قصة مزيج العشق
البارت الثامن والثلاثون 38 والتاسع والثلاثون 39
بقلم نورهان محسن
البارت الثامن والثلاثون
يمكن للحب فجأة أن يطرق باب القلب من آخر شخص نتوقع أننا سنحبه في يوما ما ، ليجعله القدر لنا هو حب العمر كله ، ولن يكون هناك بديل بعده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل فندق في باريس
ادهم بهدوء : ايوه يا مالك
نظر مالك إلى الساعة ليجد أن الوقت قد تأخر ، وقال بقلق : ايه يا ادهم حصل حاجة معاك
ادهم بتنهيدة : لا انا كويس .. انت عامل ايه
مالك بتساءل : الحمدلله تمام .. انت مش خلصت اللي كنت رايح عشانه هترجع امتي
فرك ادهم ذقنه بتفكير وقال بصوته الرخيم : لسه مش عارف .. طمني ايه اخبار الشركة؟
ابتسم مالك بخبث : الشركة ولا اللي في الشركة
زفر ادهم وقال بضجر : بطل رزالة و رد علي قد السؤال
تغيرت نبرة مالك قائلا بجدية : هي كويسة وامور الشغل معاها تمام جدا بس دايما بتسألني عليك
ثم اضاف بحيرة : انت ليه بتعمل معها كدا
أغلق جفنيه متعبًا قائلاً بهدوء : خد بالك منها ولو احتاجت حاجة تنفذها فورا
ابتسم مالك بسخرية وقال بسأم : بتتهرب ماشي ..
ثم أردف : بالحق قبل ما انسي هي هتروح بعد يومين لڤيلة عمر
فتح عينيه وابتسم بغضب متفهمًا حركتها العنيدة قائلاً ببرود : طبعا عشان ادواتها تمام .. لازم اقفل دلوقتي يلا سلام
قال مالك بقلة حيلة من تقلبات لابن عمه الدائمة : سلام
رمي أدهم الهاتف بإهمال على السرير بجواره ، يفكر في وضعهما ، يحاول كبح شعوره وأن لا يتبع رغبة قلبه المشتاق إليها.
فما كان سفره إلا لأنه ظن أنه يحاصرها بحضوره ، لذا قرر البقاء بعيدًا لفترة مؤقتة ، ليجعلها ترتب أفكارها المشوشة ، ثم يعود لترتيب الأمور بينهما.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومين
في فيلا عمر البارون
دخلت كارمن إلى المنزل ، لكنها شعرت بالغرابة والحيرة ، كيف يمكن أن تشعر أنها غريبة في ذلك المنزل الذي كان منزلها ، وعاشت فيه لأكثر من عامين من حياتها.
ابتسمت كارمن بدهشة من تغيرات المصير اليوم ، هذا المنزل الذي تشاركته مع عمر والذي جمعها معه تحت سقفه ذكريات كثيرة ، أصبح شيئًا من الماضي في حياتها.
بينما تعيش الآن في الحاضر مع آخر شخص كان من الممكن أن يتوقعه عقلها ، وربما ما كان يمكن أن يخطر ببالها ابدا ، والعجيب أن هذا الحاضر أصبح محور حياتها ، ولا تتخيل أبدًا أن مستقبلها سيأتي بدونه ، وهذا ما تخشي منه منذ سفره ، لكنها لا تستطيع الاعتراف حتى ، لنفسها لأنها خائفة جدًا من هذه الأفكار.
... : مدام كارمن
إنتبهت علي كلماتها وقالت بهدوء : نعم
ابتسمت الخادمة بإحترام : كنا بنسأل حضرتك نبدأ منين النقل
طردت كل تلك الأفكار التي شغلت عقلها منذ أن دخلت هنا لتقول بجدية : تعالو معايا هنبدأ بالحاجات اللي فوق الاول
بعد أن مرت ساعتين
كارمن : الو يا يسر
غمغمت يسر بينما تأكل الفشار : ها لاقيتيه ولا لسه
كارمن بنرفزة : يا بنتي اهمدي شوية في زحمة و كركبة هنا جامدة .. عشان كنت ناسية اماكن الادوات و فضلت ادور علي الكتاب فوق مش لاقياه
يسر بضحكة : مش مهم اي حاجة غير الكتاب
تمتمت كارمن بغيظ : اضحكي اضحكي دا اللي فالحة فيه .. انا مش عارفه اركز من زنك عليا
تنهدت يسر بملل وقالت بتحذير مزيف : خلاص هسيبك بس انا بحذرك اوعي ترجعي من غيرو
كارمن : كتبت قائمة بكل حاجة هجيبها و اول حاجة كتابك .. بس ناسية هو فين هدخل دلوقتي مكتب عمر يا زنانه واشوفه
قوست يسر شفتيها وقالت بحزن متصنع : كدا يا كوكي انا زنانه
قالت كارمن بضحكة : لا ماتزعليش خليني اخلص واكلمك .. ماقولتلك تعالي معايا المشوار دا عملتي من بنها كنتي ساعدتيني شويه و اتمرمطتي معايا
يسر : ماكنتش عارفه انك هتحتاسي كدا لو فعلا محتجالي هلبس علي طول واجيلك
كارمن : بعد ايه انا تقريبا خلصت .. ماتقلقيش معايا هنا بنات من القصر بيساعدوني .. بس ارحميني انتي شوية فاضل كتابك هدور عليه وبعدها هروح البيت .. يلا سلام بقي
يسر : أوك باي يا كوكي
أنهت كارمن المكالمة عندما دخلت مكتب عمر ، وواصلت البحث في الرفوف عن الكتاب ، لكنها لم تجده.
دلكت كارمن فروة رأسها في حيرة : وبعدين هيكون راح فين الكتاب المنحوس دا بس يا ربي
تحولت نظرتها إلى المكتب في منتصف الغرفة : يمكن علي المكتب او جوا درج من الادراج اما اشوف
قلبت في الأشياء الموجودة على سطح المكتب ، ولم تجد شيئًا فجلست على كرسي المكتب وبدأت في فتح الأدراج واحدة تلو الأخرى.
ثم زفرت براحة : الحمدلله اخيرا لاقيتك متعب انت زي صاحبتك
ثم اردفت بضحكة : بس عسل لا تموتني ..
كانت هناك عدة أوراق تحت الكتاب خاصة بالعمل ظنت أنهم ذات قيمة ، فبدأت تتمعن النظر فيهم ثم أعدتهم حيث كانوا ، لكن لفت انتباهها ظرف كبير ملفوف ومغلق بعناية بأسفل الدرج ، لكنها تراه لأول مرة : ايه دا كمان!
أخرجته من الدرج ووضعت الكتاب بجانبها ، ثم بدأت في فتح الظرف وتفريغ محتوياته على المكتب ، وراحت تتفحصه بعيون واسعة من الصدمة وعدم التصديق.
نهضت من مقعدها مذهولة ووقفت في منتصف الغرفة وهي تشعر بالدوار والتشويش
تتبادر إلى ذهنها كلمات مما قرأته للتو ، وأحداث مرت منذ شهور ، تتضارب في عقلها بشكل غير مترابط.
_ورم في الفص الأيمن من المخ في حالة متطورة
_سفر الي المستشفي الأمريكي في باريس
_عملاء مهمين في باريس يا حبيبتي لازم اقابلهم هيكون في شغل بينا و بينهم كتير و كمان مؤتمر مهم هنتكلم فيه عن الشركة
اتسعت عيناها في صدمة من تكرار ذلك الحدث تقريبا ، فالأولى كانت من عمر قبل ساعات من رحيله ووفاته ، والآخري كانت من أدهم قبل أسبوعين.
تكلمت مع نفسها في ذهول ، وانحدرت الدموع بلا هوادة من عينيها من تأثير الصدمة عليها : يعني عمر كان عنده ورم في المخ وفي حالة خطيرة ودا سبب سفره .. بس هو مالحقش يوصل باريس والطايرة وقعت به .. ليه ماعرفش بكل دا من زمان ليه كنت انا اخر من يعلم كدا ...
همست بخوف بينما تغطي فمها براحة يدها : ادهم
استدارت وبحثت عن حقيبتها ثم لمحتها على الأريكة الصغيرة.
ركضت نحوها وأخرجت هاتفها ، وبدأت تعبث بقائمة الأرقام ثم ضغطت على زر الاتصال.
تنهدت بإحباط وقلق عندما لم يرد على مكالمتها ثم مسحت دموعها بباطن كفها ، وذهبت إلى المكتب وجمعت الأوراق في الظرف وأخذت الكتاب أيضًا ووضعته في الحقيبة ، ثم خرجت بخطوات مترنحة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في قصر البارون
ليلى همست بلطف ، إلى ملك التي كانت جالسة بجانبها على الأريكة بينها وبين ليلي : مين الحلوة اللي هتنام جنب تيته انهاردة
مريم بضحكة : لا موكة هتنام معايا انا انهاردة
عبست ملامح ليلي وقالت بإستنكار : كانت معاكي امبارح يا مريم .. احنا بينا اتفقنا كل وحدة يوم
صاحت مريم بمرح في كارمن التي دخلت لتوها من الخارج ولم تلحظ شحوب وجهها : تعالي يا كارمن شوفي حماتك العنيدة مش عايزاني انيم ملك معايا انهاردة
ليلي بدهشة : لا يا مريومة انتي بقيتي تنصبي عليا كتير .. احنا نعمل جدول تنظيم نومها عند كل وحدة فينا يوم .. الكلام الشفوي دا مابقاش ينفع
حاولت كارمن التركيز على ما كانوا يتحدثون عنه ، وواجهت صعوبة في إخراج صوتها بشكل طبيعي ، قائلة بهدوء : الافضل للبنت تتعود تنام لوحدها يا جماعة .. عشان لما تكبر ماتبقاش مدلعة وتخاف تنام لوحدها
نظرت مريم إلى ليلي ، التي أومأت لها بالموافقة ، وقالت مريم دعمًا لرأي إبنتها : البت طلعت اعقل مننا و عندها حق مع اني مابقدرش استغني عن نومها عندي لكن هو دا الصح
كارمن بإبتسامة رقيقة : ماتزعلوش امشو علي الجدول فترة بسيطة وبعدين نخليها تنام من وقت لتاني لوحدها بالأوضة اللي عاملها ادهم ليها في الجناح بتاعه .. غلط انها تتعود علي كدا علي المدي الطويل
ليلي بإبتسامة : تمام يا حبيبتي .. جبتي كل اللي انتي عايزة من الفيلا
أومأت كارمن وقالت : ايوه يا ماما ليلي
قالت مريم بينما تهم بالنهوض : طيب يلا انا هقوم اقولهم يجهزو العشاء و نتعشي كلنا
هتفت كارمن برفض : لا يا ماما انا تعبانه جدا من المجهود اللي عملته طول اليوم هطلع انام علي طول تصبحو علي خير
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في جناح ادهم
كارمن تجلس على السرير وركبتها مضمومتان إلى صدرها ويبدو عليها التوتر والقلق بعد أن حاولت الاتصال بأدم لتطمئن عليه ، لكن هاتفه مغلق.
لا تريد أن تتخيل قط فكرة عدم عودته إليها ، أو عدم وجوده في حياتها.
ليس بعد أن فهمت مشاعرها ، وأطلقت العنان لقلبها وتبعته ، ليقودها لمن يمتلكه.
هي احبت عمر ولا تنكر الا انه حب عشرة وتعود ، فهو اول رجل يدخل حياتها ، ويملأها باهتمامه لذلك من الطبيعي ان تنجذب اليه وتعتقد أنها تحبه ، ربما بسبب قلة خبرتها في هذه الأمور.
كما أنه طلب منها الزواج منها بعد أشهر قليلة من معرفته بها ، لكنها لم تشعر معه بنفس المشاعر التي تغزو قلبها الآن والتي تشتت كيانها ، وتجعلها ترتجف خوفا من فقدانها.
حتى لو كانت تحبه حقا ، فهي الآن تعشق أدهم.
تحبه من كل قلبها ، تعشق كل تفصيلة صغيرة فيه ، كل لمسة ناعمة ، كل همسة لطيفة منه ، أو مجرد قبلة صغيرة منه قادرة على جعل نبضها يتبعثر لساعات.
مددت كارمن ساقيها وأمسكت بالوسادة ، وسحبتها بين ذراعيها ، وهمست برجاء : يارب اغمض وافتح الاقيه قدامي مش قادرة استحمل غيابه اكتر من كدا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور بضعة ساعات قليلة
دخل أدهم غرفة النوم بهدوء في وقت متأخر من الليل ، فطائرته قد وصلت لتوها إلى مصر ، وبعدها توجه مباشرة إلى القصر دون أن يخبر أحداً ، حتى والدته لا تعلم متى سيصل.
نظر إلى كارمن ، التي كانت تنام بهدوء على السرير ، ووسادته بين ذراعيها.
تمنى في هذه اللحظة أن تضمه بدلاً من الوسادة ، وأن يشعر بأطراف أناملها وهي تلعب بخصلات شعره بحنان ، حيث كان يتوق بشوق إلى لمساتها الرقيقة للغاية.
اقترب أدهم ببطء ، وتمهل من السرير ، ثم جلس على حافته ، ودارت عينيه على وجهها ، ينظر إليها بعشق وشوق جارف.
شعرت كارمن بحركة جانبها ، ففتحت عينيها ببطء واستغرقت بضع ثوانٍ بينما ترمش عينها ، لتتضح الرؤية في ذلك الضوء الخافت الذي يسود الغرفة حتى أدركت أنه كان يجلس بجوارها ويحدق بها.
صاحت كارمن باسمه في لهفة ، وهي تقفز من مكانها : أدهم
ادهم يحاول تهدئتها لإعتقاده انه أثار ذعرها : ماتتخضيش ايوه ان..
لم يستطع إكمال جملته ، حيث فوجئ بها ترتمي في حضنه دون لحظة من التفكير ، وعانقته بشدة ، وهي تغمض عينيها بقوة وتشكر ربها على أنه استجاب دعائها ، وبالكاد تصدق أنها بين ذراعيه ، وأنه علي ما يرام.
صدم أدهم من رد فعلها لرؤيته ، والأكثر من عناقها له.
أحاطها أدهم بقوة لا يريدها أن تبتعد عن قلبه ، إنه يشعر الآن أن نبضاته قد انتظمت بضمها إليه ، حيث إستنشق عطر جسدها الذي يدمنه ، وهذا ما كان حقا يفتقده كثيرًا.
قالت كارمن بصوت مبحوح ، بينما كانت ذقنها علي كتفه وتضمه بقوة : انت كويس امتي رجعت من السفر
رفع أدهم كفه ، وربت على شعرها بحنان ، ثم قال بصوت خافت بجوار أذنها ، حيث أرسل إليها موجة من الإطمئنان : لسه واصل حالا والحمدلله أنا بخير معاكي اهو
خرجت كارمن من بين ذراعيه ، وأحاطت وجهه بيديها الصغيرتين ، وتفحصته باهتمام قائلة بعفوية : حمد الله علي سلامتك .. كنت بتصل بيك من بدري وخوفت عليك لما لاقيت التليفون مقفول
اجاب ادهم بهدوء : كنت في الطيارة ..
اردف بهمس : خايفه عليا من ايه؟
إرتبكت كارمن من نبرة صوته الهامسة ، بينما أحمرت وجنتاها خجلا قائلة بتلعثم : انا .. كنت بحاول اطمن عليك بس
لم يرد أدهم إحراجها أكثر ، فغير الموضوع : صحيتك من النوم
خفضت كارمن يديها إلى جانبها ، وقالت برقة : لا انا لسه ماكنتش نمت
حدق ادهم فيها وعينيه تلتمع بنظرة غريبة ، وقال بتساءل : مع انك طول اليوم كنتي في بيت عمر بتنقلي ادواتك من هناك
تفاجأت كارمن بأنه علي علم بالأمر لتسأل بدهشة : انت عرفت منين؟
أجاب أدهم بينما ينزع سترته ، ويضعها علي طرف السرير بإهمال : مالك هو اللي قالي من يومين
أومأت كارمن برأسها بصمت.
نهضت من السرير وذهبت إلى الخزانة في زاوية الغرفة ، ثم فتحت أحد الأبواب ، وأخرجت مظروفًا كبيرًا وعادت للوقوف أمامه ، محاولة ترتيب كلماتها : انا لاقيت الظرف دا وانا باخد حاجتي من بيت عمر انهاردة
أمسك أدهم المغلف من يدها ، وقام بفتحه ليخرج تقارير المستشفى ، وينظر فيها بصلابة دون أي رد فعل يبدو علي وجهه ، ولكن بداخله شعر بقبضة مؤلمة تعتصر قلبه من رؤية ذلك الورق ، ثم رفع رأسه وحدق في كارمن ، متسائلاً بهدوء مبهم : كان فين بالظبط الورق دا!!
تفاجأت كارمن من هدوئه ، وأنه لم ينظر حتى إلى ما بداخل الأوراق متسائلة بارتياب : مش هتفتحو وتقرأ اللي جواه
ادهم بجمود : انا عارف الموجود فيه
حدقت فيه كارمن ، ثم هتفت بصدمة : يعني ايه عارف .. كنت عارف ان عمر عنده ورم في المخ و انه دا سبب سفره من الاول
قام أدهم من الفراش ، وقد توترت أعصابه بهذا الحدث الذي لم يكن مستعدًا للكشف عنه الآن.
أمسك بمرفقها برفق محاولا تهدئتها : ممكن نقعد وتسمعيني
سحبت ذراعها من قبضته ، قائلة بحدة : لا عايزة اسمع وانا واقفة
زفر أدهم من عنادها ، ثم بدأ يتحدث بهدوء قدر استطاعته : كارمن .. عمر في الفترة الاخيرة كان دايما حاسس بإرهاق و صداع مستمر واكيد انتي كنتي عارفه
ردت كارمن بعد أن ابتلعت ريقها بقلق : ايوه ولما سألته وقتها قال انه راح لدكتور وقاله ان دا بسبب الارهاق و محتاج انه يهتم بصحته مش اكتر
قال ادهم دون أن ينظر إليها : انا اللي خليته يقولك كدا
أردف بحزم ، ورفع يده أمامها عندما حاولت الكلام : ماتقطعنيش .. هو ماكنش عايز يعرفك حاجة ولا انتي و لا امي .. حالته كانت سيئة و لازم عمليه الدكتور اقترح انه يعملو العمليه في مستشفي بباريس وهو فعلا حضر نفسه عشان يسافر و انا كنت هاحصلو بعدها بيومين عشان محدش منكم يحس بحاجة غريبة
أضاف بحزن وألم علي أخيه : بعدها حصلت الحادثه علي طول قبل مايلحق يوصل
همست كارمن بصدمة : يعني انت كنت عارف بالوصية مش كدا
هتف ادهم بصدق : ماعرفتش بوجود وصية اصلا غير لما جالي المحامي للشركة وبلغني .. و لا كنت اعرف باللي جواها الا لما اتفتحت قدامنا كلنا
كانت كارمن صامتة ، مطرقة رأسها لا تدري ماذا تقول ، لأنها لم تفكر للحظة أن أدهم لديه خبر عن كل هذا ، واتضح أنها هي التي لم تكن تعلم شيئًا عما يجري من حولها.
استمعت كارمن إلى صوته الرخيم ، مستطردًا حديثه : ماكنش ينفع اقول بعد موته بأن سفره كان للعلاج يا كارمن حطي نفسك مكاني واحكمي انتي وقتها كانت حالتك صعبه وامي كانت منهارة من حزنها علي ابنها كنت هبقي بزود الوجع عليكم
رفعت عينيها إليه ، وهتفت بقهر ، بينما تعتصر قبضة قاسية قلبها : وانت بقي ضحيت بنفسك واتجوزت مرات اخوك عشان تربي بنته وتنفذ وصيته وعشان حياتك ماتبقاش بايظة من كل جهه حاولت تحبها لكن ماقدرتش تضحك علي نفسك كتير وسافرت عشان تبعد عنها وترتاح منها شوية
احتدت نظراته قائلا بغضب : انتي اتجننتي من الصدمة باين عليكي .. عماله تخرفي بتقولي ايه
للحظة خافت كارمن من غضبه ، لكنها أكملت بتمرد : تفسر بإيه تجاهلك ليا من يوم ما رجعنا من الصعيد وسفرك السريع وبرودك طول الاسبوعين اللي فاتو معايا من غير أي سبب واضح
صمت ادهم قليلا و هو محدقًا بها ، وقال بجمود : عايزة تعرفي السبب
تفوهت كارمن بإصرار : ايوه عايزة اعرف
تسائل أدهم بضيق ، بعدما تملكته مشاعر الغيرة ، وهو يكرر تلك الكلمات التي تسربت في عروقه كالسم : المفروض اعمل ايه لما اسمعك بتقولي انك حاسه بالذنب من ناحية عمر عشان قربتي مني يا كارمن
للحظة تسمرت كارمن مكانها حتى أنها حصرت أنفاسها في رئتيها ، وشعرت بحروفها تهرب من بين شفتيها ، وهي تتذكر تلك الجملة التي قالتها لروان في غرفتها قبل أسبوعين ، ثم استطاعت أن تهمس بصعوبة ، بينما عينيها متسعة بصدمة : انت سمعت كلامي مع روان
صر أدهم على اسنانه بغضب دفين حتى أنه اوشك على تحطيمهم ، ليقول من بينهم : سمعت تحديدا الجملة دي يا كارمن
تصلب وجه كارمن التي ابتسمت بسخرية وقالت : طبيعي انك سمعت الجملة دي و بعدها اكيد مشيت لانك لو سمعت الجملة اللي بعدها او حتي الكلام من اوله ماكنتش هتعاملني بالطريقة دي .. بس ازاي وانت عايز بأي شكل تخليني غلطانه
رفع ادهم حاجبيه قائلا بإبتسامة جانبية : انتي شايفه كدا فعلا؟
هتفت كارمن بإنفعال : انا شايفة انك لو كنت سألتني عن اللي سمعته يا ادهم او حتي كنت اديتني فرصة ومارجعتناش هنا بالسرعه دي من الصعيد او حتي فضلت هنا يوم كمان كنت هقولك لوحدي علي نفس الكلام اللي حكيته لروان لكن انت هربت وسيبتني
ادهم بتعجب : كلام ايه دا!!
قالت كارمن بتفسير : قبل ما كل دا يحصل بليلة واحدة شوفت كابوس خوفني وخلي اعصابي تعبانه اكتر من الاول
ثم بدأت تخبره بكل شيء رأته في حلمها
واضافت : دا اللي كنت بحكيه لروان اللي فسرت الحلم علي انه مجرد توتر عصبي بسبب الضغوط اللي كنت بمر بها
ثم همست بنبرة تأنيب ممزوجة بقسوة : بس انت متسرع جدا يا ادهم و اناني اوي مافكرتش غير في نفسك ومافكرتش انا حاسه بإيه او حتي عذرتني لو شايفني غلطانه
استدارت لتغادر المكان ، وقد اختنقت بشدة لدرجة أنها لم ترغب في البقاء أمامه لفترة أطول.
وجدت يده تلتف حول معصمها ، مما منعها من الابتعاد ، فحدقت به بغضب لتجد نظراته عليها تبرز شرزا ، هاتفًا فيها بغضب عنيف ، وقد بدأت اعصابه تخرج عن سيطرته : رايحة فين .. مش انتي عايزة تعرفي كل حاجة من البداية .. اقفي هنا واسمعيني كويس .. الحقيقة هي اني بحبك من قبل ماتتجوزي اخويا
اردف أدهم بنبرة حادة ، بينما يري عينيها تتسمر عليه بصدمة ، كأن دلواً من الماء البارد قد سكب اعلى رأسها ، لتفر الدماء من وجهها : بس لو اناني ومش بفكر غير في نفسي زي ماقولتي .. كنت اتجوزتك بدالو ولو غصب عنك .. بس انا مش حقير عشان اجبرك علي حاجة ولا افرض نفسي عليكي لو بعبدك .. و لا اقدر احطم قلب اخويا اللي مربيه ولا اكسر فرحته بإيدي واخدك منه .. وهروبي زي مابتسميه عشان كنت خايف ومتعذب .. لو كنت قادر استحمل كتمان حبك جوا قلبي زمان واعيش عادي .. بقي مستحيل اقدر اكتمه بعد ما ادمنت كل لحظة بتبقي فيها قريبة مني وفي حضني .. بعد ما قربت منك ولمستك .. بعد ماحسيت بإنجذابك ليا وفي نفس الوقت مش قادر الومك علي تشتتك وهواجسك اللي بتقولي عليها
أخذ نفسا عميقا قبل أن يواصل حديثه بنبرة أهدأ من ذي قبل ، لكنه استمر في النظر إليها بعينه الداكنتين : كنت خايف تكوني استعجلتي لما قولتي انك بتحبيني .. كان لازم ابعد فترة عشان مابقاش ضاغط عليكي وتعرفي انتي عايزاني وبتحبني فعلا ولا اتقبلتي الوضع اللي انفرض عليكي و بتتعايشي معه وبس
همست كارمن بتحشرج من الدموع الكثيرة، التي تذرفها نتيجة كلماته التي أكدت مدى عشقه لها وعذابه لسنوات ، وهي لا تعلم عنه شيئًا : المفروض بعد ماقرأت التقارير دي افكر في عمر وفي حياتي معه واحن ليه .. مش هو دا الصح .. بس انا لما شوفتهم مقدرتش افكر غير فيك انت .. كنت هموت اصلا من الرعب وانت بعيد عني .. من يوم سفرك وانا خايفة بس حاولت اصبر نفسي واطمنها أنك بتكلمني حتي لو من تحت درسك .. لكن لما عرفت الحقيقة اللي كانت مستخبية عني انهارت ومخي وقف
سألت بعد أن لم تتلقي منه سوى الصمت : برده لسه مش عارف اذا كنت بحبك ولالا ؟
تركته كارمن لتذهب ، وتشعل إضاءة الغرفة القوية وركضت إلى المرايا لإحضار شيء منها ، ثم عادت إليه وهي تقول بحنق ، وأعطته في يده زجاجة العطر الخاص به : مش دي بتاعتك انت كنت سايبها كدا .. قبل ما انام كنت بملئ بها الاوضة وأرشها هدومي
ثم نظرت إلى ما كانت ترتديه وقالت بتهدج : تفتكر ليه لابسه ترينجك وبنام به كل ليلة لمدة اسبوعين ..
كل اللي بعملو دا عشان ارتاح لو شوية من الكوابيس والافكار الوحشة المسيطرة علي عقلي وانا لوحدي وانت ولا داري اساسا بيا
أكملت حديثها بدموع ، ونبرة صادقة تسللت إلى أعماق قلبه دون أدني مقاومة منه : انا بحبك اوي يا ادهم لما بكون قدامك قلبي بيرتبك وينتفض من مكانه ولما بشوف ابتسامتك بطمن ولما بتضمني في حضنك روحي بترتاح
حدقت فيه بعيون تلتمع بحزن ، وأضافت بصوت هامس كما لو كانت تتحدث مع نفسها : انت بقيت جزء رئيسي في حياتي .. اقتحمتها فجأة بدون ارادتي وعلي المهل قربتني ليك .. بقيت قدامي طول الوقت احتليت عقلي و حصرتني لحد قلبي ما اتعود علي وجودك ولما بعدت مابطلش يوجعني ويسألني عنك انا مابقتش حتي عارفه امتي حبيتك
تلألأت الدموع في عينيه بتأثير شديد لاعترافها الذي أعاد قلبه إلى الحياة ، واصبح ينبض بقوة من جديد.
كانت تنظر إليه ، وصدرها يرتفع وينخفض من شدة إنفعالها بينما تنهمر دموعها بلا هوادة ، فقال وهو يمسح وجهها براحة يده : حبات اللؤلؤ دول غالين اوي عندي .. انتي الوحيدة اللي قلبي فتحلها بابه رغم كل حاجة .. ماكنتش بفكر غير فيكي ودايما متابعك وبطمن عليكي من غير ماتحسي
أزاحت يده من على خدها بغضب ، قائلة بقهر منه : موتني من الرعب لما مرديتش عليا وانت بكل برود بتقولي انك سافرت عشان تديني مساحتي و فرصة افكر في علاقتنا ها و خايف تكون بتضغط عليا وبتشوشر علي قراري
ثم عادت إلى همسها قائلة : لما أنا قولتلك قبل كدا اني بحبك كنت بكلم بجد من قلبي .. ممكن اكون كنت متوترة شوية من الاحداث اللي بتتغير حواليا بسرعة .. بس انا فعلا بحبك لكن كنت مكسوفه زي اي وحدة في بداية جوازها ايه الغلط في كدا
أسدلت كارمن عيناها ، واستمرت في التكلم بدموع أكثر ، وأصبح صوتها مبحوحا جدًا : يمكن كانت المشكلة في الاول اني كنت خايفة امشي ورا قلبي واحبك بعدها اخسرك ماكنتش هستحمل انك تروح مني
لم يستطع تحمل صعوبة كلماتها القاسية عليه أو تخيلها ، ليجذبها إلي صدره وضمها إليه ، فتتثبت هي به جيدًا بينما تسمعه يقول : استغفري ربنا و بطلي هبل انا علي قلبك مش هروح في اي حته فاهمه
كارمن بهمس : أستغفر الله العظيم ..
أكمل ادهم حديثه بألم : اعذريني يا كارمن يمكن كنت خايف لان جوازنا كان بسبب الوصية في الاساس خوفت تطلبي نسيب بعض بعد ما قابلتي عيلتك .. مش عشان الفلوس انا عارف ان ملك هي سبب قبولك للوصية لكن خوفت تبعدي عني وتعيشي معاهم
تفوهت كارمن بينما تضم نفسها أكثر في حضنه : دايما انت بتحس بنفسك اذا هتقدر تكمل من غير شخص معين ولالا .. دايما كنت بستغرب ليه ماما ماقدرتش تحب او تتجوز بعد بابا رغم انها كانت مش كبيرة في السن اوي .. بس دلوقتي فهمت
دفنت وجهها في تجاويف رقبته ، مستنشقة عطره الحلو ، وهي تلف ذراعيها حول خصره وقالت بهمس : انت طمنتني ودعمتني وفهمتني ومبسوطة معاك مش عايزة ابعد عنك ابدا انا بموت فيك يا ادهم
زمجر أدهم وهو يشدد قبضته على جسدها : ماتقوليش الكلمة دي تاني .. قولي هتعيشي ليا يا كارمن
ثم أضاف بهمس حاني ، وهو يقبّل رقبتها من الجنب : بعشقك
أسترسلت كارمن حديثها الذي ينبع من أعماق قلبها : بقيت حبيبي واماني وحياتي كلها ومش عايزة حاجة من الدنيا غير انك تكون جنبي ..
ثم همست بتساءل حزين : هو دا صعب للدرجة دي يعني
أمسك أدهم بكتفها برفق وأخرجها من حضنه ، لكنها كانت لا تزال بين ذراعيه قائلا بحب : خلاص انسي اللي حصل ممكن ماتزعليش مني
كارمن بتذمر طفولي : لا انا زعلانه عشان تعبت اوي وكنت محتجالك وانت سايبني
ادهم بندم : صدقيني كان غصب عني انا لما بتنرفز بكتم جوايا اتعودت علي كدا يا كارمن
هزت رأسها برفض وقالت بعناد : مش مبرر دا علي فكرة انا هفضل مخصماك عشان بعد كدا لما تزعل تيجي وتقولي مش تهرب مني
وضع أدهم خصلاتها الضالة على جبهتها خلف أذنها ، وقبل وجنتها بحب ، قائلاً بصوت هامس : حقك عليا انا اسف
كارمن بتبرم : مش كفاية
تنهد أدهم وبدأ يضجر من عنادها معه ، لكنه تمالك نفسه قال بصبر : عايزاني اصالحك ازاي ؟
عقدت كارمن ذراعيها فوق صدرها وقالت بإصرار : لا انا هعاقبك بأني أطلع انام في الريسبشن برا واسيبك تنام لوحدك هنا لمدة اسبوعين
هتف ادهم بضيق : اللهم طولك ياروح .. كارمن بلاش تبقي قاسية كدا
قالت كارمن بنظرة خاطفة : اتعلمتها منك وهو دا العقاب اللي تستاهلو علي كل اللي عملته فيا
تومضت عيناه بحزن من كلماتها ، مما جعله يشعر بإختناق شديد في صدره ، لكنه يدرك جيدا أنه الذي أوصل نفسه إلى تلك الحالة معها ، فعليه أن يتحمل قليلاً ، ثم أخذ نفساً عميقاً قبل أن يدعي القول بفظاظة و غيظ : مادام انا اللي طلعت غلطان يبقي انا اللي هطلع انام علي ام الكنبة دي بس بعد كدا هولعلك فيها
بعدها تحرك أدهم إلى الخارج بحنق ، بينما ظهرت ابتسامة خبيثة على شفتي كارمن ، ثم سرعان ما اختفت.
شعرت بالندم فالجو بارد بالخارج ، ثم توجهت إلى غرفة الملابس لإحضار شيء ما.
★★★
بعد قليل
خرجت من الغرفة ، وعيناها تدوران في المكان ، ثم رأته مستلقى بملابسه على الأريكة وعيناه مغمضتان ، وظهرت علامات عبوس جعدت ملامحه الوسيمة.
شعر بخطواتها تقترب منه ، لكنه بقي على حاله دون أن يتحرك ، بينما كارمن تبتسم وهي تراه عاقدا حاجبيه بشدة.
تساءلت كارمن برقة : ادهم انت نمت؟
فتح أدهم جفنيه ببطء ، وخفق قلبه من نبرة صوتها الرقيق ، لكنه نظر إليها بسخرية عندما رأى ما كانت تمسكه بيديها : كتر خيرك .. جيبالي غطاء من البرد
لوت شفتاها بتهكم من سخريته اللاذعة ، لكنها تجاهلت ذلك قائلة بهدوء : جيبالنا احنا الاتنين
ادهم بعدم فهم : قصدك ايه؟
صعدت بقدميها على الأريكة ، ثم استلقت بجانبه وهي تمد ساقيها مثله.
كان هو على حافة الأريكة وكانت بالداخل ، ثم تحدثت بنبرة ناعمة ، وهي تسند رأسها على الوسادة خلفها بشكل مريح ، وتغطي نفسها بالبطانية : انا بقالي اسبوعين مش عارفه انام كويس من يوم سفرك فكنت بلبس من هدومك وارش برفانك عشان احس بيك معايا واقدر انام .. بس انا صبري خلاص خلص وعايزة انام في حضنك الليلة دي بالذات
برقت الدموع في عينيها ، وهي تقول بنبرة متحشرجة بعض الشيء : وفي نفس الوقت .. مصممة اخليك تنفذ العقاب اللي قولت عليه جواه بس مع تغيير بسيط .. اني هعاقب نفسي معاك وننام هنا
استدار على جانبه ، وهو يميل نحوها ويسند جسده على مرفقه ، وأصبح وجهه قريبًا من وجهها.
حدق فيها بنظرة ثاقبة يهمس باسمها ثم قال : عارف ان من حقك بعد اللي حصل تنقهري وتزعلي مني..
وضعت كارمن سبابتها على شفتيه قائلة بإصرار رقيق : انت اتكلمت كتير دا دوري انا .. احنا حياتنا سوا في البداية اتفرضت علينا .. بس اننا نستمر سوا اختيار .. لما بعدت عني لاقيت نفسي بتلقائية بختارك وعايزاك معايا رغم اي حاجة .. وبعد كل اللي قولنا من شوية انا بعيدهلك تاني وبقولك انا اخترت اكمل معاك بإرادتي عشان بحبك
كانت عيناه تتألقان بتأمل عاشق فيها ، ثم همس بصوته الرخيم : شعورك من ناحيتي دلوقتي هو اكتر حاجة حلوة حصلتلي في حياتي .. كفاية عندي كلامك اللي خارج من جوا قلبك و روحك و نظراتك اللي كلها حب بالدنيا كلها
ثم اردف : تدابير ربنا جمعتنا و يمكن الفرصة دي هي بداية لحياة سعيدة نعيشها مع بعض
دارت عيناه تتأمل ملامحها وابتسامة جذابة شقت شفتيه وقال : بحبك من اول مرة بصيت في عيونك من سنين طويلة .. بقيتي حته من روحي و قلبي كله ملكك انتي .. عمرك ماخرجتي من تفكيري حتي وانا في عز ازماتي
شعور جميل يسكن روحها حيث رأت عينيه تتألقان بنظرة غريبة ، مزيج من العشق والدفء والحنان والعاطفة التي جعلت قلبها يرقص بسعادة كبيرة.
أغمضت كارمن عيناها وقالت بألم : كنت فعلا محتجالك اوي يا ادهم .. مش هقدر تاني اكون لوحدي من غيرك
مسح بظهر كفه على بشرة خدها الناعم بينما هي تستمع إلى همسه الرقيق بقلب يرتجف مع العشق حتى في أحلامها ، لم تتخيل أنها ستشعر بهذا الأمان : اوعدك مش هسيبك تاني .. وعايزك تعرفي انك عمرك ماكنتي لوحدك يا كارمن انا دايما معاكي حتي لو من بعيد
همست ، وهي تجعد حاجبيها بعبوس لطيف : لا مافيش بعد تاني
لمعت عيناه خبثًا وقال : ايه دا هو انتي بتحبيني اوي كدا
عضت كارمن علي شفتيها ، وواصلت بصوتها الهامس المغري الغير مقصود وهي تعبث بشعر ذقنه ، الذي نمى قليلاً عن ذي قبل : لا مش بحبك يا ادهم .. دا قليل علي احساسي نحيتك انا بتنفسك وبعشق..
ارتجف جسده بسبب تلك اللمسة البسيطة منها ، ومضت عيناه بنظرة قاتمة لم تدركها ، وقبل أن تنتهي من حديثها ، كانت شفتيه مضغوطة على شفتيها.
تفاجأت من مباغتته لها ، لكنها لم تستطع منع يدها من التسلل إلى صدره ، ثم رقبته دون أدنى مقاومة ، بل كانت تبادله بنفس الشوق ، فقبلاته الشغوفة أذابتها تمامًا بين ذراعيه ، بعد لحظات حلق كلاهما فيها فوق السحاب فصل القبلة عندما احتاج كلاهما للهواء ، قائلاً بأنفاس لاهثة : دلوقتي بس ارتحت حصل اكتر من اللي كنت بتمناه
حملقت به بوجه احمر ، وتنفس سريع من اضطراب قلبها الذي نثر نبضاته من تلك القبلة اللاهبة ، قائلة بخجل وبدأ النعاس يداعب عينيها : حبيبي ممكن ننام عشان انا تعبانه اوي
ابتسم علي منظرها اللطيف ، ثم سرعان ما اختفت ابتسامته ، وكأنه يتذكر شيئًا ، فقال بجدية : كارمن امي عرفت بحاجة عن التقارير اللي لاقيتيها
إحتارت من تقلباته المفاجئة ، لكنها هزت رأسها برفض قائلة بهدوء : لا انا ماتكلمتش مع حد غيرك
رفع أدهم جسده عنها ، ووقف على رجليه ، قائلا بإصرار : قبل ما ننام في حاجة مهمة لازم نعملها قومي معايا
نهضت كارمن أيضًا معه ، قائلة بعدم فهم : حاجة ايه؟
أمسك أدهم بيدها برفق وقال : الورق دا لازم نتخلص منه عشان اتأكد انه مش هيقع في ايد ماما و حالتها تسوء انتي عارفه هي مش هتستحمل وصحتها ضعيفه ازاي
أومأت إليه بتأكيد : معاك حق
ذهب كلاهما إلى غرفة النوم ، ثم أمسك أدهم بالأوراق وسار إلى الطاولة المجاورة للسرير ، وفتح أحد الأدراج وتلاعب بمحتوياته قليلاً تحت عيون كارمن المتفاجئة بما يفعله.
نظر إليها أدهم مشيراً إليها لتتبعه ، فسارت كارمن ورائه ثم دخلت خلفه إلى الحمام ، ثم ضغط على الولاعة وهو يرفع الأوراق بيده الأخرى لإشعال اللهب في طرفها ، بعد ثوان بدأت النار تلتهم الورق أمام أعينهم ، ثم تركها من يده تحترق داخل الحوض علي المهل.
التفت إلى كارمن قائلا بجدية وحزم حزين : السر دا محدش غيرنا هيعرف به يا كارمن .. ابن عمي نفسه مش عارف حاجة خالص ولا اي حد مهما كان لازم يعرفو تمام
أومأت إليه بالموافقة ، ثم إرتمت بين ذراعيه حيث عانقته بشدة ، تربت على ظهره بحنان ، كأنها تواسيه ، على أمل أن تخفف العبء الذي يحمله على عاتقه وحده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البارت التاسع و الثلاثون
كان عشقه بركانًا كامنًا في نقطة بعيدة ، مختبئًا بين ثنايا قلبها ، دون إدراك منها اندلعت الحمم بداخلها لتذيب الثلج الذي غلف قلبها ، حيث أنها كانت علي شفير الهلاك حتى أحاطت بها حرارة عشقه الناري ، ليعيد لها حياتها ويضخ الدماء في وتينها مرة أخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صباحا في منزل مالك البارون
وقف مالك أمام التسريحة ، ناظرًا في المرآة ، وهو يمشط شعره بينما يدندن أغنية بروقان بصوته العذب : يا جميل يا اللي هنا ما بقينا لوحدنا يا جميل يا جميل
تسللت يسر إلى الحجرة بخفة ، ووقفت وراءه ، وهي تضع كلتا يديها علي خصرها ، قائلة في غضب مصطنع : بتغني لمين وانت غزالتك رايقة كدا يا سي مالك؟
ضحك مالك بمرح ، وهو ينظر إليها من خلال المرآة ، وقال بغمزة : هو انا عندي غيرك انت يا جميل في حياتي
ضيقت يسر عينيها ، ثم أدارت جسده في مواجهتها ، قائلة برقة مفرطة : هممم انا كمان بقول كدا
رفعت يدها وبدأت تصلح ربطة عنقه ، و أردفت بدلال ، وهي ناظرة إليه بعيون متسعة ببراءة : ميكي حبيبي
علق مالك نظراته في السقف ، وقال بارتياب : طالما فيها ميكي و علي الصبح كدا .. يبقي وراها حاجة استرها من عندك يارب
وكزته يسر برفق في كتفه ، وقالت بعتاب ، بينما تقوس شفتيها للأسفل : اخس عليك يا مالك
قبل مالك خدها بحب. ثم أشار إليه بإصبعه ، وهو ينذرها : بهزر معاكي يا قلبي أأمريني .. بس بسرعة انا متأخر علي الشغل وابنك عنده حضانه
تنحنحت يسر قائلة بصوت منخفض : أحم كنت عايزاك تجيبلي حاجة معاك وانت راجع من الشغل
نظر مالك في المرآة ، وهو يعدل ملابسه ، رافعًا حاجبيه ، ليقول بملل : حاجة ايه دي ما تتكلمي علي طول يا يسر بلاش مقدماتك الطويلة دي
فركت يسر فروة شعرها بتوتر خفيف ، ثم إستجمعت شجاعتها ، ونطقت بسرعة : انا عايزة رنجة
التفت مالك إليها بسرعة ، وعيناه جحظت بصدمة ، وهتف بدون وعي و إستنكار : نعم يا اختي عيدي تاني كدا
إنتفضت يسر من صراخه عليها ، قائلة في ذعر ، بينما تجمع قبضتيها معا علي صدرها : خضتيتي ما براحة بقولك عايزة رنجة .. ايه جريمة دي
تشدق صدغ مالك بسخرية ، ثم سألها بصوت لاذع : من امتي وانتي بتاكلي الحاجات دي يا هانم
رفعت يسر كتفها ، وقالت دون أن تهتم باستهزائه بها : نفسي راحتلها .. مفيهاش حاجة لو جربتها .. ريحتها مش بتفارق مناخيري من كام يوم
ابتسم مالك بإيماءة صغيرة ، وقال بشك مليء بالفرح : الله الله انتي بتتوحمي يا سوسو
فتحت فاهها بصدمة ، وتفوهت ببلاهة : ها .. بلاش سخافة يا مالك .. وحم ايه دلوقتي
أمسكها مالك من كتفيها ، وهو يردد مجددا بحماس : لا انتي بتتوحمي انا متأكد
أسدلت يسر عينيها للأسفل ، وظلت تحسب الأمر في ذهنها لبعض الوقت ، تتخبط أفكارها دون أن تصل إلى أي شيء ، ثم نظرت إليه وقالت بحيرة : تصدق مش عارفه بس حاليا ضروري تجيبهالي و انت جاي
قال مالك بسرعة ، وهو يمشي بها إلى خزانة الملابس : ماشي هجيبلك اللي انتي عايزاه بس تعالي البسي عشان نروح للدكتور
توقفت يُسر ، وإستدارت إليه بكامل جسدها ، قائلة بدهشة من إلحاحه : مالك يا حبيبي انت اتجننت دكتور ايه .. انت وراك شغل و انا عايزة اروح لكارمن عشان اخد منها الكتاب
برزت عيناه ، وقال بلهفة ، وهو يربط الأشياء معًا في ذهنه : اهو الكتاب دا اكبر دليل ان كلامي مظبوط .. انتي بقالك فترة زنانه ومتغيرة عماله تزني علي البت تجيبهولك بقالك اسبوعين ومش طايقه نفسك ولا طايقاني
أشارت يسر إلى نفسها بغباء وقالت : معقولة انا بقيت كدا بجد
تنهد مالك بسأم من اعتراضاتها الكثيرة ، وقال بسرعة : مش وقته الكلام دا يلا البسي خلينا ننزل بسرعة يا حبيبتي
ربَّتت يُسر على ذراعه ، وقالت بتريث : اهدا يا قلبي واسمعني ياسين مستنيك عشان تاخده الحضانه لما ترجعه من الحضانه نوديه عند ماما و نروح للدكتور بليل في الروقان
قلب هذا الكلام في رأسه ، ثم أومأ إليها بالموافقة ، وقال بتحذير : خلاص موافق بس بشرط تاخدي بالك من نفسك و ماتنزليش .. اتصلي حالا بكارمن خليها تجيب الكتاب علي الشركة و انا هعدي اخده منها
قبلته يسر على خده بلطف ، وقالت بإبتسامة متسعة مظهرة أسنانها البيضاء : حبيب قلبي انت حاضر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
داخل جناح ادهم
رن الهاتف الخلوي فوق السرير ، بينما كارمن كانت تقف أمام المرآة وهي تعدل مكياجها ، ليقطع رنين الهاتف إندماجها فذهبت إليه لالتقاطه ، وتنهدت بقلة حيلة عندما وجدت اسم يسّر مضاءً على الشاشة.
ألقت نظرة خاطفة على الحمام الذي دخله أدهم للتو ، ثم أجابت بهدوء : الو
هتفت يسر بمرح ، بينما تقف وراء النافذة تنظر إلى زوجها ، وهو يسير نحو سيارته وفي يده ياسين : صباح القشطة يا قلبي
ابتسمت كارمن ، وقالت بنبرة رقيقة : صباح الورد يا ياسو عاملة ايه
يسر بتنهيدة عميقة : فل الحمدلله و انتي طمنيني عليكي
جلست كارمن أمام الطاولة تمشط شعرها ناظرة إلى المرأة ، وقالت بلطف : يارب دايما انا تمام والله
همهمت يسر بتساءل : فينك كدا
كارمن بعدم إكتراث : ابدا لبست و نزلين علي الشركة
عقدت يسر حاجبيها قائلة بإستفهام : نزلين انتي و مين
لوت كارمن شفتيها ، وأجابت بسخرية : انا و ادهم يا تايهة
توجهت يسر نحو المطبخ لإعداد كوب قهوة ، بينما تسألها بعدم إستيعاب : هو رجع امتي مش المفروض مسافر
قامت كارمن من مكانها تتحرك في أرجاء الغرفة ، وقالت : لا رجع امبارح بليل
تمتمت يسر بإستغراب : غريبة مالك ماقلش انه جه يعني
كارمن بتنهيدة من كثرة اسئلتها : عشان مالك مايعرفش .. محدش عارف اصلا
ثم أضافت بإبتسامة خبيثة : بقولك ايه ماتقوليش حاجة و خليه يتفاجئ به قدامه في الشركة
ضحكت يسر أيضا بطريقة شريرة ، وأعجبت بتلك الفكرة حيث ستستطيع الانتقام منه لاستهزائه بها منذ قليل : ماشي يا سوسة مش هقول حاجة بس لو عرفتي تصوري الحدث دا ابقي ابعتيهولي
ثم أردفت بسرعة : بس اسمعي صحيح مالك هيعدي عليكي عشان ياخد منك الكتاب خديه معاكي اوعي ماتنسيش
قلبت كارمن عينها للجهة الأخري ، قائلة بملل واضح : يادي الكتاب يا ست الزنانه ماشي عايزة حاجة تانية لازم اقفل متأخرة ارحميني من رغيك شوية
قهقهت يسر بصخب ، وبدأت تصدق حديث مالك عن أسلوبها مؤخرًا : لا يا حضرت المهمه هانم روحي والقلب دعيلك و ابقي كلميني بليل
قالت كارمن بضحكة عالية : اوك يلا باي
يسر بإبتسامة مشرقة : مع السلامة
التفتت كارمن إلى زوجها بعد انتهاء مكالمتها ، وتشمله بإلقاء نظرة فاحصة من الرأس إلى أخمص القدمين ، قائلة بإعجاب صريح بجسده المعضل داخل بدلته الرسمية الأنيقة : قلبي لا ماقدرش علي الشياكة الفتاكة دي كلها
ابتسم أدهم بلطف علي تغزلها الرقيق به ، وهو يقترب منها قائلاً بصوت رخيم هادئ ، وهو يقبل جبهتها : كلي ليكي يا روحي .. يلا بينا ننزل نشوفهم بيعملو ايه تحت!!
أشارت كارمن بيدها إليه ، وقالت على الفور : حاضر بس لحظة واحدة حبيبي
انتهت من الحصول على الكتاب ، ووضعته في حقيبتها قبل أن تنسى ، ثم أخذت معطف زوجها ومعطفها وسلمته خاصته ، وبعد ذلك تأبطت ذراعه ونزلوا معًا إلى الطابق السفلي.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل في الأسفل
دخل أدهم وكارمن غرفة الطعام حيث كان الجميع جالسين في أماكنهم بهدوء.
كانت أول من رأتهم هي ملك التي كانت تطعم كلبها الصغير بلطف ، لذا ركضت إلى أدهم قائلة بنبرة طفولية سعيدة : بابا
حملها أدهم من الأرض ، وهو ينظر إلى الجميع ، وقال معتذرًا : سامحوني يا جماعة بس السكر دي وحشاني جدا
ضمها بين يديه ، وهو يقبل خدها بشوق لرائحتها اللطيفة ، قائلا بابتسامة عريضة علي شفتيه : يا حبيبة بابا .. انا وحشتك قد ايه
همهمت ملك بكلمات غير مرتبة ، وهي فتحت يديها على مصراعيها وقبلته على خده بلطف ، لكن ملامحها عبست فجأة.
تساءل ادهم بعدم إدراك : هي مالها كشرت كدا ليه!!
قالت كارمن بضحكة ، مداعبة خد ابنتها بلطف ، ثم قرصت أنفها برفق ، وهي تبتسم إليها بحنان ، لتقول بشقاوة : ذقنك يا بابا طويلة شوكتها
ضحك ادهم ، وهو يومئ بتفاهم ، قائلا بحنو : معلش يا روحي عشانك انتي بس يا ام عيون تجنن هخفها
واصل حديثه بصوت منخفض بالقرب من أذن كارمن : وعشان عيون امك كمان
ابتسمت كارمن بخجل ثم أومأت برأسها ، وهي تبتعد عنه متجهة نحو طاولة الطعام.
أنزل أدهم الصغيرة إلى الأرض ، لتجري خلف كلبها الصغير ، وقد نست ما حدث منذ دقيقة ، ثم هتف ادهم بمرح : يا صباح الفل علي الحلوين
قالت ليلي بفرح لرؤيته أمامها ، وهو يبدو سعيدا : صباح الورد يا حبيبي حمدلله علي سلامتك
بينما ابتسمت مريم بإتساع ، وهي تصافحه بمحبة : نورت بيتك يا بني وحشتنا والله
بعد أن رد على تحياتها بأدب وود ، ذهب أدهم إلى ليلي واحتضنها بشوق كبير ، ثم انحنى وقبّل يدها ثم جبهتها ، قائلاً بابتسامة جذابة : وحشني حضنك جدا يا ست الكل طمنيني صحتك عاملة ايه؟؟
جلست كارمن أمام كرسي والدتها من الجانب الآخر للطاولة ، قائلة بابتسامة رقيقة مشرقة ، وعيناها تشعان بالسرور : صباحك هنا يا مامتي
قالت مريم بحبور : صباح الورد يا نن عين امك
كانت والدتها سعيدة للغاية بتألق عينيها ، وابتسامتها التي تذبلت على شفتيها منذ سفر أدهم ، وحتى وجبة الإفطار لم تتناولها معهم منذ فترة طويلة ، وكانت تذهب مباشرة إلى الشركة أثناء غياب زوجها.
دخلت نادين الغرفة برشاقة في ذلك الوقت ، لكنها توقفت فجأة عندما رأته أمام عيناها يصافح والدته.
تضاربت الأفكار في ذهنها بحيرة ، متي وصل من سفره ، ثم إرتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها ، وهي ترى ابتسامة كارمن السعيدة ، و سرعان ما اندفعت إليه بسرعة ، متظاهرة باللهفة : حبيبي ادهم
تفاجأ أدهم بمن إرتمت عليه وعانقته ، ثم تمسكت برقبته ، وقبلت خديه ، وهي تردد بدلال أنثوي مقصود : وحشتني موت .. حمدلله علي سلامتك يا روحي
اشتعلت عينا كارمن بلهيب أزرق ناريّا كاد أن يحرق نادين في ظهرها.
أما بالنسبة له ، فلم يشعر جسده بأي شعور يذكر عندما اقتربت منه نادين بهذه الطريقة ، وكأنها لا شيء على الإطلاق ، على عكس كارمن التي بلمسة بسيطة منها جعلته يشعر بتيار كهربائي في جميع أنحاء جسده ، ثم تمتم ببرود : الله يسلمك يا نادين
أنزل ذراعيها اللتين تلتف حول رقبته مثل الحية التي تلتف حول فريستها ، وهو يتنهد مما فعلته ، فهذا الأمر الآن بالطبع سيسبب له مشاكل مع كارمن ، بالتأكيد ستغضب منه الآن.
نظر إلى كارمن التي كانت جالسة تشاهد هذا العرض المسرحي الساخر أمامها دون أي رد فعل يظهر علي ملامحها المقتضبة.
اختفت الابتسامة المشرقة عن شفتيها ، وقد أقتحن وجهها بشدة حيث نجحت تلك المرأة البغيضة حرق أعصابها عندما اقتربت منه ، ولكن كيف لها أن تمنعها ، وهي زوجته في النهاية أيضًا.
جلس أدهم بهدوء بجانبها دون ان ينبس ببنت شفة.
تساءلت ليلي في محاولة لفت انتباه كارمن ، عندما رأت نظراتها النارية إلى نادين : انت رجعت امتي يا ادهم محدش من الخدم شافك و الا كانو بلغوني علي طول
بدأ أدهم بشرب قهوته بعد أن سكبتها كارمن في فنجانه ، ثم قال بعدم إكتراث : جيت بليل يا امي و محبتش ازعج حد طلعت علي جناحي فورا
نطقت ليلى بصوت خفيض ماكر ، وألقت نظرة سريعة على مريم التي فهمت عليها سريعا : قول كدا بقي انك ما صدقت وصلت و روحت طيران علي الناس اللي وحشوك
غصت كارمن أثناء شرب العصير من تلميحات والدته الجريئة ، لكنها سرعان ما ابتسمت بمكر أنثوي ، لأن الكرة أتت إليها ، ولابد من أن تسجل هدفا ذهبيا الآن.
اقتربت كارمن منه بجرأة ، وهي تميل عليه ، ثم وضعت كفها الناعم على خده ، ومسحت آثار قبلات تلك الحرباء بتعمد واضح ، ثم رفعت يدها الأخرى إلى صدره متظاهرة بتعديل رابطة عنقه.
حدقت كارمن في عينيه بإشتياق ، قائلة بنعومة مفرطة يتخللها الغنج : لا يا ماما بالعكس ماتظلميهوش .. انا اللي مسكت فيه امبارح اول ما لاقيته قدامي .. كان وحشني اوي اوي ماقدرتش اقوم من حضنه طول الليل
اختتمت جملتها بقبلة صغيرة بجوار فكه أمام كل الجالسين.
برزت عينا أدهم إلى الأمام ، وهو يحدق فيها بصدمة حقيقية ، لأنه توقع منها كل شيء بعد حركة نادين ، باستثناء هذه التصرفات الجريئة منها أمامهم ، لكنه ابتسم بدهاء من مكرها الذي أسعده وأرضاه كثيرًا ، وهي علمت بذلك جراء عيناه التي إلتمعت بشغف نحوها.
قالت ليلي بابتسامة متلاعبة ، وقد أحببت ما فعلته كارمن : ربنا يسعدكم يا حبيبتي
بينما كانت نادين تجلس بابتسامة سطحية على شفتيها ، تختبئ وراءها قدرًا هائلاً من الكراهية والحقد لكارمن ، التي انتصرت عليها للمرة المائة ، وبدلاً من مكايدتها ، كانت هي..
البارت الاربعون والواحد والاربعون من هنا