الفصل الخامس عشر 15
بقلم لولي سامي
الطيبون لا تتغير صفاتهم مهما تبدلت احوالهم.
دخل جواد غرفته بعد حواره مع والدته والاتفاق معها بالذهاب لرؤية الفتاة فقط والتعرف عليها ليس أكثر من ذلك ،ثم سيقرر بعد هذه المقابلة على ما سيتم .
جلس على الفراش شارد الذهن في حديث والدته له.
ظل يفكر كيف وافق علي التفكير في الامر؟ كيف له أن يظلم فتاه أخري معه ويعيش معها بدون مشاعر ،كيف سيتعايش معها بدون قلب ليفكر لما لم يجرب؟ ويسمع كلام والدته ونضال ويرى فتاه أخري ربما اعجب بها أو حتى ارتاح قلبه ولو قليلا لها وهنا تذكر حديثه مع نضال .....
Flashback...
_ علشان حما*ر
نطق بها نضال ليعلق چواد قائلا :
_ ليه يا ابو العريف افتينا يا استاذ ،
ازاي هتعامل واعيش مع بنت الناس من غير مشاعر ولا احاسيس ؟
استهزأ نضال من حديثه قائلا :
_ والله شكلك فاهم الدنيا غلط ،مشاعر ايه وأحاسيس ايه اللي بتتكلم عليها ،روح كدة أخطب اي بنت هتلاقيها تاني يوم منزله صورتكم في الخطوبة وكاتبة عليها حبيب قلبي،
حبتك امتى ولا فين ؟
مش مهم، يا بابا
فوق مش كل الناس عايشه بالحب !
نظر للاعلى ملوحا بيده وكأنه يصف اللا معقول :
_ الحب ده يا ابني شئ كدة وهمي اخترعناه بنفسنا علشان الدنيا تمشي وتكمل.
علق چواد متعجبا من حديث نضال قائلا :
_ افكارك غريبة يا نضال وبرغم كدة بسمعلك معرفش ليه!؟
نضال يتفاخر من ذاته :
_علشان بنقلك للواقع يا ابني ،اصل يا چواد الحب ده مش اكل وشرب يعني نقدر نستغني عنه ونتعايش من غيره ،فمتجيش تقولي مش قادر اعيش.
جواد بموافقة :
_ معاك أنه مش شئ أساسي ممكن نستغنى عنه بس برضو بيسهل حاجات كتير وبنستحمل اللي منستحملوش علشان اللي بنحبهم والحياه الزوجية تحمل صعاب لو محبتش اللي معايا هستحمل عيوبها ليه؟
وهي لو مش بتحبني هتستحمل ظروفي وعيوبي ليه؟؟
_ يوووووه لحاجات كتييير جدا.
نطق بها نضال معلقا على سؤال چواد واردف مكملا :
_ في بيستحمل مراته علشان بنت اصول استحملته رغم عيوبه وظروفه وفي بتستحمل جوزها علشان صاينها وصاين العشرة وبيعاملها بالمعروف ومعتقدتش انت ممكن تبهدل معاك بنات الناس مهما كنت لسه مبتحبهاش ،في حاجه اسمها عشرة احيانا بتكون اقوى من الحب ، انا مبنكرش أن في حب بدليل حب الام لأولادها وحبي ليك يا جدع وحبي للي ما يتسموا يزن ويزيد ،
رفع شفتيه دليل على الإنكار وأكمل قائلا :
_ لكن مفهوم الحب بين الراجل والست ده مش هاضمه ،أو تقدر تقول مش أساسي عندي ، حاول تختار بعقلك يا چواد علشان ترتاح وتريح اللي حواليك ،
بالوقت كل ده هيتنسي ،اسمع مني يا صاحبي.
❈-❈-❈
Comeback....
عاد چواد من شرودة على صدوح هاتفه بجزلانه فأخرجه ليتعجب من رؤية المتصل وفي هذا التوقيت المتأخر ،
ولكنه لم يتردد لحظة واحدة في الاستجابة علي طالبه ففتح الخط سريعا ليجد قبل أن يرد صوت ماجدة تصرخ به قائلة :
_ بص يا چواد لآخر مرة بقولك اهو ابعد عن اختي احسنلك وكفاية اوي اللي هي فيه بسببك.
بجد هي تعبت وكلنا تعبنا ده لا يمكن يكون حب ،
لو بتحبها يا اخي خليها ترتاح في عيشتها مش جايبلها الكلام من القريب قبل الغريب.
شعر چواد بالخجل من نفسه لينطق معتذرا :
_ بجد انا مش عارف اعتذر ازاي ،انا اسف فعلا.
لتكمل ماجدة باقي حديثها بنفس أسلوبها المندفع والتجهم قائلة :
_ لا مش كل يوم والتاني تعمل حاجه وترجع تعتذر والبنت هنا هي اللي تشيل الطين انت متعرفش حالتها بقت ايه ،
ارحموها بقي .
انتظرت ماجدة ردا من چواد ولكنه آثر الصمت فحتى الاعتذار لم يعد له فائدة ،شعرت ماجدة بأنها تخطت حدودها فزمت شفتاها قائلة بصوت أقل حدة عن السابق :
_ چواد انا عارفه اني زودتها بس برضو انت ميرضاكش الحالة اللي ميار فيها ،ده بابا ومحمد بدأوا يشوكوا فيها انها على اتفاق معاك تخيل !!
نطق چواد اخيرا ليؤكد لها براءة ميار فقال :
_ والله ابدا ملهاش ذنب في حاجة المواضيع كلها جت صدفة حتى لما محمد شافني عند العيادة كنت عامل حسابي اروح بعد الميعاد بنص ساعة علشان محدش يشوفني بس الحظ بقي خلاه شافني ومن ساعتها وانا فعلا قلقان عليها .
❈-❈-❈
تعجبت ماجدة من الحوار لتتساءل :
_ عيادة ايه ومحمد شافك ازاي ؟؟ محدش يعرف الموضوع ده.
بدأ جواد يسرد لها سبب ذهابه للعيادة وهو الاطمئنان على ميار من الطبيب دون إزعاج أحد أو حتى الاتصال بها ولكن رؤية محمد له غيرت مجرى الأمور لتتساءل ماجدة :
_ طب وبابا شافك ؟؟؟
رد جواد :
_ مظنش لانه كان مديني ظهره هو وميار ووالدتك ،محمد بس اللي شافني
لتعقب ماجدة وكأنها تحلل الأمر وتفكر به بصوت عالي قائلة:
_ علشان كده محمد كان بيبص لميار كل شوية وفكر أن ممكن يكون في حاجة بينكم .
أطلق چواد زفرة عالية ثم قال :
_ متقلقيش يا ماجدة انا هريحكم خالص وهبعد عن ميار كل الشكوك بس طالب طلب صغير وارجوكي مترفضيش!
لم تفهم ماجدة ماذا يعني باراحتهم ولكنها قالت :
_ اتفضل قول لو في إمكانية ومفيهوش غلط عليا أو علي اختي معنديش مشكلة.
بلع چواد ريقه وقال :
_ هبقي اتصل بيكي من وقت للتاني تطمنيني على ميار وخاصة بكرة وصدقيني هتسمعي اخبار هتريحكم كلكم.
انتهت المكالمة ليقرر چواد أمر ما حتى يبعد كل الشكوك عن ميار فإذا لم يسعدها فلن يكون سبب بشقائها .
❈-❈-❈
بعد أن أنهت ماجدة من اتصالها بچواد وضعت هاتفها بجزلانها ودلفت من الشرفة لداخل الغرفة واطمئنت أن اختها مازالت في سباتها فجلست بجوارها واراحت ظهرها للخلف وأخذت تفكر في كلام چواد وكيف سيريحهم جميعا حتى غفت وهي علي وضعها.
❈-❈-❈
بالصباح استيقظ محمد مبكرا وأجرى مكالمة هاتفية بماسة التي إجابته فور رؤيتها لاتصاله ليقول لها بعد التحية :
_ لو سمحت يا ماسة عايز اقابلك ضروري النهارده بعد الشغل هعدي عليكي .
استشعرت ماسة صلابة حديثه ليختلج قلبها قائلة باستفسار :
_ في حاجة حصلت يا محمد ميار كويسة؟؟
أراد أن يطمئنها فقال لها :
_ اه الحمد لله افضل كتير بس انا عايز اقابلك قبل ما إجازتها تخلص وترجع الشغل علشان عايز اتأكد منك في موضوع مهم.
اومأت ماسه برأسها لتؤكد على طلبة قائلة :
_ تمام هستناك قدام المدرسة أن شاء الله بعد الشغل .
اغلق محمد الهاتف بعد أن شكرها ولكنه نهر نفسه على أسلوبه الفج معها قائلا لذاته :
_استغفر الله العظيم يا رب هي ذنبها ايه بس؟؟
ولكنه أراد أن يتأكد منها ما إذا كانت تعلم بشئ بين چواد واخته ام لا ؟ وهل حديثها عن معاملة حسن مع اختها صحيح ام به بعض المبالغة؟؟
اجل سيقابلها ويسألها بكل وضوح وسيشتشف صدق كلامها من تعابير وجهها فهو يعلمها جيدا لا تستطيع الكذب .
❈-❈-❈
بعد ساعة استيقظ كلا من بالمنزل لتفاجأ الام بعدم ذهاب ماجدة لكليتها واستقرارها بأحضان اختها ،تركتهم وذهبت لإكمال الافطار بينما توفيق يجلس بغرفته علي مقعده المفضل داعكا بكفيه جبينه تتقاذفيه الافكار وتفعل بها الافاعيل وتتلاعب به الشياطين يفكر ما إذا كانت ابنته أخطأت بشئ ما وربما تفتعل كل هذه المشاكل من أجل الخلاص من هذا الزواج حتى تتزوج من چواد ،ولكنه يعلم ابنته فشخصيتها بعيدة كل البعد عن هذا الدهاء، ولكن لحظة ربما يكون لچواد يدا في هذا وهو من يخطط لها كل ذلك ،هو يعلم ابنته جيدا بريئة وتثق بالناس سريعا ،لذلك يجب أن يتأكد بنفسه ولم يعتمد على كلام ابنه فقرر أن يحاول استجوابها اليوم عن كل ما تم وبالتفصيل الممل فهي لا تكذب ابدا.
تجمعوا جميعهم على مائدة الإفطار يخيم عليهم جميعا الصمت تعصف بهم الأفكار منهم من يتحفز لاي رد من الاخر ومنهم من يختلج صدره وتتسارع ضربات قلبه من شدة الخوف.
ينظر توفيق تجاه ماجدة رغم تعجبه من عدم ذهابها للجامعة اليوم ولكنه توقع السبب فالمؤكد أنها تجلس من أجل الدفاع عن اختها ،حسنا فليدعها فهو يحتاج من يقلل من حدته أثناء النقاش وماجدة الوحيدة من تستطيع فعل ذلك.
انتهوا من الطعام بدون أن يتذوقه أحد لتستقيم عزة فيقول لها توفيق :
_ اقعدي يا عزة انا عايزكم كلكم دلوقتي.
ثم نظر تجاه ميار التي ظلت تنظر للاسفل واشتدت حمرة وجهها من شدة القلق قائلا لها :
_ انا عايز اسمع منك يا ميار كل حاجه حصلت من ساعة اليوم اللي اتاخرتي فيه بره ،انا ساعتها سمعت من اخوكي بس غلطتي اني مسمعتش منك.
لتنطق ماجدة محاولة اللحاق باختها قائلة :
_ ماهي قالت إنه ضربها علشان....
قطع توفيق حديث ماجدة زاجرا لها قائلا بنبرة لا تقبل الإعادة/ انا قولت اسمع من ميار وبعد كده هيبقي اسيبك تدافعي عنها براحتك .
ثم وجه نظره لميار التي توجهت لها باقي الأنظار .
حاولت ميار رفع بصرها ولكنها لم تستطع أمسكت بيدي اختها من أسفل المنضدة لتضغط ماجدة على كف اختها لتشجيعها على التحدث وبث الطمأنينة بقلبها أنها بجوارها لتبدأ ميار بالتحدث وهي ناظرة للاسفل بنبره مرتعشه وبدأت تسرد كل ما تم منذ مقابلة أخيها لها أمام المدرسة وبصحبته چواد ثم قرارها هي وماسه أن يكملوا طريقهم سيرا على الاقدام لتصل بيتها في وقت متأخر عن ميعادها وكيف عاملتها حماتها فور وصولها وما تم من حسن بناء على حديث والدته ،كادت أن تكمل ميار باقي سردها ولكن توفيق قد توصل لما يريده ،او لما توقعه عقله ليطرق على المنضدة بشدة فارتجفت القلوب كاهتزاز الاواني التي بالمنضدة،وجفت الحلقان ليجهر توفيق قائلا/ يعني كنتي بتقابلي چواد وراجعة تشتكي من جوزك يا بجحة!؟ انا كنت حاسس ان في حاجة مش مظبوطة ،واخوكي ال*** بيداري عليكي.
حاولت عزة تهدأة توفيق فربتت على كتفه وهي تقول :
_ يا توفيق بنتنا متعملش كدة ،بنتنا متربية.
_كنت فاكرها متربية.
هدر بها توفيق وهو ينظر تجاه ميار الذي وجدها تزرف دموعا وهي تحرك راسها غير مصدقة لما تسمعه.
ليكرر سؤاله ربما لاحتياجة لسماع الإجابة واضحة بدون توقعات فسألها بوضوح :
_ قابلتي چواد يومها ولا لا ؟
أجابت ميار على سؤاله بتكرارها لكلمة واحدة والدموع تنهمر من حدقتيها :
_ صدفة ،والله العظيم صدفة.
اهتز قلب توفيق بنبرة صوتها ولكنه لم يهدأ بعد ليكرر علي سمعها تفاصيل المشهد التي ربما لم تراه هي كما يراه هو :
_ بس قابلتيه وفي الشارع يعني ممكن يكون حد شافك من أهل حسن او حد وصلهم حاجه علشان كده عملوا معاكي كدة وساعتها مقدرش افتح بوقي معاهم.
وهنا فاض بماجدة الكيل لتنتفض قائلة :
_ ازاي يا بابا متقدرش تتكلم معاه ؟ اولا قالتلك صدفة ، ثانيا كانت مع ماسة ومحمد اخوها موجود ،يعني محدش يقدر يقول على اختي كلمة واحدة.
ليهدا توفيق قليلا لتذكره امر وجود ماسة ومحمد بهذه المقابلة وكأن هذه النقطة غابت عن باله أثناء تفكيره،
ليجلس على مقعده وبرغم تسارع أنفاسه إلا أنه قال بكل هدوء :
_ بس اللي في الشارع شايف واحدة متجوزة مع واحد غريب واي حد عايز يألف حاجه هيألفها وببساطة ممكن يقولوا أنها كانت لوحدها الناس مبترحمش.
لتنطق ماجدة مرة أخري وكأنها تتحدث مع أفكار والدها وتناقشها قائلة بنبرة هادئة :
_ بس ده بنتنا وعارفين تربيتها كويس ومنسمحش لحد يجيب سيرتها بكلمة واحدة، ده غير أن محمد كان موجود يقدر يخزأ عين اي حد يتكلم.
زاغت عينه يمينا ويسارا تعبيرا عن تفكيره في أمر ما بعد برهه قال وكأنه يسرد ما توصل إليه عقله :
_ ممكن يكون وصل كلام لجوزها أو لحماتها وكتر خيرهم مرضيوش يتكلموا وده اللي يبرر عدم سؤالهم لحد دلوقتي .
سخرت ماجدة بداخلها وامتعض فمها هامسة بداخلها :
_ كتر خيرهم ،والنبي انت طيب يا بابا، ينقطع خيرهم البعدة.
بينما ميار اخذت تأنب نفسها متبعة اسلوب جلد الذات هامسه لذاتها :
_ ده جزاتي علشان كنت لابسه السلسلة بتاعته ،انا مش قصدي يا رب والله ما قصدي.
ليقطع تفكيرهم توفيق قائلا بقراره النهائي :
_انا هتصل على حسن واقوله نطمن على ميار ويجي نتكلم علشان تروح معاه بس بعد ما نتفق.
اتسعت حدقتي ماجدة قائلة :
_ يعني ايه يا بابا انتي اللي تتصل بيه وكمان تقوله أنها هتروح معاه.
نظر لها توفيق قائلا بجدية :
_ يعني لازم اجس نبضه إذا كان سمع حاجه عن بنتي ولا لا ؟
علشان اعرف اشوف هتصرف ازاي ،ولو طلع مسمعش يبقي نحمد ربنا أنها عدت علي خير ونلم الليلة بعد ما نحط النقط على الحروف ،
بس برضه لازم نحط في بالنا أننا غلطانين فمنوسعش المشكلة اوي.
_بس يا بابا.......
نطقت بها ماجدة معارضة لوالدها ولكنه لم يمهلها لينتفض واقفا قائلا :
_ خلص الكلام.
وتوجه مباشرة الي غرفته وكأنه يهرب من شبح نظراتهم لتتبعه زوجته عزه بعد أن نظرت لبناتها وهي تزم شفتيها بقلة حيله وحركت رأسها يمينا ويسارا بكل أسف .
❈-❈-❈
استيقظ چواد واستعد للذهاب لعمله فأخذت اخلاص تدعو ربها أن يريح قلب وبال ابنها .
وصل چواد للمحل مشغول البال شارد الذهن لا يتحدث كعادته ولا يتحاور برغم تحاورهم معه بعد أن فجر قنبلته في حديث الصباح ثم انقطع كلامه بعد ذلك وظل يعمل فقط ،
قلق عليه أصدقاءه كثيرا ليتواصلوا مع نضال فهم يعرفون أنه هو الوحيد من يستطيع أن يخرجه من هذه الحالة .
بعد مرور وقت ليس بكثير وصل نضال الذي دلف مباشرة الي چواد ليجده جالسا بكل هدوء يدعي الانشغال بكثير من السجلات امامه ليمد يده نضال ويغلق كل السجلات التي أمام چواد ليقول له چواد :
_ حمدالله على السلامه.
جلس نضال علي المقعد المواجهه للمكتب وهو يسأله باستنكار :
_ الله يسلمك ،ايه كنت مشغول ولا حاجه!؟
ابتسم چواد نصف ابتسامة ثم قال :
_ ولا كنت شايف حاجه من الأرقام اللي قدامي.
ابتسم نضال بدوره قائلا :
_ كنت متاكد علشان كده قولت اقفلهم ملهمش لازمه.
اومأ چواد برأسه وارجع ظهره بالمقعد للخلف ثم أردف نضال سائلا إياه :
_ مالك بقي ؟ يزيد ويزن قلقوني عليك.
حرك چواد كتفيه لاعلي قائلا :
_ معرفش هما كبروا الموضوع اوي ،كل اللي قولته اني رايح اشوف عروسة النهارده.
رفع نضال حاجبيه متعجبا فقال :
_ بسرعة كدة لحقت تقتنع بكلامي امبارح ولاقيت كمان عروسة.
ابتسم چواد قائلا :
_ لا وحياتك ده زي ما يكون كنت متفق عليا انت وام جواد روحت لاقيتها مستنياني علشان تقولي على عروسة.
استحسن نضال الفكرة فقال :
_ كويس جدا وبعدين؟
_وبعدين يا سيدي رايح يشوفها بذمتك ده منظر عريس رايح يشوف عروسة!؟
علق بها يزن وهو يدلف من باب المكتب ليسأله نضال قائلا :
_ اه يعني انت معترض على شكله بس!؟
جلس يزن بالمقعد المقابل لنضال وهو يقول :
_ ولبسه يا عم ده بيقولك مش هيغير هيروح كدة ،ده شكله عايز يطفشها من اولها.
_ ويروح يشوف بنات الناس ليه وهو لسه قلبه وباله مشغولين؟ مستعجل على ايه ؟؟ ما يصبر شوية.
نطق بها يزيد وهو دالفا للمكتب ساحبا مقعدا بيده ليجلس بجوارهم فيعلق چواد قائلا وهو ينظر تجاه نضال :
_ اهم بالحال ده من الصبح ومش عارف اسكتهم حتى.
نظر نضال ليزيد قائلا :
_ ايه المشكلة بس يا يزيد لما يشوف بنت مش يمكن تعجبه؟
عقد يزيد حاجبيه قائلا :
_ طب مش لما يهيأ نفسه لكدة ولا هو بيضحك على نفسه وبيريح والدته والسلام ،ليه يدخل بيوت الناس وهو عارف يا اما هيرفضهم يا اما هيرفضوه بالحالة اللي دخلهم بيها.
نطق يزن معلقا على أخيه قائلا بمرح :
_ اهو اللي ملوش في الستات قالها عايزين ايه تاني؟
نكزه يزيد بمرفقه قائلا بنبره خشنه محذرة :
_ ايه ملوش ده هتجبلي شبهه يخرب عقلك، ما تحسن ملافظك يالا.
اتسعت أعين يزن معتذرا قائلا وهو يضحك :
_ لا مش قصدي طبعا يا باشا دانت ليك وبالجامد اوي كمان ،اقصد يعني ملكش في تلاكيك الحريم .
ضحك كلا من چواد ونضال ليعلق نضال قائلا :
_عملتها ازاي ده يا چواد خلتهم يتفقوا على رأي واحد ؟
ثم اعتدل ليتحدث بجديه قائلا :
_ بس بصراحة عندهم حق لو انت لسه مش مقتنع بالخطوة على الأقل تلبس وتفرد وشك شوية انت مش رايح عزاء.
ثم استقام نضال واقفا مشيرا لكلا منهم قائلا :
_ يالا بينا فورا هتروح وتروق نفسك وهنخليك الباشا چواد على حق ،عندنا كام چواد احنا.
بعد اعتراض من چواد لم يسمحوا له أصدقاءه بتنفيذ ما يريده وخرجا جميعهم متوجهين لمنزل چواد لتهيأته كما ينبغي.
❈-❈-❈
دلفت عزة خلف زوجها الي غرفتهم وأغلقت خلفها الباب تحاول معاتبته عن سوء ظنه بابنته فقالت له :
_ ايه اللي عملته ده يا توفيق ؟ هي البنت ناقصة ؟ حرام عليك ده مفطورة من العياط برة، ومريضة وعايزين نطمن عليها مش نشك فيها ونحرق دمها بزيادة.
زفر توفيق أنفاسه قائلا :
_ غصب عني يا عزة لما حسيت أن في حاجة غلط خوفت علي بنتي ليكون چواد ده ضاحك عليها ومشيها وراه ،وانا مش هستحمل على بنتي نص كلمة ،فكان لازم افهم الموقف كويس علشان اعرف اتصرف.
عزة بمعارضة :
_ واديك فهمت الموقف تقوم تتصل انت باللي ما يتسمى وترخص بنتك!؟
حاول توفيق تبرير موقفه قائلا :
_ انا مش برخصها يا عزة انا عايز اعرف وصله حاجه ولا لا؟؟ ماهو ساكت وانا مش فاهم سبب سكاته ده ايه؟؟
واصلت عزة اعتراضها قائلة :
_ سبب سكاته قلة اصل اول ما عرف هو وأمه أنها مريضة ،وبرضه انا عند رايي متقلوش تعالي خد بنتنا!
توفيق بتفكير مضيفا عينيه وقال :
_ مانا عايز انكشه ومش عارف اجيبها ازاي؟
ثم صمت قليلا واردف مكملا :
_ سيبيها على الله.
بينما محمد بعد أن انهي عمله توجه مباشرة الي مدرسة ماسه ليقابلها ويتعرف منها على كافة التفاصيل التي أخذت ماسه تسردها إليه وتؤكد على براءة ميار من اي اتهام بل وتؤكد على سوء معاملة حسن وعائلته لميار وعدم رغبتها في اخبارهم حتي لا يسوء الوضع .
كان محمد يستمع إليها بكل تركيزه واهتمامه وبرغم تأكده من اخلاق أخته ولكنه أراد أن يطمئن قلبه أن كل ما تم كان بمحض الصدفة وأن يكون لديه كل العلم بصغائر الأمور حتى يستطع ان يقطع السنة من يتفوه ببنت كلمة تخص أخته في يوم من الايام.
انتهت المقابلة التي لطالما تمناها كلا من محمد وماسه ولكنها تمت مغايرة تماما عن امنياتهم بل وبعيده كل البعد عن مخططاتهم الرومانسية.
فقد بدأت المقابلة وانتهت علي التحدث عن أخته وأحوالها كما أن محمد كان في مزاج سئ للغاية وماسة كانت في وضع الاستجواب فشعرت بالتوتر من كثرة اسئلته ،ولكن من ايجابيات هذه المقابلة إذا ذكرنا لها إيجابيات أنها حملت لكلا منهم طابع ارتياح ومصداقية وثقة لابعد الحدود فنتائجها تخطت التوقعات.
بعد مقابلة محمد وماسة قرر محمد السير قليلا بمفرده حتى يرتب أفكاره ويهدا من نفسه قليلا فاوقف سيارة لماسة واركبها وبقى بمفرده يفكر في كل ما استمع إليه منها.
❈-❈-❈
في المساء توجه كلا من چواد ووالدته الي منزل العروس وبعد إلحاح من أصدقاءه ارغموه أن يغير ملابسه وحاولوا معه أن يرتدي بدله ولكن مع رفضه الشديد فتوصلوا الي ان يرتدي قميص من الجينز الخفيف ذو اللون اللبني الخفيف وبنطال جينز اسود ليدلفوا كلاهما الي منزل العروس ويجلس كلا من چواد ووالدته مع والد ووالدة العروس.
بعد الترحيب بدات اخلاص بالحديث العام بتعريف چواد عليهم والمدح به وباخلاقه وسبب بقائهم بمصر.
ظلت اخلاص تتبادل أطراف الحديث مع والد ووالدة العروس وبرغم استماعه للحوار ولكنه كان في عالم آخر تتصارع داخله الكثير من الأفكار والأحاسيس حتى لم يشعر بدلوف العروس الا عندما قدمت يدها إليه بالعصير قائلة :
_ اتفضل العصير.
نظر لها چواد عاقدا حاجبيه وبرغم اقترابهم من بعض الا انه لم يرى ملامحها جيدا أخذ كأس العصير وكأنه اتخذ قراره منها بدلا من كأس من العصير فوجه نظره تجاه والدته معتذرا عن الحوار الذي يعرف مساره جيدا قائلا :
_ بعد اذنك يا ماما.
ثم التفت بنظره لوالد العروس وهو يضع كأس العصير أمامه على المنضدة دون الارتشاف منه قطرة واحده قائلا :
_ بعتذر يا عمي عن إطالة والدتي في الحوار بس احنا جايين النهارده علشان نتعرف عليكم و.......
الفصل السادس عشر من هنا