدي ما كنش ينفع أعلى صوتي عليه.
قبل ما أدخل الشركه شوفت ياسين بينزل من تاكسي لنفس الشاب بتاع امبارح! اللي قبل ما يمشي بص عليا بنظره لازلت سامه إنه أكيد عريس!
بصيت في الأرض ووقفت أنتظر ياسين ولما شافني ابتسم واتجه ناحيتي وسألني:
-ها إيه الأخبار عامله إيه؟
رديت بابتسامة صغيرة:
-الحمد لله...
كان هيمشي فقولت وأنا بفتح شنطتي:
أ... ياسين استنى... اتفضل...
قولتها وأنا مده إيدي بالمفتاح فأخذه مني وهو بيقول بمرح:
-يا شيخه افتكرتك هتحني عليا وتديني الدفتر...
ضحكنا وبعدين قلت:
-تقدري ترجع شقتك بقا من النهارده أنا هروح عند بابا...
سألني:
-إنتِ صالحتي بابا؟
-هروح أصالحه أنا عارفه إن اللي عملته مش صح...
ابتسم ياسين وقال:
-أحلى حاجه يا سمر إنك بترجعي... يعني لما تغلطي بتراجعي نفسك وترجعي...
اتنهد بعمق وكمل وهو بيبصلي:
-وأتمنى تراجعي نفسك في أكبر غلط عملتيه في حقي وحقك.
بصتله وتلاقت نظراتنا فارتبك وبص حوليه يشوف لو حد شايفنا، قال بجدية مصطنعة:
-تمام... وفي أي وقت لو حسيتِ إنك عايزه مكان فبيتك موجود.
قال كده ودخل الشركة، حطيت إيدي على بوقي بذهول، هو كده طلب مني إننا نرجع! أيوه طلبها بطريقة غير مباشرة! ما كنتش عارفه هعمل إيه واتوترت زياده! قررت أتكلم مع همسه وأحكيلها...
انتبهت على صوت بسام اللي وقف جنبي وقال بابتسامة:
-صباح الخير.
اعتدلت في وقفتي وبلعت ريقي قبل ما أرد:
-صـ... صباح النور.
كنت حاسه إنه عاوز يفتح معايا كلام بس دخلت الشركه بسرعه بخطوات مرتبكه، عدلت طرف حجابي وأنا بسأل نفسي بغرور:
-وبعدين بقا في جمالي الطاغي اللي بيسحر الشباب ده!
سألت على همسه كنت عاوزه أتكلم معاها حاسه إنها بتفهمني جدًا من نظراتي قبل كلماتي...
لما عرفت إنها ما جتش النهارده قررت أروحلها البيت بعد الشغل قبل ما أروح عند والدي...
وبعد الشغل ركبت تاكسي لبيت همسه، كنت أول مره أدخل بيتهما وقفت على البوابه متردده! ولحسن الحظ لقيت مستر هيثم وصل، قال بتعجب:
-الله! إزيك يا سمر؟
-الـ... الحمد لله... كنت جايه أقابل أستاذه همسه؟
-كده من غير ميعاد؟
بصيت للأرض بحرج أنا فعلًا مرنتش عليها أستأذن! فضحك وقال بمرح:
-بهزر معاكِ... اتفضلي طبعًا.
كان أول مره يهزر معايا! وسبحان مغير الأحوال...
ابتسمت ابتسامة صغيرة بحياء.وبمجرد ما دخلت وراه من البوابه ووقفت في الجنينه اتصدمت لما شوفت زوجة ياسر الثانيه قاعده على الطاولة وقصادها ياسر اللي بيتكلم معاها ويضحكوا...
اتسمرت مكاني وبلعت ريقي بارتباك لما شوفت ياسر بيأكلها في بوقها...
بدلت نظري بينهم؛ أطفال بيلعبوا وهمسه وهيثم اللي ألقى السلام بنبرة مرتبكة فكلهم بصولي بصدمة...
سألت نفسي هو فيه ايه؟!! وإيه اللي بيحصل...
ياسر حط الأكل من إيده وبص للأرض، وحمحم بتوتر...
وهمسه قامت من مكانها ورحبت بيا بنبرة مرتبكة، قالت:
-أ... إ... اتفضلي يا سمر تعالي مـ... مقولتيش إنك جايه كـ... كنا فرشنا الأرض ورد.
مكنتش عارفه أرد بإيه اكتفيت بابتسامة صغيره وأنا ببص لزوجة ياسر ببغض، وفجأة لقيت طفل بيقول لياسر:
-مصطفى ضـ ـربني يا بابا.
ياسر بصلي بلغبطه وطبطب على ظهر للطفل بارتباك وهو بيقول:
-مـ... معلش... معلش يا حبيبي.
صوت الطفل اتكرر جوه عقلي، دا قال بابا! هو كمان مخلف منها! والظاهر إن همسه وهيثم عارفين! فعلًا مفيش حد سالك، أشفقت على أختي جدًا محستش بنفسي إلا وأنا بدير ظهري عشان أمشي، فمسكت همسه ذراعي وقالت بتوتر:
-رايحه فين اقعدي...
تنحنحت عشان أزيح الصخره اللي سدت حلقي وقلت:
-وقت تاني... بعد إذنك.
بصيت على ياسر اللي وقف وقال:
-استني يا سمر أنا...
ابتسمت بسخرية وقلت:
-على فكره أنا عارفه من زمان إنك متجوزها عارفه من يوم ما سيبت ياسين... بس متقلقش مقولتش لأختي...
كملت بحزن:
كل مره كنت باجي أقولها كنت بشوف ثقتها فيك فبتراجع وأسكت... كنت بخاف أوجعها... بس اتفاجئت إن عندك أطفال كمان... ليه يا ياسر؟ ليـــه!؟
قال:
-إنتِ فاهمه غلط...
-إيه هتنكر إنك متجوزها؟
قولتها وإنا بشاور على آلاء اللي متابعه الحوار في صمت، فقال ياسر:
-اه متجوزها بس الحكايه مش زي ما إنتِ فاهمه...
قلت وأنا كاتمة دموعي:
-مش مهم الحكاية... وأنا أصلًا مش عايزه أفهم حاجه...
وقبل ما ينطق بكلمه مشيت بسرعه وخرجت من البيت والدنيا بتلف بيا، كنت بتخيله ياسين وكأن إحنا متجوزين وأنا اكتشفت خيانته ليا!
افتكرت والدتي وبكيت بحرقه، قررت إني مروحش لوالدي ولا أعتذرله شاورت لأول تاكسي ظهر قدامي وماكنتش عارفه أقوله وديني فين فركبت وهو مشي من غير ما يسأل، وكان جوايا بيتردد صوت واحد:
-كلهم خاينين...
وبعد ما مشينا مسافة فوقت على صوت السواق اللي كان بيتكلم في التلفون:
-الأمانه معايا وكله تمام يا باشا.
قلبي دق بخوف، خوفت إنه يكون هيخطفني! فاتعدلت في قعدتي وقولتله:
-نزلني على جنب لو سمحت.
مردش عليا فكررت جملتي أكتر من مره وكل مره كنت بعلي صوتي عن اللي قبلها وهو مش بيرد عليا، تسارعت دقات قلبي وأنفاسي وأنا بخبط على باب التاكسي وبقول بصوت عالي:
-بقولك نزلني هنا....