قصة عشقت امرأة خطرة
البارت التاسع 9
بقلم ياسمينا احمد
عادت "صبا" إلى القصر معها الكثير من الحقائب لم تجد من "زيد" أى تسليه طوال الطريق فهو على مدار الساعه
ونصف التى قضتها فى الطريق صامت وممل لأقصى درجه ولا تعرف كيف لشخص يصمت كل هذه المده ولا يجن
فتحت باب السياره لتتحرر منه وقفت لتتنفس الهواء المنعش لثوان وجدته يقف بجوارها ويهتف دون أن ينظر بإتجاهها :
_ ياريت ما نشوفش لبس المصايف بتاعك تانى
لم تنظر تجاه هى الآخرى إكتفت بتحريك نظرها إلى جانبها وقررت تجاهل حديثه يبدو أنه لم يلاحظ ركض
"مريم " فى الحديقه بإتجاهم فهرولت "صبا " من قبله لتقبلها بمحبه وحماس ،حملتها عن الارض ودارت
بها فى الهواء بات هذه الطفله جزء من مسؤليتها خاصتا بعد شكها فى "زيد" ونيته فى البقاء عاكفا على تربيتها
هتفت بسعاده :
_ دا انا جبتك حاجات تحفه
إصتدمت ب"زيد" أثناء دورانها فأجفل يقاوم غضبه منها دوما متهوره لا تحسب أى تصرف قبل أن تفعله فدوما عواقبها
كارثيه ،كإصتدمها الآن فى وسط صدره واستمرارها بالثبات حتى الآن اخيرا إنتبهت حتى إبتعدت لتعتذر عندما لاحظت فى عينه وتهويله للامر :
_ أسفه
مد يده ليخطف "مريم " من احضانها قائلا بزنق :
_ هاتى مريم
فتراجعت لتمنعه من هذا هاتفه :
_ سبها معايا عايزه اوريها الحاجات إللى جبتها
أصر على موقفه ومد يده يخطفها عنوه هادرا بعصبيه :
_ بعدين انا عايز ارتاح
أفسد مزاجها بحرمانها من "مريم" وانصرف ،صعدت من ورائه نحو غرفتها أو سجنها الذى فرض
عليها مؤخرا
فى الجانب الآخر
فى طرف الحديقه كانت تجلس "ونيسه" و"بثينه" يتابعان الموقف بدقه و إستنكرت "بثينه"
هدوء "ونيسه" وهى تتابع الموقف وكذالك عدم إعتراضها على خروج الاثنان معا فخرجت
عن صمتها موبخه إياها :
_ إنتى قاعده كدا ولا على بالك إزاى مش خايفه على زيد من الاعيب المسخوطه دى
إنتى مش عارفه سحر بشرى
ظلت "ونيسه" هادئه وهى تضع اطراف اصابعها على وجنتها وتجيبها بهدوء :
_ مش على "زيد" لو عملت ايه" زيد" عمروا ما هيبصلها
صاحت "بثينه" بإعتراض :
_ يا شيخه وهى بشرى كانت دخلت وسطينا إزاى ؟
زفرت "ونيسه" وهى ترد عليها دون حفاوه :
_ زيد ما عندوش قلب اصلا وعمروا ما هيفكر فى اى حاجه من ناحيتها وحتى لو فكر
مش هيقول عشان جده ما يحكمش عليه يتجوز نهى إبنى وانا عارفاه
نهضت "بثينه" من جوارها وهى تقول بنفاذ صبر :
_ على راحتك عموما حطى عينك عليها كويس وانا بكرا هكلم ابويا أخدها عندى شويه
هتفت الأخرى بحماس :
_ تبقى عملتى معروف
بعد ما فعله "فايز" مع "صبا" وكتابة أملاك خاصه به لها بات تخاف وجودها بينهم أكثر من ذلك
"فى المزرعه "
هذه مزرعه "المواشى الكبرى " الخاصه بجده أرض واسعه نائيه تبتعد عن المدينه بمسافه شاسعه
وجود أى شخص معتاد على العيش فى المدينه يعتبر أكبر عقاب له لاقيمه للهواتف لأنعدام الشبكه
تماما المياه المعتمده غير نظيفه لا شئ سوى الحيوانات لا يوجد سوى العمل الشاق كعقاب قاسى
ومهين لشاب كان يعيش حياة كريمه ولديه كل سبل الراحه.
وصل "عماد" لولده بعد قيادت ساعات كان فى حاله يرثى لها وفور سماعه الى صوت محرك سيارته
ركض بإتجاه غير مصدقا حضوره تحرك والده هو الاخر نحوه فتح ذراعيه المحمله بالاكياس إنزعج من
رؤيته فى هذه الحاله كالجرو الجرب، ليهتف محاولا الابتسام :
ـ وحشتنى يا واد
احتضنه "بلال" وانهار فى البكاء عندها تمالك والده اعصابه من الانجراف فى البكاء معه وهتف مستنكرا :
ـ اجمد كدا يا بلال فى ايه انت راجل ياد قدها وقدود
ابتعد عنه "بلال" ليهدر ببكاء :
ـ يرضيك رميتى كدا يا بابا انتوا ناوين تسيبونى كدا لحد امته
زم "عماد" شفاه بضجر فهو لا يعرف موعد ليعده به لكنه كان يملك من الحيل الخبيثه التى قد تنجد ولده من كل
هذا الضياع ،هدئه قائلا :
ـ تعال بس نقعد وشوف جبتلك إيه ونولع نار عشان الناموس ونتكلم
انصاع "عماد" غيره أنه كان زاهد فيما يقدمه والده جلس معه حول النار وبدأ "عماد"يسأله :
ـ قولى بقى بس إياك تخبى عنى إنت كنت قاصد اللى عملته مع بت عمك
اشاح"بلال" وجه عنه واستعد للكذب قائلا بلسان ثقيل :
ـ لاء انا كنت عايزاخدها بس عشان تشم هواء و.........
ـ قولتلك ما تكذبش لو عايز تطلع من هنا ما تكذبش عليا
هكذا قاطعه "عماد" محذرا فعاد إلى رشده يخبره بنبره حزينه تشبه البكاء :
ـ اه كنت قاصد إن البلد تشوفنى معاه اشمعنا يعنى زيد اللى الكل مهتم بيه اشمعنا هو
اللى الكل مركز معاه عملت كدا وشوفت فى عيون الناس اللى عايز اشوفه شفت ندم إنهم
ماعملوليش حساب قبل كدا
زفر "عماد " انفاسه وتأكد أن والده لم يمر عليه فعلته دون عقاب ولم يرمى به هنا دون سبب واضح
لقد رأى ما لم يتوقعه من إبنه، سكت قليلا حتى اثار قلق "بلال" فتسائل :
ـ إيه يا بابا مالهاش حل ؟
نظر إليه "عماد" وقد إتضح على وجه الغموض حتى بدى ل"بلال "أنه لا نجاه من هذا فتسأل :
ـ هفضل هنا كتير ؟
نبث فم "عماد"بإبتسامه خبيثه وهو يخبره :
ـ لاء ,,, لو سمعت كلامى صدقنى هتخرج من هنا معايا الصبح
لمعت عين "بلال" ببرييق وتلهف كان على أتم الاستعداد لعمل أى شئ حتى لو كانت جريمه للخروج
من هذا المكان الموحش.
"مضت اليله "
وأصرت "صبا" على عدم فتح أى شئ غير بوجود "مريم " إستيقظت فى الصباح لتبدأ
استعداتها اليوميه فى التزين والتعطر وإستخدم بعض أدوت التجميل الخاصه بها لم تغفل
عن استخدم بعض الزينه والعطور المناسبه لعبايات إن كان هذا مفروض عليها فستفعله بطريقتها
الخاصه وستبدع فى الحفاظ على مظهرها الذى تهتم به بشده إرتدت عبايه سوداء وغطاء رأس من نفس
اللون وتركته مفتوحا قليلا عن عنقها كى يبدوا انيقا مع ما ترتديه وزينت ذراعيها بالاكسوار الذهبى
وكذالك عنقها بعقد قصير مزخرف لعمله قديمه كان مبدأها الاساسى الذى إعتمدت عليه "أن تبدع فيما
تجبرعليه" وبما أنها تجد متعتها فى إبراز جمالها وزياده جذبيتها فلن يردعها السواد او عبايه فضفاضه فهى
ستصبح جميله فى أى وقت وبأى شكل فهى من تجمل الاشياء ،الأشياء لا تضيف لها شئ بل هى من تضيف
تطلعت إلى نفسها فى المرآه لم تألف شكلها الجديد لكن كان عليها أن تتأقلم بما يرضيها .
خرجت من غرفتها للتوجه نحو غرفة "زيد" قاصده "مريم" فهى متشوقه لرؤيتها وفتح ما اشتراته معها كما أنها
تريد ان تجربه كل ما إنتقته لها وفى أثناء مرورها من الطرقه المؤديه إلى وجهتها تقابلت مع "يحيى" الذى رمقها
بحنق وسرعان ما أشاح وجه عنها وتجاهلها تماما ضمت حاجبيه وسألته عندما إقترب منها متخذا وجهته المعاكسه
ـ فى ايه يا يحيى ماشى كدا ولا كأنك شفتنى ؟
نظر لها بحنق وقرر تجاهلها لكنها وقفت بوجه من جديد لتكرر سؤلها :
ـ انت زعلان منى بجد بقى مالك ؟
استمرارها بالوقوف امامه جعله يفجر غضبه الكامن منها من وقت غياب "بلال" عن المنزل
فصاح بها :
ـ انتى اللى مالك عايزه إيه ؟ إنتى جايه تنتقمى مننا واحد واحد ولا ايه ؟
تعجبت من حديثه وهتفت منزعجه دون فهم :
ـ اي اللى بتقوله دا ؟ هو....
ـ اللى بقوله دا هو الحقيقه بعد ما "جدو" طرد "بلال" من البيت بسببك اكيد جايه تعملى مشكله معايا
انا كمان عشان يطردنى انتى فعلا شر زى ما قالت أمى
هكذا قاطعها بإنفعال وشراسه وعداوة لم تكن تلاحظها من قبل همت لترد عليه بضيق من إتهامه
الغير صحيح لكنها غادرها ليزيد من حنقها مضيفا وهو يتمتم فى طريقه بصوت مسموع :
ـ يلا بقى روحى إجرى اشتكى لجدوا حربايه بصحيح
كادت تدفعه من الدرج من فرط العصبيه لم تكن مسالمه بالقدر الذى يسمح لها بتجاهل
أى إهانه لها كانت تفتقر للهدوء والثبات وتحمل تقلبات مزاج الغير تغيرهم المفاجئ
ركلت الارض من تحتها و هى تقول :
ـ إلهى تتحرق إنت وأمك و لا أقولك يحرق البيت باللى فيه
تحركت نحو وجهتها الرئيسه فالتاخذ مريم وتبتعد عن هذا الدمار وصلت الى غرفته وطرقت الباب
بهدوء خشيه من وجود "زيد" بالداخل سمعت صوته ينادى :
ـ إدخل
ضغطت على المقبض بسرعه لتفاجى مريم لكن وجدته وحده يجلس على كرسي قريب من المرآه و
يميل بمنتصف جسده ليرتدى حذائه هو الآخر كان يهتم لمظهره عطره المميز لفح أنفها كنسمات البحر
الهادئه بالبدايه لم يلاحظ وجودها معه لكن هو الاخر إشتم إلى عطر ثقيل وغريب لم يعرف له صاحب
رفع رأسه ليطالع من القادم فرأها فى أبهى صورتها الفتنه هى كما يجب أن تكون حتى بعدما إرتدت الاسود
والفضفاض مغريه مُشبعه بالجمال والروعه كأنها تحفه فنيه ذات بهجه ضيق عينه وهو ينظر تجاها وسأل بجفاء:
ـ عايزه إيه ؟
إجابته بضيق من معاملته الجافه :
ـ عايزه مريم
بإقتضاب شديد اجاب :
ـ تحت
على الفور إلتفت وغادرة الغرفه دون أن ترد عليه فقد تأكدت أنها غير مرغوبه من الجميع أنها بنظرهم
روح شريره حطت على المكان يجب إزهاقها بات ترى الحقيقه بشكل واضح جدا ...
"بالاسفل "
عثرت أخيرا على ضالتها امسكت بمريم وجلست على اقرب اريكه تلاعبها وتقهقه معها
وسط ضيق ونظرات "ونيسه " التى تجلس بمقابله تشرف على مائده الافطار نظراتها تجاهها
كانت حاده دون أن تنطق ،فى حال أن "صبا" لا تلاحظ أحد ولا تهتم لأحد سوى "مريم " وكأنها
فى عالم منفصل عنها ،أمسكت بيدها تغازلها بمرح :
ـ يا جمال صوابعك المقطقطه دى عايز يتحطلها مانكير هتبقى قمر
طاف برأس "ونيسه" ذكريات عن غاليه والدة "مريم " وطباعها المتشدده فهتفت ببرود ردا على ما قالته :
ـ ما سمعتكيش غاليه ،الله يرحمها لا كانت بتاعت الوان ولا مياصه من دى
إستمعت "صبا" إلى حديثها لكنها تجاهلته وردت وهى تلطف مريم قائله بمزاح :
ـ باين عليها كانت قفل أوووى
إنفعلت "ونيسه" من إجابتها وحذرتها وهى تلاحظ "زيد" ينزل على الدرج من خلفها قائله :
ـ إياكى تغلطى فى غاليه
وقبل أن ترد "صبا" إستمعت إلى صوت "زيد" من خلفها يزمجر بصوت عالى بعنف :
ـ إوعى تتعدى حدودك تانى
نهضت من مكانها واستدارت لتواجه كان بداخلها غضب عارم من استمرار تعنيفهم لها
ونبذها باتت لا تتحمل الأمر خاصتا بعد حديث "يحيى" لها الذى لم يمر عليه ساعه فإنفجرت به
بحده ملوحه بإصباعها بوجهه مبديه غضبها العارم من الجميع :
ـ إنت اللى ما تتعاداش حدودك وصوتك ما تعليهوش ولما تحبوا تعملوا رجاله ما يبقاش على اللى منكم
لم يفهم حديثها صوتها العالى وغضبها الجنونى وهى مخطئه أعمى عيناه عن كل شئ رمقها بأعين
متسعه يموج بها غضب ثائر سيبتلعها إن لم تسكت لسانها فورا وتختفى ،لكنها كانت حمقاء غبيه
أو مجروحه ضعيفه تستخدم لسانها للعق جروحها النازفه مدعيه القوة والشجاعه أمام نظراته الشرسه
أردفت ملوحه بيدها فى الهواء :
ـ ولا هى انا واخويا على ابن عمى
فى جزء من الثانيه كانت يده تقبض على معصمها لم يضرب إمرأه قط لكن امام عنادها كان مستعد
فى لحظه تبدلت قواها لذعر وتراجعت بباقى جسدها للخلف خشية من تطاوله
رغم رضاء "ونيسه" لفعل"زيد" وتمنياتها الحاره بقسمها إلى نصفين لكنها تعرف توابع الخطأهتفت لتردعه :
ـ زيد ما تمدش إيدك عليها
لكل شئ حد إلا حدود الغضب فور الخطأ فى "غاليه" زوجته وأم إبنته خياله كان يصارعها وهو
يقترب بخطوات بطيئه دون التخلى عن يدها الذى إعتصرها بين اصابعه تراجعت أمامه بفزع
ليس فقط من نظراته وبطئ حركته المميت بل من تطاوله اكثر ما يخيف "صبا" الضرب والاهانه
الشئ الذى تهابه وضعت يدها الطليقه على وجنتها ولمعت عينها بالدموع
ظنت أن لا منقذ من براثنه ، لكن صوت "مريم " الباكى والمتشبس بصبا :
_ بابا ,,,بابا
وكأنه فاق من غمرة غضبه على صوت صغيرته الباكى افلت يدها سريعا واشاح بوجه ليمسح
جبهته وما إن أعاد النظر الى فريسته التى أراد بشده الانقضاض عليها كانت غادرت
وما سمع سوى صوت قرع خطواتها الصاعده أعلى الدرج بعدما إختطفت طفلته بين
احضانها وفرت من أمامه
ـ قولت البت دى مصيبه ما حدش صدقنى
هكذا هدرت "ونيسه " بإذدراء بكل ثقه أن "صبا" أخطر وأشرس إمرأه فى المدينه كلها لدرايتها
الكافيه بوالدتها بشرى والتى أذقتها الأمرين خلال فترة تواجدها معها بنفس المنزل
إنطلق "زيد" نحو الباب الخارجى دون أن يرد عليها كان منشغلا بتأنيب نفسه فى رغبته المنحرفه
بضربها لم يكن من قبل عدوانى لكن عندما تخطأ خطأ صغير تستفزه بشكل مضاعف
اثناء خروجه من الباب كانت "بثينه " قادمه للداخل رحبت به مهلله :
ـ زيد إزيك يا حبيبى
ايضا غادرها دون إجابه أو حتى إهتمام ولجت للداخل وهى تسأل "ونيسه" مستنكره :
ـ هو فى إيه "زيد" ماله ؟
اجابتها "ونيسه" وهى تعدل من الاطباق على طاولة الطعام :
ـ اتخانق مع المغدوره وكان هيضربها
ابتسمت "بثينه " وتسألت بفرح :
ـ وضربها ؟
زعقت بها "ونيسه" بإستهجاء :
ـ يضربها إزاى دا كان جده يطين عشتنا
اتضحح علامات الخيبه على وجه "بثينه "وقالت بتضرر:
ـ ياسلام ما امها عملت كتير حد كان كلمها
شردت "ونيسه" مستحضره بذكرتها ماضى قاتم عاشت به ظلم كبير لازالت تذوق مرارته فى حلقها
لقد خاضت حروب كثيره لم تنجو منها سوى بجسدها بينما روحها تمزقت وتناثرت بالهواء بقيت
أم لثلاثه ابناء تجاهد أن لا تخسر أيا منهم مع عائلة قاسيه وزوج اناني لا يرحم
سألت "بثينه" من جديد ،عندما طال صمتها وشرودها :
ـ وهى فين دلوقت الست ؟
انتبهت لها واجابت متعبه :
ـ فوق طلعت اوضتها
بالاعلى
هدأت "صبا" من ذعر "مريم" بالاندماج فى تفرقه مشترياتها المتعدده رغم انها كانت تلهث
من فرط الحزن تعض على اناملها لشعورها بالظلم ورغبتها الملحه بالانتقام بما أن الجميع
يراها كارثه فلتصبح ما يخافونه لعلهم يرحموها قليلا من كل هذه المعاناه تشعر انها وحش برى
هزيل لا يقوى على الطعام والكل يبرحه ضربا لإثبات انه هزم الوحش الكل يؤلمها بلا رحمه
بينما هى لم تؤذى أحد الكل ينتقم منها بطريقته ،صوت "مريم" اخرجها من ضجيج فكرها :
ـ دا ....دا
التفتت لها ومطت شفاه بابتسامه قصيره لم تصل الى قلبها وسألتها مشيره نحو احد الحقائب الورقيه
الجانبيه :
ـ دا ..ايه عايزه تفتحيه
اسرعت "مريم" بالايماء بحماس فتجاوبت معها "صبا" ومدت يدها لتفتح لها الحقيبه تركتها تعبث بها
فعثرت علىصدنوق خشبى لم تراه من قبل فتحته بفضول لترى "دميه" يدويه الصنع مظهرها يخطف الانظار
وكأنها لم تخلق للعب عاينتها بدقه وهى تتلمس خصلاتها البنيه تجاهد لتذكر إن كانت ضافتها الى مشترياتها
أو لا لكنها كانت متاكده أنها لم تراها من قبل رغم إعجابها الشديد بها وتشابها الكبير معها إلا أنها أعادتها
للصندوق الخشبى الخاص بها وهى تتمتم :
ـ خليها هنا لما ابقى اسأل زيد عليها إذا كانت بتاعته ولا السلر حطها بالغلط
إلتفت إلى "مريم" والتى امسكت بأحد منتجات تصفيف الشعر بين يديها وهتفت فى حماس :
ـ اها تعالى بقى اجربه على شعرك اكيد هيخليه تحفه
شعر "مريم" كان كثيف وملتوى بالكامل لكن بنعومه مهمل لجهل البعض بكيفيه الاعتناء بنوعه
و قررته "صبا " هو الاعتناء به .
بالاسفل
جلس الجد"فايز" على اريكته المفضله فى منتصف المنزل وسرعان ما جاورته "بثينه" لتبلغه
رغبتها ومحاولة إقناعه بها :
ـ بابا أنا عايزه "بت اخويا" تيجى تقعد معايا يومين
إندهش" فايز " من طلبها وحدق بها مليا حتى يتأكد من أنها طلبته بنفسها يعرف صراعها الطويل
مع والدتها وحقدها الدفين على "صبا" هى كانت اول من عارض حضورها ووجودها بينهم
إلتقطت دهشته هذه فبررت قائله بعد صمته الطويل :
ـ بتبصلى طدا لي ؟بنت اخويا ونفسى تقعد عندى يومين فيها حاجه دى
نفض رأسه كرد قصير على جملتها الاخيره بينما هو مازل مندهش من طلبها
رد بصوت عميق :
ـ ما فيهاش حاجه يا بثينه عايزه تاخديها خديها بس لو ,,,,,,
ـ لو ايه يا بابا هو انت خلاص مش مأمنى انا عايزه اتونس بيها بدل ما كل يوم رايحه جايه
على هنا عشان قعدة البيت طهقتنى
قاطعته سريعا قبل أن يبدى اعتراضا أو يضع شروطا قاسيه قد لا تقوى على تنفيذها
أومأ بالقبول وناد بصوت جهور :
ـ يا نجلاء
أتت على الفور "نجلاء " تهتفت :
ـ ايوا يا حاج
اشار لها وهو يأمرها :
ـ نادى "صبا" من فوق
ـ حاضر
قالتها "نجلاء " واستدارت مهروله لتبتسم "بثينه " بفرح سوف تنفرد اخيرا بإبنة عدوتها
ستشفى غليل سنوات من والدتها اللعينه التى قضت على أمها ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
بعد دقائق كانت "صبا" ماثله أمامه تجيب بهدوء:
ـ نعم يا جدو
ابتسم لها وقال :
ـ عمتك عايزه تصضيفك عندها يومين إيه رأئيك
نظرت "صبا" تجاه عمتها التى لم ترتاح لها ابد ولم تشعر نحوها بأى أمان وهمت لترفض
رفضا قاطعا لكن عمتها وكأنها علمت جوابها قبل نطقه فإندفعت قائله :
ـ وهو معقول ترفض عزومتى دا انا عمتها وكمان انا عامله حسابى يعنى مالهاش حق ترفض
اعادت النظر الى جدها متوسله له أن يعفيها من هذا الاحراج لكنه اشار لها برأسه بالموافقه وعلل ذلك ب:
ـ روحى معاها يا صبا غيرى جو عمتك ما عندهاش حد ويمكن تحبى القاعده هناك
ومع الخلاف الناشب بينها وبين "زيد" وكذلك لو "يحيى " ومعاملة "ونيسه" الجافه لها قررت القبول
بهذا العرض فترتاح قليلا من كل هذا اللوم عليها خاصتا ان الجميع يحملها المسؤليه الكامله فى نفى " بلال "
جمعت اغراضها وحملت حقيبتها ورحلت مع عمتها كان إنتصار عظيم لها أخذ "صبا" معها
إلى عرينها بالنسبه إلى "صبا" لم تشعر بأى خطر هناك مثل هنا كله سجن إضافه إلى تجاهل
والدها المستمر وعدم محادثته لها جعلها تتمنى لو تنتهى حياتها وترتاح من كل هذا العذاب والتشت
"فى السياره "
مسحت "بثينه" على ظهر "صبا" بفرح وكأنها إمتلكت كنز ثمين وضمنته وقالت بسعاده :
ـ هتبسطى عندى أوى يا بنت أخويا
مطت "صبا" شفاها رغما عنها ونظرت امامها بعدما إنطلقت السياره على الطريق وإختفى القصر
الشاهق بين الاشجار العاليه لتبقى حبيسة عمتها عوضا عن سجن جدها وأومر "زيد" وتحكماته
وكره "ونيسه" ولوم "يحيى " كل ما كانت تحن إليه هناك هو "مريم" أما الباقى فليذهب للجحيم
"بالقصر "
حضر "عماد" ومعه "بلال" امسك بيده ودخل به إلى القصر بكل ثقه فور رؤية من قبل "ونيسه"
هرولت إليه تنادى بدموع الفرح :
ـ بلال إبنى حبيبى
امسكت بكتفيه غير مصدقه وجوده وزعت نظراتها الملهوفه على وجهه وتشبثت به لتقول بجنون :
ـ انا مش مصدقه
رد عليها "بلال " بحراره وهو يتمسك هو الاخر بها :
ـ وحشتينى يا أمى
تدخل "عماد" قائلا وهو ينظر لها نظره ذات مغزى :
ـ عشان تعرفى بس قيمة جوزك
نظرت بإتجاه غير مصدقه ما فعل اخيرا اعاد إبنها إلى أحضانها كادت تميل إلى يداها لتقبلها لكن
ومض فى رأسها على الفور "فايز" لو علم جده بحضوره دون إذنه لنهره وشدد من عقابه لذا إلتفت إلى
"عماد" تسأله بقلق :
ـ إزاى ؟!
رفع "عماد" ذقنه للاعلى وهو يخبرها بتكبر :
ـ إزاى دى بتاعتى بقى
إلتف إلى إبنه يأمره بجديه :
ـ إطلع انت يا بلال غير وارتاح
إستجاب "بلال" لرغبته الشديده فى الاستراخاء والتنعم بالرحه فى غرفته الواسعه النظيفه وإستخدام هاتفه
والتمتع بكل النعم التى حرم منها ،تابعه والده حتى إبتعد وعاد من جديد إلى "ونيسه"
لم ينسى ما حدث بينهما أمس فضيق عينه وهو ينظر إليها بمكر مسترسلا :
ـ عشان تعرفى بس يا ونيسه إن أنا الوحيد اللى عارف مصلحتك عيالك وإنى أنا الوحيد
اللى عارف أنجدك مش زيد
إذدرئت ريقها وتلون وجهها من جديد دائما "زيد" عقدة حياته لا يعامله كأنه إبنها بل عشيقها
تعلم أن الحرب ستبدأ ليست مجرد خناقه عابره كل ما يخص "زيد" هو اعلان حرب
وضعت يدها على رأسها وضغطت بشده وهى تصرخ به :
ـ كفايا بقى إنت ما بتتعبش
صر على أسنانه قال بغضب :
ـ انا اللى ما بتعبش يا ونيسه ولا إنتى اللى متعبه
زاد من الضغط لا يرحمها يريدها ان تفرق بين اولادها ان تقسم قلبها ولا تعطى لزيد أى شئ
هتفت مغتاظه من طريقه تفكيره :
ـ شيل زيد من دماغك يا عماد ركزفى شغلك وولادك
حرك رأسه وهتف متوعدا :
ـ هشيلو حاضر يا ونيسه
كلمتان فقط كانت كفيله أن تضرب النار فى قلبها امسكت بتلابيه وهى تصيح محذره :
ـ اوعك تفكر تأذيه يا عماد والله فى سماء لاتبقى آخر اللى بينى وبينك
جحظت عيناه من تهديدها وكأنه يعيد شر الماضى وجنون الانتقام امسك مرفقيها ليبعد يدها
عنه وزمجر بغضب عارم :
ـ أنا اصلا مافيش بينى وبينك غير العيال يا ونيسه ولا نسيتى
ابتعدت عنه تماما واتجهت إلى غرفة ولدها لتفرح بوجوده بعدما اوشكت أن تفقده للابد
تركت "زوجها" بلالسفل يغلى من فرط تجاهلها طوال حياته معها لامس منها رفض اكثر من القبول
وعاندته أكثر من ما وافقته وإستمرت بنبذه حتى جن جنونه وبقى متمسكا بها وكأن الانسان يعشق ما يعذبه
مسح وجهه بعنف من وقت ما طلب منه والده الزواج منها دخل فى دوامه عميقه لا يستطيع الخروج منها
لا مس منها الرفض فإذداد تمسكا بها، كلما رأى "زيد" فى أحضانها إشتعل أكثر كان حاقد على "نادر"
ورث الحقد لأبنائه يصر على التفرقه بينهم ويجن من ونيسه عندما تأخذ صف "زيد" ولا توافقه فيما يريد
ثوان وسمع صوت أبيه "فايز" يزأر بشده فلم يحتاج لتفسير هرول تجاه الدرج حتى لا يقتل ولده قبل التوضيح
وصل الى الغرفه يلهث ليرى "ونيسه" تقف بوجه والده وتخفى "بلال" خلف ظهرها
وفايز يلوح بعصاه الذهبيه و يصرخ بها بعنف :
ـ ابعدى من وشى بدل ما اكسر العصايا دى على دماغك قبل ابنك يا ونيسه
وفور حضور "عماد" إستصرخته :
ـ إلحقنا يا عماد
لم يلاحظ "فايز" حضوره من عدمه وظل مصرا على إزاحتها بعصبيه :
ـ جبت الفجر دا منين تعصى أومرى يا بلال وتدخل بيتى
تدخل "عماد" ووقف بوجه ليخبره بقوة وشجاعه :
ـ أنا اللى جبته يا حاج
ساد الصمت فورا وهو يلتف إليه بنظرات شرسه تكاد تلتهمه فورا إذدراء "عماد"لعابه حتى
يتماسك امام شراسه نظرته التى توحى بخطر مقبل خاصتا بعدما طال الصمت من جانبه
وكأنه إنتظر نفى كلماته لكن "عماد" لم يفعل، هتف "فايز" بهدوء خطر :
ـ وإنت نويت تكسر كلامى على كدا
تأهب "عماد" ليخبره بشجاعه عن ما يريد لكنه سبق كلماته بخضوع تام :
ـ لا عشت ولا كنت يا ابويا بس الولد عرف غلطه وعايز يصلحه
نظر إليه "فايز" وكأنه قرأ ما يدور فى عقله ظل مثبتا نظره عليه ليستأنف مستدعيا قوته لعل
تنجح حجته وإلا سيطرد هو والده :
ـ هيتجوز بنت عمه "صبا"
هذا كان المتوقع بالنسبه "لفايز " الذى مط جانب فمه مستخفا بتفكيره بينما الصدمه الكبرى
كانت من نصيب "ونيسه" التى شعرت بكلماته المسمومه كنصل بارد غرس بقوه فى منتصف قلبها
لقد إتفق الجميع على هلاكها حتى إبنها لم تكن تعلم خطته لكن ما إن علمت الآن بنواياه حتى شعرت بالنار
تحاوطها من كل جانب فهى لن تقبل ابدا ب إبنة "بشرى " زوجه لإبنها ولن تقبل بفقد إبنها مرة أخرى
ولن تزوجه إمرأة خطره....