قصة مزيج العشق
البارت السابع والاربعون 47
بقلم نورهان محسن
البارت السابع والأربعون
هنا يرقد أسـمـك
في قلبي ويتنفس عشقا
يتكئ علي حنجرتي
يوسـوس لروحي ويبوح لها
أدرك أنه عشـق لا ينتهي
لكنه علي شـفاهي بوح مـحرم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
داخل غرفة نسمة في المستشفي
قالت كارمن موجّهة حديثها إلى شاهين الجالس بجانب سرير ابنته : الحمدلله يا عمو نسمة بقت كويسة الدكتور لسه مطمنا عليها من شوية
أغمض عينيه وغمغم براحة : الف حمد وشكر ليك يارب هي هتفوق أمتي!!
نظرت إلى ساعة معصمها ، ثم حدقت فيه ، لتقول بهدوء : مش باقي كتير وتفوق
سأل شاهين بصوت خفيض : طيب الدكتور ماقالش هتخرج أمتي يا بنتي
أجابته كارمن بهدوء : مش قبل يومين لان حالتها كانت تعبانة جدا يا عمو حتي كمان قال انها مش هتقدر تاكل او تشرب أي حاجة عشان كدا معلقين ليها محاليل
همس شاهين بألم في قلبه علي ما أصاب إبنته الحبيبة : لدرجة دي يا حبيبتي يا بنتي
همست كارمن تحاول التخفيف عنه : قدر الله ماشاء فعل
شاهين بتمتمة: ونعم بالله
جاء منها صوت ضعيف قائلة بتحشرج : ميه
قال شاهين بلهفة : نسمة يا بنتي
تمتمت نسمة بإرهاق وهي تفتح جفونها : بابا
اقتربت منها كارمن ، لتقول بإبتسامة : حمدلله علي السلامة يا نسومة
همست بتهدج ، بينما كنت تسعل بتعب : انا عايزة اشرب
حدقت كارمن فيها ببعض التوتر وقالت بقلق : اه دا اللي كنت خايفة منه
تدخل شاهين يحادثها بحنان : نسمة حبيبتي ماينفعش اي حاجة تدخل جوفك انتي لسه قايمة من عملية
رمشت نسمة بدهشة وتساءلت بعدم فهم ، وقد بدأت تستعيد وعيها : هو ايه اللي حصل!!
قالت كارمن بلطف ، يتخللها المرح حتى تخفف عنها الألم قليلا : انتي زي الفل كل الحكاية انهم شالولك الزايدة بس
تطلعت لها بذهول مما تسمعه ، لكنها تسائلت بإستماته : يعني انا مش هشرب انا بجد عطشانة اوي
قال شاهين بحزن علي حالها : استحملي يا حبيبتي
رن هاتف كارمن ، الذي كانت تمسكه بيدها ، فقالت بسرعة : عن اذنكم .. لحظة
أجابت بعد أن وقفف أمام النافذة التي تتوسط الغرفة : ايوه يا ماما
أردفت كارمن بهدوء : لا هي فاقت الحمدلله
أدارت رأسها وهي تراقبهما جالسين بهدوء ، وقالت لوالدتها بضحكة خافتة : كلنا موجودين و مش هتصدقي مراد عمل ايه؟
ثم همست بسرعة : هحكيلك بعدين انا هقفل دلوقتي و اخرج اشوف ادهم
أومأت برأسها ثم أردفت : ماشي احنا ممكن ساعة و نرجع علي البيت نكون اطمنا اكتر
كارمن : باي
★★★
عادت كارمن لهما ، وهي تقول بإبتسامة هادئة : نسومة انا هخرج انادي الدكتور ورجعالك تاني
إبتسمت نسمة قائلة بصوت متعب : تسلمي يا كارمن ربنا مايحرمنيش منك
كارمن بمحبة : ولا منك يا قلبي
اتجهت نحو باب الغرفة للمغادرة ، وعندما خرجت وجدت يوسف جالسًا أمام باب الغرفة منتظرًا بفارغ الصبر للاطمئنان على نسمة ، لكن ما أثار فضولها هو رؤية أدهم ومراد يقفان في زاوية ، ويتناقشون بصوت خافت.
سأل يوسف بلهفة بعد أن نهض من مكانه : فاقت ولا لسه؟
أجابت كارمن ببساطة : ايوه فاقت وهي مع بابها دلوقتي
هز رأسه لها ، ثم جلس وقال بهدوء : تمام
سارت نحو أولئك الواقفين في الزاوية ، وهي تسعل بهدوء حتى يلاحظوا وجودها : احم
ابتسم أدهم بهدوء : حبيبي
عقدت ذراعيها فوق صدرها وقالت بإرتياب : مش عارفة ليه مش مستريحة نفسيا لوقفتكو سوا كأنكو بتدبروا لحاجة
قال مراد بسخرية وهو ينظر إلي أدهم : خيال مراتك واسع
أومأ أدهم له بإبتسامة وقال مغيرا الحديث : فعلا طمنينا ايه الأخبار!!
نظرت نحو مراد نظرة ذات مغزي قائلة بتهكم : فاقت من شوية ومصممة تشرب ميه و الدكتور مانع الميه والاكل عنها
غمغم مراد بعدم تصديق وهو يبتعد عنهما : مجنونة .. انا هدخل اطمن عليها
تمتمت كارمن بإرهاق : ربنا يستر انا اعصابي سايبة
وضع أدهم ذراعه علي كتفها قائلا بإهتمام : تعالي نقعد شوية
أراد دخول الغرفة ، فتفاجئ بخروج شاهين وهو يزفر بإرهاق : ازيك يا عم شاهين
ابتهجت أسارير وجه شاهين عندما رآه ، خاصة عندما قالت كارمن إنه هو أيضًا من أخذ ابنته إلى المستشفى ، وقال بينما يمد يده ، ليصافحه بمودة : اهلا وسهلا بيك يا مراد بيه ازيك انت
ابتسم مراد وقال بعد مصافحة يده باحترام : اسمي مراد من غير بيه انا كويس حمدلله علي سلامة انسة نسمة
شاهين بهدوء : الله يسلمك يا بني
تنحنح مراد يحاول ترتيب كلماته بلباقة ، قائلا بجدية : كنت حابب اتكلم معاك في موضوع
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند أدهم و كارمن
همست كارمن بتساءل فضولي : تفتكر بيقولو ايه!!
أجابها بنفس الهمس بجوار أذنها ، بينما تتكئ الأخرى على صدره : مش عارف بس ابن خالتك دا لاسع توقعي كل حاجة منه
رفعت رأسها عن صدره ، وهي تتمتم بغيظ طفيف : انا حاسة انك بتلقح عليا بالكلام يا سي ادهم
إبتسم أدهم لها إبتسامة جذابة ، وهو يرمقها بنصف عين قائلا بمكر : قلبي يا ناس انتي مافيش اعقل منك في الكون
تطلعت فيه بحاجب مرتفع قبل أن تهمس مازحة بإستفهام : عقلي اللي انت بتاكل به حلاوة دلوقتي
ابتسم لها أدهم بابتسامة جذابة ، وهو يحدق فيها بغمرة عين وقال بمكر : ذكية
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند مراد
أنهى مراد حديثه مع شاهين ، ليختتم بالقول : عارف انه مش الوقت المناسب لكلامي لكن انا حابب اعرف رأيك فيا!!
بدا شاهين مندهشًا ، لكن بداخله كان سعيدًا حقًا بما سأله عنه مراد ، فقال بصراحة : والله يابني انت راجل شهم وجدع واي عيلة تتشرف بيك لبنتها وانا والشهادة لله ارتحتلك من اول ما شوفتك بس عايز اقولك ان بنتي...
نظر إلى يوسف الذي كان جالسًا على مسافة منهم ، من زاوية عينه ، قاطع عبارة شاهين بتمتمة : عارف كل حاجة
أومأ شاهين بتفاهم وقال بجدية : عموما انت اديني شوية وقت البنت تتعافي وانا هكلمها و ربنا يابني يقدم اللي فيه الخير
صافحه مجددا قبل أن يتساءل بهدوء : تمام تسمحلي ندخل نطمن عليها؟
شاهين بإبتسامة : اكيد اتفضل
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في غرفة نسمة
جاء الجميع إليها بينما كانت هي مغمضة عينيها ، متذكرة بتشوش تلك الأوهام التي رأتها في تلك السحابة التي غرقت فيها أثناء إغمائها في الصباح ، حيث كان لديها هاجس يخيلها بوجود مراد ، وأنه حملها بين ذراعيه و أحضرها إلى هنا ، لكن كيف يحدث ذلك؟
لابد أن كل هذا له علاقة بتأثير المخدر عليها لا أكثر.
....: حمدلله علي سلامتك
فتحت عينيها بسرعة ، عندما سمعت صوته المميز ، بنبرته الأجش والبحة الرجولية الغليظة ، وبالكاد تصدق أنه أمامها الآن.
همست نسمة بتعب وهي تنظر إليه ببراءة محببة بعيونها الخضراء الواسعة : الله يسلمك
وزعت نظراتها علي الناس الواقفين حولها عن كثب ، لكن ما أثار استغربها هو وجود يوسف بينهم.
ما الذي أتى به إلى هنا وكيف ، لكن حبل أفكارها انقطع عندما قال : حمدلله علي سلامتك يا انسة نسمة والف مبروك علي خطوبتك من الاستاذ
نظرت نسمة إليه بدهشة ، وكأنه قال جملة باللغة الهيروغليفية ، ليتحدث والدها إنقاذًا للموقف ، فقد أخبره مراد بما قاله للطبيب قبل إجرائها للعملية : الله يبارك فيك يا بني عقبالك
قال يوسف بنبرة إستخفاف واضحة لم يستطيع مدارتها : غريبة اننا ماسمعناش قبل كدا بخبر الخطوبة دي
هنا فهمت ما كان يحدث حولها ، ووجدت نفسها تلقائيًا تقول ما جعل كل من في الغرفة دون استثناء ينظرون إليها بصدمة ، حتى يوسف الذي تمنى أن يكون الأمر كله مجرد خدعة : لان زي ما انت شايف كنت تعبانة لما نعمل الفرح اكيد هتكون أول المعازيم
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في قصر البارون
دخلت كارمن غرفة نومها ، وهي تحمل ملك على ذراعها ، فوجدت أدهم جالسًا على السرير مستلقيًا ، وعيناه تحدقان في السقف.
كارمن برقة : دومه
نظر أدهم إليها بنصف عين دون أن يجيبها بينما كانت عيناها تلمعان بشقاوة ، وهي تقترب منه ثم وضعت الفتاة الصغيرة في حضنه وسط دهشته ، وقالت للطفلة بلطف : موكة خدي بالك من بابا لحد ما أخلص
أمسك أدهم بمعصمها قبل أن تتمكن من الابتعاد وقال بتساءل ، بينما كانت حاجبيه معقودين : رايحة فين؟
إبتسمت كارمن بحرج ، وقالت مفسرة سريعا دون أن تلتقط أنفاسها : هدخل أخد دوش ريحتي بنج خالص بدأت أدوخ منها ولوكة هتفضل معاك انت عشان ماما ومعاها مامتك راحو يطمنو علي نسمة في المستشفي وكريمة مشغولة بالمطبخ
تمتم أدهم بتفاهم : ماشي
تركتهم ودخلت الحمام ، بينما هو حمل ملك بين يديه وظل يداعبها ويلعب معها بألعابها الصغيرة حتى خرجت كارمن بعدها بفترة وجيزة تسبقها رائحة الشامبو الرائعة التي تسللت إلى أنف أدهم فوجه بصره نحوها.
سرعان ما ظهرت ابتسامة علي محياه من جمالها الطبيعي ، وهي ترتدي رداء الحمام ، وشعرها المبلل على كتفيها وملتصق على وجهها ، إنتبه من تأمله فيها علي سؤالها الناعم : اتأخرت عليكو
قال أدهم بنظرات ثاقبة نحوها ، وهو يوجه كلماته للفتاة الصغيرة : لا مش أوي أحنا كنا بنلعب سوا صح يا لوكة
هزت ملك رأسها لهم ببراءة ، فأرسلت لها كارمن قبلة في الهواء قبل أن تذهب إلى المرآة ، وتلتقط المشط لتمشط شعرها به.
دعاها أدهم للمجيء إليه ، فتوجهت نحوه مرة أخرى بدهشة ، فجلسها أمامه بينما كان يجلس هو وملك خلفها.
مد أدهم يده إليها ليأخذ منها المشط وسط حيرتها ، وقال للطفلة بحماس : يلا يا لوكة ساعديني نسرح لماما شعرها
هتفت كارمن فيهم بتحذير رقيق : براحة من غير ما تقطعو شعري في ايديكو
بدأوا مهمتهم بحماس ، بينما أدهم أمسك كف ملك الصغيرة على المشط ومشطوا شعر كارمن برفق وهو يشجع الفتاة الصغيرة التي كانت تبتسم ببهجة مسرورة : شطورة يا روحي أيوه كدا من فوق لتحت براحة
سحب أدهم الخصلة الموجودة على كتف كارمن من الأمام إلى خلف ظهرها ، ليكشف عن بياض عنقها المرمر.
لم يستطع مقاومة رغبته في تقبيلها بأنفاس حارة غمرت جسدها بالكامل ، لذا همست بتنبيه وهي توجه رقبتها بعيدًا عن وجهه : أدهم عيب ملك بتبصلنا
همس أدهم في أذنها بنبرة أجش مثيرة : الحق عليكي محدش قالك تبقي بالجمال دا وتنسيني نفسي
ابتسمت كارمن بخجل عفوي لكلماته الجميلة دون أن تنظر إليه ، بينما ظهرت ابتسامة ماكرة على فمه ، وهو يسحب جسدها للوراء فجأة حتى استلقت على ظهرها بينه ، وبين ملك التي كانت تنظر إليهما بحماس طفولي دون أن تفهم ما كان يحدث حتى صاح أدهم ، وهو يتحدث معها بضحك ، بينما يسيطر على كارمن التي كانت تحاول النهوض ، لكنها فشلت عندما بدأ يدغدغها علي بطنها : يلا يا ملك زغزغي ماما بيدك هنا بسرعة
بدأت الطفلة تفعل ما يفعله أدهم وسط ضحكات كارمن التي تلهث ، وهي تضرب قدميها في الهواء محاولة إبعاد يد أدهم عنها ، لكنه مستمر بما يفعله ، ثم بعد لحظات أشار إليّ ملك بأصابعه ، وقال بذهول وحماس مزيف : لوكة بصي العصفورة
نظرت الطفلة إلى الوراء بالتزامن مع انحناء رأس أدهم ، وتقبيل شفتي كارمن بخفة وعمق معًا ، بينما كانت تنظر إليه بنظرات فرحة ممزوجة بعشق جارف.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد عدة ساعات في المستشفي
بعد أن تركتها مريم وليلي ، عاد والد نسمة إلى المنزل ليجلب لها بعض الملابس ، بينما كانت تأخذ قسطًا من الراحة ، أو هكذا اعتقد ، لكنها في الحقيقة لم تستطع النوم من التفكير كثيرًا.
نسمة تحادث نفسها بحيرة ممزوجة بالتوتر : انا ليه اتوترت لما فتحت عيني ولاقيته قدامي ليه حسيت أن قلبي هيخرج من مكانه من كتر مابيدق بسرعة لما سمعته بيقول انه خطيبي وايه الهبل اللي عملته دا ازاي اقول كدا عايزة اثبت ايه و لمين و متلخبطة كدا ليه يا ربي وخايفة دماغي هتشت مني وفوق كل دا عطشانة اوي كمان
....: ماتفكريش في الميه وانتي مش هتحسي بالعطش
فتحت عينيها بسرعة ، عندما سمعت صوته معها في الغرفة ، وقالت بإستفهام : انت .. انت دخلت امتي هنا
أجاب مراد بإختصار بارد : مابقاليش كتير
شعرت بالخجل من كونه معها بمفردها هكذا ، وهي مازالت محرجة مما حدث قبل ساعات قليلة ، ولا تريد مناقشة الأمر الآن ، فقالت متسائلة : وايه اللي رجعك تاني هنا
ظهرت ابتسامة صغيرة علي جانب فمه ، ثم نطق ببساطة : انا ماتحركتش من هنا عشان ارجع
أردف بجدية : عموما انا مش هطول لما يرجع باباكي همشي
تحدثت نسمة بهدوء دون أن تنظر له : مافيش داعي تقدر تتفضل
هتف مراد بنفي : انا حر مش عايز امشي
رفعت بصرها له وقالت بإندفاع : مايصحش تفضل موجود وبابا مش هنا
قال مراد وهو ينظر لها بتمعن : هو بنفسه قالي افضل موجود لحد مايرجع واتأكد بنفسي انك ماشربتيش من وراه
زمت شفتيها بحسرة ، تبدو لطيفة كالأطفال الصغار قائلة بحزن : انا ماكنتش بعمل حاجة من ورا بابا المرة اللي عملت فيها حاجة و ماقولتلوش عليها ظهرتلي انت فيها
قاطع علي مراد الاستفسار عما قالته دخول ممرضة بجسم رشيق ووجه جميل ، لكنها جعلته مشوه بكثرة المكياج ، قائلة بابتسامة : انسة نسمة ميعاد دواكي
نظرات تلك الممرضة لم تترك مراد الذي كان جالسًا على كرسي بجانب الباب من الداخل كانت تتبعه بابتسامة عريضة ، فقد ظنت تلك الحمقاء أنها بذلك تلفت انتباهه إليها ، فمنذ قدومه ذلك الصباح لم يغادر مطلقا.
كان هو حديث الممرضات في غرفتهن ، لذا أرادت أن تستفزهم من خلال إيقاعه في شبكها قبلهن.
: مش خلصتي اللي جاية عشانه هتفضلي واقفة كدا كتير
استيقظت من شرودها علي صوت نسمة التي لاحظت تلك الابتسامة الحمقاء التي استفزتها بشدة ، لذا تلون وجه الممرضة بالإحراج ، لكنها قالت بابتسامة رقيقة : انا كنت عايزة اعرف لو الاستاذ عايز يشرب حاجة من الكافتيريا لانه قاعد من بدري برا ماتحركش
وزعت نسمة نظراتها بينه وبينها ، فلاحظت شبح الابتسامة التي ظهرت على فم مراد ، لا تعلم سبب غليان الدم في رأسها ، ولكن قبل أن تجيب عليها سمعته يقول بصلابة باردة : شكرا زي ما قالتلك طالما خلصتي اللي جيت عشانه اتفضلي علي شغلك
حقًا ، هذه المرة شعرت بالحرج الشديد ، وقالت بتلعثم حتى لا تسبب مشكلة في عملها : حاضر عن اذنكم
قام من على كرسيه ومشى نحوها ، ثم انحنى قليلا حتى كانت المسافة بينهما صغيرة بينهما ، متسائلا بصوت خافت مليء بالمكر : كأني شميت من عندك هنا ريحة غيرة
فرت الكلمات هاربة من عقلها عندما سمعت تلك الكلمات منه ، لكنها سحبت الغطاء على وجهها المتورد بخجل ، وقالت بتهرب جعلت الإبتسامة تتسع على شفتيه برضا : اطلع برا واطفي النور عشان انا نعست
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في منزل مالك البارون
يجلس كل من مالك ويسر يشاهدان التلفاز ، لكن في الحقيقة ثرثرة يسر تلقي بظلالها على صوت التلفاز ، ومالك يجلس بجانبها كل حين يتنهد بضجر بسبب مزاجها المتغير في كل لحظة منذ حملها ، أصبحت مزعجة وكثيرة البكاء وطلباتها غريبة للغاية.
اقتربت منه فجأة لدرجة أنها تقريبا تجلس على ساقه ، بينما كان يلاحقها بزاوية عينه يريد أن يعرف ما كانت تخطط له تلك المرة ، حتى سمعها تهمس في دلال بينما كانت تتلاعب بأزرار قميصه : ميكي
قام بزفر الهواء من صدره بحرارة اجتاحت جسده من قربها المهلك منه ، وأنفاسها الحارة على رقبته ، وهو يتمتم بقلق لما قد يسمعه : أستر يا رب!!
تغاضت عن نبرة تكدره ، واردفت بغنج أكبر : كنت عايزة أطلب منك طلب؟
ضحك بخفة علي حيلتها التي تلجأ لها عندما تريد شيئا لن يحدث ، وقال بإستسلام : قولي
همست يسر بدلال وهي تطالعه بعيون واسعة بريئة : انا نفسي في خاتم سولتير مقلمظ
عقد حاجبيه بعدم فهم وقال مرددا : و دا بيتباع في انهي سوبر ماركت
سألت بتعجب : هو ايه دا!!
أجاب ببلاهة : البتاع اللي بتقولي عليه
صاحت به في استنكار شديد : ماتستعبطش يا مالك انت فاهم انا قصدي ايه
تساءل مالك بحيرة : ودا ايه اللي جابه علي بالك يعني؟
زمت شفتيها في تفكير ، ثم قالت وهي تلعب بحافة ثوبها الحريري : معرفش فجأة لاقيت نفسي رايحاله
كان ينظر إليها بحاجبين مرفوعين من استغرابه لطلبها الغريب ، هل هذا وحم أم ماذا ، لكنه صاح بابتسامة : عيوني يا قلبي أوعدك لما يعدلو برج بيزا المائل هبقي اجيبهولك .. انا قايم أنام يا روحي
قبل خدها بلطف ، مردفًا ، بينما ينهض من جانبها : تصبحي علي خير
أوقفه صوتها قبل أن يبتعد ، بينما قالت بلا مبالاة ، وقد نسيت ما قالته من بضع لحظات ، وهكذا كانت حالتها مؤخرًا : قبل ما تطلع تنام اطفي نور المطبخ و الريسبشن
خرجت منه ضحكة مندهشة مما يحدث معها ، وهو يضرب راحة يده علي كفه الأخر ، قائلاً بابتسامة ملتوية بينما يميل نحوها بطوله الفارع : قومي وريني طريق الزرار
نظرت إليه بقهر من وقوفه أمام التلفزيون ، ومنعها من رؤيته ، لكنها سرعان ما ابتسمت بلطف عندما وجدته ينظر إليها بنظرة حنونه ، فقامت معه ليصعدوا إلى غرفتهم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في اليوم التالي
داخل قصر البارون
هتفت كارمن مستاءة ، وهي تغلق الجريدة في يديها وتنظر إلى مراد ، الذي كان جالسًا بجانب مريم بإسترخاء علي الأريكة : ايه اللي انت عملته دا يا مراد!!
هز كتفيه بعدم إكتراث وقال ببرود : انا معملتش حاجة
نظرت له بحاجب مرفوع ، وهي تقول بسخط مستنكر : لا والله .. انا قولتلك صارحها مش حطها قدام الأمر الواقع و مع كدا ادعيت انك خطيبها قدام الدكتور وسكتنا .. طلبتها من ابوها و قولنا ماشي بس كدا كتير الخبر دا هيخليها تثور في وشك
أشاح بصره عنها ، وهو هتف غاضبًا بعد أن تذكر أنه حاول التحدث معها أمس في المستشفى ، لكنها رفضت ، مدعية أنها منهكة من العملية : هي كدا ماتجيش غير بالعافية دماغها حجر .. وانا متأكد انها ماعترضتش واحنا في المستشفي عشان يوسف دا كان واقف
وأضاف ، ناظرًا إلى أدهم الذي كان يقف أمام الشرفة وفي يده فنجان قهوة ، يكتم ضحكته بصعوبة على غضب زوجته : وأصلا دي كانت فكرة جوزك ودخلت دماغي فنفذتها
ابتسمت بسخرية ، مستديرة برأسها إليه قائلة بخفوت ساخط : اه وانا اقول الحركة دي مش غريبة عليا
أومأ مراد بضحكة وقال بشماته : عمل نفس الحركة فيكي
أجابت كارمن بضحكة بينما تنظر له بغيظ : ايوه واتخانقنا جامد وقتها
أرسل لها أدهم قبلة في الهواء مبتسمًا باستفزاز
قالت مريم بحنان ، وهي تنظر إلي مراد : يا حبيبي كان المفروض تاخدها بالسياسة عشان ماتعاندش معاك
عبس مراد يعلم أنه أخطأ بفعلته ، لكنه كاد أن ينفجر من الغضب الذي تفاقم بداخله كلما تذكر نظرات ذلك الأبله إليها ، وقال بإصرار : كان لازم اعمل كدا و الا كان ممكن أخلص علي الزفت يوسف دا بسبب تلزيقو ليها في المستشفي
هزت رأسها كارمن مستسلمة من عناده ، ووقفت بجانب زوجها تلومه بلطف.
إلتفت مراد إلي مريم التي ربتت علي يده ، لتغمغم بحنان : ربنا يهديكم لبعض يا بني و تكون من نصيبك
إبتسم لها مراد بمحبة ، وقال بصوت خافت : اطمني يا خالتي انا ماعملتش كدا الا بموافقة ابوها شخصيا
إتسعت عيناها بصدمة ، وهتفت بعدم تصديق : بتكلم جد!!
أردف مراد بثقة : اكيد الراجل مرحب بالموضوع بس اتفق معايا انه هيقولها ان الصحافة هي اللي نشرت كدا لما شافوها وانا بوديها المستشفي عشان ماتثورش في وشنا كلنا علي رأي كارمن
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصعيد
داخل منزل الحج عبدالرحمن الشناوي
هبطت روان من غرفتها بحذر ، وهي تشعر بدوخة خفيفة في رأسها ، ولمدة يومين أصيبت بنزلة برد شديدة ، لكنها بدأت تتعافى منه قليلاً ، كما أن زوجها لم يقصر برعايته لها ، وهذا ما هون عليها الشعور بالتعب المفرط الذي أصابها.
نزلت حيث سئمت كثيرا من الجلوس في السرير لأنها معتادة على الحركة ، وزين في العمل الآن ، فقررت النزول والجلوس مع والدتها وعمتها حتى تتحسن قليلا ، وتنسى ألمها.
هتفت حنان وهي ترى ابنتها تتجه ببطء نحو مقعدهم في الصالة الفسيحة دون إحداث ضجيج كالمعتاد : ايه يا بنتي مالك بتمشي براحة كدا ليه؟
بينما سألت حياة بإهتمام : روان حبيبتي انتي لسه تعبانة!!
قالت روان بهدوء وهي تنفي برأسها : ماتقلقوش عليا انا احسن دلوقتي هو بس شوية دوخة من الرقدة
إلتمعت عينان والدتها التي رددت كلمتها بشك : دوخة
أجابت روان بهمس ، وهي جالسة على الأريكة بجانب عمتها ، بينما كانت والدتها جالسة على كرسي منفرد : ايوه يمه
مسدت حياة بكف يدها علي ظهر روان برفق قائلة بعطف : الف سلامة عليكي يا قلبي
روان بإبتسامة : الله يسلمك يا عمتو
تسائلت حنان بنبرة ذات مغزي : رورو تحبي اجيبلك تاكلي؟
عبست روان عندما اتت تلك السيرة أمامها قائلة برفض : لا يا ماما ماليش اي نفس للاكل
نهضت حنان من كرسيها وجلست بجانبهما على الأريكة قائلة بحماس : بت يا روان لا تكوني حامل!!
رفرفت روان بعيناها في صدمة وهي تردد بهمس : حامل!!؟
أردفت حنان بتأكيد : ايوه ليه مستغربة كدا انتي و زين زي الفل الحمدلله و مافيش اي حاجة تمنعكو من الخلفة نسيتي التحاليل اللي عملتوها قبل الجواز
نظرت روان إليها بتردد قبل أن تقول ببلاهة من تفكير والدتها ، وهو ما لم تفكر في حدوثه الآن : لا يمه فاكرة عادي بس ماظنش ان دا حمل يعني اكيد من تعب دور الانفلونزا اللي أخدتو
حملقت حياة في حنان باستنكار من هجومها علي الفتاة وقالت بتحذير : بالهداوة علي البت يا حنان
ردت حنان بعد أن التقطت أنفاسها ، منتظرة بفارغ الصبر رد ابنتها : ما انا هادية اهو بسألها عادي
ثم أضافت بتحذير وهي تطلع مرة أخري نحو روان : اوعي تكوني بتاخدي موانع حمل يا روان؟!
نفت روان برأسها بسرعة وقالت بصدق : موانع ايه يا ماما!! لا طبعا مابخدش اي حاجة
زفرت حنان براحة وقالت بأمل : الحمدلله اسمعي قولي لجوزك و خلينا نروح نكشف و نتأكد احسن
هزت رأسها استسلاماً لكلام والدتها ، لأنها علمت أنها طالما توصلت إلى هذه الفكرة فلن تتغاضى عن التأكد بنفسها قائلة برجاء : ماشي بس خليني اريح يومين انا بجد جسمي كله بيوجعني ومش قادرة اخرج و حتي الكتب ماليش اي نفس افتحها وابص فيها و الامتحانات قربت
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور عدة ايام
صباحا في شركة مراد عزمي
كان جالسًا يفحص بعض الأوراق باهتمام ، لكنه نظر إلى باب مكتبه ، وعقد حاجبيه في دهشة ، عندما سمع بعض الضجة في الخارج دون أن يفهم أي شيء منها.
صرخت السكرتيرة على من كانت تحاول عنوه الدخول لكي تمنعها : يا انسة لحظة استني
بينما لم تستمع الأخرى لها من غضبها المفرط ، واقتحمت المكتب دون إذن
هتفت السكرتيرة بتبرير ، وهي تنظر نحو مديرها بخوف : اسفة يا مراد بيه ماقدرتش امنعها
تمتم لها ببرود : خلاص روحي انتي
انتظرت حتى أغلقت الباب من خلفها ، ثم زأرت عليه بغضب رغم شحوب وجهها الظاهر من التعب : ممكن افهم انت ازاي تسمح لنفسك تعمل اللي عملته دا!!
قام من كرسيه ومشى من خلف مكتبه حتى وصل إليها ، قائلا بحزم : نسمة اهدي ووطي صوتك انتي في شركة مش في سوق خضار
كانت نسمة تحدق به بنظرات نارية ، وتعافت قليلاً بعد أن أصرت على خروجها من المستشفى قبل أيام ، بعد أن صدمت عندما قرأت خبر خطوبتها على الإنترنت ، وبالتأكيد عرف كل هذا من والدها وتوقع تلك الزيارة.
خرج من شروده علي صوتها ، بينما تقول بإحتجاج : لا والله يعني بتعرف تميز الاماكن والاحداث اهو .. ممكن تفهمني يا محترم ليه ادعيت اني خطيبتك
تمتم مراد بحاجب مرفوع : ادعيت!!
ثم أضاف بإختصار مستفز : انا قولت الحقيقة
اتسعت عيناها الخضراء ، وهي تصيح به في إنزعاج مستنكر : حقيقة ايه اتكلم بسرعة ماتنقطنيش ببرودك دا
إبتسم بجانبية وهو يقول ببرود : عيب لما تعلي صوتك علي خطيبك
هدرت فيه بإنفعال : ماتقولش خطيبي
رد عليها بعناد مستفز : لا هقول وغصب عنك .. انا طلبتك من ابوكي وهو وافق
إهتزت حدقتيها وهي تطالعه مباشرة في عيناه ، وقالت بإرتباك : لا هو قال هيفكر وياخد رأيي وانا ماوفقتش
تمتم مراد بخبث ، وهو يضع كلتا يديه في جيب بنطاله : افتكرتك كدا سكوتك في المستشفي كان معناه انك مش رافضة
ثم أضاف بعد تجهمت ملامحه فجأة : ولا انتي سكتي عشان البيه بتاعك كان موجود وعايزة تنتقمي منه!!
كيف يمكن أن تخبره أن قلبها سيطر علي عقلها ، واجابت بعفوية عليهم ، لكنها لن تعترف بذلك حتي لذاتها ، وهي تحاول اقناع نفسها بأنها كانت تحت تأثير المخدر لا أكثر.
على الفور أنكرت ، بينما تحاول تغيير الموضوع حتى لا ينفضح أمامه خجلها من نفسها ، بعد أن لم ترفض فعلاً هذا الحدث في المستشفى : ايه الهبل اللي بتخرف بيه دا انا مابفكرش بالطريقة دي .. انا مش همجية زيك باخد الشئ بالغصب وحالا تنزل تكذيب للخبر المنشور بالجرايد دا
أردفت بعناد مجددا : انا مش خطيبتك
كانت على وشك أن تتركه وتغادر بسرعة ، لكنه سرعان ما أمسك معصمها ، وسحبها برفق تجاهه حتى لا تتألم من الحركة المفاجئة بعد العملية ، وقال بعينين تطلقان شرزا من الغضب : اسمعيني هنا كويس اوي .. انا مش علي كيفك ولا وقت ماتحبي يكون الموضوع علي هواكي توافقي ولما توصلي لهدفك عايزة تهربي
حاولت شد معصمها من يده ، لكنه أمسك به بإحكام أكثر ، فقالت بإستياء : سيب ايدي انت فعلا واحد وقح
هدر بها بغضب ، بينما يضغط على أسنانه بغيظ ، هذه القطة العنيدة ماهرة حقًا في سلب هدوئه بشكل احترافي : وانتي مجنونة ومتمردة بس انا هعرف ازاي اربيكي من اول وجديد
رفعت سبابتها على وجهه وقالت بتحذير : احفظ ادبك انا متربية كويس اوي
أجابها بنبرة أهدأ من ذي قبل ، لكن عينيه ما زالتا حادتين : يمكن لو كنتي اتكلمتي بأدب من الاول كنت نفذت اللي انتي عاوزه
وأضاف بعيون تتألق بإصرار وتنوي تنفيذ ما ينطق به : بس خلاص دخلتي عريني برجلك وهدفعك تمن تحديكي ليا وكل كلمة قولتيها هتتحاسبي عليها
ثم بحركة سريعة ، ميل رأسه نحو أذنها ، يتمتم بصوت خافت غليظ ، بينما أنفاسه تصطدم علي رقبتها : لكن هأجل العقاب لحد كتب الكتاب وبعدين هفكرلك بطريقة هادية اعمل فيكي ايه؟
حدقت نسمة به في خوف من لهيب الغضب الذي أضاء في عينيه ، وأجابته بصوت خافت جاهدت إخفاء الرجفة الخائفة به ، لكنها لم تتمكن من ذلك لأنه استشعرها بسهولة : انت مخبول مش طبيعي وانا مش خايفة منك
رد مراد عليها بتهكم ساخر : يبقي خافي علي اللي حواليكي حد فيهم يتأذي بسببك وتعيشي طول عمرك ضميرك بيعذبك انك كنتي سبب في اذيتهم
حدقت نسمة فيه بعدم تصديق من نبرته الواثقة ، وقالت بتساءل : انت بتهددني ازاي بالبجاحة و القوة دي!!
قال مراد كلماته وهو يقترب من وجهها ، وهو يتكئ على كل حرف ينطقه بجدية شديدة : عشان روحك بقت بتاعتي كل نفس بتتنفسيه ملكي انا وخديها مني نصيحة بلاش تستفزي جناني عليكي لانه هيوجعك اوي
لا تدري لما خارت قوة أعصابها أمام طغيان نظراته نحوها ، لكنها تيقنت الآن أنه استولى على روحها بطريقة ما ، وقد سُجنت في زنزانة مفاتيحها بيده فقط.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ظهرا في الصعيد
داخل منزل الحج عبدالرحمن
ذهبت إلى غرفتها بعد عودتها من الخارج مع والدتها وعمتها بعد زيارة الطبيب ، فوجدت زوجها جالسًا على الكنبة وفي يديه سيجارة كان يدخنها ، فقالت بتساءل : زين انت قاعد كدا من أمتي!!
رد زين بهدوء بعد أن أطفأ السيجارة ، حيث قام مستقيماً بظهره مشياً نحوها : خلصت المستشفي و رجعت علي طول لاقيتكو مشيتو
تطلعت روان إليه في صمت ، ثم تجاوزته وذهبت إلى المرآة وهي تخلع حجابها ، وتحرر شعرها من قيده ، حتى إنسدل برقة على ظهرها تحت نظراته عالما أنها بالتأكيد غاضبة منه الآن.
زفر الهواء من صدره بصبر وهو يمشي نحوها ، ثم وقف خلفها ، يرفع أصابعه ويمررها بين خصلها الناعمة ، وعيناه تنظران إليها من خلال المرآة ، مستفهما بلطف : رورو طمنيني عملتو ايه عند الدكتورة؟؟
نظرت روان إليه في المرآة وقالت بلوم : لو مهتم تعرف كنت جيت معانا
تنهد زين بضيق قائلا بتبرير ، وهو يقبل كتفها ويطوقها بين ذراعيه : صدقيني اكيد كنت عايز اكون معاكي سامحيني ماتزعليش مني يلا قولي قالت ايه الدكتورة؟
انزلت يديه على كتفها واستدارت لتواجهه قائلة بهدوء : ماقالتش حاجة
نظرت إليه وهي تحاول أن تكتم ابتسامتها بصعوبة على ملامحه التي بهتت بعد أن نظر إليها بعيون مشرقة بأمل ، ثم أضافت : يعني ماقالتش حاجة جديدة زي ما بسمع في المسلسلات خدي بالك من صحتك واتحركي براحة عشان مايضرش الجنين و انتي حامل في شهرين و...
قاطع كلامها وهو يميل عليها ويعانقها بسعادة ، فامسكت عنقه وحركت قدميها في الهواء وسمعته يزفر براحة وعمق قائلا بفرح : يا بنت الايه نشفتي دمي يا مجنونة مش كنتي قولتي كدا من الأول
تمتمت روان ، وأغمضت عينيها متشبثة به أكثر : سلامتك يا قلبي .. انا فرحانه اوي اوي يا زين
أنزلها بلطف على الأرض قبل أن يحتضن خديها بكلتا يديه ، وهو يقول بذهول من صدمته : مش مصدق يعني أنا هبقي بابا
زمت شفتيها قائلة بمرح طفولي : مش لوحدك انا كمان هبقي ماما
قرص طرف أنفها بلطف ، وقال بمشاكسة : احلي ماما دي ولا ايه
إبتعدت بوجهها عنه وهي تهتف به بتذمر لطيف : بطل رخامة
وافق علي طلبها وهو يغمز لها ، وقال بضحكة مستفزة : ماشي مضطر استحملك لحد ما تجبيلي ولي العهد وبعدين امرمطك بين ايديا
حدقت فيه بعيون تتلألأ باستياء طفولي ، وقالت بتحذير : يا بوختك اسكت بدل ما اكل دراعك
أومأ برأسه قائلا بخفوت و عيناه تناظرها بخبث : اهدي طيب عشان النرفزة غلط علي النونو وانا عايز ابني يطلع هادي مش مجنون زي امه
زجرته روان بإمتعاض : زييييين!!
قام بتقبيل بين حاجبيها المعقودين بلطف ، وتغيرت لهجته إلى الجدية ، بينما يسير معها نحو الأريكة : خلاص يا روحي بهزر معاكي تعالي اقعدي هنا
تساءل زين بعد قليل من صمتها الذي طال منذ جلوسهم : مالك مضايقة ليه دلوقتي؟
نظرت له بإبتسامة وهي تقول بخفوت : مش مضايقة انا بفكر يا زين
طالعها بحنان قبل أن يردف بحيرة : في ايه يا روحه!
فركت يديها في بعضهما بتوتر طفيف ، وهي تجيب علي سؤاله : متلخبطة شوية يعني خلاص فاضل اسبوع بس علي الامتحانات و بعديها هننقل مصر ازاي هقعد لوحدي في مصر وانا في بداية حملي!!
تنهد زين بارتياح وهو يقول بهدوء ، بينما كان يمسك أصابعها التي كانت تفركهما بتوتر : ممكن ناخد الامور واحدة واحدة
أردف وهو يشير علي سبابتها : الأول امتحاناتك دي سهلة هتذاكري وانتي علي السرير هنا و كل طلباتك هتكون عندك
ثم أضاف وهو يمسك إصبعها الأوسط قبل أن يقبل راحة يدها بلطف : تاني حاجة السفر .. انا قولتلك ان مش قبل شهرين هنسافر .. يعني هتكوني دخلتي في الشهر الرابع وفترة التعب بتاع أول الحمل عدينا منها ان شاء الله وثالثة حاجة بقي انا هتفق مع ماما تسافر تقعد معانا لحد ما تولدي بالسلامة عشان ماتحسيش انك لوحدك
حملقت فيه قبل أن تسأله ببراءة : طيب و امي بقي مش هتسافر معانا برده!!
قمع ضحكته التي تسللت إلي فمه بصعوبة قبل أن يقول بهدوء : لا طبعا يا قلبي ممكن تسافر بس في حالة من الاتنين يا تتطلق من ابوكي يا تترملي انتي وتفقديني لانه مش هيرحمني
ضحكت بصوت عالٍ على ما قاله ، وهو يشاركها ضحكاتها ، ثم اقتربت منه بسرعة وهي تعانق رقبته بلطف ، لتهمس بحب : انا بحبك اوي يا زين ربنا يخليك ليا
زاد من ضمها بين ذراعيه ، وهو يتمتم بخفوت : وانا يا روح قلبي بموت فيكي يا ام عبده
خرجت من حضنه ، لتهتف بذهول : عبده مين!!
ضرب مؤخرة رأسها بخفة وهو يقول : ابننا يا بت هنسميه عبدالرحمن
زمت شفتيها المغرية قبل أن تنطق بتفكير : ماشي بس افرض جت بنت
همس زين بحنان قبل أن يلثم شفتيها بخفة : ومالو البنات حلوة برده كل اللي يجيبه ربنا رضا حبيبتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عصرا في شركة البارون
: ماجدة
تطلعت فيه بدهشة قائلة بإبتسامة صافية : ايوه يا يوسف
تسائل يوسف ببعض الحرج : كنت عايز اسألك اخبار نسمة ايه دلوقتي!!
ردت ماجدة ببساطة : هي بخير الحمدلله روحنا عندها البيت انا والبنات امبارح و باركلنالها علي الخطوبة
أومأ لها يوسف قائلا بهدوء : ايوه تمام يا ماجدة شكرا
ماجدة : العفو
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل مكتب كارمن
هتفت كارمن بفرحة وهي تتحدث في الهاتف : الف مبروك يا حبيبتي
روان بإبتسامة : الله يبارك فيكي يا روما قولت ابلغك بالخبر طازجه علي طول زي ما وعدتك
إبتسمت كارمن قبل أن تقول بتحذير حنون : خدي بالك من نفسك وبطلي شقاوة وتنطيط خلاص هتبقي ام
ضيقت عينيها وقالت بتعب : الجملة دي سمعتها كتير منهم كلهم انا مش قادرة اصلا اتنطط يا اختي
كارمن بإبتسامة : معلش يا حبيبتي لازم الفترة الاولي تستريحي
عبست روان قليلا ثم قالت بخفوت : امتحاني بعد يومين يا كارمن وانا متوترة جامد
طمنئتها كارمن قائلة بهدوء : انتي ذاكري كويس وهتعدي ان شاء الله بلاش افكار سلبية
هتفت روان بحماس فجأة كأنها تذكرت شيئا : حاضر صحيح انتي ماشوفتيش الحرب اللي قامت بين سكان البيت هنا من شوية
كارمن بتساءل : حصل ايه!!
أجابت روان بتفسير : ماما لما عرفت ان عمتي هتيجي معانا مصر مسكت في زين وقعدت تعيط عشان هنسيبها لوحدها بس بابا حل المشكلة بذكاء
كارمن بفضول : عمل ايه؟
روان بعدم فهم و حسرة : معرفش والله هو اخدها وطلعو فوق نزلت بعد شوية مغيرة رأيها ومن ساعتها هتجنن واعرف قالها ايه محدش راضي يقولي
خرجت من كارمن ضحكة عالية علي كلماتها قائلة بأنفاس لاهثة : يا بت بطلي حشارية
روان بعناد : مش هسكت قبل ما اعرف اصورلهم جناية وبرده هعرف
ثم أضافت بجدية : سيبك انتي عاملة ايه طمنيني عليكي وعلي صحتك بتاخدي دواكي
ردت كارمن بهدوء : الحمدلله منتظمة فيه زي الدكتور ما قال وكل فترة بروح اعمل تحليل عشان اعرف النتيجة
روان بطيبة : ربنا يكرمكو بالذرية عن قريب يا قلبي
كارمن بإبتسامة : امين يارب انهاردة عندنا ميعاد عند الدكتور هنروحلو بعد .. شوية اقفلي دلوقتي ادهم جاي شكلو هياخدني اهو ونروح
روان بسرعة : ماشي ابقي طمنيني سلام
كارمن : باي
دخل أدهم المكتب قائلا بإبتسامة : ايه يا مزتي
قامت من علي كرسيها ، وهي تمشي نحوه قائلة بمرح : لو سمحت احنا في مكان شغل مديري لو سمعك هيذبحك
قبلها علي خدها بحنان قائلا بهدوء : وحشتيني يلا عشان مانتأخرش
كارمن بإبتسامة : حاضر حبيبي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكتب مراد
دخل حاتم المكتب ووجده واقفا أمام النافذة الواسعة بصمت ، فخرج زفير غاضبًا منه ، وقال ساخرًا : كنتو موطيين صوتكو ليه!! في خمس ست موظفيين ماسمعوش كويس .. اصواتكم كانت مسمعة في الشركة كلها يا بني ايه دا!!
نظر إليه وكان فمه مثل خط مستقيم من كتمه بشدة لسخطه ، ثم قال بضيق : انا لو هتشل هيبقي بسببها قربت أتجنن خلاص
حاتم بسخرية : مين اللي رماك علي المر!!
ثم أردف بجدية : اوعي تفتكر للحظة واحدة يا مراد إنك هتكسبها بالشكل دا كل ما تقسي عليها كدا هتعاند معاك اكتر
نظر مراد له بملامح حائرة قائلا بتساءل : اعمل ايه معاها يعني؟
هز رأسه بعدم تصديق ، وقال بإستنكار : ليه محسسني انك مراهق ولا اول مرة تتعامل مع بنات يا مراد!!
أومأ له مراد ، وقال بقلة حيلة : انا بكون كدا بالظبط معاها مش بعرف اتحكم في نفسي
صاح حاتم بحزم قبل المغادرة حيث سئم غضب مراد المفرط : اسمع انت هببت الدنيا وانت اللي هتصلحها قدامك بالكتير الصبح .. يلا سلام انا هروح علي شغلي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
عند الطبيب
تحدث الطبيب بهدوء ، وهو جالس خلف مكتبه ، وأمامه أدهم وكارمن : احنا بقالنا فترة ماشيين علي العلاج وانا شايف في التحاليل المرة دي أن في تحسن كبير جدا عن الأول
تومضت نظراتهم عليه بأمل ، وقالت كارمن بحذر : حقيقي يا دكتور
أومأ لها الطبيب برأسه متسائلا : ايوه انتي لسه بتجيلك اعراض الدوخة والصداع زي الاول
نفت كارمن على الفور : لا خالص راحو بقالهم مدة كبيرة
الطبيب بجدية : تمام كدا عايزك تستمري علي العلاج والميعاد الجاي لينا زي ما هو
أدهم بهدوء : تمام يا دكتور
كارمن بإبتسامة : شكرا لحضرتك
الطبيب ببشاشة : العفو ربنا يشفيكي قريب يا بنتي
★★★
أمام المستشفي
قال أدهم وهو يسير معها نحو السيارة ، ملاحظًا ابتسامتها : شايف التوتر اللي كان ملازمك وجايين في الطريق اختفي
نظرت كارمن إليه بإبتسامة مشرقة ، ثم تنهدت براحة قائلة بصدق : بعد ما سمعت كلام الدكتور انهاردة حاسة أن ربنا هيكرمنا عن قريب ان شاء الله بقيت متفائلة اكتر
قبل جبينها بحب قائلا بإبتسامة : يارب يا روحي وهقولهالك تاني انتي وملك عندي بالدنيا
غمغمت كارمن بحب : ربنا يخليك لينا حبيبي
قال أدهم مقترحا بلطف : طيب بمناسبة ان مزاجك راق ايه رأيك نطنش رجوعنا للشركة ونروح نتغدي في أي مكان
أومأت كارمن برأسها وهي تشعر بأن شهيتها مفتوحة : ماشي بس ناكل سمك
ضحك أدهم قائلا بمزح : مايضرش نديها فسفور
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
ليلا في منزل شاهين
جلست نسمة في غرفتها بعد أن تعشت مع والدها وتحدثت معه قليلاً كالمعتاد ، لكن عقلها كان شاردا في مكان آخر ، تفكر في تلك الرسالة التي تلقتها على هاتفها من رقم غريب ، ولكن من كلمات المرسل التي اقتحمت قلبها دون جهد ، عرفت من هو على الفور.
نظرت نحو الهاتف ثم التقطته ، وفتحت الرسالة للمرة التي لا تكن تعلم عددها ، ثم قرأتها مجددا.
"إِحْتَدَمَت بعينيَّ جمرة الغيرة ولم تنخمد ، لأن حبك جعلني إنسانًا ملتهب بنار مشتعلة ، ولا أبالي إن أحرقتني بها ، ولن أعتذر عما بدر مني ، لأني مغرم بك بروحي وكياني ، وهذه طريقتي المجنونة في التعبير عن حبي فلا تغضبي منها ، بل إحتويها بقلبك ، الذي هو بالنسبة لي بيتي ، ووطني ، ومأمني لبقية حياتي".
"الوقح"
ظهرت ابتسامة صغيرة على شفتيها قبل أن تغلق الهاتف وتضعه على جانبها ، ثم استلقت على السرير حتي تنام ، وهي تكرر هذه الكلمات مرارًا وتكرارًا في ذهنها.....