قصة عشقت امرأة خطرة
البارت العاشر 10
بقلم ياسمينا احمد
وصلت "صبا" إلى بيت عمتها الذى لايقل مساحته عن قصر جدها بكثير لكن رغم هذا كان جميل ذو أثاث
رفيع يطل على شاطئ كبير ورقعه خضراء كبيره ورغم روعة المنظر إلا أنها قد إعتادت على صخب المدينه
وكلما زاد الهدوء تشعر بالغربه والاختناق والملل، إلتفت حولها لتجد "بثينه" تسحب حجابها لتلقيه بإهمال
على أقرب أريكه لتقول بإبتسامه إنتصار :
ـ نورتى البيت يا بنت أخويا
ثم أدرفت وهى تتحرك امامها :
ـ تعالى اوريلك أوضتك
تبعتها "صبا" متجنبه أى حديث معها كل ما كان برأسها أن ينقذها والدها الذى لم يجيبها ولم يتصل عليها حتى مرة
واحده أنتبهت عندما توقف "عمتها" امام أحد الغرف وأشارت مرحبه :
ـ اتفضلى يا صبا
تقدمت نحو إشارتها بقلق فهى لم تأمن أى شخص هنا كانت تحذر منهم جميعا وتستعد دائما وكأن هناك
وحش سيهجم عليهاوتنظر الاسوء وضعت يدها داخل حقيبة يدها لتمسك بشئ تحتفظ به دائما للدفاع عن نفسها
"صاعق كهربائى"
لم يفارق حقيبتها ابدا لكن الأن لم تحتاج له حيث أن اشارتها كانت نحو غرفه مرتبه ذات إضاءه جيده ،عاينتها بدقه
وخاصتا بالزوايا ما إن إطمئنت حتى تركت حقيبتها وعاودت النظر لـ عمتها لتمنحها إبتسامه متماسكه حتى تخفى
رهبتها التى من الممكن قد تكون لاحظتها
هتفت "بثيننه" بشئ من الغموض :
_ إرتاحى يا صبا لحد ما الغداء يجهز
اغلقت الباب من خلفها فإرتمت "صبا" فورا على الفراش بشكل عكسى لتحدق بسقف الغرفه متمنيه أن
تسقط فوقها وترتاح من كل هذا العناء كانت أكثر فتاة محبه للحياه وتكرها فى نفس الوقت
"فى قصر فايز "
إبتسامه ساخره علت وجه "فايز" وهو يدحج "عماد" بنظرات فاتره قائلا باستهزاء :
_ لا يا شيخ، بقى عايز تجوز ابنك الحيله لبنت عمه عشان تصلح الغلط ولا عشان ترجعه البيت
تانى .
تلون وجه "عماد" فقد إعتقد أنه قد يخدع والده بهذه الحيله لكن والده كان من الصعب خداعه.
وضع "فايز" يده على ذقنه وحرها فوق شعرها القصير وإستأئف :
_ الشعر دا ما شابش من فراغ يا عماد إلعب غيرها
حاول تفادى الامر وإقترب منه "عماد " قائلا بإصرار :
_ وغلاوتك عندى يا حاج أنا غرضى المصلحه ولو عايزنى أروح أطلبها من حسين هروح
تدخلت "ونيسه" لتهدر بإنفعال :
_ والله لو فيها طلاقى ما هجوز إبنى لبت بشرى لو عملتوا اللى ما يتعملش
إبتسم "فايز " ونظر إلى إبنه ليضعه أمام مشكله أخرى وكأنه وضع فى مصيده هاتفا بتلذذ:
_ حل بقى يا فتك
زاغ بصربه بينه وبين زوجته، "ونيسه" متصلبت الرأى ولن توافق أبدا على هذه الزيجه ولن يقدر أحد
أن يغصبها على هذا لم يطاوعه عقله فى إقتراح أى حيله لاقناعها لذا لجأ للعنف فصاح بها بحده :
_ وإنتى مالك إنتى يا ونيسه الوالد عايزها
لم تخاف من حدته ولم تتراجع عن رأيها أمام حجته الواهيه فصاحت هى الاخرى به :
_ مالى ونص ولا نسيت أنه إبنى
إتسعت عينها لتخبره بتحدى :
_طلاقى قصاد الجوازه دى
قاطعهم "فايز " شامتا فى تخطيط وابنه الفاشل :
_ هتخرب بيتك عشان تجوز إبنك ولا هتعمل إيه يا سيادة النائب
أصبح بين السنديان والمطرقه لن يستطيع ترك ونيسه ولن يستطيع إبقاء إينه فتردد فى إجابته
وإذداد شعوره بالخجل أمام إبنه الذى كان ينظر إليه بإستجاد حتى لا يتركه يعود إلى المكان الموحش
الذى قضى أسوء أيام حياته
صوت مفعهم بالسعاده واللهفه قطع حوارهم بـ:
_ بـــلال
هكذا أنقذه إبنه الآخر من الخجل عندما هتف"يحيى " بسعاده لرؤية أخيه الذى إعتقد أنه ذهب بلا عوده
هرول تجاه وضمه إلى صدره قائلا بسعاده :
_ وحشتنى يا اخويا
أمام هذا المشهد رق قلب "فايز" لم يقوى على حرمان أخ من أخيه خاصتا إن كان نقى مثل "يحيى "
وايضا هذا يتنافى مع رغبته بجمع عائلته إلى جواره ،دار على عقبيه وخرج تماما من الغرفه غير مصرحا
بأى قرار حيال "بلال" لكنه لن يمرر الامر هكذا .
فى شقة "مها " زوجة حسين الواصل "
إمراة فى بدأيه العقد الرابع من عمرها متوسطة الجمال ماديه لابعد الحدود تعشق النفوذ وتحب المال قلبها
لم يعرف الحب سوى لابنها الوحيد "وليد" والذى فعلت لأجله المستحيل ومازالت تفعل .
ها هى تتحدث عبر الهاتف بعصبيه لأخيها"رشدي" الذى يتطابق معها فى بعض الصفات ويزيد على ذلك أنانيته
المفرطه وحبه للتملك :
ـ أعملك إيه يعنى يا رشدى "حسين" اللى طلب من ابوه يجوزها انا مالى
عَلى صوته هو الآخر بضيق وهو يرد عليها بانفعال :
ـ انتى مالك مش انتى اللى قاعدتى تحربى لحد ما طفشتيها يا مها
لم يعجبها إنفعاله عليها وردت"مها" بعنف :
ـ وانت يهمك فى ايه يا رشدى تقعد ولا تمشى كدا كدا هى رفضتك تفضل قاعده فى أربيزى انا ليه ؟
هدء من إنفعاله وهو يروضها بقوله :
ـ يعنى "مها" بجلاله قدرها اللى عرفت توقع "حسين الواصل" مش عارفه تلف عقل عيله زى دى وتخليها توافق
اجابته وهى تزفر بصوت واضح :
ـ دماغها ناشفه حجر ما بتلنش وبعدين الدنيا ما وقفتش عليها روح شوف غيرها
فاض به من تصنع اخته عدم قدرتها وهو يعرف جيدا انها إن أردات نفذت وايضا معاملتها بجفاء
ليصيح بها من جديد:
ـ الصبر يا ربى ، انا قولتك إن مافيش غيرها في يا"مها" فى كتير بس انا عايز
دى هتسلى شويه وابقى خديها احرقيها بعد كدا
ردت عليه " مها "بإذعان :
ـ مافيش فى ايدى حاجه رفضت وابوها قال سبيها على رحتها
قاطعها "رشدى"مغتظا :
ـ ماهو انتى لسه قايله إن ابوها طلب من جدها يجوزها يعنى الجوازه دى هتكون بمزاجها
ماهى اكيد غصب عنها وغصب بغصب أنا أولى
ضغطت" مها " على رأسها من فرط الالم الذى سببه لها اخيها الذى يحاكيه منذو ساعه تقريبا
وهتفت لمجراته :
ـ عموما مافيش حاجه هتم غير بموافقة حسين ودى عليا انا واكيد كل حاجه هتتأجل لما يرجع من السفر
ساعتها أرجع أزن عليها تانى
تهلل هاتفا :
ـ الله ينور عليكى ايوا كدا شغلى مخك معايا مع انى مش صابر بس هستنى ولحد ما جوزك يرجع من السفر
انا هلغيها كدا كل شويه عشان اساعدك
هدرت "مها"دون اهتمام :
ـ اشبع بيها يا رشدى ما تصدعنيش
انهت محادثتها معه وقفز ابنها "وليد" إلى احضانها يحاكيها بحماس :
ـ ماما هننزل نشترى اوضة النوم الجديده امته ؟
ابتسمت له وضمته بين احضانها لتخبره بحنان :
ـ بكرا او بعده بس دى لازمها خطه عشان بابا يوافق يفتح اوضة صبا على اوضتك ونلغى اوضتها خالص
قال "وليد" متحفزا :
ـ انا هساعدك وهعمل كل اللى تقولى عليه
زادت من ابتسامتها واحتضنته بحب وهتفت مؤكده :
ـ كدا يبقى طلباتك اومر يا وليد باشا
اعتلى وجه ابتسامه رضا بعدما إطمئن أن والدته ستستجيب لرغبته فى تكبير غرفته واضافة
أشياء جديده فى مساحه اكبر منتهزين فرصة غياب "صبا" عن المنزل ومتجاهلين حقوقها ومكانتها تماما .
فى بيت "بثينه "
اجتمعت "صبا" مع زوجها "حكيم " وكذلك إبنها ،"عامر " لم يكن يملك من اللباقه أو المظهر الحسن
أى شئ اسلوبه فظ بشكل مروع ملابسه غير منسقه صوته عالى ومنفر وكأنه أخر ذكر على وجه الارض
لم تخفى "صبا" إمتعاض وجهها وإشمئزازها من طريقته واسلوبه فور التعرف عليه لم تتقبله ابداكما لم تتقبل الطعام
ايضا لقد اعتادت الطعام السريع وتفضله عن طعام المنزل فما بال بطعام ثقيل على معدتها ككل هذه الانواع التى
امامها .
ـ ما تكلى يا صبا
هكذا هتف "حكيم " الذى بدى مرحبا للغايه بحضورها على عكس إبنه الذى إنشغل بتناول الطعام بشراهه وكأنها
آخر وجبات حياته
أجابت بتهذيب وهدوء:
ـ شكرا يا عمو انا حاسه إنى شبعت
لم تبعد "بثينه " نظراتها عنها ولم تفارقها البته تتطالع إليها بشرود وهى تتناول طعامها وكأنها تمضغها هى
عوضا عن طعامها ،هدر "حكيم " معترضا :
ـ إزاى دا بقى إنتى ما اكلتيش حاجه خالص دا حتى نايبك سايباه
تجشأ "عامر " بصوت عال مما جعل "صبا" تنتفض وعندما أدركت فعلته المقززه إمتعض وجهها بشده
ووضعت يدها اعلى فمها لرغبتها المُلحه فى التقيئ الآن
لاحظ "حكيم " هذا ونظر بإتجاه ابنه ليرمقه بنظرات محذره ومحاكيه للاكتفاء لكن "عامر" لم يعتاد على قيد
من احد أو حتى مراعاة شعور أحد صاح معترضا :
ـ فى ايه يعنى أفطس يعنى هى يعنى غريبه دى بت خالى
جرأته فى الحديث والتبرير جعلتها تشمئز أكثر وثبت من مكانها دون إذن أو سابقه إنذار
واستمر "عامر" بالحديث بصوت مرتفع ومعترض :
ـ هى مالها دى كمان محسسانى انها بلاستك وقرفانه اوى
عنفه والده وقاطعه بضيق:
ـ انت ايه ياض انت لطخ
قذف "عامر" قطعة اللحم التى بيده وهدر بغضب :
ـ جرى ايه يا ابا ايه الكلام اللى يسد النفس دا
تركت "بثينه" ما بيدها هى الاخرى وانتظرت إجابة "حكيم " الذى هتف موضحا وهو يزجره:
ـ انت مش شايف البت عامله زى البسكوت النواعم إزاى؟ وانت من ساعة ما دخلت
مش عارف تمسك نفسك وتعمل بنى ادم شويه صغيرين
وضعت "بثينه " يدها على وجنتها واستندت إلى الطاوله لترى ما سبب كل هذا الحنان الذى إجتاح
زوجها على غفله
سأله "عامر " دون فهم :
ـ هو انا مش بنى ادم ولا ايه وبعدين انا فى بيتى اعمل اللى عايزه هى عشان جايه تقعد يومين
تقرفنى انا
كاد "حكيم" أن يقتلع شعر رأسه من فرط غباء إبنه فصاح به وهو يجز على اسنانه :
ـ غبى والله انك غبى إحنا لو كنا بنخطط لمستقبل جاموسه كانت فهمت
نهض "عامر " من مكانه معلنا غضبه :
ـ انتوا هضايقونى عشان حتة بت زى دى ولا إيه
أمسك "حكيم" بذراعه قائلا بهجه امره :
ـ إقعد يا حيلة ابوك وامك اقعد
انصاع "عامر" لكنه زفر بنفاذ صبر فمال اليه والده بعدما إلتفت خلفه ليتاكد أن ليس هناك من يسمعه :
ـ بت خالك دى جدك راح يكتبلها اراضى وعقارات بإسمها البت دى هتبقى صاحبة أرض البوابه عارفها
فرغ فم "عامر " بذهول مندهشا من تصرف "جده" الغريب فهذه الارض التى يشير إليها والده حلم كل شخص
فى المدينه فهى فى فى وجهة المدينه فى موقع متميز وذات شهرة واسعه تصلح للاستسمار وتعتبر ثروة هائلة
عندما لاحظ "حكيم" إندهاش إبنه وذهوله إسترسل محفزا إياه :
ـ تبقى البت دى تستاهل ولا ما تستاهلش
صوب نظراته نحو والده وكأنه شارد أو مسحور إستنجد به قائلا :
ـ أعمل إيه يا بابا دلنى انا إبنك حبيبك
لم يخفى "عامر" رغبته فى ربط علاقته بصبا وقال سريعا وكأنه يقتنص الامر :
ـ تتجوزها
ـ انا مش هوافق
نطقت "بثينه" ببرود بعدما شاهدت هذا العرض السخيف، مما جعل إبنها وزوجها يلتفوا نحوها ويهتفوا
معا :
ـ لـــيـــه ؟
لكمت الطاوله بباطن يدها لتجيب بعصبيه مفرطه :
ـ ليه ايه ؟ انتوا عايزنى اجوز ابنى بت بشرى دى لا عشت ولا كنت باقيه على وش الدنيا
دى امها قتلت أمى اجبها بيتى تقتلنى هى
مسح "حكيم" وجه بضيق من سطحيه تفكيرها ثم هدر غاضبا :
ـ ما تبقيش عنديه دى مصلحة إبنك
كررتها بإصرار:
ـ قولت لاء يعنى لاء
تدخل "عامر" متسائلا :
ـ يعنى احنا لو قولنالها تتجوزنى هترضى
دحجته"بثينه" بنظرات محذره وهى تهتف بإسمه بنبره محذره :
ـ عامر
هتف "حكيم" ليهدئها كى تتعاون معهم :
ـ إسمعى بس يا بثينه البت شكلها غير بشرى خالص ومتربيه تربيه تانيه ومفتاح الشاطر
ما يفتحش بقها وابنك هيتهنى دا لو طلعه جنى من المصباح مش هيحققه الحاجات دى كلها
هدرت بتشجنج وغل :
ـ والله لو طلب يطلع يخنقها بإديه فوق أنا مش هقف فى وشه وأعارضه لكن أجوزهالوا لاء
ضم "حكيم" اطراف اصابعه إلى فمه وهو يصيح متشنجا :
ـ واحنا هنعمل إيه بموتها
سكت قليلا ليرتب حيلة جديده فى اقناعها ثم عاد يتحدث بهدوء :
ـ خلاص إيه رائيك يتجوزها ويمضيها على الارض ويطلقها
تضامن "عامر" مع فكرة والده :
ـ ماشى حلوة دى اتجوزها كام شهر كدا عشان جدى ما يزعلش وبعدين اقوله ما اتفقناش
ظلت نظرات "بثينه" غاضبه غير موافقه بالمره على هذا القرار لكن إجماع زوجها وإبنها
على نفس الرأى جعلها فى الكافه الخاسره إن أرد "حكيم " سيفعل وإن أيده "عامر" فلن ينفع
قبولها من رفضه .
"بالاعلى "
جلست "صبا" حبيسه غرفه أخرى لا تشعر بالانتماء لها تجدد بداخلها ألم الخذلان الذى ذاقته
على يد والدها وإستمراره فى تجاهل مكالمتها امسكت هاتفها لتعبث به دون تركيز وتقرض
أظافرها بشرود ثوان حتى قفز أمامها إشعار برساله من "رشدى " :
- إزيك يا صبا
إمتعض وجهها وتجاهلتها لتسحب العلامه وترميها بالسلة حتى لا ترى صورته امامها ولا تفتحها
قفزت الرساله من جديد :
ـ زعلان منك بجد
عضت على طرف أصبعها بغيظ ما أصعب أن تكون بحاجه للحديث وأخر شخص فى العالم تريده
هو المتاح، كررت نفس فعلتها السابقه وتجاهلت الرسالة دون فتحها ليعود برساله اخرى فهو معتاد
على تجاهلها المستمر :
ـ عايزك ضرورى ما تهربيش زى كل مره
ترددت هذه المره من تجاهله لثوان ثم قررت فتح الرساله لتعلمه بالوصول ولم ترد وكأنها تبعث
له إشاره هامه أنها تتجاهله متعمده وليرحل بهدوء وكرامه .
من جانبه هو إشتعل غضبا دوما تتجاهل رسائله ولا تترك مساحه لمحادثتها حتى ينفذ خطة الاستماله
التى ينويها أسرع بإرسال إليها فيديو قصير وسألها من بعده :
ـ إنتى الوحيده اللى هتساعدينى وتفهمينى ممكن تشوفى الفيديو وتقولى رأيك
ضغطت على التشغيل وبدأت المشاهده مع أغنيه
"قولت مليون مرة أحبك ,,,لما اشوفك بنسى أعاتبك "
وتناول المقطع لقطات سريعه من إرتداء "رشدى " لملابسه واستعراض اناقته بشكل واضح
بتسلسل منظم ولطيف دون ظهور وجه وبالنهايه اختم بظهوره الكامل ليبتسم إلى الكاميرا
ويقبل اطرافه وينتهى، فيديوا عبثى مما يصنع للعرض على مواقع معينه .
كان جيد أمام ما رأته اليوم لكن لم يكن بالنسبه لها أفضل شئ تكره وتكره كل شئ من رائحة زوجة أبيها
تركت ملصق معبرا بالاعجاب واغلقت الرسائل
ليرد هو متصنعا الحزن :
ـ انا عايز رأيك بالتفصيل عشان أرفعه وانتى اكتفيتى بكدا قد إيه أنتى ظالمه
حدقتا مليا بالرساله لكنها لم يحضر ببالها أى إجابه لتضيفها ،طرقات الباب المتواصله قطعت حيرتها
وتسالت :
ـ ودا مين دا كمان ؟
أطفأت شاشة هاتفها وتوجهت نحو الباب لاكتشاف الطارق ،لاحظت إبتسامه بشوشه لعمها
"حكيم " بيده طبق كبير من الفاكهة ويقول :
ـ ما عرفتيش تتغدى انا عارف جبتلك طبق الفاكهة دا وجيت اقعد معاكى أسليكى
لم تجد مانع من حضوره فأزاحت الباب لتستقبله قائله :
ـ شكرا ليك ، تحب نقعد فين ؟
أخبرها "حكيم" متحمسا :
ـ فى الفرنده ،القاعده هناك قدام المياه وشوية الهواء يردوا الروح
أشار لها لتتحرك معه فإستجابت لاشارته على الاقل هو الوحيد الذى يبدى إهتماما بين الحاضرين
تركت هاتفها فى الغرفه يصدر إشعارات متواصله من "رشدى " دون أن تبالى بغضبه أو حزنه
أو حتى شكوته إلى والدها المعتاده .
"
عاد "زيد" من عمله بعد يوم طويل قضاه بعيدا عن إبنته إتجاه إلى غرفته مباشرة لرؤيتها
كانت الليله صامته لا تلعب ولا تتحرك ثابته فى أحضان "نجلاء" ترسم على وجهها علامات
الحزن دون بكاء لكنها كانت فى ابهى صورة قد تكون عليها من وقت وفاة والدتها ، فتح "زيد "
زراعيه على مصرعيهم مناديا إياها بـ:
ـ حبيبتى مريومه القمر
ركضت نحوه وكأنها وجدت طوق النجاه فحملها بين يده وأطال النظر إليها بتمعن فكان شعرها يلمع
ومرتب رائحتها أيضا ذكيه وترتدى فستانا صيفيا دون اكمام ممتلئ بالالوان الزاهيه بطريقه عشوائيه
سألها مبتسما برضاء عن تأنقها :
ـ إيه الشياكه دى بس ؟ مين اللى زوقك كدا ؟
لم يتوقع منها إجابه فهى دوما صامته زفر متألما لحالتها المعقده وإلتف إلى نجلاء يسألها عوضا عنها :
ـ إنتى يا نجلاء اللى عملتى دا
اجابت "نجلاء" مسرعه :
ـ لاء مش انا يا بيه دى الست صبا هى اللى سرحتها وقالتلى إنها هتعملها حاجه إسمها روتين
عشان شعرها ما يتخبلش فى بعضه ويوجعها فى التسريح
لم يبدى أى إندهاش من تصرف "صبا" لقد كان واضحا إهتمامها بها أثناء جولتها وعدم نسيانها
ابدا لكنه كان معجبا بالنتيجه التى وصلت إليها ، لكنه قضب حاجبيه متعجبا من حزن "مريم" وتسأل :
ـ اومال هى زعلانه ليه ومش بتلعب
هتفت "نجلاء" وهى ترفع كتفيها معبره عن عدم معرفتها :
ـ ما اعرفش يا بيه يمكن عشان الست صبا مشيت
هذا ما جعله يزداد هشه ويسأل فى سرعه:
ـ مشيت فين ؟
اجابت "نجلاء" :
ـ راحت مع ست بثينه هتقعد هناك
قبل أن يسأل من جديد إقتحمت "ونيسه" غرفته دون إذن لتقول بلهجه غاضبه :
ـ جدك تحت عايزك
تعجب من غضب والدته ودخولها المفاجئ والغير معتاد ، ونظر فى عينيها مستفهما لكنها لم تعطيه إجابه
واضحه .
لم يطلبه جده ولم يحاكيه من وقت اخر مقابله وظن فى قراره نفسه أن هجره سيطول لأنه تجاوز حدوده
بشكل غير مقبول .
ترك إبنته إلى نجلاء ليأمرها بهدوء :
ـ نيميها على ما أرجع
"فى منزل حكيم "
كان صادقا معها بالفعل الجو والهواء منعش ولطيف أحسن ضيافتها وقطع الفاكهه وقدمها لها
بحنان وأصر على تناولها بكرم وحفاوة بدأت ترتاح قليلا لجلسته وتسعد بحديثه لفقدها ركن وحنان
الأبوه إستمر الحديث لوقت طويل حتى إلتف إليها ليقول برفق وحنان :
ـ والله إنتى نورتي البيت يا ريت كان عندى بنت زيك
إبتسمت له لشعورها باللطف تجاه وأضاف حديثهم بعضا من الثقه ردت بسعاده :
ـ وانا كمان مبسوطه إنى إتعرفت عليك حضرتك ذوق جدا
صاح فرحا :
ـ الله يجبر بخاطرك يارب
سألها وهو يقترب منها :
ـ بما إننا إحنا الاتنين يعتبر بقينا أصحاب ممكن تبقى صريحه معايا
رفعت كتفيها بعفويه وهى ترد :
ـ انا معنديش حاجه أخبيها
تشجع ليسألها وكأنه مهتم للغايه براحتها وسعادتها :
ـ طالما كدا هسمح لنفسى أسألك إنتى مرتاحه فى بيت جدك
نفضت رأسها دون إهتمام وتطلعت أمامها على المياه الممتده أمام عينها لترد دون مبلاه:
ـ انا ما مش مرتاحه فى أى مكان
ضيق عينها متعجبا من إجابتها الواضحه وسألها دون فهم :
ـ يعنى إيه ؟
تواردت صور ذكرياتها القاسيه وطفولتها المعذبه امام عينها بشكل سريع مما جعل عينها تدمع ورأسها
يدق بعنف مسحت على جبهتها بقوه و اجابته بإرهاق :
ـ يعنى كل مكان بروحه بحس إنه مش مكانى بحس إنى ماليش مكان لا فى بيت بابا ولا عند جدو ولا حتى هنا
كان يحاول قرائتها جيدا ،الجلسه كلها غرضها التعرف عن قرب على المرأه التى يخافها الجميع لكن ما وجده
وآمن به عقله أنها بالفعل خطره من لايخشى كل هذا الجمال وكل هذا الاختلاف تبدو كتحفه فنيه لامعه وسط
خراب هائل بالطبع ستجذب الانظار ،بعد ثوانى من الصمت والتدقيق إلتفت إليه لتغير حديثها بـ :
ـ يعنى كلوا بيتعامل على إنى بنت بشرى وما حدش شايفى أنا
مط شفاه ولوح ليعيد النظر أمامه قائلا :
ـ لاااا خدى من دا كتير أمك كلوا كان كلوا بيشتكى منها لكن ماحدش مسك عليها حاجه
إستدارت إليه بكامل جسدها وقد تحفزت لسؤله بإهتمام بالغ:
ـ إنت كنت تعرفها
لم يتعجب من حماسها الزائد لكنه شعر بالقلق فى فتح ملف "بشرى "والحديث عنها :
ـ عادى زى ما كل الناس تعرفها
زاغ بصرها بيأس وشعرت بألم مضاعف فى رأسها كانت تتمنى أن تسمع قولا واحدا عن والدتها
من طرف حيادى ليطمئن قلبها أنها أفضل أم كما كانت بالنسبه لها لكن الجميع هنا يكرهوها وهذا
واضح فى تعاملهم معها ،تسأئل عندما ظهر الاحباط على وجهها :
ـ هو فى حاجه معينه عايزه تعرفيه
همت بالنهوض من مكانها وهى تعتذر عن عدم قدرتها على مواصلته هذه الجلسه :
ـ انا أسفه حاسه إنى مصدعه وعايزه ارتاح إن شاء .....
قاطع كلماتها صوت "بثينه" القريب وكلماتها المشحونه بـ:
ـ هو إذا حضرت الملائكه ذهبت الشياطين ولا إيه ؟
إنتبهت "صبا" لوجودها الذى لم تلاحظه سوى الآن فردت متعجبه من مهاجمتها الغير منطقيه:
ـ شيطاين ايه وملايكه إيه هو انا كنت شوفتك ؟
رفعت "بثينه " حاجبيها بدهشه وهى تقول :
ـ لا يا شيخه يعنى انتى عينك فى عينى وانا جايه من أول الطرقه وما شوفتنيش
شوفى إزاى لازم نكشف عليكى نظر بقى يا ضنايا
إحتقن وجه "صبا" وهى توزع نظراتها بين "حكيم وبثينه " بدهشه من إتهامها الغير صحيح
بالفعل لم تراها كانت شارده وكم من شارد لم يرى أمامه
هتفت بانزعاج :
ـ فى إيه هو انا كنت هقوم ليه يعنى لو كنت شوفتك
لطمت "بثينه" ظهر يدها بالاخرى وهى تجيب بغيظ :
ـ أنا عارفه إسألى نفسك
لم يعجب "صبا" إتهامها الباطل وعزمت على نهرها :
ـ إنتى م,,,,,,
قاطعها "حكيم" فيما تنوى عندما رأي شراره النار تقفز من عينيها ناب عنها مهدئا الامر :
ـ خلاص يا بثينه هى كانت بتقول مصدعه وعايزه تطلع ترتاح وانا اللى عطلتها
سالته "بثينه" بحنق:
ـ وأنت كنت المحامى بتاعها
تركتهم "صبا" وعزمت على المغادره دون إلتفات ليبقى "حكيم " وبثينه التى ترمه بنظرات شك وغضب
وما إن ضمنت إبتعادها حتى هدرت بغضب :
ـ فى إي يا حكيم سايب اللى وراك واللى قدامك وقاعد مع حتة العيله دى ليه ؟
إتسعت عين "حكيم " وهو يستمع إليها لاعنا عقلها الذى لم يحسن التفكير فهتف بزنق :
ـ إنتى إتهبلتى يا بثينه ولا إيه دى أصغر من إبنك هكون قاعد معاها ليه ؟!
البت دى بقت هى مصلحتنا ومصلحة ابننا
جلست "بثينه " فى مقابله ومازالت متعصبه من رؤيته معها بالاصل هى تريد خنقها وزادت رغبتها
فور رؤيته زوجها يعاملها بهذا اللطف لتهتف بحده :
ـ وانت مالك برضوا يا حكيم سيب ابنك اللى يتعامل معاها مش إنت
إذداد غضب من تفكيرها المحدود الذى تغلب عليه العاطفه ولا يتخلله أى شئ من العقل لذا صاح مستنكرا :
ـ يادينى على دماغك، إبن مين اللى يقعد معاها ابنك لو قعد مع البت البسكوته دى هتنط فى المياه
ولا ترضى تتجوزه
صاحت هى الاخرى باستنكار مماثل :
ـ ياسلام وهترضى تجوزه عشان إنت ابوه
أوضح رغم ضيقه :
ـ لاء يا فالحه لما اقعد معاها واشوف بتحب إيه بتكره إيه وإيه دخلتها وبعدين اقعد مع عامر
واحطه على اول الطريق عشان نختصر الوقت فهمتى
كل كلام العالم ومهما إستمعت لمبررات لن يقنعها بأن تترك إبنة الشيطانه تجلس مع زوجها دون وجودها
هتفت بإعتراض قاطع :
ـ مهما كان يا حكيم ما تقعدش معاها وحديكم وإن شاء عن ابنك ما إتجوزها اصلا
فضل "حكيم " الصمت عن الرد على حديثها الذى يغضبه ويهلك تفكيره دون فائده ،شرد بعيدا
عن وجهها بعدما فشل فى إقناعها فهو لا يفهم سبب كل هذا الكره الذى تكنه لها لكنه يفهم
جيدا سبب الغيره التى قد تصيب قلبها إن إختلى بها ثانيا هو نفسه يخشي من فتنها ويجاهد
رغبته بها خاصتا رائحه عطرها النفاذه التى لم تغادر المكان رغم مغادرتها رائحه مغريه خطره.....