رواية مزيج العشق
الفصل السادس والثلاثون 36 والسابع والثلاثون 37
بقلم نورهان محسن
الفصل السادس والثلاثون
نشتاق لاشياء قديمه ، ضحكات اشخاص ابعدتهم الاقدار عنا ، اوقات كنا سعداء جدا ، واشياء كانت تلهينا لن تعود مهما حاولنا ، لكنه هو الاشتياق من يتكلم هنا..!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في منزل الحج عبدالرحمن
على وجه التحديد في غرفة مريم التي ما زالت تستكمل حديثها
نطقت مريم بتحشرج وعيناها تتألق بالعبرات ، فهي حتي الان لم تشفي جروح قلبها من حزنها على شقيقتها الوحيدة : الكلام دا حصل قبل ماتتولدي بأكتر من عشر سنين .. ابوكي اتجوزني بعد موتهم بأسبوع ماكنش عايزني ابقي لوحدي رغم كل الظروف و المشاكل مع ابوه.
أضافت بصوتًا مخنوقًا بالعبرات : كلهم راحو مرة واحدة بدون اي انذار هي و جوزها والواد والبنت محدش عاش منهم
سألت كارمن بتأثير : ماتو ازاي؟
مريم بتفسير : كنت لسه صغيرة لما اتجوزو .. هو اتعرف عليها عن طريق شغلو .. وكانت هي صحفية عنيدة ومابيهماش حد وهو صاحب شركة ادوية اهلو كانو ناس اغنياء وعندهم فلوس كتير وهو كان وحيدهم .. المشكلة بينهم بدأت لما كتبت مقال عن سمعة الشركة بتاعتهم جننه عملها مشاكل مع الجريدة اللي بتشتغل فيها تقريبا اتقفلت خالص والله مافاكرة بس كان عنده حق لان بعد كدا عرفت ان المعلومات اللي وصلتها كانت مزيفة وناس كانو قصدين يعملو فيه الحركة دي
أومأت كارمن برأسها ، وحثتها على الاستمرار : وبعدين
مريم بابتسامة صغيرة من عيني كارمن المتلألئة بالفضول : حصل بينهم زي ما بيقول المثل ما محبة الا بعد عداوة .. طالبها للجواز هي شرطت عليه اعيش معاهم .. لاننا مالناش الا بعض كانا انا و هي لوحدنا في الدنيا .. اتجوزها وعشنا كلنا مع بعض .. كنت بعتبره اخويا الكبير وعوضنا عن دفي الاسرة اللي اتحرمنا منه
كارمن بتساءل : كان اسمه ايه يا ماما؟
لفظت مريم الاسم بشكل عفوي كما لو كان محفورًا في ذاكرتها : احمد راشد .. عدت سنين كتير انا كبرت و دخلت الجامعه و هما خلفو ولد و بنت اسمهم يحيي و مريم
ثم اردفت : قبل الحادثة بفترة ابوكي طلبني من احمد وهو رحب بالموضوع لما لاقاني بحبه .. بس كانت معرضة ابوه هي العقبة الوحيدة
واصلت حديثها بدموع : في يوم الحادثه انا كنت مع ابوكي اخدني و روحنا اسكندرية قضينا اليوم كلو هناك .. لما رجعت البيت لاقيت المساعد الخاص لأحمد بيبلغني ان عربيتهم اتقلبت و اتحرقو جواها .. محدش عاش منهم و زي ما حصل معاكي وقعت واتحجزت في المستشفي مالحقتش الدفن و لا قدرت اودعهم لأخر مرة
احتضنتها كارمن بسرعة قائلة وهي تبكي : كفاية يا ماما خلاص كدا كتير عليكي
مريم بتحشرج : هالة وحشتني و الولاد كنت بحبهم اوي .. لولا وقوف ابوكي جنبي كنت موت لوحدي رغم معرضة ابوه اتجوزني و ساندني في وقت احتياجي له .. انا مسامحة جدك يا كارمن و انتي كمان لازم تسامحي من قلبك الفراق صعب اوي يا بنتي .. مفيش حاجة تستاهل الزعل كلنا رايحين سامحي جدك و حافظي علي بيتك و جوزك
خرجت من بين ذراعي والدتها قائلة بإنصياع : ماشي يا ماما حاضر
مريم بحنو : اتكلمي مع جدك هو كمان من وقت ماعرف وهو حزنه زاد علي ظلمه لأبوكي .. اقعدي معه و صفي اي حاجة في قلبك نحيته
كارمن بهدوء : تمام اللي انتي عايزه هعملو .. ممكن ترتاحي لو سمحتي
مريم بإنزعاج : ماشي بس فين ملك انتو بقالكم يومين واخدينها مني مش عارفه انام من غيرها
ابتسمت كارمن ، لتقول بلطف ، وهي تمسح دموعها : هروح اجيبهالك يا ست الكل
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
دخلت غرفة نومها بعقل شارد فيما أخبرتها به والدتها عن أختها وأولادها ، نفضت كل الأفكار عن رأسها بعد أن أغلقت الباب خلفها واستدارت ظننا منها أن أدهم كان جالسًا في انتظارها ، بعد أن أخذت الطفلة منه منذ دقائق لتعطيها لوالدتها ، وطلبت منه انتظار عودتها إليه.
تفاجأت كارمن برقد أدهم على السرير ، يدير ظهره لها ، وبدا أنه نام من الإضاءة الخافتة للغرفة همست بدهشة : معقولة لحق ينام
لا تعلم لما شعرت بالغضب والإحباط ، ربما لأنها أرادت أن تخبره عن كل ما حدث لها منذ بداية اليوم ، وحلمها المزعج ، وكلام والدتها حتى تستريح قليلاً من التوتر العصبي الذي اصابها.
اردفت بتنهيدة : خلاص مش مشكلة نأجل الكلام للصبح اكيد تعبان و نام غصب عنه
ذهبت إلى الخزانة ، وسحبت ثوب النوم ، ودخلت الحمام الملحق بالغرفة.
بعد قليل خرجت من الحمام ، وسبقتها رائحة عطرها المميز ، ثم سارت بخفة إلى السرير ، واستلقت بجانب زوجها مدثرة نفسها في البطانية.
وضعت يديها تحت وجهها ، وظلت تنظر إلى ظهر أدهم ، وبعد قليل غفوت.
فتح أدهم جفنيه عندما شعر بإنتظام أنفاسها خلفه ، وقلب جسده نحوها معانقا خصرها إليه ، ثم رفع أصابعه برفق ، وأبعد خصلات شعرها المبعثرة عن وجهها ، وظل يحدق في ملامحها الناعمة.
لم يستطع النوم بسبب الفكر الذي يؤرقه كثيرا ، وبقي على هذا الوضع مدة طويلة حتى تغلب عليه سلطان النوم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباح يوم جديد
في غرفة زين و روان
استيقظت روان منزعجة من صوت المنبه المزعج ، كم تكره هذا الصوت لأنه يخرجها من أحلامها الوردية.
غمست رأسها أكثر في صدر زوجها الذي كان نائماً بجانبها ، لتمنع أشعة الشمس التي تضيء الغرفة من الوصول إلى عينيها.
فتحت روان عينيها ببطء وتكاسل ، وأخذت تتأوه بضجر من ذلك المزعج الذي لا يريد التوقف.
تثاءبت قائلة لنفسها بغضب ، وهي تمد يديها إليه لكي تغلقه : خلاص اسكت دا انت زنان و لحوح اوووي
انحنت بالنصف الجزء العلوي من جسدها على جسد زين النائم ، قائلة ببحة خافتة من آثار النوم : زين اصحي يا قلبي
زفرت روان بتمتمة : يالهوي عليك يا زين و علي نوم امك التقيل دا .. يا زين .. يا زينووو .. قوم وراك شغل
اردفت بابتسامة لعوبة على فمها : مفيش مفر انت اللي اضطرتني لكدا
أخذت نفسًا طويلًا استعدادًا لما ستفعله ، وكانت على وشك الصراخ ، لكنها وجدت يدًا فوق فمها ، ولم يستطع صوتها الهروب من حلقها.
رفع زين جسده قليلاً تجاهها ، وقال بهسيس خبيث بجوار أذنها : اياكي تفكري تكرريها وتصرخي في وداني يا مجنونه
سقط قلبها في قدميها ونظرت إليه بعيون واسعة مندهشة ، وهو يخفض يده من علي فمها ، لتقول بصدمة : هو انت صحيت من امتي !!
زين ببرود : من يالهوي عليك و علي نوم امك التقيل
حاولت روان أن تتكلم لكن انعقد لسانها ، فخرجت الكلمات غير مترابطة : يا خبر .. احم .. انا مكنش قصدي انا..
حاولت التحرك لتهرب من جنبه ، لكن يده كانت أسرع منها وسحبها إليه بابتسامة خبيثة ظهرت على شفتيه، فأصبحت ممددة على صدره ووجهه منغمسا في بشرة رقبتها الناعمة، لتسمعه يهمس بصوت أجش : صباح الخير
نظرت روان إليه باسمة الثغر ببلاهة ، لتقول بصوت مبحوح : صباح الفل
زين بعبوس : ايه الصباح الناشف بتاعك دا
قبلته بجانب شفتيه بعفوية لتسأل : كدا لسه ناشف
زين بنصف عين : ايوه لسه
روان بتذمر طفولي : ايه دا انت بتدلع يلا قوم عشان تلحق تنزل علي شغلك
عانق خصرها أكثر. وقال بنفس الهمس الأجش : وانتي هتروحي الجامعة ولا هتعملي عبيطة زي امبارح
طبعت قبلة خاطفة على خده ، قائلة بابتسامة حمقاء : هعمل عبيطة طبعا
زين بجدية : معرفش ليه حاسس انك بتهربي من مرواحك الجامعه يا روان
زاغت عيناها ، وتلعثمت في الرد : لا خالص .. انا ههرب ليه
حرك ذقنها لتواجهه مباشرة و غمغم بإصرار : قولي الحقيقة
لم تستطع أن تتجادل معه أكثر ، وهو لن يتركها دون أن يحصل على إجابة ، قائلة بتردد : بصراحة خايفة اروح وتحصل مشكلة بينا وانا ماصدقت اننا مبسوطين
أغمض أدهم عينيه متضايقًا من نفسه ، ثم هتف بتساءل : انتي لسه بتفكري اني مابثقش فيكي مش كدا؟
أدارت عينيها ولم تجيب على سؤاله.
تنهد زين وهو يرفع وجهها بأصابعه قائلا بهدوء : ارفعي وشك هنا دي اخر مرة هقول الكلام دا .. انا بحبك يا روان ومتأكد من حبك ليا زي ما انا متأكد من نفسي ..
حدقت في عينيه عندما بدأ يداعب بشرتها الناعمة بإبهامه مردفًا : انسي كل حاجة فاتت .. تصرفي كان من غيرتي عليكي .. عارف انها صعبة شويتين بس استحمليني
استأنف حديثه مبتسمًا بمزح : انا زي جوزك برده
ابتسمت متأثرة بكلماته ، حيث شعرت بأنها تستوطن قلبه حقا ، ثم قالت متظاهرة بالتفاجئ ، وهي تزم شفتيها للأمام : يعني دي اخر مرة هتقولي بحبك
ضحك عليها وهو يضرب رأسها بخفة ، وتنهد بقلة حيلة من جنونها : هو دا اللي لفت نظرك من كل كلامي
وضعت روان يدها على خده قائلة بحب : مش عارفة اوصفلك قد ايه كنت محتاجة اسمع منك الكلام دا
صمتت قليلاً ثم اردفت بدلع طفولي : بس دا مايمنعش اني اسمع منك كلمة بحبك علي طول .. من حقي كمواطنة اسمعها منك دايما
ابتسم بمكر ، ثم في لحظة قلب وضعمها لتجد نفسها في غمضة عين مستلقية على السرير بينما اصبح فوقها ، قائلا بهمس خطير أمام شفتيها : ايه رأيك اسمعهالك بالافعال مش بالكلام؟
اتسعت عيناها بهلع حيث احمر خديها من الخجل عندما أدركت ما قالته ، وما الذي سيفعله زين.
روان بتحذير و استعطاف : اعقل يا زين انت عندك شغل و متأخر كمان
أدار وجهه ونظر إلى الساعة المعلقة على الحائط ، ثم ابتعد عنها قائلاً متذمرًا : كل مرة بتفلتي من ايدي بحجة مقنعة ملاحظة مش كدا
هتفت بمرح وهي تنهض من جانبه : دي حظوظ بقي .. انا غيرت وهروح الجامعة
زين بإبتسامة : برافو يا قلبي
نظرت إليه ببراءة قائلة بدلال : ممكن توصلني في طريقك
زين بضحكة : من عيوني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر ادهم البارون
تجلس ليلي في الشرفة الكبيرة ، وتحمل كوبًا من الشاي بالنعناع كما تحب.
سبق نادين صوت رنين كعبها العالي ، ليحطم هدوء المكان ، وقالت بإستخفاف : صباح الخير يا طنط
نظرت ليلي إليها بعين غاضبة من سخريتها متمتمة : صباح النور
أردفت ببرود بينما كانت نادين تسير ، وتجلس علي المقعد الأخر أمامها : بالمناسبة ادهم و مراته راجعين انهاردة من السفر
نادين بتعجب : بالسرعة دي غريبة ماكملوش يومين يعني
ليلي بسخرية : انا حبيت اعرفك قبل ما تخرجي وترجعي متأخر زي كل يوم من وقت ما سافرو
كانت نادين متوترة من أسلوب تلك المرأة العجوز ، فتذمرت حتى لا تلاحظ عصبيتها : ايه يا طنط انتي عايزاني اتحبس في البيت يعني مش كفاية اني متجوزة ابنك و مش مراعيني خالص جواز بالاسم بس
تشدق وجه ليلي بابتسامة جانبية قائلة بصرامة : احمدي ربنا يا نادين انه مستحملك ومش عايز يطلقك لحد دلوقتي و اسلوب كلامك معايا تعدليه بلاش دور الزوجة المظلومة اللي انتي عايشة فيه دا واضح كلامي
تمتمت نادين بحنق : واضح
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
اما في الصعيد
تحديدا في غرفة نوم ادهم و كارمن
تملمت كارمن في نومها إلى الجانب الآخر من السرير ، ووضعت يدها على مكان نوم أدهم لتتفاجأ أن المكان كان فارغًا.
نهضت وفتحت عينيها الزرقاوين ، تتثاءب بنعاس ، تحدق في الغرفة لتدرك أنها كانت وحيدة فيها.
مدت يدها إلى الطاولة المجاورة للسرير وأخذت هاتفها ، لتنظر إليه مخاطبة نفسها : انا نمت كتير اوي كدا .. الساعة بقت 10 ونص .. ادهم شكلو سبقني علي تحت .. بس ماصحنيش معه ليه دا؟!!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند ادهم
كان يسير في الأراضي الخضراء حول المنزل ، وقد استيقظ منذ الفجر وتسلل من جانب كارمن ثم جاء إلى هنا ، وحتى الآن كان يفكر فيما سيفعله ، ويحاول ترتيب أفكاره بهدوء وتمهل.
أخرج هاتفه من جيب بنطاله وضغط على زر الاتصال.
بعد لحظات سمع صوته قائلا بمرح : صباح الخير يا ابو الاداهيم
ادهم بضجر : صباح النور مش وقت سخافه علي الصبح يا مالك
مالك بحيرة : في ايه يا ادهم شكلك قرفان ليه كدا؟
تنهدت ادهم قائلا بهدوء : مفيش حاجة انت فينك
مالك : في البيت هفطر واروح الشركة
ادهم : طيب لما توصل احجزلي علي طيارة باريس انهاردة بليل او بكرا بالكتير
مالك : صبرك عليا عشان اترجم الكلام .. انت مش في الصعيد يا بني
ادهم بملل : ايوه راجعين انهارده هنتحرك من هنا علي الظهر و بليل نوصل مصر
مالك بدهشة : ايه اللي هيرجعكو بسرعة كدا في مشاكل ولا ايه !! ماتفهمني عدل
ادهم بهدوء : مش ضروري تفهم بعدين هبقي اقولك .. المهم دلوقتي نفذ اللي قولته .. يلا سلام
مالك بقلة حيلة : ماشي اللي تشوفه .. سلام
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد فترة وجيزة في المندرة
الحج عبدالرحمن : ايه يا ولدي الكلام دا .. معقول تسافروا بسرعة كدا لسه مالحقناش نشبع منكم
ادهم بإحترام : سامحني يا حج عبدالرحمن لكن عندي شغل كتير لازم اتابعو بنفسي
أومأ الحج عبدالرحمن برزانه و تفاهم : اذا كان الموضوع شغل خلاص يا ولدي ربنا يكتبلك التوفيق و يصلح حالك
ادهم بإبتسامة : تعيش يارب
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند كارمن
خرجت كارمن من الحمام علي طرق الباب ، فذهبت لتفتح لتجد مريم تدخل وتمسك بيد ملك
كارمن بإبتسامة رقيقة : صباح الخير يا ماما
مريم : صباح الورد يا كوكي
هبطت كارمن أمام ابنتها الصغيرة ، وهي تقبل وجنتها المكتنزة بحب : ملوكة قلبي هاتي بوسة لمامي
مريم بهدوء : حبيبتي انا جيت اقولك ان ادهم كلم جدك عشان عايزنا نرجع مصر انهاردة
نهضت كارمن علي قدميها قائلة بإستفهام : ليه نرجع هو كان قالي اننا ممكن نقعد اسبوع .. و بعدين هو ماقاليش بنفسه ليه ؟
مريم بتبرير : يمكن زهق من القعدة هنا .. انتي عارفه طبع ادهم شغل و خروج .. حياته مختلفة خالص عن الحياة هنا يا بنتي ..
ثم اردفت مجيبة علي سؤالها : هو اكيد اتحرج يقولك عشان ماتزعليش منه
كارمن بقلة حيلة : ماشي هحضر الشنط واجهز نفسي
مريم : لا سيبي انتي الشنط و روحي اقعدي مع جدك زي مافهمتك امبارح بعد مانفطر كلنا سوا قبل السفر
كارمن بضيق : حاضر هغير هدومي...
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الاسفل
تناول الجميع وجبة الإفطار في جو هادئ.
لم يتحدث أدهم وكارمن أثناء الإفطار ، لكنهما تبادلا بضع كلمات بسيطة رداً على أسئلة الجميع.
بعد فترة وجيزة
كانت كارمن تجلس على بعد مسافة صغيرة من الحاج عبد الرحمن في المندرة بناء على طلبها ، رحب الجد بذلك ثم جلسوا يتحدثون بهدوء.
استرسل الحج عبدالرحمن حديثه : انتي عارفه يا كارمن يا بنتي قبل ما تيجي .. كان عندي خبر بكل حاجة عن طريقة جوازك من ادهم وعدم رضاكي عن الوضع وانك اضطريتي لكدا عشان مافيش حد يقف في ظهرك
حاولت كارمن أن تقاطع حديثه : جدي
الحج عبدالرحمن : خليني اكمل كلامي وبعدين احكي علي راحتك
كارمن بإحراج : اسفه اتفضل يا جدو
الحج عبدالرحمن بنفس الهدوء : كنت ناوي اطلقك منه واخليكي تعيشي تحت سقف بيت اهلك و وسط عزوتك حتي لو هو مارضيش .. لكن بعد ما شوفت قد ايه هو انسان كويس و طيب .. كمان امك نفسها حكيتلي كل حاجة بيعملها عشانك وعشان الصغيرة فبدأت افكر من تاني
اختنق صوته ، لكنه أصر على أن يخرج ما في قلبه ، وامتلأت عيناه بالدموع التي بدأت تتساقط بهدوء ، قائلا بندم وألم : انا غلطت يا بنتي في حق ابوكي جيت عليه كتير من صغره .. مش عشان مابحبوش بالعكس دا ابني البكري الغالي اللي من يوم ما اتولد اعتبرته السند و العون ليا .. يمكن عشان كدا قسيت عليه من غير ما ادري .. و بعد اللي حكيته ليا امك اتأكدت اني خلفت راجل بصحيح
تأثر قلب كارمن كثيرا بكلمات جدها ، ورغم عنها دموعها سقطت على خدها ولم تستطع الجلوس في مكانها ، فقامت وعانقته بحزن ودعم كبير.
اردف بصوت أجش ، وهو يربت على رأسها ويعانقها بحنان : صدقيني يا بنتي بعد ما لاقيتك يعز عليا فراقك .. لكن انا مرتاح انك في عصمة راجل جدع كيف ادهم هو انسان شهم .. رغم اني عرفت انه متجوز لكن معاملته ليكي وخوفه عليكي وعلي بنتك يغفرله اي حاجة
صمت قليلا ، ثم أخرجها من أحضانه عندما لم يتلق أي رد منها ، ليقول بهدوء : وماتفتكريش اني بقول كدا عشان اللي سمعته عنه و بس .. لا من كلامي معه فهمته و عرفت قد ايه هو راجل يعتمد عليه
هتفت كارمن بإندفاع : بجد يا جدي دا رأيك فيه؟
ابتسم علي لهفتها وقال بمحبة : ايوه يا حبيبتي انتو صحيح ظروف جوازكم كانت غلط و قاسية بس قلبكو نظيفة و هتنجحوا في حياتكو مع بعض ان شاء الله
ابتسمت كارمن من بين دموعها قائلة بسعادة حقيقية : ربنا مايحرمنيش منك يا جدي و يخليك لينا يارب .. انا كمان فرحانه اوي اني شوفتك و عرفتك كنت محتاج ليك جدا في حياتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد قليل
قالت حنان بصعوبة وهي تعانق مريم بلطف : هتمشو بسرعة اوي كدا مالحقناش نقعد ونتكلم زي ما اتفقنا يا مريم
نظرت مريم اليها بإبتسامة وقالت : سامحيني يا حبيبتي مش بإيدي لكن اوعدك هنيجي تاني انا حبيت المكان و حبيتكو اوي ربنا اللي عالم
حنان بود : من القلب للقلب رسول يا غالية
انضمت إليهما كارمن فإقتربت من حنان وعانقتها ، قائلة بهدوء : سلميلي علي روان اوي يا طنط حنان و قوليلها ماتزعلش اننا مشينا وهي مش موجودة .. وانا لما اوصل مصر هبقي علي اتصال بيها عشان اطمن عليكو
حنان : فكرتيني صحيح هتزعل جدا انكو ماقعدتوش معانا وماشيين .. معرفش انا وراكو ايه لو علي جوزك هو يسافر لشغلو و يعاود تاني يا الف مرحب به
كارمن بتنهيدة : ياريت كان ينفع يا طنط انا نفسي جدا افضل معاكو اكتر من كدا .. بس انا كمان بشتغل معه وفي شغل كتير محتاجنا
حنان : ربنا يصلح ليكو الحال يا حبيبتي و نشوفكم علي خير
بدر بإبتسامة لطيفة : مش هتسلمي علي عمك يا بنتي
ذهبت اليه كارمن و عانقته بمحبه ، بينماوهو اخذ يربت علي شعرها ، ليغمغم بحنان : هنتوحشك يا حبيبتي و قريب هتلاقينا عندك عشان نطمن عليكي
كارمن بنبرة ناعمة : ربنا يخليك ليا يا عمو
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد ساعتين علي طريق السفر
في سيارة ادهم
أدهم يجلس بجانبها ، لكنه لا يرفع عينيه عن الحاسوب الذي يضعه في حجره ويواصل عمله ، بينما كارمن أيضًا صامتة ، لا تريد أن تبدأ الحديث معه ، ويدور في ذهنها سؤال واحد بحيرة : ايه اللي غيرو من نحيتي كدا لا بيكلمني ولا معبرني كأني مش موجودة .. حتي ماكلفش نفسه انه يقولي ليه راجعين بسرعة كدا .. ماهو لو علي الشغل صحيح هو بيشتغل من مكانه و مالك بيتصرف لو في حاجة ايه قلب حاله كدا ياربي بس
ادهم بهدوء : مالك ساكته من ساعة ما مشينا .. زعلانه مش كدا؟
خرجت من افكارها على صوته وردت بهدوء ايضا : لا عادي مش زعلانه ولا حاجة طالما الشغل عايزك مفيش مشكلة
أغلق أدهم الحاسوب ونظر إليها بتمعن ، ليسأل بصوت أجش : بس انا حاسك زعلانه من حاجة
كارمن بخفوت : اضايقت شوية انك ماقولتليش بنفسك اننا راجعين انهاردة
لم يستطع أدهم مقاومة ملامسة خصلات شعرها البنية التي هبت عليها الريح ، فداعبها عفويا بأصابعه قائلا بحنو : مارضتيش اصحيكي من نومك
كارمن بإبتسامة هادئة : تمام
أمسك بيديها الدافئتين قائلا بلطف ، ولم يستطع تصنع البرود بعد أن شعر بضيقها : اتكلمتي مع جدك في ايه؟
بينما كانت تنظر إليه بدهشة ، تتسائل في ذهنها ما الذي غير مزاجه معها دون أي سبب واضح ، ثم ردت برقه : قولتلو اني مش زعلانه منه واني سامحته و وعدته اننا هنزوره تاني قريب
واضافت بهمس : اول ما حضنته استريحت وشميت فيه ريحة بابا حسيت انه قدامي من تاني الله يرحمه .. عشان كدا اضايقت شوية و احنا ماشيين ماكنتش عارفه اني هتعلق به بسرعه كدا
ادهم بإبتسامة : هخليكي تسافري تشوفيهم تاني اي وقت تحبيه
كارمن بسعادة : بتتكلم جد!!
أومأ إليها بصمت ، ثم عاود النظر إلى جهاز الحاسوب الخاص به.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في منزل ميرنا
تقدمت ميرنا من باب الشقة عندما سمعت دق الجرس ، ثم فتحته لتتفاجئ بقاسم يقف عند باب المنزل ، ويقول بابتسامة جانبية ، بينما تفحصت عيناه جسدها الرشيق في ذلك السالوبيت الجينز الذي لائم عودها تماما : وحشتني يا وحش
ميرنا بفتور : اهلا يا قاسم ادخل
اردفت وهي تغلق الباب بعدما دخل : خير ايه سبب الزيارة المفاجأة دي؟
ذهب إلى الأريكة الكبيرة وجلس عليها بشكل مريح : كل حاجة اتفقنا عليها حصلت
جلست ميرنا بالمقعد المجاور اليه قائلة بتعجب : لحقت تنفذ بالسرعة دي
ابتسم قاسم بمكر : اضرب علي الحديد وهو ساخن يا مزة
ميرنا : تمام اوي هات الفلاشة
ألقى قاسم نظرة جريئة على جسم ميرنا الجذاب : مش قبل ما تسهرينا سهرة حلوة
ردت ميرنا بضحكة ساخرة : هي نادين ماقامتش بالواجب
قاسم : نادين صاروخ مافيهاش كلام .. بس انتي حاجة تانية ليكي طعم تاني
وضعت ميرنا إحدى قدميها فوق الأخرى أمامه قائلة بمكر أنثوي : دا عشان لحد دلوقتي ماطولتش مني حاجة .. و ماينفعش يحصل احنا مع بعض فيد و استفيد اكتر من كدا مفيش
قاسم بضحكة : ماشي يا ريري اتقلي براحتك بكرا هتيجي بكيفك
اضاف بإستفهام : قوليلي ناوية علي ايه ؟
ميرنا ببرود : مش لازم تعرف
رفع قاسم حاجبه قائلا بدهشة : ازاي مش لازم اعرف احنا مش شركاء ولا ايه؟
ميرنا : اكيد
قاسم بإلحاح : خلاص امتي هنساوم نادين علي الفيديوهات
ميرنا بضجر : انت ليه مستعجل كدا الصبر حلو !!
قاسم بإستياء : ايوه بس انا محتاج فلوس الايام دي
ميرنا بسخرية : ومين سمعك انا كمان محتاجة فلوس يمكن اكتر منك بس لازم نصبر
قاسم بدهشة : ومحتاجة الفلوس في ايه ما انتي عندك ورث جوزك
ميرنا : صح بس اللي انت ماتعرفوش ان اهل المرحوم مش ساهلين مستكترين عليا الملاليم اللي ورثتها عنه و عاملين ليا مشاكل
قاسم : طيب ما نسرع الامور
ميرنا : ومين قالك ان نادين معاها فلوس .. انت ناسي انها صحبتي كل حاجة عنها اعرفها
قاسم بتأفف : اومال عاملين الحكايات دي كلها ليه!!
هتفت ميرنا بسأم : فتح مخك جوزها مليونير و معروف اسمه زي الطبل في البلد .. لما توصلو الفيديوهات دي هيبقي مستعد يدفع اي مبلغ نطلبو منه من غير مايفكر .. مش هنحتاج نتعامل مع نادين من الاساس .. ساعتها هيدفعلنا و قليل عليها لو طلقها بعد اللي عملته فيه وممكن يقتلها كمان مين عارف؟
ابتسم قاسم قائلا بصوت خفيض ، وعيناه تلمعان بخبث من إعجابه بشدة دهائها : انتي ازاي خطيرة كدا دا ابليس نفسه يضربلك تعظيم سلام
ضحكت ميرنا بحقد : ساعتها حلال علينا الفلوس و حلال في نادين اللي هيجرلها من جوزها المغفل
قاسم بإلحاح : هرجع تاني و اسألك امتي هنفذ!
ميرنا بحنق : يوووه علي زنك مش دلوقتي انا عارفه بعمل ايه كفاية اسئلة انا صدعت منك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل السابع والثلاثون
بعضهم مريض ، يكذب و يلومك علي عدم التصديق ..!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلا في قصر البارون
داخل جناح ادهم
خرج أدهم من الحمام ، وهو يلف أسفل جسده بمنشفة كبيرة فقط ، بعد أن أخذ حمام منعش من عناء السفر الطويل ، ولكي يجدد نشاطه تمهيداً لسفره الذي يفكر في كيفية إخبار كارمن بذلك الآن.
توقف مكانه ، وهو يراها تدير اليه ظهرها ، وتعبث في حقيبة سفره.
رفع ادهم حاجبيه متسائلا : بتعملي ايه!!
أدارت كارمن كتفها إليه ، وقالت بنبرة عادية : بطلع هدومنا من الشنط زي ما انت شايف
أخذ نفسا عميقا قبل الرد محاولا الحفاظ علي رِباطة جأشه أمامها : احم لا سيبي هدومي زي ماهي في الشنطة
رمشت كارمن بعدم استيعاب : ليه مش فاهمة!!
تحرك بثبات نحو غرفة الملابس ، قائلاً ببرود : انا مسافر .. بعد كام ساعة هتقوم طيارتي
وقفت هناك مصدومة ، وعقلها يكافح لترجمة ما قاله منذ ثوان ، ثم مشيت ورائه إلى غرفة الملابس ، قائلة بتوتر : هتسافر لوحدك
تسائل أدهم بدهشة وهو يقف زر بنطاله بعد أن لبسه : نعم!
تنحنحت بحرج من سؤالها السخيف مصححة صيغة سؤالها : قصدي يعني هتسافر فين و هتقعد قد ايه؟
أجاب أدهم ، وهو يستمر في ارتداء ملابسه بجمود : رايح باريس في عملاء مهمين لازم اقابلهم قبل ما يبدأ الديفليه
فركت كارمن رقبتها بإضطراب ، وقالت بإستفهام : ضروري يعني السفر النهاردة. ..احنا لسه راجعين من مشوار متعب كتير عليك الضغط دا
رد أدهم بكذب دون أن ينظر إليها : ماتقلقيش عليا انا متعود .. وكمان هما ناس مهمه جدا يعني وقتهم بفلوس و مرتبطين بمواعيد كتير واحنا المحتاجين ليهم لان الفايدة الاكبر هتعود علينا فلازم اسافر بسرعة
قطبت كارمن حاجبيها قائلة بضيق : هتغيب كتير
ادهم بتنهيدة : مش اقل من اسبوعين
وأضاف بعد أن انتهى من لبسه ، وتوجه نحو باب غرفة الملابس ، ملاحظًا صمتها قائلا بهدوء وهو يقف أمامها مباشرة ، ومد يده إلى ذقنها ليجعلها تنظر إليه : مكشرة ليه!!
نظرت كارمن اليه ببراءة قائلة بنعومة : مافيش حاجة
نظر أدهم إلى داخل زرقاوتيها التي شتت كيانه بالكامل ، خاصة عندما حدقت فيه بعيونها اللامعة بإطلالاتها البريئة ، ثم تدحرجت عيناه على ملامحها عاقدا حاجبيه ، بينما زرقاوتيه الداكنه تموج بمشاعر مختلطة علي ملامحها الجميلة ، فهو يشتاق إليها منذ الأن ، هامسا بدون وعي : هتوحشيني
أحاط أدهم رأسها بكفيه وقبل جبهتها بحنان لم يستطيع قمعه ، ليغمغم بصوت هادئ : خدي بالك من نفسك كويس و من ملك
ابتسمت كارمن بحب رغم الضيق الذي يألم قلبها ، وتمتمت : وانت كمان
رفعت أصابع قدميها ، لتطبع قبلة رقيقة دافئة بجوار فكه مما ألهب مشاعره بشوق أكبر لها.
ثبت أدهم عينيه على شفتيها المرتعشتين ، ثم جذبها إليه علي حين غرة ، مقتنصا شفتيها في قبلة محمومة بمشاعر عديدة.
اتسعت عيناها مصدومة من فعلته لبرهة ، ثم سرعان ما تلاشت الصدمة ، وهي تلف ذراعيها حول رقبته.
تبادلت معه القبلات الحارة بجرأة كبيرة أثارت مفاجأتها هي نفسها ، لكنها من الآن تشتاق إليه ، لا تريده أن يبتعد عنها ، تريد أن تحيطه بحنانها ، و أن تشعر بالأمان الذي يحيطها بحضوره بجانبها.
كيف ستتحمل غيابه عنها ، على الأقل الآن ، يمكنها أن تأخذ منه جرعة صغيرة لتهدئة روحها ، لعلها تستكين قليلاً ، فأن عشقه سكن وجدانها ، واصبح حياتها كلها.
إستمع إلى تنبيه عقله ، وانه يتواجب عليه أن يتغلب على هذا الانجراف الذي قد يجعله يلغي كل ما خطط له ، ويبقى في ذلك النعيم بالقرب منها.
يريد الابتعاد ، لكن كل حواسه ترفض الانصياع لأوامر عقله ، مطالبة بالبقاء على هذا القرب المهلك منها ، ولا تريد سواها.
كانت الدموع تنهمر من جفنيها المغلقين ، وأغرقت خدها حين صفعت تلك الأفكار السيئة التي تخيفها في عقلها ، وأنها لن تبقى معه في هذا الوضع أكثر من بضع ثوانٍ ، ثم سيبتعد عنها.
كيف ستتحمل فراقه ، لا تستطيع ليس بعد أن أحبته بجنون.
شعر أدهم بتلك القطرات التي بللت وجهه ، وعقد حاجبيه بحيرة وهو يفصل بين قبلتهما ويبتعد قليلاً ، ناظرًا إليها بدهشة ، لكن عقله ترجم تلك الدموع التي رآها تغرق وجهها بشكل خاطئ تمامًا.
حيث ظن أنها تذكرت أخاه ، أو ربما لا تريده أن يكون قريبًا منها من الأساس ، فلم يستطيع التحدث معها أو مواجهتها ، قائلاً بصوت أجش : انا لازم انزل اعمل شوية مكالمات من المكتب قبل السفر
شعرت كارمن بالدوار حالما ابتعد فجأة عن جسدها ، فحاولت أن تتكئ على الباب خلفها ، قائلة بحة خافتة ، وهي تمسح دموعها بظهر كفها : طيب انا هحضرلك باقي الحاجات في شنطتك
ذهب ادهم الي المنضدة ، وتناول ساعته لكي يلبسها ، قائلا بجمود : تمام
ابتلعت كارمن غصه تشكلت بحلقها قبل أن تتساءل بتفكير : احط لبس تقيل
هتف ادهم وهو يفتح باب الغرفة ، ليغادر إلى الأسفل : مش كتير الجو في الوقت دا كويس من السنة هناك
همست كارمن بأنفاس مضطربة : حاضر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة أيام من سفر أدهم
في الصعيد
هتفت روان بصوت عال : ايوه يا كوكي وحشتيني اخبارك ايه
قطبت كارمن بين حاجبيها من صخب صوت روان وقالت بلطف : الحمدلله حبيبتي انتي عاملة ايه و جدو والجماعه كلهم ازيهم
وزعت روان أنظارها بين جدها وامها الذين يجلسون أمامها وقالت علي الفور : كلنا بخير الحمدلله بيسلمو عليكي و جدو عايز يكلمك
همست لجدها بعيون تلتمع برجاء : جدو عشان خطري بلاش تطول .. عايزة الحق اكلم معاها شوية
زجرتها حنان بتأنيب : بطلي رخامة يا روان سيبي جدك براحته عيب كدا
قال الحاج عبد الرحمن وهو يمسك الهاتف : ماشي يا شقية سيبي التليفون من يدك هيقع مني كدا
ثم قال الجد بمحبة بعد أن وضع الهاتف بجوار اذنه : الو يا نن عين جدك اتوحشتك يا حبيبتي
ابتسمت كارمن بسعادة وهي تستمع إلى كلماته الحنونة ، حيث حياتها اصبحت افضل بعد أن تقربت من جدها : اهلا اهلا يا جدو .. انت كمان وحشتني .. طمني علي صحتك بتاخد الدواء و لا بتطنش
ضحك الجد قائلا ببشاشة : لا يا بنتي عندي هنا طقم كامل بيشرف علي كل مواعيد الدواء .. دا كفايه زين لوحده لو نسيت او راحت عليا نومه يفضل يتحدث كثير علي انه غلط .. لكن كلامه مابفهموش اصلا
قالت كارمن بضحكة : خايفين عليك يا جدو و دا لمصلحتك .. سيبك منهم كلهم وحياتي انا عندك خد الدواء بإنتظام
الحج عبد الرحمن بحنان : عيوني يا روح جدك .. سلميلي علي والدتك ووصلي سلامي لجوزك و امه كمان و بوسي الصغيرة نيابة عني
اردف بضحكة رجوليه عاليه : المخبلة روان عينيها بتطق شرار من دلعي ليكي خدي اهي معاكي كلميها
ضحكت كارمن علي كلماته وقالت برقة : حاضر يا جدي يوصل
أخذت روان الهاتف عن جدها ، وابتعدت عنهما قليلاً ، وقالت مازحة : ايوه يا كوكي كدا عايزة تخطفي مني الراجل حرام عليكي
كارمن بإستياء مزيف : انتي طماعة اوي يا لهوي منك مش مكفيكي جوزك
روان بتذمر طفولي : جدو قاعد معايا علي طول بس جوزي بينزل الفجر و يرجع بليل يا اختي
كارمن بسخرية : احمدي ربنا انا بقي جوزي مسافر بقالو 4 ايام اهو و محدش بيدلعني
روان بضحكة عاليه قائلة بمكر : ليه هو مش بيديكي جرعة حنان و رومانسية في التليفون
تنهدت بحزن : لا شكلو مشغول جدا بشغلو ومعندوش وقت للرومانسية
روان بإستغراب من صوت ابنة عمها الحزين : مالك يا كوكي حاسه انك مضايقة
تطلعت كارمن إلى السقف وقالت بهدوء : انا تمام يا حبيبتي ماتقلقيش .. بس عندي شغل دلوقتي لما اروح البيت هرجع اكلمك براحتي
صمتت روان قليلا ولم تصدق نبرتها المهزوزة ، لكنها أجلت الأسئلة لوقت أخر ، قائلة بقلة حيلة : ماشي يا قلبي هستناكي سلام
كارمن : مع السلامه
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في النادي
حيث تجلس نادين وميرنا
تساءلت ميرنا ، وهي تري شرود صديقتها الغريب : ايه الاخبار؟
تنهدت نادين بسأم : من وقت ما رجعو من السفر و ادهم سافر علي باريس .. مافيش اي جديد غير ان الهانم كل يوم بتنزل الشركة مع الحرس بتوع ادهم
ميرنا بإستفهام : و تفتكري ليه ماسفرتش معه؟
تمتمت نادين بغيظ : مالحقتش افهم ايه اللي حصل اصلا في الصعيد .. بس سمعت امه بتقول ان كارمن هانم بتجهز للديفليه اللي هتعملو شركة ادهم .. يمكن عشان كدا ماسفريتش معه
ميرنا بإبتسامة خبيثة : واو شكل كارمن هانم هتكون سيدة اعمال مهمه الفترة الجاية
نظرت نادين إليها نظرة حارقة وصاحت بغضب : ميرنا انا مش نقصاكي .. دا كلو كوم و الحصار بتاع امه عليا كوم تاني خالص .. حاسبة عليا الدخول و الخروج ربنا ياخدها الحيزبونه دي و يخلصني منها
إلتفتت ميرنا حولها وعلي وجهها إبتسامة جامدة ، وهمست بزمجرة فيها : اهدي يا نادين كل مرة تفرجي علينا الناس بصريخك دا
نادين بقهر : مش عارفه اتصرف ازاي معهم حاسة بخنقة بشعة بسببهم
فجأة ، شعرت بصدام على الطاولة التي كانوا يجلسون عليها ، فتطلعت إلى الأمام لتري بعض الأطفال يلعبون بالكرة ، وقد اصطدمت بالطاولة أثناء اللعب.
صرخت عليهم نادين بغضب حاد : انت يا شاطر منك له العبو بعيد لا اخلي امن النادي يطلعو برا
خاف الأطفال من صراخها المرعب وهربوا من المكان ، بينما كانت ميرنا تراقب ما يحدث ، وهي تضحك على طريقة صديقتها المخيفة مع الأطفال.
ضحكت ميرنا بقلة حيلة : ما تهدي يا نادين دول اطفال ذنبهم ايه تطلعي همك فيهم .. وانتي اصلا موضوعك معقد وبعدين كنت عايزة افهم حاجة ..
عقدت نادين حاجبيها وقالت : حاجة ايه!!
ميرنا بتساءل : انتي ليه كنتي مستعجلة في اول جوازك علي الخلفة و انتي اساسا مابتحبيش الاطفال ؟
اجابت استخفاف : مين قال اني كنت مستعجلة انا حتي لو كنت خلفت كانت هتربيه مربيات مش انا خالص ..
ثم أردفت بحنق : دي كانت فكرة بابا منه لله بقي قبل ما يموت ملي دماغي .. خلفي منه و هاتيلو وريث عشان تضمني انك تعيشي في العز عمرك كله
أومأت ميرنا برأسها ساخرة : ايوه و مات ابوكي و البستي انتي في حيطة
أومأت نادين وقد تجعد وجهها بعبوس ، قائلة بإستياء : بالظبط كدا فتحت علي نفسي فتحة سوده .. كان بقالنا 10 شهور متجوزين ومفيش حمل .. فضلت ازن ازن علي دماغ ادهم عشان نكشف و انتي عارفه الباقي و بقت اكذب كذبة ورا كذبة عشان اداري علي الكذبة الكبيرة
ابتسمت ميرنا بتلاعب ، وقالت بخبث : عارفه احسن حل تعمليه ايه
نادين بلهفة : الحقيني به
ميرنا بغموض : تخلصي من مراته دي تماما
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوع
في شركة البارون
داخل مكتب كارمن ، الذي كان في الماضي مكتب عمر المدير التنفيذي السابق ، لكن يبدو مختلف تمامًا بعد التجديدات التي طرأت عليه.
أغمضت عينيها وأعادت رأسها إلى المقعد المريح ، منهكة من كثرة التدقيق في الأوراق أمامها ، ثم شردت في أفكارها بعيدا.
مر الأسبوعان بسرعة ، وهي تستمر في العمل بانتظام ، وكل شئ يسير على ما يرام ، لكنها تجد ضغوطًا كبيرة من مقدار الأعباء التي تتحمل مسؤوليتها وحدها.
ماذا عليها أن تفعل؟
يجب أن تتحمل ، لأنها تريد أن تثبت جدارتها حتى يعلم أدهم مدى التزامها وجديتها في العمل.
تنهدت بعمق علي ذكر أدهم الذي تفتقده بشدة ، لكنها حزينة في أعماقها رغم أنها لا تظهر ذلك ، لكن عدة مشاعر تأتي إليها ، وتزعج نومها في الليل حزينة لأنه بعيد عنها.
بعد أن تعودت على وجوده بجانبها ، تفتقد مشاكسته معها ، وجديته ، ومداعبته ، وقربه الذي يجعل قلبها يخفق مثل الطبول.
تعترف بأنها تشتاق لكل شئ يخصه ، وما يحزنها كثيرا هو بروده في الحديث معها عندما يتصل بها ، فهو لا يتحدث في الهاتف لأكثر من دقيقتين ، ولا يتحدث معها إلا عن أمور العمل وعن أحوال ملك.
لتنتهي المكالمة خالية من أي عواطف ، رغم أنها ترغب في التعبير عن شوقها إليه ، لكنها عندما تتلقى هذا الجفاء غير المبرر منه تصمت حفاظًا على كرامتها.
أطلقت تنهيدة عميقة ، وهي تفتح عينيها محاولة إخراج كل هذه الأفكار من عقلها حتى تتمكن من التركيز فقط على العمل.
بعد بضع دقائق رن الهاتف اللاسلكي بجانبها حيث كانت السكرتارية تتصل بها ، وأجابت بجدية : ايوه يا مها
تحدث مها بنبرة عملية مهذبة : استاذة كارمن الفريق في انتظار حضرتك في القاعة عشان ميعاد الاجتماع
كارمن بهدوء : تمام انا جاية حالا
أغلقت المكالمة ، وقامت من مقعدها ، وجمعت الأوراق والأشياء التي تخصها ، وأمسكت بها بإحكام في يدها ، وغادرت المكتب بخطوات ثابتة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد بضع ساعات من العمل
تقف كارمن داخل غرفة فسيحة مخصصة للتصميم مع فريقها ، وكانت الغرفة مميزة جدًا بزخارفها التي تتناسب مع أجواء الفساتين ، وكل ما يتعلق بالأزياء والموضة.
التفتت كارمن إلى الفتاة التي تقف خلفها ، وبدت وكأنها شاردة ، حتى بعد أن أنهى الجميع عملهم وبدأوا في مغادرة الغرفة.
بقيت واقفة في مكانها غير منتبهة لأي شيء ولا تتحرك ، تفاجأت كارمن بها وذهبت نحوها ، قائلة بسؤال قلق : مالك يا نسمة .. نسمة بكلمك
خرجت نسمة من شرودها قائلة بإحراج ، وهي تري أن المكان كان خاليًا من الجميع : انا اسفه في حاجة فاتتني؟؟
عبست ملامح كارمن ، وقالت بإستغراب : انتي مش معايا خالص عقلك فينه
خجلت نسمة منها قليلا ، وقالت بإبتسامة بسيطة : موجود والله
ضيقت كارمن عينيها عليها ، وقالت بفطنة : لا انتي كنتي سرحانه في حاجة شغلاكي
ثم تركت كارمن الأقلام من بين يديها ، واقتربت منها واضعة راحة يدها على ظهر نسمة ، لتمشي معها دون اعتراض من الاخري ، ثم جلسوا على الكنبة بجانب بعضها البعض.
تسائلت كارمن بهدوء : مالك احكيلي
نسمة بإضطراب : مافيش حاجة مهمة
كارمن بإصرار : لا اكيد مهمة عندك طالما مشغول بالك بيها لدرجة دي
ابتسمت نسمة بأدب وقالت بصدق : انا اسفه انا فعلا سرحت شويه غصب عني صدقيني مش قصدي
ربت كارمن براحة يدها علي كتف نسمة بلطف : مش محتاجة تعتذري كتير كدا .. لو مش هتعتبريني بدخل في امورك الشخصية .. هو السرحان دا سببه يوسف مش كدا
حدقت نسمة فيها ، لتقول بصدمة : هو انا واضح عليا للدرجة دي
أومأت كارمن وقالت بهدوء : كان واضح من نظراته المركزة فيكي طول الاجتماع و انتي كمان كنتي متوترة و مسهمة .. كأن الجو مكهرب بينك وبينه هو مضايقك في حاجة
تحول وجهها إلى اللون الأحمر من الحرج الذي تسببت فيه لنفسها ، ولم تستطع الإجابة.
عندما تلقت كارمن منها الصمت غيرت صيغة سؤالها ، وقالت بإستفهام : انتي بتحبيه يا نسمة؟
أطلقت تنهيدة قصيرة وخفضت جفنيها ، وكانت الأفكار تتضارب في عقلها.
تحتاج إلى أن تخبر أحدهم بما يزعجها ، لأنها بطبيعتها انطوائية للغاية وتحتفظ بأسرارها في داخلها ، لكنها حزينة لدرجة أنها تشعر وكأنها على وشك الاختناق.
لا تعرف سبب ارتياحها لكارمن ، فهي تعمل معها منذ أسبوعين فقط ، لكن طيبة قلبها ولطفها في المعاملة جعلها تطمئن ، وتفتح قلبها لها ، لعلها تهدأ قليلاً.
همست نسمة بصوت خجول منخفض : انا و يوسف كنا مخطوبين لبعض
ارتفعت حواجب كارمن بإندهاش عند سماع هذا النبأ : بتكلمي بجد!!
اومأت برأسها قائلة بنبرة هادئة يشوبها الحزن : ايوه .. اتخطبنا 6 شهور و قبلها كنا زمايل و اصدقاء هنا بالشركة سنتين من وقت ماجيت اشتغلت في الشركة
عضّت كارمن شفتيها بتردد خوفًا من إزعاجها : تسمحيلي اسألك طيب ايه اللي حصل معاكو
أسدلت نسمة عينيها واستمرت في الحديث بنفس الهدوء : في الاول انا كنت فرحانه اوي لما خطبني هو انسان كويس اوي و ابن ناس و طموح جدا في شغله وناجح .. كانت كل الامور تمام و بجهز للجواز ..
تنهدت بضيق مردفه : بس هو فجأة اتغيرت طريقته معايا بقي مشغول طول الوقت معندوش دقيقة واحدة يكلمني فيها .. في الاول عذرته وقولت يمكن عنده سبب مهم وضغط الشغل عليه و التزامات الجواز فسيبته لنفسه شويه ...
نطقت كارمن تحثها على استكمال حديثها : تمام و بعدين
أخذت نفسا عميقا قبل أن تستأنف كلامها : الوضع دا استمر شهر و نص .. وانا معرفش مالو ولا عارفه اتكلم معه .. ومن 3 شهور كنت جيبالو ورق مهم يمضيه في مكتبه .. كان ممكن ابعته مع السكرتاريه بس قصدت اروحلو انا عشان اتكلم معه
ثم اضافت بتفسير : كان هو في حمام المكتب وقتها .. انا قعدت استناه و كنت محضره كلام كتير اقوله لما يخرج .. كان حاطط تليفونه علي المكتب .. سمعت صوت وصول رسالة ليه وانتي عارفه فضول البنات حبيت اشوف الرسالة عادي مش اكتر .. قومت ووقفت ورا المكتب وانا مترددة وخايفه من رد فعله واول مرة اتصرف بالشكل دا وعلي اخر لحظة كنت خلاص غيرت رأيي وهرجع مكاني .. لكن لمحت اسم رانيا علي الرسالة ففتحتها...
كارمن بتساءل : رانيا مين!!
رمشت نسمة وقالت : بنت بتشتغل هنا في الشركة عارضة ازياء
جاءت في ذهن كارمن صورة تلك الفتاة الفاتنة التي لم تشعر بالراحة إليها منذ الوهلة الأولى : ايوه افتكرتها انا شوفتها مرة قبل كدا .. معلش اني قاطعتك كملي
أضافت نسمة بصوت مخنوق بالعبرات : لما فتحت الرسالة لاقيت محادثة طويلة بينهم و كلها كلام زي حبيبي روحي وبيدلعها وبيهزروا سوا بقالهم فترة كبيرة
ارتفعت حاجبين كارمن بإزدارء وقالت : يعني طول الفترة اللي كان متغير معاكي فيها كانو بيكلمو بعض
نسمة : بالظبط كدا
كارمن : و عملتي ايه؟
Flash Back
كانت نسمة واقفة بجانب المكتب ، وعلى وجهها علامات استغراب وصدمة مما قرأته من كلمات غزل تشير إلى وجود علاقة حب بين خطيبها ، وتلك الفتاة المسماة رانيا.
قلبت بأصابعها مرة أخرى في الهاتف ، ووجدت تاريخ الرسائل بينهما منذ أشهر ، وأنهما يتواصلان بشكل يومي.
تجمعت دموع كثيفة في عينيها لدرجة أن بصرها أصبح مشوش.
هتف يوسف بإستغراب من خلفها : انتي بتعملي ايه هنا يا نسمة و وافقة كدا ليه ..
فجأة إنتفضت في مكانها من الذعر عندما سمعت صوته خلفها ينادي باسمها ، فالتفتت إليه لتواجهه بهذا الشكل المذري الذي أصبحت عليه بسبب صدمتها.
رمش بعينه في اضطراب عندما رأى هاتفه في يديها ، والدموع تنهمر على خديها مردفا بتساءل : انتي بتعيطي ليه!!
حدقت به ، دموعها تتسرب على خديها الناعمتين ببطء ، ولم تستطع الرد بأي كلمة ، لكنها مدت يدها وسلمت له هاتفه.
أخذ الهاتف منها و هو متعجب من بكائها ، ثم حدق في شاشة الهاتف ليتفاجأ بأن محادثته مع رانيا كانت مفتوحة ، والآن وجد إجابة علي كل ما يحدث أمامه.
حاول السيطرة على توتره قائلا بنبرة هادئة يسودها الاضطراب : نسمة ممكن تهدي عشان نعرف نتكلم
هتفت نسمة من بين شهقاتها بتهدج : كنت جاية فعلا هنا عشان نتكلم بس المفروض هتقول ايه بعد اللي شوفته .. هتبرر بإيه انشغالك عني شهرين بدون اي سبب واضح وانا زي الهبلة عماله احطلك اعذار من الهواء
اردفت بحدة : ولا انك بتعرف واحدة تانيه و بينكم غرميات و انا اللي اسمي خطيبتك ولا معبرني ..
جعد بين حاجبيه مقاطعا جملتها وهو يهتف بإنفعال : انتي ايه الهبل اللي عماله تخرفي به من الصبح دا .. مفيش حاجة بيني وبينها مجرد كلام عادي بين صحاب
راحت تحملق فيه بعين تطلق شرزا من بروده قائلةً بغضب شديد : صحاب يعني ايه .. الكلام اللي قرأته مش كلام بين اتنين صحاب
يوسف بتوتر : ايه اللي بتقوليه دا قولتلك انتي فاهمه الموضوع غلط
عقدت نسمة ذراعيها أمام صدرها قائلة بحدة : خلاص فهمني ايه هو السبب اللي مخليك مشغول ولا بتكلف نفسك برسالة فيها كلمة واحدة ليا .. دا حتي مش هاين عليك ترد علي مكالماتي و لو رديت تقولي مشغول ..
اردفت بسخرية : اتاريك مقضيها حواديت و ضحك مع الانسة رانيا
هتف يوسف بنفاذ صبر : اسمعي ماتتجاوزيش حدك وانتي بتكلميني .. انتي هتفتحيلي تحقيق و ازاي اصلا تسمحي لنفسك تمسكي تليفوني وتفتشي فيه
مسحت ما تبقى من دموعها بأطراف أصابعها قائلة بتهكم ساخر : بقي هو دا ردك عليا .. بتهاجمني عشان تتهرب من الرد علي كلامي
تحدث يوسف بهدوء قدر المستطاع : نسمة قولتلك نقعد وانا هفهمك بهدوء انتي مش عايزة تسمعي الكلام .. و اصلا احنا في مكان شغل مايصحش الكلام دا هنا خلينا ننزل نقعد في اي حته طيب و نتفاهم
حدقت فيه نسمة بنظرة حادة وحاولت أن تجعل صوتها ثابتا لكنه خانها أيضا وخرج مرتجفا قليلا : لا هنا و لا في اي مكان .. لو كان عندك ذرة شجاعة واحدة بس .. كنت وجهتني من البداية و قولت انك مش عايز تكمل .. مش تتهرب مني و عايش حياتك ولا كأن في انسانه ربطتها بيك .. وشكرا يا ابن الاصول علي تقديرك واحترامك ليا و ربنا يسعدك انت وهي مع بعض
ثم خلعت الخاتم من إصبعها ووضعته في يده ، ثم غادرت المكان دون تردد
Back
نسمة : من وقتها مفيش بينا كلام الا في حدود الشغل وبس .. لولا اني متمسكة بشغلي هنا انا كنت سيبت المكان من زمان
ثم نظرت اليها بحيرة من ذاتها : انا اتوجعت جدا من اللي حصل..