قصة خداع قاسي البارت الثاني والعشرون 22 بقلم ديانا ماريا

قصة خداع قاسي

البارت الثاني والعشرون 22

بقلم ديانا ماريا

رفعها أمجد على الفور بين ذراعيه ومددها على سريرها وهو يزيح شعرها عن وجهها بقلق: داليا سمعاني؟


استدار لعلياء وعايدة المصدومتين: اتصلي بالدكتور بسرعة!


أسرعت علياء تتصل بالطبيب تتبعها عايدة بينما تفقد أمجد وجه داليا بألم وهو يرى حالة ابنته أمامه، شعر بقلبه يحترق عليها، جلس بجانب السرير وأمسك بيدها يرفعها لشفتيه ويقبلها هامسًا بندم: سامحيني يا بنتي.


حضر الطبيب الذي شخص حالة داليا بسوء التغذية فوجه حديث لوالدها بنبرة جدية: حالتها صعبة عندها سوء تغذية خلاها معرضة للجفاف كويس أنكم لحقتوها وإلا كان ممكن يسبب لها هبوط حاد في الدورة الدموية لا قدر الله، أنا هكتب لها على شوية محاليل تعلقها ولازم تتغذى كويس الفترة الجاية.


توقف للحظات قبل أن يتابع: ولازم تهتموا بنفسيتها لأنها اتعرضت لعنف جسدي ونفسي، وحالتها النفسية سيئة جدا ومحتاجة دعم معنوي، أنصحكم تعرضوها على طبيب نفسي لأنه واضح اللي اتعرضت ليه مش سهل لبنت في سنها.


أعطى أمجد الوصفة الطبية فوقف أمجد يحدق إلى طفلته النائمة بحسرة وندم شديد يعصر قلبه لأنه لم يصر على إحضارها معه ولو بالقوة وتركها لحسناء التي بالتأكيد من تسببت لها بكل هذا الأذى، بقى بجانبها طوال الوقت رافضًا التحرك من مكانه يتوعد حسناء داخله ولكن ينتظر لحين تفيق داليا ويطمئن عليها وقد لازمته علياء لمراعاة داليا.


كانت داليا تحلم أنها مازالت في ذلك المنزل المخيف والدتها تقترب منها وهي تضحك بخبث بينما هي عاجزة عن الهرب ومقيدة في مكانها لا تستطيع الهرب أو المقاومة.


استيقظت داليا من حلمها المخيف وهي تنتفض فنظرت حولها لوهلة في تساؤل حين أدركت أنها الآن في منزل والدها وقد خرجت من ذلك السجن فأراحت رأسها على الوسادة، نظرت لنفسها لتجد يدها موصولة بالمحلول الطبي.


رفعت بصرها لتجد والدها يجلس على كرسي أمام سريرها، نائم يستند بوجهه على كفه ثم نظرت للناحية الأخرى لتجد علياء هي أيضا تنام على الأريكة الموجودة بجانب السرير.


تجمعت الدموع في عينيها وهي تتذكر كل تلك المعاناة التي مرت بها وتقارنها بوضعها الحالي فوالدها لا يترك جانبها بينما زوجته التي عاملتها أسوأ معاملة تضحي براحتها لترعاها.


انهمرت الدموع من جفنيها فاستيقظ أمجد على صوت شهقات خفيفة ليجد داليا تبكي وهي تنظر له.


أسرع إليها يمسح دموعها بقلق: بس يا حبيبتي متعيطيش.


ارتفع صوت بكاء داليا فاستيقظت علياء مضطربة: إيه فيه إيه؟


رفعت داليا ذراعيها لوالدها فاقترب ليسند ظهره إلى ظهر السرير ويحتوي داليا بين ذراعيه قائلا بحزن: بس يا حبيبتي حقك عليا أنا، أنا السبب في اللي أنتِ فيه دلوقتي.


هزت رأسها نافية ولم تستطع التحدث إلا أنها قالت بتَوجُع من بين شهقاتها: ب...بابا.


ضمها إليه أكثر: روح بابا يا داليا أنتِ هنا محدش هيقدر يأذيكي ولا ياخدك مني تاني اطمني يا حبيبتي.


بقيت تبكي بينما يحاول تهدئتها ويمسح على شعرها بحنان وعلياء تراقب الموقف في صمت حتى استرخت داليا وهدأت وعادت إلى النوم في حضن والدها.


كان أمجد يُعدل من وضعيتها لتنام براحة حين تمسكت به داليا ورفضت أن تتركه رغم أنها نائمة فعدل من وضعيته ليتمدد بجانبه وهو يضمها إليه مع حرصه على يدها الموصولة بالمحلول.


رفع وجهه لعلياء: روحي أنتِ نامي في الأوضة يا علياء علشان متتعبيش.


ابتسمت علياء: مش عايز حاجة؟


هز رأسه بشبه ابتسامة: لا تصبحي على خير.


ذهبت وبقى أمجد ساهرًا على رعاية داليا حتى غفا رغما عنه في النهاية.


في الصباح التالي استيقظت داليا لتجد علياء جالسة بجانب السرير مبتسمة.


قالت بلطف: صباح الخير يا داليا عاملة إيه دلوقتي؟


قالت داليا بخفوت: كويسة.


نهضت علياء لتحضر صينية الطعام وتضعها أمام داليا: أنا حضرت لك الفطار، لازم تأكلي كويس زي ما الدكتور قال علشان صحتك.


جلست داليا وهي تحدق إليها بجمود: أنتِ بتعملي معايا كدة ليه؟


قالت علياء بتساؤل: بعمل إيه؟


ردت داليا وهي تشعر بتأنيب الضمير: بتعامليني كدة ولا كأن حصل حاجة، ولا كأني عملت حاجة معاكِ خالص.


ابتسمت علياء بتسامح: أنا بالنسبة لي محصلش حاجة أصلا، نسيت خالص.


هزت داليا رأسها برفض وبدأت تبكي: بس إزاي تنسي مينفعش! أنا كنت وحشة، أنا أذيتك كتير إزاي قادرة تنسي!


نظرت لها علياء بعطف ورحمة لحالها فأبعدت الطعام وضمت داليا إلى أحضانها بحنان: يا حبيبتي أنا مش زعلانة منك، ونسيت كل حاجة صدقيني، أنتِ لو إنسانة وحشة يا داليا مكنتيش زعلتي على اللي عملتيه ولا حسيتي أنه حاجة غلط بس أنتِ كويسة.


وضعت يديها على وجهها لتجعلها تنظر إليها: الدنيا دي علمتني كتير أوي يا داليا ومريت بظروف صعبة كتير واللي اتعلمته في الآخر طالما أنا قادرة اعدي وأنسى فأنا هعمل كدة لأنه محدش بيتعب في الآخر غيري، صدقيني أنا نسيت وأنتِ كمان لازم تنسي أهم حاجة دلوقتي أنك بخير.


مسحت دموعها وحثتها برفق: يلا كلي يا حبيبتي إيه رأيك تاخدي شاور؟ هيفوقك شوية لحد ما بابا يجي يلا.


تناولت داليا الطعام ببطء وتحت إشراف علياء التي أصرت عليها حتى تناولت أغلبيته ثم ساعدت لتنهض وتدخل إلى الحمام ثم ناولتها ملابس نظيفة لترتديها.


خرجت داليا بعد قليل وقد أحست أن الاستحمام أفادها فهي تشعر أنها أهدأ قليلا.


وجدت علياء تنتظرها في الغرفة فقالت لها برقة: لو مش قادرة تسرحي شعرك إيه رأيك اسرح لك؟


أومأت لها داليا دون إجابة وجلست أمامها بصمت وعلياء تمشط لها شعرها بمودة زادت من شعور داليا بالذنب ورغم لطف علياء معها فهي لم تشعر بالراحة بل فضلت أن تلومها ربما ذلك سيجعلها تشعر بحال أفضل عن نفسها أما تسامحها بهذه السهولة كأنها لم تفعل أي شيء كان بمثابة ثقل على ضميرها المعذب.


كان أمجد قد تلقى مكالمة هامة من ضابط الشرطة ليحضر على عجل بشأن أخبار هامة عن حسناء فذهب على الفور ليتلقى أكبر صدمة في حياته.


هتف أمجد بعدم تصديق: حسناء ماتت!!


هز الضابط رأسه: أيوا، حصل خناقة بينها وبين عشيقها فضربها لحد ما رأسها اتخبطت في الوقت ده نزل وسابها مفكر أنه ده جرح عادي وأغمى عليها وبعد ما اكتشف أنها ماتت لأنه الجرح كان خطير ونزفت كتير.


جلس أمجد يحاول استيعاب ما سمعه الآن، لقد ماتت حسناء! كابوسه الأزلي قد ذهب من حياته إلى الأبد! لكنه لا يستطيع تصديق ذلك وأن حسناء قد ذهبت من حياتهم أخيرا وبتلك السهولة بعد كل ما تسببت منه من أذى ومعاناة!


كيف سيخبر ابنته؟ كيف سيكون وقع ذلك عليها وهي في تلك الحالة النفسية السيئة؟ قرر أمجد في نفسه أنه لن يخبر داليا في الوقت الحالي حتى تتحسن حالتها وتكون مستعدة لتلقي الخبر، رأى أن ذلك أفضل شيء يفعله في هذه الظروف.


تنهد بشدة فقال ضابط الشرطة وقد لاحظ صدمته: العشيق اتقبض عليه إحنا عرفنا كل ده لما أنت جيت وقولتلنا على المكالمة ساعتها تتبعنا مكان التليفون، ومتقلقش هيتحاكم باللي يستاهله وطبعا أي بلاغ أو قضية ضدك من المتوفية ملهاش أي لازمة حاليا بعد اكتشاف أنه كل ده كانت بلاغات كيدية مزيفة وأنها كانت حابسة البنت.


أومأ أمجد فتابع الضابط: بس إحنا ممكن نحتاج أقوال داليا.


رفع أمجد رأسه وقال للضابط برجاء: لو سمحت يا حضرة الظابط أنا مش هقدر أعمل كدة داليا عانت كتير أوي وجالها انهيار ده غير أنها متعرفش أنه أمها ماتت ممكن متستحملش في الوقت الحالي، أرجوك اعفيها من أي حاجة زي دي حتى لو لحد ما تقوم تبقى مستعدة.


تنهد الضابط قبل أن يوافق بإعطائه الوقت حتى تتعافى داليا ولكنه سيحتاج أن يستجوبها في كل الأحوال.


عاد أمجد للمنزل وقد تمالك أعصابه ثم طرق باب غرفة داليا قبل أن يدخل قائلا ببسمة متعبة: حبيبة بابا عاملة إيه النهاردة؟


كانت داليا وعلياء تجلسان في غرفتها على سريرها فنهضت علياء حين دلف أمجد، جلس بجانب داليا وبين يديه باقة ورورد من الورود المفضلة لداليا.


قدمها لها بمحبة: شوفي جيبت لك إيه، الورد الأصفر اللي بتحبيه ده نوعك المفضل طول عمرك.


نظرت داليا للورود التي بين يديها وعادت تحدق لوالدها بعيون دامعة وشفتين مرتجفة.


قالت باكية بخزي: جايب لي ورد يا بابا بعد كل اللي عملته، بعد ما سيبتك تمشي زعلان جايب لي ورد!


تأوه أمجد بإحباط: أنا كنت جايبه علشان افرحك مش تعيطي.


أخذه منها ثم ضمها لصدره بحنو: أنا مش زعلان منك يا حبيبتي، أنا فاهم وعارف قصدك من البداية أيوا طريقتك كانت غلط بس أنا مش بلوك عليكِ بالعكس اللوم عليا أنا كان لازم أنبهك.


تابع بحزن: أنا اللي غلطان كان لازم أعرفك كل حاجة بس كنت مستني الوقت المناسب يابنتي، مكنتش عارف أقولك إيه ولا إزاي حتى بعد كل اللي حصل مقدرتش أتكلم علشان كنت خايف عليكِ من الصدمة بس كان لازم أتكلم واخدك بالعافية كمان متزعليش مني.


بكت داليا بحرقة وهي متعلقة به، أبعدها أمجد ومسح دموعها: مش عايز أشوف دموعك دي تاني المهم عندي أنك معايا دلوقتي أي حاجة تانية مش مهمة.


تنهدت داليا بتعب فقبل أمجد جبينها بحنان، دلفت علياء وقالت بهدوء: أمجد نورا جات برة.


أومأ برأسه: ماشي هقوم أشوفها.


التفت لداليا باهتمام: ارتاحي يا حبيبتي دلوقتي أنتِ لسة تعبانة.


نهض وخرج ليجد نورا تواجهه عابسة بانفعال: صحيح داليا رجعت يا أمجد؟ بعد كل اللي حصل؟


أجاب أمجد بهدوء: ايوا يا نورا الحمدلله بنتي رجعت لي ومش عايز أي كلام تاني في الموضوع ده.


كادت نورا تتميز من الغيظ: بالبساطة دي؟ بالساهل كدة؟ بعد ما رفعوا عليك قواضي ومحاضر وجرجروك في المحاكم!


وجه لها أمجد نظرة حادة يحاول ألا يفقد أعصابه خاصة بعد ما علمه صباح اليوم: نورا اقفلي على الموضوع ده أحسن وإلا هيبقى ليا رد فعل مش هيعجبك.


على صوت نورا بغضب: وأقفل على الموضوع ليه! مش كفاية اللي حصل فيك لحد دلوقتي جاي تكمل عليك بخطة جديدة من أمها! ناويين يخلوك على الحديدة المرة دي!


تابعت بحقد حين رأت داليا تقف عن باب غرفتها : رجعتي ليه ها؟ كنتِ تفضلي هناك أحسن! خليكي مع أمك الخاينة....


        البارت الثالث والعشرون من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات