قصة عشقت امرأة خطرة
البارت السادس والعشرون 26
بقلم ياسمينا احمد
وقوفهم معا تحت اعين الجميع والانسجام البادى بينهما ازعجهم كثيرا إجتنبت "مها " ببثينه وهى تقول :
-اه يا ناري شايفه زيد ما بيشلش عينه من عليها
ردت "بثينه" بضيق :
-السحر يا اختى السحر بالله عليكى تعالى نبعد الا انا هحصل ونيسة من عمايلها اللى تفرس دى
والى جانب آخر
كانت أعين "نهي" تراقب بحسرة حلمت حلم طويل وغيرها إستمتع به اجتاح قلبها الألم وهي ترى طوق النجاة الوحيد
يذهب لغيرها ترقرقت عينها بالدموع كيف ستكسب هذه المعركة الصعبة لقد باتت متيقنه أنها ستكون قطعة أثاث إضافية ليس إلاّ فى قصر عائلة الواصل وأن إمتلاك القمر أيسر بكثير من أن تملك قطعه واحده من قلب" زيد" حجزت "صبا "كل الاماكن.
تمتمت بألم لوالدتها التى تقف الى جوارها :
- شايفه اللى انا شايفاه
زعقت بها والدتها محتده وهي تدفعها للدفاع عن حقوقها حتى وان كان لا يحبها فأساس الزواج هو العدل :
-وانتى هتفضل واقفه كدا تتفرجي اجري اقطعي المسخرة دى باى حجه
تحركت كالاله لتقترب منهم مع كل خطوة كانت تحاول تجميع كرامتها المهدورة وقلبها الممزق فى شتى الانحاء
تمشي ببطء وكأنها تتحرك نحو الهاوية ،هاوية سحيقه لا تعرف لها آخر .
صوت" نهى " قاطع حديثهم المطول عندما نادته :
-زيد
التفت لها وتمتنت "صبا "فى حنق :
- اول مرة اشوف هادم اللذات بعيني
فأستأنفت قولها بـ:
- ممكن تأخدنى فى طريقك
كان يرى الحزن جليا فى عين "نهي" نعم هو ليس مجبرا على إعطاء اى مشاعر لغير ما يمليه عليه قلبه ،لكن بما انها تحت الظروف القاهرية ستصبح زوجته فمن باب العدل والانصاف قبول طلبها البسيط امام ما يعطيه لصبا ببذخ
اجاب موافقا :
-تعالى ،هستناكى فى العربية
يعلم ان وجه "صبا" الأن محتقن يراها دون الحاجة للالتفات ،بالفعل كان يبدو على وجهها الصدمه بعكس نهى التى تهلل وجهها بإبتسامة واسعه ، غادر زيد المكان على الفور حتى لا يتقابل مع شرها وجنون غيرتها بينما هي صرت على اسنانها وإتجهت صوبها عندما التفت للعوده لتعديل حجابها وأخذ حقيبة يدها، مما أتاح لها الفرصة الانفراد "بنهى " لتفرغ غضبها بها وقفت امامها لتقطع عليها الطريق مسنده يدها لحافة الباب ونظراتها المحتده تشملها من أول رأسها حتى أخمص قدمها ،صرت" نهى "على أسنانها وهمت لتجاهلها
لكن "صبا"دفعتها لتعيدها للدخل ثم إحتدت نظراتها أكثر لتقول بحنق واضح:
- إنتى أهلك ما علموكيش ماتأخديش حاجه مش ليكى
استفزت "نهي" واخرجتها عن طورها لترد بضيق:
- اهلى أنا ولا أهلك إنتى مش لسة ناسبة صنية المكرونه لنفسك.
اطاحت برأسها بملل وهى تهتف :
-شوفى انا بتكلم فى اية وانتى بتكلمى فى إيه !
عادت نظرتها للحده لتسترسل بغضب:
-إسمعي الكلمتين دول وحطيهم فى رأسك زيد ليا أنا لوحدى مافي ست فى الكون كلوا هتملي مكاني وانتى رجلك مش هتحط فى البيت دا طول ما أنا عايشه على وش الدنيا حتى لو حكمت أصور قتيل
إذرئت "نهى" ريقها بقلق طريقة إلقائها كلماتها وثقتها التى تملئها أخافتها رغم صغر سنها لكنها لم تستطيع تحملها وايضا لن تجرأ على إفراغ غضبها بها حتى لا تكون هى الضحيه وتخسر زيد للابد ،ما كان منها إلا أن جذبتها بقسوة وسحقت كلماتها وهى تقول:
- طالما كدا يبقى استعدى تخسري كل حاجه وانا حط رجلى هنا سواء كنتى عايشه أو ميته
دفعتها بنفس القوة وتجاوزتها ،أطبقت فمها بضيق ومعها اعينها لقد ظنت انها قد تخيفها لكن يبدو أنها اقوي مما تخيلتها .
"فى السيارة "
تركت والدتها مساحه لها لتجلس بالامام جواره وبالفعل دخلت الى جواره وإنطلقت السيارة بهم ومع صوت صرير السيارة دعس "زيد"قلب "صبا" أسفل سيارته بهذه الرحلة .
بدأت"نهي"الحديث من طرفها لقد وضعت أمر زيجتها من "زيد" أمر كالحياة والموت :
- عرفتوا سبب حريق المخزن يا زيد
زفر انفاسه المتعبه لقد عاد الهم الذي يحاول نسيانه ،أجاب اخيرا بعدما طال صمته:
- لسه ،جدى بلغ فى القسم وفى انتظار التحريات
تحدثت "نهي" برويه وقلبها يعتصر:
- حالك مش عاجبني يا زيد من وقت الجوازه دى وانت فى مشاكل مالهاش آخر
أجفل قبل أن يرد على كلامها الذي ليس له معنى :
-ما تخلطيش الأمور ببعضها يا نهى
نظرت باتجاهه بلهفه ،كانت تشتاق لنطق إسمها بين شفاه لتضمن وجودها بالحياة سألته سؤال قاتل:
- زيد هو أنا ليا مكان فى قلبك وحياتك ولا وجودى هيكون عشان خاطر مريم وبس ؟
حاول إخفاء توتره من هذا السؤال التوتر سيكون إجابة واضحة تجرح مشاعرها وكونه عان كثيرا من الظلم لا يريد ظلمها أكثر يكفي ما رأته من" صبا "ومحاولة إغاظتها رغم علمه بالحقيقة ودرايته السابقة بإشادة الكل بمهارتها فى الطبخ ،هتف مجيبا وهو ينظر أمامه :
- لو انا مش عايز أتجوزك ماحدش هيغصبنى مش عايزاسمع السؤال دا تانى وخليكى عارفه إنك مش هتنقصي عن صبا فشئ كل اللى هتاخده ليكى زيه
ماتستعجليش
يعرف أنه لن ينفذ وهذا يؤرقه يشعر وكأنه بهلوان يمشي على الحبل ويمسك العصا من المنتصف كان أكثر المظلومين وأكثرهم حبا فى العدل.
كلامه أثلج صدر والدتها التى تجلس بالخلف لتستمع كل حرف وتحلل موقف إبنتها أرضاها جدا حديث زيد لكن إبنتها عادت تتحدث بحزن وتأثر:
-لو سألت تانى إعرف إنك إنت اللى مقصر لحد دلوقتي انا ماليش وجود رسمى بينكم ولحد دلوقتي صبا هى اللى موجوده وانا ماليش وجود نفسي أحس إحساس واحد من اللى هى حست بيهم وهى معاك أقلهم الامان ،وإنك مش هتسبنى
اوقف سيارته أمام منزلهم وظل يحدق أمامه وعين نهى ترصده لتستخرج منه كلمه واحده تروى ظمها العتيق هى إنتظرته طويلا لكنه لم يأتى وعندما أتى أتى بيد أخري ليضعها بين نارين مأزق قبوله لانها إنتظارته أو رفضه وخسارة وقتها الذي أهدرته ،ليطفى هذا بكلمة واحدة الآن كلمة تطيب خاطرها الذي قضي عليه ،جاهد الابتسام وهو يلتف إليها وهتف محاولا الإمساك بذكري جيده لها إكراماً لزوجته السالفه:
- زى ما انتى شايفه الظروف مش سامحه بأى حاجه ومع ذلك احب أطمنك انتى مش سد خانه ولا حاجه انتى قدرى الاول بس قولتلك ما تستعجليش كل حاجه هتيجى فى وقتها .
إبتسمت براحه فالقليل منه يسعدها برضاء تام استقبلت حديثه وقدرت موقفه فتنحت عن السيارة وهى تقول بحماس:
-هكلمك فى التليفون وأطمن عليك إبقى رد .
أومئ بالموافقة وجاهد ليحافظ على ابتسامته التى إتخذها مع أخر كلمه قالها،انطلقت نحو منزلها وبقيت والدتها بالسيارة لتتولى هى حديثه قائله:
- زيد الله يجبر بخاطرك يا إبنى راعى مشاعرها نهى بقالها كتير مرهونه على اسمك ما تضيعهاش منى زى أختها .
اختها النصل العالق في قلبه لم ينكر أن "غاليه" اخذت جزء من روحه برحيلها يؤلمه ان الجميع يتهمه بالتسبب فى قتلها وهو أيضاً يضع جزء على عاتقه من هذا ،وتنبيه "والدتها" بهذا يعنى انه سيدمر أختا لها ولن يرد كل ما فعلته لأجله بهذا الرفض القاطع لاختها ،أجابها وقلبه يتمزق:
-ما تقليش هتفرحى بيها قريب .
ابتسمت "مروة"بسعاده داعيه ربها :
-يارب
نزلت عن السيارة وتركته يموج مع ذكراياته القديمه إنطلق
يقبض على المقود بقوة وكأنه يعتصر ذكراياته
"بالماضي"
فتح عيناه وسمع صوتها تأن بجواره فى السيارة لم يكن يقوى على الحركة لمد يده نحوها فى وسط هذه الفوضى التى حولهم ولا يذكر كيف إنفلت عقال سيارته لتنقلب رأسا على عقب جاهد لمسك يدها لتسأله "غاليه "بصوت منهك:
-إنت كويس ؟
ابتسم لها برغم حالته المزريه وبأنفاس متقطعه قال:
-إنتى ما بتفكريش فى نفسك أبدا
ارخت جفناه عن عينها الخضراء وهى تهتف بتعب :
-مش مهم أنا المهم إنت واللى فى بطنى
عندها إستجمع قواه ليخرج من سيارته لقد بات الوضع خطير مهما كان متعب فبالتأكيد هى فى خطر دفع الباب
عدة مرات ليخرج اخيرا لكن قدمه المجروحه بشدة لم تسعفه بالركض تجاهها فزحف تجاهها بما تبقى له من قوة عليه إخراجها من السيارة ومحاولة إسعافها فالطريق خالى
تماما من الماره الذين قد يكون لهم دور بالمساعدة ،وصل إليها وفتح باب السيارة من جانبها وسحبها برفق اليه ،تدمرت سيارته لكن لا يهم المهم أنه نجى هو وهي من الموت المحقق اسندها الى قدمه واخرج هاتفه ليطلب الاسعاف تحدثت هى محاولة لمس وجنته القريبه:
-زيد خلى بالك من مريم
امسك بوجنتها ليقول بجديه:
-ما تقوليش كدا إنتى كويسه مافكيش حاجه هتعيشي وتربيها معايا
ابتسمت له رغم وجهها الملطخ بالدماء:
- ربنا ياخد من عمرى ويديلك
صاح بها :
-ما تقوليش كدا
هتفت بإعتراض رغم حالتها المتعبه:
- وانا عمرى هعمل بيه إيه من غيرك
صوت سارينه الاسعاف قاطع حديثهم لينتقل المشهد هذا الى آخر انفصل الاثنان لكلا منهم حالة مختلفه زيد كسور وكدمات وهى نزيف حاد لكن لازالت محافظه على وعيها ولديها من الجهد والطاقة لتعترض امام والديها وأخيها :
-مش هدخل العمليات غير لما أطمن على زيد
صاح بها اخيها ياسر محتدا:
-يا بنتى قولتلك كويس بيعمل اشاعه على رجله وكويس
ظلت على نفس اعتراضها مانعة الكل من التعامل معها إصرار وتعند مع الجميع ،رغم نزيفها المتواصل لا تهتم بأحد سوى سلامة زيد إعتقادها الكامل بأن كل شئ يعوض إلا هو خرج "ياسر"وإتجه الى حيث تواجد زيد ليرجوه بشده الاسراع فى إقناع "غالية"بالدخول الى غرفة العمليات وبالفعل هم بالتحرك لكن الطبيب الذي يجهز لتضميده منعه قائلا:
- ما ينفعش تمشي على رجلك عندك كسر لازم يتجبس
لو مشيت دلوقتى هيحصلك مضاعفات
رغم تحذير الطبيب لم يتأخر زيد فى تلبية طلب زوجته هتف باصرار:
-هروح على كرسي بعجل
أجاب الطبيب الذي كان بدأ فى تجهيز الجبس :
-طيب نجبسك الاول وروح
تدخل "ياسر" باندفاع:
-يا دكتور اختى فى حالة خطرة ومش راضيه تدخل العمليات من غير ما تطمن عليه
هتف زيد :
-من فضلك اطلبلنا كرسي متحرك
انصاع الطبيب لتنفيذ الطلب مندهشا من هذا الارتباط القوى الذي يربط بين حالتين أسوء من بعضهم فى الاصابات .
تحرك الى زوجته وياسر يدفعه بسرعه فى الممر يحدثه بعصبيه وقلق:
- الغبية دى هتموت نفسها ،ازاى الحادثة حصلت قولى
اجابه زيد الذي إمتلي قلبه بالتوتر والقلق:
- الفرامل ما كانش في فرامل
اذدادت سرعه ياسر وهو يقول :
- انا خايف يحصلها حاجه بسبب النزيف
قلقه كان يتشاركه معه زيد لكنه كان صامت مترقب لحظة الوصول إليها ،اخيرا وصل لكنها بات خائرة القوى ساقطه فى أحد الزوايا على ركبتيه حولها بركه من الدماء تنتظر حضوره دون السماع لأحد مما يدعوها للانقاذها وإسعافها
فور رؤيتها نهض من كرسيه ليسقط الى جوارها هاتفا بإستنكار:
- لي عملتى كدا ؟
رفعت وجهها تجاه وابتسمت تحسست جسده برفق وسألته:
-إنت كويس مش كدا ؟
اجابها مغتصبا ابتسامه على شفاه ممتلئه بالحزن:
-انا اهم حاجه عندى سلامتك
هتفت براحه وهى تستعد للنهوض:
- انا ما كنتش عايزه أدخل جوه غير وانا مطمنه عليك
اجفل وهو يري حالتها تسؤء،وقال متأثراً:
- كنتى هضيعى نفسك عشانى
لم تكترث بشئ ولا حتى بحياتها يكفى ان يكون وجهه هو آخر ما تراه من الدنيا تحدثت بابتسامه راضيه :
- انا مش عايزه من الدنيا كلها غير سلامتك إنت رغم إنى عارفه إنك ما حبتنيش لكن كفاية أنا حبيتك ويارب اكون كفيتك بحبى ومسامحنى
اتسعت عيناه مما تقول بدى مصدوما من جملتها الأخيرة لم يظهر ابدا طيلة حياته معها الكره ولم يذكر أنه عاملها بسؤء فكيف عرفت أن قلبه لم يكن معها قال بصدمه:
- ازاى تقولى كدا هو انا قصرت معاكى فى حاجه
اجابته نافيه :
-عمرك ما قصرت أنا اللى كنت بحبك بزيادة عشان كدا كنت حاسة بقلبك وانى ام بنتك وبس خلى بالك من مريم وإوعى تنسانى وسامحنى لو كنت أنانيه فى حبى ليك
لم يجد سوي كلمه واحده كى ينهى هذا الوقوف ويساعدها للرحيل لغرفة العمليات قالها بهدوء :
-مسامحك
نظرات ياسر المحتقنه وعينه الممتلئة بالبكاء تراقب ما يحدث بألم أخته كانت ضحية عشقها رغم درايتها الكاملة أن زيجاتهم كانت عاديه وأن زيد تقدم لها دون رغبه من جانبه فى الزواج إلا أنها تفانت واعطته كل ما لديها من حب بل أغدقت بمشاعرها
حتى أنها نسيت نفسها وظلت تنتظره حتى اوشكت على الموت ،دخلت غرفة العمليات وقلب كلا منهم واجف "زيد"يلوم نفسه أنه لم يحب أكثر شخص أحبه كما يجب لكن القلوب لم يكن أبدا مفتاحها العقول فكم من قلب عشق من يؤذيه ومن لا يحبه مهما نفي العقل هذا وإستنكره وما سميت قلوب إلا لكثرة تقلبها ،من هذه اللحظه قرر "زيد" حب "غاليه " كما يجب منحها ما تستحقه حتى لو إنتزع قلبه وأرغمه على فعل هذا ،لكن فات الآون رحلت "غاليه"وتركته بجروحه ماضيا بخط يده على ورقة تحمله المسؤلية الكاملة عن حياتها التى إنتهت بغرفة العمليات محمله إياه ذنب كبير على عاتقه و يده تملئ بالدماء بينما قلبه أغلق نوافذ النور وبقى فى ظلام سرمدى .
""عوده""
أوقف سيارته فجأه بعنف امام مكتب جده وجهه محتقن من توارد ذكرياته المؤلمه وقلبه متأزم من هذا الانفصال الذي يخنقه سحب أنفاسه تعبا وغادر سيارته
دخل الى جده فى مكتبه فوبخه بحنق :
-كل دا تأخير كنت تعالى بكرا
تقدم دون ان يغضب لتوبيخه وجلس فى مقابله مقدما أوراقا على سطح مكتبه ،عاينه "فايز"بدقه متعجباً من حالته ازاح من امامه الاوراق وهو يقول:
- سيبك من دا كدا كدا اصحاب الورق مشيوا،انت مالك فيك إيه؟
نفض رأسه مع حركه بسيطه من يده وأجاب:
-مافيش حاجه
ظل "فايز"يحدق به منتظرا إجابه صادقه لكن زيد ظل شاردا لا يجيب ولا حتى يلاحظ تحديقه به ،كرر فايز سؤاله لكن بشكل هادئ :
-هتخبى عليا دا انا اللى مربيك
اخيرا نظر بإتجاه ليريه ما الحال الذي يرفض الحديث عنه
لم يحتاج "فايز" لتفسير "زيد " لن يكون فى مثل هذه الحالة إلا لزيارة الذكرياته المؤلمه وحياته التى تمتلئ بالالم ،عقد حاجبيه وسأله مستنكر بغضب:
-مين قلب عليك المواجع ؟
اجابه" زيد "مهموما وهو يميل للامام مسندا رأسه الى يده بتعب :
- الماضي مش عايز تقليب
ينكسر قلب "فايز"عندما يرأي حفيده بهذه الحالة يحزن بشده على حياته التى قضاها يتعذب فقط دون فرح ،بداية من حرمانه والده إلى فقدان زوجته وحتى عندما شرع فى بدأ حياة جديدة إنقلبت من بدايتها لكوارث وعقبات يصعب تخطيها ،تحدث "جده"مواسيا إياه :
- انا سيبت عماد وحسين فى القسم يتابعوا المحضر وبلال ويحيي عند ونيسه روح إنت إرتاح وما تشغلش بالك بحاجه كل حاجه هتبقى تمام
مط شفاه مبتسما ومداعبا إياه:
-شوف عروستك اللى حظها مغفلج زى حظك دى
رفع وجهه عن يداه لكنه ظل مستندا إلى كفيه وهتف بصوت منهك:
- بتجوزهالى ليه؟
ضيق الجد أحد عيناه واجاب بمكر :
- عارف مصلحتك
قال كلمته ونهض من مكانه وهو يحسه بالقول:
-قوم بينا نروح ناكل لقمه ونريح ان شاء الله تدبر تبات نار تصبح رماد ليها رب إسمه الكريم
فى مكان مظلم موحش كوحشة أفعال صانعيه والمتردين عليه تقدمت بثينه ومها لإرتكاب اكبر الكبائر آلا وهى الشرك بالله وإنطبقت عليهم الآيه "نسوا الله فأنساهم أنفسهم" ولم يعوا قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ» رواه البزار بإسناد حسن، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إتيانَ هؤلاء وتصديقَهم مانعًا من قبول العمل فقال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» رواه مسلم عن بعض أزواج النبي.
وانجرفوا نحو نفوسهم المريضه وغرقوا فى سواد قلوبهم وحقدهم .
جلسوا أمامه وناولته "بثينه"السلسال حركها بين يده بأطراف اصابعه وأجفل وهو يقرأ بعض التمائم دون صوت واضح ،زاد توترهم وهم جالسون أمامهم وتبادل النظرات
بشك هدر أخيراً بعدما فتح عيناه ونظراته تمتلئ بالشر:
-عايزنها تموت زى امها بالمرض ولا...
قاطعته "بثينه"سريعا:
-لاء ،،مش عايزين نعذبها عايزين نريحها على طول
تحدث بثقه :
- أسبوع واحد هتعب وتأذي وآخر الاسبوع وهتكون قتلت نفسها
إذدرئت" مها "ريقها بخوف نعم تكرها لكن أمر موتها السريع زاد من فزعها تحدثت متوتره :
-انت بتهزر معقول دا هيحصل
تحولت نظرته الخبيثه لشر وهو يقول مزمجرا:
-إنتى جايه لترزى يا ست إنتى أنا بشتغل مع أسيادك
تدخلت "بثينه"وهدرت بفزع:
- بسم الله دستور لاسيادنا ،ما تقصدش يا شيخ
لم يرضيه هذا الحديث فاجفل قليلا وكأنه يستدعى شخصا خفى وعلى فجأة فتح عينه ليسألها بإبتسامه خبيثه:
- أخوكى رشدي عينوا منها مش كدا
إنتفضت وكأنما لدغها عقرب وضمت يدها إلى صدرها خوفا من أن يفضح أى شئ آخر ،نظرت "بثينه"تجاهها وعينها مترقبه فزعها الذي أثبت صحة ما قاله، وجدت نفسها تهتف متوتره:
-انت عرفت ازاى؟
بالنسبه للخبيث كان مستمتعا بحالتها الفزعه بعد الانكار والتقليل من شأنه رمقها بدهاءواجاب:
- ما تسألينيش عرفت إزاى إسائلينى اقدر أعملوا إزاى
تدفعى كام وأخليها تروحلوا قبل ما تخرج م الدنيا.
وصل كلا من زيد وفايز الى القصر ،وتولت "صبا"مهمه غرف الطعام تنظيم السفره لهم بما أنها الوحيدة التى بقيت فى القصر
كان "زيد" يجلس ويداعب "مريم" بحب ومرح وتتحدث اليه بشأن قطتها بثرثرة وحماس:
-قطة صبا قطتى حلوة القطه تقول كدا نيو نيو وتجري
كدا وانا اجرى وراها وتاكل حته وتجري حبه صبا قطه حلوة وتعمل كدا
دارت حول نفسها وهى تقلد قتطها ضحكتها الرنانه غطت على صمت البيت الموحش بعد فراغ أهله ،استرسلت
و"صبا" تغدوا وتروح من المطبخ الى السفره:
-قطتى تاكل هم ونعمل عيد ميلاد ليها
برغم ابتسامات "زيد"المتكرره لها إلا انه لم يكن فى مزاج جيد لهذا الصخب والضجيج الذي تحدثه "مريم"أشار بإتجاه المطبخ قائلا:
-يلا إجري خلى صبا تأكل قطتك
سمعتهم "صبا"وصاحت معترضه:
- لاااا انا تعبت رايح جاي تعال إنت شيل معايا الاطباق
نهض من جلسته وهو يقول :
-لو ع الشيل أشيل بس أترحم من الصداع اللى عملتهولى مريم
تبعته مريم ولازالت على نفس حالتها الجائعه الكلام:
- أكل قطتى قطتتى جعانه
إبتسمت " صبا" وهى وتمد يدها لتأخذها معها نحو المطبخ والى جوارها زيد كان الامر ممتع مشاركته معها فى تحضير الطعام ،طلبت منه بتهذيب:
-ممكن تجبلى الاطباق من الدولاب اللى فوق
وقف أمام الطاوله المتوسطه المطبخ وسألها واحد حاجبيه مرفوع:
-وإنتى ما تجبيهاش ليه ؟
رفعت كتفها وأجابته دون تعقيد:
- مش هطول
هتف مستمرا فى عناده :
-أقفى على حاجه وهاتى لنفسك
وضعت يدها فى جانبيها وتحدثت بعناد مماثل:
-واقف لى على حاجه ما انا عندى واحد طول بعرض اهو ما أستفتدش انا منه مثلا
دوما تدفعه للتهور وتنبش فى ثنايا تعقله لتخرج جنونه ،تحرك صوبها وهو يقول بهدوء خطر:
- لأ إزاى لازم أفيدك ،أنا كدا كدا جاى عشان أشيل فهشيلك
تراجعت ولوحت بالمعلقة الكبيرة المخصصه لغرف الشوربه محذره إياه من التنفيذ:
- إياك
وعندما لاحظت تجاهله تحذيرها قررت تفاديه والهرب من امامه وهى تهتف :
- زيد بلاش جنان
أخيراً قبض على خصرها ليرفعها عن الأرض وهو يقول بإنتصار :
-بذمتك هو الجنان يتقلوا الاء..