قصة خداع قاسي البارت الواحد والعشرون 21 بقلم ديانا ماريا

قصة خداع قاسي

البارت الواحد والعشرون 21

بقلم ديانا ماريا

كانت داليا تقف أمامه بحرج لا تعرف ماذا تقول مشبكة يديها وتفرك قدميها العارتين ببعضهما مما نبه علياء أنها لا ترتدي حذاء لتشعر بالصدمة تسيطر عليها أكثر لرؤيتها في تلك الحالة المزرية.


أسرعت علياء إليها بدون تفكير تضمها بشدة وهي تهتف بعدم تصديق ممزوج بالفرح: داليا! أنا مش مصدقة أنك رجعتي يا حبيبتي حمدا لله على سلامتك.


كانت أخت علياء واقفة تراقب بذهول بينما علياء تعانق داليا وتمسح على شعرها بحنان حين أحست علياء بجمود داليا فابتعدت خشية أن تكون ضايقتها لتجد أن داليا هادئة بشكل لا يوصف ونظراتها تعبر عن الضياع والتردد.


وضعت ذراعها حولها بابتسامة: نورتي بيتك يا حبيبتي يلا تعالي.


أفسحت عايدة الطريق لتمر علياء مع داليا التي كأنها كانت تسير فقط لأن علياؤ تحثها على ذلك.


صعدت بها حتى المنزل وما إن دخلوا للمنزل توقفت داليا تجيل بصرها في جميع أنحاء المنزل، تسأل نفسها هل ما يحدث حقيقة بالفعل وهي في منزلها الآمن الآن.


ظلت تتأمل أرجاء المنزل بينما تسير مع علياء حتى غرفتها فأدخلتها وأجلستها على السرير بينما تزيح شعرها عن وجهها بقلق: أنتِ كويسة يا حبيبتي؟ أعملك إيه ولا أجيب لك إيه؟


لم ترد داليا وهي تحدق إليها ثم لغرفتها تتأمل تلك الغرفة ورغم أن غيابها لم يتجاوز أشهر إلا أنها شعرت به سنوات، هل هي في غرفتها فعلا الآن؟ وليس ذلك المكان القذر.


قالت علياء فجأة بتنبه: أنا لازم أقوم أتصل أقول لأمجد ده هيفرح أوي.


انتفضت داليا في تلك اللحظة ناظرة لعلياء بعيون دامعة متوسلة، كانت تشعر بالخِشية والحرج من رؤية والدها، لا تعرف كيف سيكون اللقاء الأول بعد كل ما حدث.


شعرت علياء بما تعانيه داليا فربتت على كتفها تطمئنها: أنتِ مش عارفة أمجد كان عايش إزاي من غيرك يا داليا، دلوقتي روحه هترد له، مكنش بيعرف يأكل ولا يشرب من غيرك، اطمني.


كانت على وشك الخروج لتُحضر هاتفها حين انتبهت لعايدة التي تقف بصمت على باب الغرفة فقالت بابتسامة: عايدة أعرفك دي داليا بنت أمجد، الظروف مش أحسن حاجة حاليا بس لما تتعرفي على داليا هتعرفي أد إيه هي بنت جميلة.


أغمضت داليا عيونها بقوة لا ترغب بسماع علياء تُثني عليها بأي شكل من الأشكال،لا تستطيع تحمل ذلك أبدا.


خرجت علياء لتتصل بأمجد واقتربت منها عايدة تقول بلباقة: من غير ما علياء تقول واضح عليكِ بنوتة زي القمر.


نظرت لها داليا بتيه والدموع معلقة على أطراف رموشها فتابعت عايدة بلطف: محتاجة حاجة يا حبيبتي؟ أعمل لك حاجة؟ أنتِ شكلك مرهق محتاجة تأكلي وتنامي أنا هروح أعملك حاجة تأكليها بسرعة.


ثم خرجت لتترك داليا لوحدها فشردت تسترجع ذكريات هروبها من والدتها.


كان ذلك يومًا لا يختلف عن غيره وقد قررت حسناء أن تحدث أمجد فيه حتى تبدأ خطتها في ابتزازه فاتصلت به من رقم غريب.


رد أمجد باستفهام: نعم؟


قالت حسناء بدلال: ليكِ وحشة يا أمجد.


تصلب أمجد ورد بعداء: هو أنتِ! بنتي فين يا حسناء؟ وبلاش لف ودوران أحسن لك.


ضحكت باستفزاز: هتعمل إيه يعني؟ هتزعق لي؟


رد أمجد باستهزاء: لا هقول للبوليس على الشغل الو** اللي بتعمليه أنتِ وعشيقك.


صدمت حسناء فكيف علم بذلك؟ إلا أنها تماسكت وهي تحدثه بمكر: مش من مصلحتك تقول لأنه بنتك معايا يا أمجد وأكيد مش عايز حاجة تأذيها.


رد أمجد بكراهية شديدة: بنتي أنا هعرف أخدها منك والمرة دي أنا اللي هدفعك تمن كل حاجة عملتيها.


قالت حسناء ببرود: بلاش تقول كلام أنت مش عارف آخره إيه أنا متصلة نتفق ودي إلا لو أنت مش عايز.


رد أمجد باشمئزاز: فلوس! طبعا مستعدة تبيعي أي حاجة علشان الفلوس ولا عمرك هتتغيري.


أردفت حسناء بوعيد: طالما أنت عارفني كويس أوي كدة يبقى تخاف على بنتك بقى، أنا هديك وقت تفكر وياريت ومن مصلحتك ومصلحتها توافق وتمشي الأمور معايا بهدوء ولا هتندم يا أمجد!


ثم أغلقت الهاتف بسرعة وهي تغلي غضبًا فكيف علم بعملها مع سالم؟ بل وتجرأ على تهديدها كذلك! 


وجهت نظراتها للغرفة التي تمكث بها داليا وخطت للداخل وهي هدوئها فوقفت أمامها بابتسامة متلاعبة: جه الوقت المناسب اللي نلاعب أبوكِ بيكِ يا داليا وأخيرا كان ليكِ فايدة بالنسبة لي.


نظرت لها داليا بنظرات غامضة أخفت فيها ألم ما تسمعه وقالت بتقزز: ياريت بابا حتى لو هيسبني هنا طول عمري ميسمعش كلامك أبدا.


ضحكت حسناء بشدة: طول عمرك هبلة زيه بالضبط مطلعتيش ذكية زيي وبتعرفي تستغلي الفرص بس مش مشكلة أنا هعلمك.


ردت داليا بكره: أحسن لي أموت بدل ما أتعلم أبقى مش كويسة زيك، أنتِ متستاهليش حاجة أبدا، كويس أني طلعت زي بابا هو أحسن منك ألف مرة بدل ما أطلع مليش قيمة زيك.


احمر وجه حسناء من الغضب وهي تندفع إلى داليا وتقوم بضربها فحاولت داليا مقاومتها وهي تدفعها عنها وتصرخ: سيبيني أنا بكرهك أنا بابا عمره ما مد أيده عليا.


صاحت بها حسناء بغل: لا ما أنا هربيكِ يا قلب أبوكِ واقهر قلبه عليكِ.


صرخت داليا بحرقة: يارب أنتِ اللي تتقهري دايما.


دخل سالم على صوت الصراخ ورأى حسناء تضرب داليا فأبعدها عنها قائلا بملل: أنتِ كل ما تبقي فاضية تضربيها خلاص يا حسناء هتعملي لينا مشاكل مع الجيران.


دفعته قائلة بغضب: أنت مالك أنت وأنا مالي بالجيران أنا حرة أعمل اللي عايزاه!


قال بانزعاج وهو يمسك بذراعها: طب سيبك من الهبل ده وتعالي يلا نشوف الشغل اللي هيبوظ ده.


شدت ذراعها منه وخرجت وهي تنفخ بعصبية فغمز سالم لداليا: شوفي خلصتك منها إزاي؟ احفظي الجمايل.


ثم خرج وأغلق الباب إلا أنه أغفل أن يغلقه بالمفتاح فانتبهت داليا لذلك ودعت ألا يتذكر أحد منهما فيعود ليغلقه.


خرجت حسناء إلى الصالة فقالت بضيق: الشغل فيه إيه وبعدين أنا ملاحظة أنه بقالك يومين مش على بعضك في إيه؟


أدعى عدم الفهم: مش على بعضي إزاي يا حبيبتي؟


زفرت بحنق: سالم اخلص أنا مش فايقة، أمجد طلع عارف كل حاجة وبيهددني.


قال سالم بذهول: إزاي الكلام ده؟


ردت حسناء بضيق: اللي حصل بس أنا عرفت أتصرف معاه، إيه أخبار الشغل؟


حك سالم مؤخرة رأسه: الدنيا تمام بس أنتِ هتاخدي أقل المرة دي شوية يا سوسو.


صاحت حسناء باستهجان: أخد أقل؟ ليه يا عنيا إذا مكنش الشغل كله عليا أنا! لا أنا مسيبش حد ياكل عليا حقي ده أنا أجيب عليها واطيها!


حاول سالم التودد لها: ده غصب عننا يا حبيبتي المرة دي والمرة الجاية نصيبك هيبقى أكبر.


دفعت يديه عنها بعنف: بلا مرة جاية بلا رايحة أنا عايزة فلوسي كاملة على بعضها، وبعدين أنا عايزة أحط كل الفلوس على بعضها علشان احطها في البنك.


نظرة إليها نظرة أثارت الشك في نفسها فركضت على الفور لغرفة النوم وفتحت الخزانة حتى تبحث عن النقود التي وضعتها حين انتقلت هنا وحين لم تجدها جن جنونها وصرخت به: خدت فلوسي يا سالم! سرقتني!


حاول احتواء الموقف بضحكة قصيرة: سرقة مرة واحدة؟عيب عليكِ تقولي كدة على سالم حبيبك، اسمها استلفت منك الفلوس لمصلحة صغيرة كدة وهرجعها قريب.


هاجمته حسناء بشراسة: لا سرقتني يا حرامي يا عرة!


أمسك سالم بيديها وتجهم وجهه بشدة: حاسبي على كلامك يا حسناء أنا ساكت لك لحد دلوقتي.


قالت حسناء بغل: وهتعمل إيه يا سبع الرجالة؟ لو مرجعتليش فلوسي أنا هوديك في داهية.


ابتسم سالم نصف ابتسامة ورد ببرود: اشربي من البحر. 


اشتعلت غيظًا منه فبصقت في وجهه، مسح سالم البصقة بهدوء تام حتى رفع عيونه لها وفجأة صفعها بشدة حتى أنها صرخت من الألم وما كان ذلك إلا بداية لصفعات متتالية وضرب شديد تلقته حسناء من سالم.


كانت تلك الصرخات تصب لمسامع داليا التي وضعت يديها على أذنها حتى لا تستمع حتى اختفى الصوت فجأة وبعدها سمعت باب الشقة يُفتح ويغلق.


أبعدت يديها عن أذنها وأرهفت السمع فلم تسمع شيء، نهضت وتقدمت ببطء حتى الباب وفتحته بيد مرتجفة مخافة أن تجد أحد منهما أمامها إلا أنها وجدت البيت هادئ ولا أحد موجود في الصالة.


دق قلبها بقوة وهي تعي أن هذه فرصتها الوحيدة للهرب فتحاملت على نفسها وقاومت ضعفها وهي تركض إلى الباب الأمامي، لمحت في طريقها ورقة نقدية فوقفت للحظة تفكر أنها يجب أن تأخذها حتى تساعدها فاختطفتها على الفور وهي تنظر حولها لتتأكد أن لا أحد سيأتي وفتحت الباب وانطلقت تركض حتى خرجت إلى الشارع.


وقفت داليا تلتقط أنفاسها، تريد أن تبكي من شدة الفرح لأنها تحررت من سجن والدتها الذي ظنت أنها لن تخرج منه بسهولة ولن ترى والدها ثانية.


نظرت حولها بخوف وهي تدرك نظرات الناس المستغربة لشكلها وهيئتها ولكنها لم تهتم وهي تسير بقدميها الحافية لتسأل أي أحد عن مكان وجودها وعلمت أنها بعيدة قليلا عن مكان سكن والدها.


سارت بعض الوقت حتى وجدت وسيلة مواصلات تنقلها إلى هناك وحين وصلت نظرت لعمارتها المألوفة كأنها وجدت طوق النجاة أخيرا ولكنها ترددت كيف سيستقبل والدها عودتها؟ أنها تشعر بالحرج الشديد والخجل من أن تواجهه فضلا عن آخر مواجهة بينهما حين خذلته ربما لا يريد رؤيتها؟


لم تعرف ماذا تفعل وفكرت ربما من الأفضل أن تتصل أولا وتعلم والدها في المنزل أم لا فطلبت من أحد المارة هاتفه واتصلت على الهاتف الخاص بالمنزل حين أجابتها علياء ارتبكت داليا وقالت بصوت منخفض متردد: أنا داليا.....أنا تحت قدام البيت دلوقتي.


لم تجد إجابة من علياء فأعادت الهاتف للشخص وتقدم ببطء لمدخل المنزل حين هبطت علياء وأخذتها.


عادت من ذكرياتها على دخول علياء تتبعها أختها بصينية طعام كلتاهما مبتسمتين بلطف، جلست علياء بجانب داليا بينما عايدة أمامها ووضعت على حجرها صينية الطعام.


ملئت المعلقة بالطعام ثم رفعتها لفم داليا برقة: أنا عملت لك الأكل بإيدي يارب يعجبك بس اسمحي لي أكلك أنا بقى أنتٌ تعبانة وعلى فكرة أنتِ سنك زي بنتي جودي بالظبط.


نظرت لها داليا وغصة تتجمع في حلقها من لطفها وتذكرت معاملة والدتها، فتحت فمها ببطء لتطعمها وعلياء تمسح على شعر داليا بحنان.


كان أمجد في مركز الشرطة يبلغهم عن مكالمة حسناء حين أبلغته علياء بعودة داليا فانطلق على الفور إلى المنزل غير مصدق.


حين دخل إلى المنزل ارتعشت داليا رهبة من المواجهة القادمة بينما انسحب كلا من علياء وعايدة جانبًا تاركين لهم الحرية.


خطى أمجد بخطوات واسعة لغرفة داليا بتلهف حتى توقف عند الباب والإبتسامة التي على شفتيه تجمدت من هيئة داليا التي تقف أمامه، تجولت عيناه بصدمة على مظهرها المشعث حتى وصلت إلى الكدمات على وجهها فهناك كدمة تحت عينها اليمين وأخرى في الناحية اليسرى من ذقنها أسفل شفتيها.


نطق بعدم تصديق: داليا.


ردت داليا بتردد وعيناها ترنو إلى والدها الذي اشتاقت إليه: ب...بابا.


تقدم أمجد بذراعين مفتوحة فأسرعت داليا إليه ترتمي بينهما بانهيار لتفقد داليا الوعي فالتقطها أمجد بين ذراعيه هاتفًا بذعر: داليا!.


        البارت الثاني والعشرون من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا


تعليقات