قصة خداع قاسي
البارت الرابع عشر 14
بقلم ديانا ماريا
علمت حسناء صوت من يكون لكنها لم تلتفت وأوشكت على متابعة طريقها إلا أن نورا تقدمت بسرعة ومنعتها وهي تُمسك بها بشراسة: كان لازم أعرف أنه المصايب اللي بتحصل في حياة أخويا من حية زيك هو جديد عليكِ!
لحقت علياء بنورا لتمنعها من الاشتباك مع حسناء التي تراها لأول مرة في الواقع وحاولت إبعادها عنها: مش كدة يا نورا.
دفعتها حسناء عنها باحتقار مزدري وهي تبتسم بلؤم: اتلمي أحسن لك يا نورا وإلا هتشرفي في نفس الحبس مع أخوكِ.
أمسكتها علياء تشدها للوراء: مينفعش كدة يا نورا إحنا قدام القسم.
حاولت نورا الإفلات منها لتنقض على حسناء مرة أخرى قائلة بكراهية تشع من عينيها: اوعي سيبيني أعلمها الأدب اللي عمرها ما عرفته في حياتها.
تابعت موجهة كلامها لحسناء بحقد :هو أنتِ فاكراني هخاف منك ده أنا أجيبك تحت رجلي!
ابتسمت حسناء بخبث: بجد يا نورا؟ ده أنا فاكرة أنك زمان كنتِ زي القطة المغمضة، فاكرة ولا تحبي أفكرك؟
بحثت بعينها ورائهما: أمال فين جوزك مجاش ولا إيه؟ تصدقي نفسي أشوفه.
ختمت حديثها بنظرات ساخرة زادت من لهيب غضب نورا التي أفلتت من بين يدي علياء لتهاجم حسناء بشراسة جاذبة إياها من شعرها.
حاولت علياء أن تفض النزاع دون جدوى حتى تدخل بعض الناس وأبعدوهما عن بعضهما لتهتف حسناء بغل: ماشي يا نورا أما وريتك مبقاش أنا! أنا هدفعك تمن اللي عملتيه ده وهخليكِ تيجي تبوسي رجلي!
بصقت نورا عليها بينما تغادر بينما أمرتها علياء بحدة: ممكن تهدي شوية علشان ندخل لأمجد؟ مينفعش اللي عملتيه ده على فكرة يا نورا!
حدقت لها نورا بدهشة غاضبة: مينفعش؟ يعني بعد كل اللي بتعمله فينا المفروض أشوفها وأسكت؟
أجابت علياء بصرامة: واللي عملتيه دلوقتي هيفيد أمجد مثلا؟ بالعكس ممكن يضره أكتر كمان ويثبت التهمة عليه، أنتِ متهورة جدا يا نورا!
سألتها نورا بانزعاج: وأنتِ ليه مقولتيش أنه هي اللي مقدمة فيه البلاغ؟
نفخت علياء بنفاذ صبر: لأني مش فاهمة حاجة يا نورا، يدوب البوليس جه وخد أمجد، كلمتك علشان نيجي ونفهم الوضع، يلا ندخل زمان المحامي مستنينا جوا، يارب بس اللي حصل ده ميضرش أمجد.
التفتت علياء لتدخل لمركز الشرطة بينما عينا نورا تتبعان أثر حسناء هامسة بألم: أنتِ متعرفيش هي مؤذية إزاي، حتى أنا مرحمتنيش!
حين عادت حسناء للمنزل كانت داليا تنتظرها لتستفسر منها لأنها لم تفهم تصرفات والدتها فأخبرتها حسناء خطتها حتى تكون مستعدة لما يحدث.
كانت داليا تراقب والدتها بعدم تصديق وقد سقطت على الأريكة ورائها بصدمة: قدمتي بلاغ ضد بابا؟ طب ليه؟
تقدمت منها حسناء تحاول إقناعها: يا داليا ده الحل الوحيد قدامنا!
هزت داليا رأسها برفض: بس إحنا قولنا عايزين نخرج علياء من حياته مش نأذيه!
جلست أمامها ممسكة يديها بعطف: يا داليا صدقيني ده الكل الوحيد قدامنا، إحنا لو كنا قدمنا بلاغ في علياء كان أمجد هيتمسك بيها أكتر إنما اللي دلوقتي هو هيشوف أنه هي كل المشاكل اللي هو فيها ومش هيبقى طايقها ساعتها الطلاق هيبقى سهل بينهم.
دمعت عينا داليا وهزت رأسها بعدم اقتناع: بس بابا ميستاهلش كدة، هو ممكن يبقى في السجن....
قاطعتها حسناء على الفور: مين قالك هيبقى في السجن لا طبعا مش هيروح السجن يا داليا هو أنا ممكن أعمل كدة في أمجد؟ مستحيل بس دي خطوة ضرورية لمصلحتنا.
شعرت داليا بالتوتر وأنها لا توافق على ما تسمعه من والدتها فهي بالتأكيد لم تفعل كل ذلك حتى يتضرر والدها!
رأت حسناء تردد داليا فكتمت غضبها حتى تصرخ في وجهها وتخرب كل ما فعلته.
شدت على يديها باستعطاف زائف: يا داليا يا حبيبتي أنا أمك مش عايزة غير مصلحتك أنا عمري ما هعمل حاجة تضرك ولا تضر أمجد مش أنا بعمل كل ده علشان نرجع سوا؟ لما أمجد يطلق علياء ساعتها سهل يسامحنا على كل اللي عملناه لأنه بيحبنا.
نظرت لها داليا بوجه باكي صامت لا تعرف بما تجيبها من ناحية هي تريد عودة والديها معها وتفعل كل شيء لذلك ومن ناحية أخرى لا يمكنها تخيل أن والدها يتأذى ويشعر بالحزن بسببها.
بعد مرور بعض الوقت استطاع المحامي إخراج أمجد بكفالة مالية مع ضمان مكان إقامته، لم تستطع علياء أو نورا التحدث مع أمجد بسبب تعبير الجمود الذي على وجهه إلا أن علياء استطاعت التقاط الغضب في عينيه.
حين وصل للمنزل أمسك هاتفه ليجري إتصال فنظرت نورا لعلياء: طيب أنا هروح البيت على ما يرتاح شوية واجي تاني مع جوزي علشان معرفش يخرج من الشغل ويجي الصبح.
أومأت علياء وودعت نورا ثم دلفت لتجد أمجد يتحدث بغضب على الهاتف، انتظرت حتى انتهى وبادرت بالحديث بهدوء: أحضر لك الأكل؟ عاوز حاجة؟
هز رأسه بالرفض مفكرًا فتقدمت إليه علياء واضعة يديها على كتفيه قائلة بتعقل: يا أمجد أنا عايزاك تهدى قبل ما تاخذ أي خطوة الوضع مش مستحمل زي ما أنت عارف.
حدق إليها أمجد بعيون غاضبة ورد بصوت خافت من بين أسنانه: علياء متدخليش في الموضوع ده، الموضوع ده بيني وبينها وطالما هي بدأتها كدة أنا مش هقف متكتف أتفرج عليها وهي بتدمرني!
ارتفع صوته بحنق: دي بتتهمني أني بضرب بنتي! وداليا! داليا موافقاها على كدة!
أنهى كلماته بمرارة ممزوجة بالتساؤل المستنكر، لا يصدق أن ابنته تشترك في أمر دنئ كهذا وتوافق عليه! يشعر أنه سيجن من الحيرة ولأسئلته التي لا يجد لها إجابات.
حدقت إليها علياء بحزن وحاولت مواساته: أكيد في تفسير تاني لموقف داليا من اللي بيحصل يا أمجد، متضايقش نفسك كدة.
تغيرت قسمات وجهه للإصرار: وده اللي لازم أعرفه بنفسي.
عقدت حاجبيها بعدم فهم: يعني إيه؟
أجابها ببساطة: يعني هروح وأعرف الحقيقة من داليا.
حاولت الإعتراض فأسكتها بحزم: أنا مش هيهدى لي بال ولا أقدر أرتاح قبل ما أعرف الحقيقة يا علياء افهميني دي بنتي!
صمتت علياء وهى لا تجد جدوى من منعها لأنها تخاف عليه فهو مصمم للغاية ولديه كل الحق في ذلك.
كانت حسناء مازالت تحاول إقناع داليا بما فعلته حين سمعوا طرقًا قويًا على الباب انتفضوا بسببه فنظروا إليه مذعورين وهم يسمعوا صوت أمجد يأمر بخشونة: افتحي الباب!
نظرت حسناء تستجديها: داليا أمجد هنا لو قولتي أي حاجة غير اللي أنا قولتها ساعتها كل حاجة عملناها هتتدمر.
نظرت داليا لها بتوتر ثم للباب بخوف فأمسكتها حسناء من كتفيها تهزها بقوة: داليا ركزي معايا كل حاجة واقفة عليكِ دلوقتي أنتِ فاهمة؟
كان الطرق العنيف يزداد أكثر وصوت أمجد يأمرهم بتصميم ليفتحوا له.
توسلتها حسناء: يا داليا لو كل حاجة باظت أمجد هياخدك ومش هشوفك تاني أبدا هيحرمني منك وممكن اتحبس فيها كمان لو اكتشف أننا كنا بنكدب.
شعرت داليا أن هذا الأمر أكثر من أن تتحملها وأنها بين اختيارين لا تريد إختيار أي منهما منفردًا.
ارتفع صوت أمجد مهددًا بعنف: أنا هكسر الباب ده دلوقتي حالا لو متفتحش.
تركت حسناء داليا بتوتر وعيناها ترجوها ألا تخذلها بينما تسير لتفتح الباب.
تبدل تعبير وجهها فواجهت أمجد بصراخ غاضب: إيه؟ عامل إزعاج ليه؟ أنت ليك عين تيجي هنا أصلا؟
حدق إليها أمجد بحدة: أنا مش جاي ليكِ ومش عايز أسمع صوتك.
وجه نظراته لداليا بتساؤل ممزوج باللوم: أنا جاي أسألك يا داليا هو إيه اللي بيحصل بالضبط؟
تقدم خطوتين للإمام، تراجعت حسناء فتابع: أنا عايز أفهم كل حاجة.
حدقت له داليا بصمت عاجزة عن أن تشرح له فتقدمت حسناء حتى لا تكشفهم داليا قائلة لأمجد بغيظ: تفهم إيه مش كل حاجة واضحة؟ أنت متجيش هنا ترعبنا وفاكرنا هنخاف.
لم يعرها أمجد أي إهتمام بينما بقيت عيناه على داليا باستياء: لسة مستني إجابتك يا داليا، أنتِ فعلا ساعدتيها تعمل بلاغ ضدي؟ ضد بابا يا داليا؟
أسرعت داليا تقول بارتباك متلهف: لا أنا....
قاطعتها حسناء على الفور لتمنعها من الحديث: أنت جاي تربك البنت ولا بتهددها؟ مش كفاية اللي حصلها؟
صاح بها أمجد بتهديد: أقسم بالله لو ما سكتِ لهتشوفي التهديد اللي على حق اخرسي بقى!
صمتت بغيظ لأنها رأت أنه وصل حده في الغضب.
رفع يديه لوجهه مغمض العينين بينما يتابع بنفاذ صبر: داليا أنا مستعد، مستعد فعلا اتغاضى عن كل اللي حصل وكل العك ده بس تعالي معايا يلا.
فتح عيونه وقال برباطة جأش: يلا تعالي نرجع البيت يا داليا.
نظرت له داليا بضعف وحسناء ترى مخططاتها تنهار أمام عينيها فأسرعت بجانب داليا تضمها من كتفها قائلة بتحدي لأمجد: ومين قالك أنها عايزة ترجع معاك البيت؟ داليا عايزة تفضل معايا هنا مع أمها!
حدق أمجد لداليا بنظرات ثاقبة سائلًا: الكلام ده صح يا داليا؟ عايزة تيجي معايا ولا تفضلي هنا؟
لم تجب فقالت حسناء وهي تنظر لداليا بتوسل: لا داليا هتفضل معايا هنا، هي عايزة كدة؟
نظر لها أمجد وكرر مرة أخرى بصوت ثابت صبور: أنا بسألك يا داليا ردي عليا، عايزة تيجي معايا ولا تفضلي هنا؟
أحست داليا أنها ممزقة بين طرفين، تنقلت عيونها الدامعة بين والدها الذي يقف أمامها منتظرًا ووالدتها التي تقف بجانبها تناشدها بعينيها وهي لا تستطيع الإجابة على أي منهما، فكيف ستستطيع الإختيار؟ هل يجب عليها أصلا أن تختار؟ لم تفعل كل ذلك حتى لا تضطر لهذا الموقف؟
كيف ستحسم أمرها الآن حتى تجيب وهي تعلم أن أي إختيار سيكسر قلبها؟