رواية حالة الاقدار الفصل الاول 1 بقلم رغدة



رواية حالة الاقدار
الفصل الاول 1 
بقلم رغدة



بسم الله الرحمن الرحيم 

في احد احياء القاهرة في منزل حديث الطراز يبدو على اثاثه الأناقة والبساطة والرقة
 يبدو من مظهره ان من قام بتصميمه وتأثيثه شخص يتمتع بذوق رفيع واحساس عالي 

يخرج من الحمام يرتدي بنطال قماش باللون الاسود وقميص ابيض يقف أمام المرآة يمشط شعره الحريري بعناية وينفث العطر ذو الرائحة الجميلة ويخرج ليجد والدته تقف في المطبخ تحضر الإفطار 

اقترب منها قبل جبينها : صباح الرضا يا امي 
هدى : صباح السعادة يا حبيبي ثواني والشاي يجهز اقعد ع السفرة وانا هجيب الاكل 
امسك يدها قبلها : تسلم ايدك يا ام حاتم هاتي عنك انا هاخد الاكل وانتي هاتي الشاي 
جلس ووالدته تناولا افطارهما بجو أسري وبعد انتهائهم : ماما انا نازل الشغل عاوزة حاجة اجيبهالك معايا 
هدى : لا يا حبيبي البيت مش ناقصه حاجة خد بالك من نفسك 
حاضر يا ماما ....هم بفتح الباب ولكنه سمع والدته 
هدى : حاتم استنى يا ابني متخرجش كده الجو برد خد البس الجاكيت 
تناوله منها وقال بنبرة حنون : متحرمش منك يا امي 

خرج من المنزل مصحوبا بدعاء والدته الدائم الذي يعتبره ترياق لكل مصاعب الحياة 
______________________________________________
على الجانب الآخر في احد الأحياء الفقيرة منزل أقل ما يقال عنه انه بغاية البساطة ليس ذلك فقط بل اثاثه الشبه معدوم يظهر مدى فقر هذه العائلة 
تجلس فتاة لا تتعدى الثامنة عشر بجانب فراش والدتها المريضة تضم ركبتيها لصدرها تضع رأسها على ركبتيها يغطي شعرها الأحمر ملامحها ويخفيها

لترفع رأسها عندما سمعت همس والدتها الوهن باسمها : نور 
نور : عامله ايه ياما ديلوقت بقيتي احسن 
زينب : عطشانه شربيني مية يا نور 
تناولت نور كأس ماء واقتربت من والدتها رفعت رأسها واسقتها القليل من الماء 

دخل تامر بابتسامة على وجهه ايه ده يا زوزو وشك منور ولا بطلات السيما 
ابتسمت والدته ابتسامة باهته وأشارت على فراشها ليقترب اقترب منها وجلس بجانبها 

فهمست ل نور بصوت ضعيف : سيبيني مع اخوكي شوية 
اومأت نور برأسها وخرجت تاركة تامر معها واتجهت لغرفتها لتتمدد على فراشها تستمد بعض الراحه فهي ساهرة طوال الليل بجانب والدتها المريضه وما هي الا دقائق حتى ذهبت بسبات عميق 

اما زينب فقالت لابنها : تامر يا ابني الأعمار بيد الله 
وضع يده على فمها: متكمليش ياما ربنا يديكي طول العمر 

أمسكت يده بضعف : يا ابني عمر ايه اللي بتتكلم عليه انا حاسه ان ايامي بقت معدودة والموت حق علينا كلنا 

كان يستمع لها ويبكي فأكملت انت صحيح الصغير لكن انت راجل البيت وعقلك كبير وراجل من ضهر راجل 

عاوزاك تاخد بالك من نفسك ومن اختك صونها يا ابني واتقي ربنا فيها اوعى بيوم تفرط فيها دي امانه هيحاسبك عليها ربنا

 وخد بالك من نفسك واوعى الدنيا وملذاتها تاخدك اللي ليك نصيب فيه هيجيلك واللي ملكاش نصيب فيه قد ما تعافر وتحاول مش هتاخده ....

 اياك يا ابني تظلم حد الظلم ظلمات بات مظلوم واحتسب عند ربنا ولا تبات ظالم 

اسمعني يا ابني وافهم كلامي ده كويس بنات الناس مش لعبه بايدك نظرتك ولمستك تكون بمخافة ربنا خلي ربنا قدام عنيك
 اللي مش ليك حرام عليك واللي هتعمله ببنات الناس هيتعمل باختك فاهمني اختك يعني شرفك وعرضك 

كفاية ياما كفاية ابوس ايدك انا مش حمل كلامك ده وانتي هتخفي وتبقي زي الحصان تمدد بجانبها ودفن نفسه بأحضانها يبكي كطفل صغير 

______________________________________________

وصل حاتم مكتب الديكور الخاص به ألقى التحية على صديقه وشريكه علي وجلس على مكتبه وبدأ يعمل على تصاميمه

 وبعد قليل اقترب منه علي : بقولك ايه انا جعان ...

نظر له حاتم مردفا: برضو نزلت من غير فطار انا نفسي اعرف بتيجي تفطر هنا بدل ما تفطر مع مراتك ليه 
علي والهم ظاهر على ملامحه : متفكرنيش يا حاتم انا بقيت عايش بجحيم مش طايق ادخل البيت من النكد اللي فيه كل يوم نفس الكلام ونفس المشاكل انا تعبت أوي وبحبها وهي مش مقدرة ده 
حنان اتغيرت أوي مش هي حنان اللي حبيتها اربع سنين وخدتها عن حب حاسسها انسانه غريبه عني 

قام حاتم من خلف مكتبه واقترب من علي مربتا على كتفه : أهدى يا صاحبي ومتزعلش نفسك بس ده جواز ودايما اي زوجين بيبدأوا يتعرفوا على بعض 
علي : نتعرف ايه يا حاتم ما انت عارف اللي فيها احنا قصة حبنا كانت الجامعة كلها تعرف فيها 
ابتسم حاتم بود وطرق باصبعه على المكتب وقال : هو ده يا علي هو ده سبب تعاستك 
نظر له علي يحاول فهم ما يقصد فأكمل حاتم : انتو يا علي قعدتوا اربع سنين قبل الجواز تحبوا بعض وكل واحد فيكم كان بيظهر ويقدم للتاني افضل واحسن حاجة عنده انت وهي كنتوا بتزودوا رصيد صفاتكم الكويسة وتتفادوا الاخطاء او تتغاضوا عنها لحدما اتجوزتوا ومبقاش في حاجة جديدة تقدموها
 فابتدت معاناتكم بعد ما اتجوزتوا بفترة قصيرة 
علي : يعني ايه انا هفضل بالنكد ده على طول 
عاد خاتم لمقعده مبتسما : لا يا سيدي تفضل بالنكد ليه .. بص انت تجيب مراتك وتيجوا تتغدوا عندنا النهاردة ونقضي يوم لطيف مع بعض وان شاء الله كل حاجة ليها حل
علي : تمام أوي هي طنط عامله اكل ايه
ضحك حاتم وقال اهو هتصل واقولها انك هتتغدى عندنا وطبعا انت عارف معزتك عندها 
علي : ربنا يديها طول العمر ويخليهالنا عشان افضل أكل من تحت ايديها السكر 
________________________________________________

بعد ساعات قليلة استيقظت نور وقامت بتكاسل دلفت إلى الحمام وتوضأت وصلت صلاة الظهر وتوجهت للمطبخ لإعداد الغداء ولكنها فتحت باب غرفة والدتها اولا لتطمئن عليها

 وما ان رأت أخيها بحضن والدتها حتى ابتسمت وغادرت للمطبخ تناولت من الثلاجة بعض الخضار المتوافر وأخذت تقطعه وصنعت منه حساء وعادت لغرفة والدتها لايقاظهم ليتناولوا الطعام معا 

ايقظت تامر اولا الذي سحب نفسه من حضن والدته وما ان ابعد جسده عن جسد والدته قليلا حتى مال جسد والدته فانتفض زاحفا للخلف برعب اجفل شقيقته التي لم تلحظ ما حدث وعاد مسرعا لوالدته يحاول افاقتها 

تامر بصوت يرتعش ومرتفع يظهر منه مدى خوفه وتوتره : اما افتحي عنيكي ...

 آخذ يهزها بقوة يما ابوس ايدك تقومي ... قومي ياما متسيبينيش متكسريش ضهري .... 

انهارت نور من الموقف حتى انها وقعت بالأرض من الصدمه واخذت تزحف حتى وصلت جوار شقيقها تحاول افاقة والدتها
 أخذت تربت على وجنتي والدتها حتى شعرت ببرودة جسدها الذي انتقل تلقائيا لها من رعبها شعرت أن دمها قد تجمد داخل عروقها وعينيها جف منهما الدمع وصوتها اختفى 

خرج تامر مسرعا : نور انا هدور على دكتور واجيبه امي لازم تعيش ..... لازم تعيش .... كانت هذه آخر كلمات وصل صداها لجدران بيتهم المتهالك 

عندما يئست من إيقاظ والدتها تراجعت للخلف حتى التصقت بالحائط........ وانكمشت على نفسها تحاول تمالك نفسها التي تشتت ........تحاول ان تخرج صوتها ولكنها لم تستطع
 كل رد فعلها كان ارتجاف جسدها بشكل قوي ومفزع


                       الفصل الثاني من هنا 

تعليقات