رواية خيوط الغرام الفصل الثاني 2 والثالث 3 بقلم دينا إبراهيم


رواية خيوط الغرام 

الفصل الثاني 2 والثالث 3

بقلم دينا إبراهيم 


لا تعلم كيف وصلت سلمي الي فراشهم وانتهت بين ذراعيه محاوله التقاط انفاسها من هول مشاعر يفرضها عليها  ....

 ولكنه بالطبع الخبير في تغييب عقلها للاستسلام اليه ، اليس هو الحبيب الذي دام حبها له سبع سنوات قبل ان يتوج بزواجهم .....

اغمضت عيناها وهي تعيد السنوات الأربعة التي قضتهم زوجه له ، كم عاشت بها اسعد اوقاتها معه و كم سعي لإسعادها و حمايتها خاصة من تهكمات والدته واخته المؤلمة عند ذكر عدم امكانيتها للإنجاب او نعتها بالأرض البور فيزبل قلبها رويدا رويدا ....

شعرت بحزنها يعود بحده و يتجمع خلف جفونها بألم ، لتتخذ القرار بأبعاده عنها حتي يتزوج باخري ويحصل علي الابن الذي يتمناه ذويه و يتمناه هو في السر كأي رجل !!!

هل ما تفعله الان بين ذراعيه يسمي ابعاد !!!!!!!!!!

اين حبها له و امنيتها له بالسعادة و انجاب الخليف !!!!

كان هذا اخر ما روادها وهي تنفض ذراعه من علي جسدها الشبه عاري لتحكم الغطاء الناعم عليها ، متجاهله النظر لوجهه حتي لا تنطفئ عزيمتها من نظراته الحزينة و المحبطة و الخذلان الذي يظهر جليا علي وجهه مع كل دفعه منها....

اطبق يزيد اسنانه بشده علي شفتيه يتنفس من انفه ها هي تفيق من دوامه عشقهم لترمي بالرفض و الاشمئزاز في وجهه ....

يعلم انها تتعمد ذلك ولكنه لا يستطيع ان يبعد ذلك الشعور بالإهانة لرجولته و الحرقة بداخله بانه شخص قذر يقوم باستغلال حبها وليس زوجها و شريك الحياه ليزفر بغضب وهو يضغط بكفيه علي عينيه متمتا....

-هتفضلي تكسري فيا لامتي يا مالكه النفس و الروح ....

اما هي فقد استسلمت لدموعها والماء الحارق ينساب علي جسدها وتدعو في سرها نجاح خطتها وانتهاء ذلك العذاب سريعا لتتمتم بحزن وقهر....

-كنت فاكره نفسي قويه بس واضح اني هنتهي ببعادك عني ؛ ابعد بقي و سيبني لعذابي لا طايله راحه ولا طايله بعاد .....


.............................


اليوم التالي ....


في شقه ظافر .......


استيقظت شروق لتجد نفسها وحيده في غرفتها علي رنين هاتفها ،اعتدلت لتجيب....

-الو ؟!

-انتي لسه نايمه ؟! قومي انا زهقانه !!

-عايزة ايه يا سلمي !!

-وحشتيني !!

-وحشتك انا كنت لسه معاكي يا مجنونه !!

- قومي يا نكد ايه القرف ده علي الصبح ؛ انا غلطانه اني جبتلك نوتيلا وكنت هخمسها معاكي اول ما يزيد ينزل ، ظافر نزل مش كده ؟؟

فركت شروق عيناها وهي تستقيم بحده ....

-مش عارفه هشوفه واتصل بيكي بس هو غالبا مشي انتي عارفه بينزل علي طول مع مروان يدوبك يدي النصايح و الوصايا العشرة ليوسف و ينزل كأن يوسف ولي امري انا وفيري مش العكس، يلا المهم ثانية وتكوني قدامي بالنوتيلا !!

خرجت ضحكه من سلمي جارتها في الشقة المقابلة وزوجه يزيد والذي يصادف كونه صديق ظافر المقرب بجانب مروان الصديق الثالث في الدور الأعلى المقابل للشقة التي شهدت بدايه حياتها الزوجية ونهايتها معا ....

والتي يصادف بقاء ظافر بها وقضاءه لليل حتي اشعار اخر تفرضه حياتهم او بمعني اخر مجيء ذلك الطفل بداخلها !!  ....


-ماشي هستني اتصالك !!

اغلقت شروق الهاتف و مطت ذراعيها تحاول اخراج الوخم من جسدها لتقرر الخروج و رؤيه الاولاد  فالساعة تشير الي العاشرة ،

لابد انه توجه للعمل في طريق مروان ذلك الصديق اللطيف ، غايه في الرقة و لايزال اعزب رغم انه يكبر ظافر بسنه علي حد علمها ولكنه دائما ما يثني عليها ويواسيها بكلمات قليله و كأنها شقيقته !! ....

تأففت وهي تشعر بألم قدميها ما ان ارتدت خفها البيتي لتمط شفتيها بحنق وتقرر عدم ارتداءه  و الانضمام للطفلين الرائعين بالخارج ...

لابد انهم يتحرقون شوقا لإيقاظها و لكن تحذيرات ظافر لهم عن عدم ازعاجها اذا غفت ولو ثوان ، تقف حائل بينهم .......

ابتسمت رغما عنها لتختفي تلك الابتسامة سريعا، ارتكزت بجسدها علي احدي المقاعد بجوارها وقلبها يدق بعنف و خجل !!

لما لم تتذكره !! 

و لم يكن هو اول تفكير طرأ عليها ما ان استيقظت كما يحدث في الشهور الثمان الماضية ، فقد كان هو اول واخر تفكير يجول بخاطرها حزنا علي فقدانه و فقدان فرصتها في الحياة وندبا علي تيتم طفلها !! ......

شعور قاسي بطعم مراره الذنب ملئ فمها لتزفر محاربه دموعها وهي تحاول تمالك نفسها للخروج للأولاد ....

مرت دقائق طويله قبل ان ترتسم ابتسامه حزينة علي وجهها و رفعت عينيها الي الاطار الكبير المعلق نصب فراشها ، بصوره شاب بالغ الوسامة بعيون مشاكسه وابتسامه يملئها التفاؤل وعنفوان الشباب .....

 ابتسامه لطالما اجبرتها علي الابتسام ......


###########


#فلاش_باااااك.....


-يا الف اهلا و سهلا ... نورتونا والله !!

قالت والدة شروق بابتسامه واسعه وهي تشير للعريس المتقدم لابنتها و ابن عمه بالجلوس !!


-بنورك والله يا طنط ؛ كلك ذوق ، اكيد شروق طلعه بشوشه لحضرتك !!

قال يحيي بعيون مرحه ذائعه وقلبه يتراقص بحماسه ....

قاطعهم صوت ظافر وهو يمسك يد يوسف الصغير ....

-امسك ايد فريده اختك و اقعد هنا قدامي !!

وجهت والده شروق حديثها اليه لتردف بسلاسة ...

-يوة سيبه ياابني يلعب الاولاد احباب الله ... ميهمكش حاجه !!

ابتسم لها ظافر بأدب دون ان يجيب ...

تنحنحت السيدة لتردف ...

-انا هدخل انادي شروق !!

ما ان اعطتهم ظهرها حتي اتسعت ابتسامه يحيي ...ولكنها سرعان ما اختفت وهو يلاحظ جلوس شقيق شروق علي المقعد امامهم دون ان ينطق بحرف ...

سعل بخفه وهو ينظر بريبه الي ظافر الذي رفع له حاجبه يأمره خلاله بسخريه ان يهدأ قليلا....

-بابا عايز اعمل بيبي !!!

تنهد ظافر قبل ان يلتفت ليوسف و يردف بخفه....

-طيب استني طنط تيجي الاول !!

هز يوسف رأسه بالنفي بحرج طفيف وبراءة لمست قلبه ليبتسم له قليلا قائلا لشقيق شروق العابس ....

-الحمام منين لو سمحت !!

وصف له الطريق وكاد يدلف ظافر الي المرحاض مع ابنه ولكنه اصر علي الدخول بمفرده ...

-اقف انت هنا يا بابي !!

-هقف جوا معاك !!

رفع ذقنه بكل عجرفة يمتلكها طفل قائلا ...

-لا طبعا ؛ انا مش صغير !

كاد يبتسم ظافر لولا حرج الموقف ليردف...

-دخلني معاك و هديك ضهري !!

عقد ساقيه وكأنه يتمالك نفسه بطريقه سحريه ليردف برفض وهو يمط حروفه...

-لوحدي !!

-اتفضل يا استاذ يوسف لوحدك ..بس خد بالك احنا مش في بيتنا اوعي تعمل حاجه غلط !!

هز رأسه بالموافقة ودلف سريعا الي الداخل مغلقا الباب في وجه ابيه ...

فرك ظافر ذقنه يرغب بالضحك فهذا الصغير ذكره بنفسه مع والدته رحمها الله ؛ لا يزال يذكر بقوة رفضه للاستحمام بيدها منذ ان كان في السادسة من العمر !!

سمع همهمات قادمه من اخر الرواق الذي يقف به لينفتح باب يفصله عنه بضع خطوات وتخرج شابه بملامح رائعة تطغو عليها الرقة والأنوثة .... 

تسمر مكانه وانحسرت انفاسه في صدره بذهول ، اغلقت الباب بمشاكسه مانعه ايا كان معها بالداخل من الخروج ....

لابد انها شعرت بنظراته المتفحصة ...

لأنها رفعت عيونها بتوجس لتهاجم نبض قلبه المتهالك بعيون خضراء مكحله بدقه لإذابة القلوب....

اتسعت تلك العيون بصدمه واختفت بسمتها الطفولية و اكتست وجنتها باللون الاحمر ....

لا تصدق انها خرجت بكل عفويه لتري العريس المتقدم لها امامها والتي لم تتوقع طوله و وسامته الحاده التي اربكتها بشده وتلك العيون العسلية التي تكاد تقسم انها تسمعها تخرج الحروف !!

انفتح الباب خلفها لتخرج والدتها وهي تهز رأسها علي سخافة ابنتها لتصطدم بظهرها المتشنج ، كادت توبخها  فلاحظت ظافر يقف امامهم بكل جمود .....

وضعت يدها علي كتف ابنتها كمؤازره ، فهي صاحبه الخمسين عاما تشعر بالتوتر امام ملامحه المحيرة بتعبيراتها ... 

انقذهم خروج يوسف الصغير ؛ رف ظافر بعينيه مره قبل ان يسمع ولده ....

-انا خلصت اقفلي الحزام يا بابي!!

قالها بصوت رسم ابتسامه واسعه علي وجهها .... تريد اكل ذلك الكائن اللطيف بصوته المقطر بالعسل كعيون بابي !!...

-ربنا يخليهولك يا ابني ...احم دي شروق بنتي !!

اطرقت شروق رأسها بنهيدة راحه وشعرت بعضلاتها ترتخي براحه طفوليه ان ذلك العابس الوسيم ليس العريس المترقب فهي ترفض بشده الارتباط برجل وسيم بشكل مرعب بملامح قاسيه تكفي رواياتها التي لطالما اخبرتها والدتها بانها ستكون سر تعاستها وحيرتها عند الزواج.....

(مش لوحدك يا شابة انا ورايا اجيال بخرب بيتهم 😂 يلا فدايه 😁)

خرج الثلاثة سويا فوقف يحيي بسعادة بالغه يرحب بهم واعينه معلقه بها ...خجلت قليلا ولاحظت التشابه المريب بطريقه غريبه و مختلفة في ذات الوقت عن ابن عمه صاحب العيون العسلية النعسة !!

نفس لون العيون ولكن شقاوة يحيي تعطيها طابع اخر اكثر مرحا ...هزت رأسها علي سذاجتها لماذا تقارن بينهم !!!

بعد فتره طويله من الاحاديث والاتفاقات جلس يحيي اخيرا بمفرده معها ليقول بشوق عارم....

-كان لازم ال3 شهور دي ، مش كنا اتجوزنا في شهر بالكتير !!

اطرقت شروق رأسها خجلا فهذا الشقي يعبث بمشاعر وجدانها بنظراته الحارقة وهو يقتحم اولي تجاربها بالحديث مع رجل ...

-لازم نتعرف علي بعض و بعدين 3 شهور مش كتير بالعكس انا شايفه انهم قليلين اوي !!

امال يحيي رأسه للجانب بهيام ليردف ...

-بس حلوين عشان شعري يطول في الفرح و ميقولوش اتجوزتي واحد اقرع ...

ضحكت رغما عنها لتتسع ابتسامته قائلا...

-الله اما صلي عليك يا نبي ، يخربيت ضحكتك هو انتي جننتيني من شويه !!

-اه انت شكلك هتتعبني !!

رفع يده باستسلام ...

-لا والله العظيم ده انا طيب اوي ؛ بس انتي متعرفيش انا كنت ماسك نفسي ازاي طول ال 6 شهور اللي فاتوا عشان اتقدملك اول ما اتخرج من الكلية الحربية !!

نظرت الي الجهة الأخرى بخجل فهو اول رجل يطري عليها و يقترب الي مسامعها البريئة بمثل هذه الكلمات ....

نظر لها مطولا بحب ليقول...

-مش عايزة تعرفي انا شوفتك ازاي ...

نظرت له بهدوء تحثه علي المتابعة ....ليستكمل هو بعنايه ...

-بالرغم انك اول مره تشوفيني بس انا شوفتك من 6 شهور في فرح واحد صاحبي و من ساعتها وانا مجنون بيكي ...

-بطل تحرجني يا يحيي لو سمحت ؛ و كمان انا مش صغيره هتضحك عليا بالكلام ده !!

قالتها برغم ان وجهها يعكس فرحتها البتول لمثل هذا الاهتمام ، فمثلها مثل باقي الفتيات بأن تعيش قصه حب و هيام ولكنها رفضت ان ترخص قلبها وتتركه طليقا لكل من هب و دب تعطيه نطفه منه فلا يتبقى لها و لنصيبها سوي خيبه الالم ولملمه الحطام ...

(واخد بالك انت ياحج عجه نصيبها بس لي الحب و المحن وده بعد الجواز بردو😁😂  الخطوبه و الصحوبيه مش تبع السنه 😈 و انا مش عايزة اصدمكم بس الحلال مش بيبتدي غير بعد كتب الكتب والاشهار 😂 احنا شباب و بنات عائلات محترمات 😂 😎)

مضي الوقت سريعا وذهب يحيي و ظافر وتوجهت شروق للنوم بعد تأديتها صلاة استخارة...

لا تدري لما جاءت صورة ظافر في مخيلتها لكنها ابعدتها بعيدا بتوبيخ ... 

شكرت الله انه اعطاها ذلك الشاب المرح الذي لطالما شكلته في مخيلتها كفتي الاحلام الرقيق و المحب بعفويته رافضه فكره الرجل الغامض ب وسامته العنيفة كي لا يخذلها يوما ....

فكره سخيفة ولكنها تبقي معلقه برأسها منذ الصغر وهي تري صديقاتها يقعن في حبالهم لتموت براءتهم شنقا علي ايدي رجال اتخذوا من الوسامة سبيل لانهاك قلوب الفتيات والتنقل بينهم يقطفون مشاعرهم بلا اي اهتمام او تأنيب ضمير ....

 مرت الثلاث شهور بين مأمورياته ومهامه حتي يتمكن من اخذ اسبوعين كإجازة لعرسهم .... 


لم تتعرف عليه كثيرا ولكن المرات القليلة التي رأته فيها او حادثته اثبتت لها انه احن و أطيب مخلوق قد تراه يوما ، مما هيئها نفسيا للخوض في مرحله جديده في حياتها و بدأ حياه زوجية سعيدة معه......

لم تري ظافر سوي مرتين بعدها وقد لاحظت انه يتجاهلها تماما واذا حدث وتحدثا يرفض ان تلتقي عيونه بعيونها !!

لاتعلم لما فكرت في الامر او حاولت تفسيره ولكنه الفضول لأنه لا يهتم بتواجدها او يتعمد ذلك فينتهي بها الامر فتوبخ نفسها فلما تهتم هي من الاساس ؟!!!!!

فهناك حياة اكثر تشويقا و سعادة في انتظارها ولكن للأسف كان للقدر رأي اخر في سير تلك الحياه الجديدة...


#انتهي_الفلاش_باك ......


#####################


خرجت من افكارها علي صوت بكاء فريدة فانتفضت بخضه وهي تضع يد علي بطنها بتلقائيه و تهرع الي الخارج ....

-ايه اللي حصل ؟ بتعيطي ليه ؟

قالتها شروق لفريدة الباكيه لتشير بإصبعها الصغير نحو يوسف التي احمرت اذنيه بتوتر لتردف باتهام.....

-يويو زقني !!!

نظرت له شروق بتأنيب واضح قائله....

-ليه يا يوسف كده في حد يضرب اخته الصغيرة !!

ليردف بمدافعه و ضيق طفولي....

-انا كنت بتفرج علي بين تين و هي بتقف قدام التي في عشان متفرجش !!

اتي الدور علي فريدة لتشعر بتوتر عندما نظرت لها شروق رافعه حاجبها لتردف الصغيرة مدافعه...

-مس كان عايز يلعب معايا !!

-تروحي تضايقي لا مينفعش اللي حصل ده ، يالا اتأسفوا لبعض حالا ! ....

مطت الصغيرة شفتيها وهي تخفض رأسها قائله...

-سوري يا يويو...

-سوري يافيري ...انا هلعب معاكي متزعليش ! ..

اتسعت ابتسامتها وركضت الي لعبتها الصغير تحملها بحماسه قائله...

-يلا نودي دوبي الدكتور عسان سخن !!


ضحكت شروق وهي تري يوسف يعدل الهاتف المتدلي من رقبته ولا يفارقه بناء علي اوامر والده و اتجه بكل ثقه نحو فيري يجذبها الي غرفتيهما لبدأ اللعب .... 


التفاعل بالله عليكم عشان حاسه باحباط😰 انا بقالي شهور بكتب فيها شويه تقدير ولا هي مش عجباكم ؟

الفصل الثالث......


وصل الي اذانهم صوت جرس الباب فقالت شروق مانعه تقدم يوسف...

-خليك انت يا يويو العبوا جوا دي طنط سلمي ..

وبذلك توجت الي الباب تفتحه بابتسامه بادلتها اياها سلمي الممسكة بعلبه من الشوكولا في يدها ....

-صباح الخير ...

-صباح الخير اتأخرتي يا سلمي هانم !!

-انا اتأخرت ولا الهانم سهيت و متصلتش تأكد ظافر نزل ولا لا !! علي العموم انا قلت اكيد نزل ده شغله من 9 و الساعه 11 دلوقتي !!

قالت سلمي بحاجبين مرفوعين و هي تدلف و تغلق الباب خلفها ....

رفعت النوتيلا بين راحتيها قائله ...

-معلاقتين و ورايا علي اوضتك !!

بذلك توجهت الي غرفه شروق و كأنها تملك المكان ، هزت شروق رأسها بضحك واسرعت لإحضار معالق لالتهام جنة الحياه بالنسبة لها ...

بعد مرور 20 دقيقه .....

نظرت سلمي بذهول للعلبة الفارغة فوق معده شروق المنتفخة وقالت...

-هو ظافر مجوعك ولا ايه !!

تجاهلتها شروق وهي تلتهم اخر بقايا المعلقة لتردف...

-مجوعني شكولاتة عشان الدكتور قال ممنوع  !!

-يانهارك اسود!!!! وجالك قلب تكليها !

-متخديش في بالك ده دكتور نص كم قال ايه الشكولاته بتهيبر الجنين ، بقي هرمون السعاده هيبره ....انتي بتبصيلي ليه كده ؟؟؟!!

نظرت لها سلمي شزرا لتردف ...

-اخر مره اجبلك يا مستفزة !!! خافي علي نفسك و اللي في بطنك انتي معندكيش دم ، انتي عارفه في كام حد غيرك نفسه يجيب عيل و ربنا مش كاتب !!!!

قالتها سلمي بحرقه و نار تكوي داخلها بشكل شخصي هي من اكد لها الاطباء عدم امكانيه انجابها بالرغم من مرور 4 سنوات علي زواجها ....

شعرت بندم لوهله و لكن شروق تستحق حتي تهتم بجنينها اكثر ولكنها لم تتوقع دموع شروق التي انهالت بغزاره ، فاتسعت عيناها بصدمه وهي تعتدل بجوارها تحتضنها بشكل جانبي قائلة....

-انتي بتعيطي ليه يا بنتي ، انا مقصدش انا بس خايفه عليكي !!!

هزت شروق رأسها بالموافقة وهي تحاول ايقاف دموعها وبكن هرمونات الحمل تغلبت علي عقلها لتردف بعد مده ...

-انا عارفه انك متقصديش وانك الوحيدة اللي خايفة عليا بجد !!

-الوحيدة !!! بالنسبه لظافر اللي بيلف حوالين نفسه عشان الهانم وهيموت من القلق عليكي...

ضحكت شروق بانكسار قائله....

-انتي بتضحكي عليا و لا علي نفسك ما احنا عارفين انه خايف علي اللي في بطني مش انا !!

هزت سلمي رأسها بتعجب لتردف بتأكيد...

-فعلا اللي ميشفش من الغربال يبقي اعمي !!

-تقصدي ايه ؟

-اقصد انك جبله ، ممكن تفهميني انتي بتقدمي ايه للراجل ده ؛ بلاش السؤال ده ممكن تقوليلي واحد معيش عياله علي كف عفريت عشان سلامه الهانم هيعمل كده عشان اللي في بطنك بس  و بلاش ده كمان لما يقف الساعه 5 الفجر مستني الفرن اللي قدام البيت يفتح عشان الهانم بتتوحم علي كرواسون ده يبقي اسمه ايه !!

نظرت لها شروق وعقلها يعجز عن الإجابة لتردف قائله...

-اسمه ايه ؟

-اسمه انك واكله المستعبطه !! فوقي لنفسك بقي اللي حصل مكنش نهاية الدنيا ...خلاص ده مكتوب ربنا وقدره بس طول ما ربنا مديكي نفس يبقي لازم تعيشي و تعيشي صح !!!

-مش سهل يا سلمي ...انا لحد دلوقتي مش مصدقه اللي حصلي وانا في السن ده وبعدين يرضي مين اعيش و الغلبان ده ملحقش يتهنا معايا اسبوع !!!!

-انتي هتكفري ولا ايه !!! وبعدين ده شهيد عند ربنا و عريس في الجنة !!

-صعبان عليا اوي و صعبان عليا ضحكته اللي راحت و حنيته وخايفه يكون قراري غلط بس هو هيقدر مش كده !!

قالتها شروق وهي تستسلم لبكائها مره اخري ...لتربت عليها سلمي لهدوء قائله....

-وحدي الله و كفايه عياط بقي عشان اللي في بطنك الواد اللمض ده وانا متأكده ان يحيي الله يرحمه هيبقي عايز كده محدش هيخاف عليكي او علي اللي في بطنك اكتر من ظاف ، انتي خدتي قرارك ولازم تكملي للأخر عشان تعيشي وتعيشي ابنك اللي هقطعه بوس لما يجي !!

قالتها وهي تنظر الي عيون شروق بنصف ابتسامه وتلمس بطنها بكفها بحنان بالغ و ترسل للطفل بالداخل قبله هوائية ....

ابتسمت شروق و امسكت بيد سلمي تربت عليها قائله....

-فالحه بس تنصحيني يا ابله فضيله وناسيه نفسك ، خلي عندك ايمان في ربنا وان شاء الله هتبقي احسن واحن ام قريب !!

ابتسمت لها سلمي بعيون حزينة وهي تحاول تغير الموضوع حتي لا تكشف امام شروق الكثير والكثير مما يحدث في حياتها فأبعدت يدها بمرح قائله.....

-اتفضلي يا هانم الساعه بقت 3 و محدش عمل غدا للرجالة الشقيانه دي !!

انتفضت شروق بهلع وهي تمسح دموعها ...

-يالهوي يويو و فيري لازم ياكلوا دلوقتي !!! منك لله يا سلمي يا نكد انتي !!

نظرت لها سلمي بذهول واردفت ...

-انا نكد يا قطه يا ناكره للجميل .... انا ماشيه يا واطيه وانتي شوفي عيالك اللي مجوعاهم ويارب ابوهم يجي شرير و جعان ويخربها علي دماغك ...

ضحك الاثنان و اتجهت شروق معها حتي اطمأنت انها دلفت الي شقتها بالجهة المقابلة واغلقت الباب وهي تتجه الي غرفه الصغيران حيث يلعبان فصاحت بمرح وهي تطل من الباب ....

-مين عايز ياكل بورجر و بطاطس !!!.

قفز الصغيران بسعادة ....

-انا انا انا !!

لتلتفت شروق بمرح وهي تمسك بجنينها بيدها اليسرى و تشير للطفلين للهرع خلفها باليد اليمني قائله ....

-ورايا علي الفيزبا !!!

ضحك الصغيران وامسك يوسف بطرف ثوبها و تبعته فيري تمسك بطرف قميصه من الخلف بحماسه وفرح افتقداه كثيرا ......


......


في مكان عمل ظافر.....


جلس ظافر يفرك عينيه فقد ارهقه العمل علي الحاسب منذ ان جلس علي مكتبه في الصباح كمدير قسم البرمجيات في الشركة ولكن العمل عمل ومن يطلب العلا عليه الشقاء !!

ابتسم يبدو ان داء يوسف في الأمثلة المغلوطة انتقل اليه ....

و بالطبع كأي فكر اخر يراوده يجب ان يتلوه فكر عنها "شروق" لا يعلم لما و كيف تغلغلت داخله هكذا ربما حب يحيي لها و مديحه الدائم لها طوال شهور متواصلة حتي من قبل ان تعلم هي بوجوده و مراقبته لها ....

او ربما هدوئها وحبها الظاهر لأطفاله فيجد بها بديل لام افتقدوها .... 

او ربما هو فقط يرفض الاعتراف بانها سلبت شيء من اعماقه من النظرة الأولي ....

شيء يرفض تحديده او الاشارة اليه ولكنه يشعره بالنقص بدونه والوحدة القاتلة !!!!!

تماما كحالة بوفاة يحيي اغمض عينيه بألم ، كم يشتاق الي ذلك العنيد السلس المعشر ، رحمه الله و يجعله في فسيح جناته ....

نظر له احد زملاءه قائلا...

-مالك يا ظافر ؟

نظر له ظافر بانتباه مشتت ليردف قائلا....

-مفيش حاجه صداع خفيف !!

هز رأسه و هو يعود الي عمله مره اخري ....

اما ظافر فقد غرق في ذكريات أليمه مر عليها شهور و لكن كل دقيقه تعود اليه وكأنها حدثت للتو ليفقد رفيق العمر الالاف المرات في اليوم .....


###############


فلااااااش باك....


جلس كالتمثال وسط شقته لا يصدق ما حدث منذ وصول الخبر المشؤم في الصباح الباكر "يحيي" من تبقي له من عائلته في هذه الحياه رحل عنه و تركه وحيدا !!

ليكون ونيسة الوحيد انه شهيد في الارض و حي يرزق في السماء !!

يتذكر ذلك ليشفي نار فقدانه ، زفر وهو يعاود الاستغفار ينظر حول الرقعة التي يجلس بها ...

ويتذكر وقوفه في تلك الرقعة بالذات وسط أطفاله وكأنه طفل بينهم قبل ان يبدأ الغناء بمرح بأغاني الجيش والوطن وهو يمشي خطوات عسكريه سريعة وكأنه يقدم عرضا عسكريا حصري لأبناء ظافر فيصيح بمرح...

-ابطالنا في سيناء ....طيارانا فوقينا ...حامين اراضينا  ....

فيصيح اولاده بأصوات مبتسمه غير واعيه لمعاني ساميه ولكنها البداية ليلين القلب لام غالية ....

-وقالوا ايه علينا دولا وقالوا ايه !!!!

فيلتفت بسعادة و جديه مصطنعة صائحا بصوتا اجش...

-لشهاده رايحين ...ماتقولوا امين !!!

فيردد الطفلين بسعادة  ...

-اميييييييييييييين !!

تجمعت دموعه في مقلتيه و ذكرياته تعود به من بين اصوات ضاحكة عابثة انتهت من اداء تحية عسكرية وهمية لثلاثتهم فيبدأ المرح الحقيقي ويحيي يركض خلفهم  و كأنها مداهمه لاصطيادهم ......

تنفس من فمه يحاول تمالك مشاعره و دموعه المحاربة للسقوط ... لقد ظن ان تلك الدموع جفت بوفاة والدته رحمها الله ولكن الحياة تصر علي اختطافها من بين جفنيه ومعاقبته بالعيش وحيدا....

خيم عليه الحزن اكثر وهو يستمع الي اصوات البكاء من اعلي .....

ابن عمه والاخ  وصديق عمره رحل في مقتبل العمر ، كزهره اقتطفت في اوج ازدهارها ....

ذلك العريس الذي لم يمضي علي زواجه السبعة ايام و زوجته الصغيرة يافعه الشباب و قلبها المحطم و صوت بكاءها الذي يرفض الابتعاد عن ذهنه !!!

اغمض عينيه بشده ليعاود فتحها وهو يتمني ان يكون مجرد كابوس و يستفيق منه في اي لحظه ....

صوت بكاء و صراخ هستيري يأتي من اعلي ...تلك المسكينة ترفض مغادره عش الزوجية التي لم تتهنا به هي او هو.....

شعر بصغيريه يحاوطان قدميه بذعر....

فمال بحنان و قلق يرفع كلا منهما و يضعهم علي ساقيه يحتضنهم الي صدره قائلا وهو يري دموع صغيرته....

-ماتعيطيش يا حبيبه بابا مفيش حاجه ...

-انا خايفه يا بابي !! ..

-وانا كمان !! هي طنط شيري مالها ؟!

قالها يوسف و هو الاخر علي حافه البكاء و لكن كعادته يحاول امساك دموعه امام والده و شقيقته الصغيرة حتي لا يزيد خوفها ... 

نظر لهم بحيره يبحث عن مقوله لا تكسر بخاطرهم و براءتهم في ان واحد و لكنه لم يجد....

-طنط تعبانة شويه بس متخافوش هي هتبقي كويسه قريب ، ممكن تبطلي عياط يا فيري عشان خاطر بابي مش بيحب يشوف الدموع دي !!..

قالها ظافر بنبرة حانيه و هو يزيل بقايا دموعها من علي وجهها الصغير البرئ ..

ظل يوسف ينظر له مطولا تلك النظرات الواعية التي تحزن ظافر علي ضياع طفولته ليلتفت له ظافر وهو يعقد حاجبيه بتساؤل فيبتسم الصغير قليلا و يعاود دفن رأسه في صدر والده ......


علت صرخات شروق القادمة من الشقة العلوية و ووصلت الي اذانه خبطات اقدام و كأنها تركض بحيره يمينا و يسارا فوق رأسه .. 

تأكله القلق و قرر التدخل انسانيا علي الاقل وليس لأي غرض اخر يشعره بخجل وتأنيب الضمير !!....

حمل يوسف و فيري معا لتبرز عضلات يديه المكتسبة من العمل فقد شقى كثرا في شبابه هو و يحيي عندما فقدا كل افراد اسرتهم الصغيرة و المكونة من والده و عمه و زوجتيهم الواحد تلو الاخر ....

بدأت عندما فقد والده وعمه لواءين سابقين تم اغتياله بسبب احباطهم لبعض الارهاب مصادفة ....

ليليه والدته التي لم تتحمل الصدمة فيصبح يتيم الاب و الام و هو علي مشارف الجامعة ...

 لينتهي يحيي في الكلية الحربية راغبا في اتباع مسيرة والده و عمه و ان يفقد والدته سريعا بعد صراع مع المرض ...

اما هو فلجأ لمجال اخر يبحث به عن حياة افتقدها ....

قد تبدو حياة تعيسة فاقدة لكلمة حياة حتي ولكنه ويحيي كانا سندا لبعضهم البعض وتعلما الفرحة والحب معا !!!

احبط بشده وهو يتذكر وقوعه في شباك الفتاة الغنية جميلة الجميلات ليتزوجها فيكتشف مع الايام انها قبيحة الروح و جافية القلب ليضيع من عمره ثلاث اعوام شاقه مع تلك البغيضة الشمطاء يحاول اصلاح الامور دون جدوي ؛ و الامر الجيد الذي خرج به منها ويريح قلبه هو يوسف الذي اكمل عامه الثاني حينها و فريدة التي تركتها له وهي رضيعه لم تكمل شهور بقسوة لم يعهدها او تقابله يوما !!!!! 

نظر بأسي الي طفليه وهو يدثرهم بفراشهم و يتحسر علي فقدانهم لحنان الام و امانها فعلي الاقل هو عاش اسعد ايامه مع والديه وتعلم معني الاحتواء الذي يفشل هو بمفرده في توفيره .....

ابتسم قليلا ليوسف الذي يقسو عليه قليلا ليصبح رجلا و يتحمل مسئوليه ليست له و لكنه بكل شجاعة يصر علي اتمام دوره لإسعاده و حمايه شقيقته ....

امسك بيده الصغيرة يقبلها و يربت عليها فترتسم ابتسامه يوسف صراحه و فخرا لأنه يرضي والده ....

اتسعت ابتسامه ظافر بحب و فخر و عاد يقبل رأسه و يربت علي شعره مره قبل ان يردف قائلا....

-ناموا وانا هطلع اطمن علي طنط و هنزل اطمنكم ، اتفقنا ؟!...

-اتفقنا ....

قال الصغيران بصوت ناعس ليبتسم داخله ، يعلم تمام ان الاثنان سيغطان في نوم عميق ما ان يغلق الباب .....

ترك النور مضاء لإرضاء فريدة و ما ان اغلق الباب حتي زالت ابتسامته وهو يضع رأسه علي الباب و يرتسم الحزن ملامحه ، تنفس بعمق واتجه ليصعد ويرى ما يحدث بالأعلى!!! ....

وهو علي الدرج وصل الي اذنه صوتها الحزين الباكي....

-سيبوني حرام عليكم ؛ ابعدوا عني سيبوني سيبوني ، انا هقعد هنا !!

ليليها صوت والدتها العجوز ...

-خلاص يا رامي سيبها تبات هنا انهارده عشان خاطري هي فيها اللي مكفيها ...

كانت الاصوات تقترب يليه صوت فتح باب شقة بعنف و اذا بصوت اخيها البغيض يعلو...

-ماشي نسيبها لوحدها بس من بكره هتيجي معانا !!

 استدار ظافر ليهبط الدرج مره اخري وهو يخرج مفاتيحه للدخول الي شقته ، لا يريد ان يزيد شقائها بان يعتقد ذلك البغيض انه معتاد علي الصعود اليها ....

لتقول والدة شروق الباكيه وهي تغلق الباب خلفهم ....

-يا ابني الرحمة سيبها وانا الصبح هاجي ابص عليها بلاش فضايح عيب كده !!

وقف ظافر يستمع اليهم من خلف الباب حتي اختفت همهماتهم ....

هز رأسه بغضب هو لم و لن يبتلع المدعو شقيقها يوما ....

-الله يرحمك يا يحيي و يحسن اليك !!

قالها من احشاء قلبه ...... وهو يتجه الي غرفته لأداء صلاه اضافيه عسي ان تشفع له و لفقيده ....

وكان مع كل سجده يدعو علي هؤلاء القتلة و الخونة من يدخلون اسم الاسلام والله في اعمالهم القذرة و يحللون به ارهابهم للبشر ....

لينهي دعواته لبلد باركها الله بخير أجناد الارض !!!!

 لا يعلم ظافر كيف مر الشهرين التاليين عليهم و لكنه يشعر بالهموم تزداد علي اكتافه يوما بعد الاخر وهو يستمع الي توسلات والده شروق و صياح اخيها كل يوم للعودة الي منزلها .......

يحيي كان لينتظر منه ان يحل تلك المعضلة وان يهتم بها .....

 لم ينسي يوم استدعائه الطارئ عندما طرق  بابه قائلا (لو حصلي حاجه شروق امانه في رقبتك ).....

زفر بيأس متمتما.....

-لا اله الا الله ....اعمل ايه بس يا ربي !!..


         الفصل الرابع والخامس من هنا 

   لقراءة جميع فصول الرواية من هنا

تعليقات