الفصل الثاني 2
بقلم سوما العربى
دلف للبيت مجدداً و هو على شفا الجنون.
إذاً ما حدث كان حقيقاً ، لم يكن حلم أو يهيئ له .
انقلب حاله تماماً ، لقد جُن على الأخير ، يريد أن يعرف من هذه ، بل و متلهف لذلك.
كانت عمته و زوجته في أنتظار كرم الذي ينهي وضع الصحون للعشاء .
فدلف بوقتها گ المجنون ينادي زوجته
غانم : سلوى.... سلوى .
ألتفت له في التو و هي تردد : نعم يا حبيبي .
غانم : في حد غريب دخل البيت النهاردة ؟
سلوى : حد ؟ حد زي مين .
غانم : واحده ، ست .. بنت .
لم تبالي سلوى كثيراً و لم تهتم و ردت : لأ.
زاد جنونه و عصبيته و هو يردد : إزاي ، أنا متأكد أن في بنت كانت هنا من شويه .
ليتدخل كرم في الحال و هو يجيب : ايوه ، دي الخدامة الجديدة.
صُدم غانم ، لا بل صعق ، لا يستطيع التخيل حتى ، فهل كل ماشاعر به حينها كان مع خادمه ؟!
وقف مبهوتاً لا يستطيع التفكير ، ربما قد توقف عقله عن العمل
ينظر ليديه وذراعيه هل كان منذ قليل يحتضن الخادمه .
وضع يداه يغرزهم في جذور شعره كاد أن يقتلعهم من مكانهم ، بينما تنظر له سلوى مستغربه وهي تسال : في ايه يا غانم بتسال عن البنت دي ليه هو حصل حاجه
هز غانم رأسه بجنون للأن لا يستطيع التصديق وسأل من جديد : طب وهي فين دلوقتي ؟
سلوى : المفروض ان هي هنا ، انا قولت لها ما تروحش الا لما تخلص تنضيف البيت كله .
لكن تدخل كرم مجددا وقال : معلش اصلها تعبت وكان لازم تروح فانا قلت لها تروح وتبقى تيجي بكره تكمل ، أااا .. أحسن ما كانت تتعب لنا هنا يعني ونحتاس بيها مش كده ؟
كان ينظر الى سلوى مترقباً يدعو ان تتغافل عن الامر فالفتاه كانت متعبه حقا ، لم تكن تستطيع اكمال مهامها وهو يعرف سلوى جيدا لن تتركها وشأنها الا بعدما تنظف كل ذرات التراب الموجوده في البيت
وقد اشفق كثيرا على هذه الفتاه
فقالت سلوى : اه وانت بقى اللي بقيت تقول من يفضل و مين يمشي يا استاذ كرم ؟
كرم : البنت كانت تعبانه يا ست سلوى و الشغل كتير مانتي عارفه البيت كبير عليها .
سلوى: أمممم ... من أمتى حنية القلب دي يا سي كرم .
هنا تدخل غانم وقال : خلاص هنسيب اللي ورانا ونسيب العشا عشان نقعد نتكلم ونجيب في سيره الخدامين جرى ايه يا سلوى يلا يا كرم على شغلك
اكرم سريعا وذهب للمطبخ بينما جلس غانم في مقدمه السفره يشرع في تناول عشائه وهو ينوي عدم التفكير في تلك الخادمه وربح نفسه كثيرا على تلك اللحظه التي عاشها
وضع الطعام في حلقه يمدمه وكل ثانيه يهاجم عقله لذلك الشعور القوي الذي دهمه حينما كانت بين ذراعيه يشتم رائحتها لكنه سب نفسه مرارا وذكر حاله انها خادمه
في صباح اليوم التالي
وقفت حلا امام المرأة تعيد تسريح شعرها ،تجمعه على هيئه كحكة فوضاوية رغم كونها دوما تفضل ان تطلق له العنان.
لكن الظروف الحاليه لا تسمح بذلك فهي ذاهبة للعمل في بيت غانم صفوان غانم بنفسه لذا تأنقها المعهود غير ملائم حالياً.
في تلك الأثناء فتحت والدتها الباب تقف خلفها وهي تنظر لها بغضب شديد .
ثم قالت: هو صحيح الكلام اللي غادة قالتهولي ده
سحبت حلا نفس عميق ثم قالت : كلام ايه يا ماما
سميحة : أنتي روحتي اشتغلتي في خان غانم
التفت لها حلا وقالت : ايوه يا ماما حصل
لطمت سميحه وجنتيها ها وقالت : يا نهار ابيض.. اهو ده اللي انا كنت خايفه منه .... انا كنت عارفه من زمان انك هتعملي كده ده ، سكوتك ده ما كانش بالساهل واسرارك ان احنا نيجي ونعيش في القاهره برده ما كانش بالساهل دماغك كان فيها تخطيط تاني يا بنت بطني مش كده .
حلا : أيوه.. زي ما قولتي بالضبط ، دماغي فيها تخطيط تاني ومش هامشي الا لما اخد منه كل اللي انا عايزاه
سميحه : هو انت فاكره نفسك قد غانم ده ياكلك يا حبيبتي ، يبلعك من غير ما يحس حتى ، انت مش قد غانم صفوان ، دي رنا اللي بنقول عليها داهيه من دواهي الزمن ما أخدتش في أيده غلوه وفي الاخر أنتي نفسك شوفتي اخرتها كانت ايه .
أطبقت حلا عيناها بحزن شديد فقد داهمتها كل ذكريات الاعوام السابقه .
حبست الموع في عيناها تتذكر تلك الاحداث جيدا وما تعاقب وترتب عليها بعد ذلك.
سحبت نفس عميق تحاول ألا تبكي بينما تحدثت سميحه وقالت برجاء : استهدي بالله يا بنتي وسيبك من اللي في دماغك ده وتعالي نرجع الزقازيق من تاني احنا ما لناش عيش هنا .
فتحت حلا عينيها وقالت لها ' زقازيق اللي ترجعيلها يا امي احنا أترضنا منها ومشينا هربانين في عز الفجر ولا ناسيه
سميحه : خلاص بلاش الزقازيق يا ستي.. نعيش هنا بس بلاش غانم و خان غانم .. اوعي تروحي هناك، وبعدين تعالي هنا انت ازاي تقبلي على نفسك انك تشتغلي خدامه انت ناسيه انتي بنت مين وكنتي عايشه عيشه عامله ازاي
ولتها حلا ظهرها تعيد ضبط الكحل في عينيها وهي تردد بسخريه واستهزاء : أهو أنتي قولتيها بنفسك يا أمي كنت ..كنت وما بقتش .. دلوقتي احنا في عيشه تانيه وفي مستوى تاني ولازم نتتأقلم عليه وبعدين ما تقلقيش الشغلانه دي مؤقته ان شاء الله مش هاكمل اسبوعين فيها
نظرت لها سميحه بغضب وقالت : طب طالما الكلام مش جايب معامي فايده تبقي مش هتخرجي يا حلا ، على جثتي إن خرجتي من البيت ، انا مش هاسيبك لما هيحصل فيكي زي ما حصل لرنا.
سحبت حلا حقيبتها وقالت لها : لأ هتسيبيني يا أمي .. انا لازم اخرج دلوقتي
سميحه : هو انت فاكراني باقول كلام وخلاص انت مش هتخرجي يعني مش هتخرجي .. ولما نشوف بقى يا انا يا أنتي يا حلا .. و لا فاكره نفسك كبرتي عليا .. انا بقى قاعده لك اهو اما اشوف ايه اللي هيحصل
بالفعل نفذت سميحه ما قالت و لم تسمح لحلا بالذهاب بقدميها لغانم كغزالة جميلة سهلة الاصطياد
في بيت غانم
جلسه وهو يهز قدميه بتوتر
أصبحت الساعه العاشره صباحا وللآن لم تاتي تلك الخادمة
وقف لجواره العم جميل يسال : هو في حاجه يا ولدي
رفع غانم أنظاره للعم جميل يسأل : حاجة إيه ؟
جميل : اصل يا ولدي الساعه عدت عشره مش عوايدك تتأخر عن الشغل كده .. مصنع الطوب فيه هناك مشكله وطالبينك تحلها
غانم : مشكله ؟ مشكلة ايه ثاني على الصبح
جميل : اللي ما يتسمى اللي اسمه صلاح عيسى عمال يضرب فينا اسةفين.. ده عمال يسحب العمال عندنا واحد ورا الثاني و اللي يمشي ياخد صاحبه معه ..الراجل ده مش ناوي يجيبها لبر معك يا ولدي
صك غانم اسنانه بغضب وهو يردد : صلاح عيسى ... صلاح عيسى .. تاني صلاح عيسى وبعدين بقى .
جميل : باينه يا ولدي مش ناوي يجيبها لبر... المره اللي فاتت العركه اللي بينكم خلصت في القسم وشكله مش ناوي على خير احنا كل يوم والتاني نمسك واحد تبعه مزروع وسط رجالتنا .
صمت غانم يفكر في حديث العم جميل ثم عادت تلك الذكرى وذلك الحضن الدافئ يدةهم مشاعره من جديد و يغفزوها بضراوه ليسأل : هو ما فيش حد جه على البوابه بره يا عم جميل
جميل : لا يا ولدي، انت مستني حد
غانم : هااا ..أا .. اه ايوه بيقولوا في خدامه جات هنا جديدة... فلازم اشوفها... ما انا مش هاسيب اي حد كده يدخل في قلب بيتي من غير ما أقيمه ..مش كده ولا ايه يا عم جميل ؟
جميل : أيوه يا ولدي عندك حق .. انا هاقول لكرم اول ما تيجي يبلغني خبر .. ولو انها تاخرت يمكن مش جايه تاني
انتبه غانم لكلمة العم جميل .. يفكر هل لن تأتي من جديد ؟
لا يعلم لكن داخله رغبة ملحة في رؤيتها ، يريد أن يعلم من فعلت به كل هذا و هل هي جميلة ؟
صمت يترك راس أرضاً ، ربما من الافضل ان لا تأتي وربما اغيضا افضل له ان يغادر الآن ويذهب الى عمله
بالفعل وقف على مضض وذهب مع العام جميل وكل الحراس الى مصنع الطوب ليجد حل لتلك المشكله الجديده التي لا ينفك منافسه عن صنعها له .
فهو وصلاح عيسى دوما في صراع لا يهدأ ابدا و لا ينتهي .
بعد الظهيره
كانت حلا تجلس على احد الارائك امام والدتها وهي تفرك بقدميها ويديها تحاول مع والدتها من جديد ثم قالت : طب بدسبيني أخرج عندي امتحان دلوقتي في الكليه لازم اروح.
نظرت لها سميحه بحاجب مرفوع وقالت : والله الامتحان طلع كده فجاه وكنتي هتروحي الامتحان ازاي وانتي لابسه عشان تروح الشغل في خان غانم
حلا : يا ماما بقى ... اللي بتعمليه ده ما ينفعش وبعدين والله يا ستي باحلف لك انا عندي امتحان في الكليه ولازم اروح
وقفت سميحه بغضب وقالت : قولت لك ما فيش مرواح .. هو انتى فاكراني بقول كلام وخلاص ولا يمكن فاكره نفسك كبرتي عليا... انا داخله اعمل الغداء قومي غيري اللبس اللي انت لابساه ده عشان ما فيش خروج وتيجي ورايا حصليني عشان تساعديني
ذهبت سميحه للمطبخ تستعد لإعداد الغداء كما قالت لابنتها بينما جلست حل تنظر لأثرها بضيق تفكر .
ثم وقفت عم مقعدها وسحبت حقيبتها بخفه و تسحبت للباب تعرف ان والدتها ستثور ثورتها ما ان تكتشف الامر لكنها لا تملك اي خيار آخر سوى تنفيذ ما برأسها لذا أسرعت مهروله تتجه الى الطريق الذي إختارته مسبقاغ
بعد حوالي ساعه كانت قد استطاعت الوصول الى بيت غانم ودلفت من البوابه التي لم يكن عليها حراس هذه المره ايضا لتعرف انه لا يوجد بالداخل مما جعلها تهدأ قليلا .
فهي منذ الأمس كلما تذكرت ما حدث بينهما في المطبخ واحتضانه لها تداهمها مشاعر كثيره جداً.
تذكر تلك القشعريرة التي دبت في جسدها وذلك الخوف يمتزج بلذه جديده عليها
حاولت الهرب من كل تلك الافكار.. الا تفكر بها و لتركز على اهدافها التي جاءت هنا لأجلها فدلفت للداخلو وجدت سلوى تجلس على احد بيدها كأس من العصير
كان الباب مفتوح لا يحتاج للطرق لذا دخلت على استحياء تردد : السلام عليكم
نظرت لها سلوى من اسفل الاعلى ثم قالت بعدم الرضا : عليكم السلام .. حمد لله على السلامه يا حبيبتي ... ما لسه بدري
حاولت حلا التحلي بطول البال و الهدوء ثم قالت : ماعلش غصب عني.. أصلي نسيت اظبط المنبه وكمان كان في زحمه
وقفت سلوى من مكانها وقالت بحده : منبه ايه وزحمه ايه . انتي جايه لي بحجج من اول يوم .. مش كفايه امبارح مشيتي من غير ما تخلصي كل الشغل اللي وراكي احنا هنبتديها بقى بدلع ولا ايه انا ما باحبش المرقعه
اغطبقت حلا أسنانها وشفتيها تغمض عينيها تكافح بقوه ألا تسب تلك السيده اغلان لتكمل سلوى : بصي يا حبيبتي كده من البدايه عرفيني انت واحده بتاعه شغل وعايز تشتغلي ولا ايه حكايتك بالضبط عشان انا مابحبش كده .... الشغل عندي شغل .. والنظافه نضافه .. وما بحبش التقصير تحت اي ظرف ..لو هتشتغلي هنا ما فيش تأخير تاني .. دي أول وآخر مره تتأخري فيها
ضمت حلا قبضة يدها تعترصها حتى أبيضت مفاصلها من شده الغضب تتحامل على نفسها لتخرج صوت هادئ مطيع تردد به : حاضر مش هتأخر تاني
نطرت لها سلوى مجددا نظرة شاملة غير راضية ابداً لكنها مضطره فقالت : ماشي هاديكي فرصة أخيرة... أتفضلي اغدخلي وأبداي شغل .
بالفعل تحركت حلا للداخل كونها لا ترغب في المكوث مع تلك السيده لوقت اطول
في المطبخ
كان هناك كرم يقف يعد طعام الغداء.
و شعر بأحدهم يدخل من باب المطبخ ف ألتف منبهرا وهو يردد بسعاده : حلا اخيرا جيتي.. أتاخرتي ليه يا بنتي أنا قلقت عليكي
حلا : معلش راحت علي نومه وكمان المواصلات كانت زحمه
كرم : اه صح ، طب انتي بعد كده لازم تسيبي لي رقمك اطمن عليكي لو حصل اي حاجه، إحنا مش بقينا اصحاب ولا ايه
ابتسمت له حلا وقالت : اكيد طبعا بقينا اصحاب ممكن بقى تعمل لي حاجه سخنه اشربها ولا اقوم اعمل لنفسي ؟
كرم : لا تعملي لنفسك ايه ده انا عيني. ثواني ويكون جاهز احلى نسكافيه لاحلى حلا في الدنيا
بالفعل في خلال دقائق كان كرم قد أعد النسكافيه لهما وجلسا يتحدثان قليلا ثم بعدها وقفت حالها تباشر عملها من جديد
كانت قد انتهت من تنظيف كل التماثيل الموجوده في البيت ومسح الغبار عن الثرايات المعلقه لتجد سلوى تناديها بانزعاج شديد صارخه : حلا يا حلا. انتي يا أستاذه.
ذهبت حلا لعندها سريعاً وقالت : ايوه في ايه
سلوى : هو ايه اللي في ايه انتي ما نفضتيش الشبابيك ليه؟
حلا : نفضتها والله
سلوى : بجد؟ امال شباك الاوضه دي مش متنظف ليه ؟ تعالي شوفيه بنفسك يا هانم
اخذتها سلوى ومشت بها لعند تلك الغرفه لتريها ان الشباك غير منظف بالفعل يبدو اغنها لم تنتبه له في ظل كل تلك الاعمال المطلوبه منها .
فقالت بأسف وتعب : معلش ممكن اكون فوته وانا مش واخذه بالي حالاً هنضفه
سلوى : هو ايه اللي فوتيه ده شباك اوضه مكتب البيه ، لازم يتنضف كويس جداً و من جوه ومن بره ، لأنه ما بيحبش يشوف نقطه تراب واحده
حاولت حلا للمره الألف التحلي بالصبر والهدوء و رددت بثبات : حاضر هانضفه من جوه ومن بره
سلوى : السلم عندك خظيه وابدئي يلا
بالفعل حملت حلا السلم و وضعته في الغرفة لتبدأ تنظيف نافذة مكتب غانم ، تسرح منها عيناها إلي الأوراق الموجودة على سطح مكتبه لكنها أخبرت نفسها أنه لا يصح حاليا ، عليها التريث قليلا ماذا لو ضبطت بأول يوم عمل .
بالغعل انتهت من تنظيف النافذة ثم حملت السلم و خرجت للحديقه كى تنظفها من الخارج.
في تلك الأثناء عاد من الخارج مع رجاله يقف بصف سيارات طويله وترجل من السياره هو ومن بعده الرجال ، كل منهم يستوطن في مكانه لكنه شعر بخطب ما بهم، فجميعهم ينظرون الى مكان واحد تقريباً بأعين متسعه مبهوره فينظر حيث ينظرون ليجد كتله من الأنوثة معلقه في نافذة غرفتة مكتبه
تقدم لعندها بهدوء يرى من هذه وما ذلك الجسد المتكور ومتعلق بالنافذه اقترب لعندها و وقف خلفها .
بقى ينظر لها ، يمشطها بعيناه و قد دبت فيه مجددا كل مشاعر أمس الملتهبة، يقسم أنها هي .
ليخرج صوته قوى جهوري قليلاً: أنتي مين ؟
لتنتفض حلا فوق السلم بذعر و تلتف و هى تضع كفها على صدرها تنظر لمن يحدثها
ليصدم كل منها ... هي صدمت بعدما أدركت أنها الأن في مواجهة غانم صفوان غانم.
و هو صدم بكتلة الجمال و السحر المتمثلة أمامه ، علت وتيرة أنفاسه و قد توقف عقله كما توقف الزمن .
و مد يده تلقائيا لها كي يساعدها في النزول من على السلم ، و هى لا تعلم لما لكنها أستجابت و وضعت يدها في يده لتهبط لكن... شهقت عالياً و هي تشعر به يخرج كفه من كفها بل و تطاول ليلف ذراعيه حول خصرها يحملها من على السلم لأرض الحديقه .
و وقفا مجددا و الشجر خلفهما يواريهما قليلا ، هو ينظر لها و هي تنظر له ، عيناه في عيناها ينتقل منهم إلي ملامحها الجميله ، عيونها البنيه و وجهها المستدير ثم وجنتيها الممتلئة يردد جمله واحده في قرارة نفسه ( سبحان من خلق و أبدع)
كأن الزمن لا أهمية له و لا المكان كذلك ، كل منهما قد تلاشى .
و بقيا ينظران لبعضهما بصمت ، و غانم يدرك تدريجياً أن تلك الفتاه هي من كان يحتنضها له بالأمس ، هو متأكد ، فما يشعر به الآن هو ما شعر به الأمس تماماً ، إنه هو ، ذلك الإحساس الجامح الذي شق جسده و أرق مضجعه طوال الليل.
و رائحتها ، إنها هي ، هي و الله.. تلك الرائحة التي أثارت كل كيانه و هزته كلياً
و هي تنظر له بأنبهار ، تباً له ألف مره ، لما هو بكل تلك الوسامة و الجاذبيه و ما السر الذي يمكله ليجعلها بحضرته تنسى كل ماضيه و لا تفعل سوى أنها تتأمله بخفقات عالية.
زاد من لف ذراعيه حول خصرها يسأل : أنتي مين ؟
سؤاله عاد بها لأرض الواقع ، لتسرع في الأبتعاد عنه و جبر عينها على أن تبتعد عن مرمى عيناه كي تستطيع التحدث .
تجعد وجهه بإنزعاج بعدما أبتعدت عنه بالفعل يراها تلتصق بحائط غرفته خلفها كي تصنع مسافه بين جسدها و جسده بعدما كان يلصقها به .
نظرت أرضا و قالا : أنا حلا .
فسأل و هو مسلوب الإرادة ، مسحور : حلا أوي ، أوي أوي أوي.
رفعت عيناها له متفاجأة من طريقته ليقطع كل ذلك صوت سلوى التى بدأت تصرخ منادية من الداخل .
فانتفضت حلا من مكانها لتتحرك لكنه قبض على ذراعها يوقفها و يسأل بلهفة : أنتي مين ؟ أقصد بتعملي إيه هنا .
حمحمت حلا تحاول إجلاء صوتها ثم قالت : أنا الشغالة الجديدة.
ثم تركته و فرت تحمي نفسها من سلطانه عليها ، هذا ما لم تحسب له حساب يوم قررت القدوم لهنا .
فقد جلست على المقعد في المطبخ شارده تفكر بعدما نفذت كل أوامر سلوى و جلست تستريح.
ليدق هاتف المطبخ و يذهب كرم ليجيب و يتبين من الحديث أن المتصل هو غانم.
أنهى كرم الإتصال و قال : حلا... غانم بيه عايزك في مكتبه .
جف حلقها و سألت: ما تعرفش ليه ؟
هز كرم كتفيه و قال: ما قالش.. قومي يالا روحي له بلاش تتأخري عليه عشان بيتعصب .
وقفت حلا تجر قدميها ناحية مكتبه تقدم قدم و تؤخر الأخرى إلي أن دقت الباب و سمعت صوته الجهوري يأذن لها بالدخول.
وقفت أمامه مرتبكه تشعر بنظراته تلتهمها و صوت والدتها سميحة يدوي في أذنها بحديثها في الصباح ( أنتي فاكره نفسك أد غانم صفوان ده ياكلك .. يبلعك )
طال الصمت و إرتباكها في إزدياد و هي مازالت تشعر بنظراته عليها فقررت أن ترحم نفسها و سألت : حضرتك طلبتني ؟
نظر لها غانم بعمق ثم قال بصوت متحشرج : أيوه ، أقفلي الباب و تعالي .
يا ترى غانم هيعمل ايه في حلا ؟
و إيه السر إلي وراها و وراه ؟