رواية عقاب ابن الباديه
الفصل التاسع عشر 19 والعشرون 20
بقلم ريناد يوسف
مرت الليلة على آدم فى المشفى، لم يبارح فيها جوار أمه إلا حين يذهب للإطمئنان على أبيه ثم يعود اليها مرة أخرى،
يجلس بجوراها ويحتضن كفها بين كفيه تارة، ويقبله تارة أخرى، قاوم البكاء كثيراً ولكنه تلفت حوله وحين وجد أمه غافية، ووجد نفسه وحيداً لا يراه أحد.. حرر دموعه لأول مرة منذ وقت طويل.. منذ سنوات عديدة، وتحديداً منذ أخبره قصير أن الدموع لم تخلق للرجال.. لم يعد يفهم بعد أن تساقطت دموعه لِم حُرمت الدموع على الرجال وهي تُريح بهذا القدر؟!
لِم تصنفت من ضمن صفات الضعف وهى تغسل الروح مما يضعفها وتعينها على إستعادة قوتها.. تباً لقوانين البشر الظالمة، فالله لم يخلق الدموع عبثاً، وإن كانت للنساء فقط فلم. وضعها داخل الرجال؟
نهض عند حلول الفجر، توضأ وصلى ورفع يداه يدعوا الله بان يعيدهم له سالمين وألا يكتب عليه اليتم منهم لبقية حياته، ويكفى حرمان السنوات الماضية، وألا يفقد حضن أمه الدافئ بعد إن وجده وعاد اليه معه كل الأمان.
عاد اليها متبسماً فقد كانت مستيقظة تنظر اليه ودموعها تسيل من عينيها، إقترب منها وقبل يدها وجبينها ودفن وجهه فى رقبتها وهى ضمته اليها بكل حنان، وأخيراً همست له للمرة الأولى بما اذاب قلبه:
-والله ياآدم انا ما ردتلي روحي غير من إمبارح، من ساعة ماحضنتنى وضميتك، انا رجعتلى الحياة بسبب الحادثه دى.
- وأنا تو اللي حسيت بحلا ونعيم الدنيا ودفوها بعد مادقت حلا احظانك ياأمى.
- ابوك ياآدم.. طمني على ابوك يابنى
صمت قليلاً وحاول طمئنتها:
-بوي بخير لا تخافي، عمي الشيخ منصور بياخذه ويسافر بيه ويعالجه ويصير زين ومابيه الا العافيه.
سألته بقلق وقد تملك منها الخوف:
- ليه يسافر فيه ايه ابوك، خدني ليه يآدم بسرعه، وديني لأبوك يابني.
اجابها وهو يحاول ان يثنيها عن قرار النهوض بتثبيتها بكلتا يديه بحنان:
- والله زين ياامي زين بس الشيخ يريد يسفرا زيادة إطمئنان.
- طيب عايزه اشوفه
- مافيكي تتحركين الطبيب قال ماتبرحي سريرك لحين يصرح الطبيب وأنا بعيوني باخدك لعنده، هاوديني ولا تجادلين بالله اعليكي.
- طيب عايزه اشوفه دلوقتي اعمل إيه؟
-يعني انت ماتوثقين فيا؟ اذا انا بخبرك انو بخير ليش ماتصدقين؟
- طيب خلاص مصدقاك بس متزعلش نفسك.. بس ارجوك ياأدم لو باباك فيه حاجه تقولي، اوعى تخاف عليا من زعل او صدمه، انا قلبي مش مطمن عليه وخايفه وبعد كلامك عن سفر الشيخ بيه انا خفت اكتر.
-لا ماتخافين، ابي راح يردلنا سليم معافى، ونتجمع ثلاثتنا ونعيش سوا وماراح نضيع يوم بعاد عن بعضنا مره ثانيه.
صمتت عايده فقد انهكها الحديث والجدل وبدأت انفاسها تثقل، وشعرت وهي تفكر بزوجها، وأن هناك إحتمال ألا يتم شفاءه بأن جاثوم قد جلس فوق قلبها وبدنها وشل جميع حواسها.
اما فى القبيله..
الشيخه عوالى لوحت بيدها لقصير وما أن أتى لها حتى قالت له:
-ياقصير خدني معاك لو كنت معدي لعقاب وامه .
قصير: اي ياعمتي اني رايحلهم الحين هيا،، وايش اللي معاك هادا؟
-هادي خبزة تنور وربع كبش مدفون لعويلتي عقاب وسالم مو متعودين على اوكال المشافي.
زين ياعمتي اللي سويتيلهم اوكال والله ماتذكرتها وقلت نشتريلهم من هناك.
- لا لا تشتري وتعذب حالك اوكال الشوارع مايمري ولا تطيب ليه النفس؟
رجوه- خذوني معاكم اذا رايحين لسالم بالله عليكم استاحيشته واجد وودي انوديله... مثرودة هو يحبها وااجد
قصير
-اقعدي يارجوه مارايحين نلاعبوا صغار احنا، والطريق يتعبك وانتي مو متعوده على الخرجة.
- يابوي انا مو صغيره ولا راح تحملني فوق اكتافك انا نمشي بروحي.
- قلت لا وغورى على خيمة امك جاك غاير.
نظرت الى عوالى مترجية لها بعيناها اللامعتين بالدمع فقالت عوالي لقصير:
- خليها تيجي معنا ياقصير حتى اجيبلها كم لبسه من الحضر بمقاسها، كان ودي من بدري اجيبلها بس ماكنت اعرف اقياسها، خليها مشوار واحد.
-امرك ياعمتي.. فوتي عالسياره ياام لسان.
- الله يخليك ياجتي عوالي ويطول بعمرك يارب.. اي هيكي الحناين تكون.
انهت جملتها وهرولت نحو السيارة، فنظرت عوالي لقصير وقالت له معاتبة:
-لا تقسى عالبنيه ياقصير بيكفيها قساوة امها عليها وكيدها من خوها اللي جا وخد مكانها،
وانفطمت وانرمت رمية ضنا الحرام.. الخزي عليكم، لا تكون انت وامها والزمن عليها.
- عمتي احنا ماندلل بنيات، دلالنا بالهدايا والعطايا مو بالحن والطبطبه وانت تعرفين، ليش ودك اغير اطباعنا اللي عايشين بيها من جد الجد؟ .. ويش فيها امها قست عليها، القسوه تعلم القوة..واللي مايشوف قسوة مايعرف يعيش.
- انت متل مرتك مابيكم خير ولا بقلبكم حن غير لهلال على قول رجوه.. يلا فوت قدامي وخد هالقشمة وجيب معك قروش واجدات ودي اجيب حوايج للصبايا بالمره.
- ياريت كل الهموم قروش ياعمتي لا تشيلين هم بس يلا ياعمتي بالله عليك تأخرنا، لسه وراي مشوار للمطار وشغله طويله.
- لكن مع مين انا ودي نتسوق من للسوق وانجيب حاجاتنا ؟
- ناخدو معنا حدا من الشباب.. يابرق.. برق اقبل..
جاءه الشاب يهرول فقال له آمراً:
- شيل لغراض وديهم عالسيارة وتعال معنا لترافق شيختك للسوق وتساعدها بحمل لغراض وترجعها.. روح انت بسيارتي وانا بروح بسيارة عقاب، احنا الروحه سوا بس الرده كل واحد بروحه.
- تأمر امر ياشيخ.
وصلوا المشفى وهناك ترجل الجميع
ووصلت رجوه وكانت هي الأسبق بينهم، خطواتها تسابق الريح وعيناها تبحث في الوجوه عن سالم..
وبمجرد أن رأته جالس فى الطرقة بجوار جده منصور حتى صرخت وهرولت نحوه وهي تقول:
- واااك اعليك وعلى امك جالس ومرتاح ومستانس انت وما شايل هم شي وتاركنى لحالي بالقبيله وتعرفني مافيني بلاك ياتيس التيوس انت.
وقف سالم بمجرد ان سمع صوتها وتبسم وهو يراها آتية اليه مسرعة، وكاد أن يفرد لها ذراعيه كي ترتمي في احضانه ولكن هيهات أن يفعلها في وجود ابيها والشيخ والشيخة.. فاردف لها مرحباً:
- ياهلا برجوه، تو نورت المشفا.
- ولا هلا ولا قطران على راسك، كيف غادي يجيلك نوم وتارك رجوه بلا حلا ولا شي تاكله بالليل ياتيس.. والله لأقص رجولك بمقص عمتي عوالي بس نعاودوا لديارنا.
كان سالم يتبسم فقط دون ان يعقب على كلامها، هي فقط امامه وهو مشتاق لها ولا تهمه كل شتائمها..
فجلست على الكرسي المجاور له واشارت له بالجلوس وهي تقول له:
- اجلس اجلس ياتيس انريد نسألك عن واااجد حاجات شفتها بطريقي وماسألت.. لن بوي وقت نحكي يبحلق في يرعبني ويخلي فمي يتصكر لحاله.
جلس سالم بجوارها بعد أن سلم على الشيخه عوالي وعمه قصير، وسمع قصير يسأله بغرابة:
- وانت تقولك اقعد ياتيس وتقعد؟
رجوه:
- اييي يلا غيرو عليا الحنين واقلبو قلبه وقسوه وخلوه يكرهني متلكم، انا اقولا ياتيس هاد دلال ومناغشه وهو كمان يقولي يانعجه ياعنز وانا مانزعل منا، بس لو تطلعون انتم منها وتتركو التياس والنعاج يتفاهمن. كان نربحو..
هملا و قولي ياسالم ويش هاد اللي لابسينا الحريم بالحضر؟،، وااااك اعلينا رجولهم باينه وما عندهن سراويل يلبسونها.. والرجال ويش هاد اللي يلبسونا؟
والله خلص لقماش قبل لا يكملون ثيابهم للأرض مسوينها قصيرة.. والله اهل الحضر يضحكون واااجد هههه
كانت تتحدث وتسأل عن كل شيء بسرعة ودفعة واحدة حتى أن سالم لا يجد الفرصة للرد!
اما قصير فإقترب من عمه وقال له:
-كيف صارت صحتهم اليوم، وكيفا عقاب؟
اجابه منصور:
- والله احوالهم تصعب عالكفار ياوليدي الحرمة متحطم اعضامها ،والراجل ربنا ايتولاه وعقاب الله يصبر قليبه.. طمني ويش سويت انت بلاوراق؟
- جبت صورة محمود وتو هنعدي لراجلنا انخليه يسويله جواز بساعتين ويجيبله ويجيبلك تأشيره بعد.
- طيب هيا ياوليدي خلينا نكسبو الوقت. ويتم مانوينا
- تم ياشيخ.
انهى حديثه وخرج من المشفى، وانطلق بالسيارة ليتمم اوراق محمود ويقوم بالحجز له هو وللشيخ منصور فى اسرع وقت.
وترك عوالي مع الشيخ منصور، اخرجت له الطعام ليأكل هو وسالم، ثم أخذت نصيب عقاب من الطعام وذهبت للغرفة التي بها أمه والتي دلها عليها سالم.. طرقت الباب بهدوء ودخلت.. وآدم فور رؤيته لها وقف وذهب اليها مرحباً بصوت منخفض حتى لا يزعج امه التى غفت للتوا،
سألته عوالي بنبرة منخفضة ايضاً عن حال أمه وعن حاله الذى لا يخفى عليها، فأسفل عيناه إكتسحته الهالات ووجهه شاحب،
فإلتمست لحاله العذر فما يمر به ليس بقليل.
اجلسته وبدأت تكشف امامه الطعام وتطعمه بيدها وهي تخفف عنه وتطمئنه بأن والديه سيكونان بخير، وفي هذة الاثناء فتحت عايده عينيها على صوت عوالي وهي تهمس لآدم، فوجدتها تطعمه بيدها وتنظر اليه بحنان أم، وعلى قدر ارتياحها لآن إبنها لم يُحرم من الحنان كلياً، على قدر غيرتها فقد كانت تود ألا تطعمه إمرأة سواها، ولا يإخذ دورها احد.
انتبهت عوالي لعايده وانها استيقظت، فمسحت يداها وذهبت اليها، جلست بجوارها وأخذت تطمئنها وتخبرها بأن الشفاء قريب، وأن رب ضرة نافعة، فها هى تنعم برؤية إبنها وهذا الخير الذى إنولد من من قلب الشر.
أمضت معهم مايقارب الساعة ثم استأذنتهم فى الذهاب لشراء بعض الاغراض للقبيلة، وسالت آدم وأمه لو يحتاجان لشيئ وكان الرد(لا) وشكرها آدم على المجيئ والطعام وكل شيئ
وانصرفت وتركته مع أمه.
أما خارج الغرفة، نظرت عوالي حول منصور تبحث عن رجوه وسالم، فلم تجدهما، وبدأت تلفتت حولها عليهم، وقبل ان تسأله عن رجوه وجدتها تظهر من اخر الرواق وهي جالسة القرفصاء ويسحبها سالم من ذراعيها فتتزلج على بلاط ارضية المشفى وتحدث أصواتاً وكأنها سيارة إسعاف تمر وتطلب من الجميع إخلاء الطريق!
ويبتعد الكل من أمامها.. هذا ممنوع حتماً في المشفى، ولكن لإجل الشيخ منصور لم يتجرأ أحد ويبدي إعتراضه على ماتفعل هذه المجنونه الصغيره!
نظرت عوالي لمنصور الذى قال لها:
-تاخذينها من هون بنت مكاسب ولا انخلي الطبيب يعطيها ابره سم ويموتها ويريحنا، والله من ساعة اللي جات جابتلي وجابت لكل المشفى وجيج الراس، لا وتقول للأطبا ليش لابسين لجامات حديد وصرايم حول رقابكم.. خذتني خذي بت الكلب هي.
عوالي:
- من وين جايبتوا يعني، ماتتذكر بوها قصير وقت الكان صغير وتجيبا الحضر معانا ويخذينا متلها.. والله هي البنيه ماعدت اعرف كيف راح تصير بس تكبر.
- راح تصير نسره تهجم وتخطف وتجرح بمخالبها، وماراح ينفع معها اي حدا الا نسر متلها، لحتى اذا علت بالسما علا عنها وحط فوق راسها بمخالبا ونزلها للأرض.. رجوه ودها خييال ياعوالي.
- خيالها موجود شاقي بيها وعم يجرجر فيها.
- تقصدين تيسها.
عوالي:
- هي تقوله اليوم تيس ويسكتلها غدوه يعطيها على نافوخها بس يكبر وما تقدر تفتح فمها، دم البداوا حامي ومايقبل رجالهم حرمه تتطاول عليه، وكل سن يعطي احكاما..
والحين اني رايحه اتسوق لحريمات الباديه ودك شي ياخوي اجيبهولك معي؟
-مع من رايحه وقصير راح؟
- برق ناطرني بالخارج قصير جابا بسيارته وهو جا بسيارة آدم، قصير يفكر بكل شي خلي بالك هاني.
- زين زين.. روحي وديري بالك على روحك
ذهبت عوالى الى السوق، واشترت كل مايلزم، وتركته بالسيارة وعادت للمشفى مرة اخرى، ودخلت تتفقد حال عقاب وأهله للمرة الأخيرة، فجلست بجانبه وقد كان يضم امه بين الدقيقة والاخرى ويقبلها، فقالت له ممازحة :
-هااااللي لقا حبيبة نسى صاحيبة ياعقاب
آدم: والله ياشيختي حضن لحباب ينسي الواحد روحه مو بس اصحابه.. بس انتي محسوبه من لحباب ياغاليه مو من لصحاب.
- ياضي عيوني الف لا باس علي امك يالغالي جاب نجاوتها ربي، نحمدوا الله على سلامتك الف مره ومره يا ام آدم، ربي عالم بحال هالمسكين اللي ماضاق حِنك ولا تونس برفقه بوه
عايدة:
-الحمد لله على كل حال ياشيخه، كل شيئ مكتوب وكله تبع إرادة الله.
-ونعم بالله يابنيتي.. تعرفين شي.. والله والله عقاب وين ماشفته خد قلبي وعقلي حسيته من دمي اوليدي اللي ماحبلت فيه.. انتي تعرفين اني قليلة ولاد والله ماعطاني.. ولهيك اعتبر كل ولاد القبيله ولادي، بس عقاب وليدك صارت غلاوته عندي متل غلاوة الوليد البكري اللي مايجي اغلا منا.
تبسمت عايده على محبة ابنها التي زرعها الله فى كل القلوب وخلق له فيها منازل لم يصلها غيره، وشكرته لأن هذه دعواتها التي كانت تدعوا له بها ليلاً نهاراً بأن يحفه برحمات لا تنقطع.
أما عند الشيخ منصور، أتى اليه صديقه صاحب المشفى وجلس بجواره وسأله وهو ينظر لرجوه وسالم بغيظ شديد، فهذه مشفى إستثمارى ولا يجوز مايفعله هذان القردان فيها:
-ويش لحوال يامنصور كيفك وكيف صارت الأمور طمني؟
- والله الخبر والاطمئنان منك انت يجي.. قصير راح يخلص اوراق السفر ويحجزلنا طيران بأقرب وقت.
- وليش يحجزلك طيران، المشفى بيها طياره مجهزه مخصوص لنقل الحالات الخطيره لغير لبلاد، ماراح ينفع بحالة صديقك غيرها، خلص اوراقك وانا بعطي أمر للطيار يطير بيكم لإيران، وقروش السفر عليا مني ليك محبه لا تشيل هم.. حبايب شيخ قلوبنا حبايبنا وربي ييسر سفركم ويرزقكم البشرى
منصور:
- امين يارب الله يسمع منك ياغالي.
نظر اليه منصور فوجده ينظر للرجوة غير مصدق لما تفعله وتقوله فقد قلبت المكان لسيرك قومي وهي تصيح:
- افسحووون الطريق لسيارة الاسعاااف عوا عوا عوا.. بيها مره حبله ولاده وبيها وليد مطاهرينا وبيها رجال مرتو ضربتو بالنعال طيحت راسو وبيها بنيه ختنوها وتصرخ وتقول وااااااااااك.. افسحوووووو
فقال له منصور معتذراً:
- الحين بتغادر مع جدتها والله ماعندي خبر بجيتها كان منعتها الله يخذيها هي واللي جابها لهون.
- لا ماعليك طفله هي.. بس لو تخفض صوتها شوي.
منصور:
- انتي يارجوه ياكلبه كفى عن الصراخ وتعى لهون.
- لا مااقدر اترك سيارة الاسعاف ياجد اللي بيها يموتون، بوصلهم للمشفى وارد لعندك.. عوا عوا عواااااا
منصور:
- يعوي عليكي ذيب وياكلك بليله كحله ماحد يشوف فيها كف يدو انشالله، والله لاقص لسانك قص يافانص القبيله واأدب هالتيس معك اللي طايعك بكل شي وماشي وراكي وصدقتي من لما سميتيه تيس وهو تيس.
عاد قصير من مأموريته، واعطى الأوراق لعمه الذى ارخى عن كاهله حمل الحجز والطيران والأنتقال من مكان لمكان بمحمود وقرر أن يسافر بطائرة المشفى ، ثم توجه إلى غرفة ام آدم ووجه كلامه لآدم بعد أن القى التحية عليهم جميعاً وسأل عن صحة عايده:
- هااا يا عقاب توك اتطمنك على الوالدة ونحمدو الله وتو ورانا واجد اشغال.. انا عارف انك بظرف ماوالي يتحمله لكن انت مو اي حدا انت عقاب اللي مايغلبه غلاب،
وعارف ياوليدي انك تو غير تلميت علي اهلك،
ولا انت تريد تسيبهم ولا وهم ماصدقو طالوك، وانا والله ماكان ودي اخدك منهم لكن انت بتعرف ان ورانا ياما اشغال مااتحمل تأجيل، ومن غيرك مارح يتم شي،
واكيد اصحاب مصلحتنا اللي راسلناهم دذو الرد ونريدو نعرفو ايش صار فيه؟
عايدة قبضت على يد ابنها ونظرت اليه راجية إياه بألا يفارقها.. وهو إيضاً تشبث بيدها ونظر لقصير وقال له:
-السموح منك ياعمي انا مانقدر انسيب امي وبوي ونعدي لاي مكان، حاول اتدبر حالك من غيري.
الشيخه عوالي :
-ويش هالحكي ياعقاب؟
انا رفيقه مينتك ليومين كون هاني البال والخاطر ياوليدي
اتريد امك اتقول عليك رقيق عزم ولا ايش من يوم اصبيت وانت سباق بكل شي!
ووجهت كلامها لعايدة التي كانت تنظر اليه بحزن وهي تراهم يرغمونه على الرحيل:
- قولي لوليدك يروح يشوف حاله واشغاله ياأم عقاب وطمنيه عليكي واطمني عليه،
هاد عقابنا اللي قبيلتنا وكل القبايل ايتمنو عويلتهم يكونو كيف وليدك فارس مغوار ويوم الغار ماتنطفيله نار ،قايد ماكيفه قايد عليه انقول غير الله واحد
شدي ضهرك وارفعي راسك وقولي انا ام لعقاب وخلى لعقاب يحلق بسماه.
تبسمت عايده ونظرت لآدم وهزت له رأسها بموافقتها على رحيله وهمست له بتعب:
- روح ياآدم واطمن عليا انا بخير.. روح خلص اللي وراك وتعالا وانا مستنياك ياحبيبي، بس متغيبش عليا يابني.
إقترب منها وقبل جبينها ووجنتيها وهمس لها:
-انا من ساعة اللي ذقت حضنك وحسيت الدفوا اللي محروم منا عبا روحي وانا ماعاد نقدر نغيب عنك.. بس اخلص اشغالي بعاودلك على جناح الشوق يايمه.
تنهدت وهي تراه يبتعد عنها آخذاً قلبها وروحها معه، وحين اختفى عن ناظريها نظرت لعوالي وسألتها بفضول وإشتياق ولهفة أم:
- احكيلي ياشيخه كل حاجه عن آدم.. بيحب ايه بيكره إيه، بيحب اكل إيه، بيقضى وقته ازاي بينام فين ومع مين، كل دي حاجات كنت هموت واعرفها وطول الوقت اجاوب عليها من خيالي.. احكيلي عن إبني وعرفيني عليه.
وهنا بدأت عوالي تحكى لعايدة كل شيء بخصوص آدم، اعادت عليها كل شريط حياته من بداية الحوي والتدريبات وبكاءه عليها هي وأبيه وحتى اليوم.
اما عند يحيي..
فقد عاد الى الشركة.. ولاول مرة يجلس على كرسي الإدارة ويشعر بإنه ملكه، بأن الشركة أصبحت تحت سيطرته وفى قبضته ولن ياتي من ينهض له من فوق الكرسي ليجلس.
الآن فقط تحقق حلمه الذي طالما حلم به فى صحوه ونومه.. الآن فقط استراح قلبه، حتى وإن لم يجد إبن اخيه بعد، فهاهو يخطوا اخر خطواته فى الألف ميل الذي عاش عمره كله يقطعهم.
جلس يفكر من أين يبدأ في تصفية الشركة واخذ كل ماتطاله يده، فلاحت له فكرة شرع في تنفيذها على الفور.. فأمسك بالهاتف وطلب رقماً وبمجرد أن جاءه الرد قال:
- الووو.. ايوه يامختار.. فلوس الشحنه اللي معاك متوديهاش البنك، هاتها وتعالا بيها عالشركة.. لما تيجي هفهمك على كل حاجه.
اغلق الخط وعاود الإتصال برقم آخر:
-ايوه يافهمي بيه.. انا كنت عايز منك خدمه.. عايز اشتري مصنع يكون بيتصفى او محجوز عليه.. عايز المبنى من غير ألات.. انا عندي الألات.
- عارف انها خطوة متأخره جداً لكن كل شيئ بأوان، واديني سمعت كلامك ياسيدي اخيراً وهبتدي اعمل شغلى الخاص ومصنعي وشركتي الخاصة.
وانهى مكالمته وبدأ فى الترتيب لآخذ مايمكن أخذه من سيولة، فقرر أولاً وقبل كل شيئ إبلاغ الجميع بسفر محمود الى الخارج وترك الشركة له، ثانياً تغيير كل طاقم العمل القديم.. ثالثاً أن يرهن الأراضي الزراعية للفلاحين.. ويحاول التحايل ورهن العزبة وهذا سيدر له مبلغاً لا بأس به من السيولة.. وأيضاً البضائع الموجودة فى المصانع سيأخذ هو كل ثمنها.. ومن هنا سينشيئ مصنعه الخاص وشركته التى ستقوم كلها على الطلبيات الواردة لشركة محمود وتنفذها هي،
وكذلك الالات مصنع محمود سينقلها جمعاً لمصنعه، وبهذا سيترك المصنع لآدم حوائط خاوية لا الات فيها ولا حياة، فليأتى ويبحث عن أملاكه إذا ويرى على ماذا سيحصل.
أما الأرض فلن يهنأ له بال إلا أذا وجد لها حلاً وباعها.. حتى وإن اضطر لبيعها بنصف الثمن للمختصين فى وضع اليد على الاراضي والإمتلاك بالإقتدار، فهذا افضل من لا شيئ، وليتنازع معهم آدم عليها.. هذا إن تركه حياً لكل هذا ولم يتخلص منه قبل أن تصل الأمور لهذا الحد.. ولكن للإحتياط سيفعل هذا ويفترض الأسواء.
يتتتبع
عقاب ابن الباديه الفصل العشرون
هم آدم بمغادرة المشفى مع قصير وسالم قرر البقاء مع الشيخ منصور ليكون مكان عقاب إن حدث شيئ ما.
قصير:
- هيا يارجوه قومي راجعين للديار.
رجوه
- لا مانريد الروحة من هنا اتركوني مع سالم وروحو انتو
منصور:
- الله في سماه اذا ماقمتي تو ياقليلة الحيا لننزل علي راسك اليابس بعصاتي انطرطشها.ونفتكو منك فزي غوري الله لا يربحك ولا يربح بوك اللي جابك.
رجوه-
جدتي عوالي اللي جابتني موش بوي، وبعدين ودي نفهم ليش كلكم تكرهوني، وشايط رزكم مني؟ ايش فيها يعني لما نقعد مع سالم
سالم:
- رجوه خلاص عاودي مع بوكي وعقاب، وانا ماراح انطول ومعاود الباديه وهنجيبلك معي كل اللي تحبيه وزايد، وانت ياعقاب بالله عليك وانت معاود جيب لرجوه كل الحلوى اللي انجيبهالها كل مره وانت تكون معاي وعارفهم، وكتر جيب الطاق ثلاثه حتي يكفيها لحين رجوعي.
رجوه بفرحه:
- والله والله احلا سالم ابو الشجاعة والكروم والجود ،ولو بيدي انخليك انت شيخ قبيلتنا والله توكل اهلها الحلو كله.. تعرف ياسالم المشيخه انخلقت الا لأمثالك ،مو لناس ماتعرف غير دبح التيوس والكباش وهما غير على كروشها.
رفع قصير حاجبيه بصدمة وهو ينظر للشيخ منصور الذي مال يستند بجبينه على عصاه واردف لقصير:
- قصير خذ هالبلوه وفارقوني بهي اللحظه والا ماراح يصير خير..
قصير:
- كلي اسف وندم ياشيخي والسماح منك والله لاعيدلك تربيتها من اول وجديد وانقصلك... وهنا صاحت رجوه:
- والله مافي شي ينقص واذا حدا قرب يمي
لنقول واااك وياقومي والقوم اللي جار قومي ونلم عليكم جميع الناس، مافي غير رجوه كله عايز يقصقص فيها كنكم وكني ؟
ضرب الشيخ منصور بعصاته الارض فنظر سالم لآدم وقال له بخوف علي رجوه:
- فيش ترجى اسرع وخدها وامشي ، مستني يموتوها..؟ فامسك آدم ذراعها وتحرك بها مبتعداً وهي لازالت تتوعد بصوتها العالي لكل من تسول له نفسه بالإقتراب نحوها وقص شيئ منها.
أما منصور ففور مغادرتها المشفى امر سالم بأن يسرع نحو الصيدلية وياتي له بحبوب للصداع وكوباَ عملاقاً من القهوة قبل ان ينفجر رأسه.
فذهب سالم علي الفور وهو يتعجب على موقف الجميع من رجوه، ولم يرونها مزعجة إلى هذا الحد وهو الوحيد الذي يري احاديثها شيقة وجميلة وكلامها مضحك ومجالستها الطف مافي الكون، وحتى أسئلتها الكثيرة لا تمثل له إزعاج من اي نوع!
عاد لجده بالقهوة والحبوب واعطاهم له وذهب ليرى جدته عوالي إن كانت تحتاج لشيئ هي أو أم آدم، وبعد ان اجاباه بانهم لا يريدون شيئ اخذ يتنقل طوال الوقت بين غرفتهم وغرفة ابو آدم يطمئن عليه وعلى أن حالته مستقرة ويعود يتفقد عايدة، تماماً مثلما كان عقاب يفعل.
أما منصور فبعد ان شرب قهوته إستأذن ودخل لعايده واخبرها بطريقة حاول ان تكون لطيفة وهينة.. بأن محمود حالته الصحية تستدعي السفر للضرورة، وإن السفر غداً فقالت له والدموع تملأ عينيها:
- بص ياشيخ انا مؤمنه بقضاء ربنا وقدره، انا عارفه إن الزعل او الاعتراض مش بيمنع قدر.. انا صابره ومحتسبه وأودعت حبايبي من زمان اوي في أيادي ربنا وربنا مش بتضيع عنده ودائع.. انا بس طالبه اني اشوفه، اشوفه على اي وضع هو فيه، اشوفه حتى لو شوفتي لحالته هتتعبني.. ومتخافوش عليا انا لو محمود سافر من غير ماأشوفه وجرتله حاجه وقتها التعب اللي هتعبه واللي قلبي هيعيشه مفيش حد يقدر يتصوره.
نظر منصور لعوالي يشتشيرها في الامر بعينيه، فأومأت له بالموافقة فقرر أن يستجيب لطلب عايده مادامت عوالي وافقت، فهي رات حالة. محمود وتعلم اكثر منه إن كانت زوجته ستتحمله أم لا.
خرج يستشير الطبيب المعالج في الأمر واخبره بانها أمنية قد تكون الأخيرة قبل رحيل احدهم للأبد، فرق قلب الطبيب وقرر أن يسمح لعايده برؤية زوجها للمرة الأخيرة قبل سفره،
فأمر احد العاملين أن يقوم بأخذها لغرفة العناية المشددة بسريرها فهو ذات دواليب تتحرك.. وبهذا لا تشكل الحركة خطورة على حالتها فهي تعاني من الكسور والكدمات وليست حالتها بهينة.
وأصبحت عايده امام محمود، هي علي سريرها ممددة وهو على سريره جسد هامد لا حياة فيه.. فقط اجهزة موصولة به تصدر اصوات.
لم تتمالك نفسها فبكت بصوت مرتفع واخذت تنادي عليه، ظانة انه فور ان يستمع لصوتها سيجيبها على الفور كما كان يفعل،
ولكن هذه المرة لم تتلقى منه اي إجابات، للمرة الأولى تنادي بإسمه ولا يرد عليها، للمرة الاولى تحتاجه ولا تجده.
وبمجرد ان فعلت هذا حتى اضطربت اصوات الألات وكأن نبضات قلبه وأنفاسه تجيبها بدلاً عن لسانه،
وما إن حدث ذلك حتى قام الطبيب بإخراجها على الفور خوفاً علي حالتها وحالته.
وعادت عايده محملة بخوف جديد فمهما كان تخيلها لحالته لم تصل مخيلتها لأن يكون راقد بلا أدنى حركة، فألم الواقع يفوق ألم التخيل بأضعاف.
وإخذت عوالي تخفف عنها وحينما تأزمت حالتها قام الطبيب بإعطائها إبرة مهدئة فنامت على الفور وأخذت عوالى تقرأ على مسامعها آيات من القرآن الكريم لعل روحها تستكين وتهدأ كما استكان جسدها.
أما عند عقاب وقصير فقد وصلا للبادية بعد ان اشترى آدم لرجوه كل ما طلبته وأشارت عليه وأكثر رغم إعتراض ابيها على كل ذلك الدلال، ولكن هذا امر سالم وهذه رجوه ولا احد يستطيع ثني آدم عن تلبية رغباتهم.. فهدر بها قصير وهي تبتعد بما لا تستطيع حمله بمفردها:
- عاطي خواتك من اللي معاكي وما تاكليه كله بروحك ياام كرش وتوصي بهلال.
فردت عليه بعند وعصبيه:
- والله لا هلال ولا ام هلال يدوقوه، وليش تقول اعطي هادا وهادا وانت مو دافع فيه قرش بالاساس، انت حتي كنت تعترض وقت يشتريلي عقاب وجاي هنا تاخدهم مني، والله اهون علي افتحهم ونوكلهم لخواتي المعيز،وللا انكبهن علي الرمال ولا انا ولا حد ياكلهم.
انهت حديثها وجرت وتركت قصير يستشيط غضباً وتوعد لها بعقاب يردعها عن تصرفاتها ويحجم عنفوانها، ولكن ليس الآن، فالآن هناك عمل أهم لابد أن ينجز، ولكن النية موجوده.
فدلف مع آدم لغرفته وفور ان أوصل آدم التيار الكهربائي لجهازه سأله قصير :
-بتعرف تراسلهم من هاد الجهاز ولا ادذلك عالجهاز التاني من المبنى بالحضر؟
- لا ياعمي انا نعرف انراسلهم من اي جهاز.
- بس ياوليدي هم رادين هناك كيف فيك تشوف الرد هنا ولا راح تراسلهم. من أول وجديد؟
- لا ياعمي انا مراسلهم من ايميل
والايميل نقدر نفتحه من أي جهاز وأي مكان.. وتو لحظه ونعرف ويش ردهم... هااا اهم رادين بالموافقه والاسعار ومواعيد التسليم ورقم حسابهم المصرفي وودهم تحويل القروش لحتى يأكدون الطلبيه.
هاه ياعمي ودي حساب يكون فيه المبلغ لنتمم عمليه التحويل منه لحسابهم من هنا منغير اي تعب.
صمت قصير قليلاً يفكر واردف في النهايه:
- والله محتار ياعقاب.
- خذ وقتك وفكر بس لا تتاخر ساعه او ساعتين عالاكثر الشركه هي اهم شي عندها الالتزام واحترام للمواعيد، هي قدرت وردت والمفروض احنا نردو يابأي يا بلا، بس الرد يكون سريع احترماً لهم.
-اتركني ادورها براسي مره كمان ياعقاب.
- دورها ياعمي واني بإنتظارك
فخرج قصير وعاد بعد قليل وجلس بجانب آدم ولا زالت الحيرة بادية على ملامح وجهه:
أكد آدم حجز الطلبية وحدد لهم ميعاد ارسال النقود وخرج بعدها قصير للخارج يتفقد احوال القبيلة، وجلس بجوار الرجال يتجاذبون اطراف الحديث في امور البادية،
وكان رابح من ضمن الحضور، فمرت معزوزه من أمامه وكعادة عيناه تبعاها حتى غابت عن انظاره، وفور إلتفاته مرة اخرى للمجلس وجد من كان يراقبه، ولم يكن سوى إبن عم ابيه محراب، والذي إنتظر أن يتوقف قصير عن الكلام ليلتقط انفاسه وتحدث على الفور منتهزاً الفرصه:
- ياعمي قصير طالبك بشي وودي ماتخجلني.. وفور ان سمع رابح هذه الكلمات حتى وضع يده على جنبته وصرخ مستغيثاً:
- ااااه غيثوني ياهووو شقتي راح تموتني.. ففزع الجميع على هذا الذي كان من دقائق بكامل عافيته واخذوا يتسائلون ماذا حل به، وكلُ شخص حالته بتشخيص مختلف، ولما وجد أبيه ان حالته تزداد سوء نظر لقصير مترجياً:
- ياقصير خذه للطبيب مانعرف هالوليد ويش جاه اسرع ماتأخر بيه ليصيرله مكروه.. اما آدم فخرج من غرفته علي صوت رابح الذي ميزه على الفور ولما رأى حالته اسرع اليه وهو يسأله بخوف:
- خوي ايش فيك وايش جاك تو كنت زين؟
- امال عليه رابح وهمس له بجانب أذنه:
- خدني لعند جدي فى التو والحال غزالتي صياد قانصها واذا ماعجلت راح يرمي سهامه.
ففهم آدم وقام بحمله على الفور واخبر الجميع بأنه سيأخذه للمشفى ورفض ان يصاحبهم احد من اهل القبيلة ولا حتى ابو رابح، وفور ان إبتعدا عن الانظار إعتدل رابح في جلسته وقام بضرب السيارة بقبضته قائلاً:
-يعرفني العوويل رايدها وبس لمح عيني تراعيها سبق يخطفها مني.
آدم:
- ويش حصل فهمني؟
- محراب الكلب كان وده يخطب معزوزه اليوم بالمجلس.ويحرق قلبي
- غلطتك لانك رايدها ومارهنتها لغاية تو وتعرف زين ان الرهن من القماط يصير، وكل ماتشتكيلي الشوق وانقولك خلي بوك يخطبهالك تقولي لسه ماآن الأوان ولسانا صغار، كيف صغار وانت عديت العشرين وهي عدت التسعطاش واللي متلكم معاه وليد وتنين؟
- والله ياعقاب هاد اللي صار وهي لما كلمتها قالت ارجى شوي حتى تكبر رجوه عارف هي امها واختها في نفس الوقت،الله لا يكسبك ياعمتي مكاسب.، وتو ياخوي قاعد انحاول نلحق روحي.
-ويش راح تعمل تو؟
- راح اطلبها من جدي الشيخ منصور وعملت هالتمثيليه حتى مااسمع طلب محراب ليد معزوزه وتركبني العيبه اذا طلبتها بعده، هو يطلبها من ابوها وانا اطلبها من جدي ووقتها الخيره تكون ليها واللي تختاره هو اللي راح يتجوزها.
- طلعت تعرف تفكر ياذيب.
-اسكت بالله عليك انا ماذيب ولا شي انا حمار وانتظرت لحين انحط النصل ع رقبتي وبكلمه من قصير لمحراب انموت وتنقطع انفاسي.ونهيم فالوديان كيف البهيم
- الله لا يقدر.. ومعزوزه راح تكون ام عيالك لا تخاف.
- اذا تريدها ام عيالي اسرع ياعقاب وغلاوة خوك انا قايدة ناري.
- حيه عليه وعلى معزوزتك لو زودت سرعه عن هكي هننقلبو ولا نلحقو جواز ولا طلاق حتى وفرح محراب ومعزوزه راح يصير ع اربعينا
رابح بغضب:
- لا تقرن اسمها باسمه احسن مانطيحك بره السياره طيح الله حظك وحظه. الخزي عليه قال اسمه محراب والله اللي كيفه ينقاله مخراب.
تبسم آدم وأسرع بالسيارة حتي يصل سريعاً، فبجانب تعجل رابح للفوز بحبيبته هو ايضاً إشتاق لأمه ورائحة حضنها كثيراً ويود أن يحظى بالكثير من الأحضان وايضاً يريد الإطمئنان على ابيه.
ووصل الإثنان للمشفى واسرع رابح يتخطى المارة ويبحث عن جده منصور في كل مكان حتى رآه فجرى نحوه وجلس بجانبه وهو يلتقط انفاسه بصعوبة وقال له:
- حياك الله ياشيخ.. كيفك وكيف صحتك وكيف احوالك.. ياشيخ اليوم جايك طالبك بشي واتمنى ماتردني.
الشيخ منصور أجابه وهو ينظر إليه بغرابة ويتعجب من حاله:
- الله محييك يارابح.. ابشر ياوليدي طلبك مجاب من قبل لا تطلبه بس هدي حالك والتقط انفاسك وخبرني ويش طلبك؟
- طالب بت عمي قصير معزوزه تكون زوجتي وام عيالي ياشيخ على سنة الله ورسوله.
- ابشر يارابح غالي وطلبك بالإيد عطيناك بت عمك، هي الفرش وانت الغطا، ويش تامر بعد؟
- تبسم رابح بفرحة وأمال على يد جده يقبلها وهو يقول له:
- اطال الله عمرك ياشيخ، مايؤمر عليك ظالم.. ريحت قلبي ياجدي الله يريح بالك.
نظر منصور لآدم الذي كان يقف بعيداً يتبسم وسأله:
-احكيلي ياعقاب ويش صار جعل رابح ينكلب ويجي يطلب بت عمه كيف ماتكون راح تتزوج اذا مالحقها؟
- إبتلع آدم لعابه وهو يسمع تلميح الشيخ منصور الذي ينم عن فطنته لما يحدث ورد عليه:
- انا مانعرف ياشيخ بس هو فجأه تعب وجبته للمشفى لنشوف ويش بيه وبنص الطريق طاب، قلتلا بنرد للقبيله قال لا ودي جدي منصور بشي ضروري كمل وجينا.
منصور:
-اي اي.. بعرف انا وقت الرفيق يغطي علي رفيقا.. بس يارابح اذا دريت انك جاي تخطب فوق خطبة غيرك ماراح يصير زين.
رابح:
- والله ماحدا خطبها قدامي ولا قال شي.
- لكنك دريت بإن غيرك رايدها صح؟
- واذا دريت ماانا رايدها والسابق فايز.
-اذا ماتعديت عالأصول انا عطيتك، واذا متعدي عالأصول مالك مره عندي.
- ماتعديت ياشيخ بس تحايلت وهاد يفرق.
- ماانك قليل يارابح.. بس الغلط عليك مارهنتها قبل وصبرت كل هالسنين.
وهنا تدخل سالم الذي كان يستمع للحديث وهو يرى حال رابح الذي يحاول جاهداً اخذ فرصته في طلب معزوزة ونظر للشيخ وقال له مستغلاً الوضع:
- وأنا ودي ارهن رجوه بت عمي قصير ياشيخ، ودي ارهنها من تو قبل ماحدا يسبقني لها.
منصور:
- لا ياعيون جدك بلوه ماراح يسبقك ليها حدا ولا حدا راح يهوب صوبها من الاساس، مين يريد لروحا وجيج الراس..كان ودي انقولك تريس لكن انخاف اترد لعقلك والبنت اتبور.ههههه عطيناك والله معاك.. إمبارك عليك رجوه ياتيس رجوه.
وهنا ضحك الجميع على سالم الذي تقدم من جده وقال له:
- يعني من الحين صارت خطيبتي واحكم عليها متل مااريد وامرها صار بيدي وماحد يتدخل بيني وبينها؟
- دير بالك تعرفها انك رهنتها وتفتح عيونها من تو ، رجوه قليلة عقل وما تتعامل مثل العالم والناس، انت رهنتها مني وانا عطيتك وخلي الامور تسير كيف ماهي سايره لا تقول ولا تعيد.
- امرك ياشيخ.
وجلس الجميع بجانب الشيخ منصور معادا آدم الذي ذهب لأبيه اولاً تفقد حاله الذي لم يجد عليه شيئ، ثم ذهب لأمه الحبيبة.
أما فى القصر
يحي:
- عايزه تنزلي الشركه تعملي إيه فيها يامديحه؟
- هشوف ايه اللي بيجرا فيها هي مش بقت شركتي انا كمان ولا إيه؟ وبعدين بصراحه انا مش مأمنالك لا انت ولا مراتك وحاساكم بتعملوا حاجه من ورايا.. ومديحه ميتلعبش من وراها.
-اقعدي يامديحه واقصري الشر احسنلك وبلاش تفتحى على نفسك ابواب غضبي.
-لا مش هقعد ومش هقصر الشر ومش خايفه من غضبك ولا غضب غيرك، ماهو مش اخلص انا وانت تبرك عالصيده بنفس، لا دانا اروح فيكم اللومان انت ومراتك.
فريال:
- هتعملي إيه يعني ياست مديحه؟
- نظرت مديحه نحوا أولاد يحيي الثلاثة ونقلت عيناها بينهم ورست على كارمن الأحب لقلب والديها، والتي كانت نائمة على الأرض تلون في هدوء شديد واردفت:
- هشوف اكتر مكان يوجع واضرب فيه، والبركه فيكم عرفتوني ايه اكتر حاجه توجع والضرب بيكون ازاي.
فنظر الاثنان لبعضهم فريال ويحيي، وابتلعا غصة لمجرد التخيل تكونت فى حلوقهم والخوف كسا ملامحهم فى لحظة، ورد عليها يحيي متمتماً بغضب دفين:
- طبعاً مش هعاتبك على كلامك ولا هستبعده لأن اللي تقتل اخوها تقتل أي حد، ودلوقتي اتفضلى قدامي عالشركه لما أشوف هتعملي فيها إيه، وبالنسبه لتهديدك انا مخفتش منه انا بس مش عايز وجع دماغ ليس إلا.. انما اولادي انا اعرف احميهم كويس، والحمد لله احنا الاتنين الإجرام بيجري فدمنا يعني فلحظه لو حسيت انك هتعمليها بجد انا ممكن مخليش الفكره تلف فى دماغك كلها وانهي حياتك قبلها.. الا اولادي يامديحه فاهمه.
تحركت مديحه وهي تبتسم بظفر دون أن تتفوه بحرف واحد، وتبعها يحيي بعد أن نظر لفريال ونظر للأولاد بمعنى انتبهي عليهم جيداً.. فجلست فريال وهي تنظر لأولادها وقررت انها لن تدع الخطر يحدق بهم لجزء من الثانية، فهي ليست من الأمهات قليلي الحيلة، وعلى الفور هاتفت اختها طالبة منها تركيبة السم التى اعطتها لمروان إبن محمود، وحثتها على الإسراع في تجهيزها فالأمر لا يحتمل الإنتظار