الفصل الثاني عشر 12
بقلم رغدة
بسم الله الرحمن الرحيم
عدى شهر بأكمله بين فرح وحزن سعادة وألم
بين من يخطط لمستقبله ومن يرى حياته تتدمر امام عينيه
تامر ما زال على حاله يشق طريقه بيده يعمل بلا كلل ولا ملل اصبح لديه الكثير من المعارف والأصدقاء من خلال عمله مع المعلم جمال
علي ... كانت تمر عليه أسوأ أيام حياته .... ذكريات كثيرة كانت تعصف بمخيلته .... تذكر ذلك الحادث المشؤوم الذي أودى بحياة والديه وشقيقه وشقيقته .... كان علي يكبر اخويه بسنتين وبرغم ان الفرق لبس كثيرا الا انه كان يتصرف بناء على انه الأكبر وهذا يعني انه الأوعى والأدرى وان اي قرار يخصهم يجب ان يتطلع عليه ويوافق عليه
تحسر على فراقهم كثيرا وبكى اكثر
جال بفكره حين اقتربت منه المعلمة تربت على كتفه
وهي تخبره ان هنالك شرطي يريده بالخارج
يتذكر نظرات الجميع له التي كانت نظرات حزن وشفقة .... يتذكر حين ودعهم مرغما وبقي وحيدا
يعاني من قسوة الحياة وآلامها .... يتذكر بعض الأقارب الذين لم يتحملوه الا لفترة بسيطه وبعدها طردوه .... تذكر صديق طفولته حاتم الذي كان له نعم الأخ الوفي ووالدته الحنونه ووالده الشهم الذي لم يفرق ابدا بين علي وحاتم واعتبره ابن كأنه من صلبه
حاول علي ان يداري ألمه ويدفن حزنه لتكتمل فرحة حاتم فهو يرى حزن حاتم عليه .... تمالك نفسه و وقف مع صديقه بكل تفاصيل تجهيزات الزفاف
حنان بعد ان تعافت بشكل كامل اصبحت حياتها كلها عبارة عن سهر وحفلات ...ولكن رغم ما تعيش من حرية الا انها كانت تفتقد عنصر الاهتمام .. فوالدتها
كل همها مكانتها المرموقة بين سيدات المجتمع الراقي ووالدها في سفر مستمر لم تره منذ ما يقارب السنه
كانت دائما حين تتمدد على سريرها تتذكر حضنه الدافئ وحين تأكل تتذكر يده التي تمتد بالاكل لها قبل ان يتذوقه .... اشتاقت ان يسألها احد عن يومها وحالها ... هل هي بخير ... هل تحتاج شيء
نور ......وما أجمل ان تعيش حلم يتحقق ... ان يحيى احد لإسعادك وتلبية طلباتك ... ان تكون محور حياة احدهم .... أخيها وفر مال من عمله وأخذ سلفة من جمال واعطى المال لشقيقته لتشتري ما تحتاج من ثياب وأكد عليها ان تشتري كل شيء مهما كان ثمنه فهو مسؤول عنها وسيلبي جميع طلباتها ... وبالفعل أخذت المال وذهبت مع هدى للسوق واشترت كل ما يلزمها
جاء موعد الزفاف الذي كان بسيطا وراقيا وجميلا ... كان زفافا غير مختلط .... ارتدت نور ثوب زفاف محتشم مع حجاب ناصع البياض ... كانت تبدو كالنور الذي ينبعث وسط الظلام ... اما حاتم فكان يرتدي بدلة سوداء راقية مع قميص ابيض .... كان يملك من الوسامة والجمال قدر كاف يليق به وبرجولته
انتهى الحفل الذي كان جميلا وهادئا وبسيطا كانت روعته تكمن في بساطته
وصل حاتم وامه وزوجته للمنزل .. لتستأذنهم هدى وتدخل غرفتها وتغلق على نفسها لتعطيهم مساحة من الحرية فلو كان الامر بيدها لما عادت معهم ولقضت بضعة ايام في منزل اخيها ولكن حاتم ونور رفضا رفضا قاطعا
ابدلت ثيابها وتوضات وصلت ركعتين لله ثم دعت لابنها وزجته بصلاح الحال والحياة الهانئة
دلف حاتم لغرفتهم وهو ممسكأ بيد عروسه الخجلة ليجلس وهو يسحبها بجانبه على الأريكة ... نظر لها مطولا وهو يتأمل حركاتها اللاإرادية فمرة تفرك يديها ومرة تعض على شفتيها يبدو انها متوترة جدا
همس بإسمها وهو يرفع رأسها لتنظر له : نور
نظرت له لترى ذلك العشق المتدفق من عينيه لها فقال : انا عاوز نبتدي حياتنا على نور يا نور ... ابتسمت ابتسامة صغيرة ليكمل : وعشان كده عاوز اقولك شوية حاجات ... نظرت له بجدية ليكمل بنبرة يغلفها الحنان: بصي يا نور شايفة الأوضة دي .. دارت عينيها بتلقائية كأنها تريد ان ترى عن ماذا يتحدث ... الاوضة دي هتكون حياتنا سرنا وسترنا .....هتكون سكنانا وملجأنا .... اللي بيحصل هنا بيفضل هنا ... مهما قلنا ومهما عملنا ميخرجش برة الأوضة حتى لو لأمي او اخوكي ... امسك يدها برقة ليقول لو في يوم زعلتي مني تعالي واشكيني لنفسي عاتبيني وصارحيني بكل حاجة مدايقاكي وأوعدك .....قالها وهو يعد على اصابعها هكون والدك اللي بياخدلك حقك مني لو زعلتك ... وهكون مامتك اللي هتمسح دمعتك وتضمك لصدرها لو وجعتك .... وهكون اخوكي وسندك لو اغضبتك ... وهكون زوجك اللي يداركي بعيونه عن الخلق كله .... هكون ابنك اللي هيرمي همه وتعبه بحضنك .... ليبتسم وهو ينظر لعيناها ..... هكون كل عيلتك .... هنكون سوا ستر وغطى على بعض ... انتي مني وليا وعليا ....
رمت نفسها بحضنه دون سابق انذار ... هو نجح في اول خطوة ان يكون لها الصدر الحنون لتسكنه بإرادتها وطوعها .... لتعطيه الحق ان يكون حقا ملجأها .... ضمها لصدره وهو يربت على ظهرها بحنان بالغ ... يستنشق عبق عبيرها الأخاذ .... فصلت العناق على استحياء ليبتسم لها بود وهو يقف ويقول يلا قومي اتوضي عشان نصلي اول صلاة لينا سوا ...عشان ربنا يبارك لينا بحياتنا .... ابتسمت بسعادة وهي تسير نحو الخزانه لتخرج منه ما تريد وتدلف للحمام .... حاولت فتح سحاب فستانها ولكنها فشلت فشلا ذريعا عدة مرات ...لتتنهد بقلة حيلة وهي تقول بينها وبين نفسها : طب وبعدين بقا اعمل ايه ؟؟؟ هنادي خالتي تساعدني .. اقتربت من الباب ليتردد كلامه بأذنها ان ما بينهما يكون بينهما فقط ... ترددت كثيرا فهي حقا خجلة جدا من ان تطلب منه ذلك ولكن لا حل امامها ... هو زوجها وحلالها ففتحت الباب ببطء شديد لتهمس اسمه بضعف وتوتر واضح : حاتم
كان يجلس على الأريكة بعد ان ابدل ثيابه ينتظر خروجها ... سمع فتح الباب ومن بعده صوتها الرقيق يردد اسمه ... اقترب منها مستغربا انها ما زالت ترتدي فستان زفافها ولكن حيرته تبددت حين التفت معطية له ظهرها لتقول بخجل : مش عارفة افتحه
ابتسم على حياءها وطريقة طلبها المبطن فمد يده ليفتح السحاب بأكمله ... شعرت بأنامله تسير على ظهرها فارتعش جسدها .... فسحب يده واغلق الباب ليتكئ على الحائط وهو يضع يده على موضع قلبه وعيناه مغلقة وابتسامة جميلة تزين محياه الجميل
أخذت شاور لتريح جسدها من تعب يوم الزفاف وتوضأت وارتدت قميص نوم قصير ... نظرت لنفسها بالمرآة لتحمر وجنتيها ... كيف سيراها هكذا ... هل سيظن بها سوءا .... ماذا سيقول ... اخذت الأفكار تتلاعب داخل رأسها ليخرجها من افكارها طرق على الباب : نور ... انتي كويسة .... لتمسح بكفيها وجهها وهي تقول : اه ...اه انا كويسه وهخرج اهو ... ارتدت اسدال الصلاة ... وخرجت له
نظر لها ولاحمرار وجهها فابتسم وامسك يدها ليوقفها على سجادة الصلاة ويقف امامها ليصلي بها وعند انتهائهم استدار لها ووضع يده على رأسها ليردد دعاءه ( (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه) )
وما ان انتهى حتى سحبها لأحضانه ليصبح ظهرها ملتصق بصدره .... كادت ان تنهار خجلا وهي ملتصقة به ليفاجئها وهو يضع رأسه على كتفها ويديه تحاصرها ممسكا بيدها وأخذ يسبح على اصابعها بصوت حنون .... قلبها الذي كاد يخرج من صدرها خجلا اصبح ينبض مع همساته الحانية وهو يسبح وكأنه سحر القى بتعويذته ليأسرها ...
وقف وهو يرفعها بين يديه كطفلته الصغيرة ليوقفها على اقدامها ويزيل اسدالها ... نظر لها والسعادة تغمره فهي جميلة حد الجنون لو اراد وصفها لكتب بها الاف من ابيات الشعر .... ولن يكتفي بشعر عذري بل سيتغنى بكل جزء من جسدها الجميل وملامحها الرقيقة وابتسامتها الساحرة وعيونها اللامعة وشعرها الذي اطاح بكل حصونه منذ اول مرة لمحه به
كانت عينيها تدور في انحاء الغرفة تحاول الهرب من حصار عينيه .. حتى باغتها بقبلة رقيقة يبث بها عشقه ... كان قلبها يرفرف كالفراشات الصغيرة يكاد يطير من ذلك الشعور الجديد الذي تملكها
فصل قبلته لينظر لها بحب وبعض الجرأة التي لم تعتادها منه ابدا عيناه كانت تتراقص وتلمع بلمعة جديدة ...وقربها منه اكثر وأخذ يقبلها بشغف فهو غارق في عشقها حد الثمالة ... كانت لمساته على كمن بيده آلة موسيقية يعزف عليها اجمل الألحان .... نقل قبلاته على كافة وجهها ورقبتها وهو يهمس لها بأرق وأعذب كلمات عشق ... لتذوب بين يديه .... لتعلن استسلامها بكل طواعية لتصبح زوجته قولا وفعلا ...
كانت فرحته باستجابتها له لا توصف ... ها هو يدك حصونها واحدا تلو الآخر ليعلن انتصاراته المتتالية دون ان يخوض حربا ....
فتحت عينيها بخجل لتجد نفسها متوسدة صدره العاري وهو يحتضنها ويده تلاعب خصلات شعرها المتناثر ... كان يطبع قبلات صغيرة على رأسها وهو يردد اسمها بهمس ... رفعت رأسها قليلا لتلتقي عيونهم ... لف يديه حول خصرها ليرفعها قليلا لتصبح بمستواه وقبل عينيها وهو يقول : صباح النور على عيونك يا نوري
لترمش بعينيها عدة مرات وعي متكئة على صدره وتقول بصوت مرتعش صباح النور ... حاولت ان تبتعد عنه ولكن يديه تحيطها بتملك شديد وهو يردد كلماته بالقرب من اذنها : مفيش هروب مني ولا بعد عني ... كانت انفاسه الساخنه تلفح بشرتها حتى شعرت انها بعالم آخر ..