الفصل الثاني 2
بقلم رغدة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل تامر عند أحد البيوت في الحي وأخذ يطرق عليه بعنف حتى فتح شاب الباب.......يبدو بمقتبل الثلاثين من عمره
هاشم الحقني يا هاشم امي مبتنطقش .... قالها تامر بذعر مما جعل هاشم يتناول حقيبته ويركض خلفه حتى وصل منزلهم
دخل الإثنان فاقترب هاشم من السيدة زينب التي واضح انها قد توفت وسلمت روحها لخالقها .....
وقبل أن ينهي كشفه استمع الى صوت طرق اسنان ببعض
فحرك رأسه للجانب الآخر قليلا فرأى نور بحالة انهيار عصبي واضح ........فكل جزء بجسدها يرتجف بشدة ......اقترب منها بخطى متمهلة ومد يده ببطء ناحيتها ....وما ان لمس يدها حتى ذعرت .......ورفعت وجهها تنظر له...... كانت عيونها حمراء وتائهة .......فأيقن حين رؤيتها انها حتما تحتاج مساعدة لتخطي مأساة فقدان والدتها
حاول هو و تامر حثها على التحدث ولكنهم لم يقابلوا منها سوى النفور
انهى هاشم فحصه وتمم جميع أوراق الوفاة و الامور اللازمة للدفن
تم تغسيل زينب وتكفينها بعيدا عن ابنتها
التي حاولت إبعاد الجميع عن والدتها........ وكأنها هكذا تحميها .......او تحاول ابقائها بجانبها
ف اجتمعت النساء وأبعدوها عنها.. وتم نقلها إلى أحد المنازل المجاورة حتى تهدأ وكان معها بعض فتيات الحي المقاربات لها بالعمر
حان موعد وداعها الأخير 😥......اقترب تامر من والدته بردائها الابيض ........وكشف عن وجهها الطاهر الذي كان مشعا وبريئا ........وتظهر عليه ابتسامة هادئة
قبل جبينها ودموعه تنهمر ببزخ على فراقها
تردد صوتها بأذنه وهي توصيه كأنها كانت تؤدي رسالتها الأخيرة
همس بالقرب من اذنها ببحة وصوت مخنوق : اوعدك ياما.....
هكون قد وصيتك ياما .......واختي جوا قلبي ومستعد افديها بروحي .....مش هنقص عليها حاجة..... هصونها طول العمر ......متخافيش ياما ابنك راجل زي ما قلتي .....واقدر احمي نفسي واختي
اطمني ياما هكون ليها اخوها اللي يحميها..... وأبوها اللي يشرفها ........وهكون امها اللي تحابي عليها .....مش هخليها تحس بغيابك .......مش هخليها تحتاج حاجة حتى لو هقطع من لحمي عشان اقدر اكفيها
انهارت ثوابته ودكت حصونه وخارت قواه
فها هي ملكته والدته نبع الحنان حبه الأبدي الخالد من تربى على يدها وشرب الحنان مع حليبها وخطى أولى خطواته ممسكا بأيديها
من كان يبحث عن الحنان والأمان داخل احضانها قد رحلت ورحل معه كل امانه
أعاد كفنها على وجهها وأغلق النعش ليدخل بعض الشباب من الحي يرفعوه على أكتافهم...... وكان أولهم تامر يسير ببطء وانهيار.........
كان يحمل والدته كأنه يحمل هموم الدنيا بأكملها ........كان حملا ثقيلا على طفل في السادسة عشر من عمره..... تقدم رجل وقور منه ليرفع النعش مكانه...... ولكنه رفض
هذه والدته وهو أولى الناس بأداء آخر واجب اتجاهها
وصلوا لمقبرة الحي التي لا تبعد الا مسافة بسيطه
عن الحي فحمل والدته وصلوا عليها ووضعها داخل القبر....... وضعها وكأنه ينتزع قلبه بيده ويلقيه داخل هذه الحفرة ......ومع كل رشة تراب كان كمن يغرس بقلبه خناجر.... كانت طعنات سيف يغرس بقلبه ويسحب ليغرس ثانية
انتهت مراسم الدفن ومر اول يوم عزاء
حاول التماسك و رسم الصلابة على ملامحه التي تحولت من ملامح طفولة إلى ملامح رجل يناهز من العمر الثمانين .....
خرج آخر المعزين ليفقد السيطرة على نفسه وينهار بالأرض دافنا رأسه بين يديه........ ليجهش ببكاء يقطع الأوصال
وبعد مده تمالك نفسه وتوجه إلى منزل جارهم لأخذ شقيقته التي كانت بملكوت آخر .......بعيد كل البعد عن واقعهم
ادخلها المنزل واجلسها على فراشها ليضمها لحضنه ويشدد عليها ودموعه تنهمر دون توقف
اما هي كانت لا تبدي أي رد فعل كانت كالجثة الهامده بين يديه
حاول أن يكلمها ولكنها لم تتكلم ولم تبك ولم تحرك ناظرها عن جدار الغرفة وكأنه غير موجود أحد معها
انقضت اول ليلة بدون والدته عزيزته شعر بالتعري والنقص .....بات ليلته الأولى التي شعر بها ببرودة لم يشعر بها من قبل ..... شعر بالوحدة وفهم معنى اليتم حقا اليوم ..... فوالده قد توفي وهو بعمر الثانية لم يع له
عاش حياته بأكملها بظل والدته التي كانت أم و اب كانت عائلته الوحيده
انتهت أيام العزاء كاملة ورحل الجمع ولم يعد
وهنا والآن حان وقت اتخاذ القرار وتحمل المسؤوليه
حان وقت التحول من طفل صغير إلى رجل مسؤول يعيل شقيقته ويهتم بها
مر عليه اسابيع من البحث عن عمل ولكن في كل مرة يكون العمل ليوم واحد او اثنان حسب حاجة صاحب العمل.....
كانت تمض أيام لا يوجد بالبيت سوى كسرة الخبز ... وما زاد عذابه أخته التي اصبحت ضعيفة جدا وهزيلة تائهة عن الدنيا وما فيها
كان يجلسها بجانبه كطفلة صغيرة ليضع بفمها بضعة لقيمات
وفي أحد الأيام كان حاتم عائد من مكتبه و تامر يسير ليقطع الشارع دون أن ينتبه إلى الطريق ........وبلحظة كان ظهر أمام سيارة حاتم الذي تفاجأ به أمامه ........حاول إيقاف السيارة ولكنها للأسف أصابته فوقع أرضا
نزل حاتم من سيارته بسرعة ليجده فاقد وعيه فحمله ونقله للمشفى
وبعد إجراء الإسعافات الأولية له واعطائه المحاليل اللازمة فاق تامر واستعاد وعيه
فأوصى الطبيب بإبقائه ليلة تحت المراقبة
ولكن تامر وبرغم تعبه وألم جسده أصر ان يعود للبيت بشكل غريب .........مما دفع حاتم لتلبية طلبه بشرط أن يوصله لمنزله والعودة لزيارته للإطمئنان عليه... فوافق تامر فهو كل ما يهمه الا يترك وصية والدته أخته الوحيدة المريضة وحدها بالمنزل وخصوصا ليلا
وصل حاتم إلى الحي الذي يقطن به تامر واسنده إلى أن ادخله إلى منزله الذي ما ان دخله حتى دب الرعب بقلبه من شكل البيت من الداخل
فهو فارغ من اي شكل من أشكال الحياة ورأى تلك الفتاة الهزيلة التي تجلس في إحدى الزوايا تهز جسدها للأمام والخلف وملامحها يخفيها شعرها الاحمر الطويل
شكره تامر على تعبه معه واعتذر له لعدم انتباهه من الطريق وودعه