قصة خداع قاسي
البارت الخامس عشر 15
بقلم ديانا ماريا
بقى أمجد في انتظار الرد بفارغ الصبر يحدق إلى داليا التي كانت تتمزق من الحيرة حتى في النهاية قالت بصوت منخفض: لو سمحت يا بابا ممكن تسيبني هنا مع ماما شوية؟ أنا عايزة أقعد معاها.
اتسعت عيونه بعدم تصديق وتنقلت نظراته بين داليا وحسناء التي ترمقه بانتصار خبيث.
ردد بدهشة: تقعدي معاها؟ يعني مش هتيجي معايا يا داليا؟
دمعت عيناها وهي ترى الألم في عينيه ولكن أجابت: أنت عارف يا بابا ماما وحشتني أوي وماصدقت لقيتها.
صمت أمجد يناظرها بألم ممزوج بخيبة الأمل حتى قال بحدة: مينفعش تفضلي هنا يا داليا لازم تيجي معايا، الكلام ده لمصلحتك!
هزت رأسها بالنفي: لا أنا مصلحتي أفضل مع ماما.
ثم تابعت باستياء حتى يدرك ما تريده: أنا مليش مكان معاك ومع مراتك يا بابا.
رفع حاجبه وكأنه فهم أخيرا ما كان يحدث ثم ابتسم بسخرية: ملكيش مكان ولا عايزة تفضي المكان لحد تاني؟
قولي لي يا داليا هي علياء كانت ضربتك ولا أنتِ اللي عملتي كدة في نفسك؟
احمر وجه داليا من الخجل فقال بتوبيخ: عمري ماكنت أتخيل يطلع منك كل ده أبدا! رغم أني عارف أنه فيه حاجة غلط بس فضلت اكدب نفسي بدل ما تطلع بنتي هي اللي كدابة!
نظرت داليا للأرض بينما قالت حسناء بتعالي: أنت جاي هنا علشان تهزأها؟ أنت كنت مستني إجابة وسمعتها يلا اتفضل.
نظر لها بقسوة أخرستها فعاد يحدث داليا:ياترى كنتِ بتعملي كل ده من دماغك ولا تنفيذ أوامر؟
لم تجب رغم أنه توقع الإجابة مسبقًا فتنهد بيأس ثم استدار وغادر فأسرعت حسناء لتغلق الباب ورائه بقوة.
انهارت داليا من البكاء وهي تجلس على الأرض فنظرت لها حسناء بانزعاج: بتعيطي ليه دلوقتي؟
رفعت داليا وجهها الباكي بحزن: أنتِ مش شايفة بابا ماشي زعلان إزاي يا ماما؟ أنا حاسة أني اتسرعت وغلطت.
جلست بجانبها تعاتبها بلوم مزيف: غلطتي أنك اخترتي أمك يا داليا؟
هزت رأسها نافية وأجابت بألم: لا بس ليه لازم أختار حد منكم؟ كان صعب عليا مختاروش.
ضمتها حسناء بتعاطف وعينيها تلمع بالمكر: ده لازم يحصل يا حبيبتي متزعليش بكرة كل حاجة تتصلح.
إلا أن داليا لم تتوقف عن البكاء وآخر لقطة لانكسار والدها قبل أن يغادر لا تذهب من عقلها.
حين سمعت علياء صوت الباب خرجت من الغرفة على الفور لتتوقف حين رأت أمجد يتقدم بخطوات متثاقلة حتى جلس على الأريكة بتعب.
أسرعت إليه تسأله بقلق وهي تضع يدها على كتفه: إيه اللي حصل يا أمجد؟ طمني.
أرجع رأسه إلى الوراء مغمض العينين وهو يعض على شفتيه فقالت بإصرار: حصل إيه هناك؟
أدار وجهه إليها فصُدمت لرؤية الدموع المتجمعة في عينيه فقالت بلهفة: أمجد! مالك؟
ازدرد ريقه بصعوبة ورد بصوت مبحوح: مش...مش قادر أتكلم.
حدق في عيونها مباشرة قائلًا برجاء: أنا محتاج لك أوي يا علياء، بالله عليكِ متسبنيش.
ضمته إلى صدرها على بقوة وهي تمسح على شعره بحنان بتمسك أمجد بها يغمض عينيه ناشدًا بعض الراحة من كل تلك الهموم حتى انحدرت دمعة من عينه بينما يسقط في النوم من شدة التعب.
لم تتوقف داليا عن البكاء طوال اليوم واستغربت موقف والدتها فهي منذ عادت لغرفتها لم تأتي لتطمئن عليها ولو لمرة واحدة!
حين حل الليل تذكرت أنها لم تأكل منذ الصباح فنهضت بجوع حتى ترى إذا كانت والدتها أعدت الطعام وبعد بحث سريع، دُهشت حين رأت أن والدتها ليست متواجدة في الشقة من الأساس.
قطبت بحيرة فأين يمكن أن تكون ذهبت دون أن تخبرها وتتركها وحدها؟
فكرت أنها ربما ذهبت لتحضر بعض الحاجيات وستعود بسرعة لذلك ذهبت للمطبخ فلم تجد طعام، فتوجهت للثلاجة وكان ذهولها كبيرًا حين وجدت أنها شبه فارغة ولا يوجد ما يصلح للأكل فعليا.
وقفت مكانها بحيرة تحدث نفسها: يمكن ماما راحت تجيب حاجة نأكلها؟ بس ليه مقالتش ليا!
تحولت في الشقة بملل ثم جلست تنتظر عودتها بفارغ الصبر لأنها لم تكن تشعر بالراحة لجلوسها وحيدة حتى دق جرس الباب فنهضت بسرعة لتفتحه غافلة عن أنه من المفترض والدتها تمتلك مفتاح.
فتحته ثم توقفت مكانها حين وجدت أن من أمامها ليس والدتها بل رجل غريب ينظر إليها بطريقة غير مريحة.
ابتسم بخبث: ماما هنا يا حلوة؟
شعرت داليا ببعض الرهبة وعدم الارتياح منه ومن مظهره فقالت بخوف: أنت مين؟...