رواية أسير عينيها
الفصل الخامس عشر 15 والسادس عشر 16 الجزء الرابع
بقلم دينا جمال
وقفت سيارة حسام امام عمارة سكنية كبيرة رفيعة الطراز، نزل خالد ليتبعه حسام بعد أن فتح صندوق سيارته، ليخرج الحقائب، فتح خالد باب السيارة الخلفي لتخرج تالا والفتاتين، اتجه بهم إلى الداخل ليتبعهم حسام بالكاد يستطيع التحرك من كثرة تلك الحقائب التي يحملها، تحرك للمصعد الآخر ليخبره خالد برقم الطابق...
في داخل الشقة فتح خالد باب الشقة بالمفتاح الخاص به ينير مفاتيح الكهرباء لتظهر شقة كبيرة ذات أثاث عصري فاخر
ابتسم يفسح لهم المجال لتدخل الفتيات وخلفهم الذي وضع الحقائب في أحد الاركان نظر لخالد يردف بهدوء:
- أنا هستني حضرتك تحت
حرك خالد رأسه إيجابا ليغادر حسام مغلقا الباب خلفه، التفت خالد للفتيات يشير إلى ممر طويل يساره يبتسم له برفق:.
- سارة، سارين، الأوض من هنا اختاروا اللي يعجبكوا، اسكتشفوا المكان بنفسكوا
اخذت كل فتاة حقيبتها لتتجها إلى الممر الطويل، يبحثان بين الغرف، بينما اتجه هو ناحية تالا الغرفة القابعة على اريكة بعيدة عنهم، جلس على المقعد المجاور لها صامتا
يراقب.
عينيها شاردة ضائعة حائرة، دموع من دماء تحبسها بكبرياء داخل مقلتيها تود فقط الانفراد بذاتها لتخلع قناع قوتها الزائف وتنهار باكية تنعي حياتها البائسة، تخلي عنها ببساطة كأنها لا تعني له شيئا، عشرة سنواتةحب انتماء حياة اطفال ضاعات في اللاشئ.
اجفلت من شروطها البائس على حركة يد خالد جوارها حين التقط ورقة صغيرة من الطاولة امامها يخط عليها بقلمه رقم هاتف، رفع رأسه إليها يحاول ولو قليلا يطمئنها على ما سيحدث:
- تالا، ركزي معايا أنا لو عليا عايز اخدكوا معايا، بس انتوا دلوقتي محتاجين بعض أكتر من اي حاجة تانية، ادفي ببناتك يا تالا، بناتك محتاجينك، اوعي تضعفي عشانهم هما.
حركت رأسها إيجابا لتتبدل نظرة الضياع في عينيها إلي اخري حازمة جادة مسحت دمعاتها المتساقطة تردف بجد:
- عندك حق، أنا مش هضعف عشان خاطر بناتي، أنا غلطت في حقهم وهعوضهم عن اللي فات
صمتت للحظات لتفرك يديها متوترة خائفة من القادم تحاول أن تظهر ثبات غير موجود من الأساس بلعت لعابها تطلب منه بتوتر:
- لو ينفع يعني تشوفلي شغل عشان يعني المصاريف.
ما إن أنهت جملتها وجدت خالد ينفجر ضاحكا ظل يضحك كأنها اخبرته طرفة مضحكة للغاية، هدأت ضحكاته قليلا ليمسح وجهه بكف يده يكمل في مرح:
- كملي بقي المسلسل ما فيش حد في ولادك يا شلبي هيجوع ولا هيسيب العلام أنا مش حافظ يا زينب
اتسعت عينيها بذهول تنظر له بتعجب هي تعرف وجه خالد الوقور الرزين ولكن ما يفعله الآن، رغم حزنها الدفين ابتسامة صغيرة خافتة عرفت طريقها إلى شفتيها، لتجده يكمل كلامه بجد:.
- بصي يا تالا مع كامل احترامي ليكي مش عايز اسمع الهبل دا تاني، مصاريف البيت والبنات عندي من النهاردة ودا مش كرم اخلاق مني دا حقكوا، ومش عايز لا نقاش ولا اعتراض، هتلاقي في المطبخ ورق كتير مطاعم صيدليات سوبر ماركت
مد يده بالورقة التي خط عليها رقم ما يعطيها لها:.
- دا رقم السواق في عربية هتكون تحت امركوا من النهاردة دروس البنات النادي اي مكان تحبوه، لو عوزتوا اي حاجة ما تترديش لحظة انك تكلميني تمام يا تالا
ابتسمت له ممتنة تحرك رأسها إيجابا لتهمس بخفوت:
- متشكرة اوي يا خالد على كل اللي عملته عشاني أنا والبنات
خبت لمعة عينيه حزنا عليهم ليربط على يدها برفق يبتسم برفق:
- أنا لسه ما عملتش حاجة يا تالا، دي حاجة بسيطة أنا لسه هعمل، خلوا بالكوا من نفسكوا، عن إذنك.
ترك لها جميع النسخ الخاصة بمفاتيح المنزل ليودعهم غادر نظر إلى باب الشقة المغلق لتحتد عينيه غضبا يهمس في نفسه متوعدا:
- صبرك عليا يا عمر يا سويسي
ما إن استقل السيارة جوار حسام وجد هاتفه يدق برقم زوجته فتح الخط ليسمعها تصيح مذعورة:
- خالد الحقني لينا مش عارفة مالها عمالة تعيط وتترعش
حسنا يبدو أن زيدان نفذ الجزء الأخير من الخطة باكرا، هتف سريعا بتلهف:
- أنا جاي حالا خليكي جنبها ما تسيبهاش.
بعد مدة قصيرة قاد حسام سيارته بعنف ليصل إلى وجهته، في الطريق اتصل خالد بزيدان يطلب منه أن يوافيه إلى منزله فورا، وصل خالد إلى منزله شكر حسام ليهرول راكضا إلى غرفة ابنته، فتح الباب بتلهف ليراها كانت هناك تجلس على فراشها متكورة ضامة ركبتيها لصدرها تبكي في صمت رأسها على صدر والدتها بينما بدور تربت على كتفها تهدئهدها كأنها طفلة صغيرة لا أحد فيهن يفهم ما بها، رفعت وجهها ما أن رأت والدها لتنظر له بجزع تبكي بعنف قامت من برأسها بصمت اتجهت ناحيته وضعت رأسها على صدره تبكي دون كلام ليشير إلى لينا وبدور أن يخرجا من الغرفة، خرجت بدور بينما حركت زوجته رأسها نفيا ترفض إن تترك ابنتها في هذه الحال ليرميها بنظرة هادئة مطمئنة تنهدت الأخيرة بحيرة تحرك رأسها إيجابا، ما أن اغلقت لينا الباب خلفها اتجه بابنته يجلس جوارها على الفراش يمسح على شعرها بهدوء ارجع خلصة ثائرة خلف أذنها اليسري ابتسم يسألها برفق:.
- أمك وقعت قلبي، مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه، مش كل حاجة خلاص بقت تمام، الكلية وتقدري تروحي من بكرة لو عايزة، زيدان وخلاص خرج من حياتك، واللي اسمه معاذ دا اتصلي بيه وأنا مستعد اقابله في اي وقت
ما إن نطق اسمه ارتفعت شهقاتها ترتجف بعنف من ألم قلبها قبضت على كفيها تغرز اظافرها في كف يدها تحرك رأسها نفيا دون حديث، ليرفع خالد وجهها برفق قطب جبينه يسألها بحذر:
- لاء ايه، انتي كلمتي معاذ دا.
نظرت له بجزع للحظات لترمي بنفسها بين ذراعيه تقبض على سترته باظافرها تصيح باكية:
- ما بيحبنيش، بيقولي احنا صحاب، ما بيحبنيش
اصطنع الصدمة ببراعة ليبعد وجهها عن صدره يحاوطها بكفيه قطب جبينه متعجبا يسألها:
- لينا اهدي وفهميني ما بيحبكيش ازاي يعني
حركت رأسها إيجابا تقص له بتقطع بين شهقات قلبها الحزين، ظل جامدا ينظر لها بهدوء بداخله ابتسامة واسعة حمحم يستعيد جديته، ليربط على وجهها برفق:.
- المشكلة مش عندك يا لينا، معاذ من اول مرة شوفته فيها وأنا عارف أنه عيل لعبي بيحب يتسلي، طالما الموضوع كان خروج وضحك من غير ما يخش في الإطار الرسمي يقولك أنا بحبك، اول ما قولتيله بابا موافق تيجي تتقدم يقولك لاء احنا صحاب، يا بنتي هو النوع دا كدة زي ما عمل كدة معاكي هتلاقيه عمل مع ألف غيرك، العيب مش فيكي اعرفي دا كويس.
حركت رأسها نفيا بعنف تغمض عينيها تشد عليها بقوة تحمل نفسها ذنب تركه لها كما فعل الجميع قبلا، فتحت عينيها على وسعهما حين نطق والدها بقلة حيلة:
- لو عيزاه يا لينا بعد ما باعك أنا مستعد اخلي يجي يطلب ايدك غصب عن عينه، عايزة تبقي رخيصة يا لينا
اتسعت عينيها في صدمة يملئ الألم حدقتيها لتحرك رأسها نفيا، مسح خالد دموعها بإبهاميه يبتسم في هدوء مرح:.
- حبيبتي دا ما يستاهلش دموعك والله، دا كبيره ساعة ونص زعل وزمانهم عدوا، قومي يا بنت اغسلي وشك يلا عشان ننزل
حركت رأسها نفيا مرة أخري هي فقط تريد الاختلاء بنفسها لتعاتب نفسها بقسوة على تركه لها، لتشهق فجاءة بعنف حين شعرت بوالدها يحملها بين ذراعيه يضحك بصخب:
- عشان تبقي تقولي لاء يا بنت السويسي...
ضحكت عاليا كأنها طفلة صغيرة ةاتجه بها ناحية المرحاض، يبتسم بخبث مردفا:.
- هتغسلي وشك وننزل ولا ارميكي في البانيو
ابتسمت بسعادة تنظر لوالدها لتعانق رقبته بقوة تهمس في سعادة:
- أنا بحبك اوي يا بابا
أنزلها ارضا ابتسم بحنو ليقبل جبينها أمسك ذراعيها بين كفيه يهمس برفق:
- وانتي حتة من قلبي يا لينا، أنا مستعد أعمل اي حاجة عشان سعادتك، صدقيني هو ما يستاهلكيش، اوعي تبكي على حد باعك فهماني يا حبيبتي.
ابتسمت بحزن تحرك رأسها إيجابا عقلها شارد حائر ممزق، اما قلبها فيصرخ فرحا اخيرا انتصر على عقلها.
في ظلام الليل الحالك، تحت استاره السوداء جريمة نكراء جثة لرجل مطعون بالسكين ملقاه على قارعة الطريق، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة نحت باظافره على الأرض اسم قاتله
تعالت صيحات أحد الفلاحين حين رأي تلك الجثة:
-جتيييل، جتيييل يا ولا يا حضرة يا كبرات البلد جتيل
، يصرخ يصيح في جوف الليل ليجمتع في دقائق جميع الرجال وعلى رأسهم كبار القرية.
لحظات دقائق ساعات قبل أن يجتمع الرجال في مجلس عمدة البلد لفض النزاع تعالت صيحات الجميع
- دا جتيل من عيلة المنشاوي
- يبجي ابن اخت المنشاوي الكبير
- اكدة هياخدوا تارهم من عيلة الرشيد
- ايوة طبعا ما حسان كتب اسم الشريف على الأرض بدمه
صوت صدمة قوية من عصا العمدة الضخمة صفعت الأرض بعنف لتتوقف الاقاويل من هنا وهناك صدح صوت العمدة حادا عنيفا:.
- بس ما عايزش اسمع صوت واصل لحد ما يجي كبير عيلة الشريف وكبير عيلة المنشاوب ونشوف ايه هيحصل
لحظات ودخل رجل تقريبا في نهاية السبعينيات من عمره جسده ضخم شعره ابيض خفيف ملامحه مجعدة قاسية يستند على عصا ابانوس من الخشب جواره ولده البكري، ليقف العمدة سريعا يرحب به:
- يا اهلا بالحج وهدان المنشاوي اتفضل يا حج اجعد.
جلس وهدان بوقار يستند بكفيه على رأس عصاه يناظر الجميع في هدوء لم تمر سوي دقائق ودخل رجل طويل القامة عيناه سوداء لامعة بوقار، شعره أغلبه أبيض كالفضة يتخلله بعض الشعر الاسود، بجلبابه الاسود لا شال ولا عمامة فقط جلباب اسود، دخل يحيهم بهدوء:
- مساء الخير
قام العمدة مرة أخري يحيه بهدوء:
- اهلا اهلا يا داكتور رشيد اتفضل اجعد
جلس رشيد مقابلا لهم ليبدأ العمدة كلامه:.
- دلوجت يا دكتور رشيد حسان ابن اخت وهدان بيه اتجتل، واحنا كلنا عارفين إن كان في عداوة قديمة بينه وبين رحيم الشريف ابن عمتك المرحومة، دا غير اننا لجينا اسم الشريف على الأرض جنب حسان، احنا طبعا ما هندخلش الحكومة ما بينا، بس التار يا كبرات العيلة ما عيزنهاش حرب دم بين الشباب الصغار
قاطعتهم رشيد حين هب واقفا يصيح بحدة في حزم:.
- رحيم دا أنا ما اعرفش عنه حاجة ومن زمان وهو شارد برة العيلة وامه الله يرحمها اتبرت منه قبل ما تموت بسبب عمايله الشين، ليه دلوقتي نشيل مصيبته، ما نبلغ عنه أن هو اللي عملها والبوليس يتصرف معاه
وقف العمدة سريعا يحاول تهدئه رشيد:
- رحيم اللي عامل زي الزيبق وما حدش بيعرف يشوفه الحكومة هتلاجيه، دا مش الحل يا داكتور، احنا لازم نعمل صلح
هدأت أنفاس رشيد ليحرك رأسه إيجابا يهتف بهدوء:.
- إذا كان كدة ماشي، تقبلوا كام دية يا عيلة المنشاوي
هب ذلك الرجل المجاور لكبير المنشاوي وقف يصيح غاضبا:
- احنا ما هنقبلش الدية يا كبير عيلة الشريف
اقترب رشيد منه تهجمت ملامحه يصيح بحدة - اومال عايز ايه يعني، اروح اصحيلك الميت، استغفر الله العظيم يا رب
تدخل العمدة سريعا يقف بين الرجلين ليهتف مهدئا الأجواء:.
- اهدوا بس يا جماعة الموضوع ما يتحلش اكدة، أنا رأيي النسب بين العيلتين هيحل الخلاف ويوقف بحر الدم، يعني واحد من عيلة المنشاوي يتجوز بتك يا دكتور رشيد
انتفض رشيد كمن لدغة عقرب يصرخ بحدة غصبا:
- بنت ميين دا أنا بنتي عيلة عندها 15 سنة أنا مش هجوزها في السن دا ابداا، عايزينها حرب دم أنا مستعد بس بنتي لاء...
جذب العمدة رشيد من يده سريعا بعيدا عن الجمع يهمس له بقلق:.
- يا رشيد يا ولدي اللي هتعمله دا ما ينفعش، حرب الدم هيموت فيها ناس كتير مالهمش ذنب، اعرض عليهم طيب إن ولدك هو اللي يتجوز واحدة من بناتهم يمكن يوافجوا
قطب رشيد جبينه يفكر جاسر، يتجوز احدي بنات تلك العائلة فكرة راقت له كثيرا جاسر دائما يتهرب من موضوع الزواج سيضمن بذلك الحل ان يتزوج جاسر وإن تنتهي الحرب بين العائلتين قبل أن تبدأ من الأساس.
حرك رأسه ايجابا ليتجه إلى الجمع وقف امام وهدان كبير العائلة يهتف في هدوء:
- أنا موافق يا حج، وبطلب ايد اي بنت من عيلتكوا لولدي الباشمهندس جاسر موافق
لحظات صمت من ناحية الجميع ليحرك وهدان رأسه إيجابا بهدوء يغمغم بكملة واحدة:
- موافق
اتسعت عيني ابنه يصيح غاضبا:
- يا ابوي...
رماه وهدان بنظرة حادة ليبتلع باقي كلماته يزفر بغيظ، قام وهدان منهيا المجلس:.
- الموضوع خلاص انفض، بقي بيتي وبين الدكتور نسب ما عايزش حوار التار يتفتح تاني واصل
خرج وهدان بصحبة ولده، متجهين إلى منزله التفت ماهر إلى أبيه يهمس بغيظ:
- ازاي يا ابوي توافج على اكدة..
نظر وهدان لولده يبتسم في خبث دفين يهمس بمكر:
- واحنا هنكدبوا الكدبة ونصدقوها ولا ايه ايش حال أنك جاتل حسان بيدك، وناقش اسم الشريف عشان نلبسها فيهم
ابتسم ماهر ابتسامة شيطانية واسعة يتمتم بمكر:.
- الله يجحمه حسان قال إيه جاي يطالب بورثه وبيهددني ولد المركوب، بس دلوقت يا ابوي ما عندناش بنات في العيلة غير بنت اخويا عز الدين
مرة أخري عادت الابتسامة الماكرة تشق شفتي وهدان ليهمس في خبث:
- لاء فيه مايا بت اختك مايا اللي ماتت
اتسعت عيني ماهر بصدمة ليصيح سريعا:
- مايا يا ابوي، دا أنا اتصلت باخوها من يومين اخبره يجيبها اهنه زي ما طلبت، زعق في وشي لو كان طالني كان جتنلي..
اتجه مندور ناحية سيارته يستقل مقعدها الخلفي يتمتم في مكر:
- المرة دي أني هعرف زين كيف اجيبهم لحد عندي.
انهي عمله مع العمال اخيرا انتهي يوم طويل شاق في العمل في تلك الأرض الزراعية التابعة لعائلتهم، استقل سيارته سيقضي اليلة في منزل عمته، وفي الغد سيسافر إلى قريتهم اشتاق لاخته الصغري كثيرا، في الطريق جق هاتفه نظر إلى المتصل ليتنهد حانقا فتح مكبر الصوت يلقي الهاتف على مقدمة السيارة يهتف في ملل:
- ايوة يا شاهي خير
لحظات وسمع صوت انثوي ناعم تهمس بدلال:
- وحشتني يا جاسر مش ناوي تيجي بقي أنا ما وحشتكش.
تنهد بغيظ ليهتف ببرود:
- أنا كنت عندك من يومين يا شاهي مش شغلانة هي
ما هي الا لحظة سمع صوتها تنتحب باكية كأنها في عزاء شخص عزيز عليها:
- إنت بتعاملني كدا ليه يا جاسر أنا ذنبي ايه هاا، هو أنا اللي غلطت ولا أنت كل دا عشان بقولك وحشتني
تنهد ضجرا نفس الاسطوانة تعاد كل يوم تقريبا نعم هو أخطأ ولكنه صحح ذلك الخطأ، أوقف سيارته في حديقة منزل خالد ليهتف بملل:.
- خلاص يا شاهي أنا آسف هكون عندك في أقرب فرصة يا حبيبتي
صاحت بسعادة:
- بجد يا جاسر ربنا يخليك ليا يا رب
تنهد بنفاذ صبر ليغلق مكبر الصوت وضع الهاتف على إذنه يهتف بضجر:
- طب يا شاهي أنا هقفل دلوقتي عشان داخل
على لجنة، سلام
لم يعطيها فرصة للرد بل سريعا أغلق الخط وضع الهاتف في جيب سرواله ليتجه إلى داخل المنزل، وجد الجميع في غرفة الصالون يبتناولون الحلوي ليصيح يجيد تمثيله:
- خووووونه بتاكلوا بسبوسة من غيري.
اتجه ناحيتهم ليرتمي بجسده جوار زيدان الذي يحاول الا ينظر ناحية لينا الجالسة جوار أبيها
التقط طبق الحلوي من يد زيدان ياكل منه بنهم:
- أنا أنك بتحب البندق مش البسوسة
غمز له بطرف عينيه بمكر ليتجهم وجه زيدان حانقا من ذلك الفتي، لا يصدق اخيرا أن خطتهم سارت على خير ما يرام لينا بالفعل صدقت أن معاذ كان فقط يتسلي بها، وها هو الآن سيسعي بكل السبل ليحاول التقرب منها.
ليأتي ذلك الاحمق يضايقه، ولكن ذلك الأحمق كما يدعوه دوما هو الوحيد القادر على رسمة البسمة على شفتي حبيبته، لذلك اقترب برأسه منه يهمس بغيظ:
- إنت يا عم ااطفس لينا متضايقة، قول اي نكتة لعبة اي حاجة تضحكها
نظر جاسر له وفمه محشو بقطع البسبوسة ابتسم في خبث يحرك رأسه إيجابا بلع ما في فمه ليهتف بصوت عالي:
- بقولكوا ايه ما بدل الصمت دا تعالوا نلعب أفلام
ابتسم خالد في مكر ليحرك رأسه إيجابا يؤيد الفكرة:.
- فكرة حلوة وأنا اللي هبدا
تحمس الشباب اعتدلت لينا جالسة جوار والدها ليحرك يده إلى الخلف ليصيح الشباب معا:
- فيلم قديم
حرك رأسه إيجابا يبتسم في مكر، ليرفع سبابته فقط فصاحوا جميعا مرة اخري:
- كلمة واحدة
ابتسم في اتساع ليشير ناحية جاسر فقط دون أن يفعل شئ آخر لتهتف لينا سريعا:
- اخ، اخويا، رجل...
حرك خالد رأسه نفيا ليكمل زيدان:
- الغبي العبيط
نظر له جاسر بحدة ليضحك خالد يحرك رأسه نفيا ليهتف جاسر بفخر:.
- العبقري، الجينيس
مرة أخري عاد يهز رأسه نفيا وقف من مكانه يمسك يد زوجته متجها بها إلى اعلي التفت لهم يهتف باستمتاع:
- فيلم العار!
اصفر وجه جاسر من الصدمة بينما انفجر الحاضرين ضاحكين عليه.
على صعيد آخر كان الحزن يخيم على تالا على فراش كبير احتضنت طفلتيها لم ترد ابعداهما عنها ابدا بعد الآن يكف خطاها في الماضي لن تكرره نظرت للفاتين يغطان في نوم عميق، لتدمع عينيها حزنا مالت تقبل جبين كل منهن تهمس بألم:
- سامحوني أنا آسفة.
يحترق قلبها يشتعل ألما هي لا تزال تحب ذلك الحامض لا تعرف كيف يطلقها بتلك البساطة، مسحت دموعها سريعا حين سمعت صوت دقات على باب منزلهم قطبت جبينها من الممكن أن يكون خالد ولكن لما يأتي في تلك الساعة المتأخرة، ارتدت مئزر قطني فوق ملابسها لتتجه إلى خارج الشقة نظرت من تلك الفتحة الصغيرة التي تتوسط باب المنزل لم تري سوي الظلام، اقتربت من الباب تهمس بقلق:
- مين، مين برة.
لم تلاقي اي رد بلعت لعابها بتوتر لتفتح الباب فقط فتحة صغيرة شهقت بعنف حين شعرت باحدهم يدفع الباب لترتد إلى الخلف ويظهر هو عمر ينظر لها كطفل ضائع دون سابق إنذار القي بجسده عليها يعانقها بعنف كطفل ضائع وجد امه اخيرا.تبع
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس عشر
للحظات طويلة ظلت متجمدة صلبة كأنها قطعة من صخر صلب أصم وهو يضم جسدها له يدفن رأسه بين كتفها وعنقها كطفل صغير ضائع ينشد الأمان، رفعت يديها تحيط جسده بها لتتسع عينيها على آخرهما حين تبخر كالسراب من امام عينيها نظرت حولها بلهفة تبحث عنه لتصيح بصوتها كله:
- عممممرررر.
فتحت عينيها فجاءة تلهث بعنف تصببا عرقا تغرق فيه، بلعت لعابها الجاف تحاول التقاط أنفاسها المسلوبة، قلبها يطرق كطبول حرب دقها المحاربون بعنف يعلنون قدم غارة من العشق المؤلم، انتصفت تستند على مرفقيها لتجلس على الفراش تلهث بعنف، نظرت جوارها لتجد فقط سارة هي النائمة ولا أثر لسارين، غص قلبها ألما لتنهض من فراشها سريعا تبحث عن طفلتها، خرجت من الغرفة تبحث هنا وهناك، إلى ان جذبها ضوء الشرفة المضاء ذهبت ناحيته تمشي بهدوء لتجد سارين تجلس هناك على مقعد صغير ترفع قدميها تسندهما إلى صدرها تستند برأسها على حافة الشرفة تنظر لظلام الليل شاردة حزينة، اقتربت تالا منها حمحمت ترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها لتلتفت سارين لها، جذبت تالا المقعد الآخر تضعه مقابل لابنتها جلست أمامها تسألها برفق:.
- قاعدة هنا ليه يا حبيبتي
ابتسمت بشحوب تحرك رأسها نفيا تتمتم شاردة:
- ابدا يا ماما، ما جاليش نوم البيت قولت اقعد هنا شوية وهدخل أنام
مدت تالا يدها تربت بها على وجه طفلتها برفق ابتسمت لها بشحوب لتتمتم بندم:
- أنتِ زعلانة مني يا سارين، أنا
قاطعتها حين امسكت كف يد والدتها المنبسط على وجنتها تبتسم لها برفق يكسو الألم نبرة صوتها:
- لا يا ماما على الاقل أنتي اخترتينا ما اتخلتيش عنا عكس بابا.
انسابت الدموع من عيني تالا لتحاوط وجهه ابنتيها بكفيها تهمس لها بارتعاش:
- بابا مش وحش يا سارين صدقيني هو بيحبكوا اوي هو بس السكينة سرقاه وهيرجعلكوا تاني
نظرت سارين لعيني والدتها الباكية لحظات من الصمت لا يسمع سوي صوت أنفاسهم لتفجائها قائلة:
- طب وانتي هيرجعلك تاني
اتسعت عيني تالا قليلا من كلمات ابنتها لتبعد يديها تمسح دموعها بقوة تحرك رأسها نفيا بكبرياء قالت:.
- حتى لو رجع يا سارين أنا مش هرجعله، باباكي باع الحب والعشرة اللي بينا بالرخيص أوي
ابتسمت برفق لتقترب بالمقعد تجلس جوار ابنتها تعانقه بحنو تقبل قمة رأسها:
- أنا مش عايزة في الدنيا دي غيرك انتي وسارة، هو صحيح عمك خالد مش هيسيبنا بس لازم يكون في دم أنا معايا شهادات وكورسات كبيرة ومن بكرة هنزل اشوف شغل، هعوضكوا عن كل اللي فات.
وقف في شرفة منزله يمتص سيجارته بعنف واحدة تليها الثانية والثالثة لم يعد العدد يهم يحرق عقله لا سجائره حائر مشتت ضائع هو فعل الصواب أم خدعه الخطأ بستار الصواب الزائف، القي سيجارته ارضا يدهسها بحذائه بقسوة ليمرر يده في خصلات شعره يشد عليها بعنف يصارع عقله وقلبه معا:.
- أنا غلط، لاء صح، هي اللي طلبت الطلاق، أنا اصلا ما كنتش مبسوط معاها، مش دي تالا اللي أنا حبيتها، بس البنات هيكرهوني، من امتي أصلا وهي بتسحملي ابقي قريب من البنات على طول بعداهم عني، تقولي أنا هربيهم وادي آخرة تربيتها
وبعدين هي ما تقدرش تمنعني اشوف بناتي
زفر بقوة يمسح وجهه بكف يده ليتحرك إلى غرقة نومه، خلع حذائه ليلقي بجسده على الفراش يبتسم في سخرية يكمل صراعه المبتذل:.
- وخالد جاي عاملي فيها كبير العيلة فاكرني لسه عمر العيل الصغير اللي بيقوله حاضر يا أبيه...
اخرج هاتفه من جيب سرواله يعيد فتحه من جديد ليجد مئات المكالمات والرسائل من ناردين، لم تمض ِ سوي لحظات وجد هاتفه يدق برقمها فتح الخط يضع الهاتف على إذنه ليسمعها تصيح متلهفة:
- عمر إنت كويس يا حبيبي، ايه حصل في المطعم وميين الواد والبنت دول وانت فين بتصل بيك من بدري موبايلك مقفول.
والكثير والكثير من الاسئلة المتلهفة الخائفة والاجابة الصمت من تجاهه، ليتحدث اخيرا يقاطع سيل كلامها الغير منقطع:
- أنا طلقت تالا يا ناردين
سمع شهقتها المذهولة مما قال لتهتف سريعا بمسكنة افعي سامة:
- طلقتها، يا حبيبي يا عمر اكيد تعبان ومخنوق دي عشرة بردوا، حبيبي ابعتلي العنوان وأنا اجيلك حالا
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه وقلبه يدق في دوامة من العشق المخادع الزائف حرك رأسه نفيا كأنها تراه ليهمس بخمول:.
- لا يا حبيبتي مش عايزة، أنا اصلا هنام، اشوفك الصبح في الشركة، تصبحي على خير
سمع صوتها اللعوب تهمس بنعومة دافئة:
- وأنت من أهله يا بيبي، خد بالك من نفسك
هتوحشني لحد بكرة باااي.
اغلق معها ليعقد يسراه خلف رأسه يستند عليها بينما يمناه تعبث في الهاتف بشرود اخذته يداه إلى ملف الصور الخاص به ارتفع جانب فمه بابتسامة شاحبة، حين وقعت عينيه على صور ابنتيه حينما كانا فقط اطفال تنهد حائرا ليغلق الهاتف يلقي جواره على الفراش إلى النوم يذهب.
كانت فقط السادسة صباحا نسيم الهواء البارد كطير حر شارد من هنا لهناك، يركض يحلق يغتنم فرصته القليلة قبل أن تصحو الشمس، حلق جوار بعض الاشجار ليتجه ناحيتها هي تلك الفتاة الجالسة في حديقة منزلهم شاردة حزينة اقترب النسيم منها يحرك خصلات شعرها البندقية برفق كأنه يربت عليها يواسيها، ابتسمت بشحوب، ترتكز عينيها مع حركة اوراق الشجر حزينة على حالها حبها الاول خدعة وهي كالبلهاء صدقتها، ولكن ما يحيرها حقا بأنها ليست حزينة بالقدر الكافي، تحب معاذ ولكن بعدها عنه لم يؤذيها بقدر ما توقعت، أما أن حبه لم يصل إلى أعماق قلبها، او أنها لا تملك ادني مشاعر لتحب او تكره.
بالقرب منها عند تلك الشرفة خلفه غرفته دق منبه الخاص عند السادسة صباحا ليهب من فراشه، يتمطي بجسده بنشاط يحب الاستيقاظ باكرا يكره الليل بارد صامت مخيف، هو ونسيم الفجر اعز اصدقاء حتى صمته آمن دافئ مريح، خرج إلى الشرفة يود أن يأخذ نفسا قويا يشبع رئتيه من اكسير الحياة الخاص بها لتتسع عينيه حين رآها تجلس هناك، يعرفها بل يحفظها تكره الاستيقاظ باكرا لما صحوت الآن، تشجع حان دوره ليأخذ الخطوة التالية إلى المرحاض سريعا اغتسل ليخرج يركض يرتدي زي رياضي مريح يضع عطره بغزارة، فتح باب غرفته ليركض إلى الخارج بتلهف يحاول أن يتحرك بخفة حتى لا يزعج أحدهم، وقف عند باب الفيلا من الداخل ليقف يستعيد أنفاسه التي سلبتها بندقة قلبه، رسم قناع الجد والهدوء ليفتح الباب ويخرج، مشي ناحيتها في هدوئ عكس تماما دقات قلبه التي تقيم احتفال في الداخل، وقف بالقرب منها يحمحم بخفوت حتى لا يفزعها ليجدها تلتفت برأسها ناحيته سريعا تسمح دموعها المتساقطة، جذب المقعد المقابل لها جلس عليه يبتسم برفق مردفا:.
- صباح الخير، مش عادتك يعني تصحي بدري
لاحظ انكماشها في كرسيها قلقا منه ليتنهد يآسا مد يده يلتقط مسدسه الخاص من غمده يمده إليها، اتسعت عينيها متفاجاءة تنظر له بذهول ليرفع كتفيه يردف ببساطة:
- خديه أنا عملتلك زمان تضربي بيه، لو حسيتي إني ممكن آذيكي، رصاصة هتخلص كل حاجة، خديه
بتردد ظاهر مدت يدها تلتقط منه سلاحه تضعه على الطاولة جوارها، لتراه يبتسم في هدوء يردف قائلا:.
- صحيح الخطوبة أمتي، كنتي بتقولي لخالي فاضي امتي عشان معاذ تقريبا صح يجي يتقدم
ارتفعت حاجبيها بذهول لتسبل عينيها تنظر له وهو فقط يبتسم دون أكثر، لتشيح بوجهها بعيدا عنه غاضبة منه لما يبتسم بتلك الطريقة قطبت جبينها تهمس مغتاظة:
- مش هيجي أنا خلاص مش عيزاه، مش عايزة اتجوز خالص، غريب اوي رد فعلك ايه السعادة دي
اجفلت حين شعرت به يقترب بجسده من الطاولة استند بمرفقيه على سطحها يبتسم برفق:.
- أنا آه صحيح بحبك وعمري ما هبطل أحبك، بس أهم حاجة عندي أنك تكوني مبسوطة صدقيني أنا بحس بسعادة بس لما بشوفك مبسوطة
اتسعت عينيها بدهشة من كلامه الغير عقلاني بالمرة لتلتفت له سريعا تسأله بذهول:
- مش فاهمة حاجة ازاي تبقي سعيد لو شوفتني سعيدة مع واحد غيرك
تنهيدة حارة طويلة خرجت من بين ثنايا قلبه المثقل بقيود العشق ابتسم بألم كور قبضته يربط على صدره موضع قلبه بقوة مردفا:.
- They are the laws of love, my Nut
( أنها قوانين العشق يا بندقتي )
اختفت ابتسامتها تبلع لعابها متوترة من كلامه شعور غريب يغزو كيانها الحائر...
على مقربة منهم يقف أمام مرآه الزينة الخاصة به يضع من عطره الخاص عدل من تلابيب قميصه دون رابطة عنق، نظر لها من خلال المرآه لترتسم ابتسامة واسعة سعيدة على شفتيه، يتذكر كيف احتوته بالأمس كما تفعل دائما، بين ذراعيها يلقي كل ما به من هموم وهي تحتويه تشد من ازره تجد له حلول ربما لم تخطر على باله لتنتهي ليلتهم بأن يتحول حزنه فجاءة إلى وقاحة خاصة تتفجر على السطح من العدم.
Flash back
أخذ وصعد إلى غرفتهم ليرمي نفسه بين ذراعيها يضع رأسه على كتفها يبوح لها بما حدث في يومه كاملا، ليسمعها تشهق مرتعدة:
- كل دا حصل النهاردة، عمر طلق تالا، وسارة وحسام إيه كل دا، طب أنت هتعمل ايه مع عمر، وتالا ليه ما جبتهمش هنا
دفن رأسه بين ذراعيها كأنه طفل صغير بين ذراعي والدته يشد من احتضانها يهمس متوعدا:.
- هربيه من اول وجديد، وأنا عارف ايه الصح لتالا وبناتهما، سيبك بقي من كل الناس دي أنا تعبان خديني في حضنك
انتصفت جالسة بصعوبة من ثقل جسده لترفع يدها تغوص بها بين خصلات شعره تمسدها برفق باصابعها تهمس له بحنو:
- بعد الشر عنك من التعب، نام يا حبيبي.
لحظات طويلة ويدها تسرح خصلاته برفق تشعر بأنفاسه المنتظمة يبدو أنه غط في نوم عميق، حاول ازاحته لتستلقي جواره لينزاح بسهولة لم تتوقعها تماما، جذبت الغطاء تدثره به جيدا لتقبل جبينه تربط على وجهه برفق اولته ظهرها ما أن وضعت رأسها على الوسادة شعرت بحركة غريبة على طول ذراعها التفتت سريعا لتجده يغط في نوم عميق بلعت لعابها خائفة مما حدث لتعاود النوم من جديد، لتسمع صوت اجش مخيف يهمس من خلفها:.
- بسبوسة، بسبوسة
اتسعت عينيها ذعرا لتهب جالسة تنظر حولها بخوف، قربت وجهها منه تنظر له بشك تحرك يدها امام وجهه ملامحه مسترخية هادئة بشكل برئ، بلعت لعابها قلقة، لتقترب من خالد تندث بين ذراعيه تهمس بخوف:
- أنا مش خايفة على فكرة أنا ما بعرفش برا حضنك، كويس أنك نايم
ما إن أغمضت عينيها سمعت صوته جوار أذنيها يهمس له بخبث:
- بس أنا مش نايم يا بسبوسة...
رفعت وجهها تقطب جبينها غاضبة لتكور قبضتها تصدمها بصدره بخفة تهمس في غيظ:
- مش هتبطل رخامة صرعتني
احتلت القسوة الزائفة ملامحه ليهب ممسكا بكفيها ابتسم يغمغم في خبث:
- بتمدي يدك على جوزك يا بنت المستخبي، وتقوليلي اقول لابويا ايه، أنا اقولك تقوليله إيه
اتسعت عينيها بذهول تشير لنفسها تحرك رأسها نفيا تتمتم سريعا بدهشة:
- والله ما قولت كدة
ضحك في خبث ليمد يده تجاه اضاء الغرفة الصغيرة يغلقها يتمتم في مكر:.
- لاء انتي قولتي بس ناسية، هو دا عيب البسبوسة
Back.
عاد من شروده ليضحك بخفة اقترب منها يقبل جبينها يمسد على شعرها بحنو، خرج من الغرفة متجها إلى الحديقة، ليجد زيدان يجلس على المقعد المقابل لابنته يتحدثان باندماج رفع حاجبه الأيسر متهكما يهمس في نفسه ساخرا:
- الصايع مديها المسدس تحطه جنبها قال ايه زيادة أمان، التربية الزبالة دي أنا عارفها
اقترب منهم يحمحم بصوته الاجش، ليجفلا معا على صوته، قامت لينا سريعا تقبل وجنة والدها تهمس له بخفوت:.
- صباح الخير يا بابا
ابتسم يحرك يده على رأسها يبعثر خصلات شعرها:
- صباح الفل يا حبيبتي
هب زيدان سريعا حمحم بجدية يردف بعملية:
- هغير هدومي حالا ونروح أنا على الإدارة
حرك رأسه نفيا لف ذراعيه حول كتف لينا يبتسم لها موجها حديثه لزيدان:
- لاء أنا رايح الشركة النهاردة، خليك إنت وابقي وصل لينا جامعتها...
ابتسم باتساع للحظات ليخفي ابتسامته سريعا يحرك رأسه إيجابا بهدوء تام، رحل خالد ليذهب كل منهما إلى غرفته يبدل ملابسه للذهاب للجامعة ربما!
مرت ثلاث ساعات على الاقل، فئ منزل على قرابة التاسعة والنصف سمعت لبني دقات خافتة على باب منزلهم، اتجهت لتفتحه لتمعتض قسمات وجهها غيظا تلك الفتاة الوقحة خطيبة ولدها المستقبلية تقف أمامها تبتسم ببراءة، ترتدي فستان باهظ الثمن من احدث الاصدارات الصيفية الجديدة بلا اكمام بالكاد يغطي كتفيها، بالكاد يصل إلى ركبتيها يلتصق بها كجلد ثاني، اجفلت من تقيمها على صوت الفتاة تهمس ببراءة:.
- صباح الخير يا انطي عثمان موجود
ابتسمت لبني في اصفرار تحرك رأسها إيجابا افسحت المجال لتدخل ليلا إلى الداخل قابلت على في طريقها يجلس كعادته على تلك الأريكة يحتسي فنجان قهوته الخاصة يتصفح الجريدة، ابتسمت تلوح له:
- صباح الخير يا انكل
ابعد على الجريدة عن وجهه ينظر لها لتمعتض قسماته في ضيق الا يمكن لتلك الفتاة أن ترتدي شيئا يغطيها على الأقل سامحك الله يا عثمان، ابتسم لها مجاملا يحرك رأسه إيجابا:.
- صباح الخير يا حبيبتي، اقعدي واقفة ليه، لبني صحي عثمان، ولا اقولك حضري الفطار أنا هروح اصحيه
قام من مكانه متجها إلى غرفة ابنه فتح بابها ليدخل إلى ظلام الغرفة اتجه ناحية الشرفة يفتحها بعنف ليسمع صوت تأفف ابنه الحاد كأنه مصاص دماء تعرض للشمس للتو فحرقته حيا:
- ماما اقفلي الزفت دا عايز أنام
ابتسم على ساخرا يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم في تهكم:
- أنا مش ماما يا حبيب ماما...
صوت والده انتشله من بئر احلامه الخاص، فتح عينيه بصعوبة يمسد وجهه بكف يده يتثآب بقوة، انتصف جالسا يتمط عظام جسده المتيبسة يغمغم ناعسا:
- صباح الخير يا بابا، غريبة يعني أول مرة تصحيني
اقترب على من فراش ابنه ينظر له بصمت للحظات ليتنهد بضيق، اتجه يجلس على حافة الفراش جواره يردف قائلا:
- خطيبتك برة، بص يا ابني أنا ماليش اني اتدخل بس لبس خطيبتك ملفت أوي ومفتح بشكل وحش، مش كدة يا ابني احنا مش عايشين برة...
قلب عثمان عينيه بملل هل يظن والده حقا انه سيسمح لتلك الفتاة أن تصبح زوجة له هي فقط تسلية لبعض الوقت وما أن يحصل على ما يريد سيلقيها كغيرها، نظر لوالده يبتسم له في هدوء:
- حاضر يا بابا أوعدك اني هتكلم معاها في الموضوع دا.
ابتسم على برضا ليخرج من الغرفة التقط مفاتيح سيارته متجها إلى خارج المنزل، جلست ليلا في غرفة الصالون بمفردها لبني في المطبخ وعلى رحل، ابتسمت بخبث تلتقط تلك الحقيبة الصغيرة التي احضرتها معها متجهه تبحث عن غرفة عثمان، ابتسمت ما أن رأته يجلس على فراشه، لتدق الباب المفتوح تخفض عينيها باستحياء، اتسعت ابتسامته يهتف لها بعشق:
- القمر بنفسه واقف على باب اوضتي، يا أما القمر على الباب نور قناديله.
ضحكت بخفوت خجلة! من غزله الظريف، لتخطو إلى الداخل، تمشي باغواء كمهرة أصيلة تركض في حلبة السباق، اقتربت منه تجلس على حافة فراشه تهمس بخفوت:
- صباح الخير يا عثمان
ابتسم في مكر ليقترب منها مال يقبل وجنتها لتشهق بنعومة اصابتها الصدمة مما فعل لتسمعه يضحك باستمتاع:
- ايه يا ليلتي ليه الكسوف، دا انتي هتبقي مراتي
حركت رأسها إيجابا ترتب خصلات شعرها بارتباك لتنظر له تهمس فجاءة بتلهف:.
- صحيح أنا عرفت من النادي صدفة يعني أن عندك بطولة سبق في الخيل بعد مدة دا صحيح
حرك رأسه إيجابا اشار إلى نفسه يكملا مزهوا بحاله:
- صحيح بس ما تقلقيش دا أنا الصياد يعني أنا اللي هكسب من غير منافس
ابتسمت له تلمع عينيها بفخر رآه جيدا لتحرك رأسها إيجابا تهمس له بسعادة وهي تفتح تلك الحقيبة تخرج منها زجاجة ما:.
- طبعا يا حبيبي، مش عايزة كلام، صحيح أنا سمعت أن عصير البرتقال مفيد جدا للرياضين جبتلك معايا عملاه بايدي
فتحت الزجاجة تمدها له ليلتقط منها يبتسم لها في مكر تعرفه جيدا، رفع الزجاجة لفمه يرتشف منها وهي تراقبه تبتسم في سعادة ظاهرة وخبث افعي داخلا تهمس مع نفسها بتشفي:
- اشرب يا عثمان، أنت لسه هتشرب.
دون أن تتجه إلى مكتب السكرتيرة مشت بخطواتها المتغجنة كغانية محترفة ناحية مكتب عمر دون حتى أن تطرق الباب فتحته تصيح بتلهف:
- عمر يا موري
التفت الجالس على المكتب بكرسيه ينظر لها يبتسم في سخرية ليصفر وجهها من وقع الصدمة من ذلك الرجل الجالس مكان فريستها حمحمت بخفوت تهمس له باسف:
- ااا، أنا آسفة واضح اني اتغلبطت في المكتب.
اتسعت ابتسامة الجالس بشموخ على كرسيه ليتحرك من مكانه متجها إليها وقف أمامها يدس يديه في جيبي بنطاله يبتسم في خبث مردفا:
- لا ابدا ما اتغلطبتيش ولا حاجة، خالد السويسي صاحب الشركة، تقريبا لو ما تخونيش الذاكرة مدام ناردين مندوب شركة السياحة.
حركت رأسها ايجابا بارتباك تبلع لعابها الجاف ليشير لها إلى أحد المقاعد المجاورة للمكتب تحركت تجلس مكانها ليأخذ مكانه في المقعد المقابل له لحظات صمت خائفة ترتعد في نفسها أن يكون ذاك الرجل الذي سمعت عنه الكثير اكتشف حقيقتها، بينما هو يتفحصها بنظراته اسند مرفقه الايمن على سطح مكتبه يحرك سبابته وابهامه أسفل ذقنه يبتسم في مكر:
- قالولي أن مندوبة شركة السياحة حلوة بس واضح انهم بيكذبوا.
وكأي انثي شعرت بأحد ما يقلل من انوثتها نظرت له بشراسة لتشير إلى نفسها تشد على اسنانها تهمس بغيظ:
- قصدك أن أنا مش حلوة
ارتفع جانب فمه بابتسامة قاسية باردة حرك رأسه نفيا يهمس بخبث:
- تؤ مش حلوة بس، حلوة أوي
اتسعت عينيها في ذهول أهذا هو مالك الشركة القاسي المخيف الذي يخشي الجميع التحدث معه يجلس امامها يغازلها يبدو أن حسنها الفتاك فتت صخور ذلك القاسي ضحكت بنعومة تضع يدها امام فمها في خجل زائف مردفة:.
- اعتبر دي مجاملة يا مستر خالد
غمز لها بطرف عينه اليسري ليجلس باسترخاء واضعا ساقا فوق اخري يغمغم بمكر:
- تؤ خالد السويسي ما بيجاملش.
في تلك الاثناء خارج غرفة المكتب وصل عمر متأنقا كعادته وصل إلي مكتب السكرتيرة فتحت فمها تود التحدث لتعاود إغلاقه من جديد متذكرة حديث خالد أن يسمح لها بدخول ناردين وعمر دون حتى أن تخبرهم بأن أحد في الداخل، فتح عمر الباب خطي خطوة واحدة ليقطب جبينه متعجبا من وجود اخيه حمحم يهتف بذهول:
- خالد إنت بتعمل ايه هنا
ابتسامة واسعة ساخرة غزت شفتي خالد ينظر لاخيه متهكما ليهتف في استفزاز:.
- دي شركتي ولا أنت ناسي، وتتفضل برة لحد ما اخلص اجتماعي مع مدام ناردين
احتدت عيني عمر غضبا من تقليل اخيه منه بتلك الطريقة ليصيح محتدا بغضب:
- ايوة بس مدام ناردين شغالة معايا أنا
اشار خالد اليه ينظر له ساخرا يبتسم في غرور:
- وأنت شغال عندي ولا ناسي، برة يا عمر ومرة تانية ما تدخلش من غير اذني.
اشتعلت عيني عمر غضبا كور قبضته يشد عليها التفت يود المغادرة من الشركة بأكملها، حين سمع صوت أخيه يهتف في هدوء تام:
- لو سيبت الشركة مشيت اعتبر نفسك مطرود
اشتعلت أنفاسه غضبا ليخرج من الغرفة صافعا الباب خلفه بعنف ليبتسم خالد ساخرا الآن فقط تأكد من شكوكه من تلك النظرة النارية التي رمي بها اخيه تلك السيدة، عاود النظر إلى تلك الافعي يهمس بخبث:
- كنا بنقول ايه بقي.
على صعيد آخر، ارتدت ملابسها المكونة من سروال من الجينز اسود اللون واسع كثيرا قميص نسائي بنصف كم ابيض عليه بضع الرسومات الكارتونية، تحتضن بعض من كتبها تلقي معطفها الطبي الابيض على ذراعها الايمن، اتجهت إلى سيارته اخذت حذرها تلك المرة حتى لا تسقط، لتستقل المقعد الخلفي وهو في الأمام، نظر لها من خلال مرآه السيارة الامامية يبتسم في غموض لم تحبه، قبضت بيدها على حقيبتها هي تحمل عدة التشريح التي لم تستخدمها ابدا فيها أن سولت له لنفسه بالاقتراب منها ستغرز المشرط الخاص بها في عنقه، انطلق بالسيارة وخلفهم سيارة الحرس، لتجده يحمل جهاز اللاسلكي الخاص به يحادث الحرس:.
- ارجعوا يا ابني الفيلا، خالد باشا اتصل وأنا رايحله وهو معاه حراسة
لحظات وسمعت صوت أحد الحراس يهتف:
- حاضر يا باشا
نظرت بذعر من زجاج السيارة الخلفي لتجد عربة الحرس تقف ومن ثم استدارت وغادرت
اتسعت عينيها بهلع بلعت لعابها لتعاود النظر له تهمس بارتجاف:
- هو بابا اتصل بيك.
اتسعت ابتسامته الغامضة يحرك رأسه نفيا ببطئ مخيف لتهرع دقاتها بعنف يكاد يحطم قفصها الصدري، مدت يدها سريعا تبحث في حقيبتها بذعر عن عدة التشريح الخاصة بها ليتوقف قلبها حين سمعته يهمس باستمتاع:
- آه صحيح نسيت اقولك، أنا شيلت عدة التشريح من شنطتك...