رواية أسير عينيها الفصل الواحد والخمسون 51 والثاني والخمسون 52 الجزء الرابع بقلم دينا جمال

رواية أسير عينيها

الفصل الواحد والخمسون 51 والثاني والخمسون 52 الجزء الرابع

بقلم دينا جمال

- وعايزاك تتفق مع محامي كويس، عايزة ارفع قضية خلع على زيدان

ما إن نطقت تلك الجملة ساد صمت قاتل من ناحية معاذ، لدرجة انها ابعدت الهاتف عن اذنها ظنته أغلق الخط، كادت أن تسأله لما ذلك الصمت ليبادر هو قائلا في قلق:

- بلاش يا لينا، بلاش تعدني معاه، أنا خايف عليكي صدقيني.


قطبت جبينها توسعت عينيها متفاجاءة مما يقول، لحظات تحاول إستيعاب ما يقول أول ما طرق عقلها أن زيدان اختطفه مرة أخري اشتعلت أنفاسها غضبا لتصيح محتدة:

- هو جنبك مش كدا، خطفك تاني

قاطعها معاذ حين ضحك بخفة يردف مطمئنا إياها:

- أنا في البيت والله على السرير ما تخافيش ما حدش خطفني...

صمت للحظات ليستعيد نبرته الحانية تنهد يقول قلقا:.


- أنا بس خايف عليكي، زيدان دا شكله مجنون لو رفعتي عليه قضية خلع هيعند اكتر، لازم نشوفلها حل تاني غير دا

هبت واقفة من فوق فراشها اتجهت صوب مرآة زينتها تفك عقدة شعرها تغرز أظافرها فيه غصت نبرتها تصيح بقهر:

- حل ايه يا معاذ دا بيقولي هطلبك في بيت الطاعة أنت متخيل جبروته بعد كل اللي عمله فيا، بيقولي هطلبك في بيت الطاعة

حاول الأخير التخفيف عنها قليلا ليردف بنبرة هادئة مترفقة:.


- مش هيعمل كدة يا لينا، عشان والدك مش عشانك، أنا واثق أنه مش هيعمل، هو بس عايز يخوفك عشان ترجعيله اهدي انتي بس وكل حاجة هتبقي تمام

رفعت وجهها تنظر لانعكاس صورتها في المرآه لتختفي صورتها ويظهر مشهد عرض بطئ مخيف لما فعل هو بها رغما عنها انسابت دموعها تغرق وجهها، انهارت على ركبتيها أرضا تتمسك بالهاتف بعنف تعالت شهقاتها، لتسمعه يصيح مذعورا:.


- لينا أنتي بتعيطي، لينا عشان خاطري وحياة اغلي حاجة عندك بطلي عياط

ضاع صوتها بين شهقاتها العنيفة، كورت قبضتها تضرب موضع قلبها تصيح بنبرة ذبيحة ممزقة:

- أنا بكرهه يا معاذ بكرهه أوي، كنت لعبة في أيديهم لعبوا بيا وبمشاعري، عشانه هو، ما كفهوش أنه فضل يضحك عليا المدة دي كلها، دبحني ودلوقتي بيهددني، ياااارب اموت واخلص منه ومن حياتي كلها.


اشفق معاذ على حالتها المتدنية صوتها الذبيح، بكائها المعذب، ولكن ما في يده سوي التخفيف عنها ببعض الكلمات اللطيفة:

- لينا، صدقيني ما يستاهلش دموعك دي كلها، مهما كان اللي عمله فيكي حاولي تنسيه لحد ما نتجمع أنا وأنتي وأنا اوعدك اني عمري ما هخليكي تفتكري حاجة من الماضي، اهدي يا حبيبتي.


اغمضت عينيها تشد على قبضتها تنساب دموعها في صمت لما تشعر أنها خائنة، الا يكفي ما فعل بها والآن أيضا تلوم نفسها، قلبها يصرخ جسدها يحترق، عقلها ثائر مشتت حائر، بلعت لعابها الجاف تهمس بخفوت حزين:

- اقفل يا معاذ، هكلمك تاني.


أغلقت معه الخط تلقي الهاتف بعيدا، اخفت وجهها بين كفيه لا تبكي فقط تفكر تتنفس بعنف تحاول تجميع شتات روحها الحائرة، اجفلت على صوت بابها يُفتح لتقطب جبينها متعجبه ألم توصده من الداخل وتلقي بالمفتاح من النافذة في لحظة ثائرة، لحظة ووجدت والدتها تدخل من باب الغرفة في يدها نسخة اخري من المفتاح، تقدمت لينا تنظر حولها الغرفة بأكملها مهشمة لا شئ في مكانه لا قطعة واحدة سليمة، وهناك جوار مرآه الزينة ارضا تجثو ابنتها على ركبتيها الدموع تغرق وجهها عينيها حمراء كالدماء، اقتربت منها لتجلس أمامها دون كلمة واحدة جذبتها تعانقها، تجمدت الاخيرة للحظات قبل أن تنفجر باكية بين احضان والدتها، تغرز وجهها بين ذراعيها تنتفض من عنف شهاتقها، في صمت نزلت دموع لينا تمسح بيدها على شعر ابنتها، مرت دقائق طويلة حاولت لينا فيهم أن تستعيد ثباتها لتردف بهمس خافت بين ذراعي والدتها:.


- هما ليه عملوا فيا كدة، ليه

خرجت ضحكة صغيرة حزينة من بين شفتئ لينا لتبعد ابنتها عنها مدت يدها تسمح وجهها تردف في سخرية مريرة:.


- أنتي عارفة أنا سألت نفسي قبلك السؤال دا كام مرة، هو ليه بيعمل فيا كدة، كل الحب اللي المفروض بيحبهولي، انتي عارفة ابوكي يعتبر اسوء وأحسن حاجة حصلتلي في حياتي معادلة مش مفهومة، لما بدأتي تكبري وتفهمي كان هو اتعالج، انما لما كنتي صغيرة، أنا قضيت معاه أيام كانت بتقضي عليا، حالته كل يوم كانت بتبقي اسوء عن اليوم اللي قابله، وصلت لمرحلة اني بترعب بس من صوته.


توسعت ابتسامتها المريرة لتجلس على الارض تضع رأس ابنتها على كتفها تردف في همس مؤلم:

- كان بيكسر كل حتة فيا ويرجع يعتذر يقولي أنا آسف ندمان سامحيني أنا بحبك مجنون بيكي، وانا كنت بسامحه، انتي عارفة لو حكيت حكايتي دي لأي حد هيقول اني انسانة معدومة الكرامة، ازاي ارضي على نفسي كل اللي بيعمله وارجعله تاني، ازاي ما بتصعبش

عليا نفسي...

انهمرت الدموع بعنف من عيني لينا اختنقت نبرة صوتها تكمل بهمس ضعيف:.


- أنا مش كدة والله، أنا بس فتحت عيني في الدنيا على وش ابوكي، جدك اللي هو ابويا ما كنتش بشوفه، كنت بحس بالحرمان وأنا شايفة البنات أصحابي ابهاتم بيجيوا ياخدوهم من المدرسة وأنا لاء، ما كنش بيجي خالد اللي كان بيجي، عودت نفسي من وأنا صغيرة خلاص أن دا بابا، خالد كان كل حاجة في حياتي، أنا كنت بشوف بابا مرتين في السنة، أنا لما نطقت كلمة بابا اول مرة قولتلها ليه هو، ولما بدأت أكبر ومشاعري ناحيته تتغير، خلاص بقينا أنا وهو كيان واحد، زي نبات صغير جوا تربته مربوط فيها بجذور، جه فجاءة بابا قرر ياخد النبته دي بقمة القسوة اللي في الدنيا، شوفت منه قسوة كتير لطفلة صغيرة، فبقي بالنسبة ليا الامان هو خالد، عايزة ارجعله بأي شكل، لما سافرت برة عشان أدرس، قولت خلاص هعتمد على نفسي، خصوصا بعد ما عرفت أن خالد اتجوز، وأنا كمان اتخطبت، بس زي ما بيقولوا القدر كان ليه رأي تاني...


خطيبي حاول يغتصبني، وأنا بقومه وبحاول ابعده عني، كانت صورة ابوكي اللي أنا مش فاكرة ملامحها كاملة قدامي بتشجعني اني ما استسلمش، بعد اللي حصل دا مات جوايا اي إحساس بالأمان بعيد عنه، وبعد عناء رجعت النبتة الصغيرة لتربتها القديمة، بس التربة ما كنتش هي كانت قاسية جافة بترويها دموع النبتة، كل ما تحاول تبعد عنها تفتكر اللي حصلها وهي بعيدة فتخاف وترجع تستخبي فيها تاني، عارفة انا حتى بعد ما كبرت واتخرجت وبقيت الدكتورة لينا ورجعت تاني عند جدك، كنت بخاف منه كل لحظة ليضربني او يحبسني في اوضتي في الضلمة زي زمان، أنا استحملت عشان كنت خايفة من اي حل تاني، أنتِ لاء...


قالتها لتعتدل في جلستها لتجلس لينا أمام والدتها تنظر لها بشفقة دموعها تهبط بلا توقف حزنا عليها، كانت تظن انها لاقت قسوة ما في الدنيا لتكتشف أنها لم تعرف حتى ما هي القسوة، مدت لينا يديها تسمح دموعها بعنف تنظر لابنتها في حزم لتردف:.


- أنتِ لاء يا لينا، اوعي تبقي نسخة مني ابدااا، والدتي كانت سلبية جدا في حقي ودا اللي عمل فيا كدة، وأنا هسمح لنفسي ابقي سلبية في حقك تاني، زيدان غلط اللي حصل في الفندق كان غصب عنه صحيح، لكن غلطه أكبر أنه لعب اللعبة دي هو وابوكي من الأول، خالد مش هيتغير، شايف الصح اللي هو شايفه بس صح والغلط اللي هو شايفه غلط، شوفي انتي عايزة ايه، فاهمة، ما تبقيش سلبية، ما تخليش حد يخطط حياتك اللي هتعيشيها فهماني.


ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي لينا تحرك رأسها إيجابا لترتمي بين أحضان والدتها ابتسمت تهمس ممتنة:

- حاضر يا ماما

ابتسمت لينا تقبل جبين ابنتها تعاود ضمها من جديد.


على صعيد آخر في مكتب خالد السويسي، يجلس على سطح مقعده الوثير أمامه مجموعة ضخمة من الأوراق ينظر لها شاردا حزينا، لما تتعقد الامور بتلك الطريقة هو فقط يريد الصالح لابنته كيف يؤذيها وهو لم يحب أحد في حياته بقدرها، فقط لو تعلم ذلك، يعلم انها في حالة صدمة حزينة مقهورة مما حدث، ومما عرفت، ولكن ماذا يفعل يترك شاب لعوب نظراته كفيلة بأن يري فيه ذئب وضيع يتنكر في ثياب حمل برئ، تنهد متعبا ليعود بجسده للخلف يستند بظهره إلى ظهر المقعد اغمض عينيه يتنفس بعمق يحاول فقط أن يطفئ نيران جسده، من يفعل ذلك وما صالحه لا أثر لا دليل، من ولماذا، اجفل من شروده على صوت دقات على باب غرفته دقات سريعة متلهفة فتح عينيه يردف:.


- ادخل

ما إن نطق بها هرول يوسف لداخل الغرفة وقف أمام مكتب خالد يقول سريعا بتلهف:

- خالد شوفلك حل في زيدان الواد ضرب خالص، بيتحرك بعكاز ومع ذلك مصر يلعب بوكس وزمايله خايفين عليه ومنه بصراحة الواد بيضرب بغباوة طلع واحد يلاعبه رقدة على الأرض من كتر الضرب.


ابتسم خالد يآسا يحرك رأسه إيجابا اشار بيده ليوسف ليغادر الأخير، لحظات وقام هو ما أن تحرك خطوة واحدة شعر بدوار حاد اختل توازنه ليرتمي بجسده على المقعد من جديد يلتقط أنفاسه، وضع يده على صدره يشعر لأول مرة بنغز حاد في قلبه، لحظات واختفي، ليبتسم هو ساخرا، قام من جديد متجها لأسفل، يسمع صوت زيدان الساخر:

- ايه يا شباب خايفين ليه دا أنا حتى رجلي مكسورة

ابتسم خالد متوعدا توجه إلى غرفة الملابس يردد:.


- ماشي يا ابو مكسورة أما كسرتلك دماغك

دقايق وخرج من غرفة الملابس يرتدي ( تيشرت ) اسود بحملات عريضة وسروال من القطن الاسود التقط تلك الاربطة البيضاء يلفها حول قبضتيه، ليتوجه ناحية حلبة المصارعة، توسعت أعين الجميع في ذهول وهم يرون خالد يشق طريقه بينهم ليصعد بخفة إلى حلبة المصارعة ليقفز إلى هناك بخفة، بينما ارتفع حاجبي زيدان لاعلي يتمتم ساخرا:

- بتهزر صح، عشان عارف اني مش هقدر اضربك ما أنت خالي بقي.


لم تتغير تعابير وجه خالد الحادة الباردة فقط ابتسامة خفيفة طفت فوق شفتيه يتمتم ساخرا:

- ما فيش خالي في الشغل يا حضرة الظابط، أنت مش طالع تتدرب، واللوا بنفسه قرر يلاعبك، اما نشوف التلميذ حفظ الدرس ولا هيطلع فاشل

وقبل أن يبدأ اللعب التفت خالد لذلك الجمع الواقف يردف في حدة:

- كل واحد على شغله يلا

بدأ الجميع في الإنسحاب، واحدا تلو الآخر اغلق الأخير الباب خلفه لينظر خالد لزيدان يردف ساخرا:.


- مش عايز حد يشوفك وأنت بتتضرب

احتقن وجه زيدان غضبا قبل أن يصدح صوت الجرس الخاص ببدأ الجولة، اقترب خالد من زيدان سدد لكمة له تفادها زيدان بخفة حين انحني برأسه لأسفل سريعا، تحرك بصعوبة بسبب ساقه المكدومة، ينظر لخالد يبتسم بانتصار:

- التلميذ مذاكر الدرس كويس، اااه

تأوه بها متألما حين باغته لكمة عنيفة من خالد ارتد على اثرها للخلف ليردف خالد ساخرا:

- الدرس رقم 6، ما تفرحش بفوزك قبل نهاية المباراة.


التفت زيدان بوجه يمسح بعنف الدماء السائلة من فمه ينظر لخالد غاضبا انقض عليه يرغب في لكمة ليتفاده خالد بسهولة يصدم زيدان بمرفقه بعنف بعنف من ظهره يردف متهكما:

- الدرس رقم 2 خليك هادي، الغضب بيفقدك التركيز

التف زيدان لخالد يتنفس بعنف ملامحه منكشمة من الألم، لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتي خالد يردف متهكما:

- غبي وهتفضل طول عمرك غبي، بدل ما تصلح اللي هببته تقولها هطلبك في بيت الطاعة يا حمار.


فلتت ضحكة متهكمة من بين شفتي زيدان يردف ساخرا:

- خلاص ما بقاش فيه مجال لأي كلام، معاذ بيه رجع تاني وبيلف دماغها عشان ترجعله بس دا بعده دا أنا اقتله وادهن بدمه الحيطان

في اللحظة التالية كان يفترش زيدان الأرض حين سقط على ظهره بعنف بفعل ساق خالد الذي عرقتله انحني خالد ناحيته يقبض على تلابيب ملابسه يتمتم متهكما:.


- مع احترامي لروح دراكولا اللي جواك، بس أنت قدامك شهر لو ما صلحتش علاقتك بلينا، هتطلقها بمزاجك كان او غصب عنك، سلام يا حبيب خالك

قالها خالد لينزل من الحلبة يغادر الغرفة بأكملها بينما ظل زيدان ينظر لسقف الغرفة يعجز حتى عن التفكير.


خرج من غرفة التدريبات، بدل ملابسه يرحل من المكان بأكمله متوجها إلي بيته متعب يرغب فقط في النوم عل أن يصبح كل ما حدث لم يحدث من الأساس يتمني فقط لو يكن ما حدث أحد كوابيسه المفزعة وسيصحو منه قريبا، ساعة واكثر حتى وصل إلى منزله، توجه مباشرة إلى غرفة ابنته، دق الباب لا مجيب، انتفض قلبه قلقا ليدخل إلى الغرفة، قطب جبينه حين رأي ما حل في الغرفة وجد ابنته هناك جالسة على فراشها تضع سماعات في أذنيها تغمض عينيها، اقترب منها يجذب بخفة السماعات من اذنيها يهتف في هدوء:.


- أنا بقالي ساعة بخبط على الباب

اغلقت هي ما كانت تسمع لترفع وجهها تنظر لوالدها في برود رسمت ابتسامة صفراء على شفتيها تغمغم في براءة خبيثة:

- سوري ما سمعتش حضرتك، خير حضرتك

اخفي ضحكاته اليآسة على ما تفعل ليجلس على الفراش أمامها تنهد تنهيدة طوووويلة يردف في هدوء:

- لينا أنا عارف أنك زعلانة من اللي عرفتيه بس والله يا بنتي أنا...

قاطعته هي تبتسم في اتساع ابتسامة زائفة عرفها جيدا لتقول بعدها في تهكم:.


- زعلانة!، عشان كنتوا بتلعبوا بيا وعاملين مشاعري كورة بتحدفوها لبعض لاء خالص، وأنا هزعل ليه يعني، أنا زي الفل

تنهد خالد غاضبا، لم يرد أن يتحدث أكثر يعرف انها لن تتقبل اي حديث في حالتها تلك تحرك ليغادر ما أن اقترب من باب الغرفة سمعها تتمتم في حيرة عرف انها تتصنعها:.


- صحيح يا بابا، اصل أنا الأيام اللي فاتت كنت مصدومة اللي حصل بردوا مش قليل الا لو حضرتك شايف عكس كدا، هو حسام أخويا ازاي، أنا ما انكرش انه امور ودكتور وحنين، لاء حبيته...

ادمعت عينيها رغما عنها تهمس بسخرية تتألم:

- دا حتى هو اللي عالجني وخدني في حضنه في لحظة كنت بتمني فيها بس وجودك عشان اترمي في حضنك...


التفت خالد لابنته لينهار ثباته الزائف عاد ذلك الشعور بالألم يغزو قلبه بجهد شاق استقام فئ وقفته تحرك ناحيتها لتمسح هي ما سقط من دموعها تضحك في تهكم:

- اخويا ازاي بقي

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي خالد ليرفع كف يده يربت على وجنتها يحاول بمشقة ان يزن نبرته:.


- أنا كنت متجوز قبل لينا، وهي عارفة، مراتي اللي كنت متجوزها كانت حامل وما عرفتش اني عندي ابن منها غير من قريب، بس مامتك ما تعرفش حاجة، ومش لازم تعرف دلوقتي لحد ما امهدلها الموضوع

ارتسمت ابتسامة متسلية على شفتي لينا تهتف في براءة:

- من عيوني حاضر، بس أنت عارف بردوا ساعات الواحد بينسي وممكن لسانه يقع من غير ما يحس.


شد خالد على أسنانه بعنف يشعر بالالم يزداد حدة كور قبضته يشد عليها تسارعت أنفاسه يردف متهكما:

- أنتِ بتهدديني يا بنت خالد

توسعت ابتسامتها تردف في ثقة لمعت فئ عينيه التي ورثتها منه:

- اديك قولتها بنت خالد باشا السويسي، فهد الدخلية، لازم تبقي شاربة منه ولا ايه يا بابا.


لم يعد له القدرة على الصمود اكثر رماها بنظرة حادة يلتقط أنفاسه بصعوبة بالغة ليتركها يتحرك لخارج الغرفة ما أن أغلق باب غرفتها استند على الحائط جواره ينزع رابطة عنقه وضع يده على فمه يصرخ من الالم يكتم صوته قدر الإمكان، لهث بعنف يتوجه إلى غرفته، يملك مسكن ربما سيريحه قليلا دخل إلى الغرفة ليجد لينا تجلس قرب النافذة تمسك كتاب فئ يدها وقفت سريعا ما أن رأته تهدر في حدة:.


- كويس انك جيت، ممكن افهم بقي ايه اللي حصل دا، ازاي تعمل كدة.


تركها يتجه صوب المرحاض لم تعد له القدرة على اي جدال، فتح صنبور المياة يضع رأسه اسفلها لحظات طويلة قبل أن يرفع رأسه ينظر لانعاكس صورته المجهدة، التقط منشفة صغيرة يجفف خصلات شعره، فتح صيدلية الادوية الصغيرة الموجودة في مرحاضه ليلتقط زجاجة صغيرة بها مصل شفاف، مد يده يلتقط ( سرنجة ) مغلفة، أخذهم وخرج من الغرفة ليري لينا تقف أمام المرحاض من الخارج هتفت حانقة ما أن رأته:.


- خالد على فكرة أنا بكلمك بطل تتجاهلني بالشكل دا، بطل تهمشني في حياتك وحياة بنتي، دي بنتي زي ما هي بنتك، ما ترد عليا يا خالد

التفت لها لتري عينيه الزائغة ملامحه المجهدة خرج صوته ثقيلا:

- اسكتي، مش قادر اتكلم

توجه بعدها إلى الفراش يرتمي بجسده عليه...

لتهرع خلفه سريعا تسأله فزعة:

- خالد مالك يا خالد، هطلبلك دكتور.


تحركت لتغادر لتشعر به يقبض على رسغ يدها التفت له سريعا ليمد لها ما في يده الأخري حرك شفتيه ليخرج صوته ضعيفا متعبا:

- مالوش لزوم الدكتور، خدي.


التقطت سريعا ما في يده تملئ تلك السرنجة بذلك المصل، ليعتدل هو في جلسته خلع سترة حلته يزيح كم قميصه استند برأسه إلى الوسادة خلفه يغمض عينيه ليشعر بوغزة ذلك السن في ذراعه ليبتسم ساخرا ألمه الطفيف لا يغدو ولو جزء صغير من ألم ما يحدث، لحظات وشعر بها تضع رأسها على صدره ابتسم يمسح بيده على شعرها برفق يسمعها تهمس قلقة:

- عشان خاطري قوم نروح لدكتور، أنا آسفة ما كنتش اعرف أنك تعبان.


لم يرد عليها لم يرغب في جعلها تسمع صوته بذلك الضغف من جديد حتى فقط لا تخف، مضي وقت ليس بقصير إلى ان بدأ يشعر بذلك الألم يقل تدريجيا، بات يقدر على تحمله فتح عينيه وابتسم حين رآها تنظر لصدره وهو يتنفس كأنها طفلة صغيرة تتطمأن أن والدها حي من حركة أنفاسه قرص وجنتها برفق يردف بصوت هادئ:

- أنا كويس، كنت بلعب ملاكمة وعضلاتي شدت عليا شوية ما تخافيش يا حبيبتي.


اعتدلت في جلستها تحرك رأسها إيجابا تسمح دموعها المتساقطة تتمتم بصوت خفيض:

- ابقئ خلي بالك المرة الجاية.


قالتها لتوليه ظهرها تتسطح جواره على الفراش تنساب دموعها في صمت مذعورة عليه مما حدث قبل قليل كاد قلبها أن يتوقف خوفا، تخاف أن تفقده حين أخبرت ابنتها انها لم تترك والدها لانها خافت أن تجرب اي حلا آخر، نسيت أن تخبرها بأن قلبها رفض رفضا قاطعا حتى الابتعاد عنه ولو قليلا، إن جذور قلبها ظلت متمسكة بتربته القاسية رغم كل ما حدث، لحظات وسمعته يهمس في عبث:

- طبعا ادتيني ضهرك عشان تعيطي، صح.


حركت رأسها نفيا تمسح دموعها بعنف قبل أن يراها حمحمت تجلي صوتها تردف في هدوء:

- مش بعيط أنا كويسة، عايز حاجة

عايزك تبصيلي، همس بها بصوت شغوف عاشق، لينصاع قلبها له كأنه فقط مغيب، التفتت له تنظر لعينيه لحظتين فقط قبل أن تنفجر باكية تصيح بقهر من بين دموعها:.


- ليه يا خالد، ليه تعيد مأساتي معاك تاني مع بنتنا، ضحكت عليها، زي ما ضحكت على بابا زمان، ليه تعمل كدا، مين قالك أن معاذ وحش، كفاية خطط بقي يا خالد كان نفسي اوي نعيش حياة طبيعية

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ليجذب راسها يضعها على ذراعه يردف في ثقة:.


- أنا مش عيل صغير يا لينا واعرف كويس اوي أقيم اللي قدامي واللي اسمه معاذ دا بداية قصيدته معانا كفر، دا خلاها تعرفه من ورانا أنا شوفته وواثق أنه عيل زبالة لا بيحبها ولا نيلة

تنهدت يآسه منه لتعتدل في جلستها عقدت ذراعيها امام صدرها تردف حانقة:.


- أنت شايفه كدة عشان كنت عاوز زيدان للينا، وبعدين حتى لو هو كدا، كنت سيبها تكتشف دا بنفسها، خليها تعرف أنك على حق مش تضحك عليها وتعمل فيلم إنت وزيدان وتجرحوها بالشكل دا

جذبها ناحيته من جديد ليعاود رأسها يسكن فوق ذراعه قرص ذقنها بخفة ابتسم يتمتم في ثقة:.


- طالما كدة هتتجرح وكدة هتتجرح أنا قولت نلم الجرح بدري عشان يبقي سطحي ويتعالج بسرعة، بدل ما تتعلق بيه اكتر وهيطلع زبالة زي ما أنا قولت ساعتها الجرح هيبقي في العرق وممكن يموتها ولا ايه يا دكتورة

انا عارفة أن المناقشة معاك مالهاش لازمة عشان في الآخر هتعمل اللي أنت عاوزه، تقدر تقولي بقي هتعمل ايه دلوقتي، هتفت بها بنزق، ليرفع كتفيه يبتسم في خبث:.


- هعمل ايه يعني، هنشوف بنتك هتقرر ايه، المهم قوليلي دلوقتي اخبار البسبوسة ايه

ضيقيت عينيها تنظر له حانقة لتصدمه على صدره بعنف تصيح في غيظ:

- اتحرقت من عمايلك، هتشلني نبقي بنتكلم في موضوع تروح قالب على قلة أدب في ثانية

تعالت ضحكاته الخبيثة ليمد يده ناحية الانارة يردف في غبث:

- سمعوني واحدة سكتت شهرزاد عن الكلام المباح

قالها ليطفئ إنارة الغرفة عند ذلك الحد أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.


في منزل عمر، تحديدا في غرفة سارة وسارين، دخلت تالا تحمل صينية كبيرة عليها الكثير من الشطائر وكوبي حليب، ارتسمت على شفتيها ابتسامة حانية على شفتيها تنظر لابنتيها كل واحدة منهن تنكب على الكتاب امامها تذاكر بجد، تبقي فقط مادة واحدة وينتهيا، نظرت ناحية سارين لتبلع لعابها قلقة تبقي فقط مادة واحدة وماذا بعد هل ستتزوج ابنتها بعد ذلك، تنهدت قلقة لترسم ابتسامة زائفة على شفتيها تتقدم ناحية ابنتيها جلست على فراش سارين نظرت لهم تسألهم قلقة:.


- بجد حليتوا كويس في إمتحان النهاردة

نظرت سارة لوالدتها في دهشة لتضحك بخفة تردف:

- يا ماما دي تاسع مرة تسئيلنا نفس السؤال، ونجاوب نفس الإجابة آه والله حلينا كويس الأحياء كان سهل تافة جدااااا

اعترضت سارين تقول في ضيق:

- لاء على فكرة كان فيه كام سؤال رخمين جدا أنا مش عارفة أنا حليتهم صح ولا غلط

ابتسمت سارة في انتصار لتقف على ركبتيها على الفراش كتفت ذراعيها أمام صدرها تهتف في حدة:.


- أنا قولتلك ذاكري معايا من الملخص اللي معايا قعدتي تقوليلي لاء، ومين االي عمله ومش عارفة ايه...

التفتت تالا لابنتها ابتسمت تسألها في فضول:

- صحيح يا سارة مين عامل الملخص دا

اصفر وجه سارة للحظات جف لعابها لا تعرف ما تقول، ذلك الطبيب الذي كان يظهر دائما في حياتي وفجاءة اختفي حمحمت تردف متلعثمة:

- هااا، مدرس تاني بيدي صاحبتي، هي بعتتهملي يعني.


ابتسمت تالا تربت على شعر ابنتها، اقتربت من سارين إلى ان جلست جوارها لتهمس لها بصوت خفيض:

- عثمان لسه بيتصل بيكي

رفعت وجهها تنظر لوالدتها في توتر للحظات لتحرك رأسها ايجابا تهمس باضطراب:

- ايوة بيتصل بيا بعد كل امتحان يطمن عملت ايه، ما بيكلمنيش اكتر من دقيقة، ااا أنا آخر مرة كلمني رديت عليه وحش.


قطبت تالا جبينها متعجبة، لتجذب يد ابنتها توجهت بها إلى الشرفة الملحقة بغرفتهم حتى لا تزعج الاخري وقفت امامها تسألها باهتمام:

- يعني ايه رديتي عليه وحش مش فاهمة

ادمعت عيني سارين تتذكر ما حدث قبل ساعات فقط

Flash back.


ما إن عادت من امتحانها القت بجسدها على الفراش تشعر بالضيق عكس سارة تماما التي ظلت تمدح في مدي سهولة أسئلة الامتحان، تنهدت تغمض عينيها كلمات والدتها تدق في اذنيها لما الآن تحديدا، بقي فقط مادة واحدة وسيجتمعان، ستتزوجه كانت سعيدة تكاد تطير من الفرح ولكن بعد كلمات والدتها تتمني الا تنتهي تلك الأيام، خائفة قلقة كلمات والدتها كرياح صلصال قوية زعرعت ثبات قلبها.


« هيبقي شكلك حلو وهو قاعد جنبك على الكوشة بالكرسي ابو عجل، حبيبتي ربنا يشفيه بس دا عاجز يا سارين، هيعرف ياخدك وتتفسحوا في شهر العسل مثلا دا ابسط مثال، يا سارين صدقيني في ألف شاب أحسن من عثمان ألف مرة، عثمان ما ينفعكيش يا سارين الناس هتتريق عليكي يا بنتي ».


ادمعت عينيها يصور لها عقلها مشهد لها وهي تجلس جواره في زفافهم والناس تتضاحك عليها، اجفلت على صوت هاتفها يدق برقمه كان بها من الضيق والحيرة والغضب، ما جعلها ترد عليه بنبرة جافية:

- ايوة يا عثمان كويسة وحليت كويس في الإمتحان في اي سؤال تاني

سمعت صوته يسألها متعجبا:

- مالك يا سارين في اي، أنتي متضايقة من حاجة

تأففت بصوت عالي تهتف في نزق:

- أنا كويسة يا عثمان، لسه جاية من الإمتحان تعبانة، اي أسئلة تانية.


تهدلت نبرته لليأس ليردف بعدها في هدوء حزين:

- لاء يا سارين ما فيش، سلام

قالها ليغلق الخط لتلقي هي بهاتفها على الفراش اخفت وجهها بين كفيها تبكي، وتتعالي شهقاتها، قلبها يؤلمها نبرته صوته ذبحتها، وعقلها يعصف بكلمات والدتها وهي بين هذا وذاك لا تعرف ما تفعل

«Back»

نظرت لوالدتها تدمع عينيها لترتسم ابتسامة حائرة على شفتي تالا تنهدت تربت على رأس ابنتها، تهمس لها بحنو:.


- حبيبتي ركزي في إمتحانك دلوقتي اهم حاجة.


قالتها لترحل من الغرفة متوجهة إلى غرفة نومها التي تتشاركها مع عمر تفكر قلقة هل اخطأت، هل بما قالت دمرت سعادة ابنتها، هي فقط، أم، ام خائفة على ابنتها من ذلك الشاب، تنهدت حائرة تدير مقبض الباب تدخل إلى غرفتها، لتبصر عمر يجلس خلف مكتب صغير في غرفتهم أمامه الكثير من الأوراق يطالعهم باهتمام يضع على عينيه نظارة طبية عداساتها شفافة، رفع وجهه عن الاوراق ما أن سمع صوت الباب ليسألها مبتسما:.


- البنات بيذاكروا.


فقك حركت رأسها إيجابا دون أن تعيره انتباها لتتوجه ناحية فراشها تسطحت عليه تجذب كتاب قديم تقرأ فيه قليلا، ليقم عمر من مكانه حرك رقبته يمينا ويسارا يحرك عظام رقبته المتيبسة، يشعر بعموده الفقري يكاج يصرخ من الالم ينكب على تلك الأوراق منذ ساعات، يرغب فقط فئ أن يتسطح على الفراش، وينام، ولكن تالا ترفض تماما النوم جواره، لم يعد يقدر على النوم على الأريكة، نظر لتلك الأريكة ليعاود النظر لتالا يهمس متألما:.


- تالا أنا حرفيا جسمي مكسر ومش هقدر أنام على الكنبة النهاردة، استحميلني بس النهاردة على السرير

رفعت وجهها تنظر له تعاتبه بنظراتها الصامتة، لتتحرك قامت من الفراش تردف في برود:

- طبعا دا سريرك اولا واخرا، وأنا هنام على الكنبة

تحركت تتجه ناحية الأريكة، ليعترض طريقها وقف امامها ينظر لها حانقا ليهمس بصوت خفيض غاضب:.


- لاء طبعا مش هتنامي على الكنبة، يا تالا من ساعة ما رجعتي البيت، وانتي رافضة تتكلمي معايا، حتى النوم مرمي على الكنبة بقالي اسبوعين وزيادة عشان مش عايزة تنامي جنبي، تالا

همس بها بصوت خفيض خجول نادم ليمد يده سريعا يمسك كفي يدها، حاولت سحب يدها من يده ليشدد عليها، رفعت عينيها تنظر لها غاضبة، لتتلاقي مقلتيها بعينيه يصرخ بندمه في عينيه ليهمس بصوت خفيض نادم:.


- تالا أنا عارف اني غلطت، واتعلمت، أنا آسف، اطلبي مني اي حاجة اكفر بيها عن غلطتي في حقك وأنا مستعد اعملها، انا آسف، آسف

نزعت يديها من يده بعنف لتعود للخلف تنظر له غاضبة قلبها يصرخ ألما على ما هو آسف على شجارتهم التي لا تنتهي على إهماله لها، على كلمة طالق التي نطقها بكل برود دون أن يضع اي حساب لعشرتهم، حبهم، الأطفال، رابط الزواج المقدس بينهم، ادمعت عينيها تصيح بصوت خفيض خوفا من أن تسمعها الفتيات:.


- آسف، آسف على ايه، آسف على خناقتنا اللي ما بتخلصش، آسف على إهمالك ليا، آسف على كونك ما بتجيش البيت غير على النوم، آسف على كلمة طالق اللي قولتلهالي بكل برود ولا كأن في بينا عشرة سنين قولي آسف على إيه يا عمر

اقترب خطوتين منها لتدمع عينيه وتتسارع أنفاسه حرك رأسه نفيا بعنف يهمس منفعلا نادما:.


- أنا مش غلطان لوحدي يا تالا، أنتي كمان غلطتي، شاركتيني في الغلط دا، من زمان وانتي بتبعديني عن البنات عيزاني بعيد عنهم بأي شكل، وحاطة اهتمامك كله للبنات، طب أنا، أنا فين، ليه بعدتيني عنهم وعنك، انتي اللي طردتيني من الأول وجاية دلوقتي تلوميني، انتي عارفة إحساس أنك غريب فئ بيتك، انا كنت برتبك واتوتر لو حضنت بنت من البنات من كتر ما هم بعاد عني، انا عارف اني غلطت وندمان اعمل ايه طيب عشان تسامحيني، سامحيني يا تالا، أنا اتعذبت كتير وأنا بعيد عنكوا ما صدقت اتدفيت بيكوا.


قال ما قال ولم يعطيها فرصة للرد اندفع يجذبها لاحضانه يعانقها بعنف يرغب في إدخالها داخل صدره، جوار قلبه ليعد ضلعه الأعوج لمكانه من جديد، لحظات ليشعر بها تنفجر في البكاء بينما يهمس هو لها بكلمات إعتذاره وندمه على ما فعل، ليسكن بكلماته خروج قلبها، هي لن تنسي ولكن ربما تتناسئ ما فعل تتناسي جرحه لها وتعش وتمضي من جديد، اسنتدت رأسها إلى صدره لينجرف بها إلى عاطفته المحبة العاشقة اشتاق لها بقدر شوقها له واكثر، التحمت روحها الهشة التي تدعي القوة بعنفوان روحه النادمة المحبة، مضت وقت لم يحسبه العقل، بل انتظره القلب، قبل أن يصدح صوت هاتفه مرة تليها اخري واخري كأنه يلح أن يجيب التقطه عمر يهتف غاضبا:.


- ايوة مين، في اي يا على اهدا اهدا ماله عثمان، أنا جاي حالا..

أغلق الخط مع شقيقه ليلتقط ثيابه سريعا يرتديها على عجل، ليسمع تالا تهتف قلقة:

- في أي يا عمر

اكمل سريعا ارتداء ثيابه يغمغم بتلهف:

- مش عارف على مش مجمع كلمة عمال يقول عثمان ويعيط، أنا رايحله حالا

قالها ليخرح من غرفته راكضا ليجد سارين تقف عند باب غرفتها. يظهر الخوف جليا على قسمات وجهها لتسأله في ذعر:.


- بابا في اي أنا سمعتك بتزعق باسم عثمان ماله عثمان

ابتسم لها يربط على وجهها يحاول طمئنتها ليردف سريعا:

- خير يا حبيبتي بإذن الله هروح بسرعة اشوف في اي وجاي

حركت رأسها نفيا سريعا لتتعلق بكف يده تتوسله باكية:

- خدني معاك عشان خاطري يا بابا، عشان خاطري

تنهد عمر يآسا خاصة حين رآها تبكي وتتعالي شهقاتها ليحرك رأسه إيجابا على مضض لتهرول سارين سريعا تبدل ثيابها ترحل بصحبة والدها.


بينما في غرفة تالا جلست على فراشها ترتسم على شفتيها شبح ابتسامة صغيرة متوترة سامحته ربما قلبها لم يغفر ولكن عقلها يقبل أن يعطيه فرصة أخري، عمر بالفعل يبدو نادما، اعتدلت جالسة ترتب خصلات شعرها الثائرة تبتسم يآسه من حالها، ليصدح صوت هاتفها برسالة التقطته سريعا ظنته عمر لتقطب جبينها حين رأت رسالة من رقم غريب، فتحت لتجد فيديو، فتحته لتتوسع عينيها في صدمة عمر زوجها في أحضان أخري، توقف نابضها لا تصدق ما ترى، عمر في فراش أخري، صرخ قلبها ألما، لتصل رسالة اخري وأخري، صورة لدبلة عمر داخل راحة يد امراءة، وتحتها كتب.


« ابقي قولئ لموري انه نسي دبلته عندي في الأوضة ».تبع

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والخمسون


في منزل على، تحديدا في غرفة عثمان، يجلس على مقعده المتحرك جوار شرفة غرفته تتساقط الدموع من عينيه بلا توقف، ادمي شفتيه من ضغطه عليها باسنانه فقط ليردع صرخاته يمنعها من الخروج، يحاول بعنف أن يجذب جسده ليتحرك مرة تليها اخري واخري فما كان الا أن سقط أرضا على وجهه يشهق في بكاء مرير، روحه تصرخ قلبه يأن من الألم زحف يشد قدميه الساكنة الرافضة لأي حركة بعنف جسيم، ارتمي بجسده على الحائط خلفه ينظر للسماء من خلال شرفة غرفته الكبيرة، وجه انظاره لساقيه ليعاود النظر للسماء تكاثرت دموعه يصيح بحرقة:.


- ياااااااااارب، غلطت أنا عارف اني غلطت كتير اووووي، ودا عقابك، عقاب صعب اوي يا رب، اوووووووي، خسرت كل حاجة، الصياد خسر وبقي فريسة للكل ينهش فيها، حتى هي، كانت الأمل الوحيد، اللي كنت متمسك بيه، حقها، حقها تتجوز واحد نضيف سليم، بس هي اللي عشمتني ادتني الأمل من الأول، أنا خلاص بقيت عاجز متكتف مش عارف حتى اقوم من مكاني، مش عارف اجيب حقي من اللي عملت فيا كدة، أنا تعبت والله يا رب تعبت.


وفي الخارج الطرقات لم تتوقف على وليني يحاولان بإستماتة جعلته حتى يفتح لهما الباب، لبني تبكي تصيح باسمه تترجاه أن يدخلها وعلى لا يقدر حتى على إيقاف دموعه يحاول محايلته كأنه فقط طفل صغير ليفتح لهم الباب، نظرت لبني لعلي لتهتف سريعا بتلهف:

- صحيح هو مش في باب بين أوضة المكتب بتاعك واوضة عثمان

توسعت عيني على في دهشة يصدم جبينه براحة يده كيف نسي ذلك الباب، حرك رأسه إيجابا سريعا يتمتم قلقا:.


- يا رب ما يكونش قفله

اندفعت لبني سريعا تركض تجاه مكتب على، كاد على أن يتحرك خلفها حين تسارعت الدقات على باب منزلهم تنهد يتحرك ناحية الباب فتحه ليدخل عمر بصحبة سارين، اندفع عمر يسأل على قلقا:

- في اي يا عمر، عثمان حصله ايه

نظر على لسارين لحظات يعاتبها بنظراته ليعاود النظر لعمر ربت على ذراعه يردف سريعا:

- هشوفه وجايلك، اقعد على ما اجيلك.


قالها ليتركهم كما هما يقفان عند الباب ليندفع يهرول إلى الداخل، بينما نظر عمر إلى سارين يضرب كفا فوق آخر يغمغم متعجبا:

- هو في اي أنا مش فاهم حاجة، تعالي يا بنتي نقعد.


امسك يد سارين يجذبها خلفه وصلا إلى غرفة الضيوف ليجلس جوارها، هو يجلس صامت حائر لا يفهم ما يحدث بينما سارين بالكاد تحبس دموعها تبحث بعينيها عنه هنا وهناك، قلبها ينفطر، أهي من فعلت به ذلك، طريقتها الجافة تأففها من كلامه، ترى ماذا حدث له، دقائق طويلة قبل أن يدخل على إلى الغرفة من جديد، توجه إلى المقعد المقابل لوالدها ليجلس عليه، رفعت عينيها تختطف النظرات له، لتري وجهه المجهد عينيه الحمراء الغائرة، حمحم عمر يكسر حاجز الصمت ذاك يسأل على قلقا:.


- خير يا على قلقتني، عثمان كويس

حرك على رأسه نفيا لا يجد ما يقوله ظل ينظر لعمر للحظات صامتا حزينا به من الهم ما به، لحظات قبل أن يحرك رأسه ينظر لسارين، قام من مكانه ليجلس جوارها يخبرها بترفق:.


- سارين، أنا كنت ولازالت رافض موضوع جوازكوا، أنتي لسه صغيرة يا سارين ومشاعرك مش مستقرة وممكن تكون مشاعرك ناحية عثمان حب مراهقة مش أكتر، بس أنا وابوكي لما لاقينا كل واحد فيكوا محتاج للتاني، قولنا يمكن احنا بنفكر غلط، وفعلا اثبتوا اننا بنفكر غلط عثمان بدأت حالته النفسية تتحسن بشكل كبير، والدكتور بعد ما كان بدأ معاه جلسة واحدة في العلاج الطبيعي، رفض يكمل لحد ما الكدمات اللي في جسمه تخف، وفعلا كان المفروض النهاردة ميعاد الجلسة التانية وعثمان كان مستنيها، ايه اللي حصل يا سارين، أنا آخر مرة دخلت عليه الأوضة ابلغه أن الدكتور قرب يوصل، قالي هكلم سارين اطمن عملت ايه في الإمتحان وهبقي جاهز.


انهي على كلامه ليغمض عينيه متألما يتذكر تلك الحالة التي وجد فيها ابنه فجاءة

Flash back

دخل على إلى غرفة عثمان ليجده كالعادة يجلس بمقعده المتحرك جوار شرفة غرفته ينظر للشارع، الزحام، المارة، اقترب على منه يضع يده على كتفه ليلتفت عثمان برأسه له أعطاه شبح ابتسامة باهتة ليدني على يقبل جبين ابنه كأنه فقط طفل صغير يحادثه برفق:.


- عثمان، الدكتور بتاع العلاج الطبيعي جاي بعد شوية، جسمك خلاص الحمد لله خف من الكدمات اللي فيه ويقدر نرجع تاني للجلسات، ولا ايه يا صياد

ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتي عثمان يردد كلمة صياد في نفسه بسخرية مريرة، ليحرك رأسه إيجابا تحرك بمقعده ليقترب من الشرفة أكثر يتمتم بهدوء:

- حاضر يا بابا هكلم سارين اشوفها عملت ايه في الإمتحان وهبقي جاهز.


ابتسم على يحرك رأسه إيجابا ليلتفت ويغادر الغرفة بينما ابتسم عثمان حين التقط هاتفه حديثه القصير مع سارين تعطيه دفعة قوية تجدد أمل شفائه داخله، انتظرها بتلهف لتجيب ليبتسم ما ان فتحت الخط فتح فمه يود أن يتحدث لتندثر ابتسامته يشعر بشعور جاف مؤلم يضرب قلبه حين سمعها تهتف بتلك النبرة الجافية:

- ايوة يا عثمان كويسة وحليت كويس في الإمتحان في اي سؤال تاني.


انقبض قلبه انطفئت شعلة الأمل التي تأججها فقط كلماتها الحانية اللطيفة، ترى ماذا حدث لما تغيرت ليست نبرة سارين التي يعرفها، هل زهدته لم تعد تحبه، رأته كما يراه الناس شبح رجل عاجز ملقي على مقعد متحرك لا حول له ولا قوه بلع لعابه الجاف يسألها متعجبا:

- مالك يا سارين في اي، أنتي متضايقة من حاجة

تأففت بصوت عالي تهتف في نزق تجيبه:

- أنا كويسة يا عثمان، لسه جاية من الإمتحان تعبانة، اي أسئلة تانية.


في تلك اللحظة تحديدا ادرك انها بالفعل لم تعد سارين التي يعرفها، لم تعد تلك الفتاة البريئة التي يحلم بها كل ليلة تجذب يده ليقم يعد من جديد، انطفئ فؤاده، تهدلت نبرته لليأس ليردف بعدها في هدوء حزين:

- لاء يا سارين ما فيش، سلام.


اغلق الخط ليقبض على الهاتف يعتصره داخل قبضته يبكي وتتعالي شهقاته، صدم الهاتف في الحائط بعنف ليتهشم إلى فتات، الأمل الوحيد الذي كان يشعره بوجوده تخلي عنه، يعرف من نبرة صوتها انها زهدته!، في تلك اللحظات دق باب غرفة عثمان ليدخل الطبيب يقول مبتسما:

- اهلا يا صياد أخبارك ايه، جاهز، عايز اشوف حماس المرة اللي فاتت تاني

رفع عثمان عينيه الباكية لذلك الطبيب ليصرخ فيه بحرقة قلبه الملتاع:.


- امشي اطلع بررررة، بررررة، مش هعمل جلسات، أنا هفضل عاجز هعيش واموت على الكرسي دا، بررررة

دخل على بصحبة لبني لغرفة ابنهم يهرولان مع صوت صرخاه الذي علا فجاءة، هرولت لبني تعانق طفلها ليدفعها بعيدا عنه بعنف ارتدت للخلف تنظر له في ألم على حاله ليصرخ فيها:

- امشوا اطلعوا برة كلكوا، برة مش عايز اشوف حد اطلعوا برة.


تهدجت نبرته بالبكاء، ليعتذر على للطبيب يطلب منه الرحيل، حرك الأخير رأسه إيجابا ينظر لعثمان مشفقا على حاله، رحل ليقترب على من ابنه يسأله قلقا:

- عثمان مالك يا ابني، حصل ايه، مش دا عثمان اللي سايبه من عشر دقايق

توجه عثمان بانظاره إلى والده تنهمر دموعه بلا توقف يبكي وتتعالي شهقاته كأنه فقط صغير ليصيح بحرقة قلبه الملتاع:.


- مش عيزاني سمعتها من غير ما تقولها، طب ليه، ليه يا بابا، ليه ادتني الأمل، بتردلي اللي عملته زمان، أنا كنت بصدها ببعدها عني عشان خايف عليها، مش عايز اوسخ برائتها مع واحد زيي عارف انها تستاهل حد احسن، هي تستاهل حد نضيف، بس هي اللي عشتمني ادتني أمل، وأنا اتغيرت عشان نفسي وعشانها، بس هي، هي غيرت معاملتها معايا ليه، دي كانت بتحبني وأنا مش مديها حتى وش وأنا عثمان الصايع اللي كل ليلة في حضن واحدة، زهدتني دلوقتي بعد ما اتغيرت بعد ما بقيت انسان تاني...


و لا، ولا عشان، عشان بقيت عاجز فاكره اني مش هقدر اسعدها، فاكرة أن الناس هتضحك عليها بسببي، بس لاء الصياد مش عاجز و لا عمره هيكون

قالها ليحاول أن يقف يدفع بجسده من على كرسيه المتحرك اندفع على ولبني يحاولان الامساك به قبل أن يسقط من فوق مقعده ليصرخ فيهم:

- ابعدووا عنننني سيبني يا بابا أقوم، أنا هعرف امشي، هثبتلها اني مش عاجز، امشوا اطلعوا برة، بررررررة.


قالها ليبدأ بدفعهم بعنف إلى خارج الغرفة يوصد الباب عليه بالمفتاح، يبكي يحطم كل ما تطوله يديه

Back.


انهي على حديثه الذي صاحبه دموعه لينظر لسارين رآها تبكي تتسابق دموعها في الهبوط على خديها، بينما ادمعت عيني عمر على ما سمع، مسكين عثمان، من الصعب على شاب مثله أن تتحول حياته بهذا الشكل، نظر لابنتع متعجبا يود أن يسألها ماذا حدث ماذا قالت، ليبادر على قائلا في هدوء حزين:

- سارين لو مش حابة تكملي مع عثمان دا حقك يا بنتي، بس قوليلي عشان اعرف اتصرف.


حركت رأسها نفيا سريعا تمسح دموعها بعنف قلبها يطرق بعنف كأنه يعنفها عما فعلت همست سريعا بصوتها الباكي المتحشرج:

- لالالا يا عمي، أنا مش هسيب عثمان، أنا كنت متلخبطة، واذيته من غير ما أحس، ممكن اشوفه، ارجوك يا عمي

حرك على رأسه إيجابا لتنظر سارين لوالدها تترجاه أن يوافق تنهد عمر يحرك رأسه إيجابا يتمتم مع نفسه حانقا:

- ما نكتب الكتاب بقي يا ولاد الجزمة وابقي عيشي عندهم...


قامت سارين تتحرك خلف على، يدخلا من باب الغرفة المفتوح على مصرعيه، بحثت حولها لتجد عثمان هناك يجلس على فراشه يوج انظاره للشرفة ولبني تجلس أمامه تبكي في صمت، حمحم هو يجذب انتباههم، لم يعرهم عثمان انتباها بينما نظرت لبني لسارين في شراسة كادت أن تصيح فيها ليسيطر على الموقف سريعا توجه ناحيتها يمسك بيدها يجذبها لخارج الغرفة، وجهت لبني لسارين نظرة غاضبة حارقة قبل أن تخرج بصحبة على، بينما هناك جوار باب الغرفة من الداخل وقفت سارين تنظر لعثمان لتهبط دموعها فجاءة دون سابق إنذار، تحركت قدميها بخطي بطيئة ثقيلة تتجه ناحية فراشه، جلست بالقرب منه على حافة الفراش تنظر له بينما هو ينظر بعيدا لم يوجه لها نظرة واحدة حمحمت هي في توتر لتمد يدها تضعها على كف يده تسأله قلقة:.


- ااا، أنت كويس

مد يده الأخير يزيح كف يدها يحرك رأسه إيجابا يردف في هدوء تام:

- أنا تمام، كويس جداا، عايزة حاجة

تنهدت في ألم تحرك رأسها نفيا عاودت النظر له تهمس بتلعثم متوترة:

- عثمان، ااا أنا ما كنتش اقصد، مممممم

التفت لها برأسه ينظر لها للحظات ملامحه خاوية من اي تعبير يذكر ابتسم متهكما يردف في هدوء حزين:

- ولا تقصدي يا سارين، عادي يعني، امشي يا سارين خلاص الموضوع انتهي.


توسعت عينيها في صدمة تنظر ناحيته في دهشة ماذا يقول هذا، ترحل، انتهت حكايتهم قبل أن تبدأ من الأساس، هي من انهتها كلمات والدتها لعبت لحن خاطئ دمر حياتها، ابتلعت لعابها الجاف تهمس بصوت خفيض متألم:

- انتهي!، أنت عايزني امشي يا عثمان

حرك رأسه إيجابا دون تردد لينهي تلك الحلقة الآن قبل أن تقديهم للأبد وتندم هي فيما بعد، توسعت عينيه في دهشة حين سمعها تهمس محتدة:.


- وأنا مش هشمي يا عثمان، مش هسيبك واللي بينا مش هينتهي، أنا عارفة اني كلمتك بطريقة سخيفة غبية، حسستك اني خلاص مش عيزاك، أنا بس كنت متلغبطة دا غير ضغط الامتحانات ما كنتش عارفة أنا بقول ايه، وما تقوليش انتي تستاهلي حد احسن إنت الأحسن في نظري يا عثمان...

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيه يتحرك برأسه ينظر لها يتمتم ساخرا:

- كنت الصياد دلوقتي أنا

وضعت يدها سريعا على فمه تقاطعه قبل أن يردف بحرف آخر:.


- وهتفضل الصياد، اللي ما بيقبلش بالهزيمة ابداا، وهيرجع تاني يقف على رجليه، يثبت للكل أن الصياد ما بيقعش بسهولة

كلماتها ااااه منها كأسير حياة تندفع في اوردته تجدد فيه شعلة الأمل التي انطفئت، تنهد يحرك رأسه ينظر لها يبتسم في شحوب لتتنهد هي تهمس بندم:

- كنت غبية يا عثمان بفكر بسطحية...

سارين همس باسمها لتتقابل مقلتيها مع مقلتيه ابتسم شبح ابتسامة ليمسك بكفيها يردف في هدوء:.


- أنا مش الزوج المثالي، هتقعدي جنبي على الكوشة وأنا بكرسي بعجل هتتقبلي نظرات الناس ليكي، مش هعرف افسحك في شهر العسل، مش هنعرف نخرج

ابتسمت في هدوء بحركة جريئة غير محسوبة رفعت ذراعيها تطوق عنقه تهمس في حماس:

- مين قال كدة، أنت فاكر أنك هتبلط على الكرسي دا كتير، لاء يا عثعث مش هيحصل، اول ما تقوم على رجليك هطلع عينيك خروج وفسح لما تقول حقي برقبتي.


رفع حاجبه الأيسر يبتسم فئ دهشة ينظر لذراعيها التي تحاوط عنقه ليهمس لها في خبث:

- هو كلام جميل بس لو ما شلتيش ايديكي من على رقبتي، ابوكي هيجيب المأذون يستر علينا، او هيغسل عاره أيهما أقرب

توسعت عينيها لتشهق خجلة مما فعلت كانت تود التخفيف عنه فاندمجت كثيرا ولم تحسب ما تفعل، توردت وجنتيها خجلا لتقم سريعا ابتعدت عن فراشه تنظر ارضا تفرك يديها متوترة تهمس بصوت خفيض مبحوح خجل:.


- ااا، أنا ما كنش قصدي، أنا همشي بقي سلام، خلي بالك من نفسك

قالتها لتفر سريعا من غرفته تخرج إلى حيث والدها وعمها ولبني، التي تركتهم سريعا تعود إلى غرفة عثمان، لتطمئن عليه بينما حمحمت سارين تهمس مرتبكة:

- كان سوء تفاهم يا عمي، وأنا شرحته لعثمان، وهو دلوقتي كويس

خرجت لبني في تلك اللحظات من غرفة عثمان يعلو شفتيها ابتسامة كبيرة واسعة توجهت ناحية سارين تعانقها بقوة تهتف في سعادة:.


- حبيبتي يا سيرو، عثمان الضحكة هتاكل وشه، ربنا يفرحك زي فرحتيه

ابتسمت سارين في توتر تحرك رأسها إيجابا لترحل هي وعمر بعدما اصلحت ما افسدت، استقلت السيارة جوار والدها ليلتفت عمر لها يهتف في غيظ:.


- بقولك يا سارين لما نيجي نخرج المرة الجاية ابقي اختريلي قرون تمشي مع القميص، أنا كان هاين عليا ابعت اجيب المأذون واسيبك عندهم واروح، ربع ساعة بحالها بترغوا في ايييييه، وعلى قاعد ماسكني عشان ما اخشش اجيبكوا من شعوركوا، يقولي يا ابني دا تعبان ما تخافش على البنت، أنا كان هاين عليا اقوله أنا خايف على ابنك من بنتي...

وضعت سارين يدها على فمها تكبح ضحكاتها، ليهتف عمر مغتاظا:

- اضحكي يا اختي اضحكي...


اخفت سارين ضحكاتها تنظر لوالدها لتفلت منها ضحكة قصيرة متقطعة تردف:

- في اي يا بابا دا عثمان

نظر عمر بجانب عينيه إلى ابنته يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يردف ساخرا:

- ايه يا بابا أنت اتجننت ولا ايه دا هاني!


انفجرت سارين ضاحكة على ما يقول والدها ظلت تضحك إلى أن ادمعت عينيها، ليدير عمر محرك السيارة عائدا إلى منزلهم، مضت ساعة تقريبا حتى وصلا، صعدت سارين سريعا تسبق والدها، دخلت سريعا إلى غرفتها لتكمل مراجعة المادة الأخيرة قبل الامتحان الأخير، بينما توجه عمر إلى غرفته أدار المقبض ودخل، قطب جبينه يبحث عن تالا ليراها تقف هناك في شرفة غرفتهم، ابتسم يقترب منها صار بالقرب منها ليغمغم في مرح:.


- ااااه يا اني اتهديت كانت ليلة، بنتك دي لازم نستر عليها قبل ما تفضحنا، دي فاضلها شوية وهتتحرش بعثمان

قطب جبينه متعجبا حين ظلت مكانها هناك تقف كالتمثال توليه ظهرها مد يده يضعها على ذراعها يردف:

- ايه يا تالا واقفة كدة ليه.


في اللحظة التي التفتت له دوي صوت صفعة قوية شق سكون الليل، صفعة نزلت من يدها على وجهه، توسعت عينيه في صدمة شلت عقله عن التفكير، وقفت تالا امامه تنظر له بكراهية، احتقار، بغض، دموعها تتسابق في التساقط، بينما يضع هو يده على وجنته عينيه متسعتين في صدمة لا يصدقها عقله، تالا تصفعه، أفاق عقله من خدر تلك الصدمة ليقترب منها يقبض على رسغ يدها يصيح فيها:.


- أنتي اتجننتي، لاء دا انتي لسعتي بتضربيني بالقلم يا هانم

نزعت يدها من يده بشراسة، لتفتح هاتفها التي تقبض عليه بعنف تريه ما أرسل لها من احدي عاهراته، توسعت عينيه فزعا ينظر لذلك العرض، لتتضارب دقات قلبه جف ريقه، تشوش عقله، ناردين عادت تنتقم، اخفض رأسه يشعر بالخزي والعار من نفسه حمحم يهمس في ندم:

- تالا أنا هشرحلك، الست دي

قاطعته تهمس بشراسة أنثي جُرحت كرامتها بسكين بارد:.


- ما تتكلمش ما تبررش، اي حاجة هتقولهت هتخليني اقرف منك اكتر ما أنا قرفانة، ما فيش حاجة تقدر تبرر بيها ابدا، أنك خونتني، رميت نفسك في حضن واحدة تانية، اييييه الرمرمة في دمك، عمر بيه دنجوان الجامعة بيرجع أمجاد زمان، مش كدة

حرك رأسه نفيا سريعا ليرفع وجهه لتري عينيه الدامعة تقدم ناحيتها يهتف سريعا متلهفا:.


- تالا اسمعيني، ااا، أنا كنت شارب ومش حاسس أنا بعمل ايه، صدقيني أنا قرفت من نفسي جداا لما فوقت وعرفت أنا عملت ايه...

رمته بنظرة احتقار واشمئزاز، لتتحدث متقززة منه:

- حياتك كلها قرف في قرف، شربت دا عذرك على القرف اللي عملته، أنا بكرهك يا عمر وبكره نفسي عشان سامحتك وسلمتلك نفسي من تاني، صدقت أن عمر اتغير، فاضل مادة وقبل ما البنات ترجع من الإمتحان تكون مطلقني...


قالتها لتندفع إلى خارج الغرفة، توجهت إلى غرفة الضيوف دخلتها توصد بابها بالمفتاح جلست خلف الباب المغلق تضم ركبتيها لصدرها تبكي، بينما وقف هو مكانه حرك رأسه نفيا بعنف يشد على قبضته يهمس مع نفسه:

- مش هطلقك يا تالا، وانتي يا ناردين الكلب ورحمة ابويا لهقتلك المرة دي.


مضي الليل طويلا وحين حل صباح اليوم التالي، في فيلا خالد السويسي تحديدا في غرفته هو شخصيا، قطب جبينه منزعجا من صوت المنبة العالي الذي يخترق عقله قبل أذنيه، فتح عينيه متأففا ليجد لينا تميل عليه تمسك بالمنبه تضعه جوار أذنه، قطب جبينه مغتاظا ليمسك بذلك المنبه المزعج القاه على الحائط بعنف ليتهشم الاخير، قطبت لينا جبينها في غيظ لتربع ذراعيها فوق صدره تهمس حانقة:.


- على فكرة بقي، انت نومك اتقل من الفيل

ابتسم باصفرار يحرك رأسه إيجابا ليدفعها برفق بعيدا عنه يجذب الغطاء يخفي رأسه تحته يتمتم ناعسا:

- وانتي تقيلة تقل الفيل، ابعدي عن صدري وسيبني أنام، لسه بدري

قامت تجلس على ركبتيها لتجذب الغطاء عنه بعنف تفرص وجنتيه بخفة تهمس في حزم:

- ما فيش نوم يا حبيب قلبي، قوم يلا عشان هنروح نكشف

فتح جزء صغير من عينيه يرفع حاجبيه مستهجنا يردف ساخرا:.


- حاضر يا ماما لما اصحي نبقي نروح نكشف، بس وعد تخلي الدكتور يكتب لي علاج بالمانجا، وما تخليهوش يديني حقن عشان بخاف منها جامد وبتوجعني

قالها ليجذب الغطاء يختفي تحته من جديد لتضيق عينيها تنظر له بغيظ فتلك كانت جملتها التي تقولها دائما وهي صغيرة حين تمرض ويأخذونها للطبيب، عادت تجذب الغطاء عنه بعنف تهتف حانقة:

- قووووم يا خالد والله ما أنت نايم وهنروح نكشف يا حبيب مامي.


ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه ليدفعها بعيدا عنه، قام من مكانه يحرك عظام جسده المتيبسة من اثر النوم يتمتم حانقا:

- اديني قومت لما نشوف آخرتها

قامت سريعا تجذب يده، ناحية المرحاض تتمتم مبتسمة:

- أنا حضرتلك الحمام، وهدومك، ويلا بسرعة عشان معانا بعد ساعة ميعاد مع دكتور أحمد كمال، دا دكتور قلب شاطر جدااا

عقد ذراعيه أمام صدره يتوقف عن الحركة يتمتم متهكما:

- ولازمتها ايه الدكاترة ما انتي موجودة.


زمت شفتيها تقلب عينيها يآسه اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم مبتسمة:

- يا حبيب قلبي أنا دكتورة جراحة ما ينفعش نخلط كله على بعضه، إنت مكان كنت ماسك صدرك من ناحية قلبك، يعني محتاجين دكتور قلب متخصص ولا ايه

اعطاها ابتسامة متهكمة ليفك ذراعيها من حول عنقه يتمتم في جفاء وهو يرحل:

- خايفة عليا اوي

قالها ليدخل إلى المرحاض يغلق بابه خلفه لتقطب هي جبينها متعجبة من تصرفاته تتمتم متعجبة:

- ماله دا النهاردة.


تنهدت حائرة لتأخذ طريقها إلى غرفة ابنتها، دقت الباب لتدخل، رأت ابنتها تقف أمام مرآه زينتها تمشط شعرها ترتدي ثيابها تستعد للخروج اقتربت منها تمسح على شعرها تستاهل مبتسمة:

- أنتِ خارجة يا حبيبتي

التفت لينا للوالدتها تبتسم لها تحرك رأسها إيجابا تردف في هدوء:

- ايوة يا ماما رايحة الكلية، في حاجة مهمة لازم اعملها هناك

حركت لينا رأسها إيجابا تربت على وجنته ابنتها تهمس لها بحنو:.


- خلي بالك من نفسك يا حبيبتي و...

قطعت جملتها حين صدح صوت خالد من الغرفة يهتف متأففا:

- يا لينا فين الشرابات

ضحكت لينا بيأس لتهتف سريعا قبل أن تغادر:

- هروح اشوف ابوكي، ما تتأخريش.


ابتسمت الصغيرة لوالدتها تحرك رأسها إيجابا لتلتفت تكمل ارتداء ثيابها، تنظر لانعاكس صورتها في المرآه لتبتسم تشجع نفسها، اليوم ستخطو اولي خطواتها، ستثبت لهم انها قادرة على اختيار ما تريد بنفسها، ستسحب اوراقها من كلية الطب، وتقدمهم في كلية إدارة الأعمال، معاذ سيساعدها وهي حقا تمتن له لذلك

على صعيد قريب استقل خالد سيارته جواره زوجته ترشده إلى طريق العيادة المتوجهين إليها، التفت لها يسألها:.


- طب ما نروح عندك المستشفي ايه لزمتها الشخططة دي المكان بعيد اوي

احمر وجهها غيظا لتعقد ذراعيها أمام صدرها تهتف محتدة:

- لاء طبعا، الورديات الصبح في المستشفي بيبقي معظمها ستات وبنات صغيرين فلاء يعني لاء.


خرجت من بين شفتيه ضحكة ساخرة ولم يعقب ساد صمت غريب لم تعهده منه قبلا طوال الطريق إلي أن وصلا، فتحت الباب المجاور لها ليفعل المثل، اقتربت منه ليقفا أمام تلك العمارة السكنية الكبيرة في تلك المنطقة الراقية، قطبت جبينها تنظر له متعجبة خالد لم يمسك بيدها كما يفعل دائما، أمسكت هي بيده تأخذه الطريق معه للمصعد الطابق الثالث تحديدا، خرجا من المصعد إلى تلك العيادة الكبيرة، تركته لينا تحادث تلك الفتاة الجالسة هناك على المكتب:.


- لو سمحتي في حجز باسم خالد السويسي

وجهت الفتاة انظارها إلى شاشة جهاز الكمبيوتر المحمول ( اللاب توب ) أمامها تضغط بعض الازرار بخفة لتحرك رأسها بخفة تدفع تلك المكينة الصغيرة التي توضع بها كروت الإئتمان تتمتم بلباقة:

- ايوة يا افندم موجود 1000 جنية

نظرت لينا لخالد ليخرج حافظته يعطيها بطاقته الائتمانية يتمتم ساخرا:.


- لاب توب ومكنة atm دي مش عيادة دا بنك، و 1000 جنية يا كفرة هو أنا لاقي الفلوس دي في الشارع

تم سحب النقود للكشف لتنظر لهم تبتسم في هدوء تشير إلى باب كبير مغلق تردف برسمية:

- اتفضلوا حضراتكوا من الباب دا عشر دقايق والدكتور هيبقي هنا

ابتسمت لينا تمسك بيد خالد توجها إلى ذلك الباب ليدخلا إلى غرفة الكشف، نقل خالد انظاره في ارجاء تلك الغرفة الكبيرة المكتظة بالأجهزة الطبية ليتمتم ساخرا:.


- طبعا ما الكشف 1000 جنية، لازم تبقي مستشفي جوا العيادة، تصدقي بالله أنا لو ما خدتش العلاج بالألف جنية اللي دفعتهم دول هقفلوا العيادة

ضحكت لينا يآسه على ما يقول مرت ربع ساعة تحديدا قبل أن يُفتح باب الغرفة وتظهر من خلفه فتاة جميلة في الثلاثينات تقريبا ملامحها جميلة هادئة ترتدي مئزر طبي أبيض، ما إن دخلت إلى الغرفة هبت لينا واقفة قطبت جبينها غاضبة تهتف في حدة:

- انتي مين، وفين دكتور أحمد.


ابتسمت الطبيبة في هدوء تردف بعملية:

- دكتور أحمد عنده عملية طارئة ما عرفش يجي، ما تقلقيش أنا دكتور صفية كمال اخته دكتوراة في أمراض القلب والاوعية الدموية...

شدت لينا على أسنانها في غيظ تحرك ساقها اليسري في توتر لتهتف سريعا:

- أنا رأيي اننا نروح المستشفي عندي، مضمونة اكتر

ابتسم خالد في خبث ليخلع سترة حلته يلقيها على المقعد يتمتم في هدوء ماكر:.


- لاء بقي أنا عجباني العيادة دي، اتفضلي اكشفي يا دكتورة عشان مستعجل

ابتسمت له الطبيبة تشير له للفراش الخاص بالفحص لتشتعل عيني لينا غضبا رغبت بشدة في أن تنقض عليها تمزق تلك الابتسامة من فوق شفتيها، بينما تسطح خالد على فراش الفحص، اسرعت لينا تقف أمامه حاجزا بينه وبين الطبيبة لتهتف في غيظ لم تستطع إخفاءه:

- أنت نايم على الشط، ما تقعد عدل

حمحمت الطبيبة الواقفى خلف لينا لتهتف سريعا بعملية:.


- لو سمحتي ما ينفعش كدة في كشوفات كتير أوي، كدة هنعطل الناس

شدت لينا على أسنانها تبتعد على مضض وقفت جوار الطبيبة تنظر لخالد شرزا لتضع الطبيبة السماعات الطبيبة في أذنيها والجزء الآخر منها على صدر خالد لتشتعل عيني لينا غضبا التفتت للطبيبة تهمس في حدة:

- خلي ايدك فوق ماسكة السماعة مش حطاها عليه.


نظرت لها الطبيبة في دهشة مما تقول بينما توسعت ابتسامته ينظر لها متسليا، انتهي ذلك الفحص بعد أن كادت هي تشتعل غيظا منه ومن مزاحه مع تلك الطبيبة، ما ان انتهوا من الفحص تقدمت سريعا تغلق ازرار قميصه تلقي عليه السترة تهمس في غيظ:

- البس هدومك

اقتربت من الطبيبة تسألها حانقة:

- خير يا دكتورة، جوزي ها جوزي عنده ايه

قطبت الطبيبة جبينها متعجبة من طريقة كلام لينا ابتسمت تقول في هدوء:.


- ما عندوش حاجة خالص، جوز حضرتك صحته زي الفل، بس الأفضل أنه يبعد عن اي زعل، اوقات كتير بيبقي الزعل مضر للإنسان اكتر من الأمراض نفسها

خطت بعض الادوية على الورقة امامها تعطيها لينا تتمتم مبتسمة:

- دي فيتامينات كويسة، مكتوب في الورقة مواعيدها بالظبط

حرفيا انتزعت لينا منها الورقة بعنف تنظر لها تبتسم باصفرار لتجذب يد خالد إلى خارج الغرفة تتمتم حانقة:.

دكتور لزجة يا اباي، بقي أنا ما ارضاش اخده عندي في المستشفى عشان الاقي ام قويق دي هنا

بينما كان يبتسم هو مستمتعا بغيظها، ما إن خرج من الغرفة تلاشت ابتسامته تماما توسعت عينيه في صدمة ارجفت كيانه، هناك تقف هناك، شهد بصحبة حسام، تنظر لهما في غيظ، ليعرف أن الآتي اسوء بكثير مما ظن!..


الفصل الثالث والخمسون والرابع والخمسون من هنا 

لقراءة جميع حلقات الرواية الجزء الرابع من هنا

تعليقات