رواية الماسة المكسورة
الفصل السابع والثلاثون 37 جزء اول
بقلم ليله عادل
{~"لأجلكِ، تركت الظلال التي أرهقت قلبي وأثقلت روحي. أطفأت نار الحرام التي كانت تلتهمني من الداخل، وسرت نحو النور الذي يسكن عينيكِ ويضيء عتمة أيامي. لم يكن التغيير سهلاً، فقد كان ذلك صراعًا طويلًا مع نفسي، ولكنني أحببتكِ بما يكفي لأختار الطريق الصواب، حتى وإن كان شاقًا، لأصبح الرجل الذي يستحق حضنكِ الآمن ووجودكِ في حياته."~
[بعنوان: من أجل عينيها فعلت]
أثناء انشغاله بمراقبتها، انحنت سلوى لتعيد ترتيب أكياس الطعام التي كادت تسقط من يدها، لكنها لم تنتبه من السيارة المسرعة التي تقترب منها.في لحظة خاطفة، أطلق مكي ساقيه للركض نحوها، وصرخ بصوت عالٍي: سلوى! حاسبي.
التفتت سلوى بسرعة، لكن السيارة كانت على وشك أن تصدمها. في آخر ثانية، اندفع مكي بقوة وجذبها بعيدًا عن الطريق، ليسقطا معًا على الرصيف
فـ تطايرت أكياس الطعام من يدها، بينما بقيت هي مذهولة من سرعة الموقف.
رفعت رأسها لتنظر إليه باتساع عينيها، وقالت وهي تلهث بهزل: مكي!
نظر إليها مكي بقلق، وسألها بصوت مرتعش وهو يمسك بكتفيها: إنتي كويسة؟ حصلك حاجة؟
هزت رأسها ببطء، فمازالت تحت تأثير الصدمة
وهي تأخذ أنفاسها بصعوبه ..ساد الصمت بينهما للحظات، تبادلا خلالها نظرات مليئة بالمشاعر المختلطة، تجمع بعض المارة حولهما، ما أجبرهما على الوقوف سريعًا.
مكي بهدوءوهو ينظر للماره: حصل خير، إحنا كويسين اتفضلوا.
بداء الجميع أن ينسحب من المكان بينما هبط السائق مسرعاً وعلامات القلق تغطي وجهه،قال بصوت متوتر: أنتي كويسة يا انسة؟ والله هي إللي وقفت فجأة.
أشار له مكي بحزم: خلاص، روح انت.
السائق أصر بحسن نية: ممكن أوديها المستشفى؟
سلوى وهي تحاول كتم ارتباكها وتهدئة صوتها المرتعش: أنا كويسة.
ابتسم السائق بخجل وقال: الحمد لله على السلامة، وآسف مرة ثانية
ثم استدار ببطء وعاد إلى سيارته.
التفت مكي إلى سلوى ونظر إليها نظرة مليئة بالقلق: انتي كويسة بجد؟
تنهدت سلوى ببطء، محاولة السيطرة على نفسها: الحمد لله.
نظر مكي حوله باحثاً عن مكان هادئ، فتوقف بصره عند مقهى بلدي قريب: إيه رأيك نروح نقعد هناك شوية لحد ما تهدي؟
وافقت سلوى بعد لحظة صمت، وكأنها تستجمع طاقتها: فعلاً، أنا مش قادرة أتلم على نفسي.
ثم لمحت الطعام المبعثر على الأرض بنظرة يملؤها الأسى: طب والأكل ده؟
مكي مطمئناً إياها: هنلمه، نحطه على جنب ونجيب غيره.
هزت سلوى رأسها بخفوت وقالت: ماشي.
بدأ بجمع الطعام المبعثر على الأرض بحرص، ووضعاه في سلة المهملات. أما الطعام النظيف، فقد احتفظا به. بعدها تحركا معاً نحو المقهى، متجاوزين الحادثة بخطوات بطيئة.
داخل المقهى
اختارا طاولة بعيدة عن الضجيج، وجلسا. كان مكي يراقب ملامح سلوى، التي ما زالت تغلب عليها التوتر والخوف، وكأنها لم تخرج تماماً من صدمة الحادثة.
ساعدها مكي على الجلوس، ثم طلب لها كوباً من الماء جاء الجرسون بيه.
مد مكي الكوب إليها بلطف قائلاً: اشربي.
ثم التفت نحو الجرسون قائلاً: ياريت اتنين ليمون.
احتست سلوى الماء ببطء وكأنها تبتلع شيئاً من توترها، ثم قالت وهي تنظر إليه: الحمد لله. أنا كنت هموت، لولاك. هو انت هنا ازاي؟
توتر مكي قليلاً وأخذ رشفة من الماء قبل أن يرد: كنت في مشوار وشفتك فجأة. ولسه كنت يا دوب هعدي أسلم عليكي، لقيت العربية، في حد يقفت في نص الطريق كدة.
سلوى بنبرة مرتبكة: كانت حاجة تقيلة، مش عارفة أشيلها.
مكي مستغرباً: ما تاخديش حد من الحراس يساعدك ليه؟
سلوى بابتسامة خفيفة تخفي وراءها إرهاقها: بحب أعيش على حريتي كده. وأصلاً كنت داخلة أجيب شوية خضرة، لقيتني جبت كمية كبيرة. الخضار كان صابح فقلت أجيب.
ابتسم مكي وقال بهدوء: الحمد لله إنك بخير.
مر الوقت ببطء، وجاء الجرسون يحمل أكواب الليمون، وضعها برفق على الطاولة قبل أن ينسحب بهدوء.
أمسكت سلوى بالكوب، لكنها لم ترتشف منه على الفور. بدلاً من ذلك، نظرت إلى مكي نظرة ممتلئة بالعتاب وقالت: على فكرة، أنا كنت زعلانة منك اوي. اختفيت كدة، ولا بترد على رسايلي ولا على تليفوناتي.
تنهد مكي بعمق قبل أن يجيبها بنبرة تمزج بين المزاح والجد: مفروض تخافي عليا، مش تزعلي.
سلوى بحدة مخففة: لا، أنا عرفت إنك كويس وبخير وزي القرد.
ابتسم مكي وقال بنبرة مرحة: زي القرد مين قالك؟
قطعت حديثه بجدية قائلة:. سألت ماسة وقالت لي إنك بتعدي عادي.
هز مكي رأسه قليلاً وقال: آه، كنت بعدي أحياناً، لكن مش بشكل مستمر.. أضاف بخجل بعين زائغه:
أصل الصراحة كنت خجلان منك ومن سليم، مش عارف أوريكم وشي بعد اللي حصل. ما طلعتش قد المسؤولية والثقة، ما عرفتش أحافظ عليكي وعليها.
سلوى: ده كان غصب عنك طب مكنتش بترد ليه؟
حك مكي بخده بعين ذئعه توضح مدا كذبه لكن برئة سلوى جعلتها لا تفهم: أمي كانت شبه واخد التليفون مني، خايفة عليا جداً. عارفة إن أي مكالمة فيها شغل، هجري. حتى كانت منعاني من خروج، حقيقي
أنا آسف.
سلوى وهي تنظر إلى كوبها بتأمل: المهم إنك بخير...
نظرت له تتساءل باهتمام: إيه أخبار الرصاصة؟
تحسس مكي مكان الجرح على كتفه بيده، وقال بابتسامة خافتة: الحمد لله، تمام.
سلوى بقلق: الجرح لسه بيألمك؟
هز مكي رأسه وهو يحاول تهوين الأمر: لا خالص، دي مش أول مرة. يمكن تكون المرة الرابعة أو الخامسة.
فتحت سلوى عينيها على اتساعهما، وكأنها لا تصدق ما تسمعه: خامس مرة؟
أومأ مكي برأسه وهو يبتسم بهدوء: أيوه، واخدت قبل كده واحدة في رجلي، والباقي شظايا.
سلوى بنبرة تحمل دهشة ممزوجة بالخوف: شظايا؟ يعني إيه؟
أجابها مكي وهو يشير بيده وكأنه يشرح شيئاً بسيطاً: يعني رصاصة تعدي قريبة منك من غير ما تدخل في جسمك. تجرح الجلد وتسيب أثر بس.
هزت سلوى رأسها بعدم تصديق وقالت: ده شغلك طلع فعلاً صعب اوي وخطر، إيه الحلو في إنك تشتغل في حاجة زي دي بجد اقنعني؟
ابتسم مكي إبتسامة تحمل شيئاً من الفخر والحزن معاً: سبحان الله، في ناس كده بتحب الشغل اللي فيه خطر.
صمتت سلوى قليلاً، ثم سألت بنبرة أكثر جدية: طب، إيه اللي يخلي شغلك خطر بالشكل ده؟ يعني أنت حارس شخصي لرجل أعمال، المفروض ما يكونش فيه حاجة تهدد حياته بالشكل ده.
نظر إليها مكي قليلاً قبل أن يجيب: هو مش دايماً خطر، اللي حصل مع ماسة كان استثناء اول مرة تحصل في تاريخ عائلة الراوي، انتي أكيد عارفه انهم شغالين في الذهب والالماظ، فطبعا لازم يكون في حراميه، وده معناه إنه ممكن تحصل هجمات على الشحنات، وده اللي بيخلي الحراس دايماً في المواجهة.
سلوى وهي تحاول أن تستوعب كلامه: يعني ممكن يحصل هجوم فجأة؟
مكي بهدوء: أيوه، سليم كتير بيحضر التسليمات، وطبعاً لازم اكون معاه فأوقات بيحصل هجوم بس ده كان زمان دلوقت موضوع اختلف سليم دلوقت بيتعمل له حساب...
صمت قليلاً، ثم أضاف: وسليم كمان اتصاب مرة، خد رصاصة في كتفه.
اتسعت عيناها بالصدمة: إنت بتتكلم بجد؟
هز مكي برأسه ببطء وقال: آه. إحنا اتعودنا على كده، بس ده مش معناه إنه سهل.
صمتت للحظات وهي تحدق فيه وكأنها تحاول أن تستوعب حجم المخاطر التي يمر بها، ثم قالت بنبرة جادة: طيب، إنت فكرت لو حصل لك حاجة؟ فكرت في أمك؟ فكرت حتى في نفسك؟
( اضافت متعجبه) ما أعرفش الصراحة... مامتك بعد ضربك بالرصاص. سيبك، تكمل ازاي...
اضافت وهي تهز رأسها بحزم وملامحها ممتلئة بالغضب والقلق:
يا نهار أبيض! انت لو أبني أقسم بالله ما أخليك تنزل من باب البيت الا و انت تايب ومبطل اللي انت بتشتغل فيه ده! هو العمر بعزقة؟ حرام عليك! طب حتى بعد ما تتجوز وتخلف، هتكمل؟
نظر إليها بصمت للحظة وكأنه يجمع أفكاره، ثم قال بهدوء: مش عارف، أنا بحب سليم جداً، سليم أخويا... مش هقدر أتخلى عنه. بس ممكن أخد بالي أكتر من كده، أكون حذر.
صمت قليلاً قبل أن يكمل بصوت خافت وحزين: أصل الموضوع ده ليه أثر كبير عندي... مش أنا قلت لك؟ بابايا متوفي وأنا لسه صغير.
هزت رأسها بالإيجاب بحزن وقالت بصوت مرتعش: آه، فاكرة...
مكي بحزن بنبرة مكتومه وهو يحاول يخرج الكلمات بصعوبة: بابا اتقتل.
نظرت سلوى إليه بعينين متسعتين وقالت بذهول: أبوك؟ اتقتل؟
هز مكي رأسه وملامحه يكسوها الحزن: أيوه، كان في مهمة مع الباشا، واتضرب عليهم نار. بابا فدا الباشا بجسمه، الطلقة كانت جاية على قلب الباشا، لكن بابا وقف مكانه وأخدها
وضعت سلوى يدها على فمها، محاولة كتم صدمتها: يا نهار أسود...
توقف مكي للحظة، ثم أضاف بنبرة ممزوجة بالحنين والحزن: عشان كده الباشا بيحبني ويعاملني كويس، وصرف عليا طول حياتي. يعني ده نوع من أنواع التقدير... أو رد الجميل.
تنهّد بعمق وهو يكمل: بس عارف أنا مش عايز أعيش ابني ومراتي نفس الماساه ونفس الوجع...
نظر بعيداً للحظة، وكأنه يرى ذكريات بعيدة، وقال بصوت مختنق: لسه شايف أمي وهي بتعيط، بتصرخ وتقول له: "أنا قلت لك ابعد... ابعد يا محمد!" سامع كلامها كأنه لسه حالاً... ولسه شايف بابا وهو بيوصيني، بيقول لي: "خد بالك من نفسك ومن أمك. أنا سايبك راجل، خلي بالك من أمك ومن أخوك. يامكي حضني ومشي، متوقعتش اني مش هشوفه تاني لو كنت عارف مكنتش نزلته
صمت قليلاً، ثم أكمل بحزن أعمق: وزاد الوجع ان أخويا مات بعد بابا بسنة ونص.
قالت سلوى وهي تنظر إليه بعينين دامعتين: ولسه بتفكر تكمل بعد كل ده؟
مكي بنبرة مثقلة بالحزن: عايز أقول لك... إمي دايماً بتسيب البيت وقاعده عند خالتي، عشان أنا وهي بنتخانق كتير. بتقولي لي: "إنت عايز توجع قلبي عليك ليه؟ كفاية، قلبي اتوجع مرتين. إنت اللي فاضل لي. حرام عليك
تنهد، ثم أضاف بنبرة صارمة: بس أنا ما ينفعش أعمل كده. الرصاصة اللي سليم خدها... دي كانت جاية عليا.
أخذ نفساً عميقاً وأكمل: كان في حد هيضرب عليا نار، وهو زقني وأخدها مكاني. ومن ساعتها، قررت إني مش هسيبه لوحده مهما حصل.
ابتسم ابتسامة صغيرة، وكأنه يحاول تهوين الأمور: سليم عمل معايا حركات جدعنة كتير جداً. لو فضلت أحكيها لك، مش هتخلص
سلوى بحيرة وهي تمسح دموعها: مش عارفة أقولك إيه.
مكي تبسم بلطف محاولاً التخفيف عنها: ما تقوليش... ادعي لي وبس.
سلوى بنبرة مليئة بالدعاء: حاضر، ربنا يسترها عليك يا رب العالمين.
ثم حاولت إقناعه بلطف وهي تنظر إليه بعينين يملؤهما الرجاء: بس أمانة، فكر تاني. حتى لو سليم فداك بحياته، ممكن ترد له ده بأي شكل تاني.
مكي بنبرة حاسمة: مش هقدر أوعدك، لأنه صعب. صدقيني، الموضوع بالنسبة لي منتهي.
سلوى تنهدت باستسلام: ماشي، ممكن توعدني تاخد بالك من نفسك؟
مكي بابتسامة مطمئنة: دي أقدر أوعدك بيها.
توقفت سلوى لوهلة، ثم قالت بنبرة عملية: طب يلا عشان ما أتأخرش على ماما... لسه هجيب حاجات.
توقف مكي قال بتهذب: ماشي، ممكن أكون معاكي؟
سلوى تبسمت بخجل: ممكن.
دفع مكي الحساب، ثم بدأ بالتحرك بجانبها.
سلوى بنبرة مليئة بالقلق: ها هتختفي تاني؟
مكي صمت لوهلة، ثم أمعن النظر في ملامحها وكأنه يحاول قول شيء يصعب عليه البوح به: مش عارف.
سلوى باندهاش: يعني إيه؟
مكي بهدوء ونبرة خافتة: بعدين هفهمك. بس كل اللي عايزك تعرفيه... إنه لمصلحتك.
سلوى بتعجب: أنا مش فاهمة حاجة.
مد يده لها وكأنه يحاول إنهاء الحديث بلطف فهو يحاول الهروب باى شكل من التحدث في ذلك الموضوع: يلا عشان ما تتأخريش.
هزت راسها بإيجاب وبالفعل، تحركا معاً وذهبا للسوق لشراء بعض الطعام. كان بين الحين والآخر يتبادلا الحديث، لكن دون التطرق لموضوعه اختفاء او عدم إتصاله او الرد عليها، انتهى اليوم بذهاب كل واحد منهما إلى بيته.
فقد أصبح مكي ضعيفاً يوماً بعد يوم، وكأنه لا يستطيع مقاومة مشاعره تجاهها. أصبح قلبه هو المتحكم فيه، لكنه ظل يتساءل في صمت: هل سيظل على هذا الحال حتى نهاية الشهر؟ أم سيُقدم على خطوة التي طالما رفضها؟
______♥️بقلمي_ليلة عادل♥️_______
فرنسا وتحديداً باريس، الساعة الثانية عشرة ظهراً.
مظهر عام لمدينة باريس الساحرة في الشتاء، حيث تغطي الثلوج المكان، مما يضفي جمالاً استثنائياً على المدينة. يظهر عزت ونانا والثلج يحيط بهما أثناء استمتاعهما بركوب التلفريك والتزحلق على الجليد، مرتديين ملابس شتوية مناسبة...
فنشاهد عزت وهو يعيش ما يشبه مراهقة متأخرة، أو ربما يحاول استعادة سنوات عمره التي مرت دون أن يستمتع بها أو يعيش حياة سعيدة. فقد أضاع الكثير من وقته في العمل ومشاكل العائلة، والآن، يبدو أنه يحاول تعويض ما فاته، ولو قليلاً، مستمتعاً بوقته مع نانا، التي لا تزال في شبابها، جميلة، وقادرة بجاذبيتها على تحريك الحجر. بعد الانتهاء، يجلسان في أحد المقاهي الدافئة، يحتسيان القهوة وسط أجواء باريسية مميزة.
نانا بابتسامة وهي تنظر حولها: أنا مبسوطة أوي، بقانا كتير مقضيناش وقت مع بعض كده من وقت جواز سليم خلينا كل كام شهر نسافر انت بتتعب اوي لازم بقى تعوض يا حبيبي.
عزت بتعب: عندك حق، عارفه، أنا نفسي أعمل زي سليم وأسافر لي سنة. والف العالم ابعد عن الشغل ومشاكله، ومشاكل العائلة وفايزة، عمري وشبابي ضاعوا في شغل وصراعات. الوقت الوحيد اللي بحس فيه براحة هو وأنا معاكِي.
نانا بدلال: انسى بقى شغل والقرف ده، وخلّيك معايا وانا هنسيك تعبك.
عزت:أنا معاكي.
نانا وهي تبدو كأنها تريد قول شيء، أمسكت يده بإغواء: بقولك إيه يا وزتي، هو إحنا مش هناخد أي خطوة في علاقتنا دي؟ إحنا بقانا أربع سنين كده!
نظر لها عزت باستغراب وهو يعقد حاجبيه: خطوة زي إيه بالضبط؟ فهميني أكتر.
نانا: يعني أي خطوة... نتجوز؟
ضحك عزت بسخرية بصوت مرتفع: نتجوز؟! أنتِي عايزة تتجوزيني يا نانا؟ تتجوزي عزت الراوي؟
نانا باستغراب: أيوه، إيه المشكلة يعني؟
على شفتي عزت ابتسامة لم تصل الى عينه قالا بتوضيح: المشكلة إن ده مستحيل يحصل، وإنتِي عارفة إنه مستحيل.
نانا: ليه يعني يا عزت! مستحيل ليه؟ أنت مش بتحبني؟
عزت: أكيد بحبك، بس علاقتنا واضحة يا نانا، مستحيل تاخد شكل غير الشكل اللي إحنا فيه.
نانا في محاول استعطاف: أمي كل شوية تعمل معايا مشكلة عشان برفض عرسان كتير بيجولي. وأنا مش فاهمة هنفضل لحد إمتى علاقتنا كدة؟ طب نتجوز عرفي؟
عزت بحزم: نانا، من لما بقينا مع بعض كنت مفهمك حدود العلاقة اولها ايه واخر إيه! . إحنا عارفين كل واحد عايز إيه من التاني. إنتِي محتاج فلوس، وحصل بقى معاكي رصيد في البنك، مرتب مابيخدوش وزير، عندك عربيتين، وشقة لأهلك، غير شقة اللي بنتقابل فيها، شاليه في الساحل، بيت هنا في باريس، والالماظات، اللي مش عند أكبر سيدات المجتمع. ومستعد أديكي زيهم. وفي المقابل... أني انبسط. ولو عايزة تنهي اللي بينّا، ما عنديش مشكلة بس تفكيرك ياخدك للجواز اعقلي.
حاولت نانا التحدث، لكن عزت قاطعها بجدية: أكيد مش هقف في طريقك. لو عايزة تتجوزي، ممكن أساعدك، هجوزي حد من رجّالتي كام شهر عشان ترتّبي أمورك، أو تعملي عمليه، أي حل يناسبك. القرار عندك، وأنا هنفذه.
نانا بإصرار: ليه مش مصدق إني بحبك؟
عزت: نانا، أنا قلت اللي عندي ( توقف) أنا هروح الأوتيل، وهرجع مصر.
نانا رفع عينه نحوه: مش كنت قلت هنقعد أسبوعين؟
عزت: غيرت رأيي، هسافر لوحدي. وإنتِي كمان بعدي بيومين هتنزلي على لبنان. لو عايزة حد من أصحابك يجي يقضي معاكي باقي الاسبوعوهناك معنديش مانع سلام.
قال كلماته الأخيرة وهو يضع نقودًا على الطاولة، ثم غادر.
نظرت إليه نانا بضيق وهي تعصر أسنانها بغضب.
مصر / مدينة أسوان.
جزيرة الفنتين
مظهر عام لتلك الجزيرة الفرعونية القديمة التي يتميز موقعها داخل نهر النيل، بالإضافة إلى التراث النوبي الذي تمتاز به.
الفندق الذي يمكث فيه سليم وماسة السادسة مساءً
غرفة سليم وماسة التي تتميز بإطلالتها على ضفاف نهر النيل.
المرحاض.
نشاهد سليم وهو أسفل الدش ويقوم بالاستحمام.
وعلى اتجاه آخر، نرى ماسة وهي ترتدي بيجاما ساتان باللون الأبيض وترتفع بشعرها الحريري لأعلى، بينما تترك بعض الخصلات تتساقط على وجنتيها. لا تضع أي مستحضرات تجميل، ورغم بساطة إطلالتها، إلا أنها كانت جميلة وجذابة للغاية.
توقفت بنعومة وهي تشعل بعض الشموع الموضوعة بشكل لطيف، كان هناك أيضًا بعض البالونات الملقاة على الأرض، بينما بعضها معلقًا. كما كان هناك بعض الورود التي بدأت ترتبها بشكل جميل، تحاول أن تخلق جوًا شاعريًا إلى حد ما بتلك الأشياء البسيطة التي معها، حتى جعلت الغرفة مميزة وجذابة رغم بساطتها.
بعد الانتهاء، توجهت إلى المرحاض. وعندما شعرت أن سليم أغلق الماء، قالت...
ماسة: سليم، إنت خلصت؟
سليم: أمم، ثواني، بالبس.
ماسة: طيب.
ركضت إلى الكومودينه، وفتحت الدرفة السفلية، وأخرجت كعكة صغيرة، وضعت عليها شمعة وأشعلتها. ارتدت طاقية عيد الميلاد، وتوجهت مرة أخرى إلى أمام المرحاض، ثم توقفت أمام الباب من الخارج.
فور أن فتح سليم الباب، بدأت تغني بمرح.
ماسة بمرح: هابي بيرث داي تو يو... هابي بيرث داي تو يو... هابي بيرث داي تو يو سليم... هابي بيرث داي تو يو... يلا حالا بالا حيوا أبو الفصاد.
هيكون عيد ميلاده الليلة أسعد الأعياد! هنوا أبو الفصاااااااد! هااا.
كان ينظر سليم باتساع عينيه، مبتسمًا ابتسامة عريضة. فاليوم هو عيد ميلاد سليم السابع والعشرون. وضع يده على فمه في دهشة، غير مصدق، بفرحة شديدة وهو يضحك.
ماسة بحماس وسعادة: يلا، طفي الشمعة وتمنى أمنية.
هز سليم رأسه بنعم، وضحك ضحكة جميلة، ثم أغلق عينيه لثوانٍ وطفي الشمعة.
ماسة: اتمنيت إيه؟
سليم بحب: إننا نفضل مع بعض لآخر العمر ونحقق كل أحلامنا.
ماسة وهي تنظر لأعلى: يا رب.
تحرك سليم بعض الخطوات وهو ينظر حوله باستغراب ممزوج بالدهشة والسعادة: عملتي كل ده إمتى؟ فهميني.
ماسة بتفسير: كنت عارفة إن النهاردة عيد ميلادك، واتفقت مع عشري إنه يجيب البالونات والورد والشمع والكيك، وخليته يجهزهم. أول ما دخلت الحمام، كلمته، جه أدهملي، وعملهم بسرعة. كان نفسي أعملك حاجة أحسن من كده وأفخم، بس معرفتش. يا رب تكون عجبتك.
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة جذابة جميلة. مد يده ووضع كفه على خدها، ركز النظر في عينيها بعشق.
سليم بنبرة تتلألأ على أوتار العشق: عارفة، أنا عملوا لي حفلات أعياد ميلاد كتير، وبيكون مصروف عليها فلوس كتير، لكن ده هيفضل من أحلى وأجمل أعياد الميلاد اللي اتعملت لي. أولًا لأنك معايا، وثانيًا لأنك إنتي اللي عملتها بإيدك، وبذوقك. فطبعًا لازم يعجبني ويهوسني...
ضيق عينيه باستغراب وهو يتساءل: بس اشمعنا المرة دي احتفلتي بعيد ميلادي؟ ده مش أول واحد يمر علينا وإحنا سوا.
ماسة بنظرات عاشقة: أنا أصلاً معرفش عيد ميلادك إمتى! أنا سألت فريدة وقالتلي، وفضلت حافظه الميعاد. وكنت ناوية أعملك حفلة كبيرة، بس إنت فاجأتني بالسفر. وقولت أعملها هنا. مش مهم تكون كبيرة أو بسيطة، المهم نكون سوا، ولا إيه؟
سليم وهو يلامس شعرها بنعومة: دي أحلى من مليون حفلة كبيرة. طبعًا عجبتني. كفاية إنك افتكرتيني... قبلها من يدها... ربنا يخليكي ليّا يا ماستي الحلوة.
ماسة بحماس: لحظة، وجيالك.
توجهت إلى خزانة الملابس، فتحتها وأخذت منها شنطة. عادت وقدمتها له بحماس.
ماسة: أتمنى هديتي تعجبك.
رفع سليم حاجبيه بدهشة، بابتسامة رائعة: كمان هدية؟ ميرسي يا روح قلبي.
أخذ الشنطة منها وهو يبتسم، وفتحها بحماس، وأخرج منها بلوفر تريكو شيك جدًا. مرر عينه عليه بإعجاب، وصفر قائلًا:
سليم بإنبهار: واو! ده جامد جدًا! جبتيه إمتى؟
ضيق عينه بمزاح: بتخرجي من ورايا يا ماسة؟
ماسة بمزاح: آه، خرجت من وراك يا سليم، غفلتك إنت والحراس وخرجت. (أخرجت لسانها وضحكت) أنا إللي عملته.
رفع سليم عينيه لها بدهشة: إنتي!!
ماسة وهي تهز رأسها بنعم: أممم، أنا...
تبسمت وقالت بدلال لا يليق إلا بها بطريقتها القديمة:
"أنا إللي عملته بإيدي. قولتلك قبل كده، ماتستصغرنيش يا سليم بيه (عمزت له)
تبسم سليم وأكمل متعجبًا: بتعرفي تشتغلي تريكو؟!
ماسة بتوضيح: آه، من صغري. كنت باستغل عدم وجودك في البيت وأشتغل فيه، أو وأنا عند ماما. أصلي قعدت أفكر، وأفكر أجيب له إيه؟ برفان؟ عنده محل؟ ساعة؟ عنده درج ساعات؟ هدوم؟ القميص اللي بيلبسه ما بشوفهوش بيه تاني! حاجة آخر بذخ الصراحة. (تبسمت) فقلت أعملك حاجة بإيدي تكون مختلفة وتلبسها كتير، مش مرة وتركنها، وتفتكرني كل ما تلبسها. ها، عجبتك بجد؟
سليم وهو يركز النظر في ملامحها: طبعًا عجبتني بجد، وحالا هلبسها...
خلع التيشرت الذي يرتديه، وارتدى البلوفر... ثم قبلها من خدها وقال: تسلم إيدك يا قطعة السكر.
ماسة بسعادة وهي تمرر عينيها على البلوفر: الله يا سليم، حلو أوي، ومظبوط عليك... بس تعال هنا، إنت إزاي تعدي اليوم عادي كده وماتقوليش!!! أفرض إني مش عارفة؟ أو مسألتش فريدة! اليوم يعدي عادي ينفع؟
سليم وهو يمرر ظهر أصابع يده على وجنتيها بعشق، ويدقق النظر في عينيها: لأني حسبت عمري من وقت ما بقينا سوا. وهنحتفل بعيد ميلادك وميلادي وجوازنا سوا في نفس اليوم.
ماسة بحماس: موافقة هو اصلا فاضل عليه شهر ونص بس احنا المره دي مش هنعرف نحتفل.
نظر لها سليم متعجباً: ليه
ماسة: عشان هيكون في رمضان.
نظر سليم للأعلى للحظة كأنه انتبه وقال: "خلاص، احنا نسافر ونعمل عمرة اللي وعدتك بيها، ونقضي رمضان هناك. بتهيأ لي دي أحسن احتفالية.
سفقت ماسة بحماس: بموقفه جدًا.
نظر سليم من حوله ثم نظر لها بتركيز: بس قوليلي الحفلة كده انتهت؟
ماسة بنظرات غزل: توء دي بدأت! (غمزت له).
وضعت الكيك على الطاولة، وخلعت الطاقية، وشغلت أحد الأغاني على كاسيت لأغاني لعمرو دياب، أغنية "وماله".
اقتربت من سليم أثناء الاستماع لموسيقى الأغنية.
ماسة بنظرات غزل: تسمح لي بالرقصة دي؟
سليم تبسم وهو يتلاعب بخصلات شعرها المتطايرة على وجنتيها: أكيد.
أحاط بذراعيه حول خصرها، وأحاطت هي بذراعيها حول رقبته.
سليم: عمرو دياب؟
ماسة بنظرات عاشقة قالت بنبرة ناعمة: الليلة ليلتك، كل حاجة زي ما بتحب وبتفضل.
تبسمت له بنعومة، وابتسم لها بعشق، ووضع قبلة رقيقة على جبينها كمحاولة منه لشكرها على ما فعلته.
سندا جبينهما على بعضهما مع اختلاط أنفاسهما العاشقة، وبدأا بالتمايل بنعومة وحب على أنغام الأغنية.
(كلمات الأغنية)
"وماله لو ليلة توهنا بعيد وسيبنا كل الناس
أنا يا حبيبي حاسس بحب جديد، ماليني ده الإحساس، وأنا هنا جنبي أغلى الناس، جنبي أحلى الناس
حبيبي ليلة، تعالى ننسى فيها اللي راح
تعالى جوا حضني وإرتاح، دي ليلة تسوى كل الحياة
وما لي غيرك ولولا حبك هعيش لمين؟
حبيبي جاية أجمل سنين وكل ما تدوم تحلى الحياة
حبيبي ألمس إيديا عشان أصدق اللي أنا فيه
ياما كان نفسي أقابلك بقالي زمان، خلاص وهحلم ليه؟
ما أنا هنا جنبي أغلى الناس، ده أنا جنبي أحلى الناس
وقضوا أمسية شاعرية جميلة على أوتار العشق والهوي.
♥️_______🌹بقلمي_ليلةعادل🌹________♥️
_قصر الراوي السابعة مساءً
_نشاهد جميع العائلة يجلسون على طاولة السفرة وهما يتناولون الطعام معهم عزت بعد عودته من باريس.
عزت وهو يتناول الطعام نظر محل مقاعد سليم وماسة الفارغة قال مستغرباً: أمال فين سليم وماسة؟
فايزة: سليم سافر.
عزت بتعجب وهو يضيق عينه: سافر إزاى وساب المجموعة وأنا مش موجود؟
فريدة: هو مظبط كل حاجة وكل يوم بيكلمني.
صافيناز بسخرية: بس ماكنش وقته خالص فيلم أحمد ومنى إللى عملوا ده، الباشا سافر لإنه معتمد عليه.
ياسين بحدة وهو ينظر لصافيناز : كان لازم ياخدها ويسافر طبيعي البنت اتعرضت للخطف.
تحدث رشدي وهو يحرك الشوكة بإستخفاف: هو سافر عشان يثبت للكل إنه مش خايف، مش لإنه ينسيها إللي حصل.
ياسين بدفاع وحدة: لية إنت فاكره زيك؟
رشدى بقوه وبحة رجولية: يعنى إيه زى؟
ياسين بشدة: إنت عارف أنا أقصد إيه كويس؟
رشدى بسوقية: ياسين ماتعيش.
عزت بشدة وهو يمرر عينه عليهم: فيه إيه هتتخانقوا سوا قصادى!!
ياسين: مش شايف.
عزت: ياسين إنتهى مش عايز كلام كتير، ...نظر لفريدة .. فريدة سليم لازم يرجع عشان المهندس جمال كلمنى خلصوا التصاميم المبدئية بعد العشا هكلمه يجي بكره لازم يكون هنا.
فريدة: تمام يا باشا إللى تشوفه.
لمحت فايزة صافيناز التي يبدو عليها التعب قالت: بطنك لسه وجعاكي؟
صافيناز: اها.
فايزة: لازم تروحي للدكتور انتي بقالك يومين تعبانه.
صافيناز: عندي ميعاد مع الدكتور الساعه 8:00 هاخد سارة معايا.
عزت وهو يمضغ الطعام: جوزك مش ناوي يرجع؟
عادت صافيناز خصلات شعرها خلف اذنها قالت بتوتر: كمان يومين.
_ غرفة عزت وفايزة
_نشاهد فايزة وهى تجلس أمام التسريحة تزيل مستحضرات التجميل وهى ترتدي قميص نوم حريري عليه روب طويل خرج عزت من المرحاض بعد دقائق وهو يرتدى بيجامة.
فايزة بإستغراب ألتفتت برأسها له: عايز سليم فى إيه؟ ماتسيبه يا عزت.
عزت: سليم هو إللى دخل المشروع ده المجموعة وعارف كل تفاصيله أنا عايز أركز فى شغلنا.
فايزة ألتفتت له بجسدها: بس متأخرتش فى جنيف؟
عزت: اممم خلصت الشغل ورجعت علي طول؟
فايزة: تمام، أنا بفكر أعزم هبة على العشا بعد بُكرة، يعني محتاجة أعرف البنت دي كويس عشان أقدر أحدد قراري.
نظر لها عزت وهو يتنهد بتعب من طريقتها: "مالها هبة هي كمان؟ مش عاجباكي؟"
فايزة: يعني جَت هنا مخصوص عشان تسلِّم على ماسة وتطمن عليها.
عزت: إيه المشكلة في كده؟
فايزة: بالنسبة لي مشكلة، عزت، متحشرش!
عزت: ربنا يهديكي يا فايزة.
في أحد عيادات النساء التاسعة مساءً.
"نرى صافيناز مستلقية على الفراش، بينما كانت الطبيبة تقوم بعمل السونار لها، بينما تجلس سارة على المقعد مبتسمة ابتسامة تحمل مشاعر الغيرة والغبطة. في الوقت ذاته، ترتسم ابتسامة واسعة على وجه صافيناز.
بدأ وجه الطبيبة يتقلب بعبث وهي تحرك يد السونار على بطن صافيناز.
انتبهت صافيناز لها وقالت متسائلة: فيه إيه يا دكتورة؟ مالك
الطبيبة، وهي تحافظ على هدوئها: ما فيش حاجة... ثانية واحدة نتأكد.
أكملت الطبيبة فحصها، لكن وجهها ازداد عبوسًا، مما زاد من ارتباك صافيناز وتوترها.
صافيناز، بتوتر شديد: دكتورة، لو سمحتي، ردي عليا... فيه إيه؟ مال البيبي؟ حصل له حاجة؟"
سارة، بتصنع الحزن والقلق: دكتورة، لو سمحتي، قولي لنا فيه إيه؟
نظرت الطبيبة إليهما بأسف، ثم قالت بصوت منخفض وحزين: أنا آسفة جدًا، بس الطفل مات. لازم نعمل عملية إجهاض حالاً.
عند سماع سارة تلك الكلمات، ارتسمت على وجه ابتسامة خفية من السعادة، فكانت لا تريد أن تنجب صافيناز طفلاً من زوجها. لكنها أخفت شعورها ببراعة، وسرعان ما اغرورقت عيناها بدموع التماسيح، ووضعت يديها على فمها كأنها مذهولة.
صافيناز، بصدمة شديدة: إنتي بتقولي إيه؟ لا... مستحيل! أكيد كشفتي غلط، أكشفي عليا تاني!"
ثم وضعت يدها على بطن
ثم وضعت صافيناز يدها على بطنها وبدأت تبكي بحرقة: مستحيل يكون مات... مستحيل!
الطبيبة، محاولة تهدئتها: صافيناز هانم، أهدي، حضرتك لسة صغيرة وإن شاء الله ربنا يعوضك. لكن لازم ننزل الجنين بسرعة، وننقلك المستشفى لأن كل ما الوقت بيعدي، كل ما بيكون فيه خطر على حياتك. ممكن يحصل تسمم. أنا هاتصل بالمستشفى حالاً يحضروا عربية إسعاف.
غادرت الطبيبة إلى مكتبها لإجراء الاتصال، بينما وضعت سارة يدها على كتف صافيناز وجذبتها نحو صدرها محاولة إظهار التعاطف.
سارة، بلهجة مشفقة: حبيبتي، ما تزعليش. إن شاء الله أهم حاجة إنك بخير. معلش.
لكن صافيناز استمرت في البكاء بشدة. وبعد قليل، نُقلت صافيناز على ترولي الإسعاف إلى سيارة الطوارئ، وسارة ترافقها، متوجهين بها إلى المستشفى. عند وصولهم، كان في انتظارهم فايزة وعزت التى قامت سارة بلاتصال بهم.
اقتربوا منها وهي تُدفع إلى غرفة العمليات على ملامح وجههم القلق.
صافيناز، التي كانت لا تزال واعية، صرخت بحرقة: مامي! مامي! ألحقيني! متخلوهمش ينزلوه!"
عزت، محاولاً تهدئتها: حبيبتي، ما تقلقيش، هتبقي كويسة إن شاء الله."
دخلت صافيناز غرفة العمليات، بينما توقف عزت وفايزة بالخارج في حالة انتظار وقلق.
فايزة نظرت لسارة بقلق: فهميني، إيه اللي حصل؟
سارة: كنا في متابعة عادية، والدكتورة شافت بالسونار إن نبض الجنين واقف، وقالت إنه مات في بطنها من حاولى ٣٠ساعة، ولازم ينزل. بس صافي يا روحي، ما تحملتش.
عزت، بلهجة قلق: طب إيه السبب؟
سارة، متلعثمة: للأسف، بسبب انهيار صافيناز نسيت أسأل الدكتورة هو فين عماد لازم يكون معها
عزت: عماد مسافر، والدته تعبانة وبتعمل فحوصات في إنجلترا.
سارة، بابتسامة مصطنعة: سلامتها يا رب. طيب، أجيب لكم حاجة تشربوها؟"
عزت، بجفاف: لا، شكراً.
تحركت سارة مبتعدة بخطوات هادئة، لكنها لم تستطع إخفاء ابتسامتها الفرحة وهي تبتعد.
في هذه الأثناء، اقترب عزت من فايزة ووقف أمامها مباشرة، ينظر إليها بحدة: ده ذنب ماسة."
فايزة، بغضب: إنت شمتان في بنتك يا عزت؟"
عزت: لا، مش شمتان. لكن أتمنى إن اللي حصل ده يوقفكم عن المؤامرات الرخيصة اللي بتفكروا تعملوها. مش هحذرك تاني يا فايزة... أي حاجة هتحصل لماسة، هاعرف إنكم السبب وقتها حسابي هيكون عسير.
نظرت له فايزة بضيق واضح وقالت بنبرة متذمرة:
ما خلاص بقى يا عزت! بنتك جوه العمليات، أدعي لها تقوم بالسلامة.
نظر لها عزت بصمت، ثم جلس على مقعد الاستراحة ينتظر بقلق.
بعد وقت قصير، خرجت الممرضة وأعلنت أن العملية انتهت وأن صافيناز بحالة مستقرة. تم نقلها إلى غرفة العناية.
((بعد وقت))
في الغرفة، جلست فريدة بجانب صافيناز، ومعها فايزة وعزت وسارة.
سارة، بلهجة مواسية وهي تجلس بجانب صافيناز:
حبيبتي، ما تزعليش. كل حاجة قسمة ونصيب. ربنا أكيد هيعوضك بأحسن من كده.
فريدة، مطمئنة: الحمد لله إنك بخير يا حبيبتي. المهم صحتك دلوقتي.
صافيناز، بصوت مجهد ودموع تنهمر: أنا مش فاهمة اللي حصل ده حصل ليه؟!
سارة وضعت يدها على كتف صافيناز بحنان مصطنع وقالت: يا روحي، أنا معاكِي. ما تزعليش، المهم صحتك. وعد، كل حاجة هتتصلح قريب."
لكن، بينما كانت سارة تتحدث، كان بداخلها شعور بالانتصار، خاصة أنها نجحت في إخفاء فرحتها عن الجميع.
فريدة بتوضيح: أنا سألت الدكتور، وقال لي إن أحيانًا الأمور دي بتحصل من غير أسباب واضحة. وبعدين، صافي، أنا أكتر من مرة قلت لك إن الشرب أثناء الحمل غلط!
صافيناز، وهي تمسح دموعها: أنا كنت حاسة إني بخير... أكيد المرة الجاية هاخد بالي. هو قال لي إن بعد ست شهور ممكن أحمل تاني. كنت مرعوبة يقول لي زي ما قال لماسة إنها تستنى سنين.
نظر عزت إليها بحدة وقال بتهكم: بالظبط. الحمد لله إنك مش زي ماسة
نظرت إليه صافيناز بصدمة، وفهمت مغزى كلماته، لكنها التزمت الصمت وأشاحت بوجهها عنه.
عزت، بنبرة هادئة: الدكتور قال إنك تقدري تخرجي النهارده. الحمد لله على سلامتك.
صافيناز لم ترد، وظلت صامتة، بينما تبادل الجميع نظرات متباينة، وكل منهم يحمل مشاعر متضاربة بين الشفقة والشماتة والتخطيط لما سيأتي.
فريدة: لازم نبلغ عماد لازم يرجع.
صافيناز: لا ما حدش يبلغه لاحسن يزعل هو كده كده قال لي يومين وراجع.
ـ منزل سارة التانية عشر صباحاً
ـ نرى سارة تفتح باب منزلها فور دخولها نشاهد عماد يجلس مع ابنهما مازن على الأريكة يلعب معه وهو مازال يربط أكففه بشاش لكن يبدو انه اصبح افضل.
سارة بحب: مساء الخير يا حبيبى.
اقتربت منه وجلست على الأريكة: عامل إيه مازن جننك
عماد وهو يضمه ويقبله: ده روح قلبي يعمل إللى هو عايزه صافيناز عاملة إيه؟
سارة بغيرة: ويهمك أوي تعرف!؟ خلاص روح أطمن عليها.
عدل عماد من جلسته و نظر لها بتوضيح: ده إنسانيا، برده مراتي.
سارة وهي تعوج وجهها: زي القردة ما فيهاش حاجة.
عماد: طبعا إنتي مبسوطة إنها سقطت.
سارة: طبعا مبسوطة أنا ماعرفش إنت ليه عايز تجيب منها طفل.
عماد: لازم يكون ليا منها طفل عشان كل ده يبقى ملكي أنا وإنتي ومازن.
سارة: أصلا ده ذنب ماسة، أنا مش عارفة إزاي اشتركت في القذارة دي.
عماد: أنا ما اشتركتش صافيناز وفايزة هما إللي دبروا كل حاجة وأنا بس كنت عبد المأمور.
نظرت له سارة وهى تضحك مستخفة: متضحكش على نفسك يا عماد إنت الموضوع على هواك وما دام مشيت فيه تبقى زيهم ومادام ملهوف على طفل اجبهولك أنا
عماد زفر بإختناق: طب قفلي على الموضوع ده.
سارة: أحسن بردو هقوم أغير لبسي( توقف) صحيح انت هترجع القصر خلاص.
عماد: صافي لسه مكلماني قالت لي ان هي خلاص وصلت القصر وعرفت اني هفك الشاش بكره فبعد بكره هرجع.
سارة بضيق: وهنرجع بقى زي زمان تنفخت انا زهقت.
عماد: روحي غيري هدومك يا سارة.
نظرت له بصمت توجهت الى الغرفه
🌹_______♥️بقلمي_ليلة عادل♥️______🌹
_ أسوان الواحدة صباحاً.
_ الفندق الذى يمكث بيه سليم وماسة
_الغرفة
-نشاهد سليم وهو مستلقٍ على الفراش، عاري الصدر، بينما كانت ماسة تضع رأسها على صدره، مغطية نصف ظهرها بالغطاء. كان يلف ذراعيه حولها بحنان، ويمسح على ظهرها بنعومة بينما يتحدث بهدوء في هاتفه.
سليم، بضيق وهو يتحدث في الهاتف: طيب يا باشا، بكرة هاكون موجود في الاجتماع... سلام."
مد ذراعيه ووضع الهاتف على الكومودينو، بضيق ظاهر على وجهه.
ماسة، وهي تداعب لحيته بلطف وبأسف: هنرجع بكرة؟
هبط سليم بعينيه نحوها وضم شفتيه بضيق، ثم هز رأسه بالإيجاب، قال بتفسر: الباشا نزل من السفر، وفي اجتماع مهم بكرة. المهندسين خلصوا التصاميم المبدئية، وأنا اللي مدخل المجموعة المشروع ده، فلازم أحضره...
ثم مسح على شعرها من الخلف باعتذار، وقال: أنا آسف يا حبيبتي، بس هعوضك.
ماسة، وهي تحرك رأسها بلطف وتمسح على خده بنعومة، بعشق: ولا يهمك يا حبيبي، عادي أنا مش زعلانة. أنا قضيت معاك أسبوع في منتهى الجمال، ومش طمعانة في أكتر من كده. روح شغلك، وربنا يوفقك.
اقتربت منه وقبلته قبلة صغيرة على شفتيه.
سليم، بنظرة مليئة بالحب وهو يبتسم: ربنا يخليكي ليا.
ماسة، بابتسامة دافئة: ويخليك ليا يا أحلى حاجة في دنيتي.
تبادلا الابتسامات الرقيقة بحب وشوق. اقتربت وجهيهما من بعض ببطء، وبدآ يتبادلان قبلة حارة عاشقة. ضمها سليم بشدة إلى حضنه، وكأنه يريد أن يجعلها جزءًا من روحه، وهمس لها:
"بحبك. ولا عمري حبيت، ولا هحب قدك، ولا بعدك. قلبي ما عرفش طعم السعادة غير وإنتِي جنبي. أنا ممتن للصدفة اللي جمعتنا.
ابتعدت ماسة قليلًا، وهي تلامس خده وعينيه بأصابع يدها بنبرة جميلة: لو ما كنتش شوفتني في الحفلة وأنا مستحمية ولابسة فستان، وشوفتني على طول وأنا خدامة... كنت برضو هتعجب بيا؟
ارتسمت على شفتيه ابتسامة جذابة جميلة، وقال بنبرة عاشقة وهو يلامس خصلات شعرها التي تتلامس مع صدره: إنتِي فاكراني أعجبت بيكي عشان الفستان؟
هزت رأسها بالإيجاب، فأكمل وهو يهز رأسه بالنفي:
خالص! مش هنكر إنك خطفتيني من أول لحظة قابلتك فيها، بس أنا متأكد أي أن كان الوضع اللي كنت هشوفك فيه، كنت هتخطف نفس الخطفة، حتى لو كنتِي في زريبة!
ضحكا معًا بلطف، ثم أكمل وهو ينظر في عينيها بحب صادق: أنا ما حبيتش البنت اللي شفتها في عيد الميلاد بفستان جميل وشعر مظبوط. أنا حبيت البنت اللي كانت بتلبس جلابية وطرحة على شعرها، وتقولي: سليم بيه، ما تستصغرنيش!
صمت للحظة ثم أكمل بابتسامة عريضة: حبيتها وهي بتتكلم بتلقائية، وطيبة وبراءة، وهي بتصدق كل كلمة بقولها، وهي خايفة عليا أتوه، وهي بتتكسف مني، وهي بتتكلم كتير وبتسال اكتر من سؤال، فأكيد كنت أيًا كان المكان والزمان وأيًا كان اللي لابساه.
ماسة، وهي تنظر إليه بحب ودموع تلمع في عينيها:
"أنا يا بختي بيك، أكيد ربنا بيحبني عشان هداني ليك. بس والله مش عشان إنت غني وابن بشاوات وعيلتك كبيرة، لا... عشان إنت قلبك طيب أوي وحنين. ما شفتش في حنيتك حد، إنت حتى أحن عليا من أبويا وأمي. يوم ما أنقذتني من لورين وزعقتلها، حبيتك أوي أوي، وفضلت أدعي يومها ماتمشيش أبدا أو تعجبك وتاخدنا نشتغل عندك.
سليم، بابتسامة خفيفة: لسة فاكرة؟
ماسة، وهي تنظر إليه بعشق وامتنان: عمري ما نسيت ولا هنسى اللي عملته معايا يا سليم. ربنا يديمك في حياتي ويخليك ليا يا أحلى سليم في الكوكب.
سليم، بضحكة خفيفة وتعجب لطيف: في الكوكب؟!
ماسة، بتأكيد لطيف: أممم... وكل الكواكب كمان!
سليم، وهو يمازحها بحب: هتغر كده.
ماسة، وهي تقرص خده برفق وتداعبه: حقك.
ثم قبلته على عينه وخده بحب. ابتعدت قليلا وقالت وهي تلتفت نحو الهاتف: ممكن تديني تليفوني؟ رن كتير، هاشوف مين.
هز رأسه بالموافقة، مد يده نحو الكومودينو وأعطاه لها. أخذت الهاتف ونظرت إليه باستغراب.
ماسة، بتعجب: دي سوسكا اتصلت 8 مرات! هاكلمها.
لكن قبل أن تضغط على الزر، وضع سليم كفه فوق كفها وسحب الهاتف برفق وقال بلهجة حازمة.
وهو يرفع حاجبيه باتساع عينيه: مافيش تليفونات."
ماسة، وهي تحاول استعادة الهاتف: كلمتني 8 مرات.
سليم، وهو يرفع الهاتف بعيدًا بذراعيه: حتى لو 80 مرة، مافيش غير سليم دلوقتي! إنتي ملكي، ده آخر يوم لينا هنا، خلينا نودع المكان.
ماسة، بابتسامة خفيفة: يا سليم، بس...
سليم بتزمر لطيف: بس إيه! بس إيه! ها؟!
ماسة، برجاء خافت: وحياتي دقيقة بس.
سليم، وهو يركز نظراته عليها بحزم وبريق في عينيه:لا... لا... لا.
اقترب منها أكثر بنظرات حارة راغبة وضع شفتيه على شفتيها ووو.....
"في اليوم التالي، نزل ماسة وسليم إلى القاهرة، توجه سليم إلى المجموعة، بينما توجهت ماسة إلى والدتها.
بقلمي_ليلة عادل (. ❛ ᴗ ❛.)♥️
-مجموعة الراوي الواحده ظهراً
-مكتب سليم
-نشاهد سليم يجلس على المقعد الأمامي للمكتب بمفرده. كان يمسك بأحد الأقلام وهو يضربه على المكتب بتفكير. بعد قليل، فتح الباب ودخل عزت. رمقه من أعلى إلى أسفل قائلاً.
عزت: حمد لله على السلامة.
رفع سليم عينه له تبسم قال بمكر: الله يسلمك إنت كمان حمد لله على السلامة يا رب تكون اتوفقت في المشروع، كان فى جنيف مظبوط؟!
جلس عزت أمامه مبتسماً فهو يعلم جيداً إن سليم يتلاعب عليه في الحديث ... أكمل سليم وهو يبتسم نصف نظر داخل عين عزت، كان على يقين إنه مع نانا.
سليم بمكر: هي نانا لسة مارجعتش من السفر.
عاد عزت بظهره على ظهر المقعد وقال بثبات: إنت أخر واحد تتخابس إنت عارف أنا كنت فين ومع مين.
سليم تبسم بكبرياء: وأنا بحبك أوى وإنت بتجيب من الأخر معايا .. عموما أنا اجتعمت مع المهندسين وشفت التصاميم وعجبتني شهرين وكل حاجة هتبقى جاهزة وهنبتدي في البنا ٦ شهور وهنستلم أول وحدة.
عزت: تمام،( بشدة) إنت إللي هتتحاسب لو خسرت جنيه !!
نظر له سليم وهو يحك فى رقبته بلا مبالاة كأنه لم يستمع لشيء أكمل عزت بتساؤل ..إنت اشتريت فيلا جديدة فى الرحاب؟
سليم: إنت لحقت عرفت!
عزت بثقة: أنا عارف كل حاجة أوعى تنسى إني الباشا.
سليم تبسم: عارف إنك الباشا آه اشتريت وهنتنقل فيها يعني بالكتير شهر تكون جهزت.
عزت: إنت شايف إن ده وقت مناسب تاخد خطوة زي دي.
سليم بغرور: آه ده أنسب وقت.
عزت: اقنعني.
سليم بغرور لا يليق إلا به: المهم إن أنا مقتنع أناعارف أنا بعمل إيه.
عزت تنهد بتعب منه وغروره الذي لا ينتهى: المهم أمنها كويس.
سليم: ما تقلقش .... نهض وهو ينظر له .. عايز حاجة تاني.
عزت رفع عينه بتعجب: هتمشي.
سليم وهو يهز رأسه بإيجاب : امم مشوار و راجع على طول.
هز عزت رأسه بإيجاب:صافيناز اجهضت امبارح.
نظر له سليم باتساع عينه بحزن: بجد هي كويسة.
عزت: اممم كويسه.
سليم: هحاول متاخرش سلام.
أثناء خروج سليم من المكتب و تحركه في الممر تقابل مع السكرتيرة.
سليم: نور رايح مشوار ومش هتأخر.
نور: طب والإجتماع!
سليم: قولت مش هتأخر.
هزت راسها بإيجاب تحرك سليم وصعد المصعد حتى الطابق الأول ثم تحرك حتى سيارته كان يتوقف مكى أمام باب السيارة ومعه حراس.
نظر سليم إليه وتساءل وهو يعقد حاجبيه باستغراب: إنت جِيت ليه؟
مكي: لو قعدت أكتر من كده هتعب.
هز سليم رأسه بعدم رضى وصعد السيارة وخلفه مكي وجلس في المقعد بجاور السائق.
أثناء تحرك السيارة ألتفت مكي برأسه قليلاً في زاوية سليم.
مكي بعملية: أنا عاينت الفيلا، عرفان عامل شغل حلو، حولك الفيلا لسجن.
سليم: وأنا مش عايز غير كدة، أنا هروح النهاردة شقتي إللي بالزمالك، ظبط الدنيا هناك هقعد فيها لحد ما الفيلا تجهز.
مكى:طب متروح الشاليه بتاع المزرعة الفيوم عشان التأمين أسهل فيه.
لو سليم شفتيه بإستغراب:إيه مش هتعرف تأمنها ؟
مكى: لا هعرف بس إنت عارف الشقق السكنية بتكون أصعب، وأنا محتاج أعمل خطة تأمين عشان السكان .. روح أقعد فى الشاليه بتاع مزرعة الفيوم افضل، شقه الزمالك دي، انت فاهم كان لايه!! بلاش ماسة تدخل مكان زي ده، او ممكن تقعد في فندق.
سليم هز راسه بإيجاب: عندك حق، طب كلمهم ينضفو الشالية.
مكي: حالا، بس إنت ليه مش عايز تقعد في القصر؟
سليم: عايز أعيش حياتي بشكل طبيعي شوية في القصر شوية في بيتي زى ماكنت.
مكي: تمام حتى يبقى إعلان منك إنك مش خايف.
سليم: بالظبط كمان عشان ماسة متحسش إن في حاجة أو تغيير فى حياتنا بعد حادثه خطفها عموماً النهارده هكون في القصر عشان صافي نزلت البيبى وبكره نروح المزرعه.
مكي: تمام.
فيلا عائلة ماسة الوحدة ظهراً.
في الهول
نشاهد ماسة تجلس مع عائلتها وسط أجواء دافئة، مع تبادل الأحاديث بينهم.
سعدية بتسأل: مش كنتوا ناويين تقعدوا شهر؟
ماسة وهي تمسك بفنجان القهوة: سليم عنده شغل.
مجاهد يهز رأسه متفهماً: ربنا يعينه.
يوسف يقترب من ماسة بحماس: ماسة، متكلمي سليم يخلينا نروح رحلة حلوة كده!
مجاهد: بس يا واد يا يوسف.
ماسة: سيبوه يا بابا. حاضر، هاقوله نروح سوا تاني.
امال فين عمار
سعدية: خرج اتعرف على ابن الجيران بقى داير يتسرمح معاه.
هزت ماسة راسها بإيجاب، وجهة نظراتها إلى سلوى بابتسامة مرحة: سوسكا، تعالي وريني الجلابية اللي جبتهالك، عايزة أشوفها عليكي.
مدت ماسة يدها لسلوى بحماس: قومي يلا!
سلوى تبتسم وتنهض معها. تتحركان معاً باتجاه غرفة سلوى، يعلو صوت ضحكاتهما الخافتة في الممر.
غرفة سلوى
تجلس سلوى وماسة على الأريكة بجانب بعضهما. سلوى تتحدث بسعادة، ملامح وجهها مشرقة وكلماتها تفيض حماساً، بينما ماسة تنصت إليها بابتسامة لطيفة واهتمام بالغ.
ماسة تهز رأسها بدهشة: ده مكي فتح قلبه على الآخر! تعرفي إن دي أول مرة أعرف المعلومات دي كلها؟ إزاي سليم ما يقوليش؟
سلوى تقطع كلامها بتحذير وهي تنظر إليها بتوتر: أوعي تقولي له بقى، أحسن يفهم غلط.
ماسة تبتسم بثقة: متخافيش. بس أنا عارفة أخلّيه هو اللي يقول بنفسه( تسأل متعجبه) طب إحنا هنفضل كده كتير؟ تلميحات واهتمامات من غير ما نعرف عايز إيه؟
سلوى: يعني تفتكري كل ده مش معناه حاجة؟ مش سليم كان بيعمل معاكي كده، وفي الآخر طلع بيحبك؟
نظرت ماسة لها بتركيز فهي قلقه عليها قالت: بس أنا خايفة يا سلوى عليكي، أنا تعلمت إن مش كل كلمة حلوة معناها حب، ولا كل اهتمام يعني ارتباط. ممكن تكون أي حاجة تانية،و أتعلمت كمان إن الراجل ما يتاخدش عليه الكلام الا لو قالوا بوضوح.
سلوى تبتسم بثقة، وملامحها تتوهج بالأمل: ما تخافيش، صدقيني بيحبني. أنتِي ما شفتيش بيكلمني إزاي ولا بيبص لي إزاي؟ ولا إنتي مش عايزاني أعيش قصة حب حلوة زيك، وأتجوز عن حب؟
ماسة تنظر إليها بحزن، تتنهد وتقول بصوت حنون: مش كده يا سلوى. أنا بس خايفة عليكي ربنا يعلم أنا بدعيلك كل صلاه ربنل يرزقك واحد يحبك زي ما سليم بيحبني.
سلوى تضع يدها على كتف ماسة وترد بثقة أكبر: متخافيش. مستحيل يعمل حاجة غلط، ده أكيد هيخاف من سليم.
ماسة: طب عايزاكي ما تتعلقيش بيه أوي، ممكن؟
سلوى تضحك بخفة وترد بحماس: ما تخافيش. المهم دلوقتي تنبسطي في أسوان!
ماسة تضحك معها، وترد بسعادة: جداً جداً
-مدينة الرحاب الثانية مساءً
-مظهر عام للمدينة، ثم نقترب من إحدى الفيلات ذات السور العالي الذي يعلوه حديد، وتوجد بها أبراج مراقبة، والرجال الذين يتحركون مع الكلاب البوليسية وآخرون يحملون الأسلحة. فهي محصنة كالسجون. دخلت سيارة سليم، وخلفها الحراس.
هبط سليم من السيارة بعد أن فتح له مكي، وكان في انتظاره عرفان ورجاله.
عرفان بترحيب: سليم باشا، حمد الله على السلامة.
سليم: الله يسلمك.
مرر عينه من حوله هو يتطلع على التأمين.
عرفان: ها عجبك المكان يا ملك.
سليم نظر له بكبرياء: الأهم التأمين يكون مظبوط ومايتخرقش.
عرفان بثقة: عملتلك تأمين أقوى من تأمين السجون. السور كان ٢وتص متر، خليتهولك ٥ متر، وحطيت حديد موصل بالكهرباء عشان لو حد نجح وعرف يطلع السور، يتكهرب. وزي ما سعاتك شايف...
وهو يشير بيده إلى السور:
السور من تحت فيه أسلاك، يعني لو فصلوا الكهرباء، بمجرد ما ينزل رجله هتوحشه. بنيت برجين مراقبة، ولسه فيه اتنين تانيين بيتنفذوا. هنحط فيهم قناصة. البوابة متكهربة. أما الكاميرات هتكون متقسمة لـ ٣ أجزاء: الأول ظاهرين قدام أي حد، التاني متوسطين يعني الخبير بس اللي هيوصلها، التالت مخفين في أماكن الجن نفسه مش هيوصلها، ومحدش هيعرف مكانهم غيري أنا وإنت ومكي. والرجالة هتتوزع داخل وخارج الفيلا، نظام ورديات على مسؤوليتي.
سليم بحسم: محدش هيدخل جوة.
مكي: هيكونوا في البالكونات مدينك ظهرهم.
سليم بقوة وحسم: محدش هيدخل جوة.
عرفان: بس اا
قاطعه سليم بحزم: قولت مافيش، فكر في حاجة تانية
عرفان:أمرك.
سليم: وصلتوا لحاجة؟
مكي:إسماعيل لسه بيدور. أنا كمان ماشي ورا خيط، بس لما أوصل لحاجة هقولك.
"سليم: تمام، أنا راجع المجموعة..." مرر سليم عينه عليهم وقال بحدة وهو يركز في ملامحهم: "أخرَكُم الأسبوع ده وتوصلوا للخاين عشان ما أبدأش أدور بنفسي. ولو دورت بنفسي، هتزعلوا."