رواية أسير عينيها الفصل العاشر 10 والحادي عشر 11 الجزء الثاني بقلم دينا جمال


 رواية أسير عينيها

الفصل العاشر 10 والحادي عشر 11 الجزء الثاني

بقلم دينا جمال

جاسم سريعا: يبقي اخد بنتي وحفديتي معايا لحد ما تشوف هتعمل ايه

ضرب علي سطح مكتبه بغضب يهتف بحدة: مراتي وبنتي مش هيبعدوا عني ولو علي جثتي فاهمني يا جاسم

جاسم بحدة: ما تفوق من العنتظة اللي أنت فيها دي ونشوف نفسك أنت خلاص يا حبيبي انتهيت، ما بقاش معاك غير شوية الملاليم اللي في ايديك دول انت...


قاطعه صوتها وهو يصدح بحدة: بااابااا، نظر ناحيتها فوجدها تنظر له بغضب، اتجهت ناحية خالد تقبض علي كف يده تهتف بقوة: ما اسمحلكش تتكلم معاه بالشكل دا، خالد مهما حصل له هيفضل خالد باشا السويسي اللي الصغير قبل الكبير بيعمله ألف حساب، اوعي تكون فاكر أن هسيبه بعد اللي حصل، انا مستعدة أعيش معاه إن شاء الله في أوضة من غير صالة، لكن عمري ما هبعد عنه ابدا.


شدد على كف يدها ابتسم ابتسامة باهتة يهتف بامتنان: وانا مش عايز غيرك أنتي ولوليتا

عمر: طب يلا بينا علي بيت بابا

اغمض عينيه يهز رأسه نفيا: لاء

صاح عمر بحدة: ليه بقي إن شاء الله

قطب جبينه يصرخ بحدة: عشان أنا مش عيل صغير هعيش من المصروف اللي باخده من ابويا أنا عندي 34 سنة، ما ينفعش اخذ مراتي وبنتي واروح عند ابويا اقوله أنا جاي أعيش عالة عليك لا كرامتي ولا رجولتي يسمحولي دا.


علي غاضبا: يخربيت دماغك الناشفة، هتعيش فين يا ابني

خالد: هأجر شقة

ضحك جاسم ساخرا: انت فاكر ان 100 دول يأجروا شقة في منطقة نظيفة

خالد: مش لازم شقة في منطقة غالية ممكن في منطقة عشوائية

جاسم غاضبا: نعم يا اخويا، انت عايز بنتي تعيش في حارة، دا أنت اتجننت رسمي

جز علي أسنانه يحاول التحكم في اعصابه قبل أن يقتل ذلك الرجل: جاسم باشا أنا عامل حساب انك حمايا وفي بيتي...


قاطعه جاسم يهتف بتهكم: بيت مين يا ابو بيت ما خلاص بحح

توسعت عينيها بصدمة تنطق بألم: بابا إنت جاي تشمت فينا

تدارك جاسم نفسه سريعا ليهتف بحزن: اخس عليكي يا لوليتا بقي أنا بردوا هشمت في بنتي

يا حبيبتي أنا خايف عليكي يا حبيبتي انتي ضعيفة مش هتستحملي البهدلة

ردت بحزم: البهدلة في حضن خالد احسن عندي من الراحة وأنا بعيد.


ضغط جاسم علي أسنانه بغيظ من أفعال ابنته العنيدة ليتجه ناحيتها امسك كف يدها يهتف من بين أسنانه بابتسامة صفراء: تعالي يا حبيبتي عايزك في كلمتين برة لوحدنا

اتجهت معه الي الحديقة وقف امامها يهتف بحدة: اللي انتي بتعمليه دا جنان كفاية دلع بقي

كتفت ذراعيها بضيق تهتف بحزم: بابا ما تحاولش أنا مش هسيب جوزي وبنتي مهما حصل

ابتسم جاسم بمكر: تعالي معايا وأنا اجبلك بنتك منه غصب عن عينيه انتي عارفة ابوكي محامي شاطر.


شهقت بفزع تهتف بذهول: أنت عايزني ارفع قضية علي خالد لاء طبعا مستحيل، انت ازاي عايزني اعمل كدة في خالد أنا ماقدرش اعيش من غيره ومستحيل مهما قولت اني اسيبه

هتف بتوعد: دا أخر اللي عندك يا بنت الشريف

هزت رأسها ايجابا بقوة ملامح وجهها حازمة تخبره أن الأمر قد انتهي، ليرمقها بضيق ومن ثم تركها ورحل

في الداخل

هتف عمر بنبرة ملحة: يا خالد اسمع الكلام وتعالا معايا بيت بابا.


اشاح بوجهه بعيدا يهتف بحزم منهيا ذلك الجدال: لاء يا عمر أنا قولت اللي عندي وبعدين انتوا قاعدين ليه اتفضلوا بقي روحوا شوفوا هتعملوا ايه.


رحل الجميع بالفعل رحل كل من في القصر ولم يبقي سوي خالد ولينا والصغيرة ورحمة

خالد: ما مشتيش ليه يا رحمة

رحمة مبتسمة بود: انا مش هسيبكوا يا ابني لينا بتغرق مع لوليتا في شبر ماية

تنهد بألم: يا دادة انا مش هيبقى معايا فلوس ادفع مرتبك

رحمة: خيرك سابق يا ابني، انا هفضل معاكوا ان شاء بلقمتي بس

لينا مبتسمة: انتي طيبة اوي يا دادة.


رحمة مبتسمة بحنان: يا حبيبتي انتي بنتي الي مخلفتهاش وانا مش هقدر ابعد عنك ولا عن لوليتا الصغيرة

خالد مبتسما: اوعدك يا دادة أول ما المشكلة دي تخلص هيبقي ليكي مكافأة كبيرة اوي عندي، وجه كلامه للينا، اطلعي حضري الشنط عشان هنمشي الصبح

ابتسمت ابتسامة صغيرة بحزن لتصعد الي غرفتها، وفتحت الحقائب التي أعدتها للرحلة القصيرة، لكن يبدو أن الرحلة ستكون طويلة ولا تعلم متي ستنتهي.


بدأت في ضب الحقائب من جديد عندما قاطعها بكاء الصغيرة ذهبت ناحية مهدها وجثت على ركبتيها بجانب فراشها الصغير.


تهتف بحنان: صباح اللوليتا يا لوليتا علي رأي بابي، عارفة يا لوليتا بابي دا أحسن واحد في الدنيا دي كلها انا بحبه أوي اوي، تعرفي هو يبان قاسي في الاول لما تعرفيه كويس هتلاقيه احن أنسان في الكون عشان كدة يا لوليتا لازم نستحمل انا وانتي الفترة الجاية تعرفي هو كان ممكن ما يخسرش اي حاجة لو وافق انه يتجوز العقربة دي، بس هو عشان بيحبني اوي مارضيش يعمل كدة.


وانا كمان بحبه اوي ومستعده اروح معاه لآخر الدنيا ان شاء نعيش في صالة من غير اوضة طول ما احنا جنب بابي صح يا لوليتا

اصدرت الصغيرة صوتا طفوليا سعيدا لتربط علي خصلات شعرها بحنان: شطورة يا حبيبتي.


التفت لتعود لضب الحقيبة فوجدته يقف خلفها ينظر لها أسهم العشق تنطلق من عينيه فتصيب قلبها مباشرة لترفع راية حبه ويحلق علم عشقه في سمائها

خالد: بحبك يا لوليتا والله بحبك اوي

دفنت رأسها في صدره فهو ملجئها وعليه تستقر سفينة عشقها ليحميها من تلاطم امواج الحياة ويغرقها في بحر من العشق تنهل منه بدون ارتواء

همست بخجل: وانا كمان بموت فيك، بعشقك يا قلب لوليتا.


تنهد بحزن يشدد علي عناقها يردف بقلق: الأيام الجاية شكلها هتبقي طويلة اوي يا لوليتا

رفعت وجهها تنظر له بحنان يفيض من بين نظراتها هتفت بنبرة حانية دافئة: وايه يعني هتعدي طول ما أنت جنبي، انت عارف أنا مش خايفة من اللي جاي عارف ليه

هز رأسه نفيا لتعود تدفن رأسها داخل تهتف باطمئان: عشان أنا في حضنك وأنت قولتلي ما خفش من اي حاجة وأنا في حضنك.


شدد على عناقها يشعر أنه يستمد طاقته منها كلامتها البريئة كانت الغذاء لروحه تحدث بمرح ظاهري: بقي بذمتك عايزني اسيب العسل دا واروح اتجوز السلعوة

ضحكت برقة تدفن رأسها في صدره كالقطة الصغيرة.


في صباح اليوم التالي

يقف تحت المرش يغمض عينيه عينيه تتساقط المياه الباردة عليه يشعر بالخوف من المستقبل ليس خوف علي نفسه بل علي طفلتيه

شعور بالعجز، كأنه موضوع بين شقي الرحي اما ان يسلم ويتزوج تلك اللعينة ويكسر قلب حبيبته وهذا الشئ لن يتحمله ابدا لا عليها وعلي رجولته، واما يثبت علي موقفه ويأخذه المستقبل المجهول الي حيث يريد.


انتهي من حمامه بدل ملابسه وخرج فوجد لينا قد انتهت من اعداد الحقائب تنظر إلى ارجاء الغرفة وابتسامة حزينة مرسومة على شفتيها

ازدرد غصة مريرة في حلقه ابتسم ابتسامة مصطنعة: خلصتي يا حبيبتي

رسمت ابتسامة صغيرة تهتف بهدوء: ااه يا حبيبي

ذهب ناحية الحقائب بينما حملت لينا الصغيرة من مهدها هتف بنبرة خافتة: يلا بينا

هزت رأسها إيجابا تقدمت وهي تحمل الصغيرة ونزلت لأسفل وهو خلفها يحمل الحقائب الكبيرة.


رحمة: عنك يا ابني

خالد: لاء يا دادة، مش هتقدري تشيليهم تقريبا لينا حاطة النيش في الشنط

ضحكت لينا ورحمة علي مزاحه

القي نظرة اخيرة على بيته تمشط عينيه كل جزء منه الي أن وصلت عينيه اليها ليجدها تتطلع حولها بحزن ذهب ناحيتها يربط علي كتفها يهتف بابتسامة شاحبة: هنرجع يا حبيبتي، هنرجع

ابتسمت بحزن تهز راسها ايجابا

خرجوا من المنزل، اوقف خالد سيارة اجري ركب بجانب السائق بينما استقلت لينا ورحمة الأريكة الخلفية.


لينا: خالد انت لقيت شقة

خالد: لسه يا حبيبتي

رحمة: احنا ممكن نخلي سمسار يدورلنا علي شقة صغيرة

السائق: معلش يا باشمهندس انا سمعتكوا صدفة وانتوا بتتكلموا

خالد ساخرا: صدفة ايه يا عم دا انت قاعد في الكرسي الي جنبي

السائق ضاحكا بحرج: ههههه ااه، احم انا عندي شقة كويسة لحضرتك في السيدة زينب اوضتين وصالة ومطبخ وحمامة ومفروشة من مجامعيه

سأله باهتمام: مطلوب فيها كام؟

السائق: 50 الف مقدم و850 ايجار شهريا.


خالد: طب كويس دا، خدنا على هناك

ابتسم السائق بجشع: وحلاوتي يا باشا

خالد: ما تقلقش محفوظة.


اتجه السائق بهم الي تلك المنطقة وصل السيارة الي شارع ضيق نوعا ما مكتنز بالمحلات الصغيرة ( دكاكين ) والبيوت العتيقة المهترئة، حيث الارضية الترابية المتعرجة الضوضاء العالية التي تصدر من الباعة المتجولين تارة وشجارات السيدات تارة واصوات الصبية وهم يلعبون تارة اخري كانت تنظر حولها بدهشة كانت تظن أن تلك الأماكن متواجدة فقط في تلك الأفلام القديمة.


وقفت السيارة امام بيت قديم يتكون من خمس طوابق اسفله قهوة بلدي صغيرة

السائق: وصلنا يا باشمهندس

ضحك بسخرية في نفسه علي نفسه: والله وبقيت باشمهندس يا سيادة العقيد

نزل السائق ومن بعده خالد ومن بعدهم لينا ورحمة التي تحمل الصغيرة النائمة

طالعتهم اعين الجميع من بين تسأل واندهاش وفضول

وقف ذلك الرجل البدين الذي تجاوز الخمسين عاما يرتدي جلباب فلاحي وعمامه لديه شارب كثيف

رشدي: واد يا عطا

جاء الصبي اليه مسرعا.


عطا: نعمين يا معلمي

رشدي: اعرفي مين الضيوف دول شكلهم اجانب اصلا مش من هنا، شوفهم ايه الي مطلعهم عندنا البيت يا ولا

عطا: من عنيا يا سيد المعلمين

ذهب ذلك القتي سريعا ليأتي بالاخبار كاملة الي معلمه، الذي شرد في تلك الحسناء ذات العيون الزرقاء والشفتان الورديتين التي اثارت فيه بعض المشاعر الملتهبة من نظرة واحدة اغمض عينيه وتخيل نفسه وهو يلتهم تلك الكرزتين.


صعد السائق قبلهم يرحب بهم بمبالغة: يا اهلا يا اهلا حاسبي السلمة المكسورة

خالد غاضبا: وانا مش مالي عين اهلك ولا ايه

حمحم السائق بحرج: احم احم: اسف يا بيه ما اخدتش بالي

وقف السائق امام باب شقة صغيرة في الدور الثالث واخرج المفتاح من جيبه وفتح الباب ودخل الي الشقة

السائق: اتفضلوا، اتفضلوا

دخل خالد ومن بعده لينا ورحمة.


انكمشت تعابير وجهها باشمئزاز ما أن رأت تلك الشقة القديمة الصغيرة ذات الحيطان المهترئة تكاد تقسم ان مكتب خالد في فيلتهم اوسع من تلك الشقة

تفحصت بعينيها تلك الشقة الصغيرة المكونة من صالة صغيرة بها اريكتان وطاولة صغيرة حولها ثلاث كراسي وطاولة صغيرة عليها تلفاز صغير، ولكن ما يميزها تلك الشرفة الصغيرة ومن ثم يوجد ممر صغير فيه غرفتان ومطبخ صغير وحمام بالكاد يسع شخص واحد.


حاولت لينا رسم ابتسامة مزيفة علي شفتيها عندما لاحظت ان خالد يراقب تعابير وجهها ليعلم ان اعجبها المكان أم لا، تقدم منها

يسألها باهتمام: ايه رأيك، لو مش عجباكي نشوف غيرها

هزت رأسها نفيا سريعا تبتسم بتصنع: لا لا حلوة يا حبيبي اي مكان معاك بيبقي جنة

ابتسم لها بامتنان ليتجه ن ناحية السائق

خالد: بص يا...

السائق: دسوقي يا باشمهندس، محسوبك دسوقي

خالد: تمام يا عم دسوقي، احنا هناخد الشقة دي.


دسوقي: طب اتفضل معايا لصاحب البيت عشان نكتب العقد

هز رأسه إيجابا ونزل الي اسفل مع السائق وترك رحمة ولينا في الشقة

اخذ السائق خالد الي تلك القهوة يهتف سريعا بلهفة: يا معلم رشدي يا معلم رشدي

اتجه رشدي ناحيته يصافحه بحرارة: ازيك يا دسوقي اخبارك يا دسوقي، واخبار العيال

دسوقي: بخير يا معلم طول ما حسك في الدنيا

ثم اشار ناحية خالد، الباشمهندس شاف الشقة الي في التالت وعجبته وعايز يأجرها.


رشدي: اوي أوي، ثم مد يده يصافحه

رشدي: محسوبك المعلم رشدي السيد، صاحب القهوة وصاحب البيت الي ان شاء الله هتسكن فيه

ابتسم باقتضاب: المهندس خالد محمود

رشدي مبتسما بود: يا اهلا وسهلا يا باشمهندس، الشاي يا ولا

خالد: لا يا معلم مالوش لزوم، انا بقول نمضي العقد علي طول، عشان انا سايب الجماعة لوحدهم.


لمعت عيني رشدي وهو يتذكر تلك الحسناء ذات العيون الزرقاء ليتنهد بحرارة هاتفا بمكر خفي: طب اتفضل يا باشمهندس نكتب العقد في الشقة

صعد ثلاثتهم الي الشقة مرة اخري ودخلوها

رشدي: احم، يا رب يا ساتر

جلس خالد ورشدي ودسوقي علي الطاولة الصغيرة.


اما لينا ورحمة كانوا يقفون بعيدا انتهوا من كتابة العقد ودفع خالد المبلغ المطلوب بينما كان، رشدي يحاول اختلاس النظرات لتلك الحسناء، ولكنه لم يستطع ان يراها بسبب جسد خالد العريض الذي سد الرؤية امامه

رشدي: مبروك يا باشمهندس

خالد: الله يبارك فيك يا معلم

رشدي: لو احتجت اي حاجة انا رقبتي سدادة

خالد: متشكر يا معلم

رشدي: انا هبعت واحدة من الحريم الي عندي ينضفوا الشقة.


وهنا تكلمت لينا: لا لا مالوش لزوم حضرتك احنا هنضفها

نظر رشدي لها وبريق الرغبة توهج في عينيه وهو ينظر إلى شفتيها الصغيرتين وهي تتحدث

بينما نظر خالد لها نظرة غاضبة اخرستها

رشدي: مش عايزين نتعبك يا انسة

جز علي اسنانه بغيظ محاولا التحكم في غضبه: مدام، المدام تبقي مراتي

امتعضت ملامح رشدي بضيق يهتف بابتسامة مصطنعة لم تصل لعينيه: بجد مبروك، عن اذنكوا بقي.


غادر كل من رشدي ودسوقي بعدما اخذ دسوقي ( الحلاوة) من خالد

اغلق خالد الباب خلفهم والتفت للينا متجها ناحيتها امسك مرفقها بعدين يهتف بحدة: لو اتكلمتي تاني وفي رجالة قاعدين هقصلك لسانك ماشي يا حبيبتي

تدخلت رحمة سريعا تهدئ الوضع: اهدي يا ابني مراتك ما تقصدش يلا يا حبيبتي ننضف احنا الشقة معلش يا ابني خلي معاك لوليتا علي ما نخلص

هز رأسه إيجابا، اخذ الصغيرة وخرج الي تلك الشرفة يداعبها.


وبدأت لينا ورحمة عملية التنظيف الشاقة التي استغرقت اكثر من ساعتين حتى اصبحت الشقة صالحة للإستخدام الآدمي

فتهاوت لينا ورحمة علي الأريكة يلهثان من التعب

دخل خالد فوجدهم علي هذه الحالة

خالد: شكلكوا تعبتوا اوي انا هنزل اجيب غدا واجي

لينا: طب سيب لوليتا

خالد: لاء خليها معايا

لينا: خلي بالك منها

لوي شفتيه مستنكرا: بتوصيني علي بنتي، ما تفتحوش الباب لحد وانا برة، مفهوم.


هزت رأسها إيجابا، خرج وهو يحمل صغيرته ونزل الي اسفل، ليخضر طعام الغداء

توجه بكلامه الي صغيرته التي تنظر حولها بدهشة

خالد: ها يا ست لوليتا نجيب ايه للغدا

هتفت بطفولة: تا، تا

خالد ضاحكا: ماشي يا ستي هجبلك شكولاتة

وبدأ يمشي على غير هدي وهو يبحث عن مطعم ليشتري طعام الغداء.


وقفت سيارتها امام ذلك المنزل لتنزل منها سريعا متجهه الي ذلك المنزل تدق علي بابه بحدة

زينب صارخة بحدة: افتح يا رفعت

فتحت لها احدي الخادمات لتندفع الي المنزل تصرخ بغضب: يا رفعت أنت فين يا رفعت

نزل رفعت من اعلي يهتف بابتسامة صفراء: . خير يا زينب يا تري ايه سبب الزيارة الكريمة دي

زينب صارخة بحدة: انت ايه اللي انت عملته دا يا رفعت أنت اتجننت اكيد اتجننت.


جلس رفعت علي احد المقاعد واضعا قدما فوق اخري يهتف بهدوء: اهدي يا زينب وبدل ما تيجي هنا تزعقي وتعملي الشويتين دول روحي عقلي ابنك أحسن

شخصت عيني زينب بصدمة: اعقله! والله ما حد مجنون غيرك يا رفعت أنت والسفلة بنتك هو رمي بلي وخلاص

ابتسم رفعت باصفرار: بالظبط هو رمي بلي

رسمت ابتسامة ودودة مصطنعة علي شفتيها: يا رفعت يا اخويا الجواز قسمة ونصيب وبنتك اكيد هيجيلها نصيبها بس اللي أنت بتعمله دا ما.


يرضيش ربنا، دا حتى بيقولوا الخال والد

ضحك رفعت ساخرا: كل الكلام اللي قولتيه دا ما يفرقش معايا، لاما ابنك يسمع الكلام زي الشاطر، ليفضل زي ما هو عاطل مفلس

هتفت زينب بحرقة: منك لله يا رفعت حسبي الله ونعم الوكيل فيك ربنا يحرق قلبك علي بنتك زي ما انت حارق قلبي علي ابني

اتجهت ناحية باب المنزل التفت له تهتف بألم: يا خسارة يا أخويا.


التوي جانب فمه بابتسامة ساخرة، ليجد هاتفه يرن بذلك الرقم اجاب سريعا ليجد ذلك الرجل ببرود: اصل الورقة لازم يكون عندي النهاردة

رفعت: اشمعني

الرجل ببرود: عشان ابنك مش هيكست وهيقلب الدنيا لحد ما يلاقيها، وانت خد اجازة وسافر في اي حتة لحد ما اقولك أرجع

رفعت: ماشي، بس أنا عايز اسألك سؤال أنت ليه بتعمل كدة.


الرجل ببرود: مش شغلك أنت بتردلي الجميل، أنا دفعت كتير لمراتك التانية عشان ترضي ترجعلك بنتك بعد السنين دي كلها

رفعت بضيق: عارف خلاص، هبعتلك الورقة دلوقتي، سلام

أعلق رفعت الخط ينظر امامه بشرود.تبع

رواية أسير عينيها الجزء الثاني (جنون عاشق) للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي عشر


بعد كدة ليست قليلة من البحث اشتري بعض الطعام من أحد المطاعم ليأخذه عائدا الي منزله، فتح الباب بالمفتاح الخاص به ليجدها تتحرك بخفة هنا وهناك ترتدي منامة قطنية بنطالها قصير يصل لبعد ركبتيها بحمالتين رفعتين، ترفع شعرها ذيل حصان ولكن ما جعل عينيه تسود من الغضب عندما وجد الشرفة مفتوحة على مصرعيها

ذهب ناحية الشرفة واغلقها بعنف لتهشق بخوف وضعت يدها على قلبها تهدأ نبضاته: حرام عليك يا خالد خضتني.


اشار ناحية الشرفة هاتفا بحدة: الزفتة دي ما تتفتحش ابدا احنا هنا مش الفيلا، هنا ألف عين وعين هتجرح فيكي فااااهمة

انتفضت الصغيرة تبكي بخوف من صوت زئيره الغاضب لتتبدل ملامحه في لحظة من الحدة للين يداعب الصغيرة الي أن هدأت وتوقفت عن البكاء

اتجه ناحية تلك الطاولة الصغيرة وضع عليها حقيبة الطعام، لتبدأ لينا ورحمة في إفراغ محتوياتها ووضعها في تلك الاطباق الصغيرة.


بينما جلس هو على الأريكة يضع ابنته على قدميه عينيه شاردتين تغرق في بحر من الهموم، فاق على صوت رحمة وهي تقول: يلا يا ابني الاكل جاهز

رد عليها بابتسامة صغيرة ليقم من مكانه متجها الي طاولة الطعام جلس على احد المقاعد ولينا جواره، نظر لرحمة هاتفا بجد: اقعدي يا دادة

حاولت الاعتراض ليهتف بحزم: اقعدي يا دادة

جلست رحمة وبدأوا يأكلون بصمت، يفكرون في ذلك المستقبل المجهول.


قبضت بيدها على يده تستشعر بعض الأمان ليربط على يدها برفق، تنهد بتعب يهتف بابتسامة صغيرة: ما تقلقيش أنا بكرة الصبح هنزل ادور على شغل.


لمعت في رأسها فكرة تود إخباره بها، ماذا أن عادت في المستشفي الخاصة بها، مرتبها الشهري كبير جداااا، ولكنها خافت من أن تجرح مشاعره، هو لم يرضي المكوث عند والده ارضاءا لكرامته، بالتأكيد لن يسمح لها بالعمل، انتهوا من الطعام لتقم رحمة ولينا بوضع الاطباق الفارغة في حوض الغسيل

فقط غرفتين للنوم أحدهما صغيرة جدا والاخري اكبر منها بقليل.


وقف في ذلك الممر يهتف بجد: دادة رحمة معلش هتقعدي في الأوضة الصغيرة وأنا ولينا في الأوضة التانية وبكره هحاول اشتري سرير للوليتا

تقرقوا كل الي وجهته بالكاد استطاع ذلك الفراش الصغير أن يحوي جسد خالد ولينا والصغيرة.


نامت لينا سريعا من تعب وارهاق ذلك اليوم بينما ظل هو مستيقظا ينظر الي سقف الغرفة بشرود، يفكر رفعت جاسم مايا بالتأكيد هناك رابط بينهما فكيف علم جاسم ما حدث له في نفس اليوم، ولكن تلك الخطط ليست جاسم يعرف تفكير جاسم جيدا هناك حلقة مفقودة وعليه أن يعثر عليها، فاق من شروده على يدها تعوض بين خصلات شعره برفق اتجه بانظاره إليها ليجدها تبتسم بحنان: هتفرج.


هز رأسه إيجابا يبتسم رغما عن ما به: عااارف يا حبيبتي ربنا مش هيسيبنا، بس احنا نقول يااارب

هتفا معا برجاء: ياااااارب.


في الطابق الرابع من تلك البناية حيث فتح رشدي الشقتين على بعض حتى يسع المكان لزوجاته الثلاثة وأطفاله الست.


دخل رشدي المنزل بعدما اغلق القهوة القي بجسده الضخم على تلك الأريكة يسبح في بحر من خيالاته المقززة تلك الحسناء منذ أن رآها وهي طبعت في رأسه لم يري ذلك الجمال من قبل ندهته بسحرها ايعقل أنها تلك النداهة الساحرة التي كان يسمع عنها في الحكايات قدميا فاق من شروده على تلك اليد التي تدلك قدميه نظر فوجدها احدي زوجاته ترتدي قميص نوم من المفترض انه مغوي جدا لتتبدل الصورة امامه لم يري زوجته تخيل تلك الساحرة وهي تجلس أمامه ترتدي نفس الملابس فاق من خياله المريض على صوت زوجته تهتف بدلال.


سميحة: حمد لله على سلامتك يا سيد

امتعضت ملامح رشدي بقرف عندما اختفت ملامح لينا لتظهر زوجته مرة اخري لتقول مرة اخري بدلال: مالك يا سيد المعلمين ايه اللي شغال بالك

ليدفعها بقدمه بحدة يهتف بحنق: انتي مال اهلك انتي غوري من وشي حطي الأكل يلااا

سميحة: حاضر، حاضر

اسرعت سميحة تجاه المطبخ لتضع الطعام لزوجها، فقد تعودت على لسانه السليط ويده الطويلة التي تمتد عليهن دائما بالضرب.


المبرح اذا ما أخطأت احداهن ولو خطأ بسيطا

بينما خرجت دلال زوجة رشدي الثانية من الغرفة وهي تتحرك بدلال يتنافي تماما مع جسدها البدين الممتلئ

اخذت يد رشدي جلسا على طاولة الطعام

ليهتف بغلظة: اومال فين البت شمس

مصت سميحة شفتيها بضيق تهتف بتهكم: مرزوعة في اوضتها دي حتى ما بترضاش تعمل معانا حاجة خالص في شغل البيت عاملة فيها هانم بين بارم ديله ولا ايه يا دلال.


ايديها ضرتها تهتف بخبث: معاكي حق يا حبيبتي الحمل كله علينا وهي عاملة هانم لا عاجبها العجب ولا الصيام في رجب

في داخل تلك الغرفة تجلس تلك الفتاة الصغيرة هي بالفعل الصغيرة فهي بالكاد أكملت عامها

التاسع عشر تبكي بحرقة اثار ضرب وتعذيب حمراء تغطي جسدها تجلس جوار تلك الشرفة كما تفعل دائما تنظر للسماء تهتف بحرقة داخل قلبها: ياااااارب.


هي شمس حامد عبد النبي تلك الفتاة الجميلة ذات العينين بلون الزمرد والشعر الاصفر القصير والشفتان المكتنزتان والقد الممشوق من يراها يعتقد انها اجنبية الاصل ذلك الجمال المدفون تحت الثري فهي برغم القدر الوافي التي حصلت عليه من الجمال، وجدت نفسها تعيش في اسرة فقيرة جدا لا تملك حتى قوت يومها، توفي والدها عندما كانت طفلة صغيرة، وتركها تصارع في تلك الدنيا هي ووالدتها واخيها عطا الذي يصغرها بثلاث اعوام.


لم تستطع دخول المدرسة بسبب ظروفهم الصعبة وبدأ اخيها يعمل في سن صغير كصبي في قهوة المعلم رشدي

الي ان جاء ذلك اليوم المشؤوم تعبت روحية والدة شمس بشدة

فخرجت شمس تهرول من المنزل متجهه الي اخيها تستغيث به

شمس بفزع: الحقني يا عطا، ماما تعبانة اوي

عطا بلهفة: يا نهار أبيض تعبت تاني طب انا جاي معاكي، استني بس اقول للمعلم.


في تلك اللحظة خرج رشدي من القهوة ووقعت عينيه على شمس ليتوهج بريق الرغبة في عينيه يلتهم جسدها بنظراته النهمة الشهوانية العطشة

عطا: معلش يا معلم، هروح مع اختي بس ساعة زمن اطمن على الحاجة وراجع على طول

رشدي بقلق مصطنع: ليه مالها الحاجة كفا الله الشر

عطا: ، شمس بتقولي انها تعبانة اوي

رشدي: سلامتها، استني انا جاي معاك.


ذهب رشدي مع شمس وعطا الي حيث يقطنون في غرفة صغيرة في بدروم احد العمائر واحضر لها الطبيب وتولي مصاريف علاجها كاملة الي ان تحسنت صحتها، واصبح رشدي يزورهم يوميا بحجة الاطمئنان على صحتها الي ان جاء ذلك اليوم

رشدي: عاملة ايه النهاردة يا ست روحية

روحية بصوت ضعيف: الحمد لله يا معلم، الف شكر على مساعدتك

رشدي: ايه الي انتي بتقوليه دا يا ست روحية دا احنا أهل وقريب ان شاء الله هنبقي نسايب

عطا: يعني ايه يا معلم؟


ابتسم رشدي ببراءة حمل وديع: اصل انا بصراحة جاي النهاردة وطالب ايد ست البنات شمس

فغرت شمس فمها بصدمة وكذلك عطا وروحية يتطلعون الي بعض بذهول

روحية: ايوة يا معلم بس انت متجوز اتنين كمان انت اكبر منها بحوالي عشرين سنة

رشدي: وبنتك هتبقي التالتة والتالتة تابتة زي ما بيقولوا، ثم وضع يده في جيبه واخرج حفنة كبيرة من الاموال ووضعها امام روحية.


رشدي مبتسما بخبث: دا مهرها ومستعد ادفع قده شبكة، ومش عايز منكوا اي حاجة حتى شنطة هدومها عليا، قولتوا ايه

بيعت كما تباع الجواري في الاسواق حتى تستطيع اسرتها أن تعيش حياة افضل، ولكن الفرق الوحيد انها بيعت بعقد شرعي.


وجدت نفسها بين ليلة وضحاها تزف لذلك الرجل العجوز ليغتصب براءتها دون رحمة تحت غطا شرعي اسمه الزواج، ثم تركها لتلاقي الويل والذل من زوجتيه الاثنتين يوميا من ضرب وإهانة حتى انهن يجعلنها تقوم بأعمال المنزل كلها، الي ان يعود ذلك الحيوان الذي اطلقوا عليه خطأ مسمي رجل، ليكمل وصلة الضرب والاهانة كان يضربها بغل يخبرها دائما انها السبب فيما حدث له ليتنهي بها الامر فاقدة للوعي من شدة الضرب وحين تستيقظ صباحا تجد ملابسها ممزقة بوحشية.


فاقت من شرودها عندما اقتحم رشدي الغرفة كعادته ممسكا ب(خرطوم ) بلاستيكي، اقترب منها يجذب شعرها بعنف ثم بدأ يضربها بذلك الخرطوم وهي تصرخ وتبكي ترجوه ان يرحمها حتى خارت قوها وسقطت على الفراش فاقدة للوعي ليمزق ملابسها ويبدأ في اعتداه الحيواني عليها.


في صباح اليوم التالي، أول يوم لهما في تلك الحارة استيقظت باكرا هي من الأساس لم تستطع النوم ذلك الفراش غير مريح ابدا أخرجت له ملابسه واعدت ذلك الحمام قدر المستطاع كانت تتحرك وهي ممسكة بظهرها تشعر أن عمودها الفقري يصرخ من الالم، ذلك الفراش مثل الحجارة اشتاقت لفراشها الوثير الناعم

ايقظته برفق، قام سريعا يغتسل بيدل ملابسه ليبدأ تلك الرحلة.


وقف امام باب المنزل من الداخل يهتف بنبرة تحذيرية مؤكدة: الباب ما يتفتحش وأنا برة، الباب ما يتفتحش وأنا برة، الباب ما يتفتحش وأنا برة، و الباب اتفتح وانا برة لجنس مخلوق، هتزعلوا مني

ربطت رحمة على يده تهتف بهدوء: ما تقلقش يا ابني روح أنت شوف حالك ربنا يرزقك ويفتحها في وشك لتحمحم بحرج، انا بس كنت عايزة انزل اشتري شوية طلبات للبيت

مد خالد يده في جيبه واخرج محفظه نقوده اعطي لرحمة بعض النقود.


خالد: ماشي يا دادة بس تنزلي انتي لوحدك

رحمة: حاضر يا ابني

نظر للينا يهتف بتحذير مرة اخري: الباب ما يتفتحش وانا برة غير لدادة رحمة لما تيجي، غير كدة يا لينا عقابك هيبقي وحش اوي

هزت رأسها إيجابا بطاعة ليقبل جبينها لينزل سريعا القي السلام على رشدي الذي وجده يجلس على احد الكراسي أمام البيت ومن ثم ذهب في طريقه.


في الاعلي ارتدت رحمة عباءة سوداء وحجاب اسود كبير تحمل كيس نقود في يدها نظرت للينت

رحمة: انا نازلة يا بنتي مش هتأخر

لينا: ماشي يا دادة

رحمة: اقفلي الباب بالترباس بعد ما اخرج ماشي

هزت رأسها إيجابا اتجهت خلف رحمة الي أن خرجت من الباب لتغلقه جيدا تشد ذلك المزلاج تحكم إغلاقه جيدا.


راي رشدي ذلك الرجل، خالد وهو ينزل ومن بعده تلك السيدة ففطن ان تلك الحسناء بمفردها الآن ليبتسم بشراهة ذئب يستعد لالتهام وجبه دسمة، نادي على ذلك الصبي بصوت عالي: واد يا عطا

جاء الصبي مهرولا: نعمين يا معلمي

رشدي: انا طالع اشقر على الجماعة خلي بالك من القهوة على ما أجي

عطا: عنيا يا معلمي.


صعد رشدي سلالم البيت، كل خطوة يخطوها لأعلي تزيد من سرعة ضربات قلبه، ترفع نسية الأدرينالين في دمه، صعد بلهفة ان وصل الي باب تلك الشقة، اخرج المفتاح الآخر من جيبه ووضعه في قفل الباب واداره ولكنه عندما حاول ان يفتح الباب لم ينفتح، حاول مرة واثنين وثلاثة ولكن دون فائدة صر على اسنانه بغيظ ليهز ذلك بعنف عله ينفتح ليدخل الي تلك الحسناء التي يفصله عنها ذلك الباب الخشبي

في الداخل.


سمعت لينا صوت اهتزاز الباب بتلك الطريقة الغربية بلعت لعابها بخوف تقدمت ناحية الباب بخوف الي ان وصلت إليه، وقفت بجانب ذلك الباب تهمس بصوت مضطرب: ممميين

هتف بصوت خفيض ملهتف: انا المعلم رشدي يا ست العرايس افتحي

قطبت جبينها بتعجب تهتف بدهشة: معلم رشدي، خير حضرتك عايز ايه

تلعثم في الرد يحاول إيجاد كذبة مناسبة حتى يقنعها: هاااا، انا اه، اه انا كنت عايز الباشمهندس

لينا: بس خالد مش موجود نزل.


رشدي سريعا: طب افتحي، عايز اقولك حاجة مهمة تقوليها للباشمهندس لما يرجع

هزت رأسها ايجابا أمسكت ذلك المزلاج كادت أن تفتحه حينما تكررت جملة خالد في اذنيها

( الباب ما يتفتحش وانا برة) لتترك ذلك المزلاج تهتف بحدة: اسفة يا معلم ما اقدرش افتحلك الباب وخالد مش موجود

عض على شفتيه بغيظ كان قريبا للغاية قبض على ذلك المقبض من الخارج يهزه بعنف.


ليرتجف قلبها فزعا ردت بصوت مرتجف: انت لو ما مشتش دلوقتي انا هتصل بخالد اقوله

رشدي بغيظ: ماشي يا ست العرايس، هتروحي مني فين

تركها ونزل الي أسفل وهو يتمتم بكلمات غاضبة حانقة.


في نفس الطابق في الشقة المقابلة لشقة خالد

في غرفة صغيرة ينام على فراش صغير، شاب في اوائل العشرينيات متوسط الطول ذو جسد متناسق وبشرة برونزية وشعر اسود وعينان بلون الفحم الاسود

دخلت والدته عليه لتوقظه

سعاد: إسلام، قوم يا إسلام، يا إسلام قوم يا إسلام

تململ في نومته يفتح عينيه بصعوبة يهتف بصوت ناعس خامل: صباح الخير يا ماما

سعاد مبتسمة: صباح الخير يا حبيبي قوم بقي كفاية نوم...


جلست على الفراش يمط ذراعيه بكسل يهتف بلامبلاة: يعني هقوم اعمل إيه يا ماما ما الشركة الي كنت شغال فيها اتقفلت

اتسعت عيني سعاد باهتمام: نفسي اعرف ليه الشركة اتقفلت، دا انت كنت بتقولي ان صاحبها راجل كبير وليه هيبته

تنهد بإحباط: مش عارف والله يا امي، احنا فجاءة كام واحد لابسين اسود ودخلين الشركة وبدأ يخرجونا منها حتى خرجوا الباشمهندس على وباشمهندس عمر، من الشركة وقفلوها.


سعاد: طب وصاحب الشركة عمل ايه

ضرب كف على كف يهتف بضيق: ولا نعرف عنه حاجة، هو اصلا ما كنش بيجي كتير الشركة، كل فين وفين لما يجي مرة

جلست على كرسي صغير في غرفته تهتف بفضول: هو كبير في السن

إسلام: لاء عنده في التلاتينات تقريبا

قائلت سعاد سريعا بثقة كأنها وجدت حل لمشكلة عويصة: ممكن قرض كبير وهرب من البلد زي ما بيجي في المسلسلات

هز رأسه نفيا يكبت ضحكاته: ما اعرفش يا امي والله

سعاد: طب يلا قوم افطر.


إسلام: فين البت بدور

دخلت تلك الطفلة تضحك بسعادة

بدور: انا هوووو، سيمو حبيبي اخيرا صحيت

إسلام ضاحكا: يا بت بطلي الاسم دا

استوووب

( إسلام طه ناصر، 25 عاما خريج كلية هندسة، يعمل في شركة الرحاب، منذ ان تخرج، يسكن مع والده الذي يمتلك محل بقالة صغيرة، ووالدته السيدة سعاد ربة منزل بشوشة تحب عائلتها كثيرا، وبدور تلك الطفلة الشقية التي تبلغ من العمر ثماني اعوام )

سعاد: يلا يا بدور، روحي ذاكري.


مطت بدور شفتيها بضيق طفولي: يوووه يا ماما امتي هتصدقي ان انا خدت الأجازة

سعاد؛ يوووه صحيح دا انا كنت ناسية طب قدامي بقي يا لمضة

بدور: سلام يا سيمو

ابتسم لها إسلام يلوح بيده ودعا

خرجت سعاد من الغرفة هي وبدور فاغمض إسلام عينيه بألم وهو يتذكر صوت صراخها الذي يمزقه كل ليلة

آه شمسي كم رغبت في ان تنيري سمائي

وعندما استعدتُ لذلك وجدتك تشرقين في سماء رجل اخر

سماء ملبدة بالغيوم.


فأغشت نورك الساطع آه شمسي، تركتي حياتي ملبدة غائمة متي ستعودين ليعود النور الي من جديد

قام من على فراشه يتحرك بخمول، اغتسل وبدل ملابسه وصلي فرضه، ثم نزل ليبحث عن عمل.


في شقة خالد

دق الباب مرة اخري لتتسع عينيها بفزع خوفا من ان يكون ذلك الرجل عاد مرة اخري وقفت بجانب الباب تهمس بصوت مرتجف خائف: مممين

رحمة: انا دادة رحمة يا حبيبتي افتحي

فتحت الباب سريعا تجذب رحمة من يدها لتدخلها الي المنزل ومن ثم اغلقته بلهفة تشدد احكام ذلك المزلاج جيدا

تعجبت رحمة من تصرفها لتسألها باهتمام: مالك يا بنتي ايه الي حصل

هزت رأسها نفيا تهتف بهدوء ظاهري: لا ابدا ما فيش حاجة.


رحمة: طب انا هروح احضر الغدا

لينا: وانا هروح اشوف لوليتا

ذهبت رحمة تجاه المطبخ الصغير المجهز ببعض الادوات الاولية

بينما وقفت لينا شاردة

لينا في نفسها: انا مستحيل اقول لخالد، خالد عصبي ومتهور وممكن يقتله ويودي نفسه في داهية وكفاية اللي هو فيه

لا لا لا انا مش هقوله مش هقوله، هقفل الباب بالترباس كويس وخلاص.


يبحث منذ ساعات دون فائدة لم يستطع إيجاد عمل مناسب على الأقل يغطي احتاجتهم الأساسية، فمعظم الاجور قليلة جدا لا تكفي حتى ايجار تلك الشقة، لينتهي به الحال يشتري فراش صغير لابنته من تلك النقود التي معه ومن ثم عاد للحارة، جلست على احد كراسي تلك القهوة يتنهد بتعب، شاردا في المستقبل المجهول له ولعائلته بدون عمل فمن المؤكد ان نقوده الباقيه سنتنهي عما قريب.


فاق من شروده عندما وضع احدهم يده على كتفه، نظر له فوجده رشدي

رشدي: ازيك يا باشمهندس

خالد: الحمد لله

رشدي: تسمحلي اقعد

خالد: اتفضل

جلس رشدي على الكرسي المجاور له

رشدي: مالك يا باشمهندس شكلك مهموم

خالد: لا ابدا ما فيش حاجة

رشدي: يا ابني قولي يمكن اقدر اساعدك

تنهد بتعب: مش لاقي شغل

رشدي: مش انت مهندس

خالد ساخرا: آه مهندس بس مش لاقي شغل

رشدي: يعني انت ما بتعرفش في حاجة تانية غير الهندسة.


خالد: يعني بعرف في ميكانيكا العربيات على قدي

رشدي مبتسما بحماس: طب والله انت ابن حلال ورزقك في رجليك

قطب جبينه ينظر له باستفهام ليشير رشدي ناحية محل صغير مغلق امام تلك القهوة

رشدي: شايف المحل دا

هز خالد رأسه إيجابا ليكمل رشدي باهتمام: دا يا سيدي ورشة ميكانيكي صاحبها عايز يبعها

خالد في نفسه بحسرة على حاله: ورشة ميكانيكي، اخرتها ميكانيكي يلا الحمد لله أهو كله شغل، صبرك عليا يا رفعت لما اوصل لسراج.


اتجه ناحية رشدي يسأله باهتمام: ودي طالب فيها كام

رشدي: 40 الف جنية

خالد: مش كتير

رشدي: بص احنا نروحله ونحاول معاه تحب امتي

خالد: يا ريت دلوقتي

رشدي: تمام، يلا بينا

خالد: ثواني بس، هطلع السرير دا شقتي وهنزل على طول

هز رشدي رأسه إيجابا فأخذ خالد الفراش الصغير متجها الي شقته ووضع المفتاح في القفل ولكن الباب لم يفتح، فدق الباب

لينا بخوف: مين، مين برة

خالد: انا خالد، يا لينا افتحي.


انفتح الباب سريعا ليجدها تلقي بجسدها الصغير داخل صدره

رفع حاجبيه بدهشة من فعلتها: مالك يا حبيبتي انتي كويسة

لينا: هااا، آه بس يعني لسه مش متعودة على المكان

ابتسم لها ليبعدها عنه برفق برفق، دخل الي غرفته ووضع الفراش بها ثم اعطي للوليتا الشكولاتة واخذ النقود ونزل الي اسفل

خالد: انا نازل، مش هتأخر، بس زي ما قولتلك

ردت سريعا بخوف: ما تقلقش عمري ابدا ابدا ما هفتح الباب وانت برة.


ضيق عينيه ينظر لها بشك من خوفها الغير مبرر على حد اعتقاده ولكنه لم يتحدث بل اغلق الباب ونزل لأسفل، فأخذه رشدي الي صاحب الورشة

وبعد جدال طويل كتب خالد العقد بعد ان دفع 35 الف جنية، واخذ منه المفتاح ثم عاد الي منزله

خالد: متشكر اوي يا معلم رشدي

رشدي مبتسما بخبث: لا شكر على واجب يا باشمهندس احنا نحب نخدم.


صعد خالد الي اعلي تتبعه نظرات رشدي الي أن اختفي من امامه ليهتف في نفسه بخبث: حلو اوي كنت واثق انها جبانة ومش هتقوله، صبرك عليا يا ست العرايس هتروحي مني فين دا انتي اللي رديتي روحي من تاني

وقف امام شقته يدق الباب فتكرر نفس الامر شعر بارتجافه صوت لينا وهي تسأل عن الطارق: مممين

خالد: انا خالد

فتحت له الباب ودخل ينظر لها بشك مالك يا لينا انتي كويسة

ابتسمت ابتسامة مرتبكة: هااا، آه انا كويسة.


ضيق عينيه مستفهما؛ متأكدة انك مش عايزة تقوليلي حاجه

هزت رأسها نفيا سريعا تبتسم بتصنع: ما تقلقش يا حبيبي انا كويسة، يلا غير هدومك على ما احطلك الغدا

تركته متجهه الي المطبخ ليقف ينظر في اثرها بشرود، هناك أمر خاطئ وعليه اكتشافه...


     الفصل الثاني عشر والثالث عشر من هنا 


لقراءة جميع حلقات الروايه الجزء الثاني من هنا


تعليقات