الفصل الثالث عشر 13
بقلم سوما العربى
كانت تنظر له بأعين متسعة مصدومة و هو فقط ينظر لها بترقب و لهفة منتظر رد فعل منبهر على ما صرح به.
لكنها كانت صامته تماماً حتى أنه هزها بين يديه بقليل من العصبية يردد : حلاا .
بقت ساكنة ، على وضعها ... تنظر له بصمت تام فعاود هزها لكن بعصبية أكبر و قال : إنتي سمعتيني ؟
حررت نفسها من بين ذراعيه و ألتفت تحاول الإبتعاد لكنه ذهب خلفها بعصبية شديدة و جذبها من ذراعها جعلها تلتف له و هتف بحدة : إنتي سيباني و رايحة فين بعد إلي قولته ده ؟ بقولك أنا بحبك يا حلا .
نظرت له بتيه ، كأنها لا تعرف كيف تتصرف ، كانت مشوشة تماماً ، ابتلعت رمقها بصعوبة ثم قالت: خلينا نرجع البيت .
حضرت كل شياطينه في لحظة ، هو يعترف و لأول مرة لفتاة بحبه ... إنه حدث بحد ذاته .
و بالمقابل تلك الفتاة تتهرب منه ، لا تنبهر ،ولا تصدم ... بل تتهرب .
توقع ردة فعل أخرى غير تلك التي يراها الآن مما زاد من عصبيته
فخطى خلفها و جذبها من معصمها لتلتف ناحيته على الفور ليقبض على ذراعيها بكفيه و يعيد هزها بقوة و غضب مردداً: إنتي ما سمعتيش أنا قولت إيه دلوقتي ؟!
خفضت رأسها أرضاً و جاوبت : سمعت .
استعرت عيناه بغضب جم و صرخ فيها: و لما هو سمعتي إزاي مافيش عندك رد ؟
نظرت لعيناه و قالت : أرد أزاي و أنت راجل متجوز؟
فقال من بين أسنانه: مالكيش دعوة بجوازي دلوقتي ، أنا بقولك بحبك ، إنتي فاهمه ؟
للحظة تداعى ثباتها أمام هيئته المخيفة و رددت : فاهمة ، فاهمة.
صمتت لثواني تبتلع رمقها بصعوبة تحت أنظاره المتفحصة لها بغيظ و غضب شديد ثم قالت: أنا ... أنا بخاف منك .
جعد ما بين حاجبيه و قد لانت قسوة يده على ذراعها قليلاً ليسأل بإستنكار: ليه ؟ هو أنا بخوف ؟
جن جنونه و هو يقول : ده أنا بحبك .
فقالت بصدق : أنت مش بتشوف نفسك بتبص لي أزاي ، أنا بحس أنك زي ما تكون عايز تخنقني .. عايز تحبسني .
فصرخ بجنون : عشان بحبك بقولك ، أفهمي .
هزت رأسها بهلع و قالت: لأ ، الحب عمره ما كان كده... الحب أمان .. أني أحس أن الدار أمان .. مش زي ما أنت بتقول خالص .
نظر لها بغضب يسأل بترقب : و إنتي عرفتي منين بقا كل الكلام ده ؟
هزت رأسها بيأس تردد : شوفت .. أول حاجة راحت ليها دماغك ،و سبت إلي قولته.
شعر بخطاءه و قربها له يردد : من حبي ليكي يا حلا .. أنا أول مرة أحب....
كان سيكمل بصدق لا يعلم أن كلمته تلك تذكرها بالماضي الأليم كله .
لأول مره يحب ، دمر حياتها هو ورنا بدون حب من الأساس .
هو ببساطها يسقطها على أرض الواقع ، فالتفت تجمع شتات نفسها ثم قالت بمراوغة : ماتنساش أنك صاحب البيت إلي أنا بشتغل خدامة فيه ، و عندك بيت و أسرة و طفل مستنيك ... مش هينفع.
لفها له بقسوة يسأل بسخرية: هو ايه ده إلي مش هينفع ، أنا غانم صفوان ... يعني أيه تقولي لي مش هينفع
تخشب جسدها من طريقته في الحديث و قالت: يعني إيه يعني أنت غانم صفوان ؟ قصدك إيه ؟ قصدك إني البت الخدامة إلي شغالة عندها و بإشارة منها تترمي تحت رجلك ؟ مش كده .
أرتبك قليلاً و قال : لأ أنا مش قصدي كده أنا.....
كان سيبرر لكنها قاطعته تقول : أنت إيه يا غانم بيه ، بس اقولك أنت عندك حق... أنا مالقش بمقام جنابك و أنا مش ناسية نفسي على فكرة و لسة مفكراها و مفكراك بوضعي .
سب نفسه ألف مرة على ما فعل أو قال ، لقد شعر بالحزن عليها لما جعلها تشعر به جراء كلماته الأنتقامية المتعالية قربها له يحاول إدخالها في أحضانه و هو يردد: حبيبتي أنا مش قصدي ، و لو سمحتي ما تقوليش على نفسك كده تاني ، أنتي أجمل بنت في الدنيا كلها .
صمتت تماماً و هو يشبع عيناه من جمالها ثم قال: سامحتيني ؟
أخفضت عيناها أرضاً ثم قالت: لسه .
غانم: طيب أعمل أيه عشان تسامحيني ؟
فقالت على الفور: تخليني أروح بيتنا .
تلاشت إبتسامته فجأة و نظر لها بحزن يسأل : عايزة تسبيني و تمشي ؟ أنتي ليه راحتك في بعدك عني ؟
حلا : مش كده بس... حاسة إن الوضع ده كله على بعضه غلط و وجودي في بيتك مالوش لازمة .
غانم : إزاي .. أنتي بقيتي روحي ، عايزه إزاي تسبيني و تمشي.
أغمضت عينيها تهز رأسها ثم قالت: يا ريت كان الوقت غير الوقت و الوضع غير الوضع .
فهم عليها تماماً و قال : فعلاً ، ياريتني قابلتك من زمان.. و ياريتني مافكرت بعقلي في كل حاجة.
حلا : خلينا نرجع البيت طيب.. الوقت أتاخر و أنا بدأت أبرد .
أبتسم لها بدفئ يضم كفها بكفه ثم قال : أيوه صح ، عشان حبيبتي تعبانه و لازم ترجع تاكل و تاخد دواها .
جذب يدها بيده و أغلق الباب خلفه و منه للباب الخارجي يقف أمامه بعدما أغلقه يتأمله بصمت تام ثم قال: بس أكيد هنرجعله تاني ... حاسس إن هيبقا لينا أيام حلوة كتير فيه .
نظرت هي الأخرى للبيت بصمت ، رغم يقينها بالنهاية المحسومة لكل ما بدأته لكن راود عقلها ذلك السؤال هل سيكون لهما أيام حلوه مع بعضهما ؟
سحبها للسيارة لتجلس فيها ثم يقود بهدوء بأتجاة العودة لبيت غانم باشا الكبير.
مرت أيام حاول فيها غانم تهدئة طبعه الحاد قليلاً مع حلا .
و قد عين عادل بالفعل كما خطتت ..
أما سلوى فقد تحسنت صحتها إلي حد ما ليس بصورة جيدة كلياً و مع ذلك هي مصممة على العودة للبيت .
وقفت والدتها معترضه تردد : يابنتي أستهدي بالله ، إنتي لسه تعبانة ، ماينفعش تروحي بيتك دلوقتي.
سلوى بجنون : بقولك غانم في البيت لوحده مع البت إلي هناك دي ، و أنا مش هينفع أسيبها هناك كتير معاه لوحدهم ده انا عرفت أنهم كانوا خارجين مع بعض من يومين.
طفح الكيل بأمها فصرخت فيها : و هي أول مرة تعرفي .. ما هو على ده الحال من يوم ما عرفتيه ، كل يوم يوصلك أخبار أنه مع واحده شكل ، أنتي إلي متمسكة بيه و متمسكة بوجع القلب ، بلاش عندك و غرورك يموتوكي ، أنتي حامل و وضعك خطر و صحتك أنتي و إلي في بطنك أهم من كرامتك.
سلوى : يعني إيه يعني... أسيبه ليها ؟
دخلت منال في ذلك الوقت و سألت بقلق : في ايه يا جماعه صوتكم جايب لحد تحت .
نظرت لها أمها و قالت: تعالي أنتي أتكلمي معاها .. عقليها يمكن تعقل و عرفيها إن المره دي حياتها في خطر .
خرجت أمهما و سلوى تردد : بردو هروح يعني هروح .
أغلقت منال الباب خلف أمها و تقدمت من سلوى تسأل : في ايه يا سلوى ؟
سلوى : عايزه أروح ، كرم بيقولي إنه ملازم الخدامة و شكل في حاجة مابينهم .
سحبت منال نفس عميق و قالت بتريس : أيوة دي مشكلة فعلاً ، طب و هتعملي إيه ؟
سلوى : هروح أجيبها من شعرها و أطردها .
زمت منال شفتيها و سألت: حقك ، طب و لو غانم أعترض على تصرفك .
سلوى : هخيره بيني أنا و إبنه و بين البت دي و ساعتها هو بقا يختار .
فقالت منال على الفور : هيختارك يا سلوى .. هيختارك و أنتي مش محتاجة تجربي عشان تعرفي أنتي عارفة غانم كويس.
رفعت سلوى رأسها بإباء فهي الأخرى موقنة من ذلك.
لتتحدث منال من جديد : بس السؤال المهم هل أنتي ساعتها هتبقي أرتاحتي و المشكلة خلصت .
أهتزت عينا سلوى و سألت : قصدك إيه.
أقتربت منها منال و جلست لجوارها تردد : يعني مش ده الحل ، يفيد بأيه أنه يطردها بس بيحبها هي مش بيحبك إنتي حتى لو أختارك ، فكري كويس يا سلوى و شوفي أنهي ألأريح ليكي .. عارفه يعني ايه تبقي نايمة في حضن راجل حاضنك أه بس عقله مع واحدة تانية ؟ ده أنتي ساعتها هتتمني الموت و لا أن ده يحصل .. في حاجات مالناش عليها سلطان .
سلوى: بس ده جوزي أنا.
منال : صح بس نعمل إيه بقا في القلوب... دي بتاعت ربنا... و مش عايزين نضحك على بعض يا سلوى غانم عمره ما حبك و لا أنتي.
سلوى: لأ أنا بحبه.
منال : لأ هو عاجبك .. و أنا مش بلومك ممكن لو كنت مكانك كنت هتصرف زيك ، غانم راجل يعجب أي بنت و تستخسره في غيرها بس كل ده مش كفاية و أنتي غامرتي كتير أوي ، كفايه مغامرة بقا .
وقفت سلوى بعصبية تردد : على كده بقا كل واحدة جوظها يمر بنزوة و لا واحدة شمال تلوف عليه تسيبه ليها مش كدة ! مش ده كلامك؟
منال : لأ ، بس في حاجات مافيهاش مقاوحة ، و الحب و الكره مافيش تدخل فيهم ، فكري و شوفي عايزه تعيشي مع واحد بيحب واحدة تانية و عايش معاكي جسم بس و الظروف غصباه عليكي و لا عايزه إيه بالظبط ؟ إيه هيرضي الست الي جواكي ، و أفتكري أنه هيبقى أيه أحساسك و أنتو مع بعض زي أي واحد و مراته بس هو متخيلك واحده تانيه.. هتموتي في اليوم ألف مرة.
نظرت لها سلوى بتشوش و جلست على الأريكة تفكر أنها لن تتحمل ذلك أبداً ، لكنها عادت لتقول: غانم ده جوزي أنا ، و في ابننا الي أول ما ييجي هينسيه الدنيا و البت دي نزوة و هتروح لحالها .
هزت منال رأسها بيأس ثم قالت: طيب ... ماشي .. طب مش نحافظ بقا على الولد إلي هنربطه بيه و لا إيه ؟ بلاش مجازفة بحياتك و حياته ، أستهدي بالله و خليكي معانا ، إنتي عارفه إن ماما مش هتروح معاكي هناك .
فكرت سلوى قليلاً و أقتنعت نوعاً ما بوجهة نظرها و قررت الحفاظ على حياة طفلها فهو الأهم و الضمان للقادم.
في بيت غانم
بغرفة حلا ، أستيقظت من نومها على صوت الهاتف الذي يدق بألحاح شديد
فتحت الهاتف لتجد مكالمات عديدة من صديقتها المقربة دعاء.
رمشت بأهدابها و هي تحاول الإتصال بها الي أن أتاها الرد : ألو ، أيوه يا هانم ، أنتي فين ؟
حلا : في ايه بس ، بالراحة عليا ، إيه إلي حصل ؟
دعاء: هقول ايه ما أنتي عايشة في ماية البطيخ ، في أمتحانات ميد تيرم من بكرة يا هانم .
اتسعت عينا حلا و ضربت على وجهها عدة مرات ، مصيبة لم تحسب لها حساب مطلقاً الأن و سألت : طب ، امتى و هيبقى على إيه ؟
دعاء : لأ ده حوار ، لازم تفتحي نت و تدخلي على جروب الدفعة على فيسبوك منزلين كل حاجه.. أنا هقفل دلوقتي عشان الحق ألم أي حاجة في أي حاجة.. سلام.
أغلقت الهاتف و هي تردد : أما أنتي مش وراكي حاجة و لا بتشتغلي و مش لاحقة أنا هعمل أيه ؟ و هخرج من هنا إزاي ؟ ده انا مفهماهم اني مخلصه دبلوم .. ماكنتش اعرف اني هطول هنا كده.
وقفت كي تبدل ملابسها مضطره و هي تفكر في حل لتلك القصة.
لتشهق مجدداً أمام المرآة و هي ترى تلك الكدمة الزرقاء من جديد
وضعت يدها على فمها مرددة : لأ... دي مابقاش حاجة يتسكت عليها أبداً
أنتهت من تغيير ثيابها ثم ذهبت تبحث في المطبخ عن ما تريد و بعد دقائق معدوده كانت تقف في غرفتها و هي تنثر البخور على الفحم و تمتم بما تحفظه من أيات .
في نفس الوقت الذي دلف فيه غانم لعندها يراها تحمل المبخرة و الغرفة ممتلئة بالبخار و رائحته .
كح بقوة و هو يقترب منها مردداً : إيه يا حبيبتي ده في أيه ؟
فجاوبته بخوف شديد: ببخر ، أنا بقا بيحصل لي هنا حاجات غريبه.
جعد ما بين حاجبيه و سألها بقلق: حاجات إيه ؟ في أيه ؟
نثرت بعض من البخور لتفوح رائحته من جديد و هي تقول: كذا مرة أقوم من نومي ألاقي كدمة في كتفي .
أتسعت عيناه بصدمة ثم ضحك بقوة و سأل من بين قهقهاته : و بتبخري عشان كده ؟
فقالت بتأكد و إيمان تام بما تقوله : أيوه ، أصل في واحده جارتنا كان الجن عاشقها و كان بيعمل فيها كده.
أبتسم بعشق و ضمها له يقول : جن مين ده اللي يقدر يعشقك و أنا موجود.
تفززت بين ذراعيه منتفضة تردد: حابس حابس ، ماعلش السماح ، عبيط ما يعرفش حاجة ، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.
ثم نظرت لغانم تقول: دول ما يقدرش عليهم غير ربنا.
ضحك مجدداً يضمها له و هو يتذكر ما فعله ليلاً حين أشتاق لها و أن كل ما تفكر به هراء و تلك الكدمة التي على كتفها ما هي إلا صك ملكيته لها .
خرج صوته دافئ مثير محمل بمشاعره و هو يردد : صباح الخير يا حبيبي ، عامله ايه النهاردة ؟ بقيتي أحسن.
أبعدته لتخرج من أحضانه و هي تسأل: هو أنت دخلت كده من غير خبط و لا أي حاجة ؟
هز رأسه يردد : واحد و داخل عند حبيبته ، فيها ايه دي ... وحشتيني
حاصرها بين أحضانه و كلماته فلم تجد مفر سوى أن تترك له الغرفة بأكملها و تفر للخارج متحججة بعملها .
وقف يناديها بغضب معترضاً لكنها كانت قد هرولت في باحات البيت و بدأت في التنظيف.
ذهب خلفها حيث بدأت من تنضيف الطاولات يقول : أنتي بتعملي إيه ؟
فجاوبت و هي تتعمد عدم النظر له: بشوف شغلي .
فقال بغضب مكظوم : سيبي إلي بتعمليه ده مافيش شغل بعد كده.
حلا: هو إيه إلي مافيش شغل بعد كده، أمال هعمل ايه ؟ طب هاخد مرتب ليه ؟
غانم بجنون: إيه إلي بتقوليه ده .
حلا: إلي مش عايز تواجه نفسك بيه ، أنت تاعب نفسك و تاعبني معاك ، تقدر تقولي لما أنا أبطل تنضيف مين هينضف البيت ؟ و لا هتجيب خدامة للخدامة ؟ طب بلاش ... هقول ايه لست سلوى ، مراتك ... الحل إنك تسيبني أمشي.. خلي كل حاجة تتحل بقا .
نظر لها بغضب تام ، لا تنفك على المطالبة بالبعد و الرحيل التام و كأنه لا يوجد من ذاب بها عشقاً و أعترف لها به منذ أيام فقط حتى أنه لم يحصل منها على جواب و مع ذلك هو صابر .
هم ليحدثها بغضب لكن ورده أتصال من صلاح .
تركها و ذهب لغرفة المكتب يتحدث معه و هي ألقت قماش التنظيف من يدها على الأرض بقهر و تعب شديد.
تعلم أنها تتعبه و تضايقه بتكرار مطالبتها بالرحيل ، لكنه الحل الأمثل بالفعل كي ترتاح من سيطرته و تأثيره عليها الذي بدأ يخرج عن حدود سيطرتها و لم تنسى أبداً أنه متزوج و سلوى لم تؤذيها و لم تكن سيئة ... و هدفها قد أنتهى بعدما زرعت عادل في حسابات الشركة و في خلال أيام سيأتيها بالخبر اليقين... أذاً فلتنفد هي بعمرها و...... بقلبها.
فحينما يدري غانم بما حدث فبكل تأكيد لن يرحمها.
لذا فهي مستمره في المطالبة بالبعد...
لربما يختنق منها فيطردها ، هذا هو هدفها الوحيد.
شهقت متذكرة أمر الامتحانات فذهبت لعنده بسرعه
و دلفت قالت : غانم بيه .
أنهى أتصاله الذي لم يكن جيد مطلقاً وقال لها بصوت حنون لكنه متضايق: غانم بس يا حبيبي ... تعالي أقعدي هنا لحد ما أجيلك .
ذهبت تجلس على الأريكة كما طلب و هو خرج ينادي جميل .
ذهبت للشرفة تسترق السمع فرأته يقف مع جميل قرب شرفة المكتب و سمعته يقول: صلاح عيسى كلمني ، وصل لأسم الشركة إلي اخدت منا العطا الأخير.
شاهدت التفاجئ و التخبط على وجه جميل ثم سأل: صحيح ؟ طب .. مين .. طلع مين ؟
غانم : ما هو ده اللي عايزك تعرفه.. إسمها شركة الفتح.. مش عارفين عنها حاجة غير كده .
جميل: هاا .. حاضر.. حاضر يا ولدي .. هحاول أجيب لك قرارهم .
غانم: تحاول إيه ؟ جرى إيه يا عم جميل... ما طول عمرك بتجيب لي من الآخر.
جميل: حاضر .. حاضر يا ولدي.
ذهب غانم للداخل و هي عادت سريعاً لتجلس على الأريكة
دلف للمكتب يسحب نفس عميق و يغلق الباب، أرتبكت لثواني خصوصاً و هي تشعر به يجلس لجوارها ثم قال : ايه يا حبيبي ، كنا بنقول إيه ؟
تلعثمت و قد فاضت مشاعرها أثر حنانه الرائع و قالت: لو سمحت بطل تقولي كده .
غانم: كده إلي هو أيه ؟
حلا : إلي هو حبيبي و حبيبتي و كده.
أقترب منها أكثر ثم قال: طب ما أنا أعمل إيه ؟ ما أنتي حبيبتي.. و حقي أقولك إلي يعجبني .
صمتت لثواني ثم قالت: أنا... أحمم .. هو في هنا واي فاي ؟
أبتعد برأسه ينظر لها بترقب ثم سأل : أكيد ، بتسألي ليه ؟
حلا : أحممم .. أصلي ... أصل أنا.. لازم أدخل على فيسبوك عشان....
لم يمهلها الحديث و سأل: أنتي عندك صفحة على فيسبوك ؟
هزت كتفيها و قالت: أيوه.. ما أي حد في العالم بقا عنده لازم يبقى عندي.
غانم: مين قال كده ، أنا عمري ما كان عندي صفحة على فيسبوك.
صدمت تماماً مما تفوه به و رددت بلا إستيعاب : نعم يا حلاوة ؟
أتسعت عيناه من رد فعلها و قال : إيه ده في أيه ؟
أرتبكت كثيراً و سألت : أيوه مش عندك دلوقتي بس أكيد كان عندك.. او عندك بس مش مهتم بيها .
هز رأسه و قال بثقة و تأكيد تام : لأ عمري و لا زمان و لا دلوقتي و لا ليا اي علاقة بيه ،حبيبتي أنا مش منزل حتى التطبيق عندي على موبايلي أصلاً.
جن جنونها ، ما يقوله سيفقدها صوابها و سألت: إزاي يعني ، شاب في سنك معقول منعزل عن العالم و السوشيال ميديا ؟ مش ممكن .
فرد ببساطة : دي حاجة بتاكل الوقت و أنا أساساً ماليش تقل عليها ، بس بقالي كذا سنة عامل صفحة على أنستجرام و تويتر عشان بس أتابع الاعلانات للمصانع بتاعتنا و مش بفتح دايما كمان.
نظرت له و هي تهز رأسها بعدم أستيعاب و هي لا تردد سوى كلمة واحدة .. كيف ؟ كيف ؟
فلو ما يقوله صحيح فهذا يعني أنها عاشت لسنوات في وهم و كل شيئ خلفه شيئ آخر.... و من هذا الذي تعرفت عليه رنا .. من ؟